الهوية بين التحول والثبات_ دراسة في ثقافة المجتمع العراقي_

أ.م.د. فضيلة عبوسي محسن العامري

كلية الفقه- جامعة الكوفة

الملخص:

        إن ما يميز الشخص عن غيره  هو هويته , لذا نجد هي المطلوبة في كل مكان في السفر ،وفي الحضر,وهذا النوع من الهوية يسمى بالهوية الثابتة أو الاستاتيكي أو التبريري عند بعض الباحثين المعاصرين،ولكن الهوية الثقافية والفكرية  هي التي يطرأ عليها التغيير والتحول  من طريق عناصر تكوينها من الدين واللغة، والثقافة، والوطن، وتتباين عناصرها بين التحول  والثبات، فالوطن لايمكن أن يصيبه التغيير ,فالإنسان مهما ابتعد عن وطنه، فلا تفارقه هويته  الأم , بدليل التسميات التي تطلق عليه منها ، مقيم، ومجنس وما الى ذلك من المسميات المعروفة عند المختصين، ولكن الثقافة هي محل التحول والتغيير ولمعالجة هذا الموضوع فقد ركز البحث على عنصر الثقافة  الإسلامية كونها تمثل الثقافة الأم في المجتمع الإسلامي عامة، والعراقي خاصة ،فجاء البحث بعنوان(الهوية بين التحول والثبات دراسة في ثقافة المجتمع العراقي), الذي تألف من مبحثين  تناول الأول  جدلية العلاقة بين الثقافة والهوية ،و جاء المبحث الثاني بعنوان الثقافة الإسلامية وأثرها على هوية الفرد في المجتمع العراقي،وقد سبقهما  تمهيد تضمن التعريف بمفهوم التحول والثبات في الهوية، ثم تلتهمها الخاتمة التي تضمنت نتائج البحث ،مشفوعة بالمصادر.

 

                                             Summary:

Identity between transformation and stability Study in the culture of Iraqi society

              This type of identity is called static, static, or justifiable identity among some modern scholars, but cultural and intellectual identity is the one that changes and transforms from a path. The components of the composition of religion and language, culture, and homeland, and vary between the elements of transformation and stability, the homeland can not be affected by change; Man no matter how far away from his homeland, do not break his mother's identity; Specialists, but culture is under attack The study focused on the element of Islamic culture as it represents the mother culture in the Islamic society in general and the Iraqi in particular. The research entitled "identity between transformation and stability is a study in the culture of Iraqi society." The study consisted of two topics: , And the second topic entitled Islamic culture and its impact on the identity of the individual in Iraqi society, preceded by a prelude to ensure the definition of the concept of transformation and consistency in identity, and then eaten by the conclusion that included the results of the researc


المقدمة :

                                           بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين،محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد...

             إن ما يميز الشخص عن غيره  هو هويته , لذا نجد هي المطلوبة في كل مكان في السفر ،وفي الحضر,وهذا النوع من الهوية يسمى بالهوية الثابتة أو ما يطلق عليها بالوصف الاستاتيكي أو التبريري عند بعض الباحثين المعاصرين،ولكن الهوية الثقافية والفكرية  هي التي يطرأ عليها التغيير والتحول  من طريق العناصر التي تمثلها من الدين واللغة،والثقافة، والوطن، وتتباين عناصرها بين التحول  والثبات، فالوطن لايمكن أن يصيبه التغيير ,فالانسان مهما ابتعد عن وطنه،فلا تفارقه هويته  الأم , بدليل التسميات التي تطلق عليه عند مغادرة وطنه  منها ، مقيم، ومجنّس وما الى ذلك من المسميات المعروفة عند المختصين، ولكن الثقافة هي محل التحول والتغيير,فهي من العناصر المكتسبة التي تتحول وتتطور بتغير الظروف المحيطة بالفرد  ,ومن المعروف أن وسائل اكتسابها كانت  محدودة  أي قبل التطور التكنولوجي،  و قبل دخول  وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت  من الدردشة،والفيس بوك،والواتساب،والفايبر،وهنا تكمن خطورة التحول والثبات في الهوية،وبالعبارة المختصرة قبل عام 2003أعني في زمن النظام السابق في العراق  وما أصاب الثقافة الفكرية من الانفتاح على العالم الآخر من التغيير والاندماج بالثقافات  الأخرى التي كانت مبطنة في بعضها ظاهرها صلاح وفلاح ،وباطنها خراب ودمار ،وما أثمرت عنه من ظهور مسميات مختلفة تحت شعار حقوق الإنسان, فضلا عن ذلك ظهور الحركات والأقليات بعناوين مختلفة،وآخرها الحرب على الدواعش،وأما بقية البلدان فقد دخلتها هذه الوسائل قبل هذا التاريخ, ولمعالجة هذا الموضوع فقد ركز البحث على عنصر الثقافة  الإسلامية كونها تمثل الثقافة الأم في المجتمع الإسلامي عامة، والعراقي خاصة ،فجاء البحث بعنوان(الهوية بين التحول والثبات دراسة في ثقافة المجتمع العراقي), الذي تألف من مبحثين  تناول الأول  جدلية العلاقة بين الثقافة والهوية ،و جاء المبحث الثاني بعنوان الثقافة الإسلامية وأثرها على هوية الفرد في المجتمع العراقي،وقد سبقهما  تمهيد تضمن التعريف بمفهوم التحول والثبات في الهوية، ثم تلتهمها الخاتمة التي تضمنت نتائج البحث ،مشفوعة بالمصادر

وأخيرا وليس آخر نقول اللهم اجعل هويتنا هوية ثابتة على ولاية محمد وآل محمد فهم  مصباح الهداية ،وسفينة النجاة ،وبهداهم نقتدي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 


 

التمهيد:

مفهوم التحول والثبات في الهوية

التعريف بالهوية في اللغة والاصطلاح

         الهوية لغة: مصدر صناعي منسوب الى (هُوَ) بزيادة ياء مشددة وتاء مربوطة، ولم ترد دلالتها في المعجمات القديمة بالمعنى المعروف بالانتماء الى الذات ،وانما جاءت (الهوية) تصغيراً ل(هوَّ) التي بمعنى البئر العميق،وله دلالات أخر منها((هَوٌّ من الأَرض جانِبٌ منها ،والهُوّة كلُّ وَهْدَةٍ عَمِيقةٍ، والهُوَّةُ ما انهَبَطَ من الأَرضَ وقيل الوَهْدةُ الغامضةُ من الأرض وحكى ثعلب اللهم أَعِذْنا من هُوَّةِ الكُفْر ودَواعي النفاق ، وأَما النضر فإِنه زعم أَن جمع الهَوَّة بمعنى الكَوَّة هَوًى مثل قريةٍ وقُرًى الأَزهري في قول الشماخ:

                   ولمّا رأَيتُ الأَمْرَ عَرْشَ هُوَيَّةً        تسَلَّيْتُ حاجاتِ الفُؤَادِ بشَمَّرا([1])

قال هُوَيَّةٌ تصغير هُوّة وقيل الهَوِيَّةُ بئر))([2]) , فكل ما ذكر يرتبط بجوهر الشيء  وحقيقته  من غير االبشر،  وفي البشر تعني  الهوية إحساس الإنسان بنفسه وفرديته ، وحفاظه على تكامله  وقيمه وسلوكياته وأفكاره في مختلف المواقف، حتى  وصف الاضطراب الذي يصيب الفرد  فيما يختص بأدواره في الحياة فيصبح غير متيقن من مستقبل شخصيته بأزمة الهوية ،إذ لم يتيسر له تحقيق ما يتوقعه الآخرون([3])، ويتضح من التعريف اللغوي أن الهوية لا تقتصر على ذات الفرد بل تتجاوزه الى تحقيق هوية المجتمع من طريق التفاعل مع الآخرين  التي في أثنائها ترسم هوية المجتمع التي تشتمل على العادات والتقاليد والسلوكيات التي تميز أفراد هذا المجتمع من غيره من المجتمعات. 

  1. الهوية اصطلاحاً: لها تعريفات عدة  تلتقي في بعضها مع المعنى اللغوي إذ جاء في معناها أنها: ((الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب  المطلق))([4])، فهي ترتبط بذات الانسان من حيث  امتيازه عن الأغيار([5])، وعرفت ايضاً بأنها                   (( إحساس بالذات ينشأ  حينما يبدأ  الطفل  بالتميز عن والديه  وعائلته  ويأخذ موقعه في المجتمع .فهي تشير الى شعور  شخص ما بمن هو  وماهي الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة له))([6])، ويرى  ستيفن فروش أن الهوية إفراز من الثقافات التي لا تتكون ببساطة مستندا في ذلك الى بعض النظريات لعلمي النفس والاجتماع إذ يقول إن((النظرية الحديثة لعلم النفس والاجتماع تؤكد أن هوية الفرد هي في الحقيقة  متعددة  وربما سائلة ،حيث إنها تتكون  عبر التجربة وتترسخ برموز لغوية ،والأفراد حين يطورون هوياتهم  إنما ينجذبون الى المعطيات الثقافية الموجودة  في الشبكة الاجتماعية  المباشرة لهم  وتلك الموجودة في المجتمع ككل))([7])، ويظهر من التعاريف السابقة  الإشارة إلى العلاقة بين الهوية  والمعطيات الثقافية  وأثرها على الهوية فهي بمثابة الحصانة الفكرية  والاجتماعية للهوية الفردية التي هي جزء من هوية أكبر ألا وهي هوية المجتمع التي تعكسها الدين،واللغة، والحضارة، والتراث، والثقافة التي تتجدد  وتتطور بتطور الزمن، ولعل العولمة الثقافية  وأفرازاتها على المجتمعات – الاسلامية خاصة- أثر واضح للعيان ,لأنها تحمل في ظاهرها شعار التطور والتلاقح الحضاري ،وتكمن في باطنها العداء للدين وتعاليمه السمحاء، وخير مثال على ذلك الدعوات الى هجر اللغة العربية الفصيحة التي تمثل لغة القرآن الكريم ،واستبدالها باللهجات  والعامية بحجة السرعة في الفهم وايصال المعلومات الى الآخر اذ تؤثر سلباً على اللغة من طريق هجران اللغة الأم التي تعكس هوية الفرد ومجتمعه والاستعانة بالألفاظ الدخيلة على المجتمع من طريق  الغزو  الثقافي  المسلح بالتطور التكنولوجي الحديث.

التعريف بالتحول والثبات في اللغة والاصطلاح :

التحول والثبات في اللغة :

         التحوّل  في اللغة بمعنى  التنقل من موضع الى موضع([8])، والثبات في اللغة  مصدر الفعل  الثلاثي ثبَتَ  بمعنى الاستقرار  فيقال ثبت فلان في المكان يثبت ثبوتاً ،فهو ثابت  إذا أقام به([9]).

التحول والثبات في الاصطلاح :

         الثبات في الاصطلاح  ضد الزوال،والثبات والثبوت ضد التزلزل،وثبت الأمر صح([10])،ولم يذكر صاحب التعاريف التحول وإنما ذكر الحوالة قائلاً: ((الحوالة من التحول والانتقال وشرعا إبدال دين بآخر للدائن على غيره رخصه))،فكأن التحول بمعنى الانتقال من حال الى حال قد يكون  نحو الأسوأ أو نحو  الأحسن بحسب النتائج المترتبة على ذلك التحول والانتقال، وعند ربط مفهوم التحول والثبات بالهوية  نجد أن هوية الفرد  ترتبط بالمعنى الثقافي قد يصيبها التحول أو الثبات بينما الهوية التي ترتبط بالهيأة والاسم والصفة والبلد الذي ينتمي اليه الفرد قد لا تتحول ذلك التحول الجذري الذي يبدو واضحاً في المجال الفكري والثقافي للهوية عبر التواصل مع الآخر،والتفاعل معه بشتى الأساليب والطرق التي تحمل في طياتها غطاء الطابع الحضاري ،لذا  وجدنا من الباحثين المعاصرين  من ربط تعريف الهوية  بالمعنى الثقافي بعيداً عن الهيأة والأسماء والصفات  مكتشفاً أمرين مهمين وهما: الأول: عناصر التميز للجماعة عن الآخرين، وهي عوامل الثبات فيها وتمثل فعل الثبات في التاريخ وممكناته، والثاني: تصورات الجماعة للآخرين وعناصر الاندماج معهم، وفق موقع الذات الذي يحدده العنصر الأول، والهوية تتحقق في مجال الاتصال بالآخرين، حتى يصح القول إن هوية الفرد الواحد تتبدل حسب اتصالاته ومواقفه ومواقعه المختلفة, فالهوية معطى من الآخرين وانعكاس ظاهر وكامن لمواقفنا منهم وردود ، فهي رغم ثباتها فإنها صيرورة في التاريخ([11]).

وعند التأمل في هوية الفرد بالمعنى الثقافي الفكري في المجتمع العراقي نجد أن هويته قد أصابها التحول الواضح للعيان لاسيما لو قارنا بين هوية الفرد العراقي قبل 2003 وبعد 2003 يتضح لنا أن هوية الفرد كانت واحدة هي هوية الانتماء الى البلد وهو العراق فيقول الفرد أنا عراقي ,ولكن بعد السقوط نجد تعدد الهويات للفرد فلا يكتفي بالانتماء الى الهوية الثابتة وهي البلد بل نجد هويات متعددة فهذا السني ،وهذا الشيعي،وهذا التركماني،وهذا الكردي،وهذا الأزيدي،ولعل السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي ينم عن  تعدد الهويات في البلد الواحد؟ هنا تأتي الاجابة على نوعين هناك من يرى أنها نعمة وتعبر عن حرية الرأي للفرد بعد أن كانت مهمشة في عهد النظام السابق أي في عهد صدام،وهناك من يرى أن تعدد الهويات فسح المجال للآخر في أثارة النعرات الطائفية بين الأفراد والجماعات خاصة بعد الانفتاح على العالم من طريق التواصل الاجتماعي الانترنت، وما نتج عنه من جعل العالم كله في قرية واحدة ، وهناك من يستغل هذا التعدد لإثارة الفتنة والعداوة والبغضاء بحجة المطالبة بالحقوق والدفاع عن الحريات، وبدأت ثقافة الفرد تتغير شيئاً فشيئاً ، وقد يكون هذا التغير والتحول ايجابياً أو سلبياً بحسب السلاح الفكري والثقافي للفرد العراقي ،فعليه ألا يكون بمعزل عن العالم بل على العكس أن يكون أكثر ثقافة واطلاعاً من الآخر ليتمكن من كشف النوايا الصالحة من الطالحة ,ولكي لا يقع بفخ العولمة الثقافية إن صح التعبير،وخير سلاح  هو الثقافة الإسلامية التي يتضح أثرها في المباحث الآتية:

المبحث الأول: جدلية العلاقة بين الثقافة الإسلامية والهوية

          تمثل الهوية عنصراً مهماً  في المجتمع العراقي نظراً لامتلاكه العنصر الأساسي في تكوين الهوية ألا وهو  الدين إذ يوصف المجتمع العراقي بأنه مجتمع إسلامي يقوم على الثقافة الاسلامية التي تستند الى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وروايات أهل البيت (عليهم السلام) في عموم هويته الثقافية، لكن لابد من التنويه الى سؤال مهم قد يخطر في ذهن المتلقي أو القارىء وهو كيف نصف المجتمع العراقي مجتمعاً يستند الى روايات أهل البيت(عليهم السلام) في عمومه؟ نقول إن روايات أهل البيت(عليهم السلام)  تمثل عنصراً فعالاً وتمثل روح الثقافة الاسلامية, لكونها تدعو الى المحبة، التسامح، والحوار مع الآخر ، والألفة ، والتعاون،واحترام حقوق الآخرين، ولعل سير أهل  البيت(عليهم السلام) حافلة بالروايات والشواهد التي تبرهن على ذلك منها قول الرسول(صلى الله عليه وآله):((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))([12])،وقول الامام (عليه السلام) في عهد طويل كتبه الى مالك الأشتر(رضوان الله عليه): ((((000وأشعر قلبك الرحمة للرعية ،والمحبة لهم 000,ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم  أكلهم ،فإنهم صنفان,إما أخ لك  في الدين, وإما نظير لك في الخلق))([13])،أي  أجعلها كالشّعار له،وهو الثوب الملاصق للجسد، لأن الرعية , إما أخوك في الدين ،أو انسان  مثلك تقتضي  رقة الجنسية  وطبع البشرية الرحمة له([14]) ، فهو يرى(عليهم السلام) أن الجميع كلهم رعية من أي مذهب كان أو سنة فهم لهم حقوق وعليهم واجبات ،أما سيرة أهل البيت (عليهم السلام) فقد تجسدت في أروع صورها بسيرة الامام زين العابدين(عليه السلام)  ، فقد ذكر عنه أنه لم يمد يداً إلى السلاح الحديدي  في عصره على الرغم من المآسي والأحداث التاريخية المريرة التي بلغ صداها  مختلف العصور  والأوطان إلا أنه التزم النضال بكل الأسلحة الأخرى  التي لا تقل أهمية  وخطورة عن السلاح الحديدي,فشهر سلاح اللسان بالخطب والمواعظ، وسلاح العلم بالتثقيف والإرشاد،وسلاح الأخلاق بالتربية والتوجيه،وسلاح الاقتصاد بالإعانات والإنفاق،وسلاح العدالة بالاعناق،وسلاح الحضارة بالعرفان,حتى وقف سداً منيعاً في وجه أخطر عملية تحريف تهدف إبادة الإسلام من جذوره ،في الحكم الأموي الجاهلي([15])، وروي أنه (عليه السلام) حج ثلاثين عاماً ولم يضرب ناقته  قط،وكيف آوى من خذله حتى وإن كان عدوه وغيرها من الحكايات ولعل قصيدة الفرزدق المشهورة التي  تحكي جزءاً يسيراً  من سيرته            العطرة ,ويقول في  مطلعها:

هذا الـــذي تعرف البطحاء وطـــــــــــأته          

 

والبيت يعــــــرفه والحــــل والحــــرمُ

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهـــــــــــــــــله             

 

بجــــــده أنبياء الله قـــــــــــد ختـمــوا

وليس قولك: مــــن هــــــــــــــذا بضائره           

 

العُـــــربُ تعرف من أنكرتَ والعجمُ([16])

        

 وبعد التأمل في  هذه العبقات العطرة من الثقافة الاسلامية نعود الى جدلية العلاقة بين الهوية والثقافة الاسلامية ، اذ تمثل الهوية عنصراً ثابتاً  ومتجددا في آن واحد فثابت لكون الهوية تعكس ذات الفرد في أي زمان ومكان،ويمتاز بها عن غيره  من الشخصيات في الدول الأخرى فهي تشتمل على عنصر الدين الذي يمثل مقوماً ثابتاً للهوية، وأما صفة الهوية بالمتحركة لأنها ترتبط بالثقافة التي تمثل الحارس للهوية  الذي يتفاعل مع الآخر،ولا يعني ثبوت الهوية انجمادها وانعزالها بل التفاعل مع الآخر بالشكل الذي يمكن الفرد  من الاطلاع على ثقافة الآخرين والوقوف على العنصر الايجابي لا السلبي وهنا يأتي دور اللغة الذي يمثل المحور الثاني في الهوية الذي يتصف بالثبوت لكون اللغة انسانية  من جهة فهي تميز الانسان من غيره ، وتاريخية اذ  تولد مع الانسان، ومتجددة أي يمكن أن تتفاعل مع الآخر من طريق الحوار البناء الذي يهدف  الحفاظ على مقومات الهوية العربية الإسلامية وعدم الانجرار مع الآخر مهما اعتمد على الثقافة المزيفة المعتمدة على الألفاظ النماقة التي تجرف بعض العقول -  الشباب خاصة- من طريق شبكات التواصل الاجتماعي  وغيرها من طرق التواصل الالكتروني  من مثل العبارات الدخيلة في المجتمع(اوكي- باي- هاي)  بدلاً من الألفاظ التي أوجدتها الثقافة الإسلامية من آداب السلام ،والوداع ،والتحية ، والتوكل على الله بقولنا (إن شاء الله) التي وردت في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيّةٍ فَحَيّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدّوهَا إِنّ اللّهَ كَانَ عَلَى‏ كُلّ شَيْ‏ءٍ حَسِيباً﴾([17]) ، وقوله تعالى: ﴿وَأُدْخِلَ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيَها بِإِذْنِ رَبّهِمْ تَحِيّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ﴾([18]) ، وقوله تعالى﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً ﴾ ﴿إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً﴾([19]) ، و قوله تعالى﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾([20]) ، وغيرها من الآيات القرآنية، وهنا تظهر أهمية الثقافة الإسلامية  التي تمثل عنصراً فعالاً في الحفاظ على مقومات الهوية في المجتمع العراقي  من الدين، واللغة، والتراث، وقد أوجز بعض الباحثين جدلية العلاقة بين الهوية والثقافة بقوله:((000 فهوية الانسان 00أو الثقافة00أو الحضارة، هي  جوهرها وحقيقتها،ولما كان في كل شيء من الأشياء – إنساناً أو ثقافة أو حضارة- الثوابت والمتغيرات00فإن هوية  الشيء هي ثوابته،التي تتجدد لا تتغير، تتجلى وتفصح عن ذاتها،دون أن تخلي مكانها لنقيضها،طالما بقيت الذات على قيد الحياة ،إن هوية أية أمة أو مجتمع هي صفاتها التي  تميزها عن باقي الأمم لتعبر عن شخصيتها الحضارية، والهوية دائماً تجمع ثلاثة عناصر :العقيدة التي توفر رؤية للوجود،واللسان يجري التعبير به،والتراث الثقافي الطويل المدى،واللغة هي التي تلي الدين ،كعامل يميز ثقافة شعب ما عن ثقافة شعب أخرى، ثم يأتي التاريخ وعناصر الثقافة المختلفة في صنع الهوية))([21]) ، وغالباً ماتحدد الهوية بالدين الذي يعد من المقومات الأساسية التي يمكن من طريقها صيانة الأمن الثقافي الذي يستند إلى القاعدة الرصينة التي لا تقبل التحريف المتمثلة بالقرآن الكريم، فضلاً عن السنة النبوية الصحيحة التي تستند إلى روايات أهل البيت (عليهم السلام)

 

المبحث الثاني: الثقافة الإسلامية وأثرها على هوية الفرد في المجتمع العراقي

     إن ثقافة أي أمة  يجب أن تقوم  على أساس من القيم التي تسود مجتمعها،وهي قيم وثيقة الصلة  بالعقيدة والفكر ،والسلوك ونمط  الحياة ،ووجهة الحركة وتحديد الهدف ،وأن من شأن  ثقافة أفراد أي  مجتمع أن تكون مصدراً لتقديم الحلول الناجحة  السليمة  لكل مايعترضهم  من مشكلات ،والوفاء بكل  مايجد في حياتهم  من حاجات ،و يتعلق تحقيق ذلك  بنمو الثقافة نمواً صحيحاً في جو القيم الصالحة ، ومناخها السليم((وعلى هذا لابد أن  تكون الثقافة تعبيراً حياً  عن القيم  الأساسية  التي تعطي المجتمع ملامحه  الصحيحة ،وتضبط حركته السديدة ، وترسم  له وجهته الرشيدة، فإذا  انعزلت الثقافة عن هذه القيم، ووقع الفصل التام بينهما، فإن نتائج ذلك إنما تنعكس على الثقافة والقيم والمجتمع معاً))([22])،ومن هنا لابد من الوقوف على هوية الثقافة الإسلامية في المجتمع العراقي من طريق  ما يأتي:-

  1. اللغة: تمثل اللغة وسيلة التخاطب بين البشر فهي تتصف بالإنسانية أي يمتاز بها الإنسان عن غيره في التفكر والتدبر وأنها تاريخية وجدت حيث وجد الإنسان، وأنها عالمية اذ كل إنسان يتكلم بلغته الخاصة بمجتمعه ،ومن هنا لابد من التركيز على نقطة مهمة في الإجابة عن السؤال الآتي: ما وسيلة التخاطب في المجتمع العراقي؟ الإجابة تكون بالقطع هي اللغة العربية بغض النظر عن اللهجات المعتمدة في بيئات مختلفة - وإن كانت عربية في صياغتها إلا أنها عامية في أدائها فهي لا ترتقي الى العربية الفصحى - لكننا نأخذ  بنظر الاعتبار اللغة العربية الفصحى المعتمدة في المعاملات الرسمية ، وفي المحافل الأدبية ، وفي التربية ، وفي التعليم ،وفي العبادات فإنها تؤدى بالعربية الفصحى،وبعد أن تتضح الإجابة نقول في أي لغة نزل القرآن الكريم؟ قطعاً  نزل باللغة العربية فقد قال تعالى ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾([23]) ، بل أكثر من ذلك فقد تعهد القرآن الكريم في الحفاظ عليها فقد قال تعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾([24]),وعليه فالمجتمع العراقي يملك عنصرا فعالا في الحفاظ على الثقافة الاسلامية ألا وهو لغة القرآن الكريم، وعلى المجتمع العراقي ألا يتأثر بالتيارات الثقافية المعاصرة والتي تحمل في طياتها محاربة عنصر من عناصر الهوية ألا وهو اللغة، ونجد أن هناك من تأثر بالثقافات المعاصرة – التي في بعضها- هدامة للهوية الاسلامية  من طريق استعمال بعض المفردات اللغوية التي لاتمت العربية بصلة من مثل مصطلحات(أوكي- ثانكيو- باي- هاي- ماي- كود ) وغيرها التي تنوب عنها في الاسلام  التحية (السلام عليكم)  والوداع (في أمان الله) و (الحمد لله) و(ان شاء الله)،وكلها الفاظ وردت في القرآن الكريم  إذ قال تعالى:: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللّهُمّ وَتَحِيّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ...﴾([25]) ،وقال تعالى: ﴿ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلام...﴾([26]) ،وقال تعالى: ﴿إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال إنّا منكم وجلون﴾([27]) ،وقال تعالى:﴿قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبّي إِنّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً﴾([28]) ،وقال تعالى: ﴿..فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلّمُوا عَلَى‏ أَنفُسِكُمْ تَحِيّةً مّنْ عِندِ اللّهِ مُبَارَكَةً طَيّبَةً...﴾([29]) ،وقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرّحْمنِ الّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً﴾([30]) ، فضلاً عن ذلك نجد أن روايات أهل البيت (عليهم السلام) ، والسنة النبوية الشريفة تؤكد على ذلك فقد  ورد عن أنس أنه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوماً: يا أنس أسبغ الوضوء تمرّ على الصراط مرّ السحاب، أفشِ السلام يكثر خير بيتك، أكثر من صدقة السرّ فإنها تطفئ غضب الربّ عزّ وجلّ))([31])، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ((من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة: من أنفق ولم يخف فقراً، وأنصف الناس من نفسه، وأفشى السلام في العالم، وترك المراء وإن كان محقاً))([32])، وعن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، يسكنها من أمّتي من أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلّى بالليل والناس نيام، ثم قال (صلّى الله عليه وآله): إفشاء السلام أن لا يبخل بالسلام على أحد من المسلمين))([33]).
  2. الدين : يمثل عنصراً فعالاً في تكوين الهوية الثقافية في المجتمع،فقد ورد في القرآن الكريم أن الدين عند الله الإسلام فقال تعالى:﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾([34])، فقد جاء  في تفسيرها إن الدين الذي ارتضاه الله لخلقه وأرسل به رسله, ولا يَقْبَل غيره هو الإسلام, الذي يفيد  الانقياد لكل ما جاء به  النبي (صلى الله عليه وآله)  من العبادات الشرعية  والاستسلام له  وترك التكبر عليه  فإذا قلنا :دين المؤمن  هو الايمان ، وهو الاسلام , فالإسلام هو  الايمان([35])، ويظهر أثره جلياً  في الهوية الثقافية الإسلامية التي يمتلكها المجتمع العراقي قولاً وفعلاً، قولاً في ورودها بالنص القرآني ،وفعلاً في تجسيد مضامينها فقد بعث النبي(صلى الله عليه وآله) وهو عربي، وآل البيت(عليهم السلام) كلهم من نسله(صلى الله عليه وآله)، وبذلك تتجسد قوة  هوية الثقافية الإسلامية التي يمتلكها الفرد العراقي الذي هو جزء من مجتمع أكبر في كيفية التعامل مع الآخر مهما كانت  قوته الثقافية ، فقد تكون قوة الآخر مجرد مصطلحات تبعث على الاغترار والانجراف  مع الآخر من غير التبصر والبصيرة في ما يقال ويقرأ ويسمع ، ولعل ما يشاع عند الآخر من الروايات التي لا سند لها فيجب الرد عليها بالاستناد إلى الأدلة القطعية التي لا تقبل الظن، وتمثل ثقافة الوحدة الإسلامية  إحدى القيم  الإسلامية الكبرى  التي أنعم  الله بها  على هذه الأمة ،وعمقت  في فكر المؤمن  ووجدانه روح الاعتزاز  بالإسلام،وشدة الحرص على دعوته  ،والعمل  على ما يقوي كيان المؤمنين  بها،المنضوين تحت لوائها([36])، كما جاء في قوله تعالى ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾([37]).
  3. الموروث الثقافي : الذي يمثل عنصرا فعالا في تكوين هوية الثقافة الإسلامية في المجتمع العراقي فهو يملك من الموروث الثقافي مالا يملكه غيره لكونه قد ملك المحور الذي تدور عليه دائرة الثقافة الإسلامية المتمثل باللغة العربية فقد  أصبح امتلاك العناصر الأخر أمرا هيناً  المتمثل بالسنة النبوية الشريفة  ،وروايات أهل البيت (عليهم السلام) وسيرتهم  العطرة بالثقافة الإسلامية  التي تتناول شتى صنوف المعارف والفنون والآداب فضلاً عن العبادات والمعاملات حتى في الجانب الطبي فهي لا تقتصر على جانب دون آخر ،ولعل الأطاريح والرسائل الجامعية التي تناولها الباحثون بالدراسة في الجامعات العراقية خير شاهد على ذلك  خاصة بعد سقوط النظام  الصدامي، ومن هنا يقف المجتمع العراقي أمام تراث ثقافي لا يملكه الآخر ،وعليه التمعن في سيرة أهل البيت (عليهم السلام) والاقتداء بهم في كيفية تنظيم الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية  والدينية  فنجد أن الإمام علي (عليهم السلام) يقول: ((آلة الرياسة سعة الصدر))([38]), فهو في أربع كلمات يحدد صفات القيادي الناجح التي ألفت عنه مئات المؤلفات التي لا تخرج في فحواها عن دائرة هذا القول فيما لو قمنا بدراسة مقارنة في مابينها، وليس القول بذلك من باب التعصب بل نجد أن الآخر قد شهد بذلك ولعل قصة زوج كوفي عنان بأن تطلب من زوجها أن يعلق عهد الإمام علي(عليهم السلام) الى مالك الأشتر(عليهم السلام) كوثيقة تعامل  على لائحة الأمم المتحدة ,فقد وضحت أساليب التعامل  مع الآخر في شتى صنوف الحياة، فأين قيادي المجتمع العراقي من هذه اللائحة القانونية التي لو اطلعوا عليها  لولوا هاربين نتيجة مما يعانيه المجتمع  من ويلات الارهاب التي جاء بها الآخر فهم بدلا من أن يقفوا مع المجتمع العراقي وأن ينزلوا الى ساحة الميدان نجدهم قد شغلوا  مقاعدهم في البرمان في تشريع القوانين التي لا تصب في خدمة المواطن في أغلب بنودها بدلا أن يكونوا كما يقول الرسول (صلى الله عليه وآله): ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))([39])،وقول الإمام علي (عليهم السلام): ((000وأشعر قلبك الرحمة للرعية ،والمحبة لهم 000,ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم  أكلهم ،فإنهم صنفان,إما أخ لك  في الدين, وإما نظير لك في الخلق))([40])،أي  أجعلها كالشّعار له،وهو الثوب الملاصق للجسد، لأن الرعية , إما أخوك في الدين ،أو إنسان  مثلك تقتضي  رقة الجنسية  وطبع البشرية الرحمة له([41]).
  4. الحصانة الفكرية : من العناصر الفعالة في الحفاظ على هوية الثقافة الإسلامية  في المجتمع العراقي، إذ إننا نعيش في عصر العولمة الثقافية،والغزو الثقافي المبرمج بشتى التيارات الفكرية وبأساليب جذابة في بعضها ،والتي  تمكنت من الوصول إلى أقرب  نقطة دالة على الفرد ألا وهي الأسرة ،أي أن الفرد أصبح في بيته ولا يستطيع الخلاص من ذلك، وهنا لابد  أن يكون المجتمع العراقي  -الشباب خاصة-  على معرفة بموازين والمقاييس التي  تميز بين الحق والباطل، وبين ما يرفضه الإسلام ، وما يقبله ، وعلى الفرد المسلم أن يكون له دور ايجابي فاعلاً في مجتمعه من طريق معرفته سنن الله  في الكون، وفي المجتمعات، وفي الناس([42]) , فقال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ            حَكِيمٌ ﴾([43]) ، فالثقافة الاسلامية تعطي الفرد الحصانة الفكرية في قبول الأفكار أو رفضها بالاستناد الى المعايير الاسلامية في مواجهة تلك الأفكار التي تدس السم في العسل في بعضها، ولعل ما يشهده المجتمع العراقي في الوقت الراهن من الدعوات  التي تبدو في ظاهرها على حق لكن باطنها على باطل، وخداع ،وخراب ،ودمار للبلاد من قبيل أثارة النعرات الطائفية  بين الشيعة، والسنة ،والمسيح وغيرها من المذاهب بحجة المساواة، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، وعند التدبر الفكري الثقافي الاسلامي في أهدافها نجد عكس ما زمعت فقد أثارت الفتنة، والقتل اللذين تسببا في الهجرة ،والنزوح لأفراد المجتمع العراقي بدلا من الوحدة، والاستقرار, ولعل ما يفضح أصواتهم البراقة هو نزوح السنة من تدميرهم إلى مناطق الشيعة، ودفاع الشيعة عن أخوانهم السنة ،وتوجت وحدة الثقافة الإسلامية في المجتمع العراقي بفتوى الجهاد الكفائي التي  قال بها السيد السيستاني(دام عزه)  والتي  على إثرها اشترك صنوف المجتمع،  ومن مختلف المذاهب في التصدي للإرهاب الداعشي، وتحرير بعض المناطق،ومازالت فتوى الجهاد الكفائي مستمرة في جني ثمارها التي يشهد بها القريب ،والبعيد،والعدو، والصديق  حتى على مستوى المحافل الدولية  مما لا يخفى على أحد في مشارق الأرض ومغاربها.
  5. التاريخ والحضارة: يمثلان ركنين مهمين في الثقافة الإسلامية للمجتمع العراقي ، فقد مثلت حضارة وادي الرافدين إرثاً تاريخياً لا تخفى معالمه عن الآخرين  ،وعلى الفرد  أن يكون على معرفة  بالتاريخ الإنساني، والحضارة البشرية ،وسنن الله تعالى في  نشوئها وارتقائها  أو انحدارها  وزوالها  والقيم التي تساعد في ذلك ،وقد أشار اليها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ                     خَبِيرٌ﴾([44]) ، ومن هنا  يظهر دور الفرد والجماعة للقيام بالدور البناء في المجتمع الاسلامي، والمجتمع الانساني, فالميزان للتفاضل بين البشرية جمعاء هي التقوى من أعلى الطبقات وهي الشعوب الى أقلها وهي القبائل, فالأب آدم(عليه السلام) والأم حواء والله يعلم بالبواطن, لذا فأن الحضارة الإسلامية  التي يمتلكها الشعب العراقي تستطيع حل كثير من المشكلات البشرية وايجاد العلاج الروحي ،والعقلي لها بدلاً من الاعتماد على الاجتهادات الشخصية القاصرة  التي تتصارع فيه القوى المادية ، وشعر الناس  بالخواء والعيش الضنك فتحققت فيهم سنة الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ                     أَعْمَى﴾([45]).
  6. الوضع الاقتصادي: لاشك أن الوضع الاقتصادي يؤثر سلباً أو ايجاباً على هوية الفرد في المجتمع،اذ إن الفرد لا يعيش في بودقة مغلقة عن المجتمع بل يتأثر بما يحيط به ومما ينعكس ذلك على ثقافته التي تمثل جزءاً من هويته، ولعل ما مر به المجتمع العراقي من ويلات الحصار الجائر قد أثرت على نفسية الفرد العراقي الذي تقلّص دوره على البحث عن لقمة العيش وأصبح همه الشاغل هو توفير قوته وقوت أهله،وبذلك ابتعد عن التلاقح الثقافي، والتطور الحضاري فضلا عن أثر ذلك على اخلاقيات بعض الأفراد الذين دفعتهم ظروف الحياة الى الطرق الملتوية التي على أثرها عدموا أو دخلوا السجون المؤبدة، وبعد الحصار جاء الانفتاح التدريجي للعيش الضنك بزوال النظام الصدامي،لكنهم فوجئوا- وبصراحة- بعودة الحصار الاقتصادي غير المبرمج ،وأعني بغير المبرمج هو عدم استيفاء عناصر البطاقة التموينية التي رسمها النظام السابق، وهنا بدأ تذمر الأفراد وانعكاس ذلك على ثقافتهم الشخصية  في زوال  النظرة الايجابية للقيادة الجديدة ، واحلال النظرة السلبية محلها، وانعكاس ذلك على هوية الفرد الثقافية في الرغبة بالتغيير حتى ولو كان غير صحيح وبعيداً عن تعاليم الإسلام في نظرهم,الا  أنهم لم يقفوا في نظرهم السطحي على المسبب  وليس السبب، فالسبب ليس الإسلام أو الثقافة الإسلامية،وإنما   العلة في المسبب الذي تولى القيادة وعكس النظرة السلبية لدى المواطن العراقي  الذي نسى بدوره تعاليم الشريعة الإسلامية التي نظمت  الحياة الاقتصادية في شتى صورها حتى في مجال التبذير والإسراف والبخل  فقال ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً ﴾([46]) ،وقال تعالى:﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ﴾([47]) ، وقوله (صلى الله عليه وآله): ((ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعانا و جاره جائع إلى جنبه))([48])،  وقال الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) : أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية وقال- صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))([49]), يعني  قوله تعالى:﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾([50]).
  7. الموقع الجغرافي: من مقومات هوية الفرد الأساسية اذ يمثل الموقع الجغرافي المكان الذي يعيش عليه الفرد مع أفراد المجتمع والذي يطلق عليه الدولة، فالموقع الجغرافي  له انعكاس على ثقافة الفرد والمجتمع لاسيما إن كان الموقع الجغرافي قد أحيط بدولة اسلامية أو غير اسلامية، فهي تمثل التماس المباشر بين أفراد الدولتين المتجاورتين في اللغة –اعني اللهجة- وليس اللغة الأم والعادات والتقاليد، ومما أنعم الله به تعالى على المجتمع العراقي أنه قد أحيط بدول عربية  فهي تتفق معه في اللغة وفي التقاليد والمعتقدات عند بعض صنوف المجتمعات المجاورة من مثل سوريا، والأردن، والسعودية، والكويت، ، وبدولة غير عربية – اعني الجمهورية الاسلامية الايرانية-  المعروفة باسلامها،  والدولة التركية ،وبذلك جمع الموقع الجغرافي بين الثقافة العربية الإسلامية فضلا عن الموقع التجاري والاقتصادي -الذي أتركه لذوي الاختصاص في التناول والدراسة – إلا أن الأمر المهم في ذلك هو  الثقافة الإسلامية التي يمتلكها المجتمع العراقي، والتي يستطيع من طريقها مواجهة التيارات الفكرية  الضالة التي لا تستند  إلى ما يستند إليه الفرد العراقي ،فيستطيع كل فرد أن يكون داعية في ثقافته الإسلامية في أثناء تطبيقها قولا وفعلا بدلا من الانسياق وراء الثقافات الأخر بحجة الثقافة والتطور،بل يجب التفكر ،والتدبر في مايقال  ويشاع،وقد أشار القرآن الكريم الى  الإعلام  الصادق وعدم تصديق الدعاية والشائعات إذ قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾([51]) ،يلحظ الآية الكريمة قد افتتحت بالنداء (ياأيها الذين آمنوا) , الذي يركز على عنصر  الإيمان من دون غيره، والذي يفيد شد انتباه المخاطب الى ما يقال  ثم تلته جملة الشرط التركيبية التي تفيد هي الأخرى في جعل المخاطب في انتظار النتيجة الثانية التي تمثل جواب الشرط (إصابة القوم بجهالة وما يترتب عليها من الندم) الذي يترتب على العلة في الجزء الأول التي تمثل (فعل الشرط) الذي يمثل خبر الفاسق وجاء في تفسير الآية نادمين (( على العجلة وترك التأني))([52]), كما أن  في قوله تعالى(إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ) الدلالة  على الشياع  والشمول,لأن النكرة  إذا وقعت  في سياق الشرط  عمّت([53])، وهنا يجب عدم الانصياع للإعلام الكاذب الخادع الهدام للفكر الثقافي  المسلم ،وهذه الظاهرة كثيراً ما يعاني منها المجتمع في الوقت الحاضر وذلك بسبب وسائل الاتصال المتنوعة والسريعة الوصول بل –استطيع تسميته بالخرق- إلى كل بيت بل الى كلّ نافذة عقلية ،وهنا يظهر دور الثقافة الإسلامية فإن كان الفكر الذاتي للفرد متطوراً وقادرا على التدبر والتفكر في ما يسمع ،و ما يقال  يمكنه عندئذ حماية نفسه والسير بالطريق الصحيح الذي يقوم على المحاججة ،والرد المستند الى الدليل القاطع ،وعدم الانجراف وراء الإشاعات المغرضة.
  8. التفاعل الثقافي: يمثل عنصرا مهماً في صقل هوية الفرد ،فامتلاك الفرد الثقافة الإسلامية لا يعني الانطواء والانعزال عن الآخر بل يجب الاطلاع على ثقافة الآخر من العلوم،    والمعارف ،والتطور التكنولوجي، والإفادة من جوهر الثقافات الأخرى وعدم التمسك بالقشور من الزي ،وتسريحة الشعر، وبعض المسميات التي لا تجدي النفع بل الضر، فقد  قال تعالى:﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا                          الْأَلْبَابِ﴾([54]) ،وجاء في تفسيره : يستمعون القول الحق من كتاب الله ،وسنة رسوله، فيتبعون أحسنه أي محكمه ويعملون به، إذ قال السدي: يتبعون أحسن ما يؤمرون به فيعملون بما فيه، وقيل هو الرجل يسمع الحسن ،والقبيح فيتحدث بالحسن ،و ينكف عن القبيح فلا يتحدث به ،وقيل يستمعون القرآن([55])،وقيل : إن أحسن القول على من جعل الآية فيمن وحد الله قبل الإسلام ( لا إله إ لا الله ) وقال عبد الرحمن بن زيد : نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل و أبي ذر الغفاري و سلمان الفارسي اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها في جاهليتهم واتبعوا أحسن ما صار من القول إليهم،وهداهم الله , فهم الذين انتفعوا بعقولهم([56])، وهنا  يجب الاحتكام إلى القرآن الكريم ،والسنة النبوية الشريفة ،وروايات أهل البيت(عليهم السلام) في ما يسمع  وما يقال والذي يشكل في  بعضه خطراً على الفكر الثقافي للفرد والمجتمع , فالفكر الإنساني المستند في محاججة الآخر ومناظراته إلى القرآن ،والسنة النبوية الشريفة ،وروايات أهل البيت(عليهم السلام) يستطيع أن يفحم الآخر ويجبره في بعض الأحيان على العدول عن الفكر الضال المنحرف إلى الفكر الحق  السليم,لاسيما أن بعض أفكار الآخر قد شوهتها هي الأخرى مصادر متعددة قد يكون منبعها الحقد، والكراهية ،والإعلام المغالط الذي يغوي الآخر، ويهوي به من حيث لا يعلم إلى مستنقع لا يدري هو نفسه كيف وصل إليه، وهنا يظهر دور الفكر الثقافي المستند إلى المصادر المذكورة في إنارة فكر الآخر وإنقاذ الأفكار الأخرى في كشف الغطاء أمام الآخر،ولعل حكايات المستبصرين وقصصهم تحكي لنا كثيراً من الحكايات والروايات التي تقال على ألسنتهم  بأنهم أين كانوا؟ واليوم كيف أصبحوا؟ حتى أن بعضهم دونوا كتبهم التي تثبت استبصارهم, ولعل كتاب التيجاني (ثم اهتديت) خير مثالٍ على ذلك، وكل ذلك يعود إلى  الفكر الثقافي المؤمن بتعاليم الدين السماوية التي فيها صلاح الدنيا وثواب الآخرة.
  9. الثقافة الإسلامية : وأثرها في التدبير العسكري منه قوله تعالى: ﴿وأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ﴾([57]) ، فقد افتتحت الآية الكريمة بفعل الأمر الذي يدل على الوجوب (وأعدوا) أي أعدوا لهم القسي التي ترمون بها الأعداء ، والخيل التي تخيفون بها  العدو فقد جاء في تفسيرها  (( أمر الله - سبحانه - المؤمنين بإعداد القوة للأعداء  قال ابن عباس : القوة ههنا السلاح والقسي وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله)وسلم وهو على المنبر يقول :وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي))([58]) , فهذا نوع من المطالبة  بإعداد القوى العسكرية في مجابهة  العدو بما يناسب الموقف ((ما دام (الجهاد) يتطلب قوى  تقف حيال العدو المرتكن نفسه  إلى قوى يعتمدها ،كذلك، فإن الإسلاميين  يتعين  عليهم إعداد أنفسهم عسكرياً بنحو يتناسب مع متطلبات المعركة))([59])، وقد ظهرت آثار ذلك في المجتمع العراقي بالحشد الشعبي الذي لبّى فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعية الدينية في النجف الأشرف المتمثلة بالسيد علي السيستاني(دام ظله الوارف)، والتي أظهرت وحدة الصف في المجتمع العراقي ، وترجمت أخلاقهم الاسلامية في التعاون والتآزر بين مختلف  الطوائف في المجتمع من السنة ،والشيعة ، والتركمان، والمسيحيين وغيرهم ، وكيف تناقلت وسائل الإعلام صور بطولاتهم ليس الجهادية فحسب بل حتى تعاملهم مع العوائل النازحة  من المناطق التي تسللت لها يد الإرهاب الكافر.
  • الثقافة الإسلامية : وأثرها في التنظيم الأسري الناجح والتي تنعكس ايجابياً على هوية الفرد في المجتمع العراقي، وتمثل التنظيم  بالعلاقات الأسرية الذي تتجسد بالإحسان إلى الوالدين اللذين يمثلان المحور الرئيس في الأسرة بقوله تعالى :﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾([60]) ، فقد افتتحت الآية الكريمة بالفعل المضعف                    ( ووصّينا) الذي يدل على التكثير  والمسند إلى ضمير المتكلم (نا) الذي يدل على التعظيم في إسناد المتكلم إلى جمع  والمتكلم  مفرد وهو الله جل وعلا ،إذ جاء في تفسيرها((ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا برا بهما لما كان منهما إليه حملا ووليدا ،و ناشئا ،ثم وصف جل ثناؤه ما لديه من نعمة أمه، و ما لقت منه في حال حمله ،ووضعه، ونبهه على الواجب لها عليه من البر، و استحقاقها عليه من الكرامة، و جميل الصحبة))([61]), وقد جاء قوله تعالى (حسناً) على قراءتين (إحساناً) بانتصابه على المصدر،أي ليأت الإحسان إليهما دون الإساءة، ومن قرأ (حسناً)فمعناه ليأت في أمرهما  فعلاً حسناً([62]) ،   إذ تمثل الأسرة النواة الأولى للفرد فمعها يعقد اللقاء الأول منذ الولادة وحتى التنشئة ,وهنا يظهر دور الأسرة في تحقيق الثقافة الاسلامية للفرد من طريق العلاقة المتبادلة بين الفرد والأسرة ،وتبدأ من الوالدين اللذين لهما حقوق على الأبناء، وللأبناء  واجبات،فإن كانت متنورة بقوانين الشريعة الإسلامية في معاملة الإحسان الذي يدل على الإطلاق  أي كثير الإحسان وقليله ، فقد تثمر فكراً ثقافياً يكون على درجة قصوى من الأمن الثقافي  إذ لا يتأثر بما يشاع اليوم  من أن حرية الفرد تتجسد في انفصاله عن عائلته واستقلاله في تصرفه سواء أكان  ذكراً  أم أنثى  في أي عُمر ما, مما يشكل خطراً كبيراً على الأمن الثقافي للفرد، والأسرة والمجتمع، وهذا ما يلحظ أثره في المجتمعات الغربية التي تفتقر إلى الأسرة  المتكاملة التي تقوم على العلاقات الأسرية التي نظمتها الثقافة  الإسلامية، إذ نجد أن الفرد ينفصل عن أسرته في سن مبكر سواء كان ذكراً  أم  أنثى,وهذا ما يؤثر سلباً على حياته في ما بعد,لأنه بعد عن المنبع الثقافي الأول الذي ترعرع به ألا  وهو الأسرة التي تمثل عنصر الأمان للفرد لاسيما في أدوار حياته المختلفة.
  1. الثقافة الإسلامية : في ظل الحوار الناجح الذي يقوم على الحجاج بالحكمة والموعظة الحسنة في قوله تعالى﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾([63]) ، وقد فسرت الحكمة بالقرآن لأنه يتضمن الأمر بالحسن،والنهي عن القبيح ،وقيل أن الحكمة  هي المعرفة بمراتب الأفعال في الحسن والقبيح،والصلاح والفساد، وقيل :إن الحكمة  هي النبوة،والموعظة الحسنة مواعظ القرآن عن ابن عباس([64]) ، فقد أمر الله سبحانه رسوله أن يدعو أمته إلى الإسلام بالحكمة، والموعظة الحسنة، وهما طريقان من طرق المجادلة الحسنة ,هذا إن كان الخصم محقاً وكانت أفكاره صحيحة ، وأحياناً يكون الخصم عدوا لدوداً فيحتاج  إلى طرق المجادلة الأخرى  من استعمال المعارضة والمناقضة  ، ((ولهذا قال سبحانه : (( وجادلهم بالتي هي أحسن )) أي بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة وإنما أمر سبحانه بالمجادلة الحسنة لكون الداعي محقا وغرضه صحيحا وكان خصمه مبطلا وغرضه فاسد))([65]) , وأنّ الله سبحانه وتعالى يأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) في الفريقين  بما فيه الصلاح,لأن الجدل هو قتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج([66]), وعليه فأن الفرد العراقي الذي يتحلى بالثقافة الإسلامية يكون على مستوى عالٍ من الحصانة الفكرية الثقافية التي تصقل شخصيته الثقافية ,والتي تنعكس ايجابياً على هوية المجتمع العراقي.
  2. الثقافة الإسلامية الفكرية : في الاعتماد على المجادلة والحوار حتى مع الآخر في قوله تعالى﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾([67]) ، وهنا تبيّن الآية الكريمة المجادلة مع الآخر من أهل الكتاب(اليهود والنصارى), إذ إن المجادلة مصدر على صيغة (المفاعلة) مشتق من الفعل(جادل) الذي يدل على المشاركة وتعني المجادلة ((إقامة الدليل على رأي اختلف فيه صاحبه مع غيره  وتعرض في أوقات السلم وأوقات القتال))([68])، وقد ورد في الآية الكريمة بأسلوب يقوم على النهي (ولا تجادلوا) والاستثناء (إلا بالتي هي أحسن))،وهنا  يستوقفنا التركيب البنائي لجملة الاستثناء ،فالمستثنى منه  محذوف  دل عليه المستثنى تقديره ((: لا تجادلوهم بجدال إلا بجدال بالتي هي أحسن، ثم نجد أن اسم التفضيل(أحسن) قد خرج  من دلالة التفضيل  لقصد المبالغة في الحسن أي إلا بالمجادلة الحسنى([69]),والأحسن : ((الأعلى في الحسن من جهة قبول العقل له ،وقد يكون أعلى في الحسن من جهة قبول الطبع،وقد يكون في الأمرين جميعاً،وفي هذا دلالة  على وجوب الدعاء إلى الله تعالى في أحسن الوجوه وألطفها،واستعمال القول الجميل في التنبيه على آيات الله وحججه))([70])،وهنا لابد لأفراد المجتمع العراقي  من التحلي بمضامين الثقافة الإسلامية في ميادين الحياة المختلفة ,مما يعكس آثارها  الايجابية في الحفاظ على الهوية التي تجسد الثقافة الإسلامية أحد عناصرها الفعالة في المجتمع لاسيما ما يشهده  من حرب العولمة الثقافية التي تجمع بين الهدم والبناء، الأول منها يتمثل بالتأثر السلبي بالأفكار الثقافية التي تناقض التعاليم الاسلامية، في حين يمثل الثاني التأثر الايجابي بالتطور الثقافي  من طريق استثمار التطور العلمي، والتكنولوجي، والسعي الى الوقوف على منابع هذا التطور والعمل على شاكلته مما يجدي بالنفع الاجتماعي والاقتصادي  للفرد والمجتمع, على أن لا يفهم  الفرد  هذه المهمة فهماً خاطئاً ويجعل من الغرب قدوته أو ضالته التي يبحث عنها ،بل يجب التفكر والتدبر في معرفة الأسباب التي أبدع فيها الآخر،ومن ثم نقف على السلبيات التي جعلت من المجتمع مقصراً  في الوصول الى ماآل اليه الآخر من الابداع ،والتطور،والتقدم العلمي ،والتكنولوجي.

 

النتائج وخاتمة البحث

  1. إن الثقافة القرآنية تمثل عنصراً فعالاً في الهوية الثقافية في المجتمع العراقي على أن تكون تلك الثقافة ثقافة تطبيق لا ثقافة تنظير تعتمد على المنطوق والمكتوب، بل يجب تفعيل النص القرآني في شتى مجالات الحياة في الحوار، وفي المعاملة التي تعتمد على الصدق، والأمانة ،والإخلاص وتجنب الكذب والخيانة، والنميمة  وعدم تصديق الشائعات التي تطلق هنا وهناك  فالإمام علي (عليه السلام) يقول بين الحق والباطل أربعة أصابع أي الفرق بين ما يصدق من طريق السماع الكاذب ،وبين مايرى ويسمع ,ولعل سقوط الموصل خير دليل على ذلك بناءً على ماتناقلته الروايات من أن بعض الضباط أشاعوا ذلك فصدق الجند وتركوا اسلحتهم ومواقعهم وحدث  ماحدث،وأن تكون مخافة الله تعالى هي رأس الحكمة –كما قال الامام علي (عليه السلام)  في أي فعل يقدم عليه البشر ،وهذا ما يوفر الحصانة للأمن الثقافي الفكري.
  2. اتقان اللغة العربية الفصحى وجعلها وسيلة التخاطب بين أفراد المجتمع ،المثقفين  خاصة منهم  الطلبة ، والمعلمين ،والتدريسيين، والجامعيين فهم النواة والقدوة التي يقتدي بها الآخر ويقلدها.
  3. أن يكون الهدف من الحفاظ على اللغة العربية الفصيحة الخطوة الأولى لإتقان لغة القرآن الكريم  الذي يمثل قمة الهرم  في الحفاظ على هوية الثقافة الإسلامية في المجتمع العراقي.
  4. اتقان لغة القرآن الكريم التي تمثل محور الثقافة الاسلامية  فقد انزل الله تعالى القرآن بلغة العرب وتوعد بحفظها فقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾([71]) ،ومن هنا يظهر الاعجاز الالهي  في الحفاظ على اللغة العربية وبيان أهميتها  وفضلها على حساب اللغات الأخرى.
  5. ضرورة تدريس اللغة العربية الفصحى التي تستند في تطبيقها الى النصوص القرآنية ، والسنة النبوية الشريفة في المراحل الدراسية المختلفة،مما يمكن الطالب من الجمع بين الثقافة والمعرفة في آن واحد.
  6. إن الإلمام باللغة العربية الفصحى ،لا يعني الانزواء عن الآخر ،بل يعني الاهتمام بهوية الفرد الشخصية ،ومن ثم الاطلاع على الآخر.
  7. تدريب الطلبة على التفاهم فيما بينهم وبين التدريسيين  باللغة العربية الفصحى قدر المستطاع.
  8. الإعلام الثقافي الإسلامي الواعي الذي يركز على البرامج الفصيحة ،وعدم الاعتماد على اللهجات العامية  بحجة سرعة ايصال المعلومات الى الآخر بالسرعة الممكنة.
  9. إن الهوية الثقافية تكوّن مزيجاً من اللغة ، والدين، و التاريخ ، و ثقافة المجتمع ، وهذا معناه أن  الهوية يكون لها خصوصيتها المستمدة من ثقافة المجتمع وتصقلها تاريخه ،  وحضارته. 
  • أنه لا يوجد تعارض بين وجود هوية لكل مجتمع وبين التفاعل مع متغيرات العصر .
  • إن من مظاهر ضعف الهوية عندما يؤدي الإعجاب، بالعلم ،والتقدم إلي الإعجاب بمن أبدعوه، فيسيرون وراءهم ويتبعون خصوصياتهم الثقافية ،ومن هنا لابد من الالمام بمكونات الثقافة الإسلامية.

المصادر والمراجع

  • إعراب القرآن الكريم وبيانه:محيي الدين الدرويش،ط2،مط.سليمان زادة.
  • أمالي الصدوق:أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي(ت381هـ)، تحقيق:قسم الدراسات الاسلامية،ط1،مؤسسة البعثة،طهران،1417هـ.
  • البرهان في تفسير القرآن: السيد هاشم الحسيني البحراني(ت 1107هـ)،تحقيق:قسم الدراسات الإسلامية،مؤسسة البعثة،قم
  • تاج العروس من جواهر القاموس: محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت1205هـ)، تحقيق: عبد الكريم الغرباوي، ط2، مطبعة حكومة الكويت، 1987م.

    • التحرير والتنوير: للأستاذ الشيخ محمد طاهر بن عاشور ،ط1،مطعيسى البابي الحلبي وشركاه، 1384 ﻫ - 1964م.
    • التعريفات : علي بن محمد بن علي الجرجاني، تحقيق : إبراهيم الأبياري،ط1،الناشر : دار الكتاب العربي - بيروت ، 1405هـ.
    • التفسير البنائي للقرآن الكريم:الدكتور:محمود البستاني،ط1،مؤسسة الطبع التابعة للاستانة الرضوية المقدسة،1424ق/1382ش.
    • التوقيف على مهمات التعاريف : محمد عبد الرؤوف المناوي، تحقيق : د. محمد رضوان الداية،ط1،الناشر : دار الفكر المعاصر , دار الفكر - بيروت , دمشق، 1410هـ.
    • الثقافة الإسلامية تعريفها،مصادرها،مجالاتها،تحدياتها:د.مصطفى مسلم،د.فتحي محمد الزغبي،مكتبة الجامعة،إثراء للنشر والتوزيع.
  • جامع البيان في تأويل آي القرآن: ابو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310هـ), تحقيق: أحمد محمود شاكر، ط1، الناشر: مؤسسة الرسالة، 1420، 2000م.
  • الجامع لاحكام القرآن: ابو عبد الله محمد بن احمد الانصاري القرطبي (ت671ه)، اعتنى به وصححه الشيخ هشام سمير البخاري، ط1، دار احياء التراث العربي، بيروت- لبنان، 1422هـ-2002م.

    • الخصال: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي(ت381ه)،،صححه وعلق عليه:علي أكبر غفاري،منشورات قم المقدسة.
    • ديوان الشماخ بن ضرار الذبياني:حققه وشرحه:صلاح الدين الهادي،دار المعارف،القاهرة،مصر.
  • ديوان الفرزدق: تقديم: كرم البستاني، ط1، دار صادر، بيروت، لبنان، 1427 هـ - 2006م.

    • سوشيولوجيا الثقافة والهوية:هارلمبس وهولبورن،ترجمة:حاتم حميد محسن
  • شرح نهج البلاغة: ابن ابي الحديد (ت656هـ)، تحقيق: محمد ابو الفضل ابراهيم، دار احياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه، مصر.
  • صحيح البخاري: محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة البخاري أبو عبد الله(ت256هـ)،تح:د.محمد محمد تامر،دار الآفاق العربية،القاهرة،2009م.
  • فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير: محمد بن علي الشوكاني،تحقيق:عبد الرحمن عميرة،دار الوفاء.
  • لسان العرب: ابو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري (ت711ه)، تحقيق: أمين محمد عبد الوهاب،ومحمد الصادق العبيديّ ،دار صادر – بيروت، لبنان، 1388 هـ - 1968.
  • لمحات في الثقافة الاسلامية:عمر عودة الخطيب، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  • المستدرك على الصحيحين: محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا،ط1،دار الكتب العلمية - بيروت ، 1411 – 1990.
  • مجمع البيان في تفسير القرآن:لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي(248 ﻫ )،ط1،مؤسسة التراث العربي ،بيروت- لبنان، 1426 ﻫ -2008م.
  • مقال في الانترنت،هاني نسيرة،أرشيف اسلام أون لاين ISLAM ONLIN.

 

 

([1]) ديوان الشماخ بن ضرار الذبياني:129.

([2]) لسان العرب،ابن منظور: 15/371.

  ([3]) ينظر: قاموس المعجم الوسيط ، د. ابراهيم أنيس بالاشتراك مادة(ه وا) .

  ([4]) التعريفات،الجرجاني:320، وينظر: التعاريف،المناوي: 744 .

([5]) ينظر:التعريفات، الجرجاني:281 .

([6]) سوشيولوجيا الثقافة والهوية ،هارلمبس وهولبورن:13 .

([7]) نقلا عن كتاب سوشيولوجيا  الثقافة والهوية ،هارلمبس وهولبورن:15.

([8])  ينظر: لسان العرب:3/401.

([9])  ينظر: لسان العرب،ابن منظور:2/79.

([10]) التعاريف،التهانوي:219.

([11])  ينظر: هاني نسيرة ،مقال منشور في الانترنت.

  ([12]) صحيح البخاري:1/430 .

([13]) شرح نهج البلاغة،ابن ابي الحديد:17/28.

([14]) شرح نهج البلاغة،ابن ابي الحديد:17/28.

([15]) ينظر: جهاد الامام السجاد(عليه السلام)،السيد محمد رضا الحسيني الجلالي:245.

([16]) ديوان الفرزدق:364.

([17]) سورة النساء: 86.

([18]) سورة إبراهيم: 23.

([19]) سورة الكهف:23-24.

([20]) سورة يونس:10.

([21]) الثقافة والهوية، اشكالية  المفاهيم والعلاقة ،أ. شهيب عادل:6.

([22]) لمحات في الثقافة الاسلامية،عمر عودة الخطيب:36 .

([23]) سورة يوسف:2.

([24]) سورة الحجر:9.

([25]) سورة  يونس:10.

([26]) سورة هود:69.

([27]) سورة  الحجر:52.

([28])  سورة مريم:47.

([29])  سورة النور: 61.

([30])سورة الفرقان: 63.

([31]) الخصال، الشيخ الصدوق:85.

([32]) الخصال،الشيخ الصدوق:106.

([33]) أمالي الصدوق،الشيخ الصدوق:198.

([34]) سورة  آل عمران:19.

([35]) ينظر: مجمع البيان،الطبرسي:2/144 .

([36])  ينظر: لمحات  في الثقافة الاسلامية،عمر عودة الخطيب:40، وينظر: المسألة الاجتماعية بين الاسلام والنظم البشرية،،عمر عودة الخطيب :206، في ظلال القرآن ،سيد قطب:30/51 .

([37]) سورة  آل عمران:103.

([38]) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد:17/124.

([39]) صحيح البخاري:1/430 .

([40]) شرح نهج البلاغة،ابن ابي الحديد:17/28.

([41]) شرح نهج البلاغة،ابن ابي الحديد:17/28.

([42]) ينظر: الثقافة الاسلامية، د.مصطفى مسلم، د. فتحي محمد الزغبي:16 .

([43]) سورة التوبة:71.

([44]) سورة الحجرات:13.

([45]) سورة طه:124.

([46]) سورة الاسراء:29.

([47]) سورة الاسراء:27.

([48]) المستدرك، الحاكم النيسابوري: 2/15.

([49]) كنز العمال،المتقي الهندي:3/33.

([50]) سورة الأعراف:199.

([51]) سورة الحجرات:6.

([52]) تفسير القرطبي:16/264.

([53]) اعراب القرآن الكريم  وبيانه،محيي الدين الدرويش:7/248.

([54]) سورة الزمر:18.

([55]) ينظر:فتح القدير،الشوكاني: 4/649.                                                    

([56]) تفسير القرطبي:15/214.

([57]) سورة الأنفال:60 .

([58]) ينظر:تفسير القرطبي:8/36.

([59]) التفسير البنائي للقرآن الكريم،د.محمود البستاني:2/115.

([60]) الأحقاف:15.

([61]) تفسير الطبري:11/283.

([62]) ينظر:مجمع البيان ،الطبرسي:9/76.

([63])  سورة النحل: 125.

([64]) ينظر:مجمع البيان،الطبرسي:6/115.

([65]) فتج القدير،الشوكاني:3/291.

([66]) ينظر:مجمع البيان،الطبرسي:6/115.

([67]) سورة العنكبوت:46.

([68]) التحرير والتنوير،ابن عاشور:1/3204.

([69]) ينظر:التحرير والتنوير،ابن عاشور:1/3204.

([70]) مجمع البيان الطبرسي:8/19.

([71]) سورة الحجر:9.