التحول الى اقتصاد السوق في العراق: التحديات وسبل الانتقال

                       م.د. حسين علي عبد                           م.د. سلطان جاسم النصراوي

            كلية الامام الكاظم/اقسام النجف الاشرف                  كلية الادارة والاقتصاد/جامعة كربلاء

مقدمة البحث :

شهد العراق بعد احداث نيسان 2003تغييراً في جوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إذ تضمن التغيير السياسي التحول من نظام الحكم الشمولي إلى النظام التعددي الديمقراطي، وتبعاً لذلك تغيرت النظرة إلى النظام الاقتصادي فقد جرى التحول إلى اقتصاد السوق والاندماج في الاقتصاد العالمي وتفعيل دور القطاع الخاص بإعطائه مجالاً لممارسة نشاطه في الاقتصاد العراقي وهو ما كفله الدستور، بعد عقود من الحكم الشمولي ونظام اقتصادي مخطط ذي توجهات اشتراكية.

وبدأ العراق بالإصلاح الاقتصادي للاختلالات الموروثة نتيجة الممارسات غير الصحيحة للحكومة السابقة، إلا ان الاصلاح لم يجرِ بسلاسة فقد واجه مشاكل جمة في مقدمتها أُحادية الاقتصاد العراقي المعتمد على المورد النفطي وبروز ظاهرة الفساد المالي والإداري، فضلاً عن تردي الوضع الامني بشكل أدى إلى تعثر جهود الاصلاح. وتماشياً مع الاصلاحات والاندماج مع الاقتصاد العالمي ولتخفيف الاعتماد على القطاع النفطي كان لا بد من تنشيط القطاعات الاقتصادية الاخرى، وطريق ذلك هو السماح للقطاع الخاص بأخذ دوره في النشاط الاقتصادي، إلا ان العقبات المذكورة حالت دون ذلك.

هدف البحث:

الى بيان الأدوار التي مرر بها دور الدولة والقطاع الخاص في الاقتصاد العراقي وتشخيص العقبات التي تواجه ضعف مساهمة القطاع الخاص ومحاولة وضع الحلول المناسبة له.

مشكلة البحث:

تتمحور مشكلة البحث في ضعف دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية في العراق، الى جانب وجود مجموعة من التحديات والمعوقات التي تقف بوجه هذا القطاع لأداء دوره في تحقيق التقدم والازدهار الاقتصادي.

فرضية بحث:

 ينطلق البحث من فرضية مفادها ان للقطاع الخاص لا سيما خلال العقود الخمسة الأخيرة دورا بارزاً ومؤثراً في دفع عجلة الاقتصاد وتطويره، وتحقيق الأهداف التي تسعى الدولة اليها.

حدود البحث:

تتمثل الحدود الزمانية للبحث بالمدة (2003-2016) وبحسب البيانات المتوفرة، اما الحدود المكانية للبحث تتمثل في دراسة التحول نحو اقتصاد السوق بعد عام 2003والتحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي والسبل الممكنة لتحقيق هذا التحول.

أولاً: نظرة تاريخية للاقتصاد العراقي: تنوع الادوار واخفاق في تحقيق التنمية :

شهد الاقتصاد العراقي العديد من التحولات والتغييرات كانت كإفراز للتحولات والتغيرات السياسية، والاحداث التي ترافق هذه التحولات، فضلاً عن التغيرات التي حدثت في بنية الاقتصاد نتيجة تغير مصادر الدخل القومي ومصادر الايرادات لرئيسية العامة، فبعد الاعتماد على القطاع الزراعي، جرى التحول الى قطاع الاستخراج والتعدين (النفط) بعد اكتشافه في العراق وبدء الاعتماد عليه كمصدر رئيسي للدخل والايرادات.

لقد عرف العراق منذ نشأت الدولة في عام 1921 تطورات كبيرة سواءً في مجال دور الدولة او دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وواجه العراق خلال تلك الحقبة مشكلة تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومحاولة انهاء الاحتلال العثماني والبريطاني والتوجه نحو تحقيق الاستقلال وتحقيق التنمية الاقتصادية، وكان التفكير السائد خلال المدة 1921-1958 (العهد الملكي) هو إعطاء دوراً بارزاً للقطاع الخاص بالنشاط الاقتصادي، فقد اولت الدولة اهتماماً كبيرا للقطاع الخاص واخذ حيزاً كبيرا فيه، إذ كان يستخدم (30507) عاملاً في عام 1954 أي ضعفي عدد المستخدمين في صناعة النفط البالغ عددهم (15249) عاملاً، كما اسهم القطاع الخاص بـ(85.3%) من الدخل القومي عام 1953 و بـ(82.2%) في عام 1956، اما مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي(باستثناء استخراج النفط الخام) فكانت (80.1%) و(76.9%) للمدة ذاتها، كما هيمن القطاع الخاص ايضاً على القيمة المضافة في الانشطة الاقتصادية الرئيسية وبالذات في الصناعات التحويلية التي اسهم فيها بنحو (88%)  (مع تصفية النفط) و بـ(97%) (عدا تصفية النفط) في عامي 1953 و 1956 على التوالي([1]).

وخلال المدة 1958 -1980 وفي ظل انتشار وشيوع الأفكار الكنزية التي ظهرت على اثر الازمة المالية العالمية 1928-1933 الداعية الى تدخل الدولة في النشاط الاقتصاد، مقابل الشك حول قدرة القطاع الخاص في تحقيق التنمية، وفي أجواء الثقة بالدور الكبير للدولة في النشاط الاقتصادي، بدء العراق بإعطاء دور اكبر للدولة في النشاط الاقتصادي، وأصبحت الدولة مسيطرة على زمام الأمور الاقتصادية، واصبح التخطيط المركزي هي السمة البارزة للاقتصاد العراقي، ولم يمضي وقتاً طويلاً حتى تمت عملية التأميم وسيطرة الدولة على القطاع النفطي وقطاع المصارف والشركات الأجنبية. وكان دور الدولة في هذه المرحلة هو تنظيماً لمجريات الحياة الاقتصادية.

استمرت الحكومة الجديدة التي تشكلت بعد احداث 17-30 تموز عام 1968 باعتمادها التخطيط المركزي اداة في عملية التنمية، وتبعاً لذلك اتسع دور الدولة في النشاط الاقتصادي في عقد السبعينات وأصبح طاغياً لأسباب هي في الغالب ايديولوجية صرفة، في ظل فلسفة اشتراكية استهدفت نقل الاقتصاد العراقي نقلة نوعية باتجاه التحول الاشتراكي الشامل في مجمل النشاطات الاقتصادية (صناعية، تجارية، خدمات ونقل ومواصلات) وبانتهاء عقد السبعينات هيمن القطاع الاشتراكي على اكثر من 6.% من الناتج المحلي الاجمالي، فقد تعاظم دور الدولة في النشاط الاقتصادي تبعاً لتزايد الصادرات النفطية التي ارتفعت من(378.1) مليون دينار عام 1970لتبلغ (6288) مليون دينار عام 1979([2]).

وكان دور الدولة خلال هذه المرحلة انمائياً ساعد في ترسيخه الزيادة في أسعار النفط وتكوين فوائض مالية كبيرة استلزم معها قيام بهذا الدور ووضعت ثلاث خطط خمسية انتهت مع عام 1958([3]).

واذا كان الاقتصاد العراقي قد عرف ازدهاراً ونمواً خلال عقد السبعينات، فقد انعكست الصورة تماماً مع بداية عقد الثمانينات، إذ دخل العراق في حرب طويلة مع إيران استنفذت معظم موارد البلد المالية واغلب احتياطاته الأجنبية، وزادت مديونيته بشكل كبير، وكانت كل الجهود موجه لإدامة آلة الحرب، تزامن ذلك  مع انخفاض الإيرادات المالية للبلد بسبب ظروف الحرب، وفي ظل هذه الاوضاع حاولت الحكومة التوجه نحو القطاع الخاص في محاولة لانعاش الاقتصاد العراقي وللحفاظ على المستويات المعيشية وديمومة التنمية الاقتصادية، وانتهجت الحكومة العراقية منذ بداية عقد الثمانينات سياسة الخصخصة ففي العام 1982 قامت بتحويل بعض ممتلكات القطاع العام إلى الخاص. وعملت الحكومة على إعادة صياغة موقع القطاع الخاص ونشاطه في النظام الاشتراكي عن طريق القيام ببيع بعض المعامل والمصانع والانسحاب من بعض النشاطات الثانوية التي يستطيع القطاع الخاص القيام بها، وفتح المجال امام القطاع الخاص لينشط في مجال التجارة الداخلية والخارجية والزراعة، في حين اتجهت الدولة نحو انشاء قطاع الصناعات العسكرية الثقيلة([4]).

وشرعت الدولة بتنفيذ إجراءات الخصخصة في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات، فضلاً عن السماح للقطاع الخاص بالاستمرار في نشاطات تجارية وصناعية وزراعية منافسة للقطاع الاشتراكي، كما تم منح شركات القطاع الخاص حوافز تشجيعية وإعفاءات ضريبية، فضلاً عن السماح للمصارف التجارية المتخصصة بتقديم تسهيلات ائتمانية واسعة وميسرة للمشاريع الانتاجية ومنها الزراعية، التي تم تحويلها بالكامل للقطاع الخاص، الذي بلغت استثماراته خلال عام 1989 ما يقارب مليار دينار عراقي([5]).

وما لبث ان خرج العراق من حرب طويلة وقاسية انهكت الاقتصاد ودمرت البنى التحتية، الا وعاد ليقع في هاوية الحصار الاقتصادي المقيت بسبب حرب الكويت، وتم وضع الاقتصاد العراقي في نموذج الاقتصاد المغلق، حاولت الدولة العراقية في بداية عقد التسعينيات وضع مجموعة من الإجراءات الاصلاحية لتلافي الاختلالات الاقتصادية وتخفيف ضغط الحصار، ومن جانب آخر حاولت الدولة أيضاً تنشيط القطاع الخاص ليأخذ دوراً تعويضياً ومساعداً للاستمرار في توفير الخدمات والسلع الاساسية التي لم يستطع القطاع العام المنهك والمدمر من توفيرها، وشرعت الحكومة بتشريع القوانين والقرارات التي تصب لأجل  تحقيق هذا الهدف.

 والجدير بالذكر، هو ان السلطة العراقية قد عملت بشكل او بآخر على جعل القطاع الخاص مرتبطاً بها ليكون اسيراً لتوجهاتها، ففي نهاية عقد الثمانينات أعطت السلطة مجالاً لآلية السوق بما سمح بنمو القطاع الخاص، دون ان يتمكن من خلق طبقة مستقلة عن السلطة، واستمرت السلطة في مراقبتها لهذا القطاع، حتى وصل الامر ذروته مطلع عقد التسعينات عندما وجدت الدولة ان عليها مواجهة هذه الطبقة وسحقها واخضاعها نهائياً لسلطتها، وتبلورت هذه المواجهة بإعدام التجار، وفي الوقت نفسه حاول النظام خلق طبقة خاصة به، من افراد يرتبطون بعلاقات قرابه مع رموز السلطة([6]).

اتسمت هذه المرحلة باشتداد العسر المالي ومحاولة الدولة الاعتماد على الإيرادات المحلية، أخذ تدخل الدولة دوراً تصحيحياً، وبدأت تغازل المؤسسات الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)، من دون أنْ تتدخل تلك المؤسسات بشكل مباشر، بل إن الحكومة نفذت ذلك طوعاً بسبب ما آلت إليه أوضاع الاقتصاد من جراء الحروب بخصخصة المؤسسات العامة([7]).

وبعد عام 2003دخل العراق في مرحلة جديدة اتسمت بالانفتاح والتحرر، وأعلنت الدولة عن توجه الاقتصاد نحو الحرية والتحرر من سيطرة الدولة، وصدرت مجموعة من القوانين بشأن ذلك، وعلى الرغم من ذلك، ظل القطاع العام مسيطراً على معظم مفاصل الحياة الاقتصادية، وتوسعت الحكومة بشكل كبير في توظيف العاملين وشهدت الحكومة أكبر توسع في التوظيف خلال المدة 2003-2015. تميزت هذه المرحلة بإحداث تغيرات بنيوية في الأسس والمؤسسات، استلزم من الدولة في هذه المرحلة ان تؤدي دوراً انمائياً وتصحيحياً للنهوض بالاقتصار العراقي.

ثانياً: التحول إلى اقتصاد السوق..... تحديات وعقبات :

واجهت عملية التحول السياسي بعد عام 2003العديد من التحديات والعقبات التي أثرت في مجمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية، فبين الموروث التاريخي الذي عاشه العراق، وبين التجربة الجديدة (الديمقراطية التعددية) والتي لم يعهدها سابقاً، ونتيجة التحول الدراماتيكي السريع على المستويين السياسي والاقتصادي برزت العديد من التحديات والعقبات، التي أثرت سلباً على عملية التحول والإصلاح في الاقتصاد العراقي، لعل من أبرزها:

  1. متلازمة الفساد ... ثالوث السلطة والديمقراطية والثروة :

يشكل الفساد بأشكاله كافة أحد أبرز التحديات والمعوقات التي تواجه دور الدولة في الحياة الاقتصادية في ظل التحول والتغير الذي شهده العراق بعد عام 2003. فالفساد يشوه التنمية وينتهك الحقوق الأساسية ويحول الموارد عن مقاصدها الاصلية سواء كانت خدمات أساسية او مساعدات دولية او في مجمل مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لا سيما عندما تكون الدولة ضعيفة، فأنه يرتبط غالباَ بالعنف، ويعود هذا الى انه وبسبب الفساد فأن الديمقراطية تعني مزيداَ من انعدام الامن والأسواق الحرة(المنفلتة وبدون ضوابط) والتي تعني أيضاً ان يصبح الأغنياء اكثر غنى على حساب باقي افراد المجتمع([8]).

والفساد يمثل شكلاً من اشكال النفوذ الحافل بالمخاطر والذي لا يمكن الركون اليه، اذ ان المسؤولين الحكوميين الذين يتمتعون بما يكفي من القوة لتأسيس احتكارات ومقاومة المساءلة يتمتعون أيضاَ بما يكفي من القوة للتخلص من التزاماتهم في صفقات معينة([9])، وهو كذلك يضر بالفقراء ويعوق الفرصة الاقتصادية والاجتماعية ويقوض الثقة في المؤسسات ويتسبب في تفكيك النسيج الاجتماعي، كما انه يمثل عقبة امام تحقيق التنمية والنمو المستدام، فضلاً عن كونه يهدد التنمية المستدامة للدول ويقوض المؤسسات الديمقراطية ويهدد الامن والسلم المجتمعي. الى جانب ان اكتساب الثروات والأموال بصورة غير مشروعة يمكن ان يلحق الضرر بالمؤسسات الديمقراطية والاقتصادية وسيادة القانون.

وتتعاظم النظرة الى الفساد بوصفه انتهاكاً لفكرة ان البشر يولدون جميعاً وهم متساوون في حق السعي الى السعادة بكافة السبل المشروعة والمتاحة لهم([10])، من جانب اخر، ان الغنى بالموارد الطبيعية (النفط والغاز وغيرهما) كما في العراق يعزز الفساد ويهدد الديمقراطية، مما يؤدي الى غياب الاستقرار السياسي ويؤدي الى الفشل الحكومي في تحقيق الأهداف التي تسعى اليها. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة في محاربة الفساد، من خلال خلق بيئة ملائمة وإنشاء بعض المؤسسات التي أخذت على عاتقها محاربة الفساد بأشكاله كافة مثل إنشاء هيئة النزاهة ومكاتب المفتّشين العاميّن في الوزارات وديوان الرقابة المالية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، إلاّ إن العراق ما يزال ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم،  فبعدما كان في المرتبة 113 في عام 2003من أصل 13.دولة حسب مؤشر مدركات الفساد(*)، تراجع ليكون ضمن الدول العشرة الأعلى فساداَ بالعالم ليحتل المرتبة 166 من اصل 176 في عام 2016 .

جدول (1)

السنوات

2003

2004

2005

2006

2007

2008

2009

2010

2011

2012

2013

2014

2015

2016

عدد الدول المشتركة

13.

146

194

163

18.

18.

18.

178

183

176

175

174

167

176

تسلسل العراق

113

129

17.

16.

178

178

176

175

175

16.

171

17.

161

166

مؤشر مدركات الفساد*

2.2

2.1

2.2

1.9

1.5

1.3

1.5

1.5

1.8

1.8

1.6

1.6

1.6

1.7

مؤشر الفساد العالمي وموقع العراق منه 2003– 2016

*يمنح مؤشر مدركات الفساد الدول درجات من صفر الى عشرة، الصفر يعني وجود مستويات مرتفعة من الفساد، العشرة تعني وجود مستويات منخفضة منه

source: Transparency International (TI)، Corruption Perception Index (CPI). www.transparency.org/cpi

وتأثرت التنمية الاقتصادية في العراق بمشاكل الفساد، وأصبح يُنظر الى الفساد والديمقراطية من أهم عوائق التنمية والتقدم في البلد، وهكذا أصبحت الديمقراطية والفساد تعني مزيد من انعدام الامن ومزيداً من الفقر ومزيداَ من التفكك في النسيج المجتمعي، كما هددت السلم المجتمعي.

وأشارت الأدلة خلال الخمس عشر سنة الماضية الى ان الفساد والديمقراطية شوهت عملية إعادة البناء والاعمار وقوضت عملية التنمية الاقتصادية، فالرشوة تؤدي الى منح العقود العامة الى عارضين غير اكفاء، وتكافئ عدم الكفاءة ولا تشجع الشركات الكفؤة على الدخول الى البلد، وان أموال السرعة التي تدفع للموظفين لا تسهل اجتياز الاختناقات الإدارية بل تقنع الموظفين الحكوميين الاخرين بانهم هم أيضاَ يمكنهم كسب بعض المال عن طريق التباطؤ)[11]).

لقد أثّر الفساد في أداء الاقتصاد الوطني، ذلك من خلال زعزعة أسس البيئة الاستثمارية مما أدى إلى زيادة تكلفة المشاريع، وحدّد نقل التكنولوجيا، وأضعفت الأثر الايجابي لحوافز الاستثمار بالنسبة للمشاريع المحلية والأجنبية، وبخاصة عندما تطلب الرشاوى من أصحاب المشاريع لتسهيل قبول مشاريعهم، أو يطلب الموظفون المرتشون حصة من العائد الاستثماري([12]).

لقد ترسخ الفساد في المجتمع العراقي وتغلغل وتعمقت تأثيراته، وشكلت جوهر المنظومة السياسية، ويتمثل التحدي الذي نواجههُ في ضرورة بناء منظومة سياسية مؤمنة بضرورة محاربة الفساد وترسيخ وتقوية أسس الديمقراطية وبناء مجتمع خالي من البيروقراطية والفساد، لدفع عجلة التنمية والتطور والازدهار.

  1. استمرار ريعية الاقتصاد العراقي ... عقود ضائعة من التنمية :

ارتبط التاريخ الاقتصادي والسياسي للدولة العراقية الحديثة بالنفط، وشكل النفط العامل الأبرز في رسم معالم الخريطة الاقتصادية والسياسية للعراق، وقد بدأت العلاقة بين النفط والاقتصاد والسياسة عندما اكتشف النفط في العراق في عام 1927 وارتبطت التنمية في البلد بالريع النفطي.

بيد ان العلاقة بين النفط والتنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في العراق كانت علاقة معقدة ومتعددة الجوانب واحاطت بها الكثير من السلبيات والاخفاقات، فمن سيطرة الشركات النفطية الكبرى الى التأميم الى سيطرة الدولة على الريع النفطي الى الانفتاح والحرية (بعد عام 2003) لم تكن الثروة النفطية سبباً للتقدم والتطور والازدهار، بل على العكس كانت سبباَ للاضطرابات والصدمات الاقتصادية والسياسية والأمنية وعدم الاستقرار المجتمعي.

ويكشف تحليل بنية الاقتصاد العراقي حقيقة تمحوره حول إنتاج وتصدير النفط الخام، ونتيجة لذلك فقد انقسم الاقتصاد إلى اقتصادين منفصلين ومتمايزين، الأول حديث يضم النفط ومشروعاته، والثاني متخلف يضم باقي قطاعات الاقتصاد الوطني، إذ يولد الاقتصاد الأول معظم الناتج المحلي الإجمالي وقيمة الصادرات والإيرادات العامة، كما أن هذين الاقتصادين لا يرتبطان بعلاقة وثيقة واختفت الارتباطات الأمامية والخلفية بينهما إلاّ في حدود توفير الطاقة للقطاع المتخلف وبعض الخدمات الهامشية للقطاع الحديث، وتؤثر هذه الظاهرة على الاقتصاد لجهة عدم التنوع في الإنتاج وعدم قدرته على إشباع الطلب المحلي المتزايد من مختلف أنواع السلع والخدمات التي تتصف بالتنوع الشديد بما يفوق قدرة القطاع المتخلف على تلبيتها([13]).

في ظل ذلك، ما زال القطاع الحقيقي يعاني من تدنٍ في معدلات إنتاجه ومشاكل كثيرة أُخرى، والذي تؤشره حالة القصور الواضح في نشاطات العرض الكلي لقطاعات حيوية سلعية في الاقتصاد وبخاصة قطاع الصناعة التحويلية الذي يسهم بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي في حين كان يبلغ 9% في سنوات سابقة، أما القطاع الزراعي فقد تدنت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5% في حين كان قبل خمسة عقود يبلغ 22%، وتجدر الإشارة إلى إن القطاع النفطي الذي يشكل 70% من الناتج المحلي الإجمالي لا يستوعب سوى 2% من إجمالي القوى العاملة وتعمل (98%) الباقية من قوة العمل في نشاط إنتاجي سلعي وخدمي لا تتعدى مساهمته 30% من الناتج المحلي الإجمالي([14]).

وتتضح ريعية الاقتصاد العراقي بجلاء من خلال تحليل الموازنة الاتحادية للعراق، إذ تتسم هذه الموازنة بسيادة الموارد النفطية على مجمل الإيرادات العامة، فقد وصلت نسبة مساهمتها إلى أكثر من (95%) وهذا يبين مدى قطبية الاقتصاد العراقي، إذ يسهم القطاع النفطي بنحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، وإن أي زيادة في هذا الناتج هي ليست زيادة في القطاع الحقيقي بل زيادة متحققة بفعل زيادة الصادرات النفطية أو ارتفاع أسعار النفط أو الاثنين معاً([15]).

بشكل عام، يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل شبه تام على القطاع النفطي مما يجعل الاقتصاد العراقي عرضة للصدمات تبعا للظروف السائدة في سوق النفط العالمي، فعندما انخفضت أسعار النفط في  أواخر عام 2008 وبداية عام 2009 اضطر الحكومة إلى خفض الانفاق، وقد تضرر الاقتصاد العراقي ضرراً بالغاً من جراء انخفاض أسعار النفط وواجه عجزاً مزدوجاً في ميزان المدفوعات والموازنة العامة للبلد([16])،  وعندما واجه العراق أزمتين متزامنتين منذ النصف الثاني لعام 2014، التمرد الذي يقوده تنظيم داعش، وصدمة أسعار النفط، تفاقمت مواطن الضعف والاختلالات الهيكلية، وأدَّت هاتان الأزمتان مع عدم الاستقرار السياسي في عام 2014 إلى تراجع وتيرة الاستهلاك والاستثمار في القطاع الخاص، وتقييد الإنفاق الحكومي، لاسيما على المشروعات الاستثمارية.

أدَّت الأزمة المزدوجة إلى تدهور حاد لأوضاع المالية العامة وميزان المعاملات الخارجية وتفاقُم أوضاع الفقر، واتسع عجز المالية العامة إلى 14.5 % في عام 2015، و سبب ذلك هو هبوط العائدات النفطية وزيادة الإنفاق للأغراض الإنسانية والأنشطة المتصلة بالأمن، وقد ساهمت الأزمة المزدوجة أيضا في اتساع عجز ميزان الحساب الجاري إلى 6.6% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015، وانخفضت عائدات التصدير بنحو 47.3 % في عام 2015، ووصل معدل الفقر إلى 22.5 % في عام 2014، ويُقدر أن الآثار المباشرة للاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ضاعفت معدلات الفقر إلى 41.2%، ويشكل المشردون والنازحون داخليا نصف مليون من فقراء العراق في 2014([17]).

وتجدر الإشارة الى أن النمو المستدام والمتوازن يتطلب تنويعاً في موارد الاقتصاد بعيداً عن القطاع النفطي والذهاب باتجاه القطاعات الاخرى الصناعية والخدمية، فضلاً عن تحسين أداء القطاعات كثيفة العمالة كالزارعة والسياحة، وإتباع سياسات تسهل وتشجع نمو القطاع الخاص والصناعات المتوسطة والصغيرة، وتسهل بيئة ممارسة الاعمال والتقليل من الاجراءات التنظيمية والبيروقراطية الإدارية وتوفير مصادر التمويل اللازمة لهذه المشاريع، وفي وضع الاقتصاد العراقي الراهن أصبح التنويع ضرورة وليس ترفاً اقتصادياً.

  1. الاضطراب السياسي والأمني.. حلقة ضارة من العنف :

يمثل الإرهاب والاضطرابات السياسية وموجات العنف أحد أخطر وأكبر التحديات التي تواجه التنمية والتطور والتقدم والاستقرار، وقد مر العراق بوضع أمنى وسياسي مضطرب ترك آثار سلبية عميقة في كل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، الامر الذي أدى الى فقدان الامل بمستقبل زاهر وعيش رغيد للفرد العراقي، لقد اصبحت الخروقات الأمنية ومشاهد الموت والدمار والخراب مألوفة في الشارع العراقي حتى تصاعدت وتيرة هذه الاضطرابات لتصل الى مرحلة الذروة في عام 2006 وأصبح العراق يعاني من حرب أهلية مقيتة، انعكست بشكل سلبي على إعادة البناء والاعمار الموعودة، وتعطلت عجلة الحياة، وحصل دمار هائل للبنية التحتية العراقية المدمرة اصلاً نتيجة حروب النظام السابق ومغامراته.   

ان النزاعات والتوترات التي رافقت عملية التحول كانت لها انعكاسات مدمرة على امن الانسان وعلى التنمية الاقتصادية، فالعنف لا يهدد التنمية البشرية والامن فحسب بل ينعكس على ما تم إنجازه من قبل، وقد فرضت عملية الانتقال تكاليف بشرية هائلة من ضحايا العنف والإرهاب التي حصدت الالاف من العراقيين وهددت وحدتهم وادت الى حدوث نزاعات طائفية بددت فرص التنمية وهددت الديمقراطية وتراجعت الأولويات التنموية للدولة([18])، وبحلول عام 2004 كان الوضع الأمني في تدهور سريع ومستمر وتحول الى صراع طائفي عام 2006-2007، الامر الذي أدى الى موجات من النزوح هرباً من الموت والقتل. وقد قدر عدد النازحين في عام 2006 بنحو 1.2 مليون نسمة بعد تفجير مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام)، ارتفع هذا العدد ليصل الى نحو 2.7 مليون نسمة الى جانب 2.2 مليون فروا الى دول مجاورة مثل سوريا والأردن وفقاً لتقديرات UNHCR وبلغ اعداد النازحين ذروته في عام 2009([19]).

وفي عام 2014 انزلق العراق في حرب ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي استولى على ثلث مناطق العراق، وقد أدت الحرب الى زيادة اعداد النازحين داخلياً الى 4 مليون نسمة، في حين بلغ عدد السكان الذين يحتاجون الى مساعدات إنسانية 1. مليون نسمة (%27 من السكان) منهم 250 الف لاجئ سوري، وارتفع عجز المالية العامة ارتفاعاً حاداً الى 14.3% من الناتج المحلي الإجمالي، واتسع عجز الحساب الجاري الى نحو 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، وانخفض حجم الاحتياطيات الأجنبية لتصل الى 5. مليار دولار في عام 2016([20])، هذه الدوامات والحلقات المتكررة من الصراع والعنف لها من التكاليف الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية ما قد يستمر لأجيال طويلة([21])

لقد أثر تردي الأمن بشكل كبير على قدرة العراق في جذب الاستثمار وما يؤكد ذلك المؤشر المركب للمخاطر القطرية(*)، (يقسم هذا المؤشر الدول إلى خمس مستويات) إذ تبين هذا المؤشر إن العراق قد احتل المرتبة الخامسة والأخيرة إلى جنب الصومال من بين 18 دولة عربية، بعد أن جمع(40.8) كدرجة تقييم عام 2004، ولم يتغير الحال في عام 2007 إذ بقي العراق عند المرتبة نفسها وبدرجة (4..9)، رغم توفر الأطر القانونية للاستثمار الأجنبي المباشر في قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006([22])، مما ترتب على ذلك انحدار فعالية الاقتصاد العراقي بشكل عام، وعلى نشاط القطاع الخاص بشكل خاص، إذ أدى إلى عزوف الشركات الكبيرة عن الولوج في استثمارات في العراق وكذلك الأموال الخاصة المحلية، فقد غلب عليها الحذر من الدخول في استثمارات طويلة الأمد خوفاً من ضياع الأموال إذا ما ساءت الأوضاع الأمنية في منطقة الاستثمار، وهو أمر وارد الحدوث، وما يؤكد تردي الأمن وتصنيف العراق ضمن البيئة المرتفعة الخطورة للأوضاع الاقتصادية والسياسية هو المؤشر المركب للمخاطر القطرية، إذ كان العراق  ضمن الدول المرتفعة المخاطر للأعوام 2005-2014، إن هذا المؤشر يدل بشكل واضح على حالة عدم الاستقرار وضعف الأمن في بيئته السياسية والاقتصادية.

وبالنظر إلى مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي يتبين المركز المتدني الذي يحتله العراق على مدى أكثر من عقد من الزمن بعد عام 2003، ويلعب العامل الأمني دوراً رئيسياً في تدني واقع العراق الاقتصادي، وكما في الجدول الآتي الذي يوضح موقع العراق في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال بين الدول المتضمنة في المؤشر.

جدول (2)

موقع العراق من الدول المنضوية في مؤشر تقرير ممارسة الأعمال 2004-2014

السنة

2007

2009

2012

2014

موقع العراق من الدول

14./175

15./183

165/185

156/189

Source: The World Bank، Doing Business، International bank ofreconstution and Development، the word bank، Washington، sporadic years.

يلحظ من خلال البيانات الموضحة في الجدول (4) أن العراق قد احتل مراتب متدنية في هذا المؤشر، وهذا يدل على إن الإطار المؤسسي والتنظيمي في العراق لا يوفر بيئة صالحة لممارسة أنشطة ومشاريع كبيرة كانت أو متوسطة، فبالإضافة إلى العامل الأمني فقد تغلل الفساد إلى أغلب مرافق الدولة وعمل كحاجز ضد سهولة الإجراءات فضلاً عما ولد من روتين داعم لبيئة الفساد. وفي ظل هكذا وضع أمني متردِ فإنه من الصعوبة بمكان أن تتكون ركائز قطاع خاص قائدة في الاقتصاد، فرأس المال (جبان) وحساس لهكذا متغيرات.

 لذلك فقد افتقد القطاع الخاص العراقي الى المبادرة والتصدي لإعادة اعمار وبناء المشاريع الاستراتيجية، أو ذات الربحية طويلة المدى، ناهيك عن الدخول في مشاريع استراتيجية لتنمية الاقتصاد الوطني، ويؤكد ذلك مؤشر سهولة ممارسة الأعمال.

ثالثاً: دور الدولة الاقتصادي ... التأرجح بين اقتصاد السوق وتدخل الدولة :

الحديث عن دور الدولة في الحياة الاقتصادية ليس بالأمر اليسير، إذ أصبح هذا الموضوع من أكثر القضايا التي تشغل بال المفكرين والكتاب والباحثين، لا سيما في ظل التطورات الهائلة التي شهدها الاقتصاد العالمي خلال العقود الأربعة وانتشار مفاهيم الحرية وتسارع خطى العولمة، ناهيك عن انهيار المنظومة الاشتراكية وسقوط جدار برلين.  لقد فرضت الظروف الموضوعية على العراق بعد عام 2003التحول إلى فلسفة النظام الاقتصادي القائم على الحرية الاقتصادية الذي يؤمن بقوى السوق وآلياته، بعد أن كان نظاماً مركزياً قائم على هيمنة الدولة، ويعد هذا التحول الأداة الجوهرية للإصلاح الاقتصادي المعزّز بالتشريعات والأطر القانونية، إلاّ إن الواقع العملي الذي اتضح يشير إلى عدم وضوح الرؤيا، فقد ازداد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق السياسة المالية التوسعية بشكل كبير، وبذلك فقد ابتعدت الدولة عن الدور التصحيحي المفترض لها القيام به([23]).

ان الحديث عن دور الدولة في ظل نظام السوق هو حديث عن تخلي الدولة عن مظاهر السلطة في النشاط الإنتاجي لكي يخضع لقواعد السوق والمنافسة، وهو امر لا يتعلق بالتغيير في القواعد القانونية وشكل النظام الاقتصادي، وهو اعتراف بنوع من التعددية في المجال الاقتصادي، فالدولة لم تعد اللاعب الوحيد او الرئيس في الاقتصاد، وانما يقوم الى جوارها القطاع الخاص، وهكذا فان التحول الى اقتصاد السوق يؤدي الى تغيير في طبيعة السلطة ومداها، ومن ثم فانه حديث عن نظام سياسي، فدور الدولة في اقتصاديات السوق لا يثير قضية اختيار للنظام الاقتصادي فحسب وانما يتعرض بشكل ما للنظام السياسي، وهو الانتقال من نظام تركيز السلطات السياسية –الاقتصادية بيد الدولة الى نظام توزيع هذه السلطات وإقامة نوع من التوازن والمقابلة بينهما وهي قضية سياسية يقدر ما هي اقتصادية([24]).

وبالرغم من تبني آلية السوق في الاقتصاد العراقي في نصوص الدستور العراقي لعام 2005، إلاّ إن سياسة الدولة المركزية قد استمرت، وما بين الحاجة لها والرغبة في التخلي عنها، فإنها قد تسببت في تعقيد وتأخير الإجراءات التي تتطلبها المرحلة في الحصول على الموارد واستخدام المستثمرين والخبراء، وقد أدى ذلك إلى خسارة العراق للمليارات من الدولارات، ومع إن الطروحات تؤكد على انحسار دور الدولة والتأكيد على دور القطاع الخاص ودعمه وتقويته، إلاّ إن الموازنة العامة تشير إلى تضخم حجمها وبشكل لا يتناسب مع إمكانات التنفيذ، مما ولد ظاهرة الفساد المالي والإداري التي وصلت إلى مستويات خطيرة، وفي ظل هذه المشكلات وقف الوضع الأمني المتردي كأبرز عقبة في طريق عجلة الاعمار مما أدخل البلد في حلقة مفرغة تتمثل محاورها في الإرهاب والإعمار والأمن([25]).

لقد تزايد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية منذ عام 2004 والسبب الرئيس في ذلك هو تردي الوضع الأمني، فقد أخذت إجراءات الحماية ضد الإرهاب جانباً كبيراً من نفقات الدولة، فضلاً عن إن أغلب المساعدات الدولية المقدمة للعراق قد سُجّلت كنفقات حكومية في ظل محدودية الناتج الإجمالي المحلي، الذي ظل أسيراً للعوائد النفطية، التي تأثرت كثيراً بسبب نتائج الحروب لتكون ذات إنتاجية متردية وإمكانات متواضعة([26]).

إن التحول إلى اقتصاد السوق لا يعني عدم تدخل الدولة وانسحابها كلياً من النشاط الاقتصادي، بل يجمع الاقتصاديون والمتخصصون والواقع الاقتصادي على ضرورة بقاء الدولة من خلال إتباعها سياسة محفزة للسوق تهدف إلى زيادة إنتاجية وكفاءة وتنافس المنتجين لغرض زيادة مساهمة القطاعات الاقتصادية المختلفة، فضلاً عن تركيزها على الأنشطة التي لا يتم تحقيقها إلا من خلال الدولة كالأنشطة المتعلقة بحفظ الأمن والنظام وتوفير السلع العامة وإنشاء بيئة مؤاتيه لنشوء الأعمال وتطورها([27]) .

بناءً على ما سبق، فالملاحظ إن العراق لم يولد اقتصاداً انتقالياً واضحاً من الدولة المركزية إلى اقتصاد السوق الحر حتى في وقت غابت فيه أنماط الشراكة بين السوق والدولة كي تعمل وفق أسس السوق سواءً في الاستثمار أم الإنتاج والتنمية في مرافق البلاد الإنتاجية كافة، بل على العكس فإنها ولدت اقتصاد انتقالي مالي رافقه إهمال تام في بناء مؤسسات انتقالية تمارس وظائفها كسوق حر في القطاع الحقيقي في المراحل اللاحقة كافة([28]).

رابعاً: الإصلاحات الاقتصادية للتحول إلى اقتصاد السوق :

يفترض اقتصاد السوق رفع يد الدولة وسطوتها وأساليبها البيروقراطية عنه، بل إن الدولة تساعد في سن القوانين التي تسهل عملية التنمية والإعمار في البلاد وتسهم بشكل فعال في رصد الأموال لمساعدة المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية التي تساعد على رفع مستوى معيشة الفرد العراقي، وتقليل البطالة والنهوض بالبنى التحتية للمدن العراقية وصولاً إلى مستويات معقولة من التحضر ضمن معايير معروفة لدى الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة([29]).

وفي إطار عمليات الانتقال الديمقراطي كان الهاجس الرئيس في هذه العمليات هو التحول نحو اقتصاد السوق، وكانت سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق هي صاحبة المبادرة في هذا المجال باتخاذ إجراءات سريعة تصب في هذا الاتجاه، وذلك بتبني إصلاحات سريعة في البنية التحتية وفق رؤى اعتقدت إنها تسهل انتقال رأسمالية الدولة الريعية المركزية إلى اقتصاد السوق الحر، على غرار نموذج أوربا الشرقية في الانتقال إلى اقتصاد السوق([30]).

وفيما يأتي اهم الاصلاحات التي اتخذتها الدولة العراقية للتحول بالاقتصاد العراقي من المركزية إلى اقتصاد السوق.

  1. الاصلاحات النقدية :

واجهت السياسة النقدية في العراق تحديات جسام بعد عام 2003، فقد ورث البنك المركزي العراقي بعد سقوط النظام السياسي حالة من التدهور تمثلت بتراكم ديون حكومية رديئة التحصيل وارصدة مجمدة من جانب موجوداته وتعرضت معظم اصوله للتسويات من دائني الحكومة الخارجيين، في حين تراكمت مديونية خارجية في جانب المطلوبات تحملتها الميزانية العمومية للبنك المركزي نيابة عن ديون الحكومة الخارجية، والتي شكلت ما يزيد عن 5.% من عبء مديونية العراق الخارجية([31]).

الى جانب ذلك، ورث البنك المركزي تضخماَ ممتداً من القطاع الخارجي عبر عوامل انتقالية سببتها عزلة البلاد عن العالم الخارجي، وضياع القيمة الخارجية للنقود، فتدهور سعر الصرف منذ العام 1980 الى مستويات غير مسبوقة بعد فرض الحصار الاقتصادي الدولي عام 1990 وحتى عشية الحرب على العراق وحصول التغيير في النظام السياسي، كانت جميعها معبرة عن انتقال الأثر السعري الدولي الى الاقتصاد المحلي المنعزل عبر العوامل الانتقالية الى القوى الهيكلية لا سيما الكيانات الاحتكارية داخل الاقتصاد([32]).    

وفي هذا السياق، ومن اجل تمكين السياسة النقدية من ممارسة مهامها على أكمل وجه، تم سن قانون البنك المركزي العراقي والذي منحهُ الاستقلالية التامة في عمله (الفقرة 2 من المادة ثانياً) بغية تحقيق أهدافه، فضلاً عن احترام هذا الاستقلال، وانسجاماً مع المادة 26 من القانون والتي حظرت على البنك المركزي اقراض الحكومة او هيئة مملوكة للدولة بشكل مباشر او غير مباشر باستثناء شراء الأوراق المالية في إطار عمليات السوق المفتوحة، وبهذا بات البنك المركزي مستقلاً بأدواته ولم يعد الرافعة المالية لتمويل العجز في الموازنة على غرار ما كان يحدث قبل عام 2003([33]).

لقد ساهم البنك المركزي ومن خلال ادواته النقدية في مواكبة التطور نحو التحول وتقبل الية السوق والتي كانت تهدف الى تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي وتطويره، فضلاً عن المحافظة على استقرار العملة المحلية لخلق بيئة اقتصادية تنافسية تستند الى آلية العرض والطلب في خلق الأهداف والتوجهات المستقبلية ورسم السياسات([34])، وبغية تمكين القطاع المصرفي العراقي ما أداء نشاطه وفق بيئة مالية رصينة، فقد تم وضع خارطة طريق لتطوير عمل السياسة النقدية والجهاز المصرفي في اطار بنية تحتية مصرفية قوية وقادرة على نقل إشارات السياسة النقدية الى القطاع الحقيقي في اطار الاستقرار والنمو الاقتصادي الكلي، وعلى هذا الأساس فقد قامت السلطات النقدية بالاتي([35]):

  • استبدال العملة القديمة واحلال العملة الجديدة التي بدأ تداولها نهاية عام 2003وللمرة الأولى منذ عام 1990، وبمواصفات عالية أسهمت في تعظيم ثقة الجمهور بالدينار العراقي، وأدت الى استقرار الطلب النقدي.
  • تحرير القطاع المالي لا سيما أسعار الفائدة وازالة أي شكل من اشكال الكبح المالي المتمثل بخطط الائتمان السابقة التي كان يفرضها البنك المركزي على حرية تخصيص الموارد الائتمانية بين القطاعات الاقتصادية وتشتيت المدخرات، مما يجعل اليات العرض والطلب تعمل بكفاءة ومنافسة عاليتين في السوق المالية.
  • فتح باب المشاركة للمصارف الأجنبية للعمل في العراق سواءً بشكل فروع او شكات مستقلة او مشاركات مع المصارف الاهلية في مناخ ينسجم مع قانون الاستثمار في العراق وتوجهات السياسة الاقتصادية نحو اقتصاد السوق.
  • التحول من الرقابة المصرفية المتحكمة على أساس ما يسمى Rule Base الى الرقابة الوقائية التلقائية Prudential Base التي استطاع على أساسها البنك المركزي فرض عمليات الرقابة الوقائية عبر اللوائح التنظيمية، الامر الذي يمكن الجهاز المصرفي على وفق نظم مرنة وكفوءة في العمل المصرفي.
  • تمت أعادة جدولة الدين الداخلي المترتب لمصلحة البنك المركزي على وزارة المالية والناجم عن حساب السحب على المكشوف وحوالات الخزينة الصادرة عن وزارة المالية والمملوكة للبنك المركزي والتي تراكمت خلال عقد التسعينات بشكل خاص بسبب ظاهرة التمويل التضخمي، اذ بلغ مجموع الدين بنحو 5.4 ترليون دينار.
  • العمل وفق نظام إدارة الدين والتحليل المالي (DMFAS) التابع للأمم المتحدة بغية مطابقة جداول المديونية الخارجية للعراق مع الجهات الدائنة واستخراج التقارير الخاصة بالمديونية والتنسيق مع دائرة الدين العام، الى جانب قيام البنك بالمساهمة بالتفاوض مع نادي باريس والتوصل الى تخفيض ما نسبته 80% من مجموع الدين.
  • تحديث نظام المدفوعات والذي كان قبل 2003نظاماً بدائياً من الناحيتين التقنية والبنية التحتية عن طريق ادخال نظام RTGS>.
  • اصدار اللوائح التنظيمية التي تمكن المصارف من تنويع Diversity عملياتها المصرفية خارج الميزانية العمومية بما يحقق قدرات تنافسية وخفض المخاطر.

ومع بداية عام 2015 دخل البنك المركزي العراقي عهداً جديداً ليصبح مؤسسة ذات ابعاد متعددة الأهداف والمهام، واستجابة للتطورات والتحديات التي تشهدها الصيرفة المركزية حول العالم، اذ اتجه الى اهداف تحقيق الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي، والتركيز على قضايا الاقتصاد الكلي ونظام المدفوعات والنظام المصرفي وعمل النظام المالي بانسيابية عالية، فضلاً عن تحقيق الاستقرار النقدي واستقرار الأسعار، من اجل التحول من بنك مركزي يعمل في بيئة وأدوات القرن العشرين الى بيئة وأدوات القرن الحادي والعشرون([36]) .

  1. اصلاحات السياسات المالية :

اتسمت السياسات المالية في العراق خلال العقود الثلاثة قبل عام 2003بوجود انحراف وخلل كبير في اداءها بوصفها أداة بيد الدولة لدفع عجلة الاقتصاد، الى جانب كونها المرآة العاكسة لتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي. فقد تم تكريس السياسة المالية في العراق قبل تغيير النظام لتغذية سلسلة الحروب والأزمات واتسمت المالية العامة بالعسر الشديد خلال تسعينات القرن الماضي خلال مدة الحصار، انتهى بها المطاف الى عجز كبير، ومديونية عالية، وارتفاع حلزوني وحاد في معدلات التضخم بسبب الإصدار النقدي.

الى جانب ذلك، كان توزيع موارد الموازنة واولويات المشاريع تتحدد على مر السنوات قبل عام 2003لا على أساس احتياجات المناطق ولكن على أساس مكافأتها او معاقبتها، فضلاً عن ان توزيع الموارد كان يفضل المناطق الجغرافية على أساس الروابط العرقية مع قيادات الحكم، وقد أدى هذا التحيز الى وجود فجوات كبيرة في تقديم الخدمات، مما اثر على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بين الشمال والجنوب والوسط، وكذلك بين المناطق الريفية والحضرية([37])،  الا ان الاحداث السياسية التي شهدها العراق بعد عام 2003وما تبعها من تحول نحو الحرية الاقتصادية، كانت لها انعكاسات واضحة على أداء الاقتصاد العراقي، اذ حدثت تغيرات بنيوية في الأسس العامة لآلية اعداد الموازنات، على الرغم من استمرار الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي ووحيد لرفد الموازنة بالموارد المالية.

ان الدمار الذي لحق بالاقتصاد العراقي بسبب العمليات العسكرية التي أدت إلى سقوط النظام في 9 نيسان 2003والإرث الاقتصادي الثقيل استلزم من الدولة أن تؤدي دوراً انمائياً وتصحيحياً للنهوض بالاقتصاد العراقي، وعليه، انتهجت السياسة المالية بعد عام 2003نهجاً جديداً اختلف اختلافا جذريا عن النهج السابق، وقد تم تصميم السياسة المالية لتكون توسعية، وتوزيع الموارد بين المحافظات بشكل عادل، وقد حدث تحسناً ملحوظاً في مستويات المعيشة، إلا أن المشكلة الأمنية وعدم الاستقرار السياسي كانت عائقاً إزاء السياسة المالية في تأدية وظائفها، إذ مازالت الموازنة تعتمد بشكل أساس على إيرادات النفط التي تشكل نحو اكثر من 9.% من مصادر تمويل الموازنة، فضلاً عن أن الموازنات لم تعد وفق الأطر الزمنية المقرَّة قانوناً بسب الاختلافات السياسية، من جانب أخر، تم رسم سياسة ضريبية جديدة، فقد شهدت هذه المرحلة تحولاً في الاطر القانونية للسياسة الضريبية بإلغاء بعضها وإيقاف العمل بأُخرى مؤقتاً واستُحدِثت ضرائب جديدة، بغية التوفيق بين الحصول على الايرادات من جهة ومراعاة الظروف المعاشية التي يمر بها الفرد العراقي نتيجة تدهور الاقتصاد الذي رافق الحرب وما تبعها من اعمال نهب وتدمير وتوقف في اغلب الانشطة الاقتصادية من جهة اخرى. كما تم الغاء الضريبة الكمركية واستحداث ضريبة إعادة اعمار العراق من اجل توفير الموارد المالية من اجل للبلد للمساعدة في بناء وإعادة اعمار البلد.

وتم وضع آلية لإدارة الدين العام على الصعيدين الداخلي والخارجي، ففي ما يخص إدارة الدين العام الداخلي، تم إعادة النظر بسياسة النقد الرخيص المتبعة في السابق لتمويل الدين الحكومي، وذلك بإصدار قانون الإدارة المالية للدين العام رقم (94) لسنة2004 المتضمن تعليمات بيع الأوراق المالية الحكومية بالمزايدة وفقاً لآلية السوق وقيام البنك المركزي بمهمة الوكيل المالي عن وزارة المالية في إدارة مزادات حوالات الخزينة قصيرة الأجل بدلاً من الاقتراض الإنفاقي كما في السابق([38])، ومن جانب آخر قامت الحكومة بالدخول مع نادي باريس باتفاق لتسوية الدين الخارجي، تمثل خصم (80%) من الديون على ثلاث مراحل بشروط معينة.

وتم العمل على وضع الأطر القانونية المناسبة لسوق الأوراق المالية لتسهيل عملية التحول نحو اقتصاد السوق، ويهدف السوق إلى تنظيم وتدريب أعضائه والشركات المدرجة وحماية الثقة وتعزيزها من خلال سوق حرة وفعالة تتسم بالشفافية وتنظيم التعامل بالأوراق المالية وتوعية المستثمرين ونشر الإحصاءات والمعلومات الضرورية، وتطوير سوق المال في العراق بما يخدم الاقتصاد الوطني ومساعدة الشركات في بناء رؤوس الأموال اللازمة للاستثمار ونوعية المستثمرين العراقيين والأجانب بشأن فرص الاستثمار في السوق، فضلاً عن التواصل مع اتحاد أسواق الأوراق المالية بهدف تطوير السوق.

لقد عملت اصلاح السياسة المالية في العراق باتجاه تفعيل دور وايرادات الضرائب والرسوم بغية تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، غير ان هناك معوقات عدة حالت دون إمكانية تحفيز دور هذه الإيرادات وتوسع نسبة اسهامها في الموازنة العامة، ولعل ابرز هذه المعوقات([39]).

  • مرور الاقتصاد العراقي بمرحلة الكساد يضعف إمكانية الحكومة بالحصول على قدر أكبر من إيرادات الضرائب والرسوم.
  • ان أسلوب الخسارة الاقتصادية التي عملت به المؤسسات العامة ومنذ سنوات طويله حجم إمكانية استقطاب إيرادات جديدة يمكن من خلالها زيادة حصيلة الإيرادات العامة.
  • انتشار ظاهرة التهرب الضريبي والكمركي، الى جانب الفساد المالي والإداري والذي حد من إمكانية توسيع نطاق الإيرادات.
  1. إصلاح السياسة التجارية :

ولاستكمال الخطوات الرامية لتحول الاقتصاد العراقي السريع نحو آلية السوق كان لابد من إعادة النظر في السياسة التجارية، فقد اتخذت سلطة الائتلاف المؤقتة ومن بعدها الحكومات العراقية المتعاقبة لمجموعة من الإجراءات متمثلة بإصدار القوانين والتشريعات التي تصب في هذا الإطار. فقد أصدرت سلطة الائتلاف الأمر رقم (12) لسنة (2003) "سياسة تحرير التجارة"، والذي علقت بموجبه جميع الرسوم الكمركية والقيود المفروضة على التبادل التجاري([40])، لينتقل العراق من سياسة الحمائية التجارية إلى سياسة الباب المفتوح، لقد كان الأساس الذي يقف وراء عملية التحرير الشاملة لتدفق رأس المال والبضائع الدولية هو السماح للمجتمع العراقي بإستهلاك مجموعة من البضائع والخدمات أجود من إمكانياته الإنتاجية، وبالتالي فإنه سيسهم في رفع المستوى المعاشي للشعب العراقي([41]).

إلا ان سياسة الباب المفتوح إلى خسائر كبيرة في الاقتصاد العراقي، فضلاً عن دخول السلع التي لا تطابق المواصفات النوعية، وبذلك أصبح العراق سوقاً لتصريف البضائع الرديئة، إضافة إلى ذلك فقد أدت هذه السياسة إلى خروج كميات كبيرة من العملات الأجنبية لاستيراد السلع والخدمات الاستهلاكية وليس استيراد السلع الرأـسمالية التي تحقق إضافات جديدة في الطاقة الإنتاجية، كما أدت هذه السياسة إلى تدهور وانكماش الإنتاج المحلي لجميع المنتجات الصناعية، إذ بلغت نسبة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي أقل من 2% وهي نسبة أدنى من المعدل الذي يضمن توزيعاً قطاعياً في الاقتصاد المحلي، فضلاً عن إن الصادرات قد اعتمدت وبشكل أساس على النفط الخام، وعلى الرغم من زيادة الصادرات خلال المدة التي أعقبت عام 2003، إلاّ إن ذلك لم يؤدِ إلى إصلاح العجز في ميزان المدفوعات وجذب الاستثمار الأجنبي، كما إن سياسة تحرير التجارة قد أدت إلى زيادة حجم الاستهلاك بعد عام 2003، وبشكل تصاعدي نتيجة لارتفاع مستويات الدخول مما أثر سلباً على الادخار([42]).       

وفي شباط من عام (2004) صدر الأمر رقم (54) عن سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق، ليلغي الأمر رقم (12)، وعمل هذا الأمر على إلغاء جميع الرسوم الكمركية والضرائب على الاستيراد ما عدا ضريبة إعادة إعمار العراق المفروضة بموجب الأمر (38)، ليعطي سياسة تحرير التجارة نطاقاً أوسع وليكرس الضريبة بضريبة واحدة نسبتها (5%) دون الأخذ بأي من قواعد الضريبة وبدأ العمل بهذا الأمر بتاريخ 1/4/2004.

  1. تحسين مناخ الاستثمار.. الاستثمار من الشمولية الى الحرية :

يمثل الاستثمار أحد أبرز المتغيرات الكلية المؤثرة في النشاط الاقتصادي ودفع عجلة الاقتصاد الى الامام، ناهيك عن كونه ينقل التكنلوجيا من الدول الام الى الدولة المستضيفة ويطور المهارات، ويحسن القدرة التنافسية للبلد. ومناخ الاستثمار لا يقف عند العوامل الاقتصادية، بل يتجاوز ذلك إلى الظروف السياسية والاجتماعية السائدة، فالاستقرار الأمني والسياسي يؤثر في قرار الاستثمار وكما إن الاستثمارات المتاحة والامتيازات هي عوامل إغراء لجذب الاستثمار، فضلاً عن بيئة قانونية ونظام قضائي سريع في حسم الخصومات ووضوح القوانين المطبقة، كل ذلك له أثر حاسم في القرارات الاستثمارية وفي تكوين مناخ ملائم لجذب الاستثمارات، إلى جانب المحفزات من إعفاءات ضريبية وامتيازات أخرى([43]).

في إطار التحول نحو اقتصاد السوق، اعلن العراق بعد عام 2003سياسة جديدة لتنظيم الاستثمار الأجنبي المباشر تجعل العراق واحداً من اكثر الدول انفتاحاً في العالم، ويسمح القانون للأجانب بالملكية الكاملة للشركات الأجنبية في جميع القطاعات (فيما عدا الموارد الطبيعية)، كما يسمح للشركات الأجنبية ان تدخل العراق لامتلاك فروع من شركات او تدخل كشريك في المشروعات، كذلك يسمح القانون ان تتعامل مع الشركات الأجنبية على انها شركات وطنية يسمح لها ان تستعيد وبشكل فوري كامل أرباحها([44]).

ويتمثل الهدف الرئيس من هذا القانون هو فسح المجال أمام التدفقات المالية الاستثمارية بشقيها المباشرة وغير المباشرة، وبكافة القطاعات الاقتصادية، فقد أتاح هذا الأمر للمستثمر الأجنبي الاستثمار في العراق دون قيود على حجم الاستثمارات، وفي جميع أرجاء العراق وبكافة القطاعات الاقتصادية، إلاّ إنه منع على المستثمر الأجنبي امتلاك أي من مرافق البلاد الاقتصادية التي تستخرج منها المواد الخام أو المرافق التي تتم فيها المعالجة الأولية لتلك المواد، بشكل مباشر أو غير مباشر. وجاء في الأسباب الموجبة لهذا الأمر العمل على تحسين ظروف المعيشة لجميع العراقيين، وتحسين مهاراتهم التقنية والفرص المتاحة لهم، وكذلك مكافحة البطالة في العراق، كما أشار إلى إن الاستثمار الأجنبي يساعد على تكوير البنية الأساسية وتنمية النشاط التجاري العراقي، وإيجاد فرص عمل جديدة وجلب رؤوس الأموال، وما يرافق ذلك من دخول تقنية جديدة وتعزيز نقل المعرفة والمهارات إلى العراقيين. ونتيجة لذلك فقد تزايدت التدفقات الاستثمارية الداخلة إلى العراق  وفقاً لتقرير الاستثمار الدولي لعام 2005 الصادر عن (اونكتاد)، فقد ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى العراق من (5) ملايين دولار عام 2003لتصل إلى (3..) مليون دولار عام 2004، وقد توزعت في الاستثمار في المصارف الخاصة، والتي خضعت لقانون البنك المركزي العراقي رقم (54) لسنة 2004([45]), وفي عام 2006 صدر قانون (13) الخاص بالاستثمار الذي يهدف الى([46]):

  • تشجيع الاستثمارات ونقل التقنيات الحديثة للإسهام في عملية تنمية العراق وتطويره وتوسيع قاعدته الإنتاجية والخدمية وتنويعها.
  • تشجيع القطاع الخاص العراقي والأجنبي للاستثمار في العراق من خلال توفير التسهيلات اللازمة لتأسيس المشاريع الاستثمارية وتعزيز القدرة التنافسية للمشاريع المشمولة بأحكام هذا القانون في الأسواق المحلية والأجنبية.
  • تنمية الموارد البشرية حسب متطلبات السوق وتوفير فرص عمل للعراقيين.
  • حماية حقوق وممتلكات المستثمرين.
  • توسيع الصادرات وتعزيز ميزان المدفوعات والميزان التجاري للعراق .

  وكما نظم هذا القانون تشكيل الهيئة الوطنية للاستثمار، وأعطى مزايا عديدة للمستثمرين، منها إعفاء المشاريع الحاصلة على إجازات الاستثمار من الضرائب والرسوم لمدة (1.) سنوات من تاريخ بدء التشغيل التجاري.

جدول (3)

تدفقات الاستثمار الأجنبي الواردة، 2003- 2014   "مليون دولار أمريكي"

السنة

التدفقات الواردة

التدفقات الصادرة

الأرصدة الواردة

الأرصدة الصادرة

2003

--

...

945..

...

2004

3....

...

1245..

...

2005

515.3

88.7

176..3

88.7

2006

383..

3.5..

2143.3

393.7

2007

971.8

7.9

3115.1

4.1.6

2008

1855.7

33.6

497..8

435.2

2009

1598.3

71.9

6569.1

5.7.1

2010

1396.2

124.9

7965.3

632..

2011

1882.3

366..

9847.6

998..

2012

34...4

489.5

13248..

1487.5

2013

5131.2

227.1

18379.2

1714.6

2014

4781.8

241.5

23161..

1956.1

Source: World Investment Report 2015 (UNCTAD)

ويتضح من الجدول (6) إن الحصة الأكبر من الاستثمار الأجنبي كانت للقطاع الاستخراجي، ويليه قطاع العقارات ثم المواد الكيميائية وباقي القطاعات التي لا تشكل إلاّ نسبة ضئيلة من إجمالي الاستثمارات الداخلة إلى العراق.

جدول (4)

الاستثمارات الواردة إلى العراق حسب التوزيع القطاعي للمدة 2003- 2015

ت

نوع القطاع

عدد الشركات

عدد المشروعات

عدد الوظائف

التكلفة (مليون دولار)

% من الإجمالي

1

الفحم والنفط والغاز الطبيعي

33

43

9.941

34.612

43

2

العقارات

17

18

25..94

31.899

39

3

المواد الكيميائية

3

3

3..17

6...9

7

4

البناء ومواد البناء

4

8

2.216

20035

3

5

الاتصالات

2.

23

1.244

1.523

2

6

المعادن

6

6

4.847

1.1.1

1

7

الفنادق والسياحة

9

12

1.512

1.1.1

1

8

الخدمات المالية

3.

52

858

816

1

9

خدمات الأعمال

46

51

656

445

1

1.

التخزين

4

4

636

321

..4

11

أخرى

6.

76

6.256

1376

2

12

الإجمالي

232

296

56.277

81.226

المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الدول العربية والصادر منها، السنة الثالثة والثلاثون، العدد الفصلي الثاني، الكويت، (أبريل- يونيو 2015)، ص21.

وعلى الرغم من ذلك، لم تستطع هذه الجهود من توفير المناخ المناسب للاستثمار، فقد وقف الاضطراب الأمني عقبة بوجه الاستثمار، فضلاً عن ضعف البنية التحتية المشجعة للمستثمرين، إضافة إلى تزايد بيروقراطية الدولة مما أدى إلى اتساع رقعة الفساد الإداري الذي عقد الأمور بالنسبة للمستثمرين، وأثر سلباً على المشاريع الاستثمارية في مختلف مراحلها وبكل القطاعات.

على الرغم من الجهود المبذولة من الحكومة في اجتذاب الاستثمار الأجنبي للعراق، إلاّ إن العملية الاستثمارية في العراق لا تزال متعثرة، والسبب في ذلك هو المعوقات التشريعية والموضوعية كالروتين وتعدد مراكز القرار وقوانين التملك، فضلاً عن عدم الاستقرار السياسي واضطراب الوضع الأمني، وضرورة تحديث النظام المصرفي العراقي وتوحيد قانون المعاملات المالية ... ألخ، كما إن عدم وجود سياسة واضحة للدولة لدعم القطاع الخاص العراقي وتنميته، إذ لا تتوفر معطيات مهمة في الموازنة لتحقيق هذا الهدف، إذ إن الجزء الأكبر من موازنات الدولة بعد عام 2003تنصب على التخصيصات التشغيلية بنسبة كبيرة، واستمرار النفقات التحويلية المتمثلة بالدعم الحكومي مع تراجع التخصيصات الاستثمارية([47]).

  1. الاصلاح المؤسسي :

ان اعادة تحديد وصياغة دور الدولة في اطار اقتصاد السوق يتطلب بناء مؤسسات تتناسب مع دور الدولة سواء في مهامها السياسية او في مهامها الاقتصادية، فدور المؤسسات وتحديداً مؤسسات القطاع العام، مهم جداً في عملية الاصلاح وفي تنفيذ المهام الحكومية واستقرار القواعد التنظيمية والنظم القضائية، ولذلك يعد تحسين مؤسسات القطاع العام من الاركان المهمة للإصلاح، ويعني البدء بالإصلاح اجراء اصلاحات مؤسسية كبيرة تساعد الدولة على القيام بمهامها الاساسية([48]).

ان اعادة الهيكلة وإصلاح مختلف مؤسسات الدولة يجب ان يعكس التغير في الادوار والمشاركة في المسؤولية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، وتنطوي اعادة الهيكلة في القطاع العام على التعجيل بالخصخصة وإعطاء الصبغة التجارية لشركات القطاع العام، وكذلك يستلزم اصلاح دور الدولة فسح المجال لقوى السوق والقطاع الخاص بشكل يمكن من أداء دورهً بالشكل المطلوب، يترافق ذلك مع فسح المجال للمجتمع المدني بلعب دور فاعل في التنمية والقيام ببناء وتنمية نظم حوكمة وقدرات مؤسسية خاصة به([49])، اذ ان القطاع الخاص بإمكانه ان يكون دوره اصلاحيا عندما تعجز الحكومات عن التخطيط للإصلاح وتطبيقه بنفسها([50]).

وكإطار عام لعملية إعادة هيكلة الشركات العامة في العراق، لا ينبغي الخوف من عملية الخصخصة او مقاومتها استناداً الى احكام مسبقة شائعة حولها، فالخصخصة  تتم وفق معايير مقارنة تجعل اداء الشركات خارج نطاق الدولة اكثر جدوى اقتصادية من بقائها ضمن اطار الدولة، فضلا عن ان هناك العديد من الطرق والاساليب للخصخصة، فالخصخصة بالضرورة بيع ملكية اصول المؤسسة بالكامل للقطاع الخاص، لان دخول القطاع الخاص بأي نسبة كانت سواء في الادارة او في الادارة والملكية للشركة العامة يعد بحد ذاته خصخصة "بدرجات متفاوتة"، كما يمكن للشركات العامة خصخصة بعض انشطتها دون البعض الاخر وفقاً لعقود متعددة ومختلفة من شركة لأخرى([51]).

الاستنتاجات والتوصيات

اولاً: الاستنتاجات :

  1. استخدمت سلطة الائتلاف أسلوب الصدمة في التحول بالاقتصاد العراقي الى اقتصاد السوق، مما أدى إلى عدم وضوح الرؤية الاقتصادية والتخبط في السياسات، الامر الذي انعكس سلباً على الاقتصاد العراقي
  2. أدى التدهور الأمني إلى توقف عمليات البناء وإعادة الاعمار بعد عام 2003، إذ أثر ذلك على الاستثمارات وهروب رؤوس الاموال الى الخارج، وفي ظل ظروف غير مستقرة من الصعب بمكان بناء ركائز قطاع خاص قادر على القيام بالدور القيادي في التنمية والنشاط الاقتصادي بشكل عام.
  3. لغرض الاصلاح الاقتصادي، عملت الحكومات المتتالية بعد عام 2003على دفع الاقتصاد العراقي إلى التحول نحو اقتصاد السوق بعد عقود من سيطرة نظام مركزي قائم على هيمنة الدولة، وعملت على وضع الاطر والتشريعات القانونية التي تسهل ذلك، إلا ان واقع الحال وبعد اكثر من عقد ونيف يشير إلى زيادة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق السياسة المالية التوسعية بشكل كبير، لتبتعد الدولة عما كان من المفترض أن يكون دوراً تصحيحياً فقط، إذ على الرغم من ضمان الدستور ليكون الاقتصاد العراقي اقتصاداً حراً يقوده القطاع الخاص، إلا إن ذلك لم يحدث لغاية الآن مما أضاف مشكلات جديدة إلى الاقتصاد العراقي.

ثانياً: التوصيات :

  1. إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في إصلاح الاقتصاد العراقي، ذلك بجعل عقود الاعمار والبنى التحتية وإنشاء المشاريع ذات الاستثمارات طويلة الاجل للقطاع الخاص المحلي في المقام الاول.
  2. العمل على توفير وضع أكثر اماناً لجذب الاستثمارات للدخول في مشاريع طويلة الامد في العراق، فضلاً عن تشجيع القطاع الخاص المحلي للدخول في هكذا مشاريع والابتعاد عن المشاريع الهامشية قصيرة الامد سريعة المردود، وتشجيع استيطان الاموال والخبرات للدخول في هذه الاستثمارات.
  3. ان الاصلاح الاقتصادي المطلوب في العراق يجب ان يكون في إطار خطة عملية مدروسة بشكل دقيق وان تكون كلاً لا يتجزأ من إصلاح شامل يمتد إلى الجانب الاجتماعي والسياسي في إطار عملية تكاملية، وان تكون عملية واعية تتطلب إزالة القيود والعقبات التي تقف إزاء التحول في طبيعة النظام الاقتصادي وفلسفته، تبدأ من إعادة صياغة دور الدولة إلى إتباع حزمة من السياسات الاقتصادية التي تؤدي إلى ضبط المتغيرات الاقتصادية الكلية بغية الوصول إلى وضع مقبول للتوازن الداخلي والخارجي.
  4. وضع الأُسُس الاستثمارية المشجعة للقيام باستقدام الاستثمارات الخارجية والداخلية، من توفير البيئة الامنية المستقرة، وتقليل بيروقراطية الدولة لتسهيل الاجراءات الخاصة بالاستثمارات وذلك بجعل قنوات الاستثمار واضحة وسهلة لتقليص رقعة الفساد في هذا الجانب.
  5. ضرورة توفير بيئة مناسبة لإحداث زيادة في مساهمة الانشطة الاقتصادية غير النفطية لتقليل الاعتماد على هذا القطاع في تمويل الموازنة وتخفيف العجز في الموازنة، والسيطرة على التضخم عن طريق إصلاح النظام الضريبي، وفي ضوء ذلك فان القوى الرئيسية الفاعلة في أنموذج الاصلاح الاقتصادي لبناء السوق الحرة هي: القطاع الخاص، والقطاع العام الهادف لتحقيق اهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية شاملة، ومنظمات المجتمع المدني.

المصادر

  1. اكرام عبد العزيز، الاصلاح المالي بين نهج صندوق النقد الدولي والخيار البديل، بيت الحكمة، بغداد ،2002، ص227-228.
  2. الأمر رقم (12) "سياسة تحرير التجارة" الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق، جريدة الوقائع العراقية، العدد (3978)،17/8/2003.
  3. اونر اوزلو، تنمية وإعادة بناء الاقتصاد العراقي، ترجمة: مركز العراق للأبحاث، شركة دار الحوراء للتجارة والطباعة والنشر، بغداد، العراق، 2006.
  4. باسم عبد الهادي حسن، السياسة النقدية الجديدة في العراق: التحديات والافاق المستقبلية، البنك المركزي العراقي، بغداد، 2007.
  5. التقديرات المشتركة لإعادة البناء والاعمار في العراق، الأمم المتحدة – البنك الدولي، واشنطن، 2003.
  6. التقرير الاستراتيجي العراقي 2008، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بيروت،2008.
  7. التقرير الاستراتيجي العراقي 2012- 2013، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، دار المحجة البيضاء، بيروت، لبنان،2014.
  8. التقرير الاستراتيجي العراقي الثاني 2009، مركز حمورابي للبحوث والدراسات، 2009.
  9. التقرير الاستراتيجي العراقي 2010-2011، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بيروت،2012.
  10. التقرير الاستراتيجي العراقي 2010-2011، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، العراق، 2011،ص232.
  11. العراق: الافاق الاقتصادية، ربيع 2016، متوفر على الرابط المتاح على شبكة الانترنيت الدولية http://www.albankaldawli.org/ar/country/iraq/publication/economic-outlook-spring-2016
  12. تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009: تحديات آمن الانسان في البلدان العربية، برنامج الامم المتحدة الإنمائي، المكتب الاقليمي للدول العربية، الأمم المتحدة، نيويورك، 2009.
  13. التقرير الوطني لحال التنمية البشرية (2008)، بغداد، 2009.
  14. التقرير الوطني لحال التنمية البشرية (2008)، بغداد، 2009.
  15. تقرير عن التنمية في العالم 2011، الصراع والامن والتنمية، (واشنطن: البنك الدولي)، 2011.
  16. جمهورية العراق، وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية 2018-2.22، العراق 2018.
  17. حازم الببلاوي، دور الدولة في الاقتصاد، ط1، دار الشروق، القاهرة، 1998.
  18. حسن لطيف الزبيدي، ثلاثية النفط والتنمية والديمقراطية في العراق، مطبعة الساقي، مركز العراق للدراسات، بغداد، 2002.
  19. حسين احمد دخيل، الأطر السياسية لاقتصاديات التحول دراسة مقارنة مع إشارة إلى العراق، مكتبة السنهوري، بغداد،2015.
  20. حميد عبد الحسين مهدي العقابي، الإصلاح الاقتصادي في العراق بعد عام 2003وأثر التشريعات فيه، سلسلة إصدارات مركز العراق للدراسات، الساقي للطباعة والتوزيع، بغداد، 2015.
  21. رسلان خضور، المؤسسات الرائدة ودورها في الاصلاح الاقتصادي، في ندوة الثلاثاء الاقتصادية الثانية والعشرون، حول بعض تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية الراهنة 2009/2/3–2009/5/26، دمشق،2009.
  22. رياض بن جليلي، برامج الاصلاح المؤسسي، المعهد العربي للتخطيط، الكويت،
  23. سنان الشبيبي، ملامح السياسة النقدية في العراق، صندوق النقد العربي، أبو ظبي، 2007.
  24. سندس جاسم شعيث، التحول الى القطاع الخاص في العراق الواقع والسياسات، رسالة ماجستير، كلية الادارة والاقتصاد، جامعة القادسية، 2012.
  25. صالح ياسر، النظام الريعي وبناء الديمقراطية: الثنائية المستحيلة حالة العراق، مؤسسة فويدريش إيبرت، مكتب الاردن والعراق، بغداد، العراق، 2013.
  26. عاطف لافي مرزوك، إشكاليات التحول الاقتصادي في العراق: مبادئ هادية في الاقتصاد السياسي، مركز العراق للدراسات، ط1، بغداد، 2007.
  27. عباس علي محمد، الأمن التنمية دراسة حالة العراق للمدة (197.- 2007)، مركز العراق للدراسات، ط1، الساقي للطباعة والتوزيع،2003.
  28. العراق، التقرير القطري رقم 255/16 الصادر عن صندوق النقد الدولي، واشنطن، 2016.
  29. علي عبد الهادي سالم، نحو استراتيجية فعالة للتنمية الاقتصادية في العراق، مجلة جامعة الأنبار للعلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد 4، العدد 9، الانبار، 2012.
  30. علي محسن إسماعيل العلاق، البنك المركزي العراقي من الاستقرار النقدي الى الاستقرار المالي وتعزيز التنمية (1947-2017)، بغداد، 2017.
  31. عماد عبد اللطيف سالم الدولة والقطاع الخاص في العراق الادوار- الوظائف- السياسات 1921-1990، بيت الحكمة، بغداد، 2001.
  32. قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006، الوقائع العراقية، العدد 4.31.
  33. لهيب هيغل، ازمة النزوح في العراق: الامن والحماية، مركز سيسفاير لحقوق المدنيين والمجموعة الدولية لحقوق الأقليات، إنكلترا، 2016.
  34. مايكل جونستون، متلازمات الفساد: الفساد، والثروة، والسلطة، ترجمة: نايف الياسين، ط1، مكتبة العبيكان للنشر، الرياض، 2008.
  35. مظهر محمد صالح قاسم، مدخل في الاقتصاد السياسي للعراق الدولة الريعية من المركزية الاقتصادية إلى ديمقراطية السوق، بيت الحكمة، ط1، بغداد،2010.
  36. مظهر محمد صالح، السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي، العراق ومفارقة الازدهار في اقتصاد ريعي، البنك المركزي العراقي، بغداد، 2011.
  37. منتصر العيداني، قيادات الانتقال والتنمية السياسية العراق ولبنان أنموذجاً 1990-2011، العارف للمطبوعات، لبنان، بيروت،2012.
  38. منتظر فاضل البطاط وندوة هلال جودة، الفساد في الاقتصاد العراقي الآثار والمعالجات، مجلة العلوم الاقتصادية، العدد (24)، المجلد السادس، جامعة البصرة، 2009، ص47.
  39. مظهر محمد صالح، إشكالية الاقتصاد الانتقالي في العراق- استقطاب مالي أم اغتراب اقتصادي، بحث متاح على شبكة الانترنت على الموقع:

                                                        www.iraq2.2..org/print.top.php

  1. المؤسسة العربية لضمان الاستثمار "ملامح الاستثمار الأجنبي الوارد إلى الدول العربية"، النشرة الفصلية، العدد الفصلي الثالث"، السنة الثالثة والعشرون، الكويت، 2005.
  2. المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الدول العربية والصادر منها، السنة الثالثة والثلاثون، العدد الفصلي الثاني، الكويت، أبريل- يونيو 2015.
  3. وولفغانغ كاسبر، معالجة الفساد للقضاء على الفقر، مركز الدراسات المستقلة، سلسلة (قضية وتحليل)، المركز العلمي للأبحاث والدراسات الإنسانية، واشنطن، الإصدار 67، 2006.
  4. يحيى محمود حسن، دراسات في الاقتصاد العراقي، سلسلة كتب مركز العراق للدراسات (54) مطبعة الساقي، ط1، بغداد، 2012.
  1. International Energy Agency، Iraq Energy outlook، World Energy outlook special report، Pari، France،2012
  2. World Investment Report (UNCTAD)،2015.
  3. The World Bank، Doing Business، International bank ofreconstution and Development، the word bank، Washington، sporadic years.
  4. Transparency International (TI)، Corruption Perception Index (CPI). www.transparency.org/cpi

 

 

([1]) عماد عبد اللطيف سالم الدولة والقطاع الخاص في العراق الادوار- الوظائف- السياسات 1921-1990، بيت الحكمة، بغداد، 2001، ص134-135.

 

 

([2]) اكرام عبد العزيز، الاصلاح المالي بين نهج صندوق النقد الدولي والخيار البديل، بيت الحكمة، بغداد ،2..2، ص227-228.

 

 

([3]) التقرير الاستراتيجي العراقي2010-2011، مركز حمورابي للبحوث و الدراسات الاستراتيجية، العراق، 2011،ص232.

 

 

([4]) يحيى محمود حسن، دراسات في الاقتصاد العراقي، سلسلة كتب مركز العراق للدراسات (54) مطبعة الساقي، ط1، بغداد، 2012، ص117-118.

 

 

(([5] اكرام عبد العزيز، المصدر السابق، ص258.

 

 

([6]) حسن لطيف الزبيدي، ثلاثية النفط والتنمية والديمقراطية في العراق، مطبعة الساقي، مركز العراق للدراسات، بغداد، 2..2، ص7.

 

 

([7]) التقرير الاستراتيجي العراقي2010-2011، المصدر السابق،ص232.

 

 

([8]) مايكل جونستون، متلازمات الفساد: الفساد، والثروة، والسلطة، ترجمة: نايف الياسين، ط1، مكتبة العبيكان للنشر، الرياض،2008، ص19.

 

 

([9]) مايكل جونستون، متلازمات الفساد: الفساد، والثروة، والسلطة ،المصدر السابق، ص 58.

 

 

([10]) وولفغانغ كاسبر، معالجة الفساد للقضاء على الفقر، مركز الدراسات المستقلة، سلسلة ( قضية وتحليل)، المركز العلمي للأبحاث والدراسات الإنسانية، واشنطن، الإصدار 67،2006،ص30

 

* لم يدخل العراق في جدول مدركات الفساد في العالم إلاّ بعد العام2003، بسبب استحالة الوصول إلى المعلومة في ظل النظام السياسي السابق، وهو ما دفع المنظمة إلى استبعاده من مؤشر مدركات الفساد في تقاريرها السنوية قبل هذا التاريخ.

 

 

([11]) وولفغانغ كاسبر، معالجة الفساد للقضاء على الفقر، المصدر السابق، ص5.

 

 

([12]) منتظر فاضل البطاط وندوة هلال جودة، الفساد في الاقتصاد العراقي الآثار والمعالجات، مجلة العلوم الاقتصادية، العدد (24)، المجلد السادس، جامعة البصرة، 2009، ص47.

 

 

([13]) حسن لطيف الزبيدي، ثلاثية النفط والتنمية والديمقراطية في العراق، المصدر السابق، ص75.

 

 

([14]) مظهر محمد صالح قاسم، مدخل في الاقتصاد السياسي للعراق الدولة الريعية من المركزية الاقتصادية إلى ديمقراطية السوق، بيت الحكمة،ط1، بغداد،2010، ص22-230 .

 

 

([15]) التقرير الاستراتيجي العراقي 2012- 2013، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، دار المحجة البيضاء، بيروت، لبنان،2014 ، ص307.

 

 

([16]) International Energy Agency، Iraq Energy outlook، World Energy outlook special report، Pari، France،2012،p330 .

 

 

([17]) العراق: الافاق الاقتصادية، ربيع 2016، متوفر على الرابط المتاح على شبكة الانترنيت الدولية  

             .http://www.albankaldawli.org/ar/country/iraq/publication/economic-outlook-spring-2016

 

 

([18]) التقرير الوطني لحال التنمية البشرية(2008)،بغداد، 2009، ص94-95.

 

 

(2) لهيب هيغل، ازمة النزوح في العراق: الامن والحماية، مركز سيسفاير لحقوق المدنيين والمجموعة الدولية لحقوق الأقليات، إنكلترا، 2016، ص8. 

 

 

([20]) العراق، التقرير القطري رقم 255/16 الصادر عن صندوق النقد الدولي، واشنطن، 2016، ص5-8.

 

 

([21]) تقرير عن التنمية في العالم 2011، الصراع والامن والتنمية، (واشنطن: البنك الدولي)، 2011، ص15.

 

(*) يقيس هذا المؤشر المخاطر المتعلقة بالاستثمار، ويتكون المؤشر من ثلاثة مؤشرات فرعية هي: تقييم المخاطر السياسية ومؤشر تقييم المخاطر الاقتصادية ومؤشر تقييم المخاطر المالية، ويقسم المؤشر الدول إلى خمسة مجموعات حسب درجة المخاطرة، وتنخفض درجة المخاطرة كلما ارتفع المؤشر. ودرجة المؤشر بالنقاط المئوية كالتالي (80-100 منخفضة جداً، 70- 79.5 منخفضة، 60-69.5 معتدلة، 50-69.5 مرتفعة، 0-49.5 مرتفعة جداً). ينظر في ذلك:- المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، مناخ الاستثمار في الدول العربية، الكويت، 2011، ص55-56.

 

 

([22]) عباس علي محمد، الأمن التنمية دراسة حالة العراق للمدة (197.- 2007)، مركز العراق للدراسات، ط1، الساقي للطباعة والتوزيع،2..3، ص25.

 

 

([23]) التقرير الاستراتيجي العراقي الثاني 2009، المصدر السابق، ص219.

 

 

([24]) حازم الببلاوي، دور الدولة في الاقتصاد، ط1، دار الشروق، القاهرة، 1998، ص5.

 

 

([25]) التقرير الاستراتيجي العراقي2008، المصدر السابق، ص267.

 

 

([26]) التقرير الاستراتيجي العراقي2008، المصدر السابق، ص298.

 

 

([27]) علي عبد الهادي سالم، نحو استراتيجية فعالة للتنمية الاقتصادية في العراق، مجلة جامعة الأنبار للعلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد4، العدد9، الانبار، 2012،ص58.

 

 

([28]) مظهر محمد صالح، إشكالية الاقتصاد الانتقالي في العراق- استقطاب مالي أم اغتراب اقتصادي، بحث متاح على شبكة الانترنت على الموقع  www.iraq2.2..org/print.top.php ..

 

 

([29]) عاطف لافي مرزوك، إشكاليات التحول الاقتصادي في العراق: مبادئ هادية في الاقتصاد السياسي، مركز العراق للدراسات، ط1، بغداد، 2007، ص25-26.

 

 

([30]) صالح ياسر، النظام الريعي وبناء الديمقراطية : الثنائية المستحيلة حالة العراق، مؤسسة فويدريش إيبرت، مكتب الاردن والعراق، بغداد، العراق، 2013، ص18.

 

 

([31]) سنان الشبيبي، ملامح السياسة النقدية في العراق، صندوق النقد العربي، أبو ظبي، 2007، ص7.

 

 

([32]) مظهر محمد صالح، السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي، العراق ومفارقة الازدهار في اقتصاد ريعي، البنك المركزي العراقي، بغداد، 2011، ص4.

 

 

([33]) باسم عبد الهادي حسن،السياسة النقدية الجديدة في العراق: التحديات والافاق المستقبلية، البنك المركزي العراقي، بغداد،2007، ص2.

 

 

([34]) باسم عبد الهادي حسن، المصدر السابق، ص1-2.

 

 

([35]) سنان الشبيبي، المصدر السابق، ص18-230 .

 

 

([36]) علي محسن إسماعيل العلاق، البنك المركزي العراقي من الاستقرار النقدي الى الاستقرار المالي وتعزيز التنمية (1947-2.17)، بغداد، 2.17، ص5-6.

 

 

([37]) التقديرات المشتركة لإعادة البناء والاعمار في العراق، الأمم المتحدة – البنك الدولي، واشنطن،2003، ص20 .

 

 

([38]) حسين احمد دخيل، الأطر السياسية لاقتصاديات التحول دراسة مقارنة مع إشارة إلى العراق، مكتبة السنهوري، بغداد،2015، 368.

 

 

([39]) سرمد عباس جواد، ليلى جبر محمد علي، المصدر السابق، ص15.

 

 

([40]) الأمر رقم (12) "سياسة تحرير التجارة" الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق، جريدة الوقائع العراقية، العدد(3978)،17/8/2003 .  

 

 

([41]) اونر اوزلو، تنمية وإعادة بناء الاقتصاد العراقي، ترجمة : مركز العراق للأبحاث، شركة دار الحوراء للتجارة والطباعة والنشر، بغداد، العراق،2006، ص51.

 

 

([42]) سندس جاسم شعيث، التحول الى القطاع الخاص في العراق الواقع و السياسات، رسالة ماجستير، كلية الادارة و الاقتصاد، جامعة القادسية، 2012، ص136 .

 

 

([43]) حميد عبد الحسين مهدي العقابي، الإصلاح الاقتصادي في العراق بعد عام2003 وأثر التشريعات فيه، سلسلة إصدارات مركز العراق للدراسات، الساقي للطباعة والتوزيع، بغداد، 2015، ص72.

 

 

([44]) التقديرات المشتركة لإعادة البناء والاعمار، المصدر السابق، ص30 .

 

 

([45]) المؤسسة العربية لضمان الاستثمار "ملامح الاستثمار الأجنبي الوارد إلى الدول العربية"، النشرة الفصلية، العدد الفصلي الثالث"، السنة الثالثة والعشرون، الكويت، 2005، ص38.

 

 

([46]) قانون الاستثمار رقم (13) لسنة2006، الوقائع العراقية، العدد 4.31، ص7.

 

 

([47]) منتصر العيداني، قيادات الانتقال والتنمية السياسية العراق ولبنان أنموذجاً 1990-2011، العارف للمطبوعات، ، لبنان، بيروت،2012.، ص325.

 

 

([48]) رسلان خضور، المؤسسات الرائدة ودورها في الاصلاح الاقتصادي، في ندوة الثلاثاء الاقتصادية الثانية و العشرون، حول بعض تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية الراهنة 3/2/2009 – 26/5/2009 ، دمشق،ص2.

 

 

([49]) رياض بن جليلي، برامج الاصلاح المؤسسي، المعهد العربي للتخطيط، الكويت،2008، ص.14 .

 

 

([50]) تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009: تحديات آمن الانسان في البلدان العربية، برنامج الامم المتحدة الإنمائي، المكتب الاقليمي للدول العربية، الأمم المتحدة، نيويورك، 2009، الاطار3-7، ص74.

 

 

([51])  جمهورية العراق، وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية 2.18-2.22، العراق 2.18، ص1.