أثر فتاوى الجهاد لعلماء الشيعة الإمامية في مواجهة القوى الاستعمارية والتكفيرية

م . م صلاح عوده عبد الأمير الدعمي            م . م ساجد صباح ميّس العسكري

مديرية تربية كربلاء / قسم الهندية                 كلية العلوم الإسلامية جامعة ذي قار

المقدمة

إن التاريخ الجهادي لعلماء الشيعة حافلٌ ولا يمكن أقتضاب هذا التاريخ في بحث أو كتاب؛ ولكن هي أشارة لذلك التاريخ المشرف, وفي تاريخ الإمة الإسلامية هنالك حقبة حساسة بالخصوص في العراق وأيران, فكان لعلماء الشيعة الدور المهم والإساسي في تغيير مجرى التاريخ من فتوى الشيخ الميرزا محمد تقى الشيرازي، وبعد وفاة الشيرازي تصدى الشيخ فتح الله النمازي المعروف بشيخ الشريعة وكذلك التصدى للغزو الوهابي مروراً بفتوى كاشف الغطاء ضد الهجوم الروسي وكذلك فتوى السيد الطباطبائي صاحب الرياض تشبه سابقتها ،وماجرى من احداث في القوقاز وفتوى الميرزا القمي ، وبعد مرور مايقارب مائة سنة وفي التحديد عندما عززت روسيا حشودها على الشمال الايراني وكذلك الحملة الايطالية على طرابلس الغرب (ليبيا) فاصدر الشيخ عبدالله المازندراني والسيد اسماعيل الصدر وشيخ الشريعة الاصفهاني والاخند كاظم الخراساني, مروراً بفتوى التنباك الشهيرة, وكذلك موقف علماء الشيعة من الحرب العالمية الأولى, وما جرى من الزام الأخذ بالنظام الدستوري, وماجرى من نزول الأنكليز البصرة عام 1914م فاصدر الميرزا محمد تقي الشيرازي والسيد الحبوبي الجهاد ضد من وصفوهم بالكفار, وما حدث من القوات البريطانية عام 1914م حتى عام 1918م وما صدر من السيد محمد رضا الشيرازي ابن الميرزا محمد تقي الشيرازي, وما جرى في فتوى ثورة العشرين, وفتوى ضد الأحتلال الفلسطيني عام 1948م وعام 1967م, وفتوى السيد الخوئي التي دعا فيها الى وجوب الدفاع عن بيضة الإسلام عام 1991م, وما صدر من فتاوى خلال الحرب العراقية الإرانية, وفتوى الدفاع عن مرقد السيدة زينب (عليها السلام) وأخرها فتوى الجهاد الكفائي التي كان لها الدور في حفظ المقدسات, وهذا البحث يحاول ان يكشف تلك التحولات وبيان موقف مراجع الشيعة التي اتخذوها في المواقف الحاسمة والحساسة, فكانوا بحق هم صناع القرار والحدث السياسي في مقابل من يناهض الإسلام وهذه هي الحقيقة التي يتمتع بها أتباع أهل البيت (عليهم السلام).

المبحث الأول: مفهوم الجهاد وأقسامه

المطلب الأول: مفهوم الجهاد

أولاً - الجهاد في اللغة: هو (المبالغة واستفراغ الوسع في الحرب أَو اللسان أَو ما أَطاق 

من شيء)([1]).

ثانياً - الجهاد في الإصطلاح: (بذل الوسع بالنفس والمال في محاربة المشركين أو الباغين على وجه مخصوص)([2]), ونقل الشهيد الثاني تعريف الشهيد الأول فقال: (بذل النفس والمال في إعلاء كلمة الإسلام, وإقامة شعائر الله)([3]), وناقش الشهيد الثاني التعريف فقال: (أراد بالأول إدخال جهاد المشركين, والثاني جهاد الباغين, وهو غير مانع فإن إعزاز الدين أعم من كونه بالجهاد المخصوص)([4]), ولعل مقصوده إن بذل النفس والمال في إعلاء كلمة الإسلام وإقامة شعائر الإيمان قد يكون على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, لا المقاتلة المعهودة الخاصة المعروفة بالجهاد, وعليه فالتعريف غير مانع مما هو خارج عن المعرّف, بل أعّم منه([5]), إلا إنّ الأمر لا يضر؛ لأن المراد من التعريف هو التميز([6]), وأشار هذا صاحب الجواهر إلى من يجب 

جهاده فقال: (ولكن لا ريب في إن الأصلي منه قتال الكفّار إبتداءً على الإسلام بدليل قوله تعالى: )كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ(([7]) , ويلحق به قتال من دهم المسلمين منهم , وإن كان هو مع ذلك دفاعاً, وقتال الباغين ابتداءً فضلاً عن دفاعهم على الرجوع إلى الحق)([8]), وفصل صاحب الجواهر فيمن يجب قتاله فقال: (الأول: البغاة على الإمام (عليه السلام) من المسلمين ويلحق بهم مانعوا الزكاة وإن لم يكونوا مستحلين.

الثاني: أهل الذمة، وهم اليهود والنصارى والمجوس إذا أخلوا بشرائط الذمة.

 الثالث: من عدا هؤلاء من أصناف الكفار, وكل من يجب جهاده فالواجب على المسلمين النفور إليهم, إما لكفهم عن فسادهم كما في البغاة الذين هم من المسلمين, ومن هجم على بلاد الإسلام من غيرهم على وجه يخشى منه على بيضة الإسلام أو على سائر المسلمين وقتلهم وسبي ذراريهم وإما لنقلهم إلى الإسلام أو الإيمان أو إعطاء الجزية كما في الأقسام الثلاثة أيضا، فما قيل من كون العبارة لفا ونشرا مرتبا على أن يكون لكفهم للبغاة، ولنقلهم إلى الإسلام للقسمين الأخيرين لا يخلو من نظر ، ولا يشكك ذلك بأن البغاة كفار مرتدون عن فطرة أو أكثرهم أو بعضهم, والمرتد كذلك لا تقبل توبته عندنا كما في حاشية الكركي والمسالك, لامكان القول بقبول توبة هؤلاء خاصة كما وقع من أمير المؤمنين (عليه السلام) معهم, ولعله لكون الشبهة عذراً في حقهم ولذا اختصوا بأحكام لا تكون لغيرهم)([9]), ولذا فإن البغاة صاروا من المرتدين بسبب بغيهم على الإمام العادل, ولا تُقبل توبتهم, هذا على قول صاحب حاشية الكركي والمسالك, أما على قول صاحب الجواهر فإنه على خلاف الأول, من إمكان لحوقهم بالكفار حكماً في وجوب قتالهم فقط لا بالمرتدين؛ لقبول توبتهم كما حصل من الإمام علي (عليه السلام).

إنّ الأساس في قتال تلك الاقسام هو ما قررته الآيات الشريفة, كما في قوله تعالى: )وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ(([10]), وقوله تعالى: )فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ(([11]).

المطلب الثاني: بواعث الجهاد

إن الباعث الفقهي للجهاد والذي إختلفت فيه الأنظار الفقهية, على أساسين هما:

الأساس الاول: إنّ قتال الكفار لعدوانهم لا لكفرهم وهو مشهور الفقهاء([12]).

أدلة الأساس الأول:

أولاً - الآيات المباركة:

1- قوله تعالى: )وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ(([13]).

2- قال تعالى: )وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً(([14]).

3- قال تعالى: )لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(([15]), فإن هذه الآيات صريحة في إنّ علة الجهاد هو العدوان, وهي مجموعة من الآيات, قد نزلت في أوقات متباينة من العهد المدني, بل إن قسماً منها قد نزل قبيل وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأشهرٍ فقط([16]).

ثانياً - الروايات:

1- مارواه جميل بن درّاج ومحمد بن حمران عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه, ثم يقول: سيروا بسم الله, وفي سبيل الله, وعلى ملّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم), لا تغلّوا ولا تمثلوا, ولا تغدروا, ولا تقتلوا شيخاً فانياً, ولا إمراةً, ولا تقطعوا شجرةً إلا ان تضطرّوا إليها)([17]).

2- مارواه أبو داود من حديث أنس بن مالك, عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه 

قال: (انطلقوا بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله ولا تقتلوا شيخاً فانياً, ولا طفلاً صغيراً, ولا أمرأة, ولا تغلوا, وضمّوا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إنّ الله يُحب المحسنين)([18]).

3- عن هارون بن مسلم, عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبدالله (عليه السلام) إنّه قال: (إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا بعث أميراً له على سرية أمره بتقوى الله عزوجل في خاصة نفسه ثم في اصحابه عامة ثم يقول: غزوا بسم الله وفي سبيل الله, قاتلوا من كفر بالله, ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ولا متبتلاً في شاهق, ولا تحرقوا النخل, ولا تغرقوا بالماء ...)([19]), ومن خلال الروايات المتقدمة يتبين إنّ النهي الوارد كان يخص من لا يقدرون على مواجهة المسلمين بالعدوان والقتال وإن كانوا كافرين([20]).

الأساس الثاني - إن علة قتال الكفار هو كفرهم:

وهو ما عليه ظاهر قول السيد محسن الحكيم (ت1390ﮪ), إذ يقول: (وأما الخوف على غير المحترم كالحربي والمرتد الفطري, ومن وجب قتله في الشرع)([21]), والسيد محمد حسين الطباطبائي, إذ قال: (وإنما قتل نفساً  كافرة غير محترمة)([22]), وكذلك ظاهر قول السيد الخوئي, بأن لا حرمة لهم نفساً ومالاً([23]), وقال في كتاب الطهارة: (أما الخوف على غير المحترمة كالحربي والمرتد الفطري ومن وجب قتله في الشرع)([24]), وهذا يعني إن ذواتهم غير محترمة, وليس بكونهم في حالة حرابة.

أدلة الأساس الثاني:

أولاً - الآيات المباركة:

1- قوله تعالى: )فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(([25]).

2- قوله تعالى: )قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ(([26]).

       فإنّ ملاك القتال الوارد في الآيات الشريفة هو الكفر, لا الحرابة, والغاية منه هو التوبة وأداء الفرائض, وهذا متوقف على أدائها, إضافة إلى أنً الآيات أواخر ما نزل من القرآن([27]).

ثانياً - الروايات:

1- ماروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه نصب منجنيقاً في حصن الطائف, وكان فيهم نساء وصبيان([28]).

2- مارواه ابن عمر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه قال: (أمرت أن أقاتل حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة, فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)([29]).

3- ماورد في خبر حفص بن غياث قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن مدينة من مدائن أهل الحرب, هل يجوز أن يرسل عليهم الماء, أو تحرق بالنار, أو ترمى بالمنجنيق حتى يقتلوا وفيهم النساء والصبيان والشيخ الكبير والأسارى من المسلمين والتجار؟ فقال: يفعل ذلك بهم ولا يمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم للمسلمين ولا كفّارة)([30]).

4- مارواه الترمذي (ت279ﻫ) من حديث سمرة بن جندب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه قال: (أقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم)([31]).

5- ما رواه أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم), إن رجلاً جاء فقال لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن دخل مكة يوم الفتح  قال: ابن خطل([32])  متعلقاً بأستار الكعبة, فقال: اقتله([33]).

مناقشة أدلة الأساس الثاني:

اولاً - مناقشة الإستدلال بالآيات:

عند عزل الآية عن الآيات التي بعدها, يتضح إن علة الجهاد هي الكفر لا الحرابة؛ لكن اذا أُخذت الآية التي بعدها يتضح بأن علة الجهاد هو الحرابة, قال تعالى: )وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ(([34]), فإن هذه الآية تناقض رأي جواز قتلهم على هذا الأساس, بدليل إجارة المشرك إذا طلب منه ذلك حتى يسمع كلام الله, وبإبلاغه مامنه, فلو كان الباعث من الجهاد هو الكفر, فكيف أجاز إجارته, فأي معنى يبقى في إبلاغه مأمنه ما دام بقي على كفره متلبساً به, ألا يستوجب بقاؤه على كفره قتله, أما الإستثناء الوارد في قوله تعالى: )إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ(, فلو كان الكفر موجباً للقتل فكيف يسوغ معاهدة من امرنا الله بقتاله, أما الإستدلال بالآية الثانية فهي أغرب من الآية الأولي؛ لأن نظام الجزية لا يستوجب التنازل عن الديانة السابقة, وهذا الالتحاق الذي يمثل الشرط الأساسي لوقف القتال, لو كان الباعث هو الكفر في حين إن الآية قيدت القتال بالخضوع لنظام الجزية فقط, وعلى هذا فاذا كان الإسلام ليس شرطاً فإن الكفر ليس هو الباعث على القتال, فإن الآية تتحدث عن وضع الكتابيين أوغيرهم إما متلبسين بحالة القتال أو مستعدين له وعدوا عدته, فعندها من الطبيعي ان ينهض المسلمون, وعلى هذا الأساس هو درء العدوان ورد القتال, وإحباط الخطط الخاصة, وصولاً إلى إعادة فرض الهدوء والسلام عن طريق نظام خاص هو نظام الجزية([35]).

ثانياً - مناقشة الإستدلال بالأحاديث:

أما الحديث الأول فقد ناقشه ابن حزم واجاب عليه بقوله: إن هذا الحديث غريب تفرد به شيخ مسلم مالك بن عبد الواحد, فإتفق الشيخان على الحكم بصحته مع غرابته, ولم يروه أحمد في مسنده على سعته وقد استبعد قوم صحته بدليل لو كان عند ابن عمر علم بهذا الحديث لما ترك اباه ينازع أبا بكر في قتال مانعي الزكاة([36]), وكذلك فإنه يعارض أحاديث أخرى تنهى عن قتل الشيخ والنساء والاطفال, وعن أبي عبدالله قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا بعث سرية دعا باميرها فاجلسه إلى جنبه وأجلس أصحابه بين يديه, ثم قال: سيروا بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقطعوا شجرة إلا ان تضطروا إليها, ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبياً, ولا امرأة([37]), واما كلمة (أقاتل) فلم ترد بصيغة (أقتلوا), ولو وردت بهذه الصيغة لكانت معارضة لكثير من الروايات التي تدل على عدم الإكراه والقسر, وكذلك إن كلمة (قاتل) هي على وزن فاعل وهي من الاوزان التي تفيد المشاركة, وهي لا تصدق إلا تعبيراً عن مقاومة لبادىء سبق إلى النصر والقتل, فالمقاوم للمعتدي هو الذي يسمى مقاتلاً, بينما المعتدي يسمى قاتلاً([38]), وأما كلمة (الشيخ)  الواردة في الحديث ليست منحصرة بمن انقطعت عنه القوة, فإن المعنى اللغوي أعم من ذلك, فقد جاء في لسان العرب إن الشيخ هو الذي استبان فيه السن وظهر عليه الشيب([39]), فإن الشيخ ليس من ذهبت منه القوة فقط, وإنما يراد منها أيضاً الإشارة إلى التبجيل والإحترام والتقدير([40]), وأما الفقهاء فقد عرفوا الشيخ الفاني بقولهم: (الذي لا رأي له ولا قتال بلا خلاف أجده فيه)([41]), وكان المراد بوصف الفاني هنا هو الإشارة الى زوال القدرات العقلية والجسدية, وهذه من علامات أفول العمر, ولذلك استعير وصف الفناء للإشارة إليه([42]), وكذلك (الشرخ) الواردة في الحديث فهي تدل على أول الشباب مما هو دون سن القتال([43]), واما خبر ابن أخطل فإنه من الأحكام الخاصة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم), كما أشار إلى ذلك الراوندي (ت573ﻫ) عند تعرضه لقوله تعالى: )لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ(([44]), (فإن خطاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم), أي حل لك قتل من رأيت حين أمر بالقتال, فقتل ابن خطل صبراً وهو آخذ بأستار الكعبة, ولم يحل لاحد غيره)([45]).

المطلب الثالث : أقسام الجهاد

إن الجهاد في الإسلام دفاعي و ابتدائي: فقد تعددت الآراء في تحديد طبيعة الجهاد في الإسلام اهو دفاعي أم ابتدائي دعوي:

الرأي الأول: فمن الفقهاء من يرى أن الجهاد الابتدائي مشروع؛ ولكن اختلفوا في كونه في زمن المعصوم أو في غيره([46])، وعندئذ يكون الجهاد الابتدائي من مختصات المعصوم والدليل على ذلك السيرة العملية للرسول في قتال أعدائه([47])، وممن يذهب إلى ذلك الشيخ الآصفي إذ يقول: ( إن مهمة القتال ليس فقط ردّ العدوان وإنما هو صد العدوان أيضاً, وهذا التعميم للصد والرد نستفيده من القرآن نفسه ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) وقوله تعالى: ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ) وقتالهم كافة لا يقصد به القتال الفعلي, وإنما يُقصد القتال حسب الأولويات (قاتلوا الذين يلونكم) ومن الأولويات قتال أئمة الكفر الذين يمارسون العدوان الفعلي على المسلمين, ومواجهة المشركين على هذا المعنى هو صدهم وردعهم إلى جانب ردهم )([48]).

الرأي الثاني: أن الجهاد دفاعي وليس هناك تشريع في القرآن ينص على الجهاد الابتدائي وكل ما ذكر في القرآن أو السنة مقيد بآيات وأحاديث أخرى تدعو للسلم والصلح والعفو([49]).

وعلى وفق هذه القراءة لنصوص الثقلين يتبين أن تشريع الجهاد في الإسلام لم يكن يهدف إلى دعوة الإسلام بالإكراه, وإنما شُرع بوصفه ضرورةً للمحافظة على المسلمين وبلادهم من الخطر الخارجي، يقول السيد فضل الله: ( أن الرجوع إلى الآيات القرآنية الكريمة , التي عرضت لأهداف التشريع الإسلامي للحرب وغايته, يعطينا نتيجة حاسمة تبعد الدعوة إلى الدين وإدخال الناس فيه عن تلك الأهداف التي ذكروا ولن نعدم الآيات التي تدّلنا دلالة واضحة على أن النبي (صل الله عليه وآله وسلم) لو ترك وشأنه ولم يتعرض له المشركون ولم يقفوا أمام دعوته ويضطهدوا أتباعه ويصدونهم عن سبيل الله ويخرجونهم من أوطانهم, لما كانت هناك حرب ولما كان هناك 

قتال )([50]).

وقد بحث الشيخ حيدر حب الله مسألة الجهاد الابتدائي والدفاعي في بحث بعنوان الجهاد الابتدائي (الدعوي) في الفقه الإسلامي وناقش آيات القتال مناقشة مستفيضة, وخلص إلى نتيجة هي أن القرآن الكريم لم يُؤسس للجهاد الابتدائي, وكل ما في الأمر أنه شرع الجهاد من أجل الدفاع عن الإسلام, إذ يقول: ( والذي يبدوا من مجمل ما أسلفنا الإشارة إليه أن القرآن الكريم لم يطرح  بوضوح  شيئاً أسمه الجهاد الابتدائي الدعوي بالتفسير الذي عرفه الفقه الإسلامي, ولا حتى بتفسيرات بعض الإسلاميين المحدثين الذين تأولوا في هذا الموضوع)([51])، ويرى أن الأسباب التي دعت بعضهم إلى فهم الجهاد الابتدائي من النصوص القرآنية؛ لأنَّهم قرأوا الآيات بمعزل عن سياقها التاريخي, وبسبب الفهم الخاطئ لموضوع النسخ الذي وظف لإقصاء النصوص الداعية للسلم والعفو والصفح([52]).

الرأي الثالث: وهو رأي وسط يجمع بين الرأيين المتقدمين فهو يرى أن الجهاد الابتدائي مشرع, ولكن ليس لغاية من إكراه الناس على الإسلام, بل من أجل إزالة العوائق أمام انتشار الإسلام, وإيصال صوت الإسلام إلى الناس بشكل حر, وعلى الناس بعد ذلك أن تختار الإسلام أو عدمه من دون إكراه ولا ألزام([53])، يقول الشهيد مطهري: ( إذا كنا نرى أن التوحيد جزء من حقوق الإنسانية, فإذا اقتضت المصلحة الإنسانية , وإذا اقتضت مصلحة التوحيد عليهم أو فرض الإيمان عليهم؛ لأنهما أمران لا يمكن فرضهما على أحد, كان لنا الشروع بقتال المشركين لأجل قطع جذور الفساد, فقطع جذور عقيدة الشرك بالقوة شيء, وفرض عقيدة التوحيد شيء آخر)([54])، ويقول الشيخ السبحاني: ( إذا لم تقم الدولة الكافرة بالمنع من انتشار الإسلام وتبليغ الدين للناس ونشر معارفه وأحكامه, ولم تشكل سداً مانعاً من دعوة الأنبياء والأولياء والصالحين ونوابهم, ففي هذا الفرض لا تبادر الدولة الإسلامية إلى فعل شيء تجاه هذه الدول , بل تنظر رأي الناس في اختيارهم لما يرونه, وما يختارونه من عقيدة )([55]).

     ويمكن الخروج بنتيجة من جميع الأقوال المتقدمة وهي: أن الملاك في  حرب الكفار ليس الكفر بل الحرابة, حتى لو قبلنا برأي من يقول أن الجهاد الابتدائي مشرع في الإسلام؛ ولكن تشريعه من أجل دفع الفساد وخطر من يتوعد الإسلام ويترصده وينقض العهد معه .                         

                         

المبحث الثاني: فتاوى الجهاد عند الإمامية

المطلب الأول: موقف علماء الشيعة من الحركة الدستورية الإستقلالية المشروطة

       إن الحركة الدستورية التي بانت ملامحها في ايران بداية القرن العشرن, هو تأثير بالسياسة الاوربية, بل على العكس من ذلك انطلقت من دور رئيس وهو تحجيم الدور الغربي في بلاد الإسلام, ومجابهة النفوذ الغربي, إن الحاكم الايراني ناصر الدين شاه وخلال مدة حكمه التي امتدت إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر فسبب سياسته جعل الشعب الايراني يعيش بتدهور كاملاً, وفي ظل هذه الاجواء تحرك علماء الشيعة من أجل أنقاذ الشعب الايراني, والمحافظة على استقلال البلد المسلم فكان في ضوء هذا التحرك كان تحرك أولي, ليصبح فيما بعد نظاماً للحكم, وفي نهاية عهد ناصر الدين شاه قد جاء من العراق إلى ايران السيد محمد الطباطبائي أحد تلاميذ الميرزا محمد حسن الشيرازي([56]), وهنالك دعا الى ضرورة تأسيس مجلس شورى شعبي والغرض منه أقامة العدل, وفي عام 1313ﻫ أغتيل ناصر الدين شاه أثر أطلاق نار من شخص ينتمي الى جمال الدين الافغاني فجاء بعده ابنه مظفر الدين شاه وأنً الاخير كان ضعيفاً في ادارة الدولة مما جعل التردي في الحياة العامة يتعاظم شيئاً فشيئاً, مما جعل علماء الشيعة في النجف وطهران يقفون بوجه هذا التردي فبعثوا عدة رسائل الى الحاكم عام 1902م وطلبوا بمعالجة الوضع المتردي وتاسيس مجلس لممثلي الشعب([57]), إن الشاه أقتنع في بداية الأمر الا ان رئيس وزرائه كان معارضاً لذلك ، معللاً ذلك بحجة الخوف على الحكم القاجاري عاداً ذلك نهاية الحكم القاجاري([58]) وفي ظل هذا الوضع التقى السيد محمد الطباطبائي مع الشيخ فضل الله النوري والسيد عبد الله البهبهاني وكان سيعهم اقامة مجلس ممثلي الشعب فكان لهؤلاء الفقهاء الدور الرئيس في بلورة الاحداث نحو الحياة الدستورية المشروطة , وهنا بدأت التحرك الفعلي عام 1905م فقرروا الاحتجاج على السلطة وكان ذلك في مرقد السيد عبد العظيم وانضًم الف شخص تقريباً وستمروا لمدة شهر , وخلال فترة الاعتصام طالبوا بثلاثة امور هي:([59])

1-تطبيق قوانين الإسلام

2-تاسيس ديوان للعدالة في المدن الايرانية كافة

3-عزل حاكم طهران([60]) .

       فوافق مظفر الشاه الا ان رئيس الوزراء لم ينفذ أمر الشاه ؛ ولهذا لم يترك العلماء المظاهرات فخرجت عدة مظاهرت سقط على اثرها العديد من القتلى وفي احدى المظاهرات قتل حوال الف شخص.

       وفي ضوء هذه الاوضاع قرر علماء الدين اعتصام اكبر فتوجهوا الى مدينة قم عام 1906م ومعهم الف شخص يتقدمهم علماء الدين ومن بينهم فضل الله النوري([61]).

       وخلال هذه الفترة دخلت بريطانيا على الخط من اجل كسب ودًهم وفتحت سفارتها على اساس حماية الجماهير من السلطة وبلغ عدد المتظاهرين الف متظاهر([62]), والمتتبع للأحداث يجد بأن البريطانين قد استعدوا لذلك وهيئت كل الأماكن اللازمة لذلك في أحتواء المتظاهرين([63]), والأدهى من ذلك فقد أخذت زوجة السفير تتحدث عن الحرية والمساواة وغيرها([64]), وفي ظل هذه الأحداث والضغط الذي مارسه المتظاهرون أستجاب الشاه للنظام الدستوري وتحديداً في عام 1916م وهنا انتهت المظاهرات وعاد علماء الدين الى طهران وجرت الأنتخابات لمجلس الشورى ويعلق الدكتور علي الوردي على ذلك بقوله: (رغم أن أعلان النظام الدستوري كان يمثل انتصاراً لجهاد علماء الدين الشيعة ضد دكتاتورية السلطة, إلا أنه الانتصار الذي لم يستطع أن يحًول نفسه إلى اتجاه ثابت ومستقر فلقط اُحيط بنشاط مكثف من قبل دوائر الأستعمار بغية احتوائه والتأثير على مساراته الإسلامية الأصلية, حيث استطاعت تلك الدوائر ولا سيما بريطانيا ان تدفع بالعلمانيين إلى المقاعد النيابية, من اجل التأثير على صياغة مواد الدستور وحرفه عن الشريعة الإسلامية, وقد نجح أصحاب الاتجاه العلماني والتغريبي في تحقيق الرغبة الاستعمارية, حيث جاء الدستور في كثير من نصوصه عبارة عن ترجمة حرفية للدستور البلجيكي الصادر عام 1830م فهو يقوم على أساس الأفكار الديمقراطية التي كانت شائعة في أوربا)([65]) , ويضيف السيد حسن شبر إن مساعي الشيخ فضل الله النوري بذل جهوداً مضنية حتى تمكن من الحصول على مصادقة المجلس بالاضافة الى اضافة مادة متممة للدستور تقضي بان يقوم خمسة من فقهاء كل عصر بالاشراف على لوائح وقرارات المجلس, حتى لا يُصادق على تلك التي تخالف الاسلام)([66]).

       لقد عانى الشيخ النوري معاناة في هذا الأمر كما هو واضح من خلال الرسالة التي بعثها الى ولده في العراق وأخبره بأن لا يخبر بها أحداً إلا الشيخ محمد كاظم الخراساني فجاء الرسالة على النحو التالي: (إن الأفراد المنحرفين من أصحاب الفرقة الجديدة والدهريين والطبيعيين وغيرهم, قد انتهزوا الفرصة لهدم الإسلام واجتثاث جذوره ... وما من صحيفة إلا وفيها سهم على الإسلام والعلماء ... لا تكثر نقل القول عني, الله الله في الإسلام, أنهم منهمكون في تدوين الدستور وسينتهي الأمر, فمنذ عدة أيام والمجلس منعقد بصورة طارئة, سأعمل من أجل الأصلاح, آمل أن لا يتمكن الخريجيون من تنفيذ مآربهم, لا تنقل هذا الكلام لأحد سوى حجة الإسلام الآخوند وللأسف لا يمكن الأفصاح بشئ , فكيف الحال بكتابته...)([67]).

       وبعد المصادقة على الدستور توفى مظفر الدين شاه عام 1907م فخلفه ابنه محمد علي شاه الذي كان يميل كل الميل الى الجانب الروسي, فأثار مخاوف البريطانيين وشعرت أن مصالحها ستضعف وانه سوف يحل الحياة الدستورية؛ لأن بريطانيا قد زجوا رجالهم في البرلمان ومراكز الدولة, هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن الروس كانوا قد عارضوا الحياة الدستورية أو المشروطة, فدخلت المشروطة التجاذب بين الدولتين, إن الحاكم الجديد كان معارضاً للنظام الدستوري مما حدا بالآخوند أن يبعث رسالة من عشرة نقاط عرفت بأسم الوصايا العشر وهي:     

1-بذل مساعيكم وصرف همتكم إلى نشر العلوم وترويج الصنائع العصرية التي حلًقت بواساطتها الأمم إلى أوج الرقي, ومن البديهيات المسلم بها أن الأيرانيين أكملهم استعداداً وأحسنهم قابلية, وقد كانوا في طليعة أمم العالم ولهم السبق عليهم, وليس التأخير الحالي الحاصل في المملكة والذي أوصلها الى هذا الحد من الفقر والبلاء, عدم اعتناء الأسلاف بتلك الأمور وميلهم إلى مصنوعات الأجانب حتى أوجب ذلك قهراً سريان الداء في جسم كل فرد من أفراد المملكة, فإحياء ايران فعلاً يدور على هذه النقطة المهمة.

2-ينبغي منكم بذل النفس والنفيس في المحافظة على الشريعة المطهرة وتشييد مباني الإسلام, مع انتخاب معلّم ديني أمين تتلقون عنه العلوم الشرعية اللازمة لمقام السلطنة, وانه يجب عليكم المواضبة التامة على العبادات العملية فإن أداء الفرائض الإلهية موجبة لدوام سلطتكم وسيادتكم على الرعية.

3-اجتنبوا الأساتذة فاسدي العقائد عبدة الدنيا؛ لأن مخالطتهم جاذبة لذميم الأخلاق ومرذول العادات كما يجذب المغناطيس الحديد.

4-بذل قصارى الجهد في إعلاء شأن الوطن وتنظيم أمور المملكة وتربية أفراد الأمة تربية صحيحة, وحث الرعية على ممارسة الحِرَف والصنائع وترويج المنتوجات الوطنية, بأن تختاروا لباسكم منها, فإنكم إذا فعلتم ذلك اقتدى بكم رجال الدولة قاطبة وأفراد الرعية كافة, ولا شك بأن المملكة آنئذ تُطلق من عقال الاحتياج للمنسوجات الخارجية, وهكذا فعل (ميكادو اليابان) فإنه لما علم أن مفتاح ترقّي دولته يسير بهذا السبيل, طرق أبوابه فنال مقعده النبيل فإذا نهجتهم في ابتداء سلطنتكم وعنفوان صباكم هذا المنهاج السديد, تكونون واسطة لرقي البلاد ورفع الفقر ودفع الاحتياج الضارب أطنابه في ساحة الرعايا, وعما قريب يحلّقون بمنطاد المساعي المشكورة إلى أجواء النجاح وينالون حينئذ الاستقلال الحقيقي, فنكون قد سعينا في تعمير بلادنا لنظل أصحاب الشوكة والاقتدار ان شاء الله.

5-الحذر كل الحذر من تدخل الاجانب, والعناية كل العناية في قطع دابر فتنتهم, فإن البلاء مخيم على تلك الأنحاء بسببهم, فلا ينبغي الاعتماد عليهم الاّ ما كان من استجلاب قلوب ملوكهم وعظمائهم مع المحافظة التامة على مودّتهم, وليست هذه الديون الخطيرة الملقاة على عاتق الدولة إلا نتيجة تدخلهم, ومن اللازم على رجال ايران المحبين لوطنهم انتخاب الرجال الاكفاء لإدارة السلطنة.

6-بذل الجهد في نشر العدالة الحقة والمساواة, وذلك بأن يتساوى شخص السلطان نفسه وأضعف فرد من أفراد الرعية في الحقوق, وأحكام القانون الشرعي حاكمة على الجميع بلا استثناء فإذا ثَبَتَ قَدَمُ السلطان في هذا الأمر وقام بأعباء هذا التكليف, يتمكن جزماً من رقاب المعاندين, ويأتون أذلاء صاغرين, وعندها يكون أساس العدالة محكماً وليس لفظاً ووهماً.

7-محبة عموم الرعية والرأفة بهم, جلباً لقلوبهم وتنشيطاً لهممهم كي يرسخ حبّك في قلوبهم.

8-ينبغي مراجعة تاريخ مشاهير ملوك العالم والإحاطة بمعرفة الطرق التي نهجوها في نشر العلوم الدينية والمدنية حتى أحكموا استقلال أُممهم وزيّنوا صفحات التاريخ بعظيم أفعالهم, حتى ضربت الأمثال بهم وأُقيمت التماثيل لهم.

9- ستنكشف لذاتكم الملوكية عن مراجعة تاريخ ايران, بأن السلاطين الماضين سواء كانوا قبل الإسلام أم بعده, كانوا ممن انهمكوا في الملذات واتبعوا الشهوات وصرفوا اعمارهم في اللهو اللعب, اقتفى رحال دولتهم آثارهم وسلكوا طرقهم فكانت نتيجة ذلك ضعف المملكة وذُل الرعية وضياع الأموال وتبلبل الأحوال, أما من كان صارفاً نفسه عن الشهوات وكان أكبر همّه المملكة وتربية الرعية ونشر العلوم والصنائع وتنظيم العساكر, ثقدم في زمن قصير على جميع الملوك, فالمأمول إن شاء الله تعالى من الذات الملكية الإعراض كلياً عن الطريقة الأُولى السيئة, والاحتراس من سلوك مسالكها المتردّية, ولاشك بأنكم تختارون الطريقة الثانية وتجعلونها نصب أعينكم, وعما قريب تحصلون على النتائج الحسنة إن شاء الله.

10-حفظ مقام العلم وتكريم حملته من العلماء العاملين والفقهاء المصلحين, فإذا _ لا قدر الله – حصل التقصير بجزء من هذه الكليات, نكون قد تعرضنا للمهالك وذهبت الدولة من أيدينا, فنعض بنان الندم ولات حين مندم, والسلام)([68]).

إلاّ ان الحاكم لم يأخذ بتلك الوصايا القيمة وأدعى أنه سوف يتمسك بها؛ لكن أفعاله في غير ذلك وحصلت عدة برقيات بين علماء ايران والعراق ويطلبون منهم رأيهم في قوانين المجلس, إلاّ ان محمد علي الشاه كان مصمماً على انهاء الحياة الدستورية معتمداً في ذلك على الروس وفي عام 1908م حصل تصعيدّ ملحوظ فعين الكولونيل الروسي (لياخوف) قائداً للجيش ومن ثم إعلان الأحكام العرفية وبعدها توجهت قوة روسية الى مبنى المجلس وقصفته بالمدفعية([69]), وبذلك اطمأن الشاه الى الحل العسكري الروسي ضد المشروطة فقام بإلغاء الحياة الدستورية بشكل رسمي فأعلن في عام 1908م: (إني وإن كنت قد وعدت بأن يفتتح مجلسكم في 14 تشرين الثاني 1908م إلا أن الأكثرية من أعضاء المجلس يصرون على صرف النظر عن افتتاحه, لذلك صممت على تحقيق رغبة الناس؛ لأن افتتاح المجلس وتحقير الإسلام شيئ واحد)([70]), وتم ألقاء القبض على السيد محمد الطباطبائي والسيد عبدالله البهبهاني وهم من رجال المشروطة وتم تعذيبهم وبعدها نفوا خارج طهران([71]).

       فكان هذا التصرف من الشاه في نظر علماء الشيعة ليس عودة إلى الدكتاتورية ، بل هو مشروع أستعماري يهدف الى فرض الارادة الاجنبية على بلد أسلامي, فاعلن علماء الشيعة الجهاد فأصدر الآخند الخراساني والميرزا حسين خليلي والشيخ عبد الله المازندراني الفتوى التالية ضد سلطة الشاه محمد علي: (نعلن لعموم الشعب الايراني حكم الله إن السعي في دفع هذا السفاك الجبار والدفاع عن نفوس المسلمين وأعراضهم, يعد اليوم من أهم الواجبات , وان دفع الضرائب للمسؤلين من أعظم المحرمات, وبذل الجهد في تقوية المشروطة وتدعيمها يعد بمنزلة الجهاد في سبيل إمام الزمان أرواحنا فداه, وإنّ أدنى مخالفة حتى لو كانت بقدر رأس الشعرة, أو التهاون في ذلك يعتبر بمنزلة خذلانه ومحاربته صلوات الله وسلامه عليه, أعاذنا الله والمسلمين من ذلك إن شاء الله)([72]).

       وأعلن علماء النجف الجهاد ضد روسيا, وكان من بينهم السيد كاظم اليزدي([73]) وأنهم سيتوجهون إلى الكاظمية على رأس المجاهدين في طريقهم لأيران, فيما دعا الآخوند الخراساني أهل العشائر العراقية فاستجاب له بالالف([74]), وفي الكاظمية كانت الاستعدادات واسعة لحركة الجهاد, فقد نصبت الخيام لمسافات طويلة, وخرجت العشائر العراقية في عشرة آلاف مقاتل وتوجهوا إلى منطقة المحمودية لاستقبال علماء الدين وكتائب المجاهدين القادمين من النجف([75]).

المطلب الثاني: الموقف الشيعي من الاستعمار

 في هذا المطلب نتحدث عن القرن التاسع عشر وما حصل من استعمار روسيا على مقاطعات في شرق الاناضول وقفقاسيا وكذلك استولت روسيا على أجزاء من بلغاريا وحتلت النمسا البوسنة والهرسك وبريطانيا على جزيرة قبرص وفرنسا على تونس وإيطاليا, انّ هذا الاستعمار كان يمثل اقتطاعاً من بلاد المسلمين.

المقصد الاول: الموقف الشيعي من الاستعمار الإيطالي: بعد أن أكملت أيطاليا تحركاتها, وأجرت كل الاجراءات مع المجموعة الاستعمارية, قررت احتلال ليبيا وقامت بانزال قواتها العسكرية في طرابلس وبنغازي, إن ليبيا كانت تختلف عن بقية الدول التي أحتلت والسبب يرجع كون ليبيا تابعة مباشرة الى الحكومة في اسطنبول, وهذا ما جعل الايطاليين يتعاملون معها على انها حرب مباشرة.

       ومن هنا فقد أصدر علماء الشيعة الفتوى الشهيرة ضد الاحتلال الايطالي ومنهم الشيخ محمد كاظم الخراساني والشيخ عبدالله المازندراني وشيخ الشريعة الاصفهاني والشيخ علي رفيش والسيد محمد سعيد الحبوبي والسيد مصطفى الكاشاني والشيخ النجفي صاحب الجواهر وهذا نص الفتوى: (من علماء النجف الأشرف إلى كافة المسلمين الموجودين ومن جمعتنا وإياهم جامعة الدين والإقرار لمحمد (صل الله عليه وآله وسلم) سيد المرسلين السلام عليكم أيها المحامون عن التوحيد والمدافعون عن الدين والحافظون لبيضة الإسلام, لا يخفى عليكم أن جهاد الكفار عن بلاد الإسلام وثغوره مما قام إجماع المسلمين وضرورة الدين على وجوبه, قال تعالى: Pانْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ O([76]) هذه جنود إيطاليا قد هجموا على طرابلس الغرب التي هي من أعظم الممالك الإسلامية وأهمها, وخربوا عامرها وأبادوا أبنيتها وقتلوا رجالها ونساءها وأطفالها, مالكم تبلغكم دعوة الإسلام فلا تجيبون, وتوافيكم صرخة المسلمين فلا تغيثون؟ أتنتظرون أن يزحف العدو إلى بيت الله الحرام وحرم النبي (صل الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ويمحوا الديانة الإسلامية والدولة العثمانية عن شرق الأرض وغربها, وتكونوا معشر المسلمين أذلّ من قوم سبأ, فلله في التوحيد, الله الله في الرسالة, الله الله في أحكام الدين وقواعد الشرع المبين, فبادروا إلى ماافترض الله عليكم من الجهاد في سبيله, وتفقوا ولا تفرقوا, واجمعوا كلمتكم, وابذلوا اموالكم, وخذوا حذركم, واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم, لئلا يفوت وقت الدفاع وأنتم غافلون, وينقضي زمن الجهاد وأنتم متثاقلون فليحذر الذين يخالفون أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)([77]).

       وأصدر السيد كاظم اليزدي فتواه بوجوب الدفاع عن طرابلس الغرب ضد الاحتلال الإيطالي ومواجهة التحدي الاستعماري الذي تتعرض له بلاد المسلمين.

       إن الملاحظ في هذا الأمر أن الدولة العثمانية لم تهتم بالشيعة وتبعت سياسة طائفية وابعدت الشيعة عن القرار السياسي آنذلك, فتعامل علماء الشيعة ضد هذا الاستعمار بأنه يستهدف المسلمين والإسلام؛ ولذلك أرسل الخراساني والسيد اسماعيل الصدر والشيخ عبد الله المازندراني والشيخ محمد حسين المازندراني وشيخ الشريعة الاصفهاني برقية الى الصحف التركية قائلين فيها: (ظهرت منذ سنوات فكرة استيلاء إيطاليا وروسيا على طرابلس وإيران, استبعاد المسلمين من أهلها وإذلالهم, وعملت الدولتان على فتح تلك الأراضي الإسلامية المقدسة نقول: إنه بعد أن أصبحت نوايا الدولتين معلومة للجميع في الوقت الحاضر, إذا اضمحلت كرامة ايران وقوميتها, وقضي على استقلالها وأُذل شعبها لا سامح الله , فإن ذلك سيكون ضربة مهلكة للعالم الإسلامي , ومهما أمعنت الدولتان اللئيمتان في تقطيع الممالك الإسلامية إرباً إرباً, فإن تمسك المسلمين بدينهم الحنيف كفيل بارجاعها خائبين خاسرين , ونحن بصفتنا علماء المسلمين نؤيد ضرورة تخليص إيران, ونطلب منكم إعلان حكمنا المتضمن وجوب الدفاع , بصحفكم إلى جميع المسلمين في شتى أنحاء العالم , ونعلمكم بأننا ملزمون ومستعدون لإراقة آخر قطرة من دمائنا في سبيل حفظ الإسلام والوطن الإسلامي)([78]).

       وفي كربلاء المقدسة أجتمع الأهالي عند مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) أُلقيت خلاله الخطب الثورية, وجمعت التبرعات وفي عام 1911م تظاهر عدد غفير وصل الى الألفين من اهالي كربلاء([79]), وكذلك في الكاظمية وسامراء, وألقى علماء الشيعة الشعر والكلمات الثورية وكان من بين العلماء الشيخ محمد باقر الشبيبي والشيخ علي الشرقي والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وغيرهم([80]).

       وأرسل الخراساني والشيخ عبدالله المازندراني والسيد سماعيل الصدر والشيخ محمد حسين المازندراني برقية الى السلطاني محمد رشاد في عام 1329ﻫ جاء فيها: (إلى المقام المقدس ملك المسلمين السلطان محمد الخامس خلد الله ملكه بسم الله الرحمن الرحيم رُوّعَ العالم الإسلامي نتيجة لتعرض بلادهم للغزو من جميع الاطراف, نحن بصفتنا رؤساء المذهب الجعفري الذي ينتمي اليه ثمانون مليوناً من سكان من ايران والهند وسائر المناطق الاخرى, وقد اتفقنا وحكمنا بوجوب الجهاد لغرض الدفاع والهجوم, ونرى أن عموم المسلمين مكلفون بإراقة الدماء لصيانة دين محمد (صل الله عليه وآله وسلم), وان ذلك العمل فرض عين ونعرض على أعتاب الملك حامل الأمانات المقدسة, وخادم الحرمين الشريفين, وخليفة الإسلام, ونطلب منه ألا يتضايق من إعطاء لواء النبي (صل الله عليه وآله وسلم) إلى المسلمين الذين سيقطرون من أنحاء العالم للدفاع عن بلادهم, وان محافظة السياسة الأوربية قد ولّى, ونسترحم بمقتضى الشريعة وشأن الخلافة إعطاء الأمر)([81]).

       وليس هذا فقط بل أصدر الشيخ حسن علي آل بدر القطيفي كراساً تحت عنوان (دعوة الموحدين إلى حماية الدين) وتحدث فيه عن النشاط الاستعماري للدول الاسلامية([82]), وكذلك أصدر شيخ الشريعة فتح الله الأصفهاني كراساً باللغة الفارسية وتحدث فيه وحث فيه المسلمين على ترك الخلاف والنفاق والتمسك بالاتحاد والوفاق من اجل الدين([83]), ولعل البيان الذي أصدره الميرزا محمد تقي الشيرازي وشيخ الشريعة الأصفهاني والسيد اسماعيل الصدر والشيخ عبدالله المازندراني والشيخ محمد حسين المازندراني في عام 1912م أكثر تفصيلاً للأحداث الجارية فجاء فيه: (نلفت أنظار جميع أهل التوحيد وكافة المسلمين بأن الإسلام والمسلمين لم يصلوا في أية فترة من الفترات, مثلما وصلوا اليه في هذه المدة من الزمن, إن المصائب التي يمر بها الإسلام اليوم تعدّ هي من أشد الضربات ... وان اساس الدين المبين في خطر, وآثار شريعة الرسول (صل الله عليه وآله وسلم) مهددة بالزوال, ولم تبق في هذه المدة سوى دولتين إسلاميتين مستقلتين, هما الدولتان العليتين العثمانية والإيرانية اللتين تحملان اللواء المحمدي وتحميان حوزة الإسلام والحرمين الشريفين والمشاهد المقدسة إن بقاء حرمة القرآن الكريم وإعلاء كلمتي الشهادة وإقامة دعائم الدين المبين, يتوقف على بقاء هاتين الدولتين الإسلاميتين ... وإذا ما اضمحلت هاتان الدولتان – لا سامح الله – فلن يبقى هنالك للإسلام جامعة أو حوزة, وستلحق بالإسلام والمسلمين وصمة عار أبدية وخذلان دائم , لا أرانا الله ذلك اليوم أبداً , واليوم يقوم بعض الأجانب بحملات مسعورة ضد هاتين الدولتين اللتين باتتا تعانيان كافة اشكال المضايقات والابتلاءات, فمن جهة امتدت يد الظلم الإيطالية نحو مسلمي طرابلس الغرب, حيث تسلب أموال الأهالي ويتعرض النساء والأطفال الى القتل, ومن جهة أُخرى تقوم القوات الروسية بتصويب نيران مدفعيتها ضد الضعفاء في تبريز وتقوم بإعدام كبار الشخصيات هنالك, وفي قزوين ورشت تدخل أجنبي ظالم ... واستناداً إلى ذلك وبالنظر إلى هجوم الكفار, فقد قررنا نحن خدمة الشرع المنير مع جميع العلماء الأعلام من كربلاء والنجف وسامراء وحسب مسؤليتنا الشرعية التجمع في الكاظمية عسى أن نجد حلاً لإنقاذ المسلمين من ظلم الأجانب وعدوانهم, وإذا لم يتمكن المسلمون في أقطار العالم الذين يعيشون في ظل حكم الأجانب بذل النفس لمساعدة إخوتهم فبإمكانهم تقديم المساعدة عن طريق إبداء التضامن 

معهم ...)([84]).

المقصد الثاني: فتّاوئ الجهاد ضد الروس: إن تهديد روسيا لإيران والزحف نحو مناطق ايران الشمالية وكان هذا في عام 1911م فمثل هذا الاحتلال تحدياً للعالم الإسلامي فكان هذا بعد عدة أسابيع من أحتلال الطليان ليبيا فقد أصدر السيد كاظم اليزدي هذه الفتوى: ( اليوم هجمت الدول الأُوربية على الممالك الإسلامية من كل جهة فمن جهة هجمت إيطاليا على طرابلس الغرب, ومن جهة أُخرى روسيا بتوسط عساكرها احتلت شمال ايران, وبريطانيا تدخلت في جنوبها , وهذا موجب لاضمحلال الإسلام, فلهذا يجب على عموم المسلمين من العرب والعجم أن يهيئوا أنفسهم إلى دفع الكفر عن المالك الإسلامية, وأن لا يقصروا ولا يبخلوا في بذل أنفسهم وأموالهم في جلب الأسباب التي يكون بها إخراج عساكر إيطاليا عن طرابلس الغرب وإخراج عساكر روسيا والإنجليز من شمال وجنوب ايران, التي هي من أهم الفرائض الإسلامية حتى تبقى المملكتان العثمانية والإيرانية مصونتين محفوظتين بعون الله من هجوم الصليبيين)([85]).

       واصدر الخراساني كاظم وشيخ الشريعة الأصفهاني والسيد اسماعيل الصدر والشيخ عبدالله المازندراني فتوى مشتركة جاء فيها: (إلى الإيرانيين ومسلمي الهند عامة إن هجوم روسيا على إيران, وايطاليا على طرابلس الغرب موجب لذهاب الإسلام, واضمحلال الشريعة الطاهرة والقرآن, فيجب على كافة المسلمين أن يجتمعوا ويطالبوا من دولهم المتبوعة رفع هذه التعديلات غير القانونية من روسيا وإيطاليا, وليحرموا السكون والراحة على أنفسهم مالم تكشف هذه الغمة والغائلة العظمى, وليعدوا هذه النهضة منهم تجاه المعتدين على البلاد الإسلامية جهاداً في سبيل الله, كالجهاد في بدر وحنين)([86]), واصد الشيخ الخراساني فتوى بتحريم شراء البضائع الروسية.

       وبعد هذا التصعيد من قبل علماء الشيعة أرسلت روسيا قنصلها في محاولة منها الى تهدئة الوضع إلا أن الشيخ الخراساني أجاب بلغة شديدة الفحوى قائلاً: (لقد نفذ صبر المسلمين, ومادامت بينهم ورقة واحدة من القرآن الكريم, فإنهم لا يمكن أن يهزموا, أننا نحن المجتهدون مستعدون لبذل آخر قطرة من دمائنا في سبيل حفظ الدولة والشعب الإيراني)([87]).

المقصد الثالث: الموقف الشيعي من الاحتلال البريطاني عام 1914م

أصدرت بريطانيا الى قواتها في بومبي التوجه الى المياه الخليجية واعلان الحرب على العراق عام 1914م وعلى هذا فقد احتلت الفاو وفي هذا الوقت وصلت رسالة من البصرة الى علماء الدين وبينت الرسالة الخطر الحاصل على المدينة فقد جاء فيها : (ثغر البصرة الكفار محيطون به, الجميع تحت السلاح, نخشى على باقي بلاد الإسلام, ساعدونا بأمر العشائر بالدفاع)([88]).

       وعلى الفور استجاب علماء الدين فقد عقدوا اجتماعاً كبيراً في مسجد الهندي واصدروا فيه الفتوى ضد الاحتلال البريطاني وخطب السيد محد سعيد الحبوبي والشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ جواد الجواهري([89]), وفي الصحن العلوي الشريف خطب السيد كاظم اليزدي في الناس ودعاهم للجهاد وهنالك أوجب على الغني العاجز بدناً أن يجهز من ماله الفقير القوي([90]), وفي الكاظمية ترأس حركة الجهاد الشيخ مهدي الخالصي وأصدر فتواه بالجهاد عن بلاد الإسلام وكتب في ذلك رسالة أسماها (الحسام البتار في جهاد الكفار) وأصدر فتوى أوجب فيه على المسلمين صرف جميع أموالهم في الجهاد حتى تزول غائلة الكفار, ومن أمتنع عن بذل ماله وجب أخذه كرهاً([91]), وكذلك السيد مهدي الحيدري فقد افتى بالجهاد.

       وفي سامراء أفتى الميرزا محمد تقي الشيرازي بوجوب الجهاد وارسل ابنه للالتحاق بالسيد الحيدري([92]).

       ومن أشهر الفتاوي في العصر المتأخر والتي وجدت تجاوباً عاماً ومؤثراً فتوى السيد محمد حسين الشيرازي نزيل سامراء في قضية التنباك التي حرم فيها استعماله ليقطع الطريق أمام الامتياز غير العادل الذي اعطته حكومة ايران حينها الملكية لبريطانيا بوصفها واحدة  من الخطوات الممهدة للأستعمار الأقتصادي المؤدي لنهب ثروات البلاد , وقد ادت الى تراجع شاه ايران حينها عن اعطائه امتياز لشركة التنباك الانكليزية عام 1891ﻫ.

       وكنتيجة لسياسة الانكليز في العراق الاستعمارية ، واهمالهم لمطالبات رجاله بإنهاء الاحتلال وتلبية مطالب أهل البلاد ، تفجرت ثورة العشرين وكان على راسهم الميرزا محمد تقي الشيرازي وليكتمل فيها المشروع الشيعي منهجه السياسي ضد الاحتلال.

كذلك ماصدر من فتوى ضد الأحتلال الفلسطيني عام 1948م-  1967م , مروراً بفتوى السيد الخوئي الذي دعا فيها بوجوب الدفاع عن بيضة الإسلام وكان ذلك عام 1991م, وما صدر من علماء الطائفة بوجوب الدفاع عن مرقد السيدة زينب بنت علي بن ابي طالب (عليهم السلام), ولعل أشهر فتوى جهاد في العصر المتأخر هي فتوى السيد السيستاني التي افتى فيها وكان ثلث العراق تحت سيطرة الجماعات التكفيرية وأطلقوا نداءات من وجوب دخول كربلاء والنجف والعبث بالمقدسات واستحلال الأعراض فأطلق الشيخ عبد المهدي الكربلائي وكيل السيد السيستاني من مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) فتوى الجهاد الكفائي ولهذه الفتوى دلالات عدة لسنا بصدد ذكرها لضيق الوقت أولاً وثانياً تناول الكثير من الباحثين هذه الفتوى بتفصيل فإنها تستحق الوقوف عليها والتأمل, لعلنا نتناولها بموضوع مستقل أنّ شاء الله. 

الخاتمة

إنّ موضوع الجهاد تصدّر الواقع اليوم وأهتم به أهتماماً كبيراً في الفكر الإسلامي؛ لأنه أصبح الأداة لتغيير الأوضاع لاسيما العالمية فضلاً عن المحلية, إن كثيراً من الأراء والتحليلات حول موقف علماء الشيعة الإمامية في كلتا الساحتين السياسية منها والجهادية, فإن التاريخ الشيعي لعلمائهم كان حافلاً وقوياً ومؤثراً فيما حوله, ولذلك شكل قوة لا يستهان بها على الصعيدين السياسي والاجتماعي؛ لأن الموقف الشيعي أحتفظ بالأصالة الإسلامية والمنهج السليم المستمد من مواقف أهل البيت (عليهم السلام) رغم ما عانوه على مسار تاريخهم من ظلم وضطهاد والبعد عن الجماهير والسلطة وكذلك التصفية الجسيدية, ولهذا فإن المعادين للإسلام كانوا يخشون تلك المرجعيات؛ لأنها كانت تقف موقف المدافع عن الإسلام والتصدي لهم حتى وإن كانت تلك الحروب خارج دائرة التشيع فإنهم نظروا الى تلك الأحداث على أنها تمس الدين وبقاءه ويجب الدفاع عن الدين والإسلام مهما كلف الأمر؛ لأنهم يتحركون ضمن الوظيفة الشرعية التي رسمها لهم الإسلام المحمدي الأصيل وليس العواطف ولا غيرها؛ ولذلك نجدهم يدافعون ويصدرون الفتاوى لأي أحتلال أو ستعمار على بلاد المسلمين كافة, مما جعل كل قوى الأستعمار تنظر لهم بنظرة خاصة؛ لأنهم يمثلون الموقف الصامد والإصرار والتحدي؛ ولهذا كانوا حجر الأساس لكثير من المواقف على مر التاريخ القديم منه والمعاصر فكانوا بحق هم صناع القرار ومحور الأحداث والمدافعين عن أستقلال كلّ بلاد الإسلام و المسلمين حتى ولو أدى أن يتقلدوا السلاح ويتقدموا المواجهة وإن أدى الى قتلهم,  فهذا البحث يحاول الوقوف على الحقب الحساسة من ذلك التاريخ المشرّف ومعرفة موقف زعماء الشيعة من تلك الأحداث.

                        

مصادر البحث

  • أحكام القرآن, أحمد بن علي الرازي الجصاص, (ت370ﻫ), تح: عبد السلام محمد شاهين, دار الكتب العلمية, بيروت , لبنان, ط1, 1415ﻫ - 1994م .
  • أعيان الشيعة, السيد محسن الأمين, (ت1371ﻫ), تح: حسن أمين, دار التعارف للمطبوعات, بيروت, لبنان, ط5, (ب . ت).
  • بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار, العلامة المجلسي, (ت1111ﻫ), تح: محمد الباقر البهبودي, مؤسسة الوفاء, بيروت , لبنان, ط2, 1403ﻫ - 1983م.
  • التاريخ السياسي لايران, جلال الدين مدني, نشر: استقلال, طهران, ايران, ط1, (ب . ت).
  • تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, نشر المكتبة دار النجف الأشرف, النجف الأشرف, العراق, (ب . ط و ت).
  • تاريخ مشروطة ايران, أحمد كسروي, (ب ط و ت).
  • تذكرة الفقهاء, العلامة الحلي, (ت726ﻫ), منشورات المكتبة الرضوية لاحياء الأثار الجعفرية, تح: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لأحياء التراث, قم, ايران, ط1, 1419ﻫ.
  • تشيع ومشروطة, عبد الهادي حائري, دار الأستقلال, قم, ايران, ط1, (ب ط و ت).
  • تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاخبار الشنيعة الموضوعة, علي بن محمد الكناني الشافعي, (ت963ﮪ), تح: عبدالله بن الصديق الغماري و عبد الوهاب عبد اللطيف, نشر: مكتبة القاهرة, القاهرة, مصر, ط1, (ب.ت).
  • الثورة العراقية الكبرى سنة 1920م , د عبد الله فياض , دار الملاك للطباعة والنشر, بيروت , لبنان , (ب ط و ت).
  • الجهاد, السيد محمد حسين فضل الله, (ت1431ﻫ), دار الملاك للطباعة والنشر, بيروت, لبنان, ط1, 1416ﮪ - 1996م.
  • الجهاد, الشيخ محمد مهدي الآصفي, (ت1437ﻫ), مركز أنتشارات دفتر تبليغات إسلامي, قم, ايران, ط1, 1421ق - 1379ش.
  • جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام, الشيخ محمد حسن النجفي, (ت 1266ﮪ), تح: عباس القوچاني, نشر: دار الكتب الإسلامية, طهران, ايران, ط3, 1362ﮪ.
  • حرية الأعتقاد في الإسلام ومعترضاتها، عدنان إبراهيم, (ب ط و ت).
  • دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر, حيدر حب الله, دار الفقه الإسلامي المعاصر, ط1, 1432ﻫ - 2011م.
  • دليل تحرير الوسيلة (ولاية الفقيه), الشيخ علي اكبر المازندراني, مؤسسة تنظيم ونشر أثار الإمام الخميني, ط1, 1417ﮪ - 1375ش.
  • الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية, الشيخ زين الدين العاملي, (ت965ﮪ), تح: محمد كلانتر, نشر: جامعة النجف الدينية, قم, ايران, ط1, 1387ﮪ - 1967م.
  • رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل, السيد علي بن محمد بن علي بن ابي المولى الطباطبائي, (ت1231ﮪ), تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامية التابعة لجماعة المدرسين, قم, ايران, ط1, 1415ﮪ . ق.
  • زند كاني آخوند خراساني, عبد الحسين مجيد كفائي, نشر: أستقلال, طهران, ايران, (ب . ط و ت).
  • سنن ابي داود, سليمان بن الاشعث السجستاني, (ت275ﮪ), تح: سيد محمد اللحام, دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع, ط1 ,1410ﻫ, 1990م.
  • سنن الترمذي, محمد بن عيسى الترمذي, (ت279ﮪ), تح: عبد الرحمن محمد عثمان, دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع, بيروت, لبنان, ط2, 1403ﮪ - 1983م.
  • سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم), السيد محمد حسين الطباطبائي, (ت1402ﻫ), مؤسسة النشر الإسلامية التابعة لجماعة المدرسين، قم, ايران, تح: محمد هادي الفقهي, (ب.ط), 1416ﻫ . ق.
  • سياحت شرق آغا نجفي قوجاني (ب . ط و ت).
  • شعراء الغري, علي الخاقاني, دار النجف الأشرف للطباعة والنشر, (ب ط و ت).
  • صحيح البخاري, إسماعيل بن ابراهيم البخاري, (ت256ﻫ), دار الفكر للطباعة والنشر, (ب.ط), 1401ﮪ - 1981م.
  • فتح الباري في شرح صحيح البخاري, شهاب الدين بن حجر العسقلاني, (ت852ﻫ), دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع, بيروت, لبنان, ط2, (ب.ت).
  • فقه الحرية, دراسة فقهية في الحرية وحدودها, محمد حسن قدردان قراملكي, تعريب: علي الموسوي, مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي - بيروت , ط1، 2008م.
  • فقه القرآن, الشيخ قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي, (ت573ﻫ), تح: أحمد الحسيني, نشر: مكتبة النجفي المرعشي, قم, ايران , ط2, 1405ﻫ .
  • كتاب الجهاد، الشيخ مرتضى مطهري، انتشارات اسلامي- قم ، ايران , 1362ش، (د.ط).
  • كتاب الطهارة, تقرير بحث السيد الخوئي, (ت1413ﻫ), تاليف علي الغروي التبريزي, منشورات مدرسة دار العلم, قم, ايران, ط3, 1410ﮪ.
  • كتاب العين, الخليل بن احمد الفراهيدي, (ت175ﻫ), تح: مهدي المخزومي و براهيم السامرائي, مؤسسة دار الهجرة, ط2, 1409ﮪ.
  • لسان العرب, جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الأفريقي المصري,(ت711ﻫ), 

    نشر: أدب الحوزة, قم, ايران, (ب.ط), 1405ﮪ - 1363ش.

  • لمحات اجتماعية من تاريخ العراق, د علي الوردي, دار الملاك, بيروت, لبنان, ط2, 

    (ب . ت).

  • مجلة لغة العرب, عدد: 7, 1912م.
  • مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام, الشيخ زين الدين بن علي العاملي الشهيد الثاني, (ت965ﮪ), تحقيق ونشر: مؤسسة المعارف الإسلامية, قم, ايران, ط1, 1416ﮪ . ق.
  • مستمسك العروة الوثقى, السيد محسن الحكيم, (ت1390ﻫ), منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي, قم, ايران, (ب.ط), 1404ﻫ.
  • المصلح المجاهد الشيخ محمد كاظم الخراساني, عبد الرحيم محمد علي, نشر: أستقلال, طهران, ايران, (ب . ط و ت).
  • مقدمات مشروطة , هاشم محيط يافي, نشر: استقلال, طهران, ايران, (ب ط و ت).
  • منشور جاويد، جعفر السبحاني، مؤسسة الإمام الصادق(ع) - قم، (د.ط و.ت).
  • منهاج الصالحين, السيد الخوئي, (ت1413ﻫ), نشر: مدينة العلم, مطبعة مهر, قم, ايران, ط28, 1410ﮪ.
  • الميزان في تفسير القرآن, العلامة محمد حسين الطباطبائي, (ت1402ﻫ), مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين, قم, أيران, (ب.ط و ت).
  • نهضة روحانيون ايران, علي دواني, نشر: أستقلال, طهران, ايران, (ب ط وت)
  • هجوم الروس بإيران واقدامات رؤساء دين حفظ ايران, نظام الدين زاده, (ب ط و ت).
  • هدية الرازي إلى المجدد الشيرازي آغا بزرك الطهراني, مؤسسة الوفاء, بيروت, لبنان, (ب ط و ت).
  • وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة, الحر العاملي, (ت1104ﻫ), تح: الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي, نشر: دار أحياء التراث العربي, بيروت , لبنان, ط5, 1403ﻫ .

 

 

([1]) لسان العرب, ابن منظور, 3 / 135.

 

 

([2]) الروضة البهية, الشهيد الثاني, 2 / 379, رياض المسائل, السيد علي الطباطبائي, 7 /441, جواهر الكلام, الشيخ محمد حسن النجفي, 21/3.

 

 

([3]) مسالك الأفهام, الشهيد الثاني, 3 / 7.

 

 

([4])المصدر نفسه, 3 / 7.

 

 

([5]) ينظر: دليل تحرير الوسيلة (ولاية الفقيه), الشيخ علي اكبر المازندراني, 113.

 

 

([6]) جواهر الكلام, الشيخ محمد حسن النجفي, 21 / 3.

 

 

([7]) سورة البقرة, آية: 116.

 

 

([8]) جواهر الكلام, الشيخ محمد حسن النجفي, 21 / 4.

 

 

([9]) المصدر نفسه, 21 / 46 - 47.

 

 

([10]) سورة الانفال, آية: 39.

 

 

([11]) سورة الحجرات, آية: 9.

 

 

([12]) ينظر: تذكرة الفقهاء, العلامة الحلي, 9 / 65 - 66.

 

 

([13]) سورة البقرة, آية: 190.

 

 

([14]) سورة التوبة, آية: 36.

 

 

([15]) سورة الممتحنة, آية: 8 - 9.

 

 

([16]) ينظر: الجهاد, السيد محمد حسين فضل الله, 206.

 

 

([17]) وسائل الشيعة, الحر العاملي, 11 / 43. 

 

 

 ([18]) سنن ابي داود, سليمان بن الاشعث السجستاني, 588 - 589.

 

 

([19]) وسائل الشيعة, الحر العاملي, 11 / 43 - 44.

 

 

([20]) ينظر: الجهاد, السيد محمد حسين فضل الله, 207.

 

 

([21]) مستمسك العروة الوثقى, السيد محسن الحكيم, 4 / 345.

 

 

([22]) سنن النبي, السيد محمد حسين الطباطبائي61, تفسير الميزان, السيد الطباطبائي, 6 / 278.

 

 

([23]) ينظر: منهاج الصالحين, السيد الخوئي, 1 / 369.

 

 

([24]) كتاب الطهارة, تقرير بحث السيد الخوئي, 9 / 448.

 

 

([25]) سورة التوبة, آية: 5.

 

 

([26]) سورة التوبة, آية: 29.

 

 

([27]) ينظر: أحكام القرآن, أحمد بن علي الرازي الجصاص , 3 / 90.

 

 

([28]) ينظر: بحار الأنوار, العلامة المجلسي, 21 / 168 - 169.

 

 

([29]) صحيح البخاري, البخاري, 1 / 11 - 12.

 

 

([30]) بحار الأنوار, العلامة المجلسي, 19 / 178.

 

 

([31]) سنن الترمذي, محمد بن عيسى الترمذي, 3 / 72.

 

 

([32]) (كان ابن خطل يكتب قدام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان إذا نزل غفور رحيم كتب رحيم غفور، وإذا نزل سميع عليم، كتب عليم سميع، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما: أعرض علي ما كنت أملي عليك ، فلما عرضه قال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما كذا أمليت عليك، غفور رحيم، ورحيم غفور، وسميع عليم، وعليم سميع، واحد, فقال ابن خطل: إن كان محمد نبيا فإني ما كنت أكتب له إلا ما أريد، ثم كفر ولحق بمكة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من قتل ابن خطل فله الجنة فقتل يوم فتح مكة وهو متعلق بأستار الكعبة), تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاخبار الشنيعة الموضوعة, علي بن محمد الكناني الشافعي , 2 / 4.

 

 

([33]) ينظر: صحيح البخاري, البخاري , 5 / 92.

 

 

([34]) سورة التوبة, آية: 6 - 7 - 8.

 

 

([35]) ينظر: الجهاد, السيد محمد حسين فضل الله, 212 - 213.

 

 

([36]) ينظر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري, شهاب الدين بن حجر العسقلاني, 1 / 71.

 

 

([37]) ينظر: وسائل الشيعة, الحر العاملي, 11 / 43.

 

 

([38]) ينظر: الجهاد, السيد محمد حسين فضل الله, 212.

 

 

([39]) ينظر: لسان العرب, ابن منظور, 3 / 31.

 

 

([40]) ينظر: المصدر نفسه, 3 / 32.

 

 

([41]) جواهر الكلام, الشيخ محمد حسن النجفي, 21 / 75.

 

 

([42]) ينظر: الجهاد, السيد محمد حسين فضل الله, 216.

 

 

([43]) ينظر: كتاب العين, الخليل, 4 / 169.

 

 

([44]) سورة البلد, آية: 1 - 2.

 

 

([45]) فقه القرآن, قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي, 1 / 325.

 

 

([46]) ينظر: فقه الحرية, محمد حسن قدردان قراملكي,  124-127.

 

 

([47]) ينظر: الجهاد، الشيخ محمد مهدي الآصفي, 69-70.

 

 

([48]) المصدر نفسه, 70-71.

 

 

([49]) ينظر: حرية الأعتقاد في الإسلام ومعترضاتها، عدنان إبراهيم, 358.

 

 

([50]) كتاب الجهاد، السيد محمد حسين فضل الله, 81-82.

 

 

([51]) ينظر: دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر, حيدر حب الله, 116-117.

 

 

([52]) ينظر: المصدر نفسه, 117-118.

 

 

([53]) ينظر: فقه الحرية، محمد حسن قدردان قراملكي, 128.

 

 

([54]) الجهاد، الشيخ مرتضى مطهري, 50-51.

 

 

([55]) منشور جاويد، سبحاني, 3/17.

 

[56])) ينظر : هدية الرازي إلى المجدد الشيرازي, آغا بزرك الطهراني, 153.

 

[57])) ينظر : تشيع ومشروطة, عبد الهادي حائري, 103.

 

[58])) ينظر : مقدمات مشروطة, هاشم محيط يافي, 72.

 

[59])) تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 /68.

 

[60])) ينظر : تاريخ العراق السياسي, حسن شبر, 2 / 68.

 

[61])) ينظر : التاريخ السياسي لايران, جلال الدين مدني, 1 /56.

 

[62])) ينظر : المصدر نفسه, 57.

 

[63])) ينظر : تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 / 71.

 

[64])) ينظر : شعراء الغري, علي الخاقاني, 10 / 85.     

 

[65]))  لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث,  د علي الوردي, 3 / 112.

 

[66])) تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 / 74.

 

[67])) تاريخ مشروطة ايران, أحمد كسروي, 293 – 294.

 

[68])) زند كاني آخوند خراساني, عبد الحسين مجيد كفائي, 176 – 178.

 

[69])) ينظر : تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 / 89.

 

[70])) المصدر نفسه, 2 / 92.

 

[71])) ينظر : نهضة روحانيون ايران, علي دواني, 173.

 

[72])) تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 / 90 – 91.

 

[73])) ينظر : سياحت شرق, آغا نجفي قوجاني, 468.

 

[74])) ينظر : زند كاني آخوند خراساني, عبد الحسين مجيد كفائي, 184 – 185.

 

[75])) ينظر : تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2  / 98.

 

[76])) سورة التوبة, آية: 41.

 

[77])) المصلح المجاهد الشيخ محمد كاظم الخراساني, عبد الرحيم محمد علي, 184 – 185.

 

[78])) ينظر : الثورة العراقية الكبرى سنة 1920م, د عبد الله فياض,  27 – 28 .

 

[79])) ينظر : تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 /111.

 

[80])) شعراء الغري, علي الخاقاني, 1 /430.

 

[81]))  الثورة العراقية الكبرى سنة 1920م, د عبدالله فياض, 28 – 29 .

 

[82])) ينظر : المصدر نفسه, 26 – 27.

 

[83])ينظر : الثورة العراقية الكبرى سنة 1920م, د عبدالله فياض, 26 .

 

[84])) هجوم الروس بإيران واقدامات رؤساء دين حفظ ايران, نظام الدين زاده, 221.

 

[85]))  الثورة العراقية الكبرى,  د عبدالله فياض, 117 – 118.

 

[86])) مجلة لغة العرب, عدد: 7, 1912م.

 

[87])) زندكاني آخوند خراساني, عبد الحسين مجيد كفائي, 257.

 

[88]))  لمحات اجتماعية من تاريخ العراق, د علي الوردي,  4 /127.

 

[89])) ينظر: المصدر نفسه, 128.

 

[90])) ينظر : تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 /149.

 

[91])) ينظر : أعيان الشيعة, محسن الأمين, 10 /157.

 

[92])) ينظر: تاريخ العراق السياسي المعاصر, حسن شبر, 2 /149 – 150.