القيم السياسية وتحولاتها في عراق ما بعد 2003

م.د. بشار سعدون هاشم الساعدي

أستاذ الفكر السياسي في كلية القانون والعلوم السياسية - الجامعة العراقية

المقدمة:

لا يمكن تحديد مفهوم واضح ودقيق للقيمة value، وذلك لأنها موضوع متعدّد الاهتمامات في مواضيع العلوم الإنسانية وقد يبدو نوعاً من المغامرة أن نعطي مفهوماً للقيمةِ بعيداً عن امتداداتها السابقة، وعليه لابد من التعامل مع المصطلح بدلالاته التداوليَّة([1]).

إنَّ أقدم حقل معرفي تناول القيمة باعتبارها موضوعاً علميَّاً، كان في الفلسفة وخصوصاً مع افلاطون plato في نظرية المُثل العليا التي كانَ يعتقد بأنَّ لها قيمتها الموضوعيَّة خارج نطاق العالم المحسوس، وما العالم المحسوس إلاَّ انعكاساً للمُثل، فتتمثَّل القيمة عنده اشتراك هذه الانعكاسات في ذلك العالم العالي([2])، وربَّما كان هذا التصوّر الافلاطوني له تأثيراته في الأخلاق، فالأخلاق لا بد أن تتَّبع المثل الأعلى، بمعنى أنَّ البحث عمّا يكون وليس عمّا هو كائن هو تمثيل القيمة بمجالها الأخلاقي، فالمسلم مثلاً حينما يصلّي أو يجتنب الغيبة فإنَّه يمارس موضوع قيمة الفعل المشدود نحو المثل الأخلاقي الأعلى الذي أتاحه الإسلام لذلك الإنسان، ولكن القيم ليست مجرّد أمور تتحقّق في فاعلية الإنسان فقط، بل تتجاوز ذلك لتكون واقعاً يفرض ذاته على الشعور الفردي ويولِّد شعوراً جمعيَّاً كما هو واضح في مدرسة علم الإجتماع عند دور كهايم Durkheim([3]) ,ولا تبقى ضمن تلك الحدود وإنَّما تصل إلى حدود الممارسة الفرديَّة الخاصة أي الجماليَّة مثلاً المتحف يعرض تُحفاً والحديقة تحتوي على أزهار وقيمة الزهرة أو التحفة الفنيَّة يكمن في التذوّق الفردي أو الشخصي لها، فالبعض يعد القيمة في ذلك التذوّق الجمالي أي حينما ينفعل بها الإنسان، لكن هنا تبقى القيمة موضوعاً فرديَّاً نسبياً يتأثّر بالرفض أو القبول من قبل المتذوّق فالبعض يعدّ نحت )مايكل أنجلو( له قيمةٌ جماليَّة وآخر لا يثمّن هذا النتاج بل يمتدح لوحات )سلفادور دالي(، وقد تخرج من هذا الأساس لتكون موضوعيَّة مثل دُعات الفن للفن، فالزهرة لها جمالها الذاتي دون أن تتأثّر بالمتلقّي، ها هنا فصلاً بين الذات العارفة والموضوع المدرك، أي بين المقيّم والقيمة، وهذا معنى تسرّب بطريقة ما إلى الأنثروبولوجيِّين: جاء في معجم الأثنولوجيا والأنثروبولوجيا أنَّ " فكرة القيمة تُتَّخذ محتوى معياريَّاً يتمّ التمييز بين المعنى والقيمة "([4]) ,ولذلك هي " أصل التراتبيَّة.

 وقائمة على معطيات مجتمع "([5]), فالذي يقوم بدراسة القيمة عليه "أن يميّز بين المادة والموضوع الذي يتيح لنا اعتبار تلك المجتمعات كموضوعات دراسة"([6]), وهذا الاعتبار يجعل من القيمة مادةً والمجتمع موضوعات لتلك المادّة من حيث الثبات والتغيّر ولذلك عدّت أصلاً للتراتبية وعليه تكتسي القيمة صفة المعياريَّة والموضوعيَّة وهذا ما يتيح لنا استعمالها بالمعنى السياسي. ولا إغفال للقيمة بمعناها الاقتصادي والذي هو معروف ولا يحتاج إلى إيضاح ( تعني الثمن أو السعر).

ومن هذا الأداء التداولي المترامي الأطراف نخلص إلى نتيجة إجرائيَّة هي أنَّ القيمة أساس لاجتماع فئات بشريَّة معيَّنة تتّصف بالتباعد أو الاقتراب، فالتباعد يعني القيمة المعنويَّة التي تكون أخلاقيَّة، دينيَّة، مذهبيَّة، تنظيميَّة (حزب).

والاقتراب يركّز على الصفة البيولوجيَّة أي رابطة الدم والعرق (أي الارتباط العشائري أو القبلي )... وما إلى ذلك.

وبعد هذا الإيجاز المفهومي نبيّن طبيعة الإجراءات التي سنتّخذها في مشروع دراستنا هذه، وفق الفرضيات الآتية:

أولاً : القيمة تعبّر عن العلاقة الاعتبارية لجماعة بشريَّة، تكون حزب، قبيلة، عشيرة، علاقات دولية، تدخّل دولي... إلخ.

ثانياً : القيمة كمادة أي العلاقة التي تربط الجماعة البشريّة فيما بينها ومع جماعات بشريّة أخرى، وهنا قد يكون المعتقد أو المذهبيَّة أو الحزبيَّة أو القوميَّة هي القيمة التي تربط الجماعات.

ثالثاً : انحلال القيمة أي تفكّك العلاقة بين الرابطة الجماعية والمجتمع ودخول قيم بديلة، لكن ليس من السهولة أن تنحل القيمة بدخول القيم البديلة وإنَّما يندمجان ويظهران كقيمة تحوّلية، وها هنا هل تعود القيمة التحوّلية إلى أصولها السابقة بشتّى تمثّلاتها؟ أو تفرز في مسارها الطويل أو القصير قيماً متوسّطة في المستوى الأول بالتحوّل إلى قيم ثابتة؟.

هذه هي الإجراءات النظرية لفرضيَّة البحث والتي تحيل إلى افتراض القيمة كشرط نظري في تفحّص مسيرة الأحزاب وافرازاتها في عراق قبل وبعد 9/4/2003 وهذا يجعلنا نستعمل ادوات منهجية تحليلية وتاريخية واستقرائية.

    وقسم بحثنا الى مبحثين: يتناول المبحث الأول، القيم وآثاراها السياسية في العراق. وسنبحث، ها هنا، عن أجوبة للأسئلة التالية:

  1. ما هي القيم التي سادت في المجتمع العراقي قبل وبعد 2003؟
  2. ما هي طبيعة القيم التي أثَّرت على السياسة العراقية؟
  3. بعد الجواب عن السؤالين السابقين إن كان ممكناً يُطرح السؤال التالي:

هل كانت تلك القيم التي ظهرت وأثّرت على السياسة هي ثابتة أو متغيرة أو أنّها تبقى قيماً تحوّلية؟

في حين يتناول المبحث الثاني، التحوّل من نظام الحزب الواحد إلى نظام تعدّدية الأحزاب (إفرازات القيم التحوّلية) أو (تبدّل القيمة السياسية). وسنبحث هنا عن أجوبة لأسئلة تمسّ الواقع العراقي بعد 2003:

  1. ما هي القيم التي سادت في نظام الحزب الواحد ابتداءً من عام 1968 وانتهاءً بعام 2003؟
  2. ما هي القيم التحوّلية -إن وجدت- في تعدّدية الأحزاب بعد 2003 ؟
  3. ما هي علاقة القيم السابقة بالقيم اللاحقة، أكانت صراعيّة أم تضامنيَّة؟

المبحث الأول : القيم وآثارها السياسية في العراق

المطلب الأول: القيم التي سادت المجتمع العراقي :

أولاً: قبل 2003م :

لا يمكن لأي باحث أن يستخرج مفهوم القيمة بامتدادها الذي مرّ سابقاً إلاَّ أن تكتنف طريقه صعوبات جمّة وذات أبعاد متشابكة ومتشعّبة، وهذا بطبيعته يعالَج بكتبٍ واسعة ومتّسعة وهذا ما لا يسمح به بحثنا هنا.

لذلك سنأخذ القيمة بأساس نظري يعتمد على أدوات علم الاجتماع والوسائل السياسية في فهم وظيفة وآثار ظاهرة القيمة في المجتمع العراقي، ويُتتَبّع بتاريخ موجز يؤدّي الغرض لموضوع بحثنا.

إنَّ القيمة في المجال الاجتماعي تعني بـ"عناصر تركيبيَّة مشتقّة من التفاعل الاجتماعي لتشكّل المكوّنات الجوهرية للنظريّة الاجتماعيّة "([7]), وهذا يعني أنّ القيمة تحمل تركيبيّاً، مأخوذ من التفاعل الاجتماعي بين المكوّنات المجتمعيّة سواء كان على أساس علاقات النفع المتبادل أو العرق أو الدين... إلخ، فهو يحمل لما يحدث في المجتمع من اجتماع من مكوّناته التركيبيّة ومن هذا يمكن القول إنَّ القيمة الاجتماعية بوصفها علاقة بين الأفراد تكون طبيعيّة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ ظاهرة الاجتماع الإنساني طبيعيّة أو كما جاء في القول المشهور (( إنَّ الإنسان حيوان اجتماعي بالطبع )) وبمعنى آخر تكون قيمة مبتنية على أساس الحاجة إذا قلنا أنّ الإنسان يحتاج إلى أخيه الإنسان في ممارسات شؤون حياته العامة، وعلى أساس هذه الحاجة تصوّر بشكل اقتصادي وآخر بشكل سياسي وهو غايتنا، لأنَّ السياسة تُعنى بالممارسة التنظيميّة لشؤون المجتمع وحاجاته.

فالقيمة بهذا المعنى السياسي تأخذ الحاجة والممارسة في مرتكزاتها، ومن خلال ذلك يمكننا أن نشخّص القيم السياسية في العراق وابتداءً من العصر العثماني ومروراً بالعصر البريطاني والملكي وانتهاءً بالجمهوري، لنتبيّن فيها طبيعة تلك القيم السياسية.

أ. في العصر العثماني:

تعاقب الغُزاة على حكم العراق منذ سقوط دولة العبّاسيين عام 1258ميلادية وخضع العراق للهيمنة العثمانية لمدة 384عام حيث دخلت العراق سنة 1534 بقيادة سليم القانوني وأدمج العراق بالسلطة العثمانية، وفي هذه الهيمنة والسيطرة العثمانية تعرّض العراق والعراقيين إلى صنوف من استغلال بشع ممّا أدّى للبعض إلى القول "أصبحت فيه تركيا موطناً للإجراءات العقيمة والعمياء،... أصبح فيها الوضع التركي في العراق من الضعف، الذي لا تسنده القوّة البشرية"([8]), ممّا أضاف صعوبة على الحياة العامة للناس وأتبع العثمانيون سياسة طائفيَّة في إدارة الدولة في العراق يعتمد على القيمة المذهبيَّة الطائفية وترجيح فئة على أخرى، ويؤيّد ذلك أنّ " كثير من الكتّاب والباحثين العراقيين يعتبرون أنّ ما يعانيه العراق من تمييز طائفي هو نتاج سياسة الدولة العثمانيّة الطائفية"([9]) , ويضيف العلوي قائلاً: "أوجدت السياسة التركية العثمانيّة شرخاً كبيراً في جسد المسلمين العراقيين، سواء كان في تطبيقها العملي في حكم العراق ومن خلال اعلامها الذي مارس نوعاً من غسيل الدماغ لرعاياه من المسلمين السنّة"([10]).

ويكمن سبب التمييز الطائفي الذي اتبعه العثمانيّون في العراق إلى أبعاد سياسية واضحة تعود إلى اعتبار المذهب السني مذهب الدولة الرسمي، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى من أجل الحفاظ على دولتهم بزج الذين ينتمون إلى ذلك المذهب في دوائر الدولة وإعطاءهم سلطات واسعة من أجل قمع المخالفين لذلك  "مارس الأتراك سياسة تعسّفية ضد الشيعة فأهملوا مدنهم وحُرّمت عليهم الوظائف الحكوميّة المهمّة، لا لسبب إلاَّ لكونهم ينتمون إلى مذهب هو غير مذهب الدولة الرسمي "([11]).

لذلك يمكن القول أنّ أساس ظهور القيمة السلبيّة الطائفيّة في إدارة الدولة في العراق تعود إلى العثمانيين وبموجبها قُسّم المجتمع العراقي إلى طبقتين طبقة تُفهم على أنّها مع الدولة وأخرى على أنّها ضدّ الدولة وهذا له دوره في تحويل صراع الحاجة من السياسة إلى الدين بوجهه الطائفي. وبالتأكيد أنّها قيمة تحوّلية متحولة سلباً من الدين الإسلامي الذي لا يسمح عموماً بتلك الممارسات إلى قيمة سلبية طائفية تتغطّى بالدين، لذلك جوّزوا لأنفسهم سحق الآخر إعلاميّاً وعملياً والشاهد على ذلك ظهور اقتتال طائفي في العراق إبّان الحكم العثماني.

ب.عصر الاستعمار البريطاني:

لم يكن عهد الاستعمار البريطاني أفضل حالاً من سابقه العثماني، فقد استمرّت مسيرة التمييز الطائفي رغم أنّ هنالك توحّداً في الموقف الداخلي العراقي ضد الاستعمار البريطاني وظهور قيمة الدين فوق المذهب كشيء إيجابي تمثّل باشتراك الشيعة والسنة في الحرب ضدّ البريطانيين المستعمرين، فوقف الشيعة مع الدولة العثمانيّة التي اضطهدتهم من قبل ضد الانكليز في معارك الشعيبة وغيرها، حتّى تُوّجت هذه القيمة بثورة العشرين وعبّرت عن تهديدٍ خطرٍ للمصالح البريطانيّة ممّا جعل القائمين على الإدارة البريطانية بإعادة القيمة الطائفية فنجحت بذلك وأسّست أول وزارة عراقية بقيادة عبد الرحمن النقيب والتي تحتوي على شخصيّات سنيّة متمثّلة بـعبد الرحمن النقيب رئيساً ممّا أثار حفيظة الشيعة في تلك الفترة فاختاروا محمد مهدي بحر العلوم وزيراً للمعارف لإسكاتهم واستمرّ الحال حتّى في الوزارة الثانية التي لم تحتوِ إلاَّ على وزير واحد شيعي هو عبد الكريم الجزائري، وازداد الأمر سوءاً في الوزارة الثالثة التي لم تتوفّر على أي وزير شيعي وكذلك في الوزارة الرابعة باستثناء عبد الحسين الجلبي وزير المعارف، والذي يطّلع على تقسيم الوزارات العراقية في عهد الانتداب والاحتلال البريطاني يلاحظ ذلك التمييز الطائفي الواضح وكان قصد البريطانيين في ذلك تهميش الشيعة الأكثريّة والاعتماد " على السنّة لأنّهم أقليّة وبالتالي تجد هذه الأقليّة نفسها مضطرّة لأن تحتمي بالمستعمر ليضمن بقاءها في السلطة "([12]).

ت . العصر الملكي:

يبدو أنّ الملك فيصل الأول حاول التخفيف من وطأة التمييز الطائفي الذي مارسه العثمانيون والبريطانيون وهذا يظهر من خلال إلقاء نظرة لخريطة الوزارات العراقية التي احتوت على عدد أكثر من الوزراء الشيعة، لكن بقت القيمة الطائفية في العصر الملكي لتتّخذ بُعداً آخر وهو البُعد القومي، يقول الملك فيصل في مذكراته "بأنّ العراق مملكة تحكمها حكومة عربية سنيّة مؤسّسة على أنقاض الحكم العثماني، وهذه الحكومة تحكم قسماً كرديّاً وأكثريّة شيعية منتسبة عنصريّاً إلى نفس الحكومة "([13])، والملاحظ أنّ في هذه الفترة بدأت الأحزاب العراقية بالتشكّل على أُسس وطنيّة فيها نفحة التوحّد من ثورة العشرين لكن بدت تيّارات متنافسة فيما بينها وهذه تمثّل إضافة قيمة أخرى وهي القيمة الصراعية الحزبيّة إضافةً إلى القيمة القومية والطائفية، لكن في عهد الملك غازي بدت عمليات قمع طائفي واضح استمرّ حتى عهد الوصي عبد الإله وسمح للجيش بأن يتدخّل بالسياسة لأكثر من مرّة وحُكم على الكثير من السياسيين، وهذا يمهّد لبداية انقلاب عسكري يؤسّس فيه العصر الجمهوري في العراق.

وها هنا يمكن أن نلاحظ ظهور قيم جديدة هي القوميّة، الصراعية الحزبية، إضافةً إلى القيمة الطائفيّة الموروثة من العثمانيين والبريطانيين.

ث. العصر الجمهوري:

تأسّست الجمهورية الأولى في العراق بعد الانقلاب العسكري على الملكيّة عام 1958 م وتسلّم الزعيم عبد الكريم قاسم زمام الأمور مختاراً وزارة الدفاع مقرّاً لحكومته ونُلاحظ في هذه المرحلة أنّ عبد الكريم قاسم قد وقع في اللعبة الحزبية رغم عدم انتمائه لأيّ منها، حيث حُلّت الأحزاب في العهد الملكي وأجيز بعضها بالعمل لكن عبد الكريم قاسم سمح للأحزاب المُجازة في ذلك العهد للعمل مجدّداً، فبرزت أحزاب مثل حزب القوميين والحزب الشيوعي وحزب البعث، والحقيقة "إنّ الحرج الذي مرّ به عبد الكريم قاسم كان يُحتّم عليه أسلوب المناورة مع كل الأطراف، ولتأليب طرف على آخر وضرب جماعة بأخرى، من أجل أن يستدب له الوضع بشكل كامل"([14]), وبهذا لا يمكن أن نحكم على ظهور قيم جديدة وإنّما ضلّت تراوح في مجالها. وبعد قاسم سيطر على الحكم عبد السلام عارف فجمع كل تلك القيم لتظهر من جديد والذي يجمع أغلب المحلّلين والكتّاب على أنّه "... كان الأكثر طائفيّة وعداءاً للشيعة مقارنةً ببقيّة الحكّام الذين          سبقوه "([15])، وهنالك تصريح خطير يُبيّن كيفية وجود قيم من نوع آخر من قبل السلطة تتوجّه نحو الإلغاء فيذكر " السيد هديب الحاج حمود (وزير الزراعة في عهد قاسم) "أنّ عبد السلام عارف ذكر لأحد الضبّاط الأحرار الموجودين معه في الفوج ليلة 14 تموز 1958 بأنّهم ينفّذون الثورة وهناك ثلاث جماعات يجب استئصالهم وهم: الأكراد، والمسيحيون، والشيعة"([16]).

وإذا كان عارف على هذه الشاكلة فإنَّ أحمد حسن البكر لا يختلف عنه فهو، وإن كان ينتمي إلى حزب يدّعي بالقوميّة ويتعالى على الطائفية، لكنّه يفكّر بذهنيّة طائفية بحتة، "... إنَّ الأحزاب القومية العربية تفهم العروبة على أنّها التسنّن أي الانتماء للمذهب السنّي أمّا أتباع المذهب الشيعي فهم (عجمٌ شعوبيّون) حتّى ولو كانوا من بني تميم أو من بني هاشم أو ربيعة "([17]) , ويؤيّد ذلك ما يذكره الدكتور جواد هاشم (وزير التخطيط في السبعينيات) عن لعبة البعث في الورقة الطائفيّة فيقول: " أمّا الطائفيّة فقد كانت تُمارس بشكل علني منذ البداية ويقول أنّه دخل مرّة في مكتب حامد الجبوري وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية... فوجد فيه وزيرين آخرين هما الدكتور أحمد عبد الستّار الجواري وزير التربية والفريق حمّاد شهاب وزير الدفاع... كانا في حديث عن محافظات العراق، فيقول سمعتُ شهاب يقول للجواري إنَّ جميع سكّان المنطقة التي تقع بين المحمودية وجنوب العراق هم عجمٌ ولا بد من التخلّص منهم وتنقية الدم العربي                العراقي "([18])، وهذه قيمة انصهرت فيها القوميّة بالطائفية في إدارة الدولة فهي قيمة طائفية-قوميّة.

ومع الطاغية (صدام حسين) تبدو القيمة بوجوه سلبية مختلفة أولها الطائفية وثانيها القومية وثالثها المناطقيّة.

أمّا الطائفيّة فهي امتداد لما سبق رغم دخول عدد كبير من الشيعة والأكراد في صفوف الجيش العراقي إلاَّ أنّهم لم يستحصلوا على مراكز مرموقة.

والقوميّة تظهر في التمييز بين العرب والكرد حتّى وصلت في أوج ظهورها بقصف مدينة حلبجة الكردية بالغازات السامّة.

والمناطقية تظهر بعمليات التهجير الواسعة التي مارسها ذلك النظام من نقل بعض الناس من مناطقهم إلى مناطق أخرى وكذلك الحفاظ على التركيبة الطائفية القومية في توزيع المساكن أو أراضي سكنية.

ثانياً: بعد 2003:

بعد أن سادت القيم الطائفية والقومية والعنصرية كآيدلوجية في ممارسة السلطة وظهور نظام الحزب الواحد الذي ظل معشعشاً طيل 35عام ممّا يجعلنا نقول أنّ كل القيم السابقة اندرجت تحت قيمة الحزب الواحد السلبية، وما أن أتى يوم 9/4/2003 حتّى حمل معه قيم جديدة وسنتوقّف هنا لتحليلها.

في الفترة الممتدة من9/4/2003 حتّى 9/ 8/ 2003 (استشهاد السيد محمد باقر الحكيم) كانت القيمة إيجابيّة فالكل يتطلّع إلى شكل العراق الجديد وظهرت المقولة التي ردّدها أبناء العراق (لا شيعيّة لا سنيّة دولة دولة إسلاميّة) باعتبار أنّ قيمة التوحّد تكمن في الرجوع إلى الإسلام وحده دون الطائفية البغيضة، لكن حلم الربيع هذا عجّل عليه الخريف ليسقط أوراقه أرضاً، لتظهر القيمة الطائفية، بعدها، بشكل مسلّح وواسع، هذا من جهة، ومن جهة اخرى وجود التعدّدية الحزبية وما لها من قيم صراعية ألقت بضلالها على المجتمع وظهور قيمة تصنيفية لطبقات المجتمع قيمة أبناء الداخل وأبناء الخارج التي تحمّلت سجالاً بين مَن كانوا خارج العراق ومَن كان داخل العراق، ولو نظرنا إلى البرلمان العراقي في حسنه، أو مجلس الحكم، لوجدنا أنّ الفئة الأكبر فيه هي لأبناء الخارج وبدأت نظرة أبناء الداخل لأبناء الخارج أنّهم يهمّشون دورهم ويُلغوهم ويتّهمونهم بالوقوف إلى جانب الطاغية.

هكذا بين صعود ونزول للقيم حتى تودت القيم الطائفية بدخول داعش محافظة نينوى في 9/ 6/ 2014 ثم جاءت فتوى المرجعية لتعيد إلى الساحة السياسية القيمة الوطنية، ووقفت في المقابل قيم أخرى كالمدنية التي حاولت أفراغ القيمة الوطنية من مصدرها الديني(المرجعية). 

المطلب الثاني- طبيعة القيم التي أثّرت على السياسة العراقية.

أ . دور القيم في نشأة الأحزاب السياسية

معنى الحزب:" حزب، قوم "([19]), والقوم هم " الجماعة من الناس "([20]), إذن، فالحزب يعني مجموعة من الناس.

قال تعالى :﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ ([21]).

فما الذي لدى الحزب لكي يجعلهم فرحين؟ هل هو شيء ماديّ؟ أم أنّه شيء معنوي؟

ليس بالضرورة الشيء المادي هو الذي يقود إلى الفرحة أو الشعور بالفرحة، بل إنّ ما تلقيه المادة من بُعد معنوي هو الذي يقود إلى الفرحة، فمثلاً المال لا يقود إلى الغِنى لولا الشعور بالغنى، أمّا الفرحة فهي آتية من الرضى. والرضى قناعة فكرية.

وعبارة (حزب بما لديهم) تعني أنّ الجماعة لديهم شيء.

(وفرحون) تعني وجود قناعات فكرية تجمعهم وتقودهم إلى الرضى بما لديهم.

ويكون هذا التجمّع حزباً بمعناه اللغوي البحت لاكتمال أركانه وهي (الجماعة من الناس وكذلك الرابطة التي تقوم عليها تلك الجماعة ) ومن هنا إذا كان هذا التجمّع هادفاً إلى الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها، فإنَّه يكون حزباً سياسياً.

وبذلك يعرَّف الحزب السياسي بأنَّه " مجموعة من الناس ينتظمهم تنظيم معيّن وتجمعهم مصالح ومبادئ معيَّنة ويهدفون للوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها"([22]).

ومن هنا يمكن القول أنَّ هدف أي تنظيم يحدّد موضوعه فإذا كان هدفه الوصول إلى السلطة كان سياسياً وما إلى ذلك، لكن ما هي العوامل التي تساهم في نشأة الأحزاب السياسية؟ فقد تكون هذه العوامل اجتماعيّة، اقتصادية، أيدولوجيَّة، دينية أو محليّة لكن يمكن اعتبار هذه العوامل صفات متعدّدة لشيءٍ واحد هو القيمة التي تعبّر عن بعدين بُعد ذاتي وآخر موضوعي، وفي الذات تكون الحاجة هي الباعث وراء ابتغاء قيمة معيَّنة فالماء مثلاً نشعر بقيمته الذاتية حينما يشتدّ علينا العطش فنبحث عنه، فتدخل تلك العوامل في هذا الجانب من القيمة، فحينما يحتاج مجتمع ما لإقامة نظام سياسي جديد فإنَّنا لا بد أن نبحث منهجيَّاً عن الشرط القبْلي للقيمة وهو الحاجة، هذا من ناحية البعد الذاتي للقيمة، أما من ناحية البعد الموضوعي لها فإنَّ الناس يجتمعون على أساس علاقة تقوم على العرق أو المعتقد أو الفكر أو المكان أو الزمان ( التباعد والتقارب).

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكن أن تكون القيمة سلبيَّة بمعنى أنّها تصادر القيم الأخرى وتفرض وجودها وتكون إيجابيَّة بخلاف ذلك، وعليه توجد قيم فرعية واصفة أي تصف تلك الأساسية التي ذكرت سلفاً، مثل القيمة الثابتة والقيمة التحوّلية محل الدراسة، فالقيمة الثابتة تُقاس باستبعاد المتحوّل، والقيمة التحوّلية تستبعد القيمة الثابتة إن لم تفرز قيم أخرى، وهذه حركة جدلية يُبنى عليها الصراع السياسي أو علاقتها بالتطوّر السياسي والحضاري لمجتمع من المجتمعات.

وهذا الجدل يُصوّره (ألفن توفلر) في حركة الموجات الحضارية، فحينما انتقل الإنسان من الموجة الأولى إلى الموجة الثانية ( الزراعة إلى الصناعة ) استمر الجدل بينهما ليتحوّل الزراعي إلى صناعي كالأغذية المعلّبة اليوم، ولا يتوقّف هذا الجدل حتّى مع حضارة الموجة الثالثة أي العالم الرقمي لتنتهي بقيمة إنسانية ثابتة وهي الفردانيَّة، فإذا كانت الأسرة مكونة من الدعاميتين الأساسيَّتين (الأم والأب) أي ذكر + أنثى = أسرة (هذه قيمة ثابتة ) لكن إنسان  + تقنية          (دجتالية) = ؟، فالقيمة مجهولة إلاَّ أنّها تُحدّد مسار الإنسان بالفردانية أي إنسان فرد+حاسبة=؟، لا نعلم إلى أين تُؤدّي هذه النتيجة؟ هل تؤدي إلى إنسان الماتريكس أو إنسان الجُنيدر بحسب أحلام علم الجينوم؟ وهذا ما دفع التصوّر نحو القطب الواحد الذي يُسيطر تقنيّاً على العالم ويفرض سياسة القيمة الواحدة والتي تُسمّى اليوم بالعولمة.

وعلى هذا الأساس نعرف أنّ طبيعة القيمة سواء كانت ذاتية أو موضوعيَّة بوصفها ثابتة أو متحوّلة تُؤثّر على نشأة الأحزاب السياسية، وعليه يمكن أن نعرّف الحزب السياسي بأنّه: مجموعة من الناس جمعتهم قيمة معيَّنة من أجل الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها.

ب . طبيعة القيم التي أثَّرت على نشأة الأحزاب السياسية في العراق حتّى 9/4/2003

إنَّ بداية ظاهرة الأحزاب السياسية في العراق تُؤرَّخ كبداية مستقرّة دون جدال باعتبار هذه المجموعة حزب أو ليست بحزب من عام 1908 عقب الانقلاب الدستوري العثماني فتأسست الجمعية العراقية وجمعية الإصلاح البصرية وجمعية العهد وجمعية العلم الأخضر، ويشير حسن شبّر([23]), إلى أنَّ العراق ابتدأ في تأسيس الأحزاب والجمعيات لكنّها تفتقد إلى التوجيه الحركي السليم، كان عام 1889 بوجود كيان المحفل الكاثوليكي فالبداية كانت مسيحية فرضتها الهيمنة الإسلامية عليها من قبل الدولة العثمانيّة، وبعده تأسس عام 1908 ستّة جمعيات وأوّل تسمية لحزب (حزب المشور – الشورى، الجمعية الوطنية، الجمعية العراقية، فرع جمعية الاتحاد والترقّي العثمانية، جمعية العصابة الحمراء، نادي الترقّي الجعفري العثماني) وظهرت حتّى عام 1913 جمعيّات متعدّدة لكن لا يمكن أن نعطي وصفاً لقيمة هذه الجمعيّات لأنّها لم تأخذ دوراً فاعلاً بالسلطة بل كانت مهمّتها تثقيفية لا أكثر، وفي عام 1915 انتفضت أحياء النجف الأشرف ضد الأتراك نتيجة لإجراءاتهم التعسّفية ضد الأهالي، فطردوهم من المدينة وكوَّنوا حكومة محليّة مستقلة حتّى مجيء الإنكليز عام 1917 ميلاديَّاً ممّا يدلل على أنّ هذه الحركة ساهمت في تكوين حزب ضد الاحتلال البريطاني عُرف فيما بعد (بـحزب النجف السرّي) وتوالت بعد ذلك الأحزاب والجمعيات كـجمعية النهضة الإسلامية والجمعية الوطنية الإسلامية وجمعية حرس الاستقلال([24]).

ونستشفّ من خلال هذه الأسماء أنَّ القيمة كانت ذاتية أي نابعة من الحاجة للوقوف بصوتٍ واحد ضدّ الاحتلال البريطاني الذي كان على الأبواب، لذلك كانت قيمتها التحوّلية بعد العصر العثماني تتصف بالقيمة الوطنية والإسلامية، وهذه القيم ربّما تكون السبب وراء تكوين تلك الأحزاب.

وبعد تتوّج الملك فيصل الأول تأسس حزبان جديدان رغم تخوّف الملك فيصل في ذلك فيذكر عبد الرزاق الحسني في كتابه الموسوم تاريخ العراق السياسي الحديث أنّ فهمي المدرّس كبير أمناء الملك فيصل الأول كبس على مجموعة من السياسيين العراقيين منهم ناجي السويدي، جلال بابان، محمد مهدي البصير، محمد رضا الشبيبي، وهم يعدّون لتأسيس حزب سياسي جديد، إلاَّ أنَّ الملك فيصل أخبرهم " أنّه ليس من المصلحة أن يشتغل العراقيون في تأليف الأحزاب السياسية اليوم "([25])، ومع ذلك ظهر حزبان جديدان هما الحزب الوطني العراقي بزعامة جعفر أبو التمّن، وجمعيّة النهضة العراقية بزعامة أمين الجرجفجي، وتوالت في حقبة عام 1922 – 1932م تعدديَّة الأحزاب مثل الحزبين السابقين والحزب الحر العراقي وحزب الاستقلال الوطني وحزب الشعب وحزب العهد العراقي... وغيرهم، لكن هذه الأحزاب المتعدّدة كانت في بدايتها ذات قيمة وطنية بعيدة عن الطائفية نوعاً ما، إلاَّ أنّها أفرزت قيم تنافسية تحوليّة مختلفة حول الاحتلال البريطاني فتيّار مساوم يريد أن يحقّق رغباته ببقاء قوات الاحتلال البريطاني، وآخر يبتعد عن ذلك لكنّه يتخذ منهج التحاور مع الإدارة البريطانيّة، وثالث يقدّر الأمور من الحكمة والواقعية وحاول التوفيق بين رغبات البريطانيين وطموحات العراقيين، وهكذا فإنَّ التيارات السياسية بدأت متنافسة ومتصارعة ممّا أثَّر على المجتمع.

وبعد انتهاء العصر الملكي كانت ظاهرة الأحزاب تنحسر انحساراً جزئيَّاً فظهرت قوى سياسية متصارعة، لكن ظهور أحزاب جديدة مثل الحزب الشيوعي وحزب البعث ويظهر حزب الإتحاد الكردستاني كحزب قومي كردي وحزب القوميين كحزب قومي عربي، ويمكن إرجاع سبب انحسار الأحزاب إلى قيام الجيش بالانقلاب العسكري ضد الملكيَّة وهنا أخذ الجيش دور الأحزاب في إقامة النظام السياسي. وظهر عبد الكريم قاسم كشخصيَّة غير متّزنة لقيادة شؤون العراق مما جعل تلك الأحزاب تتلاعب بالدولة.

وفي عام 1963 – 1968م كان الانقلاب البعثي ضد عبد الكريم قاسم بقوَّة عسكريَّة بقيادة الحرس القومي فبدا هذا الانقلاب متوجّهاً نحو الشعب إلاَّ أنَّه بدأ بقمع الشعب وبدت البوادر الأولى لظهور نظام الحزب الواحد فقام بقمع الأحزاب الأخرى كالشيوعيين وغيرهم وتميَّز بتقليص حريَّة الصحافة وإشاعة الطائفية من جديد، وفي عام 1968م بدا البعث هو السلطة الأولى والحزب القائد ولم يُسمح بنظام تعدّد الأحزاب فكانت القيمة التي اتخذها قيمة طائفية قومية سلبيَّة فعانى الشعب العراقي ما عانا من تقسيم واضطهاد، وخير شاهد على ذلك قمع حزب الدعوة الذي أسَّسه السيد (محمد باقر الصدر) ومنع الشيعة من السير إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، كممارسة لطائفة تمثّل الأغلبيَّة فالتعدديَّة تقتضي حريّة الممارسات الدينية بكل الأطياف العراقية، لكن تفرديَّة الدكتاتوريَّة منعت ذلك.

ليظهر صدام حسين لتتحوّل الممارسة السياسية إلى دولة الخوف أو دولة حكومة ابن تكريت.

ويُشير مقال في مجلّة (سبورت لايت البريطانية) إلى " أنَّ صدام حوّل العراق إلى دولة بوليسية تتحكّم برقاب الناس بقسوة بالغة... إنَّ صدام يدير أفضع جهاز تعذيب في العالم "([26]). وحدّد سلطة الجيش ومنعه من التحرّك داخل الوضع السياسي حتّى لا تتكرّر الانقلابات السابقة والغاية هي الحفاظ على النظام الحاكم، ولا يمكن أن نحدد القيمة الأساسية التي تحدد نشأة الحزب الحاكم أو الحزب البعث الصدامي لأن هنالك اختلاف في بداية النشأة، فالقيمة الأساسية لنشأة حزب البعث كانت تعتمد على القومية وإحياء التراث العربي وهذا يتّفق مع شعارهم الذي يدعو إلى توحّد الأمة العربية لكن مع صدام في العراق كانت نشأة ثانية لحزب البعث تحمل قيمة واحدة هي أنَّ البعث هو صدام وصدام هو العراق، وهذا الكل في الواحد (هو صدام) وهذه القيمة أفرزت قيم أخرى يمكن أن ندرجها تحت اسم البطل الذي يصنع التاريخ.

ولذلك يمكن القول أنَّ قيمة التفرّد الصدامية كانت الأساس في نشأة حزب البعث بالمعنى الصدّامي، لذلك لا يمكن افتراض وجود أي حزب يخالفه. وعليه أقبل صدام على إعدام مفكّر العراق الكبير (السيد محمد باقر الصدر) لأنّه وجد فيه الشخص الذي يقضي على نظامه، ولم يكتف بذلك بل قام بعمليات اغتيال وزج في السجون وإعدام واسعة.

وبقي هذا التفرّد الصدامي حتّى يوم 9/4/ 2003، وأثَّر تأثيراً سلبياً على العراق كما أنّه أفرز قيم طائفيَّة ومناطقيّة وغيرها أشرنا إليها سابقاً.

ومن خلال هذا الاستعراض لتاريخ موجز لنشأة الأحزاب في العراق تُعرف أنّ القيم التي سبّبت النشأة هي في البداية كانت طائفية مع وجود الجمعية الكاثولبكيَّة عام 1889م لتعبّر بعد ذلك عن قيم وطنية كانت لها ضرورتها في مواجهة الاستعمار البريطاني وتستمر بعده لكن بظهور خجول.

وفي بدايات نهاية العهد الملكي ظهرت أحزاب تحمل قيم قومية وطائفية وآيدولوجيَّة (الشيوعيون) وتستمر هذه القيم حتّى بدايات العهد الجمهوري ولتصبح مع صدام قيمة تفرّدية لا يُمكن وصفها بالقومية أو الطائفية أو حتّى البعثية، لكن إفرازات تلك القيمة ولَّدت قيم طائفية ومناطقية. ومن هذا يظهر أنَّ القيمة الإيجابية الوحيدة هي القيمة الوطنية سواء كانت بشخصيات طائفية أو قومية.

المبحث الثاني : تحولات القيم السياسية بعد2003

المطلب الأول: التحوّل من نظام الحزب الواحد إلى نظام تعدّدية الأحزاب:

أ . التحوّل وعدم الاستقرار:

تكونت ونمت أغلب الأحزاب العراقية في الخارج كما هو معروف وواضح كالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق (المجلس الإسلامي العراقي) في الثمانينيات وسبقه في الوجود إذ تأسس في العراق إلاَّ أنَّه استمرّ في الخارج وهو حزب الدعوة الإسلامية، وفي التسعينيّات أُعلن عن تأسيس حزب المؤتمر الوطني العراقي بقيادة الدكتور أحمد الجلبي، أما الحزب الإسلامي فتأسس في الستينيّات لكنّه توقّف عن العمل وعاود إلى العمل فيما بعد                   9/4/ 2003، وغيرها من الأحزاب المؤسسة قبل ذلك اليوم، وما أن سقط نظام صدام حسين حتى أعلن عن بداية مرحلة جديدة في العراق تظهر فيها أحزاب جديدة كحزب الفضيلة وحركة حزب الله وحزب الحوار الوطني وجيش المهدي وغيرها، كما بدا الانقسام والانشقاق في الأحزاب الكبيرة.

وهذه الاحزاب التي تأسست قبل 9/ 4/ 2003 كانت تحمل قيمة انفعالية أي انفعال مضاد لتوجّهات النظام في بغداد، لذلك ظهرت بأسماء إسلامية وطائفية ووطنيّة.

لكن التحوّل من مرحلة الانفعال إلى مرحلة الفعل جعل تلك الأحزاب تفكّر بقيمة جديدة يمكن وصفها بالتحوّلية، وعلى ضوءها يمكن رسم ملامح تصوّرات تلك الأحزاب لشكل العمل السياسي، فالمجلس الأعلى وغيره من الأحزاب الإسلامية يدعون إلى أحزاب إسلامية لكن ليست على غرار إيران، أما الأحزاب العلمانية فتدعو إلى حكومة ديمقراطية، في حين تدعو الأحزاب الكردية إلى حكومة فيدرالية اتحاديَّة ديمقراطية، وأساس ذلك الحفاظ على مستقبل الكرد في العراق.

لكن هذه الأحزاب لم يتح لها في البداية العمل السياسي في ظل وجود الحاكم المدني (بول بريمر الأمريكي) حيث وُجدت القوات الأمريكية وإداراتها أنَّ الوضع في العراق معقّد وخصوصاً بعد انهيار الدولة، وكانت تنظر إلى العراق، في تقسيماته الطائفية والإثنيَّة، مسوغاً إلى صياغة "تحذيرات بأنَّ صدمة التغيير ستُشضّى العراق إلى أجزاء أثنية وطائفية "([27])، وحاولت معالجة ذلك من خلال وضع جدول لأعضاء مجلس الحكم الانتقالي يتكوّن على أساس القومية والمذهبية، (الشيعة العرب، السنة العرب، الأكراد، المسيحيون، التركمان) وبدا تشكيل الوضع العراقي الجديد صعباً، ويبدو أنَّ المرجعية الدينية بقيادة آية الله العظمى السيد علي السيستاني أرجعت تحديد شكل العراق الجديد إلى العراقيين، حيث تمسّكت بعد شهرين من الاحتلال بمطلب صياغة الدستور من قبل جمعية تأسيسية منتخبة وكان الأمر مثل ما أرادته المرجعية.

بعد هذا الاستعراض نريد أن نصل إلى غاية مفادها: ظهور تحولات القيم، أو القيم التحولية؛ فبدءً لم تظهر أي قيمة تحوليّة جديدة بل كانت الطائفية والقومية واضحة من خلال مجلس الحكم الانتقالي، لكن اللاّفت للنظر ظهور تحوّل في القيمة الطائفية التي ظهرت كعنصر مسلّح يهدف إعلاميَّاً إلى محاربة المحتل لكنّه لا يتورّع من قتل العراقيين كحركة التوحيد والجهاد وكتائب ثورة العشرين وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وجيش المهدي وأصحاب القضية وجند السماء، فإنَّها لم تتوحّد كما كانت في ثورة العشرين وإنَّما توحّدت في البداية (جيش المهدي وهيئة علماء المسلمين في معركتي الفلوجة والنجف) لكن سرعان ما بدأ الاقتتال الطائفي فيما بينهما وخصوصاً بعد تفجيرات الامامين في سامراء، لتحمل ظاهرة التهجير السياسي ووضع خريطة طائفية مناطقيّة في العراق وبدأ إغلاقها من قبل طائفتها، وفي بغداد على سبيل المثال أصبحت أحيائها مغلقة طائفيَّاً، فالشيعة لهم مناطقهم والسنّة كذلك، لتظهر ظاهرة العنف المسلّح والجريمة المنظّمة والقتل الأجير وتبادل عمليات العنف بين الطرفين وساهم هذا في تحديد عمل الدولة وأصبحت الدولة في منطقة معزولة (المنطقة الخضراء) لا تتحكّم بالشارع مما سمح بالتدخّلات الواسعة من قبل دول الجوار الإقليمي للاستفادة من الساحة العراقية المتأججة في تصفية الحسابات مع الولايات المتحدة الأمريكية كإيران وسوريا وأخرى تمثّلت بالحفاظ على البعد الطائفي السنّي في العراق كالسعودية وتركيا ومصر وقطر وأغلب الدول العربية، حتى تدخلت من بعدئذ بشكل مباشر.

وكانت القيم السائدة في هذه المرحلة ابتداءً من 2003 إلى بداية عام 2008 قيم طائفية مسلّحة والتحوّل فيها أنّه جرَّ العراقيين إلى اتخاذ الطائفيَّة السياسية لتجاوز الطائفية المسلّحة وظهرت المحاصصة الطائفية داخل تشكيلة الحكومة العراقية.

ب . صراع الإرادات:

في ما سلف ذكره قد تناولنا وصفاً للقيمة التحوليَّة غير المستقرّة وما إن بدا الاستقرار على شكل العراق الجديد في سنّ الدستور والتصويت عليه حتّى ظهرت تعدديَّة الأحزاب لكن بصراع الإرادات، فالقيمة بينها قيمة صراعية حيث تتصارع الأحزاب الكبيرة وصولاً إلى السلطة، وفي صراعها هذا تسحق الأحزاب الصغيرة وتُلقي بضلالها على الواقع كالصراع بين التيار الصدري والمجلس الأعلى وكذلك الحزب الإسلامي وعناصر الصحوة في الأنبار.

وانتهجت برئاسة المالكي منهجاً أظهر العشائرية كقيمة سياسية واضحة في صراع الإرادات وخير مثال عليها ما يُعرف بـ(مجالس الإسناد وشيوخ العشائر).

هذه نظرة لصراع الإرادات من ناحية الداخل ويمكن أن نقول صراع الأحزاب السياسية في العراق وخصوصاً الكبيرة منها يقف وراءه إرادات دولية لأنَّ أغلب تلك الأحزاب تلتجئ إلى دول حماية ومن المعروف أنَّ لكل دولة إرادة سياسية تحاول تمريرها من خلال الأحزاب التي تدعمها، وبالنتيجة فإنَّ تلك الدول تحاول تحقيق هدفاً مزدوجاً من خلال دعمها للأحزاب، وهو: وجود حزب في داخل العراق يقدّم تسهيلات استثمارية أو غير ذلك، وإرسال رسائل مبطّنة إلى الولايات المتحدة من خلال ذلك الحزب، فصراع الإرادات السياسية إذا قلنا أنّه داخلي فهو يمثّل إفرازاً للتعدديَّة الحزبية وهذا إيجابي للدفع بالمسيرة الديمقراطية، غير أن الصورة ليست هكذا لأنَّ الإرادة السياسية لأغلب الأحزاب الكبيرة متضمّنة لإرادات دول الحماية ممّا يجعل العراق ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات وهذا ما يفسّر تحوّل صراع الإرادات السياسية من مجاله هذا إلى مجال الصدام المسلّح، وعليه يمكن أن نقول أن هناك قيمة تأثيريَّة مستوردة من الخارج لتقوم بفعلها السلبي في الداخل. ولعل عقدة تشكيل الحكومة اليوم(بعد الانتخابات النيابية 2018) خير مصداق على تلك القيمة التأثيريَّة.

المطلب الثاني: الاستراتيجيات المستقبليَّة حول تحولات القيمة السياسية في العراق

ممّا سبق يمكن أن نحدد أنّ القيمة السياسية المتحولة هي " مثلث النزاع الذي خيَّم شبحه على الدولة العراقية منذ تأسيسها ويستمر في تأريخها المستقبلي: دور الزعامة التقليدية المسند إلى السنّة الذي أفضى إلى تمرّد سنّي بسبب الخوف من فقدان السلطة، والقوميّة الكردية مندفعة إلى الحكم الذاتي مقروناً بإشارات إلى ميول انفصالية ممكنة، أمّا التهميش الشيعي السابق فإنَّه يدفع قادة الشيعة إلى فرض إرادتهم على مؤسسات العراق الجديدة "([28]), وهذا يطرح شيئاً يحدَّد به أنَّ القيمة التحوليّة في العراق الجديد كان لها أرثها التاريخي السابق فجاء التصور ليستشرف معالم المستقبل العراقي بموجب الانفعال السابق، ويمكن الاستنتاج من هذا أنَّ القيم التي ستستقر في العراق قائمة على أساس القومية والطائفية ممّا يُنبأ بوجود أحزاب ثلاثة كبيرة مؤسسة على ذلك: حزب شيعي عربي، حزب سنّي عربي، حزب كردي. لكن هذا التأويل المستقبلي يبدو أنّه غير مستقر أيضاً بسبب الانتخابات الخاصّة بالمجالس النيابية الأخيرة، الانتخابات التي كانت فوق الطائفية نوعاً ما، وهل هذا دليل على استقرار القيمة الوطنية البعيدة عن ذلك؟ يمكن قبوله بمجال بعيد لأنّ القوائم كانت ذات صبغة وطنية وإن لم تخل من الطائفية والقومية.

ها هنا هل يمكن أن نقول إنّ القيمة انفكّت وتحوّلت إلى قيمة وطنية بفعل مشروع المصالحة الوطنية؟ أو كردة فعل على الإرهاب الداعشي؟ بالتأكيد لا يمكن أن نغفل ذلك، غير أنّ الواقع غير هذا، فالعملية لا زالت تتجادل بموجب الفعل وردّ الفعل، فالظاهرة الوطنيّة كقيمة تحوّلية لم تكن آتية من الرد على الاحتلال كما حصل في ثورة العشرين، ولم تأتِ من خلال المصالحة الوطنية، لأنّها ردّة فعل ضد أعمال القتل والعنف وحالة للخروج من يأس الموت الذي تمليه العمليات الطائفية، وهذا لا يعني أنّها (القيمة الوطنية) ثابتة ومستقرة وترسم ملامح مستقبل العراق، بل هي هشّة وعرضة للتهديد قد يكون مفتعلاً لإلغائها ووضع الطائفية من جديد.

وكان تقرير بيكر – هاملتون قد استوعب تلك المشكلة ممّا حدا به إلى التركيز على مشروع المصالحة الوطنية ليرسم ملامح العراق بالمستقبل، وعلى ضوء ذلك يمكن أن ندرس تحولات القيمة لدى الأحزاب السياسية العراقية وهي متّجهة للنظر إلى مستقبل العراق، فحزب الدعوة جناح المالكي قد تحوّل من طرح مشروع الدولة الإسلامية إلى مفهوم دولة القانون والحكومة القوية وهذا واضح من خلال ممارساته السياسية وبرامجه الانتخابية الداعية إلى الأغلبية السياسية؛ وعلى مستوى المنشقّين منه ( تيارالإصلاح الوطني) ظهرت فكرة إصلاح الدعوة وتخلّيه عن مبادئه الثمانينية والسبعينيَّة ليظهر بـ الإصلاح الوطني، أي تحويل القيمة من الدينية إلى الوطنية، في حين يبقى حزب المؤتمر الوطني على مبادئه الوطنية العلمانيَّة، وكذلك يبدو الموقف مع الحزب الإسلامي فيتحوّل من الطائفية إلى الوطنية لكن بتدرّج بسيط، والمجلس الأعلى يتخلّى عن الثورة الإسلامية وكون الإسلام هو أساس الدولة في العراق، فيغيّر اسمه إلى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهنا المسلم أخذ معناه الوطني أي العراقي دون أخذ مفهوم الإسلامي الذي يتجاوز كل تلك الحدود.

وأما حزب الأمة العراقية يفترض أنّ العراق أمّة واحدة بغضّ النظر عن أطيافها والجامع الموضوعي لها هو العراق بامتداده التاريخي الحضاري فتكون المناسبات للأطياف المختلفة هي مناسبات للأمة العراقية ويمثل هذا الاتجاه المفكّر المعروف سليم مطر والسياسي مثال الآلوسي، ونوعاً ما أياد جمال الدين.

وهذا بطبيعته يفترض أنَّ مسار هذا التحوّل هو إظهار القيمة الوطنية وممارستها من قبل الشعب العراقي رغم تعدد الأحزاب وصراع الإرادات لكن صراع الإرادات نفسه وبمساهمة دول الحماية ولأسباب معيَّنة تنفع الحزب ودولة الحماية قد تظهر الطائفية من جديد وتلغي هذه القيمة الوطنية.

ومن خلال هذا التحليل والاستعراض السابق يظهر أنَّ القيمة الوطنية هي ممارسة هشّة تنفعل بالظروف من حولها مما يجعلها عرضة للتغير وعدم الثبات، ولمعالجة هذه المشكلة والتوافر على حل لها نقترح وجود مجموعة من الباحثين الأكاديميين يُعنى بدراسة سياسية وتأريخية وأنثروبولوجيَّة وعلى كل المستويات وتكوّن مجال فريق عمل يصل إلى نتائج تُؤخذ باعتبار من قِبل الدولة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نقترح إشاعة مفهوم الإنسان العراقي لأنَّ الوطنية عرضة للقومية والطائفية، والأمة مفهوم وإن كان له دلالة لطيفة إلاَّ أنَّه دخل مثقّلاً بآلام النظام السابق الذي يكثر من استعمال مفردة الأمّة.

فالقيمة الإنسانية إذا اتُخذت كأساس للعراقية فإنّها تتجاوز الوطنية والقومية والطائفية، تجاوزاً إيجابيّاً لا يلغي الوطنية بل يمنع تأثرها بالقومية والطائفية كما أنّه يخفّف من حدّة القومية والطائفية إذا فهمنا أنّ السنّي العربي هو إنسان عراقي وكذلك الكردي والشيعي والأزيدي والمسيحي والتركماني... إلخ، فكلّهم بمنظار العالم ومنظار أنفسهم إنسان عراقي.

ومن هنا يُتاح لهذه القيمة الاستقرار والثبات والدفع بالعراق نحو الأمام ويضمّد جراحاته ببلسمه وهنا يمر نسيم الحريّة والنهضة ليكن الوازع نحو الاعمار والتنمية.

ومن أجل ترسيخها نوصي بما يأتي:

  1. وجود هيئة رقابيَّة تتابع ممارسة الأحزاب وتدقّق مالها ووضع المالية الحزبيَّة تحت المال العام حتّى لا يُستخدم ضدّ الشعب العراقي.
  2. نوصي بتأسيس المعهد الأكاديمي العراقي الخاص بدراسة المجتمع العراقي وظاهرة الأحزاب فيه وتقديم الاقتراحات والتوصيات.
  3. متابعة الإعلام المغرض وردّه بإعلامٍ مُضاد.
  4. أن يُعاد كتابة الأنظمة الداخلية للأحزاب بما يتّفق والدستور والمسيرة الديمقراطية.
  5. تعزيز سلطة القضاء والعمل على حيادتها وموضوعيَّتها وانفكاكها عن المحاباة الحزبيَّة.

 

الخاتمة

وأخيراً يمكن القول:

ان القيمة تبتدأ إنسانية لكنّها ما إن تلبث قليلاً حتّى تتحوّل إلى اقتصادية، سياسية،...إلخ.

وحاولنا في هذا البحث أن نركّز على مفهوم القيمة وتحوّلاتها في العراق فاستنتجنا أنَّ القيمة كانت طائفية في الأصل العثماني ووطنية في بداية الثورة ضدّ الاحتلال البريطاني لتكون قومية وطائفية ونوعاً ما وطنيّة حتّى عبد الكريم قاسم، وبداية العهد الجمهوري ولتستقر كقيمة البطل الذي يصنع التاريخ ونزاعاته وتوجهاته في عهد صدام حسين، وكشفنا عن كون تلك القيم هي السبب وراء نشأة الأحزاب في العراق وانتهينا إلى أنَّ القيمة في العراق الجديد ومستقبله لا بد أن تكون وطنية لكن بخضوعها إلى قيمة أعلى وهي القيمة الإنسانيَّة أساس النهضة والتنوير، وتوافرنا على مقترحاتٍ وتوصيات.

ويمكن أن نقول أخيراً أنّ أحزابنا السياسية كانت تتَّخذ تلك القيم نتيجة لانفعالها بالظروف المحيطة سلبيَّة أم إيجابيَّة.

وإننَّا نصبو إلى اليوم الذي تبدأ فيه الأحزاب من مرحلة الفعل دون الانفعال الذي يرسم لها الاستقرار والمحافظة على الإنسان العراقي ووصوله إلى القمّة الحضارية، فقد أزف الموعد وحانت الساعة لأن تُعرف إنسانيَّتنا العراقية التائهة في جدل الهويّات.

قائمة المصادر

أولاً- الكتب المقدسة:

      القرآن الكريم، سورة الروم، آية 32.

ثانياً- المعاجم والموسوعات:

  1. بياربونت وميشال إيزار، معجم الاثنولوجيا والانثروبولوجيا، ترجمة (مصباح الصمد)، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط11، 2006م.
  2. ديكن ميشل، معجم علم الاجتماع، ترجمة ( إحسان محمد الحسن)، دار الرشيد.
  3. للنشر، بغداد,1980 .
  4. لويس معلوف، المنجد، المطبعة الكاثوليكية، بيروت,1952.

ثالثا- الكتب العربية والمترجمة

  1. افلاطون، الكتاب السابع (أسطورة الكهف)، ترجمة (زكي نجيب محمود)، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة, 1968م.
  2. بول سيزاري، القيمة، ترجمة (عادل العوا)، منشورات عويدات، ط1، بيروت، 1983.
  3. - حسن شبّر، العمل الحزبي في العراق، دار التراث العربي، بيروت، 1989.
  4. حنه بطاطو، العراق الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، الكتاب الأول، ترجمة (عفيف الرزاز)، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1990.
  5. طارق الهاشمي، الأحزاب السياسية، منشورات جامعة بغداد، بغداد،199.
  6. عبد الرزاق الحسني، تاريخ العراق السياسي الحديث، الجزء الثاني، ط5، مطبعة دار الكتب، بيروت، 1982.
  7. مجموعة مؤلفين، بوش في أ ور، ترجمة (أمير درويش)، مركز أور للدراسات، بلا مكان، 2007.
  8. مجيد خدوري، العراق الجمهوري، لا مط، بيروت، بلا تاريخ.
  9. مجيد زادة باقري، سياست، انتشارات صفا، تهران، 200.
  10. مهدي حسن الخفاجي، المشروع الطائفي العربي وأثره على الواقع السياسي العراقي، لامط، لا مكان، 2006.
  11. هنري فوستر، نشأة العراق الحديث، ج1، ترجمة (سليم طه)، الفجر للنشر والتوزيع، بغداد, 1989.

 

([1]) التداولية تعني هنا: علاقة المصطلح بمستخدميه ودراستها من هذه الناحية توفر المعنى الأساسي واستخداماته بعيداً عن المجالات الاصطلاحية الجافة.

([2]) انظر في نظرية المثل الإفلاطونية: افلاطون، الجمهورية، الكتاب السابع (أسطورة الكهف)، ترجمة (زكي نجيب محمود)، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة،  1968.

([3]) انظر: بول سيزاري، القيمة، ترجمة (عادل العوا)، منشورات عويدات، ط1، بيروت، 1983، ص 5.

([4])  بياربونت وميشال إيزار، معجم الاثنولوجيا والانثروبولوجيا، ترجمة (مصباح الصمد)، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، ط11، بيروت، 2006م، ص 741.

([5])  المصدر نفسه، نفس الصفحة.

([6])  المصدر نفسه، نفس الصفحة.

([7])  ديكن ميشل، معجم علم الاجتماع، ترجمة ( إحسان محمد الحسن)، دار الرشيد للنشر، بغداد، 1980، مادة (قيمة)، ص366.

([8])  هنري فوستر، نشأة العراق الحديث، ج1، ترجمة (سليم طه)، الفجر للنشر والتوزيع، بغداد 1989، ص92.

([9])  مهدي حسن الخفاجي، المشروع الطائفي العربي وأثره على الواقع السياسي العراقي، لامط، لا مكان، 2006، ص20.

([10])  المصدر نفسه، ص22.

([11])  المصدر نفسه، ص23.

([12])  مهدي حسن الخفاجي، المشروع الطائفي العربي وأثره على الواقع السياسي العراقي، مصدر سابق، ص31.

([13])  مهدي حسن الخفاجي، المشروع الطائفي العربي وأثره على الواقع السياسي العراقي، مصدر سابق، ص ص34-35 .

([14])  مجيد خدوري، العراق الجمهوري، لا مط، بيروت، بلا تاريخ، ص189.

([15])  مهدي حسن الخفاجي، المشروع الطائفي العربي وأثره على الواقع السياسي العراقي، مصدر سابق، ص41.

([16])  المصدر نفسه، ص42.

([17])  المصدر السابق، ص46.

([18])  المصدر نفسه، ص49.

([19])  لويس معلوف، المنجد، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1952، ص125.

([20])  المصدر نفسه، ص703.

([21])  القرآن الكريم، سورة الروم، آية 32.

([22])   طارق الهاشمي، الأحزاب السياسية، منشورات جامعة بغداد، بغداد، 1990، ص65.

([23]) انظر: حسن شبّر، العمل الحزبي في العراق، دار التراث العربي، بيروت، 1989، ص ص13-14.

([24]) انظر: حنه بطاطو، العراق الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، الكتاب الأول، ترجمة (عفيف الرزاز)، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1990، ص38.

([25]) عبد الرزاق الحسني، تاريخ العراق السياسي الحديث، الجزء الثاني، ط5، مطبعة دار الكتب، بيروت، 1982، ص240.

([26]) مجيد زادة باقري، سياست، انتشارات صفا، طهران، 2005، ص35.

([27]) مجموعة مؤلفين، بوش في أور، ترجمة (أمير درويش)، مركز أور للدراسات، بلا مكان، 2007، ص69.

([28]) مجيد زادة باقري، مصدر سابق، ص93.