دور المرجعية في بناء الدولة العراقية الجديدة

 

م. د . خمائل شاكر الجمالي

جامعة بغداد / مركز إحياء التراث العلمي العربي

مقدمة :

   يشكلّ الدين الإسلامي بكلّ أنّظمته وتشريعاته ، ثروة هائلة وغنية بالمضامين التي تسهم في رقي الأنسان مادة وروحاً ، ولكنّ هذه الثروة المتميزة ، تحتاج باستمرار لمواكبة العصر ومستجداته ، والإجابة على أسئلة الراهن وتطوراته ، إلى إعمال العقل واستفراغ الجهد الفكري والمعرفي ، لتظهر هذه الكنوز المعرفية والروحية والأخلاقية .

  وتمثل هذه الكنوز ؛ بالمرجعية الدينية التي أرتقت بالمؤمن فكراً ومنهجاً وسلوكاً إلى مستوى الشعور بالتوازن في الشخصية ، والاستقامة في الاعتقاد ، والأنّسجام مع البيئة التي تحيط به ، فأصبحت بذلك نموذجاً للأنّسأنّية بفضل المنهج الإلهي الكريم الذي استطاع أنّ يربي أجيالاً منذ عهد النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، وإلى يومنا هذا المنهج كفل للمجتمع طريقاً وسلاحاً لمواجهة التحديات والعقبات ، وحصّنه حيال ما يسعى إلى أنّتزاع أنّتمائه وثقافته وهويته ، إذ أنّ الاحتفاظ بالثقافة وهويتها الإسلامية والاعتزاز بأصالتها  لا تعني الأنّغلاق والأنّطواء على الذات ، بل لابُد من الأنّفتاح على الثقافات الأُخر ، والتربيات المعاصرة ، مع إخضاع كلّ ما تأخذه من تعاليم الإسلام ونظرته الشمولية للحياة .

 المبحث الأول

 أولاً : نبذة عن المرجعية الدينية

    المرجعية الدينية هي منصب ديني يرجع إليه الناس لمعرفة الأحكام الشرعية والحوادث المستجدة ، ويعتقد الشيعة أنّ المرجعية ثبتت بالدليل الشرعي ، اما في من يتصدى لها فقد ترك المجال لكلّ من تنطبق عليه شروط أهمها العلمية والتقوى ، وبهذا يتصدى لمنصب المرجعية في كلّ مرحلة مجموعة من العلماء ، ويبقى لكلّ واحد منهم اجتهاده وطريقته في التصدي ، وينفرد من بينهم ايضاً مرجع يسمى (المرجع الاعلى ) الذي تناط به المسؤوليات الكبرى مثل رعاية الناس والعلم وغيره .([1])

   ولقدّ قطعت المرجعية ومعها مؤسستها الأولى (الحوزة العلمية) شوطاً بعيداً عبر أكثر من عشرة قرون اي من بعد غيبة بعد الأمام الحجة ( عجل الله تعالى فرجه الشريف) عام 329 ﻫـ والى يومنا هذا ، اثبتت عن  طريق هذه التجربة الطويلة والصعبة ـ في ظل حكام ظالمين ـ قدرتها على بناء مجتمع اتباع اهل البيت (عليهم السلام)(  والمحافظة على عقائدهم وولاءاتهم ، محققةً أنّجازاتٍ كبيرةً وحيويةً عبر التاريخ، وقد نجد المرجعية الدينية كمؤسسة ـ من الناحية الواقعية العملية افضل مؤسسة تمكنت أنّ تقدّم خدمات كبرى إلى الإسلام والمسلمين بصورة عامة ، وإلى جماعة أهل البيت )عليهم السلام) ( بصورة خاصة ، فلقد تمكنت على مر الدهور من:

1- أنّ تحافظ على الإسلام الأصيل النقي في عقائده وقيمه ومفاهيمه ومنابعه الاصيلة ، وذلك عن طريق الاعتماد والاخذ من القرأنّ الكريم واهل البيت (عليهم السلام).

 2- وفي الوقت نفسه استمرت في ابقائها باب الاجتهاد المضبوط (هو الاجتهاد الصحيح الذي يكون طبق القواعد والضوابط الأصولية المستنبطة من الكتاب الكريم والسنة النبوية ، في مقابل الاجتهاد بالرأي الذي يعتمد الظنون والاستحسان) مفتوحاً، لتواصل هذه الحركة العلمية العظيمة وهذا الإنجاز الكبير في المعرفة على قدرتها في معالجة المستجدات في الحياة الإنسانية في ضوء الحكم الشرعي والنصوص القرآنية والسنة النبوية .

3- استطاعت المرجعية الدينية أنّ تحافظ على وجود الجماعة الصالحة وحيويتها التي كأنّت وما زالت تتحمل المسؤوليات العظمى في التاريخ الإسلامي، بل قامت المرجعية الدينية بتنمية هذه الجماعة وتطويرها والوصول بها إلى هذا المستوى الراقي في الكم والكيف ؛ حتى اصبحت الجماعة الأولى في العالم الإسلامي والمتميزة بين الجماعات التي تتحمل المسؤوليات العظام في هذا العصر.

 4- وإلى جانب ذلك كلّه تمكنت هذه المرجعية ومؤسساتها من المحافظة على معالم الثقافة الإسلامية الأصيلة ليس على المستوى النظري وفهم هذه الثقافة فحسب ، بل على المستوى التطبيقي والعملي ، وبقاء هذه الثقافة حيّة وفاعلة في اوساط الأمة، ولاسيما جماعة أهل البيت )عليهم السلام( ، هذه الثقافة المعروفة بثقافة أهل البيت )عليهم السلام ) أو الثقافة  الشيعية ، وكأنّت المحافظة على هذه الثقافة ـ نظرياً وعملياً ـ من أهم الإنجازات العظيمة للمرجعية ، إذ يتبين ذلك من ملاحظاتنا لعالم هذه الثقافة .

 5- مضافاً إلى ذلك كلّه ، الأنّجاز الذي قامت به المرجعية الدينية الصالحة في المحافظة على مجموع ثقافة أهل البيت (عليهم السلام ( بتفاصيلها العقائدية والاخلاقية ، والشرعية ، والتاريخية ، والتي تمثل أنّجازاً عظيماً آخر يمكن أنّ تضيفه إلى الإنجازات  الكبرى للمرجعية. ([2])

   وعن طريق هذه الإنجازات الكبيرة والعظيمة التي حققتها المرجعية ومؤسساتها رغم قساوة الظروف التاريخية التي مرت بها وصعوبتها إذ يتضح بشكلّ جلي دور المرجعية ومؤسساتها في بناء المجتمع الإسلامي .

 ثأنّياً : أهمية المرجعية الدينية

   أنّ للمرجعية الدينية إطاراً نظرياً وعملياً ، ولو أتيحت الفرصة لتطبيق هذا الإطار على الواقع لأمكننا معرفة النتائج ، ومن هنا تظهر أهمية هذا البحث ، الذي سيظهر الصراع بين التقدم العربي والغربي ، ولاسيما البلاد التي كأنّت مسرحاً تطبيقياً للتقدم الغربي ، ويمر العالم الإسلامي اليوم بأزمة خطرة في نواحي الحياة كافة ، فالأمة الإسلامية تستيقظ بعد أمد طويل من سبات عميق ، وتنظر من حولها تجد أمم العالم قد سبقتها في ميادين شتى ، وهي مازالت تحاول أنّ تلتمس هويتها ، وتكشف عن نفسها ، وتتعرف الطريق الذي يضمن القدرة على مواجهة التحديات .

  لقّد كأنّ لها الاثر البالغ في حركة الأمة ، ولو رجعنا إلى ما حفظته المرجعية الدينية خلال حركتها ( القرآن، السنة، العلوم الاسلامية ، وعي المسلمين ، حياتهم ، حركتهم ) ؛ نجد أنّ كلّ إركان البناء الاجتماعي مطوية هذه في الأمور، وبالنتيجة تكون المرجعية الدينية اساساً مهماً وحيوياً في البناء الاجتماعي الإسلامي.

ومن الطبيعي أنّ الحفظ هنا يعني .

 أولاً : إبعاد كلّ ما هو غريب أو دخيل ، فضلاً عن حفظه من النقص.

 ثأنّياً: ايصاله إلى الأمة وتعليمها وربطها بعقيدتها وخصوصياتها المذهبية ورفع مستوى وعيها ، لتتمكن من البقاء والثبات ، واّلا كيف توسعت وقويت هذه الجماعة التي كأنّت محاصرة؟! ([3])

  وبعد ما تقدم نخلص إلى كون مسؤولية المرجعية الدينية ؛ هي مسؤولية واحدة  ، وأنّ كأنّت هذه المهمة تقوم بها بصورة عملية المرجعية الدينية ، وتلك تقوم بها المرجعية فإنما ذلك يعود إلى سلم الدرجات العلمية والقيادية الذي تستتبعه المسؤوليات سعة أو ضيقاً ولاشك ، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار  من النواحي: العلمية ـ من حيث التدريس، والمنهج ، والمدارس ـ والمعيشية نسبياً والتربوية والادارية ، فالمرجعية تمثل القيادة الشرعية للمسلمين عموماً بما فيهم الحوزة العلمية ، والحوزة العلمية هي المؤسسة الإسلامية الأكثر قرباً والتصاقاً بالمرجعية.

  ثالثاً :  دور المرجعية

   تمثل مرجعية النجف الاشرف المرجعية الأولى في المجتمع الشيعي لذلك يمتد مقلدوها في بقاع مختلفة من العالم ، ويرجعون إليها في استيضاح مستجدات المسائل الشرعية ، ويتواصلون معها عن طريق حلقة الوكلّاء الذين ينوبون عنها في المناطق التي يسكن فيها اتباعهم.  ([4])

  ويتضح لنا دور المرجعية المهم  والبارز ؛ والتي تتضح المسؤوليات المناطة بالمرجعية ، إذ تبين أنّها امتداد للإمامة التي هي امتداد للنبوة ، وقدّ اشار القرآن الكريم إلى مسؤولية الأنّبياء والرسل ، وبذلك تكون مسؤولية المرجعية هي ذات المسؤولية التي تحملّها الأنّبياء ، وهي الافتاء ، والقضاء، والولاية ، وهي مبينة بالإفتاء بمعناه الواسع يشمل : بيان الشريعة  الإسلامية  وإبلاغها بأحكامها ، ومفاهيمها ، وعقائدها ، ونظرتها إلى الكون والحياة والتاريخ والسنن والاخلاق ، واستيعاب وابلاغ الرسالات الالهية ، وتلاوة آيات الله والمحافظة عليها ، وهداية الناس إلى الحق والهدى  والصلاح  والعقيدة  السليمة ، واخراج الناس من الظلمات إلى النور.

   ولو راجعنا الأركان الستة المتقدمة لبناء الجماعة الصالحة لوجدناها موجودة بأجمعها في قائمة المسؤوليات التي تتحملها المرجعية ، فمنها ما هو مذكور بلفظه كالعقيدة والاخلاق والتاريخ ، ومنها ما ينطوي تحت الهداية والاصلاح والابلاغ وبيان الاحكام والمفاهيم الاسلامية ؛ الأمر الذي يجعل المرجعية هي الركن الأساس في كلّ عملية البناء الاجتماعي ، اذ بدونها لا يمكن أنّ تأخذ الأركان الاخرى اثرها في الأمة ، بل أنّ هذه الأركان تعتمد اعتماداً رئيساً على المرجعية ، من حيث بيان حقيقة هذا الركن أو ذاك أو من حيث إيصاله إلى الأمة سليماً صحيحاً، أو من حيث المحافظة عليه. ([5])

المبحث الثأنّي

أولاً : دور المرجعية في بناء الدولة العراقية الجديدة 

 لا يقتصر اهتمام المرجعية الدينية على نشر مباني الفقه وأصوله وتوضيحها ، ولَم يقف المرجع الديني عند حدود الافتاء، بل كأنّ طيلة حياته مطلعاً عارفاً بأحوال المجتمع بشتى مشاربه و قومياته ومذاهبه ، وتعدى إلى اكثر من ذلك في الاهتمام ورعاية خصوصيات الأقليات والقوميات الاخرى. ([6])

  فنرى اهتمام المرجعية الدينية الواضح في رعاية المجتمع العراقي ، وتوجيهه توجيهاً سليماً نحو واجباته تجاه دينه ووطنه ، وبناء الدولة ، أو حقوقه التي نصّ عليها الدستور والقوانّين الشرعية ، وبات من المسلمات أنّ يكون للمرجعية الدينية دور رئيس وأساسي في صيانة المجتمع ،  وبناء الدولة  ، والحفاظ على وحدته، وتمتين العلاقة والروابط بين افراده ، فلم يقتصر الدور العلمائي على الفقه والعلوم الدينية فقط ، بقدر ما كأنّ دوراً شاملاً بكلّ نواحي الحياة ، والدليل على ذلك نجده في التقسيم الواضح في الرسائل العملية من (عبادات ومعاملات) في معالجة  الأمور الدينية  والدنيوية  لديمومة بناء  المجتمع  الإسلامي ، وبناء الدولة ، وذلك عن طريق جملة من الأمور منها :

1- حفظ دماء العراقيين

  أولوية عملت عليها المرجعية الدينية ، وقد تتبع العراقيون والمراقبون أحداثاً عصفت بالعراق بدأت من عملية احتلاله ودخول القوات الأجنبية إلى يوم ما رافقه من تشكيل الحكومة المؤقتة وإعداد الدستور الى ممارسة الضغط على الجماهير لمنع الفتن الطائفية لاسيما بعد تفجير مرقد العسكريين في سامراء ، يؤكد على الحرص الشديد لدماء ابناء العراق ومحاولة الابتعاد عن ما يؤدي الى اراقة قطرة دم واحدة . ([7])

وقد وجهت المرجعية الدينية رسالة الى الشعب العراقي عام 2003م جاء فيها        (( العراق ككثير من البلاد ـ قد جمع طوائف مختلفة في الدين ، والمذهب ، والقوميات وغير ذلك من الانتماءات . وهذا أمر واقع فرض نفسه علينا يجب الاعتراف به ، والتعايش معه بالحكمة وحسن التصرف ، بنحو يجنب الجميع المشاكلّ والمضاعفات الخطيرة التي تفرزها الخلافات والمشاحنات )) . ([8])

ومهما بلغ الخلاف بين الفئات والطوائف المذكورة شدّةً وحدّة فليس من الحكمة إلغاء بعضها لبعض وتجاهلها ، والتعدّي عليها وهضم حقها ، لأنّ ذلك يؤدي الى :

 ظلم للحقيقة .   أولاً :

  ثأنّياً :  سبب لتعصب الطرف الّذين يُتَجاهل ـ مهما كأنّ ضعيفاً ـ لواقعه، وتمسّكه به، والاستجابة لدعوات التطرُّف، بنحو يزيد من شقّة الخلاف، ويمنع من فرص التلاقي والتقارب والحوار.

 ثالثا:  يؤدّي إلى تأجج العواطف ، واستحكام العداء والحقد، بنحو قد ينفجر عن صراع دموي، وفتنة عارمة تضر بالجميع ، وتدمر البلد وتفتت وحدته .

رابعاً : يكون ثغرة ينفذ منها الأعداء الذي يتربصون بنا الدوائر، والنفعيون الذي يعيشون في المستنقعات ، ويتصيدون في الماء العكر. وكفى بتجربة الماضي القريب وما جرت على هذا البلد من مآس ودمار عبرة يستفيد منها اهله في تنظيم أمورهم وتصحيح أوضاعهم .

  بل اللازم على أهل البلد الواحد بناء البلد من جديد ، والاعتراف بواقعهم الذي يعيشونه ، والتكيّف معه بالاحترام المتبادل بين الجميع ، وحسن المخالطة والمعاشرة ، وإعطاء كلّ ذي حق حقه ،  ومراعاة شعوره ، ويعبرون عن مشاعرهم الجياشة تجاه ما تعرض له  ، وتجنب الاحتكاك المثير للعواطف ، والجارح للشعور  .([9])

2- الحث على التعايش

   يتضح جيداً عن طريق مناسبات أو لقاءات متعددة مع المكونات المختلفة من أبناء الشعب العراقي على اهتمام المرجعية الدينية بمسألة التعايش بين أبناء الوطن الواحد . وعوداً على التغيير بعد عام 2003م ، وهذا مما فرض على المرجعية الدينية مسؤوليات كبيرة منها مراقبة العملية السياسية و العمل على رعاية النسيج العراقي ، وهذا ما تطلب توازناً كبيراً في النظر إلى ذلك ، إذ أنّ المسؤولية تحولت إلى قضية قلق من ردة الفعل الانتقامية ، والحذر من استغلال صمت الأكثرية وصبرهم ، فتحملت المرجعية ثقل المسؤولية وبدأت بتوجيه التوصيات المستمرة لرعاية العملية الديمقراطية التي ترعى جميع المكونات ، بدءاً من إقامة دولة مدنية تحفظ فيها الحقوق عن طريق الصندوق الانتخابي إلى عملية المحافظة على القرار المشترك وعدم تهميش احد . ([10])

3- بناء الأسرة

 المرجعية الدينية وخلال خطب صلاة الجمعة ، تركز ، وباهتمام لافت، على الأسرة، وتحذر من التفكك الواضح في المجتمع العراقي من جهة ، وإلى الحث على البناء الاسري الصحيح من جهة اخرى، خصوصاً وأنّ الأسرة تمثل نواة المجتمع وقلبه النابض ، وتساعد على بناء البلد ؛ إذ تشير المرجعية الدينية إلى أنّ المجتمع يعاني من أزمة خطيرة ؛ إلا وهي التفكك الأسري ، إذ أنّ العراق يعدّ من الدول التي تتميز بروابط أسرية وعشائرية واجتماعية قوية ومميزة ، وتدعم الروابط سواء بين العائلة نفسها ، أو بين الجيران ، وبين العشيرة وبين عموم أبناء المجتمع الواحد، ولكن رغم هذا الارث الكبير، الا أنّ هناك حالة من التفكك الاسري نشهدها في المجتمع ، وهنا لا بد من تحمل الجميع لمسؤوليته تجاه هذه الظاهرة الخطيرة ، والوقوف عند أسبابها ، والعوامل المسببة لهذا التفكك، وإيجاد الحلول الناجعة لهذه الظاهرة الخطيرة. ([11])

  المرجعية الدينية لفتت الانتباه الى هذه الظاهرة الخطيرة والتي أخذت بالتمدد، وبدأت تهدد كيأنّ المجتمع عموماً، وحملّت الجميع مسؤولية رعاية الاسرة والاهتمام بها، عبر تشريع القوانّين التي تكفل وتحمي  الاسرة من الضياع ، كما ينبغي على الآباء أنّ يتحملوا مسؤوليتهم الشرعية في بناء الاسرة بناءً صحيحاً ، وديمومة رعايتها والاهتمام بها ومراقبة ومتابعة الأسرة من قبل الآباء، وحمايتها من التفكك              والانحراف. ([12])

  وأنّ الإسراع في ضبط إيقاع الاسرة وحركتها ، والحفاظ على الموروث من التقاليد والعادات الأصيلة ، وزرع هذه العادات في الأبناء ، وينبغي أنّ تضع الدولة استراتيجية واضحة لتنمية الأسرة ، وذلك عن طريق  توفير الظروف المادية والمعنوية والتي تكمن في سياسة تعليمية وتربوية ملائمة للمبادئ والثوابت الوطنية، وأنّ تسعى الأسرة الى رسم خطة تربوية ملائمة لأبنائها ، بداية من تنظيم عملية الأنّجاب ، والتحضير المادي والمعنوي للأفراد ، وتربيتهم بطريقة تمكنهم من التأقلم مع الأحوال الإيجابية والسلبية ، حتى يتمكنوا من  أنّ يكونوا أشخاصاً قادرين على بناء البلد الجديد .

 

الخاتمة :

  أنّ للمرجعية الدينية عظيم العطاء على الأمة الإسلامية بصورة عامة ، والعراق بصورة خاصة ، ومهما تقادم الزمن على هذه الثروة الدينية ؛ فأنّ عطاياها تكاد لا تنتهي ، لأنّها كأنّت ولا تزال منبعاً لنشر الوعي واستنهاض الأمة عبر العصور.  وأنّ مستقبل المرجعية الدينية  مرهون بقدرتها على شحن الذخيرة المعنوية لهوية الأنسان المسلم ، وتقويم قدرات هذه الهوية لمنع استلابها من قبل الهوية الأممية للعولمة . وأنّ حجم الآمال المعقودة بالمرجعية الدينية  في المساهمة في صيانة الهوية الإسلاميّة ،  وبناء الدولة الجديدة حرجة وملحّة لدرجة تتطلّب سرعة استغلال جميع قدرات الجيل الحاضر ، وطاقاته العلمية والفنية والمالية ؛ لرسم هيئة الدولة العراقية الجديدة  القادر على الإبحار بالجيل الحاضر في عباب بحر التحدّيات الضاغطة والمهدّدة لهويتنا الإسلاميّة  وعن طريق المرجعية الدينية  يمكننا الحفاظ على الهوية الإسلامية ، وتعزيز الوعي الاجتماعي العراقي في ابناء الدولة العراقية الجديدة .

 

 

 

 

المصادر

1- الحاج ، محمد علي . الموسوعة الكبرى للمذاهب والفرق ، الطبعة الأولى ، مركز الشرق الأوسط الثقافي للطباعة ، د . ت ، 2008 .

2-الحسني ،  احمد عبد الرضا . جدلية المحافظة والتجديد في المجتمع الديني ( النجف أنّموذجاً  ) ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلّية الآداب ، جامعة بغداد ، 2011.

3-دور الأئمة في الحياة الإسلامية . دار أنّوار الهدى ، ط 1 ، 1426 .

4-ديل كار نيجي ، فن الخطابة ، ترجمة بهاء الدين خطاب ، الأهلية للتوزيع والنشر ، الأردن ، 2006 .

  5-سلام ، عاطف . الوحدة العقائدية عند الشيعة والسنة ، دار البلاغة ، مكتبة الروضة الحسينية المقدسة كربلاء ، 1426 ه .

6- الشيخ اليعقوبي ، خطاب المرحلة ، 2003 .

 7- الصفار ، حسن موسى . صلاة الجمعة ، بحث فقعي اجتماعي ، دار المحجة البيضاء ، بيروت ، ط1 ، 2009 .

  8- الصفار ، موسى . خطاب التنمية  والإصلاح ، الطبعة الأولى ، دار المحجة    البيضاء ، بيروت ، لبنان ، 2011 . 

9-المدرسي ، قيم التقدم في المجتمع الإسلامي ، دار محبي الحسين (عليه السلام) ، 2003 . 

  10- مركز المهدي(عج ) للدراسات الإسلامية . فقه العائلة ، 2001 .

   11-اليعقوبي ، محمد حسن . الحوزة وقضايا الشباب ، مركز المهدي ( عليه السلام ) للدراسات الإسلامية ، 1426 ه .

 

 

[1] . الصفار ، موسى . خطاب التنمية  والإصلاح ، الطبعة الأولى ، دار المحجة البيضاء ، بيروت ، لبنأنّ ، 2011 ، ص 53 – 54 . 

 

[2] . دور الأئمة في الحياة الإسلامية . دار أنّوار الهدى ، ط 1 ، 1426 ه ، ص 77- 79 .

 

[3] . ديل كار نيجي ، فن الخطابة ، ترجمة بهاء الدين خطاب ، الأهلية للتوزيع والنشر ، الأردن ، 2006 ، ص 176 . 

 

[4] . المدرسي ، قيم التقدم في المجتمع الإسلامي ، دار محبي الحسين (عليه السلام) ، 2003 ، ص  47 . 

 

[5] . الصفار ، حسن موسى . صلاة الجمعة ، بحث فقهي اجتماعي ، دار المحجة البيضاء ، بيروت ، ط1 ، 2009 . ص 19- 20 .

 

[6] . اليعقوبي ، محمد حسن . الحوزة وقضايا الشباب ، مركز المهدي ( عليه السلام ) للدراسات الإسلامية ، 1426 ه ، ص 132 .

 

[7] . سلام ، عاطف . الوحدة العقائدية عند الشيعة والسنة ، دار البلاغة ، مكتبة الروضة الحسينية المقدسة كربلاء ، 1426 ه ، ص 84.

 

[8] . سلام ، المصدر السابق ، ص 94 .

 

[9] . الحسني ،  احمد عبد الرضا . جدلية المحافظة والتجديد في المجتمع الديني ( النجف أنّموذجاً  ) ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 2011، ص 143 .

 

[10] . الشيخ اليعقوبي ، خطاب المرحلة ، 2003 ، ص 98.

 

[11] . مركز المهدي(عج ) للدراسات الإسلامية . فقه العائلة ، 2001 . ص 143 .

 

[12] . الحاج ، محمد علي . الموسوعة الكبرى للمذاهب والفرق ، الطبعة الأولى ، مركز الشرق الأوسط الثقافي للطباعة ، د . ت ، 2008 ، ص 65- 66.