تحديات الغزو الثقافي على المجتمعات العربية (الاثار-اليات المواجهة)

م.د. حسين عبدالحسن مويح اللامي

كلية العلـــــوم السياسية /جامعــــــــة ميسان

 الملخص :

        إن أهم ما يميز القرن الواحد والعشرين هو تزايد الهيمنة الثقافية الغربية وما تشكله من إرهاب ثقافي حضاري يتعارض مع طبيعة الإنسان. ان ظاهرة الغزو الثقافي هي احد ظواهر العصر الحديث التي باتتت تهدد دول العالم الثالث وخصوصا الدول العربية والاسلامية. فثقافة الهيمنة تسعى إلى تفكيك المجتمعات العربية عن طريق تمزيق الهوية الثقافية الوطنية وتقويض منظومة القيم والاخلاق.  ذلك ان تفكيك الفرد من أسرته وأمته ومن بيئته باسم الفرد مرة، والحرية الشخصية مرة ثانية، والحداثة والتطوير مرة ثالثة، وتحرير المرأة مرة رابعة، وأخيراً باسم تحرير الشعوب. وهذا كله يُصور لنا على انه نتاج حضارة إنسانية عامة يلتزم الجميع بها باعتبارها استجابة لنوازع طبيعية في الإنسان. ومن ثم فان انتشارها حتمي ولابد من الخضوع لها.

ولغرض مواجهة والحد من اثار تلك الظاهرة اصبح  الزاماً على المجتمعات العربية الاهتمام بتطوير المناهج التعليمية والاهتمام بتعزيز الوعي الثقافي والفكري المجسد للهوية الثقافية العربية بما يتلائم مع خصوصياتها والاستفادة من وسائل التطور العلمي والتكنولوجي خصوصاً في وسائل الاعلام بغية التواصل  وعدم الانغلاق مع المجتمعات الاخرى.

Abstract :

The most important characteristic of the twenty-first century is the rise of Western cultural hegemony of Cultural terrorism is incompatible with human nature. The phenomenon of cultural invasion is one of the phenomena of the modern era, which has become a threat to third world countries, especially Arab and Islamic countries. The culture of hegemony seeks to dismantle Arab societies by disrupting the national cultural identity and undermining the system of values and morals.

In order to confront and limit the repercussions of this phenomenon, it has become a necessity for Arab societies, attention to the cultural and intellectual production embodied in the national cultural identity and a review of educational programs by taking advantage of scientific and technological development in the world.


المقدمة:

        يعتبر الغزو الثقافي من اخطر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية والاسلامية في الوقت الراهن, ويصنفه بعض المختصين بأنه أكثر خطورة من التحدي السياسي والتحدي الاقتصادي, وذلك لما له من علاقة وطيدة تنسحب على المجتمع ذاته، وعلى أهم مكنوناته الاجتماعية، فالثقافة والفكر هما حجر الأساس الذي تقوم عليه كل المجتمعات والشعوب.

      هذه الدراسة تتألف من مبحثين, المبحث الاول يتناول اثار الغزو الثقافي على المجتمع العربي وفيه مطلبين, المطلب الاول يناقش إشاعة النموذج الثقافي الغربي, والمطلب الثاني يوضح مسالة ازمة الهوية الثقافية العربية. اما المبحث الثاني مخصص لاليات مواجهة الغزو الثقافي , وفيه مطلبين ايضاً ,المطلب الاول يتناول  تطوير المناهج التعليمية في العالم العربي, والمطلب الثاني يناقش تعزيز الوعي الثقافي والفكري المجسد للهوية الثقافية العربية.

اهمية الدراسة :

    تنطلق اهمية الدراسة في معرفة اهم اثار الغزو الثقافي الغربي على المجتمعات العربية خصوصاُ فيما يتعلق بالهوية الثقافية الوطنية والمنظومة الاخلاقية للمجتمع . ايضا تبرز اهمية الدراسة في  معرفة اهم الطرق والوسائل للحد من ظاهرة الغزو الثقافي.

مشكلة الدراسة:

تعتبر ظاهرة الغزو الثقافي من ابرز التحديات التي واجهتها المجتمعات العربية خصوصاً في القرن الواحد والعشرون, حيث كان لها تاثير سلبي بشكل عام على الهوية الثقافية الوطنية فظلاُ على المنظومة الاخلاقية للمجتمع العربي. ومن المفترض ولغرض  الحد من تداعيات تلك الظاهرة لابد من اتباع عدة طرق ووسائل لمواجهتها. لذلك هذه الدراسة تحاول الاجابة على الاسئلة التالية:

ما اثر تداعيات الغزو الثقافي على المجتمعات العربية؟

ماهي اهم طرق مواجهة الغزو الثقافي؟

منهجية الدراسة :

    استندت الدراسة في إعدادها وكتابتها على منهج التحليل والاستنتاج القائم على جمع المعلومات وتبويبها وتحليلها، ثم استنتاج أهم الأفكار منها.

المبحث الاول: اثار الغزو الثقافي على المجتمعات العربية :

        واجهت المجتمعات العربية والاسلامية تحديات ثقافية وفكرية عديدة بفعل ظاهرة الغزو الثقافي خصوصاً في بداية القرن الواحد والعشرون من ناحية إشاعة النموذج الثقافي الغربي وتحدي الهوية الثقافية العربية, مما ترك  اثراً سلبياً على سلوك افراد المجتمع العربي.

المطلب الاول: إشاعة النموذج الثقافي الغربي :

    قد لا يختلف اثنان على ان لكل امة من الأمم منظومتها القيمية المشتملة على العقائد ومجموعة القواعد العامة التي تشكل أساس نظامها العام. وتحرص كل امة على حماية هذه القيم وإحاطتها بأسباب الحياة لتمكين أجيالها المتعاقبة، من خلال مؤسساتها التربوية والتعليمية ومنظومتها الثقافية، ابتداءً من الأسرة، من الحصول على الزاد الأساسي من تلك القيم([1]).

      وتسعى العولمة، من خلال استخدامها للتقنية المتطورة في وسائل الاتصال والتواصل،إلى إشاعة ثقافة عالمية واحدة، غربية النمط، بغية التحكم والسيطرة على سلوكيات الإفراد والمجتمعات. فالنظام الثقافي الجديد أصبح نظام الصوت والصورة. وتجري محاولات عديدة من خلاله لتسويق القيم الغربية، عن طريق التكنولوجيا الحديثة والوسائل الالكترونية التي تحول العالم كله إلى موقع واحد عديم الحواجز والقيود([2]).

       ولعل من ابرز وسائل التأثير على الصعيد الثقافي والفكري وأكثرها وضوحاً القنوات الفضائية والمؤسسات التعليمية الأجنبية وأنشطة السياحة والسفر. فالقنوات الفضائية، وما تبثه من برامج ثقافية وترفيهية جذابة، تنطوي على القيم التي يراد بها التأثير في الشباب واقناعهم بسمو هذه القيم. ومن جانب آخر،هناك المؤسسات التعليمية التي تقوم بالتبشير والتأثير في المنهج الفكري والعقائدي، من خلال المواد الدراسية. فالمنح المجانية، في كثير من الأحيان، والتسهيلات الدراسية التي توفرها بعض الجامعات والمدارس الأجنبية ما هي إلا وسائل لبلوغ تلك الأهداف. والأمر ذاته لأنشطة السياحة والسفر وما تقدمه من برامج مغريه وبأسعار رمزية خيالية من اجل جذب الشباب وتغيير نمط حياتهم وإكسابهم علاقات وعادات جديدة، من شأنها أن تؤثر بدون شك فيهم في المستقبل وتوجههم نحو الأسوأ والأضعف، ومن ثم الضياع([3]). ويمكن القول أن الغزو الثقافي الذي هو احد نتاجات العصر الحديث يشكل تحدياً وتهديداً لبعض الأديان، وذلك بسبب ما يطرح من أفكار تتجاوز فيه العديد من الثقافات والعادات والتقاليد، فهي تشكل تحدياً لمنظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية في بعض الأحيان ([4]).

      إن العولمة ليست مجرد سيطرة وهيمنة وتحكم بالسياسة والاقتصاد فحسب، ولكنها ابعد من ذلك بكثير، أذ أنها تمتد لتطاول ثقافات الشعوب، وتُعمم انموذجاً من القيم والسلوك وطرائق العيش والتدبير والتفكير، ومن ثم تحمل ثقافة غربية بشكل عام وأمريكية بشكل خاص. وقد أكد على ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب بنفسه حين قال:"إن القرن القادم، القرن الواحد والعشرين، سيشهد انتشار القيم الأمريكية وأنماط العيش والسلوك الأمريكي([5]).

     فالغزو الثقافي يهدف إذن إلى جعل العالم يتمحور حول نمط واحد في السلوك والعادات والعلاقات من دون أي اعتبار أو تقدير لثقافة الشعوب، وخصوصياتها. ولأجل ذلك تسعى الولايات المتحدة الأمريكية للترويج لثقافتها وطريقة حياتها، بوصفها النموذج الأفضل والأرقى، وتريد من الدول الأخرى ان تعيش الحياة الأمريكية من مأكل وملبس وعلاقات اجتماعية.وترويج هذه النظرية وتصديرها إلى العالم العربي والاسلامي يتم بهدف تقويض منظومة القيم والأخلاق في المجتمع العربي والإسلامي([6]).

      لقد أدى الاتجاه الغربي إلى الحد من الدور الديني للأسرة، وكذلك القضاء على التنسيق الفكري والعقائدي والفلسفي ومتانة التضامن الأسري في المجتمعات العربية. وأدى أيضاً إلى اتساع الهوة الفاصلة بين الأجيال المختلفة. فعندما لا يوجد للأسرة دور ديني وصائغ للأفكار، يصبح من الممكن للأبناء اعتناق نظام قيم مختلف عما يعتنقه الآخرون، فيحصل بالتأكيد تصادم بين معتقداتهم ومعتقدات الوالدين، فيتحول الأمر إلى اندلاع عامل لإيجاد أزمات أسرية داخلية وفرقة اجتماعية([7]).

      إن المادة الإعلامية والثقافية الغربية، والأمريكية تحديداً، لا تجد حتى الآن صعوبة تذكر في الوصول إلى عقل وفكر ووجدان المتلقي في دول العالم الثالث، وخصوصاً الدول                   العربية([8]), ومن المعروف ان الغرب، ببعديه الأمريكي والأوروبي، يتحكم بأكثر من 80% من المادة الإعلامية التي تبث عالمياً، وان الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم بنسبة 65%من هذه المادة الإعلامية. وقد سبق لمستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق (بريجينسكي) أن ذكر:"انه يتوجب على الولايات المتحدة التي تملك هذه النسبة العالية من المادة الإعلامية ان تشيع في العالم النموذج الأمريكي للحداثة من خلال تعميم المعايير والمبادئ الأمريكية([9]).

    لقد بلغت الهيمنة الأمريكية في مجال تدفق البرامج الإعلامية والتلفزيونية في دولة صناعية متقدمة مثل كندا حداً، جعل  بعض الخبراء يشير إلى ان الأطفال الكنديين أضحوا،من كثرة مشاهدتهم برامج أمريكية،لا يدركون أنهم كنديون. وقد عبر وزير الخارجية الكندي الأسبق        ( فولكز) عن ذلك بقوله:" لئن كان الاحتكار امراً سيئاً في صناعة استهلاكية فانه أسوأ إلى أقصى درجة في صناعة الثقافة حيث لا يقتصر الأمر على تثبيت الأسعار وإنما تثبيت الأفكار أيضاً ([10]).

      وتكمن خطورة وسائل الاعلام التي تقودها قوى العولمة في أنها تتبنى منطلقات  مخالفة لمنطلقات الثقافة العربية، فتركز على جيل الناشئة والأطفال العرب الذي يعد تربة خصبة لتقبل أفكارها عن طريق إنتاج برامج ومسلسلات الأطفال التي تنشر ثقافة الاحتيال والعنف وثقافة الجريمة والمغامرات البوليسية، وهذا ما يوجد نوعاً من الغربة بين الجيل الجديد وثقافة المجتمع العربي وعاداته وتقاليده، ويجعل الإنسان العربي يعيش تناقضاً داخلياً وصراعاً مع مجتمعه، مما يؤدي إلى أضعاف التماسك الاجتماعي ويجعل الجيل الجديد ضعيف الارتباط بقيم مجتمعه وتاريخه وتراثه([11]).

      إن كل ذلك يعني ان تعميم القيم الأسرية والاجتماعية الغربية يضر كثيراً بالقيم الإنسانـية العربية, ويوجه ضربات مؤلمة للتجمعات البشرية، فتعطيل الأسـرة واضعاف وظائفها، مثل وظيفة التناسل والتزاوج الشرعي ما بين الرجل والمـرأة, وتحويل هذه الوظيفة إلى مجاميع شاذة من الرجال والنساء لا ينجبون أطفالاً، وتعميم ما أصطلح على تسميته (الزواج المثلي)، إن ذلك يشكل خطراً جسيماً على المجتمع البشري إذا استفحلت هذه الظاهـرة التي بدأت تتفشى في المجتمعات الغربية ([12]).

      لقد أصبح انبهار الشباب العربي بالإعلام الغربي يمثل خطراً يهدد مستقبل الثقافة العربية، كما ان نجاح الاعلام الغربي واستخدامه للتكنولوجيا يمثل تحدياً حقيقياً للثقافة العربية، مما جعل المثقفين العرب يخشون من ان تحل الثقافة الغربية مكان الثقافة العربية في الألفية الثالثة([13]), وهو ما دفع بعض الباحثين  إلى توقع حلول " اللحظة قريباً التي يعيش فيها شباب العالم بنفس الطريقة، ويحملون نفس الثقافة، ويفكرون بنفس العقلية، ويستخدمون نفس الأدوات، ويطمحون إلى نفس الأحلام والأهداف، فضلاً عن جعل المرأة وسيلة من وسائل الدعاية والجذب التجاري لتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب والمصالح([14]) .

      ومن الآثار السلبية الاخرى التي تواجهها المجتمعات العربية بفعل الغزو الثقافي, هي حالة الاغتراب لدى الأفراد. والاغتراب تعبير عن عدم الرضا عن الواقع المعيشي، ورفض منظومة القيم للمجتمع وثقافته، والشعور بالفقدان، ولاسيما فقدان الذات،حيث يكون لدى الفرد شعور بالبؤس، فلا يستطيع بحرية ان ينمي طاقته الفسيولوجية أو العقلية، مما قد يؤدي إلى زيادة العنف والجريمة والنزعة العدوانية والتدمير والتحلل من القيم الموروثة.وبذلك تتهيأ الفرصة لحدوث صراع حاد بين الأجيال يقوض أركان التماسك الاجتماعي وينمي الفردية،ويضعف الولاء للمجتمع ،فضلاً عن التقليل من أهمية الانتماء إلى التراث الوطني، والتراث الحضاري([15]).

      وبات واضحاً أن الاختراق الثقافي والفكري يعمل على تهديد منظومة القيم العربية الأصيلة، ويشكل نوعاً من الازدواجية الثقافية التي تجتمع فيها تناقُضات الأصالة والمعاصرة، مما يؤدي إلى تهميش أو تغيير ملامح الثقافة الوطنية([16]), ويقول محمد عابد الجابري في المسالة الثقافية في الوطن العربي:" اننا معرضون لغزو ثقافي مضاعف: وهو الغزو الكاسح الذي يحدث على مستوى عالمي، والغزو الذي تمارسه علينا الدول الاستعمارية التقليدية. اما الوسائل فهي نفسها: الاعلام بالمعنى الواسع والمتشعب، الاعلام الذي يغزو العقل والخيال والعاطفة والسلوك، ناشراً قيماً واذواقاً وعادات جديدة تهدد الثقافات الوطنية والقومية في أهم مقوماتها ومكامن خصوصيتها([17]).

المطلب الثاني: ازمة الهوية الثقافية العربية :

    تواجه فئات من دول العالم الثالث، ومنها الدول الاسلامية، مشاكل وأزمات خطيرة تهدد وحدتها الوطنية بالتصدع والانهيار. ولعل اخطر هذه الأزمات وأكثرها جدلاً هي أزمة الهوية الوطنية التي تتعلق بتكوين شعور مشترك بين أفراد المجتمع الواحد بأنهم متميزون عن غيرهم من المجتمعات الأخرى([18]).

وتعرف الهوية بأنها الميزة التي تُمكن الفرد من التعرف إلى نفسه ضمن فئة اجتماعية معينة ينتمي اليها, وعن طريقها يتعرف عليه الآخرون، باعتباره منتمياً إلى تلك الجماعة([19]).

     فالهوية الثقافية كيان يصير ويتطور وليست معطى جاهزاً ونهائياً. أنها تتكون وتتطور إما باتجاه الانكماش وإما باتجاه الانتشار. وهي تغتني بتجارب أهلها ومعاناتهم وانتصاراتهم وتطلعاتهم، وكذلك باحتكاكها سلباً وإيجاباً بالهويات الثقافية الأخرى التي تدخل معها  في تغاير من نوع ما([20]),وهدف الغرب، منذ زمن، إلغاء الهوية العربية الإسلامية بدءاً بالحركات التي استهدفت الإسلام وانتهاءً بالحركات الاستعمارية التي حاولت طمس اللغة العربية، ومحاولة تغريب العرب وتسييد النمط الغربي، وبث اعتقاد لدينا بأن النمط الناجح هو النمط الغربي. وبدت هذه الفكرة أكثر وضوحاً عند بعض المفكرين العرب، فهذا سلامة موسى يقول:" يجب علينا ان نخرج من آسيا ونلتحق بأوروبا. واني كلما زادت معرفتي بالشرق زادت كراهيتي له". وهذا معناه ان الغرب استطاع ان يحقق رواجاً لأفكاره في الشرق، بل أصبح التغريب عند بعض مفكرينا العرب شكلاً من أشكال العصرنة وأمراً يحقق التقدم. وكان هذا في بدايات القرن العشرين أي قبل الثورة المعلوماتية، فكيف بالعرب وهم في القرن الحادي والعشرين؟([21]).

      وحينما تتعرض أي امة للاقتحام الحضاري من حضارة وافدة، لها من القدرة ما يمكنها من الهيمنة على مقدرات تلك الأمة واختراق خصوصياتها، تمتد آثار ذلك كله إلى الهوية والثقافة والفكر والأدب والفنون، والى اللغة في المقام الأول([22]), ويقول الدكتور محمد المجذوب:"أننا في الوقت الذي نهتم فيه بإتقان اللغات الأجنبية نعمد، في المدارس والمعاهد، إلى إهمال لغتنا العربية حتى باتت غريبة في بلادها. وهذا ما جعل مجامع اللغة العربية في العقود الأخيرة تكرر شكواها من تدهور مستوى الاهتمام باللغة العربية، وتراجع اللغة الفصحى أمام اللهجات العامية المستخدمة في وسائل الاعلام، وتخفيض ساعات تدريس اللغة العربية في المدارس والجامعات، وانتشار المدارس الأجنبية والتدريس باللغات الأجنبية على حساب العربية"([23]).

      إن وضع اللغة العربية في هذه المرحلة من تاريخنا العربي وضع حرج جداً، فهناك حملة واسعة تتقصد النيل من كل الثقافات الإنسانية ذات الجذور الحضارية المتأصلة، وفي مقدمتها الثقافة العربية الاسلامية[24] وبهذا فان عولمة اللغات يمكن اعتبارها عملية تحتم استعمال بعض اللغات في الاتصالات الدولية وإهمال اللغات الأخرى التي قد تختفي بسبب نقص المتحدثين بها([25]).

     ونجد كذلك أن وسائل الاتصال والتكنولوجيا، بكل حداثتها، تغزو طرائق التعليم، وأساليب نشر الثقافة، بمضمونها الذاتي ليتأثر الفكر العربي والاسلامي، بالفكر المعولم. وسيوجد هذا في المديين المتوسط والبعيد، فجوة هامة بين الثقافة العربية في السابق والحاضر. في حين ان الدول العربية  والاسلامية لا تملك أساليب وطرق المقارنة ،لأنها تأخذ دور المتلقي دائماً([26]).

      إن الجهات القادرة اليوم على استثمار الطفرة التقنية الهائلة في الاتصالات والمعلومات، هي جهات غربية وأمريكية بوجه خاص، توفرت لها  كل الإمكانيات الضخمة، التي تؤهلها للتفوق واكتساح أي منافس لها. فمعظم النتاج الإعلامي والثقافي الذي يغطي البث الفضائي والأرضي والوسائط الإعلامية الأخرى، وكذلك معظم محتوى شبكة الانترنت، هو نتاج أوروبي وأمريكي في الغالب. وهذه المواد الإعلامية الغربية ليست فارغة من المعاني أو محايدة في أفكارها، بل تحمل فكراً محدداً، وتعبر عن ثقافة معينة هي ثقافتهم الخاصة بكل ما تحمله من قيم وعادات وتقاليد وأنماط سلوك([27]).

      وإذا كان نهج العولمة ينطوي على خطر التفكيك الذي يطاول كل شيء، بما في ذلك الإنسان نفسه، اذ يفصل الإنسان عن وطنه وأمته ودولته ودينه ليصبح فارغاً من أي محتوى فكري وثقافي وسياسي، وتفرض عليه إيديولوجيا العولمة الغربية. ففكرة العولمة الثقافية في صراعها الحقيقي مع الثقافة العربية وهويتها القومية، تتعمد للنيل من الشخصية القومية العربية كتعبير عن الوجود الحضاري للأمة العربية([28]).

       من جانب اخر لقد حاول الاستعمار الغربي  تأكيد عجز الدولة الوطنية في العالم العربي. فقد نقلت تلفازات العالم صور نهب متاحف بغداد ومكتباتها وحرق رموز سيادتها  في عام 2003. وهذا الترويج الإعلامي لمظاهر التخريب لا يعدو ان يكون رسالة أمريكية واضحة إلى العالم، تريد من خلالها الإدارة الأمريكية ان تثبت بان هذه الامة ذات الإرث الحضاري العميق هي امة مفككة ومتفسخة وخالية من كل الضوابط بدليل انها تدمر رموزها ومكتسباتها ومتاحفها وانتاجاتها المادية والرمزية وتفتك بمؤسساتها فتكا ([29]).

      وتوصلت أول دراسة علمية قامت بها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة  (اليونسكو)، حول الثقافات الوطنية في ظل الغزو الثقافي، إلى ان دولاً كثيرة قد شهدت تراجعاً في ثقافتها وتراثها لصالح ثقافات دخيلة. ويقول (هيرنان كريسبو تورال) المدير التنفيذي السابق لمنظمة اليونسكو:" ان هذه الدول التي شهدت ثقافتها وتراثها تراجعاً، تناست هويتها وثقافتها وأغفلت أهمية الحفاظ عليها متصورة ان الأمور الاقتصادية وتحقيق الربح هو أهم شي، وان الثقافة تحقق التنمية الاقتصادية والرخاء، وأن أية دولة تمتلك ثقافة وطنية قوية تستطيع مقاومة جميع جحافل الثقافة الواردة من الخارج"([30]).

      حيث خشيت بعض الدول على ثقافتها وعلى لغتها من أن تطغى عليها هذه الثقافة الوافدة. وكان من هذه الدول، فرنسا واليونان اللتان هاجمتا الولايات المتحدة هجوما عنيفا في المؤتمر العالمي  للسياسات الثقافية الذي نظمته اليونسكو في المكسيك سنة 1982 م، حتى إن فرنسا امتنعت عن التوقيع على القسم الخاص بالسلع والمواد الثقافية من اتفاقية "الجات([31]).

     فقلق الفرنسيين على شخصيتهم وثقافتهم وهويتهم يبدو شديداً, وقد أثار رئيس فرنسا الأسبق (فرانسوا ميتران) بصراحة إشكالية الخطر الذي تتعرض له الشخصية الفرنسية والثقافة الفرنسية، بل هوية فرنسا الحضارية، من جراء طغيان الثقافة الأمريكية، فقال:"سنكون جميعاً فقراء أمام تهديد الغزو الثقافي الانجلو سكسوني"([32]) , ومن جانب آخر تقول وزيرة الثقافة والتراث الكندية السابقة: " إن المعادلة الصعبة التي تواجهها كندا ودول كثيرة من تلك التي يؤرقها الغزو الثقافي الأمريكي لهويتها وثقافتها هي انه بات من الصعب الوقوف بوجه المد الثقافي الأمريكي". في حين أن العالم يتجه إلى إزالة الحواجز التجارية والأيديولوجية ورفع القيود الاقتصادية والسياسية، يحتاج هذا العالم إلى حائط جديد للحفاظ على ثقافات وتراث الدول المختلفة من الضياع([33]).

     وإذا كان هذا هو موقف هذه الدول الغربية من ظاهرة الغزو الثقافي، وهي دول تنتمي إلى نفس الحضارة التي تنتمي إليها الولايات المتحدة الامريكية، فكيف تكون الحال مع شعوب العالم الثالث التي تختلف عن هذه الدول الغربية في الجوهر والكيان، وقد تصل ثقافاتها معها إلى حد التناقض؟([34]).

      وبهذا فأن ما تسعى اليه بعض الدول الغربية هو إفراغ الهوية الثقافية العربية من محتواها، ليصبح الفرد مرتبطاً ومديناً بالولاء لأطراف خارجية او للنموذج الغربي، ويبدأ بالمطالبة بإرساء هذا النموذج بكل ما يحتويه من عيوب. وقد جاء هذا الأمر بعد التعرض لفيض كبير من الشعارات والاحداث والصور المؤثرة والأفكار والمعلومات، وحتى الخدمات والسلع والقيم الاجتماعية الاتية والموجهة من الغرب. وفي ظل هذه الأوضاع يبرز التحدي الكبير الذي تواجهه الأنظمة السياسية العربية، حول مدى إمكانيتها لبناء ثقافة سياسية وطنية قومية قادرة على جذب المجتمع بكل فئاته اليها، بالشكل الذي يحافظ على خصوصيتها النابعة من واقعها الثقافي والسياسي على مر التاريخ ومن دون ان تنغلق على الثقافات الأخرى([35]).

المبحث الثاني: اليات مواجهة الغزو الثقافي

     مما لاشك فيه أن الغزو الثقافي والفكري هي على درجة عالية جداً من الخطورة, بشكل بات يهدد منظومة القيم والأخلاق والعادات والتقاليد التي دأب مجتمعنا العربي الإسلامي على ممارستها منذ أقدم العصور, والتي استلهم معظمها من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. ولذلك فأن التصدي لهذا التهديد يتطلب هو الآخر التفكير في وضع آليات من شأنها ان تعمل على اعتراض وصد هذه التهديدات. وهذا الجزء من الدراسة مخصص لهذا الموضوع.

المطلب الثاني: تطوير المناهج التعليمية في العالم العربي :

      لا شك في أن التعليم هو المفتاح الحقيقي للتنمية السليمة، حيث تتمثل مخرجاته في بناء وتنمية الإنسان، وترسيخ ثقافته الوطنية، ووضع الأسس الصحيحة لبرامج ومشروعات التطوير والتحديث، لأن بناء الإنسان وتعزيز ثقافته الوطنية يكونان من خلال التعليم الجيد، فالتعليم الجيد يؤدي إلى تنمية جيدة والتعليم الفاسد يقود إلى التخلف.

      وإذا افترضنا إن جميع أنظمة التعليم في الدول العربية بحاجة إلى تطوير وإصلاح، في ضوء تداعيات العولمة على قطاع التعليم، فإن نقطة البدء في تحقيق ذلك تبدأ بالتقويم. فالتقويم الصحيح هو الذي يمكننا من تقديم الحلول المناسبة، ولكن هناك مجموعة من الإشكاليات والعقبات التي ترتبط بعملية تقويم التعليم وتعيق تحقيقها بالشكل المطلوب. وغالبية تلك الإشكاليات والعقبات هي ذات إبعاد ومضامين سياسية وليست تعليمية([36]).

     أما بشأن الطرق المتبعة في تقويم التعليم، فيمكن القول إن عمليات تقويم التعليم في الدول العربية تواجه ثلاث مشاكل رئيسة لابد من تلافيها، وهي:

  1. عدم الاهتمام بتقويم نتائج برامج التطوير. فنجد مثلاً أن غالبية أو جميع مؤسسات التعليم العربية تقرر دورات تدريبية لأساتذة المدارس، ويلتحق المدرسون بالدورات المطلوبة، وتنتهي المسألة عند هذا الحد. ويعود الأساتذة إلى التدريس وغالباً ما يبقى أداؤهم التعليمي على وضعه الأول الذي سبق التحاقهم بالدورة.
  2. إن عملية تقويم أهداف وسياسات ومناهج وبرامج التعليم لا تهتم بمعرفة مدى النجاح في نشر وتجسيد ثقافة التنمية بين الطلبة. فجميع المجتمعات العربية هي مجتمعات نامية ولم تزل ثقافة التنمية في الوطن العربي تواجه مشاكل قيمية وفكرية عديدة، تعيق بلورتها وتجسيدها في العقول والقلوب. ويُفترض في برامج ومناهج التعليم العربية أن تُوجه ليس فقط لخدمة برامج التنمية، وإنما للمساعدة في تكوين وتأسيس ثقافة التنمية بين الطلاب والطالبات.
  3. تقتصر عمليات التقويم غالباً على دراسة علاقة المنجزات بالأهداف وتفتقر إلى المقارنة مع الآخر فيما يتعلق بأهداف وسياسات ومناهج التعليم وغيرها من الموضوعات المعنية بالتقويم. ويجب اتخاذ قرارات سياسية عربية، تلزم بإجراء المقارنة بين الدول العربية وبينها وبين الدول المتقدمة ولاسيما فيما يتعلق بمناهج ووسائل التعليم وبأداء المدرسين، فعدم الاعتماد على المقارنة يفقد التقويم أهميته الأساسية([37]).

        إن أول وابرز حقيقة تفرض نفسها هو التركيز على التربية والتعليم لبناء ذاتية ثقافية وطنية وقومية. ولنا في النموذج الياباني دليل أكيد. فالعالم بالنسبة للياباني ما هو إلا مدرسة واسعة، لا تفرض مناهجها وأفكارها على الطالب، وإنما الطالب " أي الياباني" هو الذي يختار ويغربل من علومها وتجاربها ما يشاء وكيف يشاء من خلال نظام تربوي وتعليمي وعائلي ومؤسسي([38]).

       إن تحقيق ذلك يتطلب بناء تعليم بمستويات وتخصصات تقوم على إقصاء الإيديولوجيات المتطرفة في عالم  المعرفة وإشاعة الروح النقدية مكانها، لان التعليم في الوطن العربي اغلبه يقوم على التلقين ويخلو من روح النقد والحوار البناء، وتعزيز الوحدة الثقافية، وذلك بإنشاء محطات إرسال سمعية- بصرية عبر الأقمار الصناعية تشرف عليها المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم، وتكون موجهة لتعزيز الثقافة العربية والإسلامية وتعميم المنجزات الثقافية والفكرية العالمية ذات الطابع الإنساني الهادف لخدمة المجتمع العربي، سواء على مستوى المعرفة والتنوير أم على مستوى التسلية والترفيه([39]).

      لقد أمسى التعاون العربي الفعال ضرورة ملحة لنهضة تعليمية في الدول العربية. ولكي يحقق نسق التعليم العالي الدور المبتغى منه في تطوير المجتمعات العربية، يجب أن يستهدف إعداد أفراد قابلين للتعلم المستمر، عوضاً عن مجرد متعلمين، وان يسهم عضوياً في نهضة المجتمع. ولهذا يتعين أن يكتسب التعليم العالي مقومين أساسيين، هما التنوع والمرونة، وبخاصة في الاستجابة لمقتضيات التغيرات السريعة محلياً وعالمياً([40]).

       ولا يحصل مزيد من التقدم في التعليم الجامعي والبحث العلمي دون إطلاق حرية الفكر والتعبير وحصول التنافس في الإنتاج. وبين أهم خصائص أو متطلبات تعزيز الثقافة في هذا المجال يتمكن المثقفون من إنشاء وتأسيس وإدارة روابطهم واتحاداتهم وجمعياتهم غير الحكومية. واقل ما هو مطلوب في هذا المجال التوقف عن مصادرة الكتب ورفع الرقابة التي تمارس على الفكر وإنشاء المعرفة([41]).

      لا شك في أن حسن إعداد المناهج الدراسية يعتبر الخطوة الأولى للإصلاح التعليمي التربوي في المجتمعات العربية. وإعداد تلك المناهج لابد أن يكون مبنياً على عدة أسس أهمها:

  1. أن يكون المنهج الدراسي المعد وفق رؤية شاملة، أي فلسفة عليا، تستهدف إيصال أفكار وقيم ومفاهيم وعلوم محددة إلى ذهن الطالب تنسجم مع قيم ومعتقدات المجتمع واحتياجاته.
  2. أن يتم تحديد إطار عام للمعارف والعلوم التي يجب أن يحصل عليها الطالب خلال سنواته الدراسية الممتدة من الأساسي إلى الجامعي.
  3. أن يتم تقسيم هذه المعارف إلى أجزاء مناسبة تدرس كل منها في سنة دراسية وفق السلم التعليمي، ويراعي في هذا التقسيم مناسبة المادة لكل مرحلة سنية.
  4. أن يتم عرض المادة العلمية بأسلوب مناسب، في شكل يلائم المرحلة السنوية للطالب ويحقق الغرض منه.
  5. أن تكرس هذه المناهج الأسلوب العقلاني في التفكير بالتدريب على الاستقراء، والاستنباط، والتحليل، والمقارنة، وربط النتائج بأسبابها، وتشجيع البحث العلمي وحب الاطلاع وإفساح المجال للتفكير والإبداع والتفاعل بين الطلاب ومعلمهم، ولا يكفي التلقين فقط من طرف والحفظ فقط من الطرف الآخر([42]).

       وبغض النظر عن حركة التطوير للتعليم التي تبنتها أغلب الدول العربية لمواجهة التحديات والتغيرات المرافقة للعولمة، والمتمثلة بإعادة النظر وإصلاح المناهج لكي تواكب متطلبات المرحلة الجديدة، إلا انه ما زالت الاختلالات موجودة في جسد التعليم في اغلب الدول العربية. وفي هذا المجال يرى بعض الباحثين أن المناهج الدراسية في الدول العربية تبدو كأنها تكرس الخضوع والطاعة والتبعية، ولا تشجع التفكير النقدي الحر، فمحتوى المناهج يتجنب تحفيز الطلاب على نقد المسلمات الاجتماعية أو السياسية ويقتل فيهم النزعة الاستقلالية والإبداع([43]).

    ان مواجهة تداعيات الغزو الثقافي يتطلب الاهتمام والتأكيد على الدراسات المستقبلية التي أصبحت ضرورة ملحة ، لمواجهة تلك التحديات وإيجاد البدائل للتعامل معها وتقليل آثارها واستثمار منافعها. ومن خلال ذلك لم يعد دور الجامعات والمعاهد مقتصراً على مواجهة التحديات الآنية فحسب بل أضحى يمتد إلى ممارسة عملية الاستشراف والتنبؤ بالتحديات المستقبلية واتخاذ الإجراءات اللازمة والبدائل المتاحة لمواجهتها([44]).

     إن تراجع الأنظمة التربوية التعليمية في الدول العربية هو دليل على عدم قدرتها على التكييف مع الواقع الجديد الذي افرزته ظاهرة العولمة . أما إعادة الاعتبار لتلك الأنظمة، فتتم عبر انجاز إصلاحات تمتاز بطابع الجرأة والتجديد، وذلك على مستويين:

  1. مستوى الوسائل التعليمية، حيث يجب العمل على إدماج التقانة الحديثة في مجال الاتصال ضمن الأدوات والوسائل التعليمية، وذلك بالرغم من كلفتها الباهظة.
  2. مستوى المضامين، حيث يجب العمل على إدماج قيم الحداثة ضمن المناهج التعليمية، وذلك بواسطة التفتح على المعرفة الحداثية والمضامين العصرية، واعتماد تصور جديد للعلاقة بين التقليد والحداثة في المناهج الدراسية([45]).

     إن النظام التعليمي التربوي في الوطن العربي يحتاج إلى إعادة نظر في صياغته وغاياته، وأغراضه، وأهدافه، ومناهجه، وبنياته، في ضوء عولمة المعرفة التي أصبحت تفرض نفسها يوماً بعد يوم. ولا يمكن انجاز ذلك إلا بعد تهيئة أرضية ملائمة تتمثل في القيام بنقد العقل التربوي السائد، ونقد الممارسة التربوية الحالية وطنياً وقومياً([46]).

   وعلى صعيد التعليم الجامعي والعالي في الوطن العربي، فإن هناك العديد من التحديات والمشاكل التي تحتاج إلى حلول ناجعة لمواجهتها في الحاضر والمستقبل، مما يدفع بنا إلى ضرورة اقتراح بعض التوصيات، وذلك بوضع إستراتيجية مشتركة للنهوض بالتعليم الجامعي تتجه إلى إحياء المشروعات العلمية المشتركة التي انطلقت ثم عطلت أو ما زالت قيد الدراسة. ولعل أهم تلك التوصيات ما يأتي:

  1. تقوية التعاون بين الجامعات العربية وتبادل الأساتذة، وإقامة مشروعات تأليف مشتركة للكتاب الجامعي العربي.
  2. تقوية الصلات بين مراكز البحوث العلمية وهيئات البحث العلمي في الوطن العربي.
  3. ربط المكتبات الجامعية ودور الكتب في الأقطار العربية بعضها بالبعض الآخر مثل ما هو معمول به في الدول المتقدمة.
  4. العمل على الاستفادة من العقول العربية المهاجرة كأساتذة زائرين، أو مشاركين في بحوث مشتركة.
  5. حشد كل الطاقات لإنجاح خطط التعريب مع الارتفاع بمستوى التحصيل، ومواكبة الحركة العلمية العالمية.
  6. إعادة النظر في توزيع الجامعات العربية ليتناسب موقعها مع الكثافة السكانية والإمكانات المادية والبشرية لكل قطر([47]).
  7. إعادة النظر في موضوع المنح الدراسية التي تقدم من قبل بعض الجامعات الأجنبية، ولاسيما تلك المنح التي من شأنها نشر الثقافة العالمية([48]).

المطلب الثاني : تعزيز الوعي الثقافي والفكري المجسد للهوية الثقافية العربية :

   امتاز عصرنا الحاضر بوفرة الإنتاج الثقافي والفكري، وتعدد اشكاله، المقروءة والمسموعة والمرئية، إلا أن الدول العربية قد تواجه اليوم وفي ظل ظروف العولمة، تحدياً متمثلاً بالإغراق الثقافي والفكري، بما يعنيه ذلك من طمس تدريجي لهوية الشعوب العربية وثقافاتها الخاصة وإحلال ثقافة أخرى بديلة عنها. لذا فإن مواجهة هذه الثقافة الأجنبية بمختلف اشكالها من قبل الدول العربية، لن تكون إلا من خلال توفير البديل المنافس لتلك المواد الأجنبية، والذي يحمل مضمون ثقافتنا وملامح هويتنا، ويسهم في تقدم ورقي امتنا، والتعبير عن واقعها وأحلامها وتطلعاتها في المستقبل([49]).

       إن ملكية التراث الثقافي هي للإنسانية جمعاء، ولان الدولة أو المجتمع هو صاحب ذلك التراث الثقافي وحارس عليه، فمن واجبه حمايته والمحافظة عليه قبل الآخرين والدفاع عنه إذا لزم الأمر. فعلى مر العصور كان الاعتداء يقع على التراث الثقافي، وسيبقى ما دام الإنسان يحارب أخاه الإنسان الذي صنع ذلك التراث. وعلى مر العصور تعمد الغازي والمستعمر تدمير التراث القومي والنتاج الثقافي للبلد المهزوم، وذلك لعزل الشعوب المستعمرة عن ماضيها وعن ارتباطها بالأرض وعن انتمائها وهويتها الوطنية([50]).

       وعليه فان هناك ضرورة موضوعية تحتاج من الحكومات والشركات الثقافية والإعلامية العربية الخاصة، ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الثقافة والإعلام، القيام بمراجعة دورها والتخلي عن امتيازاتها وتطويرها بما يتماشى وتحديات العولمة الثقافية والفكرية. وهذا يحتاج إلى مراجعة الكثير من التشريعات والنظم المعمول بها في بعض الدول العربية، بالإضافة إلى الفهم العميق لقوانين العالم المعاصر وقواه ومعارفه وأدواته وسبل أدائه الناجح في ميادينه، والاستجابة لتحدياته. فالإمكانات متوافرة في الوصول إلى مستوى أفضل من الأداء مستقبلاً، على أيدي مثقفينا إذا ما يتوافر لهم المناخ الملائم لأداء علمي في ظل حرية واحترام وأفق مفتوح على المستقبل، وعدم الابتعاد عن معطيات العصر وتجنب تحدياته([51]) .

     ويمكن لمؤسسات المجتمع المدني ان تلعب دورا في تعزيز المحافظة على الهوية الوطنية, فالمجتمع المدني هو حلقة الوصل بين السلطة والمجتمع، وهو المسؤول عن توضيح أفكار السلطة وتطلعاتها في مستقبل الامة  والمجتمع، وفي نفس الوقت يلعب دور المترجم لامال وطموحات العامة من أفراد المجتمع في شكل أهداف ترقى بهذا المجتمع وتبتعد به عن مجالات  الصراع والصدمات، وبالتالي يهدف إلى المحافظة على الهوية الثقافية التي تشمل الدين واللغة والعادات والسمات الوطنية التي ترتبط بالبيئة التي نشأ فيها الفرد، في ظل الاختراق الثقافي الذي يصوبه الغرب نحو مجتمعاتنا([52]).

      وفي سياق آخر يرى البعض أهمية اهتمام الدول العربية بإنتاج البرامج المشتركة الثقافية والفكرية لتقليل الاعتماد على المنتج الثقافي الخارجي، فهناك مجموعة نقاط من شانها إن تضعف التدفق الثقافي والإعلامي الأجنبي إلى البلدان العربية وخاصة المسموع والمرئي، وتكون لمصلحة الإنتاج الثقافي المحلي في تنافسه مع الإنتاج الأجنبي إذا أحسن استخدامها، ومن هذه النقاط:

  1. عائق اللغة مهم أمام التدفق الأجنبي، وبطبيعة الحال أمام الغزو الثقافي والفكري. وهذا يجعل وسائل الأعلام والثقافة تسجل نقطة لصالح مواجهتها مع هذا التدفق.
  2. إن الأفكار المتدفقة من الخارج غالباً ما تحمل في مضمونها صفة العالمية، تلك الصفة التي تتقاطع في كثير من الأحيان مع عاداتنا وتقاليدنا , مما يتيح المجال للنتاج الفكري المحلي الذي يتناول هموم الناس ويحدثهم بلغتهم ويحترم ذهنياتهم ويفهم تقاليدهم ويستفيد من الموروث الثقافي والحضاري للأمة إن يشكل قاعدة صلبة تقف وسائل الاتصال المحلية عليها، لمجابهة السيئ والضار من التدفق الإعلامي الخارجي([53]).

     لذلك أصبح من الضروري أن تستخدم مجتمعاتنا الأدوات المعلوماتية المختلفة لمواجهة المعلومات المضادة، ونشر كل ما هو ايجابي بالاتكاء على هذه الآليات من خلال بث القيم والتقاليد والأخلاقيات العربية الأصيلة، التي من الممكن إن تقف نداً لكل ما يروج ضد الثقافة العربية عبر هذه الآليات، وذلك من خلال تأسيس فضائيات عربية هادفة ومواقع انترنت متنوعة وبناءة([54]).

       ويعد الجانب اللغوي من الجوانب المهمة في هذا الشأن، إذ أن الاهتمام بالتخطيط للمستقبل اللغوي لأمة من الأمم، يعكس مستوى راقياً من الوعي بمتطلبات التغيير والتجديد وإعادة البناء على أسس ثابتة راسخة، وكذلك في تقوية القدرات الكامنة في المجتمع العربي. ودور اللغة في مجتمع المعرفة يُعد جوهرياً، فاللغة محورية في منظومة الثقافة لارتباطها بجملة مكونات الثقافة من فكر وإبداع وتربية وإعلام وتراث وقيم ومعتقدات([55]), لذلك لابد من التوسع في نشر اللغة العربية بمختلف الوسائل، وتقدير ودعم كل الجهود التي تبذل في هذا السبيل على مستوى الدول والمنظمات والمجامع والأفراد، وتهيئة الفرص للمزيد من العناية بنشرها لغة وثقافة وحضارة، وتمتين الصلة بين الجهات المعنية بهذا الدور وطنياً وإقليمياً وعالمياً([56]).

       ومن اجل تعزيز الوعي الثقافي والفكري لدى المواطن العربي، فان المجتمعات العربية مطالبة بوضع سياسات في المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية من شأنها تشجيع القراءة واقتناء الكتاب. وقد شهدت بعض الدول العربية تجارب ناجحة على هذا الصعيد من خلال برامج كبرنامج " دعم كتاب الاسرة" في مصر والأردن وغيرها من الدول الأخرى. وقد قامت وزارة الثقافة الاردنية بدعم هذا البرنامج للسنة الثالثة (2009) بطباعة نصف مليون نسخة كتاب، وبسعر مناسب، مما شجع المواطنين على الإقبال الشديد على هذه التجربة([57]).

      ومما لاشك فيه إن استثمار العطاء الفكري والقيمي المتميز للثقافة العربية لخدمة قضية التقدم والتطور الحضاري والثقافي والإنساني، وإبراز مكانة الثقافة العربية بين الثقافات الأخرى يتقاطع كلياً مع منطق الغزو الثقافي القائم على هيمنة الثقافة الغربية، والذي اعتمد على استخدام كل التقنيات ووسائل الإعلام، مما يتطلب تقييم التقنيات الإعلامية المستوردة في ضوء حاجة المجتمع ووضع ضوابط لانسياب البرامج والمواد الإعلامية والثقافية التي يكون لها اثر سلبي في مجتمعنا العربي، وكذلك السعي لإيجاد إنتاج ثقافي فكري مشترك ذي نوعية جيدة، وذلك بتقوية المقومات الأساسية للإنتاج الإعلامي والثقافي للدول العربية، وبدعم المناهج والبرامج في معاهد التدريس ومراكز التدريب الإعلامي([58]).

      ويلاحظ أن عالم الجنوب ودول العالم الثالث، ومنها الدول العربية، يستهلك في المجال الثقافي والفكري أكثر مما ينتج، لأن مؤسساتنا الثقافية ضعيفة في ثقافتها واليآتها، فمن الطبيعي والحال هذه أن تصبح عرضة للتأثير والتلقي من عالم الشمال الصناعي، فهو يمتلك احدث تقنيات البث الفضائي والأقمار الصناعية والثورة الالكترونية)[59]),وفي هذا السبيل على الدول العربية اتباع ما يأتي :

  1. تشجيع وإنشاء مؤسسات وشركات كبرى، لإنتاج البرامج الثقافية والإعلامية المرئية تكون قادرة على الإنتاج المتميز شكلاً ومضموناً، وقادرة على منافسة المنتج الأجنبي، مستفيدة من التقنيات المتطورة في هذا المجال، على أن تركز نشاطها في تناول قضايا المجتمع العربي الحيوية.
  2. تشجيع إنشاء دور صحافية كبرى تكون لديها القدرة على امتلاك التقنيات المتطورة في الطباعة والتوزيع وتوفير الكادر الكفؤ وشبكة مراسلين تمكنها من منافسة غيرها من الصحف الأجنبية، لتمكين القارئ من الحصول على مبتغاه من صحفه الوطنية وتغنيه عن اللجوء إلى الصحف الأجنبية. ويمكن إقامة مثل هذه الدور الكبرى باندماج الدور الصحافية القائمة في الدور الكبرى.
  3. اتخاذ تدابير عملية لإيصال الكتاب المقروء إلى قارئه بسعر مناسب. ويتطلب ذلك مساهمة الدولة في هذا الأمر من خلال القيام بشراء حقوق النشر لسلسلة من الكتب، ولاسيما ما يعرف بأمهات المراجع في مختلف العلوم والفنون، ونشرها بعد ذلك بالسعر المناسب الذي يسمح لأصحاب الدخول المحدودة بالحصول عليها.
  4. السعي لان يكون للعرب وجود مؤثر في شبكة الانترنت التي أصبحت مصدراً هاماً للمعرفة والعلم والثقافة، والتي يجب استثمارها لصالح نشر الحضارة والثقافة العربية وتعزيزها بما يؤمن مواجهة المخاطر التي تثيرها العولمة بكل مستوياتها([60]).
  5. وضع خطة عمل وإستراتيجية إعلامية بعيدة المدى تعبر عن ثوابت الأمة العربية، على شكل برامج إعلامية وثقافية تدرس الواقع وتعمل على تحصين وحماية المجتمع العربي من الاختراق الثقافي والفكري الذي يسعى إلى هدم وإزالة الهوية العربية من الوجود في عالم لا مكان فيه للآخر إن لم يكن قوياً.
  6. العمل على إنتاج الصناعات الثقافية من مواد علمية تراثية وتاريخية تعيد للأذهان قوة الإنسان العربي إذا ما توافرت له الإمكانية الإبداعية. والعقل العربي مبدع مخترع والتاريخ والنهضة الأوروبية يشهدان بذلك([61]).
  7. الانفتاح على المستجدات في العالم، خاصة في مجالات العلوم والتقانة والمعلومات وعلم اللغة الحديث بكل تفريعاته والحقول البحثية المرتبطة به، والسعي إلى الاقتباس والنقل والاستفادة الواسعة من نتائج هذه العلوم جميعاً في إغناء اللغة العربية وربطها بحركة الفكر الإنساني([62]).


الخاتمة

    ساهمت ظاهرة الغزو الثقافي  في تشويه الكثير من معالم الثقافة العربية من خلال تغريب الإنسان وعزله عن قيمه ومبادئه وتعميم  انموذجاً من القيم والسلوك وطرائق العيش والتدبير والتفكير الغربية  لم تكن موجودة سابقا في المجتمعات العربية. أن الحديث عن التصدع في ثوابت القيم والمعتقدات والتقاليد والمعارف الثقافية لمجتمعات الدول العربية ، ينذر بخطورة شديدة في الحفاظ على الموروث الثقافي العربي من الاختراق، وتحديا للهوية الثقافية الوطنية.

    ولمواجهة تلك التحديات نجد أن هناك حاجة فعلية بضرورة استثمار واستغلال الثروة العلمية والثقافية المتواجدة بشكل كبير داخل المجتمعات العربية، خصوصاً في مجال الإنتاج والإبداع الثقافي والفكري المجسد للهوية الوطنية العربية. ان الدول العربية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى  بالتعجيل في مسألة إعادة النظر في مناهجها التعليمية، لأن هذه القضية قد طرحت في مناسبات عديدة بغية إصلاح الجهاز التربوي والتعليمي بما يتلاءم مع خصوصيات المجتمع العربي.

     لذا  ينبغي للعرب أن يدركوا بأن أفضل السبل لمواجهة تداعيات الغزو الثقافي هو التحاور مع الآخر، ورفض فكرة الانغلاق بحجة الخوف من الذوبان في بوتقة الآخر, والاستفادة من الجوانب الايجابية للعولمة الثقافية حصرياً, وترك كل ماله صلة او مساس من قريب او بعيد بأخلاقيات وقيم المجتمع العربي.

 المصادر :

(1) عبد الرشيد عبد الحافظ، الآثار السلبية للعولمة على الوطن العربي وسبل مواجهتها، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2005، ،ص46.

([2]) سناء كاظم كاطع ، الفكر الإسلامي المعاصر والعولمة، دار الغدير، بيروت، ط1،2005.، مصدر سابق، ص201.

([3]) عبد الرسول عبد جاسم، العولمة مابين المواجهة والقبول، في مجلة المستقبل العراقي، مركز العراق للأبحاث، العدد 6، بغداد، اذار 2006، ص 54.

(4) . Birgit Schaebler and Leif Stenberg, Globalization and the Muslim World, Syracuse University Press, United States, 2004, P.44.

([5])عابدين الشريف، الاعلام والعولمة والهوية المؤثر والمتأثر، المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر،ط1، ليبيا،2006،ص134.

([6]) سعد المنصوري، الإسلام وتحديات العولمة، في عالمية الإسلام والعولمة ،المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، طهران، 2003،ص417.

([7]) علي محمد النقوي، الاتجاه الغربي من منظار اجتماعي، ترجمة عبد الكريم محمود، رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، طهران، 1997، ص340.

([8])عابدين الشريف، مصدر سابق، ص181.

([9]) حسن البزاز، عولمة السيادة: حال الامة العربية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،ط1، بيروت،2002،ص75.

([10]) عمر كامل حسن، الجغرافية السياسية الجديدة للعالم العربي في ضوء العولمة الثقافية، دار ومؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع،دمشق،2008، ص47-48.

([11]) نفس االمصدر،ص49.

([12]) تجدر الإشارة إلى ان بعض البلـدان الغربيــة، مثل الدانمارك وفرنســا وهولنــدا وأمريكـا بدأت تشرعن الزواج المثـلي بطـرق قانونيــة لا يجـد فيها الأفراد حـرجاً في ظـل حمايـة المؤسسـات والقوانيــن.

([13]) جمانة رشيد شومان، الثقافة العربية الإسلامية وتحديات العولمة الثقافية، دار الشجرة للنشر والتوزيع،ط1،دمشق،2003،ص91.

([14]) مؤيد عبد الجبار الحديثي، العولمة الإعلامية، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان،2002،ص182.

([15]) محمود السيد، الهيمنة المعلوماتية والإعلامية وآثارها، في الدولة الوطنية وتحديات العولمة في الوطن العربي، مرجع سابق، ص204.

([16]) عبد الغني عبود و حامد عمار، التربية والتعددية في الألفية الثالثة، دار الفكر العربي،ط1، القاهرة، 2002، ص118.

([17]) يحيى اليحياوي، العولمة والتكنولوجيا والثقافة، دار الطليعة للطباعة والنشر،ط1، بيروت،2002،ص40.

([18]) رشيد عمارة ياس، ازمة الهوية العراقية في ظل الاحتلال، في المجلة العربية للعلوم السياسية، الجمعية العربية للعلوم السياسية، العدد 14، بيروت، ربيع 2007،ص9.

([19]) حسن بحر العلوم،العولمة بين التصورات الإسلاميــة والغربية، معهد الدراسات العربية والإسلامية، بيروت، 2003. ص 117- 118.

([20]) محمد عابد الجابري،العولمة والهوية الثقافية، في العرب والعولمة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1999،  ص 298.

([21]) علي عبد الهادي المرهج، العرب والغرب وأزمة الهوية في زمن العولمة، في الشرق والغرب من الاستشراف إلى العولمة، العارف للمطبوعات، ط1، بيروت،2009، ص146.

([22]) ثامر حسن جاسم، اللغة العربية في عصر العولمة، في الشرق والغرب من الاستشراف إلى العولمة، العارف للمطبوعات، ط1، بيروت،2009 ص203.

([23]) محمد المجذوب، التنظيم الدولي، منشورات الحلبي الحقوقية،ط8، بيروت،2006، ص379.

([24])عبد السلام المسدي، نحو وعي ثقافي جديد، مجلة دبي الثقافية، العدد 34، دبي، 2010،ص179.

([25]) حاتم حميد محسن، الموجز في العولمة، دار كيون للطباعة والنشر، ط1، دمشق، 2008، ص83.

([26])عماد يونس، العولمة: تاريخ- أبعاد ومؤثرات على العالم العربي، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت، 2005،ص164.

([27])عبد الرشيد عبد الحافظ، مصدر سابق, ص 44- 45.

([28]) عمر جمعة عمران العبيدي، العولمة والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد،2003.، ص128.

([29]) المنصف وناس، تحديات الدولة الوطنية في ظل العولمة العسكرية، في السيادة والسلطة- الآفاق الوطنية والحدود العالمية،مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت، 2006،ص98.

([30]) محمد عبد القادر حاتم، العولمة مالها وما عليها، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2005.،ص501.

([31]) خيام محمد الزعبي, العولمة الثقافية وتاكل الهوية الوطنية, مجلة قضايا سياسية, العدد 47, بغداد,2017,ص260.

([32]) احمد حيدوش،العولمة والمقارنة الثقافية، في العولمة وأزمة الليبرالية الجديدة، الشبكة العربية للأبحاث والنشر،ط1، بيروت، 2009،ص115.

([33]) محمد عبد القادر حاتم، مصدر سابق ،ص502.

([34]) خيام محمد الزعبي, مصدر سابق, ص260.

([35]) ثامر كامل الخزرجي  و ياسر علي المشهداني، العولمة وفجوة الأمن في الوطن العربي، دار مجدلاوي للنشر، ط1، عمان، 2004، ص118.

([36]) عثمان الرواف، السبيل إلى تقويم التعليم في الدول العربية،2017/7/7  , متاح على الرابط : http://www.almualem.net/tagweem2.htm.

([37]) نفس المصدر السابق.

([38]) وصال نجيب عارف العزاوي، قضايا في العولمة، سلسلة دراسات استراتيجية، جامعة بغداد/ مركز الدراسات الدولية، العدد 83، بغداد، 2005، ص19.

([39]) أياد رشيد محمد، العولمة وانعكاساتها الثقافية على الوطن العربي، رسالة ماجستير، المعهد العالي للدراسات السياسة والدولية/ الجامعة المستنصرية، بغـــداد ، 2004،ص104- 105.

([40]) . نادر فرجاني، التعليم العالي والتنمية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008،ص135-136.

([41]) حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر،مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2008، ص573 .

([42]) . عبد الرشيد عبد الحافظ،مصدر سابق ص98-99.

([43]) رعد سامي عبد الرزاق، العولمة والتنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي، أطروحة دكتوراه، كلية العلوم السياسية/ جامعة النهرين، بغداد، 2006 ، ص127.

([44]) نفس المصدر.

([45]) عبد الله الخياري، التعليم وتحديات العولمة، في العولمة وأزمة الليبرالية الجديدة، مصدر سابق،ص155-156.

([46]) نفس المصدر السابق.

([47]) صالح هاشم، التعليم العالي في الوطن العربي، في اسس التحديث والتنمية العربية في زمن العولمة، مرجع سابق، ص77.

([48]) عنان، جدلية العولمة، دار كيوان للطباعة والنشر، دمشق، 2006، ص62.

([49]) عبد الرشيد عبد الحافظ،مصدر سابق، ص94.

([50]) جمال عليان، الحفاظ على التراث الثقافي، نحو مدرسة عربية للحفاظ على التراث الثقافي وإدارته، سلسلة عالم المعرفة، إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2005، ص177.

([51]) أياد رشيد محمد، مصدر سابق ،ص95.

([52]) خيام محمد الزعبي, مصدر سابق,ص288.

([53]) نفس المصدر، ص102.

([54]) مازن مرسول محمد، العرب والعولمة: دراسة في كيفية التعامل مع العولمة، في الشرق والغرب، مصدر سابق ،ص169.

([55]) ثامر حسن جاسم، مصدر سابق،ص4.

([56])عبد العزيز بن عثمان التويجري، الحوار من اجل التعايش، دار الشروق، ط1، القاهرة، 1998.، ص26.

([57])عزام ابو الحمام، الاعلام والمجتمع، دار اسامة للنشر والتوزيع، عمان، 2011، ص226-227.

([58]) اياد رشيد محمد، مصدر سابق، ص94.

([59]) حسن عبد الله العايد، اثر العولمة في الثقافة العربية،دار النهضة العربية، بيروت، 2004، ص103.

([60])عبد الرشيد عبد الحافظ،مصدر سابق، ص95.

([61]) حسن عبد الله العايد، مصدر سابق،ص149.

([62]) ثائر حسن جاسم، مصدر سابق،ص 232.