الإرهاب الفكري في العراق في المرحلة ما بعد 2003

التحديات وسبل المواجهة

البــاحــث

م. كـاظـم جـعـفـر شـريـف

جامعة ميسان / كلية القانون

ABSTRACT:

If the terrorist crimes are severe in their materialism and their results, the terrorist ideas do not deviate from these characteristics. They do not remain within the limits of freedom of expression, but rather go out to produce a new pattern. From terrorism, is marketed to the recipients and imposed on them by certain means, and techniques are becoming widespread and not entirely controllable. If Iraq has achieved a qualitative victory over terrorist groups and imposed a new security equation on the ground, it is not possible to eliminate the final form of terrorist crimes in isolation from the removal of terrorist thought from the minds and the elimination of terrorist minds need to establish strong educational foundations and the preparation of curricula capable of Building a space for religious, ethnic and national tolerance. The crime of terrorism - before it turned into a materialistic behavior - was a terrorist ideology, nestled in consciences, grew in the hearts, fed on ideological tables that stigmatized its sectarianism, fed by the media, , To turn into serious crimes decriminalized to the owners and the bombing of displacement and rape against their partners in citizenship and humanity. Hence the problem of this research and the importance of the subject, how can Iraq's constitutional authority and institutions and universities to achieve victory over intellectual terrorism? , And what are the chances of success? The difficulties it faces and the ways to deal with it legally and technically .                                                 

الملخص :

لا يمكن العلاج أية ظاهرة سلبية في المجتمع بمعزل عن الوقوف على جذورها الاساسية ومعالجتها من الأساس وإذا كانت الجرائم الارهابية تتسم بالشدة في مادياتها ونتائجها فإن الأفكار الارهابية لا تحيد عن هذه السمات فهي لا تبقى عند حدود حرية التعبير بل تخرج عنها لتنتج نمطاً جديداً من الإرهاب يتم تسويقه الى المتلقين وفرضه عليهم بوسائل معينة وتقنيات باتت واسعة الانتشار غير قابلة للسيطرة عليها كلياً . وإذا كان العراق قد حقق إنتصاراً نوعياً على المجموعات الإرهابية وفرض معادلة أمنية جديدة على الأرض من خلال فصائل الحشد الشعبي والجيش والقوى الأمنية الاخرى الإ أنه لا يمكن القضاء بالصورة النهائية على الجرائم الإرهابية بمعزل عن قلع الفكر الإرهابي، فالجريمة الإرهابية قبل أن تتحول الى سلوك مادي كانت عقيدة إرهابية تعشعشت في الضمائر ونمت في القلوب وتغذت على موائد فكرية مقيتة شحنتها الطائفية وغذتها الأموال ودفعتها وسائل الإعلام الى الفضاء الخارجي لتتحول الى جرائم خطيرة أباحت لأصحابها التفجير والتهجير والإغتصاب بحق شركائهم في المواطنة والإنسانية . ومن هنا تبرز أهمية الموضوع ، فكيف يمكن للعراق سلطة ومؤسسات أن تحقق النصر على الإرهاب الفكري وما فرص نجاحه والصعوبات التي تواجهه وسبل معالجته تشريعياً وتقنياً .

المـقـدمـة :

     تمثل ظاهرة الارهاب تهديداً حقيقياً للسلم والامن الدوليين، وتشكل إحدى التحديات الخطيرة التي تواجه المجتمع الدولي فلم يعد العالم بشرقه وغربه اليوم بمنأى عن آثاره ومآسيه بالتوازي مع ثورة تقنيات الاتصالات وإرتفاع عدد التنظيمات الارهابية وشبكاتها بين الافراد والجماعات وإذا كان القضاء على هذه التنظيمات بالحرب الميدانية بحاجة الى إعداد العدة مادياً وعسكرياً مع تعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات وهذا بحد ذاته ليس مستحيلاً ولكنه ليس بالأمر اليسير فالحرب على الأرهاب الدولي تنوء بحملها دولة لوحدها في ظل تنامي الدعم الذي تتلقاه هذه التنظيمات من دوائر متعددة سراً وعلانية . وفي قبال ذلك كله لا يمكن تحقيق النصر التام على التنظيمات الارهابية والقضاء على الجريمة الارهابية كلياً بمعزل عن القضاء على الأفكار الأرهابية فالجريمة الارهابية وليدة عقيدة إرهابية عاشت في الأذهان وتأججت في الصدور حتى خرجت على شكل أفعال إجرامية في الواقع الخارجي. ومن هنا تبرز أهمية هذا الموضوع في الوقت الذي يحقق العراق إنتصاراً باهراً على تنظيم داعش الذي كان ضارباً جذوره في مساحة بلغت أكثر من ثلث جغرافيته . وجاء هذا الانتصار بفضل دماء الشهداء الذين لبوا نداء الوطن والمقدسات لينقض الحسابات ويقلب المعادلات وليعيد الى الوطن وحدته ولحمته. وإذا كانت الدراسات الأمنية والعسكرية إرتكزت على استراتيجية الحرب ضد داعش وتوازنات القوى في حسابات الربح والخسارة في معركة شرسة خاضتها فصائل الحشد الشعبي والقوات الامنية فإن مثل هذه الدراسات قلما تعتكف على أسس هذه الظاهرة الاجرامية وعمقها الفكري. ومن الأهمية بمكان أن تنهض مؤسسات الدولة كافة  في برامجها لخوض الحرب مجدداً مع إرهاب الفكر اليوم بعد إنطواء صفحة داعش في العراق وهذا يمثل تحدٍ يجب الالتفات اليه والعمل على إيجاد مقدماته الموضوعية وصولاً الى الغاية المنشودة في هذا المجال.

ومن هنا جاءت هذه الدراسة التي إتبعت المنهج التحليلي والمقارن لتثير إشكالية رئيسية تتمثل بماهية الارهاب الفكري وحدود علاقته بحرية التعبير ومدى إمكانية عدّ هذا النمط من الإرهاب جريمة في القانون العراقي وكيف تتم  مواجهته من الناحيتين القانونية والتقنية من خلال تقسيم البحث الى مبحثين :    

المبحث الاول : مفهوم الارهاب الفكري .

المطلب الاول : تعريف الارهاب الفكري وتمييزه عما يتشابه معه .

المطلب الثاني : مدى إمكانية عد الارهاب الفكري جريمة  .

المبحث الثاني : آليات مواجهة الأرهاب الفكري.

المطلب الاول : التصدي التشريعي للارهاب الفكري .

المطلب الثاني : التصدي التقني للأرهاب الفكري.

المبحث الاول : مفهوم الارهاب الفكري

لا يمكن العلاج أية ظاهرة سلبية في المجتمع بمعزل عن الوقوف على جذورها الاساسية ومعالجتها من الأساس وإذا كانت الجرائم الارهابية تتسم بالشدة في مادياتها ونتائجها فإن الأفكار الارهابية لا تحيد عن هذه السمات فهي لا تبقى عند حدود حرية التعبير بل تخرج عنها لتنتج نمطاً جديداً من الإرهاب يتم تسويقه الى المتلقين وللوقف على مفهوم هذه الصورة من الارهاب لا بد من تعريفه من جهة وتمييزه عن الحرية الفكرية المكفولة دستورياً وبيان التكييف القانوني المناسب له من خلال مطلبين .

المطلب الأول :

تعريف الارهاب الفكري وتمييزه عما يشتبه معه :

 اولا :الارهاب الفكري لغة : يرجع الجذر اللغوي للإرهاب الى الفعل رَهِبَ‏، بالكسر، يَرْهَبُ‏ رَهْبةً و رُهْباً، بالضم، و رَهَباً، بالتحريك، أَي خافَ. و رَهِبَ‏ الشي‏ءَ رَهْباً و رَهَباً و رَهْبةً: خافَه. و الاسم: الرُّهْبُ‏، و الرُّهْبى‏، و الرَّهَبوتُ‏، و الرَّهَبُوتى‏؛ و رَجلٌ‏ رَهَبُوتٌ‏. يقال: رَهَبُوتٌ‏ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، أَي لأَن‏ تُرْهَبَ‏ خَيرٌ من أَنْ تُرْحَمَ. و تَرَهَّبَ‏ غيرَه إِذا تَوَعَّدَه؛ و أَنشد الأَزهري للعجاج يَصِفُ عَيراً و أُتُنَه:

تُعْطِيهِ‏ رَهْباها، إِذا تَرَهَّبَا، على اضْطِمَارِ الكَشْحِ بَوْلًا زَغْرَبا ..ورَهْباها: الذي‏ تَرْهَبُه‏، كما يقال هالكٌ و هَلْكَى. إِذا تَرَهَّبا إِذا تَوعَّدا. و قال الليث: الرَّهْبُ‏، جزم، لغة في‏ الرَّهَب‏، قال: و الرَّهْباءُ اسم من‏ الرَّهَبِ‏، تقول: الرَّهْباءُ من اللّهِ، و الرَّغْباءُ إِليه. وفي حديث الدُّعاءِ: رَغْبةً و رَهْبةً إِليك.والرَّهْبةُ: الخَوْفُ و الفَزَعُ، جمع بين الرَّغْبةِ و الرَّهْبةِ، ثم أَعمل الرَّغْبةَ وحدها، كما تَقدَّم في الرَّغْبةِ.؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في روايةٍ، أَي من أَجل‏ رَهبَتِه‏، و هو منصوب على المفعول له. و أَرْهَبَه‏ و رَهَّبَه‏ و استَرْهَبَه‏: أَخافَه و فَزَّعه‏ ([1]).

ويعني الفكر الفِكْرُ: اسم التفكر. فَكَّرَ في أمره و تَفَكَّرَ. و رجل‏ فِكِّيرٌ: كثير التفكر. و الفِكْرَةُ و الفِكْرُ واحد([2]) .

ثانيا : الارهاب الفكري إصطلاحاً :

عرف الارهاب بأنه "كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أيًّا كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس ، أو ترويعهم بإيذائهم ، أو تعريض حياتهم أو أمنهم للخطر ، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة ، أو اختلاسها أو الاستيلاء عليها ، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر" ([3]).

وعرفه المجمع الفقهي الاسلامي لعدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيًا على الإنسان (دينه ، ودمه ، وعقله ، وماله ، وعرضه) ، ويشمل صنوف التخويف والأذى ، والتهديد والقتل بغير حق ، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبل ، وقطع الطريق ، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد ، يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي ، فردي أو جماعي ، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس ، أو ترويعهم بإيذائهم ، أو تعريض حياتهم ، أو حريتهم ، أو أمنهم ، أو أحوالهم للخطر ، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة ، أو تعريض أحد الموارد الوطنية ،أو الطبيعية للخطر ، فكل هذا من صور الفساد في الأرض الذي نهى الله - سبحانه وتعالى - عنه بالقول "([4]).

وعرف الفقه القانوني الارهاب بأنه " استخدام أو تهديد باستخدام العنف ضد أفراد ، ويعرض للخطر أرواحًا بشرية بريئة ، أو تهديد الحريات الأساسية للأفراد لأغراض سياسية بهدف التأثير على موقف أو سلوك مجموعة مستهدفة بغض النظر عن الضحايا المباشرين"([5])

ويرى بعض الباحثين بأن مصطلح الارهاب مترادف مع العنف والتطرف فالعنف بمفهوم القسوة في التعامل والتفاعل مع الآخرين،وقد يكون لصالح الطرف الآخر ليعدل من سلوكه ويحسن حاله. وهذا يعني العنف بمعناه الواسع لأنه يهدف إلى تصحيح أوضاع ومواقف لينشأ الفرد تنشئة صالحة وسوية. والتطرف وهو اتخاذ احد الطرفين بحيث يغالي الفرد بتمسكه بأحد الطرفين. ويشير هذا التطرف إلى العداء والاعتداء للشخص الذي يتخذ الطرف الآخر وكلاهما حينما يشد كل منهما من طرفه ينعكس العداء لأنفسهما فقد ينقطع الحبل ويودي بحياتهما معا؛ لأنهما يريدان أن يخيفا ويفزعا كل منهما الآخر، وهو ما يقصد بالإرهاب([6]).

        وإذ عرف الارهاب الفكري بأنه " محاولة فـرد أو مجموعـة مـن الأفراد أو الجماعات ، فرض رأي أو فكر أو مذهب أو دين أو موقف معين من قـضية مـن يا ضا الق ، بالقوة والأساليب العنيفة ، على أناس أو شعوب أو دول ، بدلا مـن اللجـوء إلـى الحوار والوسائل المشروعة الحضارية ، وهذه الجماعات أو الأفراد تحاول فرض هذه الأفكار بالقوة لأنها تعتبر نفسها على صواب والأغلبية مهما كانت نسبتها على ضلال ، وتعطي نفسها وضع الوصاية عليها تحت أي مبرر "([7]).

وعرف أيضا برمي مخالفيهم من المـذاهب الآخـرى بالابتداع والشرك و الجهمية والتعطيل والإلحاد ، وأنهم اعداء السنة والتوحيد ويدخل في ذلـك أخترع تقسيم التوحيد الى توحيد الوهية وتوحيد ربوبية ([8]).

بينما يرى الاخرون بان الارهاب الفكري هو عدوان بشري مبني على اسس فكرية وذلك باستخدام مختلف وسائل الضغط النفسي والبـدني والاجتمـاعي والاقتصادي من اجل التحكم في ارادة الفرد والمجتمع لتحقيـق اهـداف فكريـة أو دينيـة أو سية سيا أو اجتماعية أو كل ذلك معاً([9]).

وعرف الإرهاب الفكري أيضاً بانه عدوان بشري ينبني على أسس فكرية للحيلولة دون معرفة الانسان للحقيقة باستخدام وسائل نفسية واقتصادية واجتماعية وثقافية للتحكم بإرادة الفرد والمجتمع بغية تحقيق أهداف فكرية وسياسية ودينية وإجتماعية أو جيمع الاهداف المذكورة وهو ضرب من الإرهاب قائم على فرض عقيدة معينة أو رؤية فلسفية أو سياسية أو فهم إجتماعي  على الإنسان دون أن تكون له حرية التفكير ودون أن يترك له الحق في تقييمها خوفاً من الأذى الذي سيلحق به جراء رفضه للأمور المفروضة عليه([10]).

وبالرجوع الى قانون العقوبات العراقي النافذ ذي العدد (111/1969) المعدل نجد خلوه من تعريف دقيق للإرهاب الفكري فضلاً عن عدم تعريفه للجريمة الإرهابية بشكل عام وجاء قانون مكافحة الإرهاب ذو الرقم (13/2005) ليسد هذا النقص التشريعي معرفاً الجريمة الارهابية بأنها" كل فعل اجرامي يقوم به فرد او جماعة منظمة استهدف فردا او مجموعة افراد او جماعات او مؤسسات رسمية او غير رسمية اوقع الاضرار بالممتلكات العامة او الخاصة بغية الاخلال بالوضع الامني او الاستقرار والوحدة الوطنية او ادخال الرعب او الخوف والفزع بين الناس او اثارة الفوضى تحقيقا لغايات ارهابية". ويفهم من عبارة " غايات إرهابية " الدوافع النفسية والفكرية والخلفيات العقائدية المنحرفة دفعت بالجناة الى ترجمتها بالأفعال الجرمية المادية بغية إداخل الخوف أو الفزع بين الناس .

        ومن خلال ما تقدم ، يمكن تعريف الارهاب الفكري بأنه كل فكر منحرف في العقيدة وفي الرؤية السياسية والاجتماعية والفلسفية والاقتصادية يخرج الى الواقع الخارجي بالقول والكتابة يهدف الى فرضها على الأفراد أو الجماعات  بأية وسيلة كانت سواء كانت باستعمال القوة أو التهديد بها من شأنها إدخال الخوف والرعب بين الناس تحقيقاً لغايات إرهابية وبذلك يشكل هذا النمط من الارهاب  تهديداً فعلياً للأمن الفكري للأنسان وحرية التعبير المكفولة وطنياً ودولياً .

وفي ظل هذا السياق ، تظهر العلاقة الحميمة بين الإرهاب والفكر فهما على وتيرة تصاعدية طردية فكلما كان الفكر متشدداً في أصوله متطرفاً في بنيانه وضيقاً في أفقه كان الإرهاب حاضراً معه ومنتشراً ولا تنفك هذه العلاقة الا بالقضاء على مصادر التغذية الفكرية لهذه الجماعات أو تلك كما لا يتحقق الاستتباب الامني في أية دولة من الدول بالحرب العسكرية لوحدها بعيداً عن معالجة الأفكار ونشر قيم التسامح في المجتمعات . ومن هنا قال علماء التربية أن كل عمل لا بد أن تسبقه خطوات تخطيطية تتمثل بالعلم به ثم الاقتناع به ثم توجيه الإرادة لتنفيذه([11]).

ثالثا : تمييز الارهاب الفكري عن الحرية الفكرية  :

    تمثل الحرية الفكرية من أهم الحريات التي جاءت الشرائع السماوية على تقديسها وصيانتها من الإلغاء فلا قيمة للإنسان الا باحترام فكره وعقيدته وتعبيره وإذ وضع القرآن الكريم لهذه الحرية مكانة خاصة في منظومته التربوية للإنسان مع الآخر المختلف دينياً في قوله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾([12]) فلا يمكن تحقق الامتثال التام مع موجبات الدين والتفاعل مع غاياته والانصهار في بيئته واعتناق هويته بغير الالتزام الطوعي بعيداً عن الاكراه وأساليبه، وجاءت التربية القرآنية بقواعد راسخة لتحقيق الامن الفكري للمجتمع الانساني وإزالة بواعث الإرهاب الفكري كما في قوله تعالى :﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾([13]) ، رعايةً للفكر وصيانةً لمكنونات العقل ودفعاً الى الهداية الطوعية بعد بيان الحجة.. فلا عجب أن تأتي الإعلانات العالمية والدساتير الوطنية لتؤكد على هذه الحرية في نصوصها . وتحتل حرية العقيدة وحرية التعبير جوهر حرية الإنسان الفكرية . وعليه سنميز الإرهاب الفكرية عن حرية العقيدة وعن حرية التعبير في فقرتين تباعاً :

أ. تمييز الارهاب الفكرية عن حرية العقيدة :

تعد حرية العقيدة إحدى الحريات الأساسية التي كفلها الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 في المادة الأربعين منه التي نصت " لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة " بالمقابل قضت المادة الثانية منه:

أولاً:- الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ أساس للتشريع:

‌أ. لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام.

‌ب. لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.

‌ج. لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.

ثانياً:- يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، كالمسيحيين، والإيزديين، والصابئة المندائيين".

        ولم يقف عن هذا الحد بل حظر الدستور التعرض الى حرية العقيدة الا وفقاً للقانون وبناءً على قرار قضائي في المادة الخامسة عشر منه التي نصت " لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهةٍ قضائيةٍ مختصة" ، ولتعلق قواعد الاحوال الشخصية بالعقيدة الدينية كونها من أكثر الاوضاع الأجتماعية على صلة من الدين تأصيلاً وتنظيماً وسعت المادة إحدى وأربعون الدستورية من دائرة هذه الحرية ليكون الإلتزام بالاحوال الشخصية تحدده حرية العقيدة إذ قضت " العراقيون أحرارٌ في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون". وإتماماً لتنظيم الحرية الدينية وضمان ممارسة لوازمها أكدت المادة الثالثة والأربعون/ أ على حرية ممارسة الشعائر الدينية بالقول "أتباع كل دينٍ أو مذهبٍ أحرارٌ في ممارسة الشعائر الدينية، بما فيها الشعائر الحسينية" .

ومن خلال استقراء هذه النصوص الدستورية يتبين حرص المشرع الدستوري على ترسيخ هذه الحرية وتأكيد اهميتها بدلالة ورودها في أكثر من موضع والتصريح بها وبيان مصاديقها ذلك أن ممارسة الشعائر الدينية لا تنفك عن حرية العقيدة كما أن الالتزام بقواعد الأحوال الشخصية ليس بمعزل عن العقيدة الدينية ولخطورتها منعت المادة الثالثة والأربعون الدستورية من تقييد او مصادرة جوهر هذه الحرية وإن كان التقييد كان بقانون صادر من جهة رسمية([14]).

        ولإضفاء مزيد من الحماية القانونية على العقائد الدينية وحرية ممارستها جرم المشرع العراقي جميع ضروب الإعتداء عليها بدءً من تحقيرها مرورها بتشويشها وتعطيلها وانتهاءً بتخريب أو إتلاف الأبنية المعدة للعبادة في المادة (372) من قانون العقوبات العراقي ذي الرقم 111/ لسنة 1969 المعدل التي تقضي " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات:

ا‌. من اعتدى باحدى طرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها.

ب‌. من تعمد التشويش على اقامة شعائر طائفة دينية او على حفل او اجتماع ديني او تعمد منع او تعطيل اقامة شيء من ذلك.

ج‌. من خرب او اتلف او شوه او دنس بناء معدا لاقامة شعائر طائفة دينية او رمزا او شيئا اخر له حرمة دينية.

د. من طبع او نشر كتابا مقدسا عند طائفة دينية اذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه او اذا استخف بحكم من احكامه او شيء من تعاليمه.

هـ. من اهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية.و- من قلد علنا نسكا او حفلا دينيا بقصد السخرية منه.

  1. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من تعرض باحدى طرق العلانية للفظ الجلالى سبا او قذفا باية صيغة كانت".

وعلى مستوى القانون الدولي نجد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد ضمن حرية العقيدة في المادة (18) منه التي أكدت على أن " لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان                  والدين "([15]), ولم تغب هذه الحرية عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 التي جاءت المادة (18) مؤكدة عليها بالقول "

  1. كل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
  2. لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره"([16]).

   ومما تقدم يتبين أن حرية العقيدة حق أصيل من حقوق الإنسان لا يمكن للإنسان التخلي عنه كما لا يمكنه التمتع به الا في فضاء من الحرية إبتداء من الإيمان به وصولاً الى ممارسة موجباته وإعتناق هويته الكاملة على أن تكون هذه الحرية في حدود المصلحة العامة غير مهدد للنظام العام داخل الدولة ومن هنا تبرز الحدود الفاصلة بين حرية العقيدة والإرهاب الفكري بشكل جلي ، فالعقائد الدينية للفرد مصونة دستورياً ودولياً ما زالت عقائد الأخرين في سلام ، وتتسق قداسة هذه الحرية مع ممارستها في حدودها السليمة فإن إنحرفت عن مسارها واتخذت من الإكراه والترهيب سبيلاً الى نشرها ومذهباً للترويج عنها انقلبت الحرية الدينية الى إرهاب فكري الذي تنبذه الشرائع السماوية كلها والمواثيق الوضعية البشرية .

ب. تميير الإرهاب الفكري عن حرية التعبير :

       حرصت الشريعة الإسلامية على تأصيل حرية التعبير وتنظيم حدودها إحتراماً لكرامة الإنسان الذي فضل على كثير ممن خلق بعقله وتحمله المسؤولية بإتمام الحجة عليه فالتعبير عن الرأي ملازم لوجوده بالشكل الذي لا يصادر حقوق الآخرين المتساوين معه في هذا الحق ، ولهذا جاءت التربية القرآنية مكرسة هذا المعنى في لغة المتحاورين منها قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ﴾([17]) ، وقوله تعالى: ﴿ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾([18])  . وقوله تعالى : ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾([19]) وقوله تعالى : ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾([20]) ، من هذه الآيات يمكن اسنباط قواعد للحوار الحضاري بعيداً عن الإفراط في إطلاق حرية التعبير من جهة و والتفريط في مصادرة الرأي الآخر من جهة ثانية، فلا يكتمل بنيان السلم المجتمعي مع التطرف في الخطاب والعنف في التعبير ولا تفلح أية رسالة في بلوغ أهدافها والإيمان بها والتفاعل معها الا مع إحتفاظ الفكر بحريته .

وجاء الدساتير الوطنية في معظمها واضعة هذه الحرية في متونها منها الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 الذي كفل حرية التعبير عن الرأي في المادة (38) من الفصل الثاني وتحت عنوان (الحريات العامة ) بالقول :تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والاداب .

اولا ً : حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.

ثانيا ً: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر .

ثالثا ً: حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون .

وجاء هذا الحق الدستوري تأكيداً لما جاء في الإعلانات العالمية لحقوق الانسان ولا سيما الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 في المادة (19) منه التي تقضي بأن " لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية "، وفي المضمون ذاته أكدت المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على:

  1. لكل فرد حق اتخاذ الآراء دون تدخل.
  2. لكل فرد الحق في التعبير، وهذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات او الأفكار من أي نوع وتسلمها ونقلها بغض النظر عن الحدود الجغرافية، وذلك أما شفاهة او كتابة او طباعة، وسواءً كان ذلك في قالب فني او بأية وسيلة أخرى يختارها.
  3. ان ممارسة هذه الحقوق التي تنص عليها الفقرة (2) من هذه المادة تحمل في طياتها واجبات خاصة، وكذلك فإنها قد تكون خاضعة لبعض التقييدات، ولكن هذه التقييدات يجب ان ينص عليها القانون وهي ضرورية من اجل:

أ. احترام حقوق الغير وسمعتهم.

ب. حماية الأمن القومي او النظام العام او الصحة العامة او الأخلاق.

ومن هنا لا يمكن إعطاء حرية التعبير معناها الحقيقي الا في ظل بعض التقييدات التي باتت ضرورية لحمايتها من التشظي والتصادم ولكن هذه التقييدات مشروطة بأن تكون منصوص عليها في القانون ومحققة لغايات سامية وعلى رأسها حماية حقوق الآخرين والنظام العام داخل الدولة ([21]).

ومن غير ريب  فإن حرية التعبير عن الرأي مضمونة في الدستور العراقي ولكنها مشروعة بعدم الا خلال بالنظام العام والآداب وفلا يبقى هذا الحق في دائرة المشروعية لحظة انتهاكه لمصلحة أسمى منها وهي النظام العام والآداب العامة وبالمقابل فإن الدستور كفل جميع الوسائل المتاحة للتعبير عن الرأي بدلالة الاطلاق الواردة في المادة (38) منه ضمن دائرة التقييد المشروطة في النص وعليه فإن فرض الأفكار والآراء على الأخرين بالإكراه أوالترهيب أو العنف او التحريض يعد إرهاباً فكرياً .

وفي أحدث حكم قضائي تكرس حرية التعبير في برامج التواصل الإجتماعي ما قضت به المحكمة الفدرالية في ولاية نيويورك الأمريكية ضد الرئيس ترامب بعد قيامه بحظر مجموعة من متابعيه على حسابه في تويتر إثر تعليقات لهم معللة الحكم بأنه إنتهاك للدستور ومما جاء في الحكم الذي نشرته شبكة CNN الأمريكية :

that President Trump is in violation of the Constitution when he blocks users on Twitter.

It's a remarkable development in one of the more peculiar debates of Trump's presidency, and a victory for the First Amendment advocates who brought the lawsuit last year.

In her ruling, Judge Naomi Reice Buchwald wrote that "no government official -- including the President -- is above the law, and all government officials are presumed to follow the law as has been declared."

"We hold that portions of the @realDonaldTrump account -- the 'interactive space' where Twitter users may directly engage with the content of the President's tweets -- are properly analyzed under the "'public forum' doctrines set forth by the Supreme Court, that such space is a designated public forum, and that the blocking of the plaintiffs based on their political speech constitutes viewpoint discrimination that violates the First Amendment," Buchwald wrote.([22])

وقد تنقلب حرية التعبير الى الإرهاب الفكري وتخرج من المشروعية التي تحيط بها لحظة مصادرة الآراء وإحلال رأي معين عليها بالقوة أو الإكراه كما هو الحال مع التنظيمات الارهابية التي تسوق أفكارها باستعمال القوة المفرطة وتروج لمشاريعها الدموية بالإكراه مع ما تحمل من غايات غير مشروعة قديماً وحديثاً .

من خلال ما تقدم يتجلى الفرق بين حرية الفكر بصوره الكافة وإرهاب الفكر فالاخيرة تنهض مع فرض الأفكار بالاكراه واستعمال القوة أو التهديد بها في شحن الأذهان وتعبئتها تمهيدا لغايات إرهابية فلا يمكن توصيف عمليات التكفير الديني او التحريض على العنف بحرية التعبير المضمونة في الدستور والاتفاقيات الدولية . وبذلك تتنوع أساليب ممارسة الارهاب الفكري فقد تمارس من خلال التحريض على العنف أو التطرف الديني أو التعصب القبلي  أو العنصري أو الطائفي أو السياسي .

المطلب الثاني : مدى إمكانية عد الإرهاب الفكري جريمة :

     عند الوقوف على صور الإرهاب الفكري وتحليل عناصرها وإستقراء النصوص القانونية النافذة يتجلى أن هذه الأفعال تمثل إنتهاكاً جسيماً لحق الإنسان في حرية الفكر وإعتداءً على الأمن الفكري للأفراد والجماعات وخطراً حقيقياً على السلم الأهلي داخل الدولة ومن هنا حرصت الدساتير على حماية الأفراد منها وإذ نصت المادة (37/ثانيا) من الدستور العراقي على أـ ن :  (( تكفل الدولة حماية الفرد من الاكراه الفكري والسياسي والديني )) والإكراه الفكري والسياسي والديني ما هو الا مصاديق للإرهاب الفكري . وهذه الكفالة الدستورية تلقي عبء المسؤولية كاملاً على عاتق السلطات الاتحادية في أن تتخذ كافة السبل القانونية والإجرائية لتحقيق الامن الفكري ومنع تعرض رعاياها لصور للإرهاب الفكري على غرار مسؤوليتها عن توفير الأمن والسكينة لهم , ولا عجب أن المنظومة القانونية جعلت هذا النمط من الارهاب جريمة يعاقب عليها القانون , فالتحريض على الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي يمثل صورة من صور الارهاب الفكري وهي من الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي التي يمكن أن تتحقق في زمني الحرب والسلم، وقد تحدثت المادة (195) من قانون العقوبات العراقي النافذ عن تجريم إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي سواء أكان ذلك بالتسليح أو بالحمل على التسليح بعضهم ضد البعض الآخر أو بالحشد على الاقتتال، ويعاقب مرتكب تلك الأفعال بالسجن المؤبد عند عدم تحقق الجريمة، وتكون العقوبة الإعدام إذا تحقق ما إستهدفه الجاني وهو وقوع الحرب والفتنة بين مكونات الشخص المختلفة . وإذ تحدثت المادة (198/أ .1) من القانون نفسه عن التحريض على إرتكاب الجرائم المنصوص عليها في المواد (190-197) وعليه فإن قيام وسائل الأعلام بالتحريض على ارتكاب الجرائم الواردة في المادة ( 195) تكون مسؤولة أمام القضاء العراقي وبذلك قضت المادة (198 / أ . 1 ) (( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين من حرض على إرتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد (190 – 197) ولم يترتب على هذا التحريض أثر..)) وقد شدد المشرع عقوبة المحرِض إذا وجه نشاطه إلى أحد أفراد القوات المسلحة بأن جعلها السجن المؤبد ، وذلك لإحتمال وقوع الفتنة والاقتتال الطائفي بشكل أسهل، أذ أن الأمر لا يحتاج إلى تسليح.

        وتكيف التحريض الإعلامي على الحرب الأهلية بالجريمة الإرهابية وفق أحكام قانون مكافحة الإرهاب العراقي ذي الرقم (13) لسنة 2005، حيث قضت الفقرة (4) من المادة الثانية منه على تجريم التحريض بالقول  " العمل بالعنف والتهديد على إثارة فتنة طائفية، أو حرب أهلية، أو اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين، أو حملهم على تسليح بعضهم بعضاً، وبالتحريض أو التمويل )) , وأذ عاقب المشرع العراقي في هذا القانون بالإعدام كل من شارك في إثارة الفتنة الطائفية، أو الحرب الأهلية سواء أكان فاعلاً أصلياً، أو شريكاً ، محرضاً أو مخططا،ً أو ممولاً"([23]) .

        وجرم المشرع العراقي جريمة التحريض على قلب نظام الحكم المقرر في العراق، أو على كراهيته، أو الازدراء به أو تحبيذ أو ترويج ما يثير النعرات المذهبية، أو الطائفية، أو التحريض على النزاع بين الطوائف والأجناس في أثارة شعور الكراهية والبغضاء بين سكان العراق، بأن عاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات، أو الحبس([24]).              

     وضماناً للسلم الأهلي، وحفاظاً على النسيج الاجتماعي، جرم المشرع الإعتداء بإحدى طرق العلانية على معتقدات الطوائف الدينية في العراق، أو تحقير من شعائرها، أو تعمد التشويش على إقامتها بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة دينار([25]).

     وجرم المشرع العراقي في قانون العقوبات تحريض القوات المسلحة على الانضمام إلى العدو، أو الإستسلام له، أو زعزعة إخلاصهم للبلاد، أو ثقتهم بالدفاع عنها وشدد العقوبة الى الإعدام (32). وعاقبت المادة (161) منه بالسجن المؤبد من يحرض الجند في زمن الحرب على الانخراط في خدمة دولة أجنبية، أو سهل لهم ذلك .

ولخطورة هذه الجرائم وإرتباطها بالأمن القومي للدولة ، عاقب المشرع العراقي في المادة (170) من قانون العقوبات بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين من يحرض على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد من (156 – 169) ولو لم يترتب على تحريضه أثر.

وجرمت المادة 372 من قانون العقوبات العراقي  الاعتداد بإحدى الطرق العلانية على المعتقدات الدينية للطوائف والمذاهب الدينية في العراق إذ قضت "

  1. يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لا تزيد على ثلثمائة دينار.
  2. من اعتدى باحدى طرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها.
  3. من تعمد التشويش على اقامة شعائر طائفية دينية او على حفل او اجتماع ديني او تعمد منع او تعطيل اقامة شيء من ذلك.
  4. من خرب او اتلف او شوه او دنس بناء معدا لاقامة شعائر طائفية دينية او رمزا او شيئا آخر له حرمة دينية.
  5. من طبع ونشر كتابا مقتبسا عند طائفة دينية اذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه او اذا استخف بحكم من احكامه او شيء من تعاليمه.
  6. من اهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية.
  7. من قلد علنا ناسكاً او حفلا دينيا بقصد السخرية منه."

ويتجلى من هذه المادة أن الاعتداء على المعتقدات عبر الخطاب الاعلامي أو تشويه أو إهانة الشعائر الدينية أو رموزها يشكل إرهاباً فكرياً يعاقب عليه القانون بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة دينار .

وإذ لعب الارهاب الفكري عن طريق التحريض الاعلامي  دوراً بارزاً في قتل ما يربو على نصف مليون إنسان من أقلية التوتسي . وفي سنة 1997 إتهمت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا ثلاثة روانديين بجريمة التحريض الإعلامي على الإبادة الجماعية ، أحدهم محرر الصحيفة (Kangura) وهي صحيفة مملوكة لهوتو وهي الأغلبية التي نشرت مقالات لاذعة ضد التوتسي في الأشهر التي سبقت الإبادة ، كما إتهمت المحكمة نفسها مؤسسَيْ محطة الإذاعة والتلفزيون الحرة التي كانت تقدم نشرات تلفزيونية حددت فيها مواقع التوتسيين للقتل في برامجها. وفي كانون الثاني من سنة 2007، تقدم محامو الدفاع عن المتهمين الروانديين العاملين في وسائل الأعلام المملوكة للنظام الحاكم، للطعن بالأحكام الصادرة من المحكمة المذكورة، وعلى إثرها أصدرت الدائرة الاستئنافية في المحكمة قرارها في 28/2/2007 أكدت بموجبها التهمة على التحريض المباشر لرئيسي محطة الإذاعة والتلفزيون وهما ( فرديناندوجان ، وبوسكوبارا ياغويزا ) ومؤسس صحيفة (Kangura ) حسن نغيزي وقد حكمت عليهم بالسجن لفترة تتراوح بين 32 _ 35 سنة ([26]).

وواضح مما تقدم أن أفعال التحريض على العنف أو إثارة الحرب الأهلية أو إثارة الكراهية، أو الازدراء أو تحبيذ أو ترويج ما يثير النعرات المذهبية، أو الطائفية، أو التحريض على النزاع بين الطوائف والأجناس في أثارة شعور الكراهية والبغضاء بين سكان العراق لا تكون الا بالشحن والتعبئة الفكرية والالفاظ ذات الدلالات المثيرة والتي تدفع الأخر الى إرتكاب الجريمة بصورتها المادية ونتائجها ومن هنا تتجلى خطوة الارهاب الفكري فهو مقدمة موضوعية للجريمة الارهابية بصورها المختلفة .

المبحث الثاني : وسائل مواجهة الارهاب الفكري

    شكلت مواجهة القوات الأمنية العراقية ضد التنظيم الارهابي " داعش " صفحة مشرقة في تاريخ العراق المعاصر فبعد استباحة ما يربو على ثلث مساحة العراق جاءت فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف لتحث العراقيين في التصدي والدفاع عن وحدة الأرض والمقدسات فأبدع الشعب بكل الوانه في رسم معالم الانتصار والمنازلة التاريخية الكبرى وتحررت الأرض المغتصبة وانطوت الصفحة السوداء وإذا كانت المواجهة العسكرية المادية بحاجة الى إعداد خطط وبناء استراتيجية كاملة تدريبا وتسليحا منظمين فإن المواجهة الارهاب الفكري لا تخرج من هذه المعادلة فالجرائم الارهابية قبل تنفيذها تعيش في أذهان الارهابيين وخطاباتهم التحريضية فنمت هذه الأفكار وتعبأت في العقول ومهدت المناخ لتنفيذ الجرائم الارهابية وبذلك فأن الجريمة الارهابية نسبقها الافكار الارهابية واذ أريد القضاء على المشاريع الارهابية نهائيا فإنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف الا بإزالة الفكر الارهابي في عقول المتلقين وخطاب المتصدين ومناهج الدارسين . وتتسق سبل مواجهة الارهاب الفكري مع أساليب ممارسة هذا الشكل من الارهاب كونه يمثل تعبئة للعقول بعقائد ضالة وأفكار إجرامية ترغيباً وترهيباً من خلال الخطاب الإعلامي والمدارس الدينية المتطرفة والمناهج التي تدعو الى التكفير والتضليل فضلاً عن ممارسة هذه الصور الإجرامية عبر وسائل الإعلام الإلكترونية مثل وسائل التواصل الإجتماعي والقنوات الأخرى، ومن هنا كان لزاماً تنقية البيئة الإجتماعية من الأفكار الإرهابية الخطيرة من خلال مواجهتها تشريعياً وتقنياً، وعليه سنقسم هذا المبحث الى مطلبين :

المطلب الاول : المواجهة التشريعية للأرهاب الفكري :

يشكل الدستور العراقي لسنة 2005 القانون الاسمى في الدولة وهو الوثيقة الاساسية التي تبين ملامح النظام السياسي والقاعدة الاساسية للقوانين الداخلية واللوائح والقرارات ولم تغب عن هذا الدستور محاربة الارهاب بصورتيه المادية والفكرية بعد أن ألزمت المادة (37) منه الدولة حماية أفرادها من الإكراه الفكري جاءت المادة  (7) منه لتقضي "

 اولاً :ـ يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير أو التطهير الطائفي، او يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمىً كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون.

ثانياً :ـ تلتزم الدولة بمحاربة الارهاب بجميع اشكاله، وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو ساحةً لنشاطه."

حيث أن التطهير الطائفي والتكفير والعنصرية تمثل صوراً سوداء من الارهاب الفكري وجاء الحظر الدستوري بمنع تبني هذه الصور في العقيدة الدينية أو السياسية أو التحريض عليها أو الترويج لها في المناهج والخطاب والأعلام والمواقع كافة وإستناداً لهذا الحظر الدستوري شرع مجلس النواب العراقي قانون حظر حزب البعث والكيانات والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية ذا الرقم رقم (32) لسنة 2016([27]).

        وإذ عرفت المادة الاولى من هذا القانون العنصرية  بالسلوكيات والمعتقدات التي تعلي من شأن فئة لتعطيها الحق في التحكم بفئة أخرى وتسلب حقوقها كافة كونها تنتمي لدين أو عرق ما.

والتكفير بأنه اتهام الإنسان بالكفر بما يجرده عمليا من حقوقه الإنسانية ويعرضه للاهانة والقتل والطرد من المجتمع. أما التطهير الطائفي فقد عرفته بعملية الطرد بالقوة لسكان غير مرغوب فيهم من منطقة معينة على خلفية تمييز ديني أو عرقي او قومي او سياسي أو استراتيجي أو لاعتبارات إيديولوجية أو مزيج من الخلفيات المذكورة. بينما قضت المادة -2-  منه بسريان أحكام هذا القانون على حزب البعث (المنحل) وعلى كل كيان أو حزب أو نشاط أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي والقومي أو يحرض أو يمجد أو يروج له.

ومنع القانون حزب البعث الصدامي والكيانات والانشطة الاخرى التي تحرض وتروج للتكفير او العنصرية أو التطهير الطائفي من ممارسة أي نشاط سياسي كما في المادة الرابعة منه بالقول " 

أولا: يمنع حزب البعث من ممارسة أي نشاط سياسي أو ثقافي او فكري أو اجتماعي وتحت أي مسمى وبأي وسيلة من وسائل الاتصال أو الإعلام.

ثانياً: يمنع تشكيل إي كيان أو حزب سياسي ينتهج أو يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض عليه أو يمجد له أو يروج له أو يتبنى أفكار او توجهات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة".

وقضت المادة -6- بسريان أحكام المادة (4) من هذا القانون على كافة الأحزاب والكيانات والتنظيمات السياسية التي تنتهج أو تتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو تحرض عليه أو تمجد له أو تتبنى أفكارا أو توجهات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. وبذلك قطع الطريق أمام هذه الانشطة والكيانات التي تمارس الارهاب الفكري أو العنصرية من ممارسة النشاط السياسي وحمل القانون دائرة الاحزاب في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مسؤولية دخول هذه الأنشطة في الحراك السياسي([28]) .

ولم تخلُ نصوص هذا القانون من العقوبات بل جاءت بطائفة من العقوبات تصل الى السجن لمدة عشر سنوات وتتوزع هذه العقوبات على الانتماء للانشطة المحظورة أو الترويج لها أو التحريض عليها في الخطاب او الأعلام وشتى صوره كما في المادة -8-

اولاً: التي  تعاقب بالسجن مده لا تزيد على (10) عشر سنوات بعد نفاذ هذا القانون كل من انتمى إلى حزب البعث المحظور أو روج لأفكاره وأرائه بأية وسيلة أو هدد أو كسب إي شخص للانتماء إلى الحزب المذكور.

ثانياً: تكون العقوبة السجن مده لأتقل عن (10) عشر سنوات إذا كان الفاعل من المنتمين إلى حزب البعث قبل حله أو من المشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة. وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن (6) ست سنوات كل من ساهم أو ساعد من خلال وسائل الإعلام بنشر أفكار وآراء حزب البعث والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية ويشمل مالك المؤسسة الإعلامية([29]).

وتتجلى فلسفة المشرع من تجريم الأنشطة العنصرية والأرهابية ومعاقبة مرويجها في الحفاظ على الأمن الفكري للأفراد من الإعتداء والمصادرة كون هذه الأنشطة قائمة على ترهيب العقول في مشاريعها وهي تتعارض مع القيم والمبادئ الإنسانية والتوجهات الديمقراطية القائمة على التداول السلمي للسلطة ولا تعترف بالعيش المشترك في المجتمع الإنساني .

ولم تقف المسألة عن عقوبة السجن المؤبد فالتحريض على الحرب الاهلي والاقتتال الطائفي يشكل جريمة إرهابية تعاقب عليها بالإعدام وفق المادة (4) من قانون مكافحة الارهاب العراقي ذي الرقم 13 لسنة 2005 إذ قضت المادة الثانية من قانون مكافحة الارهاب" :  تُعد الافعال الاتية من الافعال الارهابية : ٤ـ العمل بالعنف والتهديد علـى اثـارة فتنـة طائفية أو حرب اهلية أو اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين أو حملهم على تسليح بعـضهم بعضاً وبالتحريض أو التمويل ( ..

ومنع قانون المطبوعات العراقي ذو الرقم ٢٠٦لسنة ١٩٦٨المعدل ترويج الافكار الاستعمارية والانفصالية في الدوريات حيث قضت المادة (16) منه ) لا يجوز أن ينشر في المطبوع الدوري ٣ـ ما يروج لأفكـار اسـتعمارية والانفـصالية والإقليمية ...... ٦ـ ما يشكل طعناً بالأديان المعترف فيها في الجمهورية العراقية([30]) (.

في قبال هذه المواجهة القانونية كان لزاماً على القضاء العراقي أن يكون حاضراً في تطبيق القوانين بحزم وإتقان قطعاً للطريق أمام هذا الشكل من الإرهاب ولكي تؤتي هذه النصوص التشريعية أكلها فما جدوى القوانين إن لم يتسق معها التطبيق الصحيح وفي هذا السياق قضت محكمة النقض المصرية في قضية " نصر حامد أبو زيد " الذي سخر من بعض النصوص القرآنية أثناء محاضرته " بأن الدستور المصري يكفل في المادة (41) منه حرية الرأي في حدود القانون ، هذه الحرية التي يجب أن تكون وفقاً للضوابط والحدود التي يسمح بها النظام الأساس للدولة والقواعد التي يقوم عليها هذا النظام وفي صدارتها أحكام الشريعة الإسلامية ، ولو أنه إحتفظ باعتقاده في سريرة نفسه دون الإعلان عنها فإن الشريعة لا تفتش في مكنون النفوس ولا تتنقب عن سرائرهم لان ذلك متروك لله وحده "([31]).

ولا ريب أن المواجهة التشريعية للأرهاب الفكري مهم في الوقت الذي تسعى التنظيمات الارهابية الى تغذية العقل الجمعي بأفكارها وتروج الى العنف وتسعى الى نشر ثقافة التكفير وتنمية الخطاب العنصري والتربية على التطرف في التعاطي مع المختلف الديني والعرقي والمذهبي بالمقابل فإن من الخطأ بمكان إختزال مواجهة الارهاب الفكري بالعقوبات بمعزل عن سياسة تشريعية شاملة تقلع الأرهاب الفكري من العقول عبر أعداد الخطط لتنمية الوعي الوطني وبرامج ترسخ السلم الأهلي وتجذر التسامح ومراجعة شاملة للمناهج الدراسية والمنشورات ومراقبة الخطاب الاعلامي الرقمي والفضائي والديني وفرض سيطرة نوعية على خطب الجمعة وبناء استراتيجية للأمن الوقائي بصوره الكافة فالأمن الفكري لا يتحقق من خلال النصوص القانونية لوحدها أن لم ترفد هذه النصوص بثقافة مجتمعية قائمة على التفاهم والحوار على أساس المشتركات ونبذ العنف تحقيقاً للسلم والامن الأهليين .

المطلب الثاني : المواجهة التقنية :

    في ظل الثورة المعلوماتية الهائلة وكثرة المواقع الالكترونية وهيمنة التواصل الاجتماعي الذي جعل العالم كله مرتبطاً مع بعضه وسرعة إنتشار الخبر والوصول اليه تسعى التنظيمات الارهابية الى تسخير هذه الشبكة العنكبوتية لترويج أفكارها العنصرية وبث خطاباتها الطائفية من خلالها حتى أمست هذه الشبكة إحدى قنواتها الرئيسية لتنفيذ برامجها الارهابية الأمر الذي يفرض على عاتق الدولة ومؤسساتها الاتحادية مواجهة هذا الخطر المهدد للأمن الوطني العراقي من خلال مراقبة هذه المواقع ووضع تقييدات تقنية صارمة ضد المواقع الالكترونية التي تبث سموماً أرهابية وتحاول ترويج للفكر الارهابي  .

        فلقد أستخدم تنظيم داعش تقنية الانترنت الى أبعد حد لتسويق مشروعه الاجرامي من خلال الرعب والخوف وكسب ود الشباب المتشدد واعتمد سياسة إغراق المواقع الالكترونية بالعنف والاناشيد الدينية الحماسية والشعارات الجهادية والألفاظ الطائفية ونصرة أبناء المذهب ضد الاخر فضلا عن إتقان عمليات التصوير الفلمي وإتقان الاخراج في بث الافلام والصور في المواقع الالكترونية كالفيس بوك وتويتر واليوتيوب ويعد فلم سلسلة صليل الصوارم المكونة من 4 أجزاء من أقوى المشاهد التي صورت العمليات الاجرامية التي قام بها أرهابيو داعش وهي تبدأ بعرض خريطة الشرق الاوسط ثم تصور مشاهد سيطرة داعش على مدن العراق . كما بث هذا التنظيم  أيضا فلم " نهاية سايكس بيكو " ويظهر فيه مقاتل يتحدث باللغة الانكليزية واقفاً بين الحدود العراقية السورية معلنا نهاية هاتين الدولتين وانه لا حدود بينهما بل خلافة ودولة واحدة مزعومة([32]).

ومثلت التقنية الرقمية والفضاء الالكتروني الذراع  الأيمن لهذا التنظيم فالتسويق الديني والتلاعب النفسي كان يسير على وفق جملة من المساند والاليات والتخوم الرمزية والسلوكية، نرى منيا ما هو دولي، والاخر أقليمي والاخر محلي(بيئة مناطق الاستباحة) وقد لجأ الداعية في داعش الى إستخدام كافة الادوات المعقدة (الرقمية منها والصورية) مرورا بالتقليدية كأدوات(وسائط،) ومن ثم كان الإستخدام  لتلك الادوات يتمثل بتنوع وتكرار واشباع المضمون بضربات من الاستمالات العاطفية والدينية والجمالية من قبيل (الاناشيد، والموسيقى، وتصدير الصور والارتباط (الدمج) وصولا الى انتقاء الصور والكلمات والشعارات والمقاطع التاريخية واختيار الاصوات والوقائع الاخرى التي تعد مأثورة لدى العرب والمسلمين ([33]).

        ولم تتخذ السلطات الاتحادية في العراق أية خطوة على مستوى تقنيات الاتصالات ضد المواقع الإرهابية وملاجئها التكفيرية سوى تصويت مجلس النواب العراقي  يوم 17 من التشرين الثاني /2015 على قرار يقضي بحظر مواقع تنظيم "داعش" وجميع المواقع الاخرى ووسائل الاعلام التي تحض على "الارهاب، كما سبق ان صوت في 14 ايلول 2015على قرار يلزم وزارة الاتصالات بحجب المواقع الاباحية من شبكة الأنترنت.

ولم تقم وزارة الاتصالات العراقية خطوات جادة في القضاء على الارهاب الإلكتروني في ظل تنامي قدرات هذه التنظيمات في المجال التقني وإدزياد حساباتهم الإفتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي وإتقانهم لمشاهد التحريض والترويج المنظمين لأفكارهم الإرهابية وخطاباتهم الطائفية وإذ رصد أحد المراكز البحثية نحو (60) صفحة إلكترونية منشأة باللغة العربية تبث محتوىً تكفيرياً و(40) ألف صفحة بلغات مختلفة([34]),مما يحتم قيام وزارة الاتصالات بنهضة تقنية شاملة لحجب هذه المواقع الارهابية فضلاً عن مسؤوليتها القانونية بعدم قيامها بحجب المواقع الاباحية التي باتت تهدد الامن الأسري والفكري والديني للعائلة العراقية فالمصلحة العامة تقضي بغلق هذه المواقع حفاظاً على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي وصيانة للأمن الفكري من الافكار الارهابية .

إن الحفاظ على النظام العام الوطني من الفوضى وصيانة السلم الأهلي من الأمواج التكفيرية والحفاظ على مقومات الأسرة العراقية من المد الإباحي من أهم أولويات الدولة فلا تلام الحكومة إن فرضت رقابتها على شبكة الأنترنت ونظمت أصول البث الرقمي وقيدت ما يهدد الأمن الفكري والأسري ولا يعد فعلها إنتهاكاً للحريات الفردية سيما أن المادة (46) من الدستور الإتحادي أجازت تقييدها بقانون أو بناءً عليه على أن لا يمس هذا التقييد او التحديد جوهر هذه الحريات.

إن حجب المواقع الالكترونية والصفحات الشخصية المروجة للطائفية والعنصرية والتكفير على وسائل التواصل الإجتماعي من قبل وزارة الإتصالات العراقية إمتثالاً لقرار مجلس النواب العراقي لا يعد إجراءً إدارياً فاقداً للمشروعية بل يستند على إساس متين من الدستور والقانون من جهة ويصون الأمن الفكري من جهة ثانية , فالمادة السابعة من الدستور الإتحادي حظرت الكيانات التي تروج للعنصرية او للإرهاب او للتكفير أو للتطهير الطائفي وجاء قانون حظر حزب البعث والكيانات والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية ذو الرقم رقم (32) لسنة 2016 مستنداً عليها ومن هنا كان لزاماً على الحكومة العراقية الإمتثال للقانون الذي يمثل إرادة الشعب في تنقية البيئة الرقمية من هذا الإرهاب الذي بات أشد خطراً من الإرهاب المادي حفاظاً للسلم الأهلي ودرءً للمخاطر المترتبة على شيوعه في المجتمع ([35]).

ولتحقيق بيئة فكرية سليمة بعيدة عن الملوثات الوافدة وضماناً للأمن الأسري العراقي الذي بات مهدداً بفعل العولمة التي تشكل شبكة الإنترنت إحدى عواملها الرئيسة وتجنباً من هزات التي قد تعصف بالبناء الأسري وحماية لتماسكه الإجتماعي وحرصاً على القيم الإجتماعية والدينية التي تعد الوقود الضامن لديمومة المجتمع إذ تعظم الحاجة الى غلق المواقع الإباحية على شبكة الإنرنت التي باتت عاملاً مزعزعاً للإستقرار النفسي والمجتمعي في ظل تنامي معدلات الطلاق والتحرش الجنسي من خلال إلزام وزارة الإتصالات بالإمتثال لقرار مجلس النواب القاضي بحجب هذه المواقع سيما أن هذا الإجراء يصب في المصلحة العامة ولا يكلف الدولة مبالغ باهضة وفق بيانات وزارة الإتصالات العراقية ذاتها ([36]).

الخاتمة

أولا: النتائج :  

  1. يمثل الإرهاب الفكري شكلاً آخراً للإرهاب المادي إذ يفرق عنه من جهة الموضوع ويسبقه من زاوية الظهور ، فالأول يخرج عن حرية التعبير ليتخذ فكراً مسوقاً الى المتلقين بالإكراه بوسائل معينة وتقنيات باتت غير قابلة للسيطرة ، أما من زاوية الظهور فالجريمة الإرهابية قبل تنفيذها على الأرض كانت عقيدة إرهابية نمت في العقول وتغذت في الصدور ثم انتقلت الى مراحل الإعداد والتحضير والتنفيذ من خلال فرضها على الآخرين تحقيقاً لغايات إرهابية .
  2. لا يمكن إحراز النصر الحقيقي على الجماعات الإرهابية والقضاء عليهم كلياً بمعزل عن القضاء على الأفكار الإرهابية، والإنتصار الأخير يبدو أشد صعوبة من النصر العسكري فهو بحاجة الى استراتيجة عالمية شاملة وبرامج وطنية دؤوبة وتغذية فكرية ممنهجة ترسخ قيم التسامح وتعزز المشترك الإنساني وتنمي روح المحبة والسلام بين الأمم والشعوب والطوائف.فإن استطاعت الاستراتيجية العسكرية ان تقضي على التنظيمات الإرهابية هنا وهناك لكنها غير قادرة على إنهائها فكرياً ، لأن الفكر الذي تتغذى عليها بحاجة الى إعادة تدوير وصياغة جديدة وعلى مختلف الأصعدة.
  3. إن الإرهاب الفكري قابل للظهور بين إحضان أية مدرسة أو فلسفة أو عقيدة متى إنحرفت عن مسارها الإنساني وخرجت الى الواقع الخارجي بالقول أو الكتابة وحاولت فرضها على الأفراد أو الجماعات بأية وسيلة كانت سواء بالقوة أو التهديد بها من شأنها إدخال الرعب بينهم مما يشكل تهديداً للأمن الفكري الإنساني .
  4. إن العلاقة بين الإرهاب والفكر حميمية وعلى وتيرة متصاعدة ، فكلما كان الفكر متشدداً في أصوله ، متطرفاً في قواعده ، ضيقاً في بناه فإن الإرهاب حاضر معه ولا تنفصم هذه العلاقة الا بالقضاء على مصادر التغذية الفكرية لهذه الأصول الإرهابية ومعالجتها من الأساس .
  5. تفترق الإرهاب الفكري عن الحرية الفكرية التي تمثل حرية العقيدة وحرية التعبير جناحيها ، والعلاقة بينهما علاقة تضاد وتنافر ، فالاول تنهض قوائمه مع إستعمال القوة والتهديد بها في تعبئة الأذهان وشحنها بعقيدة معينة تمهيداً لغاية إرهابية بينما تدور الأخيرة مع إطلاق الأفكار والعقائد في فضاء من الحرية وجوداً وعدماً ومناقشتها وتلاقحها دون قيد سوى المصلحة العامة وإحترام الآخر المختلف فكرياً وعقدياً.
  6. يمثل الإرهاب الفكري فعلاً مجرماً في القانون العراقي ويتخذ هذا التجريم صوراً متنوعة فقد يكون الإرهاب الفكري جريمة ماسة بأمن الدولة الداخلي كالتحريض على الإقتتال الطائفي والحرب الأهلية حتى لو لم تترتب على التحريض الحرب أو الاقتتال الطائفي وفق مقتضى المادة (195) من قانون العقوبات العراقي وقد يكون جريمة إرهابية كما في الفقرة الرابعة من المادة (2) من قانون مكافحة الإرهاب .... فدلالة التحريض لا تخرج عن الشحن الفكري والتعبئة الذهنية للقيام بالفعل ولا يغير من الوصف القانوني وقوع التحريض بوسيلة معينة .
  7. إن ممارسة الإرهاب الفكري تعد مانعاً دستورياً وقانوناً من المشاركة في الحياة السياسية في العراق فالترويج للأفكار الإرهابية والتحريض على الإقتتال الطائفي والتبني للمشاريع للمتطرفة والتوجهات المعارضة للديمقراطية في الإعلام الرقمي أو المكتوب او المسموع والمرئي تحمل المفوضية العليا للإنتخابات مسؤولية قانونية من دخول هؤلاء المروجين في الانتخابات أو ممارسة أي نشاط سياسي.

ثانياً : التوصيات:

في ختام هذه الدراسة توصلت الى إبداء بعض المقترحات :

  1. دعوة مجلس النواب العراقي الى سن تشريع خاص يجرم إنشاء المواقع الالكترونية الخاصة بالانشطة الارهابية والأباحية تأميناً للأمن الاسري من التفكك ووقاية للسلم الاهلي من التصدع والإقتتال ويلزم وزارة الاتصالات بحجب هذه المواقع ومتابعتها تقنياً بما يؤمن لها من بسط رقابتها على قنوات التواصل الاجتماعي واليوتيوب.
  2. دعوة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الى ممارسة دورها القانوني بتطبيق أحكام قانون حظر حزب البعث والكيانات والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية ذي الرقم (32) لسنة 2016 ولا سيما نص المادة -7- أولا- التي حملت دائرة الاحزاب في المفوضية مسؤولية مراقبة الاحزاب والكيانات والتحقق من عدم ممارستها للانشطة المحظورة في القانون كالتحريض الطائفي والترويج للأفكار البعثية والعنصرية والأرهابية لضمان عدم مشاركتها في الانتخابات والحياة السياسية .
  3. دعوة دواوين الاوقاف الى مراقبة الخطاب الديني في مؤسساتها ومدارسها ومخرجاتها وفرض رقابة صارمة على مطبوعتها وموظفيها من أئمة الجمع والمساجد ضماناً للأمن الفكري وقطعاً للطريق أمام المتطرفين في ترويج مشاريعها الاجرامية .
  4. دعوة وزارة التربية العراقية الى تطعيم مناهجها بأفكار التسامح وقبول الاخر والتركيز على الوحدة الوطنية ونبذ العنف وإشاهة ثقافة السلام وتقديس الهوية الوطنية وعلويتها على الهويات والاثنيات الاخرى .
  5. دعوة جهاز الامن الوطني الى بناء استراتيجية متكاملة لمواجهة الارهاب الفكري وتأسيس مرصد للفتاوى التكفيرية والقنوات المتطرفة والمنشورات الارهابية حماية للنظام العام والأمن الفكري والأسري .

المراجع

اولاً : المعاجم اللغوية :

  1. ابن منظور، محمد بن مكرم ، لسان العرب، ج 1، دار صادر ،بيروت ،1956م .
  2. الفراهيدي ، كتاب العين ، الخليل بن أحمد (ت175هـ)، تحقيق: د مهدي المخزومي، و د. إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال ج 5. 

ثانيا : الكتب القانونية والمجلات العلمية :

  1. د.جلال الدين محمد صالح ، الارهاب الفكري أشكاله وممارسته ، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، ، الرياض ، 2008.
  2. حسن بن علي السقاف ، السلفية الوهابية افكارها الاساسية وجذورها التاريخية ، ط ، ٢دار الميزان ،بيروت ، ٢٠٠٧.
  3. ا.د. رسمية سعيد عبد القادر حنون و  ا. ليلى رشاد  البيطار ، ورقة عينية لظاهرة الإرهاب، مؤتمر جامعة الحسين بن طلال الدولي " الإرهاب في العصر الرقمي" عمان / الاردن في 10-12/7/2008.
  4. د. سعيد بن سعيد ناصر حمدان ، د. سيد جاب االله السيد عبد االله ، دور المؤسسات الاجتماعيـة فـي تحقيق الامن الفكري ، بحث مقدم الى المؤتمر الوطني للأمن الفكري
  5. د صعب ناجي عبود وزينب عبدالسلام عبدالحميد ، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية ، كلية القانون ، جامعة بابل ، العدد 2، السنة 8 ، 2016
  6. د. عصام صادق رمضان، الابعاد القانونية للارهاب الدولي ، مجلة السياسة الدولية ، مؤسسة الأهرام ، القاهرة، العدد 854.
  7. أ.م.د كامل القيم ، حرب الرموز وتسويق مثيرات العنف والارهاب (رؤية في تسويق الدعاية والحرب النفسية لتنظيم داعش ) مركز بابل للدراسات الانسانية ، المجلد ، 5 ، العدد 2.
  8. د.مصطفى محمد موسى ، الارهاب الالكتروني ، دراسة قانونية أمنية فلسفية إجتماعية ، دار الكتب والوثائق المصرية ، ط1، 2009.
  9. د.نصيف جاسم حمدان ، الحرب الرقمية لتظيم داعش ، بحث منشور في مجلة كلية التربية الاساسية جامعة بغداد ، المجلد 21، العدد91، 2015 .

ثالثاً : الدساتير والقوانين والاتفاقيات الدولية :

  1. دستور العراق النافذ لسنة 2005.
  2. قانون العقوبات العراقي ذو الرقم 111 لسنة 1969.
  3. قانون المطبوعات العراقي ذو الرقم (206) لسنة 1968المعدل.
  4. قانون مكافحة الارهاب العراقي ذو الرقم 13 لسنة 2005.
  5. الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لسنة 1998.
  6. الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان لسنة ١٩٥٠.
  7. العهد الدولي الخـاص بـالحقوق المدنيـة والسياسية لسنة ١٩٦٦.
  8. الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان  لعام .١٩٦٩ .
  9. الميثاق العربي لحقوق الانسان لسنة 2004.
  10. جريدة الوقائع العراقية: العدد(4420) 16 محرم 1438 ه/ 17 تشرين الأول 2016 م/ السنة الثامنة والخمسون.
  11. قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ، الدورة السادسة عشرة في 26 شوال 1422 هـ ، رابطة العالم الإسلامي ، مكة المكرمة .

رابعاً : القرارات الدولية :

  1. قرار الجمعية العامة ذو الرقم 53/144/ في 29/12/1998 .

 خامساً : المراجع الاجنبية :

1.Wibke kristin Timmermann : Incitement in international criminal law, International Review of Red cross , Volume 88 , No , 864 , December 2006

 سادساً : المواقع الإلكترونية :

1.https:twitter.com.CNN.

 

 

([1]) ابن منظور ، محمد بن مكرم ، لسان العرب، ج 1، دار صادر ،بيروت ،1956م . ،  ج 1 ص437.

 

([2]) الخليل بن أحمد  (ت175هـ) ، كتاب العين ، تحقيق: د مهدي المخزومي، و د. إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال ج5 ،ص  358 .  

([3]) نظر : المادة الأولى من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب ، جريدة الرياض ، الصادرة بتاريخ 29\11\1418 هـ ، العدد (10818).

([4]) قرارات المجمع الفقهي الإسلامي ، الدورة السادسة عشرة في 26 شوال 1422 هـ ، رابطة العالم الإسلامي ، مكة المكرمة .

([5]) د. عصام صادق رمضان، الابعاد القانونية للارهاب الدولي ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 854، ص 24

([6]) ا.د. رسمية سعيد عبد القادر حنون   و  ا. ليلى رشاد  البيطار ، ورقة عينية لظاهرة الإرهاب، مؤتمر جامعة الحسين بن طلال الدولي الإرهاب في العصر الرقمي" عمان / الاردن في 10-12/7/2008.

([7]) د. سعيد بن سعيد ناصر حمدان ، د. سيد جاب االله السيد عبد االله ، دور المؤسسات الاجتماعيـة فـي تحقيق الامن الفكري ، بحث مقدم الى المؤتمر الوطني للأمن الفكري .

([8]) حسن بن علي السقاف ، السلفية الوهابية افكارها الاساسية وجذورها التاريخية ، ط ، ٢دار الميزان ، بيروت ، ٢٠٠٧ص. ٧.

([9]) د صعب ناجي عبود وزينب عبدالسلام عبدالحميد ، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية ، كلية القانون ،  جامعة بابل ، العدد 2، السنة 8 ، 2016.

([10]) د.جلال الدين محمد صالح ، الارهاب الفكري أشكاله وممارسته ، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، ، الرياض ،  2008، ص23.

([11]) د.مصطفى محمد موسى ، الارهاب الالكتروني ، دراسة قانونية أمنية فلسفية إجتماعية ، دار الكتب والوثائق المصرية ،   ط1، 2009، ص29.

([12]) البقرة :256.

([13])الانعام :108 .

([14]) قضت المادة (46) من الدستور العراقي النافذ (( لا يكون تقييد ممارسة أيٍ من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءً عليه، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية.)) .

([15]) نصت المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1948 (لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة).

([16]) قضت الفقرة الثالثة من المادة (18) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم  المتحدة لسنة 1966(3. لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. 4. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة).

([17]) سورة آل عمران:64.

([18]) سورة الكافرون:2 ـ3 .

([19]) سورة سبأ: 24.

([20]) سورة الأنعام: 108.

([21]) وقد جاء قرار الجمعية العامة 53/144/ في 29/12/1998 ليؤكد على حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دولياً. وكـذلك المـادة  (١٠) من الاتفاقية الاوربية  لحقوق الانسان لسنة ١٩٥٠والمادة 19من العهد الدولي الخـاص بـالحقوق المدنيـة والسياسية لسنة ١٩٦٦والمادة ) (١٣من الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان لعام ١٩٦٩والمادة 32  مـن الميثاق العربي لحقوق الانسان .

([22])  https:twitter.com.cnn.

([23]) المادة الثانية من قانون مكافحة الارهاب العراقي ذي الرقم 13 لسنة 2005.

([24]) الفقرة ( 2 ) ، المادة ( 200 ) ، قانون العقوبات العراقي ذو الرقم ( 111 ) لسنة 1969 .

([25]) المادة ( 372 ) قانون العقوبات العراقي .

([26])Wibke kristin Timmermann : Incitement in international criminal law, International Review of Red cross , Volume 88 , No , 864 , .December 2006 pp.

([27]) نشر بجريدة الوقائع العراقية: العدد(4420) 16 محرم 1438 ه/ 17 تشرين الأول 2016 م/ السنة الثامنة والخمسون.

([28]) ينظر المادة -7- أولا-من قانون حظر حزب البعث والكيانات والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية ذي الرقم (32) لسنة 2016 التي نصت " تتولى دائرة الأحزاب في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مراقبة ومتابعة الأحزاب  والكيانات والتنظيمات السياسية والتحقق من عدم ممارستها أياً من الأنشطة المحظورة بموجب هذا القانون".

([29]) ينظر المادة (9) من قانون حظر حزب البعث والكيانات والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية ذي الرقم (32) لسنة 2016والمادة-10- التي تعاقب بالسجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات كل من انتهج أو تبنى العنصرية أو التكفير أو التطهير الطائفي أو التطهير القومي أو حرض عليه أو مجد له أو روج له أو حرض على تبني أفكار أو توجهات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.والمادة-11-  التي شددت العقوبة الى السجن المؤبد على كل من ارتكب الأفعال المحددة في المواد (8 و9 و10) من هذا القانون، إذا كان الفاعل من منتسبي الجيش أو قوى الأمن الداخلي.

([30]) المادة (16) من قانون المطبوعات العراقي رقم (206) لسنة 1968المعدل .

([31]) أ.م.د صعب ناجي عبود وزينب عبدالسلام عبدالحميد ، أساس مكافحة الإرهاب الفكري ، مجلة المحقق الحلي للدراسات القانونية والسياسية ، العدد الثاني ،السنة الثامنة 016،ص518.

([32]) د.نصيف جاسم حمدان ، الحرب الرقمية لتظيم داعش ، بحث منشور في مجلة كلية التربية الاساسية جامعة بغداد ، المجلد 21، العدد91، 2015 ،ص19.

([33]) أ.م.د كامل القيم ، حرب الرموز وتسويق مثيرات العنف والارهاب (رؤية في تسويق الدعاية والحرب النفسية لتنظيم داعش) مركز بابل للدراسات الانسانية ،المجلد ، 5 ، العدد 2، ص 6.

([34])  د.أسامة الأزهري ..الندة البرلمانية للإتحاد البرلماني العربي .

([35]) شدد الوكيل الفني الاقدم لوزير الاتصالات امير البياتي على أهمية  حجب المواقع الاباحية والقضايا الامنية والارهابية من شبكة الانرنت وهذا يحتاج تثقيف لحماية الاطفال من استخدام الانترنت مع الاطلاع على تجارب الدول المتقدمة في كيفية  استخدام الانترنت منذ المرحلة الاولى دراسيا ضمن منهاج تربوي متكامل بموازاة التعليم وتم رفع الى لجنة الخدمات في  البرلمان مسودة مشروع لحثهم على اقراره مع دعوة وزارة التربية لتبني المشروع بما يتلائم مع المجتمع العراقي وهي   مسؤولية تخص كل الجهات وان حجب المواقع تقرره لجنة عليا ونحن ننفذ توصياتها بخصوص حجب مواقع تدعو للارهاب  والتطرف والطائفية ، حيث ان الوزارة عضو في اللجنة تلك كما اننا نسعى لتشكيل بوابات نفاذ دولية للنفاذ يصبح بالإمكان حجب المواقع غير المرغوب بها من خلال تلك البوابات مع مصادقة هيئة الرأي في الوزارة على تشكيل النواة الاساسية لوكالة الفضاء العراقية.للمزيد يتنظر : http://www.nasiriaelc.com/2015/12/72381 جريدة الناصرية الالكترونية.

([36]) .  http://aynaliraqnews.com/index.php?aa=news&id22=45388   في  15 سبتمبر 2015 .