التلوث البيئي في العراق بعد عام 2003....التحديات وسبل المعالجة

                أ.م.د احمد جاسم الياسري                       م.د. ابراهيم جاسم الياسري

      جامعة الكوفة /كلية الإدارة والاقتصاد           جامعة ميسان/كلية الادارة والاقتصاد

الملخص :

        تعرف البيئة بأنها الحيز الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على الموارد المادية والاجتماعية ويمارس فيه علاقاته مع الآخرين ،ومن المعروف إن البيئة الطبيعية تعتمد على ثلاثة مكونات هي الماء والهواء والأرض ، والتي تعتبر من الشروط الأساسية في استمرار الحياة ،ولكي يبقى الإنسان على قيد الحياة فقد اعتمد على الموارد الطبيعية والذي بدوره أدى إلى تحويلها إلى مواد وسلع مصنعة مما أدى إلى ارتفاع معدلات التلوث في نوعية عناصرها وبالتالي وضع تحديات إضافية على التنمية البشرية المستدامة ورفاهية الإنسان.

        فقد أصبح تلوث الهواء والماء والتربة يهدد حياة الإنسان والحيوان والنبات في الحيز الحياتي في العالم عامة والعراق بشكل خاص ونظرا لعلاقة رفاهية الإنسان بالعوامل البيئية المحيطة ،وانطلاقا من ضرورة تنمية واستغلال مصادر الطبيعة بالشكل الأمثل لابد من إعادة النظر في كيفية التعامل مع البيئة ووضع تخطيط سليم لاستغلال مواردها بطريقة مدروسة ،وان هدرها أو نفادها في المستقبل يكون أكثر خطرا على النمو والتنمية المستدامة ومن ثم الإخلال في النظام البيئي وما يترتب عليه من أثار سلبية على العالم الحياتي.

فقد تضمنت الدراسة استقراء لتطور مفهوم التلوث البيئي في العراق، بالإضافة إلى ذلك التعرف إلى واقع البيئة في العراق قبل وبعد عام 2003ومن ثم التعرف على الآثار الاقتصادية للتلوث البيئي ومعالجة التلوث البيئي في العراق بعد التعرف على التحديات التي تواجه البيئة العراقية. 

Abstract:

The environment is defined as the space in which man lives، obtains physical and social resources and practices relationships with others. The natural environment is known to be based on three components: water، air، and land، which are prerequisites for sustaining life. Based on natural resources، which in turn led to their transformation into manufactured materials and goods، resulting in high levels of pollution in the quality of their components and thus placing additional challenges on sustainable human development and human well-being.                                                 

The pollution of air، water and soil threatens the lives of humans، animals and plants in the living space in the world in general and Iraq in particular and in view of the relationship of human well-being with the environmental factors surrounding، and from the need to develop and exploit the sources of nature in the best way to re-examine how to deal with the environment and the development of sound planning to exploit Their resources in a calculated manner، and that waste or depletion in the future is more dangerous to growth and sustainable development and thus the disruption of the ecosystem and its negative effects on the living world.                        

The study included an extrapolation to the environmental pollution in Iraq، in addition to identifying the reality of the environment in Iraq before and after 2003and then identify the economic effects of environmental pollution and address environmental pollution in Iraq after identifying the challenges facing the Iraqi environment.                                                

 مشكلة الدراسة :

لقد أصبحت ظاهرة التلوث البيئي في العراق واحدة من التحديات الرئيسة في الاقتصاد العراقي والمتمثلة بالاستغلال غير المنظم للموارد الطبيعية، مما ترتب عليه الى هدر كبير في هذا المورد، وبالتالي انعكس ذلك على مختلف الميادين من جهة والنظام البيئي من جهة أخرى.

هدف الدراسة :

 تهدف الدراسة إلى التعرف إلى أهم الملوثات البيئية ومدى تأثيراتها على المجتمع والاقتصاد، وكذلك تهدف إلى التعرف على واقع البيئة العراقية وصولا الى معالجات لهذا التلوث وفق الأساليب الحديثة.

فرضية الدراسة :

تتعرض البيئة العراقية كبقية البيئات العالمية إلى تدهور في نوعية عناصرها ناجمة عن التلوث بأشكاله المختلفة فضلا عن السياسة الاقتصادية المتبعة مما ولد خللا في التوازن البيئي .

 

منهجية الدراسة :

 لقد اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائي والمنهج التحليلي بالاعتماد على بعض المراجع العربية والأجنبية والتقارير الدولية الصادرة من الأمم المتحدة، وكذلك البيانات الصادرة من وزارة التخطيط العراقية والجهاز المركزي للإحصاء وبيانات وزارة البيئة. 

المطلب الأول : الإطار النظري للبيئة :

        عرف علم البيئة بأكثر من تعريف ويعود السبب في اختلاف تعريف هذا العلم إلى الاختلاف في الاتجاهات الفكرية للباحثين. فمنهم من ينظر إلى البيئة من جانب اجتماعي أو اقتصادي أو ثقافي بالإضافة إلى جوانبها الأساسية المتمثلة بالجوانب الفيزياوية والبيولوجية، واللذان يمثلان الأساس الطبيعي للبيئة البشرية على اعتبار إن جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي التي تحدد احتياجات الإنسان من طرق و وسائل وأساليب لاستغلال الموارد الطبيعية واستخداماتها ([1]) ، اذ تم تعريفها من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية المنعقد في ستوكهولم1972بانها "رصد الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته"([2])، وقد عرفها البعض بأنها مجموعة المكونات الطبيعية المتمثلة بالماء والهواء والأرض وعلاقتها بالكائنات البشرية والكائنات الحية الأخرى ،والتي من شانها إن تزود الكائنات البشرية بالخدمات الأساسية والضرورية مثل مساندة الحياة والمواد الأولية والطاقة وكذلك تقوم بامتصاص النفايات من جراء الأنشطة الإنتاجية ([3]) .

        ولغرض تحديد مفهوم البيئة من وجهة النظر الاقتصادية بدقة  لابد من الأخذ بنظر الاعتبار جوانب ثلاثة هي([4]) :

  1. الجانب الحيوي : تناول هذا الجانب المدخل المكاني ويشمل الطبقات السفلية من الهواء والطبقات العليا من الماء والطبقات السطحية من الأرض اليابسة متمثلة بالغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف اليابس على التوالي وان حدود هذا المحيط هي التي ظهرت عليها الحياة المتمثلة بالكائنات الحية الموجودة على كوكب الأرض التي تكون غير مرتبطة بعمل الإنسان.
  2. الجانب الاجتماعي : هو حصيلة تراكمات عمل الإنسان الحضارية المتمثلة بعدد من العوامل الفكرية والقانونية والأعراف الاجتماعية المتمثلة من خلال مجموعة من العلاقات والنظم الاجتماعية والثقافية والسياسية والإدارية التي كونها الإنسان على الجانب الأول ، والتي هي ارث عن أجيال متعددة إلى أجيال قادمة.
  3. الجانب التقني : وهو متمثل بكل عمل قام به الإنسان ضمن حدود الجانب الأول (المحيط الحيوي) كالمدن والطرق والمصانع والمزارع ووسائل المواصلات وهذا ما يطلق عليه بالتغيرات التي مثلها راس المال البشري ،وبذلك يمكن أن نقسم هذا الجانب إلى عنصرين:
  • عنصر طبيعي : يمثل الجانب الفيزيائي للبيئة (ماء، هواء، بحار، محيطات، الثروات الطبيعية المتجددة وغير المتجددة) .
  • عنصر بيئي: ويعتبر أكثر شمولا من العنصر الطبيعي إذ أضيف إليه العنصر الصناعي بكل ما يحتويه من عوامل اجتماعية إلى مجموعة من النظم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإدارية ، التي وظفها الإنسان لتنظيم سلوكه والسيطرة على الطبيعة . وان هذه الأنشطة قد أدت إلى ظهور مشكلة أصابت البيئة وهي التلوث البيئي.

المطلب الثاني : التلوث البيئي و أبعاده:

        على الرغم من إحساس الاقتصاديين بخطورة مشكلة التلوث البيئي منذ مدة طويلة حينما تناول بيجو(1932) هذه المشكلة إلا إنها لم تأخذ مأخذ الجد حتى الستينات من القرن العشرين بعدما أصبحت مشكلة التلوث البيئي من المشاكل الرئيسية والتي لا تقل خطورة عن المشاكل الأخرى التي بدا العالم في مواجهتها ،فقد بدا التخوف يتزايد خاصة بعد تزايد تركيز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود الاحفوري في طبقات الجو مما يهدد لارتفاع درجة الحرارة وإذابة الثلوج وفيضان المياه على المناطق الساحلية ([5]).

        وعليه فان مشكلة التلوث البيئي ترتبط وبشكل أساسي بنمو النشاطات الإنتاجية فكلما ازداد نمو هذه النشاطات ازداد حجم التلوث البيئي وان هذه المشكلة لم تعد تقتصر على حدود اقتصاديات البلدان التي ينبعث منها التلوث وإنما امتدت إلى اقتصاديات الدول النامية ،مما دفع العديد من الدول والمنظمات الدولية إلى السعي والاهتمام بهذه المشكلة ووضع المعالجات والحلول المناسبة .

        وعلى ضوء المشاكل التي تسببها مشكلة التلوث البيئي المرتبطة بالفعاليات الاقتصادية نتيجة الاستخدام المتواصل للموارد الطبيعية المتمثلة بالهواء والماء والتربة لابد من التركيز على أبعاد التلوث ومنها:

1.تلوث الهواء :

إن الغلاف الجوي يحتوي على كميات مقدرة من النتروجين إضافة إلى الأوكسجين ،فان حرق الوقود بمختلف أنواعه يؤدي حتما إلى انبعاثات اكسدات النتروجين ،ولا ينبعث أوزون الطبقة السفلى من الغلاف الجوي بصورة مباشرة من احتراق الوقود لكنه ينتج كيميائيا من التركزات العالية لاكسدات النتروجين والأبخرة العضوية ،في ظل وجود أشعة الشمس وعليه فان تلوث الهواء في الأساس ناتج عرضي لاستهلاك الطاقة ([6]).

        إن تطور الأنشطة البشرية المختلفة سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية ، وعدم قدرة التوازن البيئي عن المحافظة على البيئة والتكيف معها، أدى إلى ظهور مصطلح الانبعاثات في الوقت الحاضر الذي يطلق على تلوث الهواء وخاصة التلوث المتولد عن المواد الكيماوية والتي أصبحت اليوم من اشد أنواع التلوث البيئي الخطرة، إذ باتت تشكل ضررا ماديا إما بصورة غير مباشرة على رفاهية الإنسان أو غير مباشرة من خلال التدهور البيئي للطبيعة ([7])، بالإضافة إلى ذلك إن استهلاك الطاقة الاحفورية يضيف كميات كبيرة من الكربون إلى الهواء الجوي ويظل جانبا كبير منه منتشرا في الهواء الجوي وهذه الكميات ليس من السهولة التخلص منها كما إن كمياتها تكون قابلة للزيادة بمرور الوقت.

        ان الملوثات الهوائية الى حد كبير تكون على أسوأ حالتها في المناطق الحضرية نتيجة للتركزات السكانية والتي تشكل مصادر للتلوث من جهة وضحايا له في نفس الوقت من جهة أخرى ،اذ يقود التلوث الهوائي إلى مشكلات صحية بما في ذلك المرض والتهيج الجسدي وانخفاض الأداء البشري ،ويكون أكثر عرضتا لأثار ملوثات الهواء في ألاماكن الحضرية هم الأفراد في سن الشباب والأفراد الذين يعانون من الضعف بسبب إمراض أخرى ،وكذلك يحدث التلوث الهوائي الحضري أضرارا عديدة منها (ضررا ماديا المتمثل بالمباني ويزيد من تكلفة الصيانة ويقلل من جمال الطبيعة) بالإضافة إلى أضرارا أخرى تكون على مستوى إقليمي من خلال الأضرار بالمحاصيل الزراعية وكذلك إلقاء الأحماض الكبريتية في البر([8]).

2.تلوث الماء:

إن البعد الثاني للتلوث (الماء) لا تختلف أهميته عن البعد الأول (الهواء)بالنسبة للحياة على الأرض فكلاهما يشكل استمرارية الحياة ،إذ إن الماء يدخل في تركيب جميع الأجسام الحية ،فحاجة الإنسان للماء كثيرة ومتعددة ولا تقل هذه الحاجة أهمية عند الحيوان أو النبات ولولا هما لما تمكن الإنسان من تامين غذائه من الزراعة ،إن الذي يهمنا هو استهلاك الماء بكميات كبيرة وعدم الحفاظ عليه من التلوث . فإذا نظرنا على سبيل المثال إلى الدول الصناعية لوجدناها هي المستهلكة الأولى للماء وخاصة في مجال الصناعة مثل فرنسا وألمانيا يستهلكان حوالي 56%من الماء في النشاط الصناعي وهذا ما يؤكد على إن أهمية الماء في الصناعة لا تقل عن أهميته في الزراعة فهما يؤمنان للبشرية في مجال الغذاء والاستهلاك([9]).

        إن التلوث أصاب جزءا كبير من المياه العذبة ومياه البحار بسبب ارتفاع وتيرة التصنيع وزيادة السكان وتركزهم في المدن الحضرية مما أدى إلى ظهور شبكات المجاري الضخمة التي تشبه الأنهار والتي تصب في الأنهار والبحار دون أي معالجة في بعض الأحيان([10])

  1. تلوث التربة:

ينشا تلوث التربة نتيجة لتدهور في نوعيتها وخصائصها الفيزيائية والكيميائية والبايلوجية وذلك بفعل الفيضانات والإفراط في الري وإزالة الغطاء النباتي وخاصة بعد إن أصبحت الأرض تستخدم في كثير من الحالات كمستودع للتخلص من النفايات الصلبة ([11]).

        وقد ظهر ذلك بشكل جلي من خلال زيادة معدلات النمو في النشاط الاقتصادي وظهور الاستيطان البشري الواسع الذي انعكس على التوسع في الزراعة واستنزاف الغابات لأغراض صناعية واستخراج المواد الأولية وكذلك التوسع الكبير في استخدام المواد الكيميائية والمبيدات بمختلف أنواعها من اجل زيادة الناتج الزراعي ([12])، كل ذلك أدى إلى زيادة في معدلات تدهور التربة دون الأخذ بنظر الاعتبار متطلبات التوازن البيئي. ومن جهة أخرى أشار البعض إلى إن تلوث التربة يتأثر بنشاطات الإنسان والحيوان والنبات على حد سواء، فالفضلات الناتجة عن الاستخدام المحلي والصناعي تسبب التلوث للتربة مما يؤدي إلى تدهور خواص التربة، بالإضافة إلى إن نوعية وجودة المحاصيل الزراعية تتأثر عندما تنمو على ارض ملوثة، علاوة على إن مشكلة رمي الفضلات الغير صحيح يمكن إن يكون السبب في تلوث التربة ،كذلك إن فضلات الإنسان والحيوانات تعتبر مصدرا للعدوى والالتهابات والإمراض حيث إن الإمراض تنتقل من خلال قنوات مختلفة مثل الماء والتربة والطعام([13]).

4.التلوث الضوضائي :

الضوضاء هو شكل من إشكال التلوث الفيزيائي ويمكن تعريفه بأنه "أي صوت غير مرغوب في سماعه " أو هو " إي صوت يؤثر في السمع ويؤدي إلى إجهاد أنفسنا وعدم راحتها " وقد ازداد هذا النوع من التلوث نتيجة التقدم التقني بسبب تزايد وسائل النقل مثل الطائرات والمطارات وحركة السير على الطرق السريعة والقطارات بالإضافة إلى مصادر أخرى لا تقل عنها ضوضاءً مثل أصوات آليات الإنشاءات واليات الزراعة وجوقات الموسيقى المعدنية الصاخبة ومكبرات الصوت العالية في الإعراس وأصوات الآلات في المصانع والمناجم والأصوات الكثيرة المتداخلة في الأسواق المكتظة ،وهذا بدوره يؤدي إلى ضرر ليس على حاسة السمع فقط ولكن على الإنسان والحيوان والبيئة بشكل عام([14]).

المطلب الثالث : واقع البيئة في العراق قبل عام 2003:

        لقد اهتم العراق بالبيئة قبل التغيير من خلال وضع التشريعات القانونية التي تنظم شؤون البيئة وتمثل ذلك بالجانب التشريعي ،ففي عام 1967صدر القانون الذي يؤكد على وضع أسس لصيانة الأنهار والمياه العمومية فضلا عن تحديده للحدود العليا المسموح بها في نوعية المياه المطروحة لمختلف الأنشطة والفعاليات الزراعية ولازال هذا القانون نافذ لحد ألان ،وتم تعديل فقراته لتلائم مع الظروف للبلد([15])، وبعد مشاركة العراق في مؤتمر ستوكهولم للبيئة البشرية عام 1972،تشكلت الهيئة العليا للبيئة البشرية عام 1974 ،ومارست تلك الهيئة إعمالها حتى تم تشكيل المجلس الأعلى للبيئة البشرية عام 1975،والذي تم تعديل تسميته فيما بعد ليصبح مجلس حماية البيئة([16])، كما تم وضع قانون للصحة العامة رقم  89 لعام 1981 ويتضمن هذا القانون ،فضلا عن مياه الشرب ونوعيتها من حيث مواصفات مواقع مياه الشرب وطريقة التصفية المتبعة واعتماد المواصفات العالمية لمياه الشرب ووجوب احتواء كل مشروع تصفية للمياه على مختبر متكامل لإجراء الفحوصات الكيميائية والبايلوجية والفيزيائية لتحديد كفاءة علمية للتصفية       والتعقيم .

        وبعد تأسيس المديرية العامة للبيئة البشرية تم تشكيل "المجلس الأعلى لحماية وتحسين البيئة ،الذي يهدف إلى حماية البيئة ومنع تلوثها ووضع السياسة العامة وإعداد الخطط اللازمة لذلك ووضع الضوابط المتعلقة بملوثات البيئة ،مع أبداء الرأي في العلاقات الدولية للعراق في مجال حماية وتحسين البيئة" بموجب القانون(76) لعام 1986،كما تأسست بموجب المادة 12 من القانون أعلاه دائرة حماية وتحسين البيئة لتحل محل المديرية العامة البشرية وتمارس مجموعة من الاختصاصات منها دراسة المشاكل المتعلقة بالتلوث البيئي في العراق واقتراح الحلول لها بالإضافة إلى أجراء الفحوصات المتعلقة بجميع الملوثات البيئية ومتابعة سلامة وتحسين الببيئة([17])، ثم صدر قانون حماية وتحسين البيئة رقم 3 لعام 1997 والذي بموجبه حل محل القانون رقم(76) لعام 1986 ،إذ يتضمن هذا القانون ولأول مرة أحكاما محددة وواضحة لحماية وتحسين البيئة ومنها([18]):

  • توفير متطلبات قياس الملوثات .
  • تزويد دائرة حماية وتحسين البيئة بنتائج قياس الملوثات .
  • توفير وسائل ومنظومات معالجة الملوثات وتشغيلها.
  • بناء قواعد للمعلومات.
  • خضوع كافة النشاطات المؤثرة على البيئة للرقابة .
  • وضع إلية محددة لدراسة الجدوى الفنية والاقتصادية لأي مشروع يتضمن تقرير للأثر البيئي.
  • منع تصريف أي مخلفات زراعية أو صناعية أو نفطية أو خدمية إلى الأنهار،أو المصطحات المائية الجوفية آو الهواء أو الأرض.

        وعلى الرغم من الاهتمام الكبير بالجانب التشريعي والقانوني للنظام البيئي في العراق منذ ثلاثة عقود ونيف لم نلاحظ أي مؤشرات تدل على تطور النظام البيئي خلال المدة المذكورة مما يؤكد ضعف القرار الاقتصادي والتنموي في العراق ،إذ تعرضت البيئة إلى العديد من المشاكل والتحديات والتي اختلفت مسبباتها بين صانعي القرار وبين البرامج التنموية وبين الحروب والعقوبات الدولية، مما ولدت أثارها السلبية على مستقبل البيئة فكانت النتيجة تحول الأراضي المنتجة إلى ارض قاحلة بفعل أنشطة الإنسان المختلفة كذلك ظهور مشكلة تلوث المياه والهواء بجميع أنواعها مما غير المعالم الطبيعية للبيئة فضلا عن تردي نوعية الخدمات والبنية التحتية ومشاريع الصرف الصحي وتراكم النفايات ومشاريع صناعة النفط واستخراجه دون الأخذ في نظر الاعتبار متطلبات التوازن البيئي وبذلك أصبح البلد عاجزا عن توفير مقومات الأمن البيئي والتي تتمثل بالبنية التحتية السليمة والكوادر البيئية المتخصصة والتخطيط العمراني المطابق للمواصفات البيئية وغياب الوعي البيئي وروح المواطنة والتكنولوجيا المتطورة المصاحبة للبيئة وهذا ما يؤكده برنامج البيئة للأمم المتحدة إلى إن تدمير البيئة يعتبر من النتائج الحتمية التي تصاحب الحروب.

المطلب الرابع: واقع البيئة في العراق بعد عام 2003:

        بعد عملية التغيير التي حدثت في العراق تحققت خطوات جديدة في مجال البيئة ،وقد تغيرت النظرة باتجاه الحفاظ على البيئة من خلال تأسيس وزارة خاصة بالبيئة العراقية والتي رسمت برنامجا ذو نظرة شمولية وطموحة ضمت مشاريع مختلفة في هذا المجال من اجل معرفة أهم المشاكل البيئية التي يعاني منها البلد وإيجاد الحلول والمعالجات المناسبة لها خاصة بعدما عانت البيئة من إهمال كثير خلال القرن الماضي .فقد تم وضع التشريعات والقوانين الخاصة بالبيئة إذ نص الدستور العراقي لعام 2005 وفق المادة 114 الفقرة 3 على "رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها بالتعاون مع الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم"([19])، وعليه تغيرت النظرة التقليدية التي كانت سائدة والقائمة على فصل البعد البيئي عن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية في مسيرة التنمية، كما تم مصادقة مجلس النواب على قانون حماية وتحسين البيئة عام 2009 والذي يعتبر أكثر القوانين فاعلية في معالجة مشاكل التدهور البيئي وكذلك وضع الضوابط الصارمة للتعامل معها إذ يتضمن هذا القانون فقرة تتعلق بتأسيس شرطة بيئية لمحاسبة المخالفين فضلا عن تبنيه مجموعة أهداف منها بناء قاعدة معلومات خاصة بالبيئة العراقية تتضمن مستوى الملوثات والجهة المسببة لها ،وكذلك حماية المياه والهواء والحد من الضوضاء وزيادة مستويات الرقابة البيئية ([20])، وهذا ما أكدت عليه خطة التنمية القومية 2010_2014.

المطلب الخامس: إبعاد التلوث البيئي في العراق:

        للتلوث البيئي أبعادا متعددة سبق وان تطرقنا لها في الإطار النظري للبيئة وهنا لابد من التعرف على هذه الأبعاد ضمن واقع البيئة العراقية من اجل تقدير حجم الضرر الذي لحق بها.

 

البعد الأول :تلوث الهواء:

تنقسم ملوثات الهواء تبعا لإلية إنتاجها فهي بذلك تنقسم إلى قسمين ملوثات أولية وهي تلك التي تخرج إلى الهواء من مصدر التلوث مباشرة كغاز ثاني أكسيد الكبريت الذي يضاف إلى الهواء عند حرق الوقود الاحفوري، وملوثات ثانوية تنتج من تفاعل الملوثات الموجودة مع بعضها البعض([21]) .

        وعلى الرغم من تعدد وتنوع مصادر تلوث الهواء في العراق إلا أنها تكون في الغالب من الملوثات الأولية والتي اغلبها ناجمة عن تسرب مواد غريبة إلى الطبقة الهوائية من المصادر الصناعية وعوادم السيارات التي ازداد عددها بعد عام 2003إذ وصل عدد السيارات التي تمتلكها أجهزة الدولة والقطاعين العام والمختلط إلى (29.64)سيارة وقد ازداد هذا العدد إلى (3445.) سيارة لعام 2005 ،ثم ازداد عدد السيارات في عام 2007 إلى (44842) سيارة وازداد العدد ايضاً حتى بلغ عام 2014 (21955.)سيارة باستثناء إقليم كردستان، وقد بلغ عدد سيارات القطاع الخاص بمختلف انواعها  في العام 2014 (5388968) بضمنها اقليم كردستان([22]).

        اذ إن اغلب هذه المركبات كانت تعتمد على الوقود المستورد ذو النوعية الرديئة مما زادت من التلوث البيئي وكذلك الدقائق العالقة والرصاص التي تجاوزت تراكيزها الحدود الوطنية والبالغة (35.)ميكروغرام/م3 .في حين تتراوح الحدود العظمى المسموحة للتعرض لغاز(So2) بين (3و1.) جزء بالمليون اعتماداً على زمن التعرض.

والجدول الاتي يوضح الدقائق العالقة و معدل تركيز غاز (SO2) لثلاث محافظات:

جدول (1)المعدل السنوي لتراكيز مجموعة الدقائق العالقة بوحدات ميكروغرام/ م3 ومعدل تركيز غاز (SO2) جزء بالمليون في محطات المراقبة

المحافظة

2012

2013

2014

المعدل السنوي للدقائق العاقة

ومعدل تركيز غاز (SO2)

المعدل السنوي للدقائق العاقة

ومعدل تركيز غاز (SO2)

المعدل السنوي للدقائق العاقة

ومعدل تركيز غاز (SO2)

بغداد

83.

...35

1389

...35

525.8

..182

البصرة

436

...

...

...29

...

...

نينوى

1394

...

694

...38

242

...

(...) البيانات غير متوفرة

الجدول من عمل الباحث بالاعتماد على البيانات الواردة في المجموعة الاحصائية السنوية 2016، وزارة التخطيط ،الجهاز المركزي للإحصاء،.

       ونلاحظ من الجدول أعلاه إن المعدل السنوي لتراكيز مجموعة الدقائق العالقة في المحافظات الثلاثة ، إذ ظهر أعلى معدل لهذه التراكيز في محافظة نينوى والبالغ (1394) في عام 2012،ثم تلتها محافظة بغداد بمعدل (1389) في عام 2013، فقد سجلت معدلات تجاوز الحدود الوطنية والبالغة (35.) ميكروغرام/م3 في بغداد لعام 2006،وحتى في محافظة البصرة التي سجلت اقل معدل تركيز لمجموع الدقائق العالقة في السنوات الثلاث المذكورة في الجدول اعلاه فانها ايضاً قد تجاوزت الحدود الوطنية المذكورة، أما بالنسبة لتركيز غاز (SO2) هو الأخر تجاوز الحدود الوطنية في مدينة بغداد فقط بلغ في عام 2014 (..182) وهو اعلى من الحد الوطني المقترح و البالغ (...4) بوحدات ppm.

        ومن المصادر الأخرى المؤدية إلى تلوث الهواء هو الغبار المتساقط ،الذي يعتبر احد المؤشرات المعتمدة لنوعية الهواء المحيطة على مستوى المحافظات وخصوصا القريبة من المناطق الصحراوية ،فقد بينت الدراسات والتقارير التي أجريت خلال السنوات الماضية إلى ان الغبار العالق يشكل المشكلة الرئيسية ثم يليه الغبار المتصاعد ثم العواصف الترابية وهي ظواهر طبيعية مألوفة ومتكررة في العراق خلال العقد الأخير، بسبب إزالة وقطع الغطاء النباتي لاسيما في المناطق الجنوبية من البلد ،كذلك تأثير الجفاف الناجم عن شحة المياه وقلة تساقط الأمطار([23])، ويمكن توضيح الغبار المتساقط من خلال الجدول الاتي:

جدول (2)

الحد الأدنى والحد الأعلى لكمية الغبار المتساقط بوحدات (غم/م2/شهر) لمحافظات العراق للسنوات (2009-2014)

المحافظة

 

2009

2010

2011

2012

2013

2014

الحد الادنى

الحد الاعلى

الحد الادنى

الحد الاعلى

الحد الادنى

الحد الاعلى

الحد الادنى

الحد الاعلى

الحد الادنى

الحد الاعلى

الحد الادنى

الحد الاعلى

نينوى

9

6.

8

27

9

3.

7

18

7

24

..

..

كركوك

2.

145

2.

8.

2.

7.

19

86

1.

66

7

14

صلاح الدين

11

514

16

71

8

97

9

1.7

37

192

32

58

ديالى

2

45

2

34

11

52

17

55

8

37

5

15

الانبار

5

142

16

89

13

164

1.

2.6

6

98

..

..

بغداد

1.

1.2

11

61

1.

94

11

57

9

46

5

27

بابل

14

115

2.

79

16

135

16

132

12

68

5

27

واسط

21

61

21

43

2.

66

6

5.

2

39

6

18

كربلاء

12

137

18

113

13

244

2.

116

6

53

6

166

القادسية

7

67

15

83

1.

64

6

71

8

33

7

31

النجف

17

75

27

154

15

263

7

193

1.

63

8

31

المثنى

11

44

19

226

23

181

18

1..

9

47

11

32

ميسان

9

28

9

29

9

34

11

15

1.

14

1.

13

ذي قار

21

13.

18

147

12

1.3

12

48

1.

69

15

56

البصرة

1.

52

12

38

7

44

8

28

6

44

6

27

المصدر: وزارة التخطيط ،الجهاز المركزي للإحصاء، مديرية إحصاء البيئة،ا لمجموعة الاحصائية السنوية للسنوات 2013 و 2016.

       ويظهر الجدول أعلاه إن محافظات صلاح الدين والمثنى و النجف والانبار وصلاح الدين وكربلاء قد سجلت أعلى حد من كمية الغبار المتساقطة مقارنته مع محافظات العراق للاعوام من 2009 الى 2014 على التوالي ،وان أدنى حد ظهر في محافظات ديالى ونينوى والبصرة والقادسية وواسط و(بغداد والانبار) على التوالي لذات الاعوام.

إن زيادة هذه الملوثات في البيئة العراقية عن الحدود المسموح بها وطنيا ودوليا وخاصة في المناطق السكنية لها أثرها الكبير في العديد من المشاكل على مستوى الصحة البشرية وخاصة لذوي الأعمار الحساسة وهذا ما يفسر لنا انتشار الولادات المشوهة وزيادة إمراض السرطان وضيق النفس الناتجة عن تلوث الهواء. وبالتالي يكون أثره السلبي على حاضر ومستقبل التنمية البشرية المستدامة والبيئة في العراق، فقد اتسعت هذه المشاكل في ظل ضعف القوانين والرقابة البيئية الرادعة للمخالفين وكذلك ضعف الوسائل اللازمة وأجهزة التحكم التي تقلل من انبعاثات الملوثات للمراكز الصناعية وقطاع المواصلات والمصادر المنزلية وغيرها.

البعد الثاني: تلوث المياه:

تعتبر المياه من أهم عناصر التنمية وأكثرها ندرة في العالم إذ ظهرت مشكلة تلوث المياه بجميع إشكالها متمثلة بالمياه الجوفية ومياه الأنهار والبحيرات والبحار، نتيجة لعمليات وبرامج التنمية الاقتصادية التي اتبعتها معظم بلدان العالم دون الأخذ بنظر الاعتبار العلاقة بين التنمية والبيئة أو ما يطلق عليه نظام التوازن البيئي ،وتتمثل أهم ملوثات المياه في المركبات الكيميائية المختلفة والناتجة عن الصناعة والمبيدات الحشرية ومركبات الأسمدة الزراعية والصرف الصحي في المناطق الحضرية .بالإضافة إلى ذلك كان لتطور صناعة النفط واستخراجه دور مهم في زيادة تلوث المياه بمختلف إشكالها ،ويعد العراق واحدا من البلدان المتأثرة بهذا التلوث من خلال طرح المخلفات والمياه الملوثة في مياه الأنهار والمياه الإقليمية بدون معالجة مما اثر على نوعيتها.

        لقد تعرضت البيئة في العراق للتلوث بشكل كبير خلال النصف الأول من عقد السبعينات في القرن المنصرم من جراء التطور الصناعي ،إذ إن العديد من الصناعات القائمة في تلك المدة كانت تفتقر إلى شروط التوازن البيئي من حيث مواقعها وطرق تصريف مخلفاتها والتي اعتبرت من ابرز مصادر التلوث البيئي وخصوصا على الموارد المائية وللسببين  التاليين([24]):

  • إن غالبية الصناعات العراقية صممت بالقرب من الأنهار من حيث اختيار مواقعها أو تصريف مخلفاتها دون الأخذ بنظر الاعتبار شروط ومتطلبات الملوثات البيئة .
  • تميزت المياه المسترجعة من الصناعة بتراكيز عالية من الملوثات تطرح غالبيتها إلى الأنهار دون معالجات.

        لقد اتسمت المرحلة الراهنة بالعديد من الملوثات للمياه ومنها الملوثات الصناعية السائلة والملوثات العضوية والمخلفات السائلة للمستشفيات ومياه الصرف الصحي والتي تميزت بارتفاع تراكيز الملوثات فيها والجدول الأتي يبين ذلك :

جدول (3)

خلاصة كميات المياه المستخدمة و المصروفة من المعامل التابعة لوزارة الصناعة و المعادن حسب القطاع للسنوات (2010-2014)

القطاع

الكيميائي

الهندسي

الغذائي

النسيجي

الانشائي

المجموع

2010

المياه الكلية المستخدمة (م3/يوم)

12.94...

13991..

669...

16284..

27.12..

184917..

المياه الكلية المصرفة (م3/يوم)

57928.5

8249..

2994..

11.97..

133.2..

9357...

2011

المياه الكلية المستخدمة (م3/يوم)

83794.6

13487.5

4856..

12849.4

25792..

14.779.5

المياه الكلية المصرفة (م3/يوم)

47.3..5

7931.8

2358..

8515.2

13929.5

79765..

2012

المياه الكلية المستخدمة (م3/يوم)

6.293.6

16443.8

5.52.3

13184.7

18433.4

1134.7.8

المياه الكلية المصرفة (م3/يوم)

271.1.5

581..9

2249..

8395..

8728..

52284.4

2013

المياه الكلية المستخدمة (م3/يوم)

91339.8

17558.5

9494.3

1.898.1

35536.5

164827.2

المياه الكلية المصرفة (م3/يوم)

33739.3

9136.9

6.33.8

6349.7

14.58.5

69318.2

2014

المياه الكلية المستخدمة (م3/يوم)

44338.1

2.698.2

3476..

4844.7

28743.7

1.21...6

المياه الكلية المصرفة (م3/يوم)

17554.8

11534.5

1611.5

3388..

11155.3

45244..

المصدر: وزارة التخطيط ،الجهاز المركزي للإحصاء، مديرية إحصاء البيئة، المجموعة الاحصائية السنوية للسنوات 2013 و 2016.

يبين الجدول أعلاه إن وزارة الصناعة والمعادن قسمت قطاعاتها إلى خمسة قطاعات وهي(الكيميائية ،الهندسية ،الغذائية ،النسيجية ،الإنشائية )إذ كانت أعلى كمية مياه كلية مستخدمة في القطاع الكيميائي واقل كمية مياه كلية مصرفة كانت في القطاع الغذائي في السنوات الموضحة في الجدول ، والتي تطرح كمية المياه المصرفة مباشرة إلى المياه وشبكات المجاري والصرف الصحي والبعض منها الى الأراضي المجاورة والبعض الأخر إلى التدوير والمبازل.

        فقد أشارت العديد من الدراسات إن الصناعة والزراعة تستخدم ألاف المركبات الكيميائية العضوية المصنعة في إنتاج في إنتاج المواد البلاستيكية والمبيدات والأدوية والأصباغ  ومواد أخرى مختلفة والكثير من هذه المركبات ذو سمية عالية جدا يمكن إن تنجم عنها تشوهات خلقية أو الإصابة في مرض السرطان ،وما يفاقم المشكلة إن بعضا من هذه المركبات غير الرفيقة بالبيئة لا يتحلل بالسرعة الكافية بحيث يشكل وصولها إلى المياه تهديدا خطيرا لصحة الإنسان إذا ما تم استنشاقه أو تناوله([25])، وعلى ضوء ذلك فقد أشار الجدول السابق(3) إن كمية الملوثات العضوية للمياه كانت اعلي تركيز للمخلفات السائلة مطروحتاً من القطاع الكيميائي وبالتالي فان مثل هذه المطروحات سوف يكون لها الأثر البالغ على النظام البيئي في العراق ومن ثم الإخلال في التوازن البيئي في ظل ضعف الرقابة البيئية.

        وإذا ما تابعنا واقع محطات الصرف الصحي فأنها تتصف بارتفاع تراكيز المواد العضوية فيها ،والتي تجمع بواسطة شبكات المجاري وتدفع إلى محطات لغرض معالجتها وجعلها ضمن المحددات المقبولة قبل طرحها للمياه ،إذ إن هذه المحطات تتميز بقدمها وقلة عمليات الصيانة وعدم كفاءة وحدات المعالجة بالإضافة إلى ذلك افتقارها إلى وحدات معالجة كيماوية مع ضعف الطاقة الاستيعابية لتلك المحطات ،حيث تستلم مياه أكثر من طاقتها التصميمية ،فقد أشارت وزارة البيئة عند متابعتها (3) محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي ، وجدت إن (6) محطات تصرف مياهها إلى النهر و (5) محطات إلى المبزل و(11) محطة منها غير صالحة للعمل أو متوقفة و (8) محطات صالحة للعمل([26]).

البعد الثالث : تلوث التربة :

        تتعرض التربة في العراق لتدهور بيئي في نوعية عناصر تربتها وخصائصها الفيزيائية والكيميائية والبايلوجية ،وذلك بفعل الفيضانات والإفراط  في الري وإزالة الغطاء النباتي الذي أدى إلى تحول الأراضي المنتجة إلى أراض قاحلة وبسبب أنشطة الإنسان كاجتثاث الأشجار للزراعة والوقود والبناء ، وكذلك ارتفاع ملوحة التربة وتلوث مياه الري والاستخدام غير المدروس للأسمدة والمبيدات وكذلك العمليات العسكرية التي خاضها العراق مما ولد توازن بيئي هش.

        إن البيانات والدراسات المتاحة حول تلوث التربة بالأسمدة والمبيدات في العراق محدودة جدا وعلى العموم لا يعاني البلد من مشكلة التلوث بالأسمدة والسبب يعود إلى إن التربة العراقية تعاني من نقص العناصر الغذائية فيها هذا من جانب ،وان استخدام الأسمدة لا يزال دون المستويات المطلوبة من جانب أخر، اذ إن مشكلة إضافة الأسمدة تنحصر بتلوث المياه الجوفية والأنهار حيث تتعرض الأسمدة المضافة إلى التربة إلى الانجراف نتيجة لسقوط الأمطار الكثيفة والتعرية حيث يترشح البعض منها إلى المياه الجوفية من خلال التربة([27]).

        إن الأراضي الصالحة للزراعة في العراق تعاني اليوم من تدهور بيئي كبير بسبب عدم وجود التقنية الحديثة التي تتلاءم مع الظروف الطبيعية التي تسببت بأضرار كبيرة على مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وما يعرف اليوم بظاهرة التصحر والمتمثلة بالانجراف الهوائي والانجراف المائي وزيادة تملح وتصلب التربة والتي يمكن توضيحها من خلال الجدول الأتي:

 

جدول (4)

المساحة المتأثرة بالتصحر ونسبتها في العراق

نوع التصحر

الشدة

المساحة المتأثرة(هكتار)

الانجراف الهوائي

خفيف_متوسط

شديد_شديد جدا

1431...

635...

الانجراف المائي

خفيف_متوسط

شديد_شديد جدا

4691...

تملح التربة

خفيف_متوسط

شديد_شديد جدا

1322...

6679...

تصلب التربة

كلسي

جبسي

16771...

86.....

مجموع المساحة المتأثرة بالتصحر ونسبتها

 

92.2%=4.129...

المصدر تقرير الإحصاءات البيئية للعراق لسنة 2009 ،وزارة التخطيط ،الجهاز المركزي للإحصاء،مديرية إحصاء البيئة 2010،جدول رقم (3-16) ص57 .

        وقد تفاقمت هذه المشكلة بعد العمليات العسكرية للحروب التي خاضها العراق ،وخاصة حرب الخليج الأخيرة التي استخدم فيها الحلفاء اليورانيوم المنضب ،والذي يعده الخبراء من اخطر مصادر تلوث البيئة والتربة العراقية لما له من أثار سلبية خطيرة على صحة الإنسان وإصابته بأمراض متعددة وبهذا سيكون لدينا تلوث معقد للغاية في التربة بسبب طول حركة الرياح والأمطار التي أدت إلى انتشار غبار اليورانيوم المنضب على قشرة التربة([28]) ، وبالتالي تأثيراتها على التنمية البشرية المستدامة .

        وعلى ضوء ذلك أصبحت الأبعاد الأساسية للتلوث البيئي (تلوث، الهواء والماء والتربة) تهدد حياة الإنسان والحيوان والنبات في المحيط الحياتي في العالم عامة والعراق خاصة، وانطلاقا من فكرة الارتباط بين رفاهية الإنسان والعوامل البيئية المحيطة من جهة وضرورة تنمية واستغلال مصادر طبيعية من جهة أخرى ،ينبغي على الحكومة العراقية والشعب العراقي إعادة النظر في كيفية التعامل مع البيئة ووضع تخطيط سليم لاستغلال مواردها ،والإشارة إلى العواقب المحتملة لاستغلال الموارد الطبيعية بطريقة غير سليمة وان نفاذها في المستقبل يكون أكثر خطرا ،لذا من الضروري أجراء دراسة للأضرار الناجمة عن تلوث الهواء والماء والتربة([29])، ووضع سياسة بيئية مثلى تسعى لموازنة الفوائد التي تعود على المجتمع من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتلوث أو ما يعرف بمساواة المنفعة الحدية بالتكلفة الحدية للتلوث البيئي.

المطلب السادس: الآثار الاقتصادية للتلوث البيئي : 

هناك العديد من الآثار الاقتصادية السلبية التي تتولد عن التلوث البيئي ويمكن تبيانها فيما يلي :

أولا: ارتفاع درجة الحرارة :

         يؤدي تلوث الهواء الجوي إلى ارتفاع درجة حرارة الجو في العالم وهذا الارتفاع في درجة الحرارة يعود إلى ما يطلق عليه (اثر الصوبة الزجاجية)*([30] ويترتب على هذا الارتفاع العديد من التغيرات منها([31]):

  • تغير في أماكن سقوط الأمطار :حيث تزداد كمية الأمطار وغزارتها في منطقة معينة وتقل في منطقة أخرى ،إذ إن تغير نظام هطول الأمطار سيزيد من مشكلة تدهور الأراضي والتصحر في المنطقة العربية بشكل عام والعراق بشكل خاص ،لما له من تكاليف اجتماعية واقتصادية وايكولوجية ، وقد بينت الهيئة العامة للأنواء الجوية العراقية والرصد الزلزالي تباينا كبيرا في هطول الأمطار بين محافظات العراق فكانت اعلي حد لهذا الهطول في محافظة نينوى والبالغة(455.5) وأدنى حد كان في محافظة القادسية والبالغة(124..) في عام 2014 عند مقارنتها مع باقي محافظات العراق للأعوام المختلفة والجدول الأتي يبين ذلك:

جدول (5)

المجموع السنوي للإمطار (بالمليمتر)  لمحافظات مختارة في العراق للمدة من (2003_2013)

المحافظة

2003

2004

2005

2006

2007

2008

2009

2010

2011

2012

2013

نينوى

227.6

357.1

294.5

511.2

193.8

195.7

223.8

24..6

294.7

278.6

455.5

كركوك

183.6

312.1

249.4

458.4

173.1

134.9

225.8

267.2

221.8

292.1

394.3

ديالى

173.9

24..6

222..

2.5.2

233.2

197.9

164.7

2.6.9

167.2

3.1.9

355.4

بغداد

64.3

...

129.4

162.3

99.2

59.1

67.5

92.5

96..

184.4

296.7

كربلاء

59.7

62.6

68..

96.2

4..1

76..

31.1

84.5

98.2

78.6

185.5

القادسية

1.9.2

56.6

1...6

1.6.9

43.6

44.2

46.2

49.1

81.4

98.8

124..

ذي قار

...

98.6

1.5.7

245.8

112.5

65.5

56.9

57.6

85.1

116.2

175.2

ميسان

7.8

...

158.2

251.4

125.1

9..6

175.9

128.3

11..7

212.1

324.6

البصرة

...

...

95.5

174.1

139.2

67.1

89.8

31.9

65.3

115.3

....

المصدر: احصاءات البيئة للعراق لسنة 2013،وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء، العراق،2014،جدول (1-16)،ص51

        إن هذا التغير سوف يؤدي إلى تغير في المناطق الزراعية على مستوى العالم مما يؤثر سلبا على الإنتاج العالمي من المحاصيل الزراعية والذي ينعكس على الإنتاج العالمي من الغذاء.

  • إن ارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي إلى انتشار ظاهرة التصحر وانحسار الغابات في المناطق التي ينتشر فيها الجفاف ،حيث تتعرض الأراضي الزراعية للتعرية وتصبح مناطق غير صالحة للزراعة بالإضافة إلى زيادة حرائق الغابات وتشير التقديرات إلى تدمير نحو 9.%من الغابات في الصين و 35% من مساحة الغابات في الدول الأوروبية بسبب شدة الرياح الرملية([32])، أما فيما يخص العراق فقد بلغت مجموع المساحة المتأثرة بالتصحر (4.129...)/هكتار، في حين بلغت نسبتها 92،2%من مجموع المساحة وفقا لبيانات الجدول السابق(4).

ثانيا: زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة:

        تشكل بعض أنواع الغازات التي يطلق عليها غازات دفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون خطرا كبيرا على طبقة الأوزون مسببتا ظاهرة الدفئ الكوني ،إذ يؤدي انبعاث هذه الغازات الناتجة عن احتراق الوقود والنشاط الصناعي وكفاءة عملية الاحتراق بصفة عامة إلى تدمير هذه الطبقة مما يؤدي إلى تسرب الأشعة فوق البنفسجية الضارة إلى الأرض وهذه الأشعة لها خطورة كبيرة على الإنسان والحيوان والنبات، كما إن هناك أنواع أخرى من الغازات مثل اكاسيد الكبريت تتسبب بتساقط الأمطار الحمضية ،والتي تعود إلى الأرض مع سقوط الأمطار والغبار والثلوج([33])، وهذه الأمطار تدمر الحياة المائية في حالة سقوطها على المحيطات والأنهار والاهوار فضلا عن تدمير المحاصيل الزراعية في حالة سقوطها على الأرض الزراعية .

        إن زيادة هذه الانبعاثات يكون لها الأثر الكبير على تلوث البيئة العراقية وخاصة وان البلد استطاع إن يحقق إنجازات مهمة بشأن المحافظة على التنوع البيولوجي من خلال استعادة مناطق الاهوار فيما بين نهري دجلة والفرات بعد تجفيف معظمها والتي كانت تعمل كنظام طبيعي لمعالجة مياه الصرف([34])، ناهيك عن عدم وجود قياس بعض تراكيز الملوثات بسبب قلة أجهزة القياس أو لعطل بعض الأجهزة فضلا عن عدم توفر مستلزمات التحليل مما يجعلها من الأمور التي تعرقل العمل البيئي في العراق.

        ويمكن النظر إلى واقع البيئة في العراق من خلال مؤشر انبعاث غاز ثاني أكسيد  الكربون ،فقد أجريت دراسة حول انبعاثات هذا الغاز شمل (214) دولة يقوم على ترتيب الدول حسب كمية انبعاث الغاز ونصيب الفرد من كمية الانبعاثات السنوية وحسب التصنيف جاءت قطر على راس قائمة الدول العربية ثم يليها بعض الأقطار العربية الأخرى فيما احتل العراق المرتبة (1.8) مقارنتا من اصل (214)دولة([35]).

ثالثا: تزايد تكاليف الموارد البشرية والموارد المادية مع زيادة تلوث الهواء:

        إن لتلوث الهواء أثار سلبية وخيمة على الصحة العالمية ،إذ يسهم تدهور نوعية الهواء أمراض واضطرابات الجهاز التنفسي مثل (التهاب الشعب الهوائية المزمن والسرطان )اللذين يؤديان إلى الوفاة المبكرة ،فقد أشارت دراسة أجراها البنك الدولي، إن تكلفة الهواء في المناطق الحضرية كانت (2%) من الناتج المحلي الإجمالي (وقد تم تقسيم هذه التكلفة إلى تكلفة الوفيات تقدر بنحو (2....) شخص يموتون كل عام من تلوث الهواء وأسبابه والاعتلال والإيراد المفقود من السياحة المحتملة)،وفي المناطق الريفية يستخدم السكان وقود الكتلة الحيوية لإغراض الطهي والتدفئة مما يؤدي إلى تلوث الهواء في الأماكن المغلقة مما يهدد صحة سكان هذه المناطق لاسيما النساء والأطفال صغار السن اللذين يقضون اغلب أوقاتهم داخل المنازل مقارنتا بما يقضيه الرجال في المنزل، وتتراوح التكاليف الصحية في ألاماكن المغلقة ذات الصلة بتلوث الهواء بين (.،15_45%)من الناتج المحلي الإجمالي وهذا يسبب انخفاضا في الانتاج يقدر بحوالي 1،9% من الناتج المحلي الإجمالي من اقتصاد البلد([36]).

المطلب السادس: التحديات المختلفة للتلوث البيئي في العراق:

        لقد واجهت البيئة العراقية تحديات مختلفة تمثلت بالنمو السكاني السريع الذي يمثل التحدي الرئيسي للتنمية المستدامة وما رافقه من هدر كبير في عناصر البيئة ،فضلا عن عدم الاعتماد على الأساليب الحديثة في معالجة الملوثات الناتجة عن الحروب التي ألقت بظلالها على واقع التلوث البيئي مما انعكس سلبا على البيئة بشكل عام ويمكن حصر أهم هذه التحديات والمتمثلة بالاتي:

  1. عدم وجود تحديد دقيق لمواقع عناصر تلوث البيئة بما فيها التلوث الإشعاعي بسبب الافتقار إلى انظمه رصد ورقابة ومتابعة شاملة لنوعية البيئة ،فضلا عن تلوث عناصر البيئة كافة وخاصة في المدن الكبرى.
  2. إن زيادة استخدام المولدات الكهربائية الصغيرة لسد الاحتياجات المنزلية والتجارية والصناعية بسبب الاستمرار النقص في إمدادات الطاقة الكهربائية من الشبكة الوطنية ،أدى إلى إضرار بالبيئة المحيطة نتيجة حرق كميات كبيرة من الوقود بمختلف أنواعه في ظل محركات احتراق داخلي معظمها قليلة الكفاءة.
  3. الحاجة الى اصدار وتحديث التشريعات والقوانين والمحددات البيئية المعمول بها حاليا لكي تتناسب وتواكب التطورات الدولية في هذا المجال وخاصة التغيرات المناخية.
  4. تفتقر المؤسسات البيئية المحلية إلى الإمكانات المادية والبشرية والتقنية والخبرات في هذا المجال مع ضعف ومحدودية مشاركة العراق في النشاط البيئي الدولي.
  5. ظهور حالة انفصام ما بين البعد البيئي والبعد الاقتصادي والاجتماعي نتيجة عدم إدماج البعد البيئي في فعاليات التنمية مما جعلها بعيدة عن أهداف واليات التنمية المستدامة.
  6. الافتقار إلى دراسات جدية لتقويم الاثر البيئي للمشاريع الاستراتيجية ،فضلا عن عدم وجود بيوت خبرة في مجال إعداد وتقويم دراسات عن التلوث البيئي([37]).
  7. غياب الوعي البيئي لدى المواطن عموما ولدى المستثمر بشكل خاص من خلال إهمال المعايير البيئية لحساب المنفعة الاقتصادية الخاصة، فضلا عن عدم ملائمة بعض التقنيات المستوردة للبيئة العراقية.
  8. عدم وجود تخطيط اقتصادي متكامل يوازن بين متطلبات النظام البيئي من جهة، ومستوى الاستغلال المدروس للموارد الطبيعية في دفع عجلة التنمية المستدامة من جهة أخرى.
  9. ازدياد ظاهرة العواصف الرملية بسبب التراجع الكبير في المساحات الخضراء الناتجة عن نقص الغطاء النباتي وقلة الإمطار والرعي الجائر لرعاة الأغنام فضلا عن عمليات قطع الأشجار ،خاصة بعد ما مر به البلد من فوضى خلال مرحلة تغيير نظام الحكم.

المطلب السابع: نحو استراتيجية لمعالجة التلوث البيئي:

قد لا يختلف اثنان في إن الهواء النظيف والماء النظيف والأرض التي لم يتم إفسادها هي أهداف يتمناها الجميع ،لكن السؤال الذي يطرح نفسه ،ما مدى استعدادنا للدفع تحقيقا لتلك الأهداف؟ وما هو التهديد الذي تواجهه البشرية والذي يمثله عدم احترامنا لحدود بيئتنا الطبيعية([38]), لذلك يجب وضع استراتيجيات ملائمة تتضمن الاعتبارات البيئية في الخطط التنموية للقطاعات المختلفة، وتتمثل هذه الستراتيجيات في معالجة تلوث الهواء والمياه والتربة.

اولا: استراتيجية معالجة تلوث الهواء:

  1. إلزام أصحاب المنشآت الصناعية الملوثة للهواء بتركيب أجهزة للتخلص من الغازات المختلفة أو العوادم الناتجة مع النشاط الإنتاجي.
  2. تطوير استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة في مراقبة وقياس نوعية الهواء.
  3. زيادة استخدام مصادر توليد الطاقة المتجددة من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية في توليد الكهرباء.
  4. أجراء دراسات معمقة عن مكونات البيئة الهوائية ومدى تفاعلها مع الملوثات.

ثانيا: استراتيجية معالجات تلوث المياه:

  1. استخدام التكنولوجيا الحديثة وتطوير وحدات معالجة المياه سوءا كانت المياه المدنية أو المياه الصناعية الملوثة لإعادة استخدامها.
  2. إصدار التشريعات القانونية حول ترشيد استخدام الموارد المائية والحفاظ عليها من التلوث ومعاقبة المخالفين.
  3. إقامة دورات إرشادية دورية للمزارعين حول ترشيد استخدام المخصبات الزراعية وما لها من تأثير على المارد المائية.
  4. استخدام تقنيات الري الحقلي الحديثة من اجل تقليل الهدر ورفع كفايته وتقليل نسبة الفواقد منها، فضلا عن استيراد أجهزة متطورة للكشف على المياه الجوفية مع معدات للحفر ذو تقنيات عالية .
  5. العمل على إعادة مناطق الاهوار من اجل المحافظة على التنوع البيولوجي من جهة والعمل كنظام طبيعي لمعالجة مياه الصرف من جهة أخرى.
  6. العمل على توسيع شبكات المياه وتحسين نوعية مياه الشرب وشبكات الصرف الصحي بالشكل الذي يتناسب مع زيادة معدلات النمو السكاني.
  7. مراقبة مستوى الملوثات في مياه الأنهار والبحيرات والسدود من خلال تطوير قياس بعض تراكيز الملوثات.
  8. العمل على توعية المواطنين عن حماية البيئة وأهميتها ،من الناحيتين الدينية والاجتماعية وفقا لإحكام الشريعة الدينية.
  9. الحد من استخدام المنتجات الثقيلة كالنفط الأسود في المصانع الحكومية والأهلية ومراقبة مخلفاتها والإشراف على طرق معالجتها وفقا للمعايير البيئية.

ثالثا : استراتيجية معالجة تلوث التربة:

  1. أجراء دراسات معمقة عن مكونات التربة وخاصة فيما يتعلق باليات تجدد الخصائص الذاتية للتربة.
  2. العمل على وضع خطة بيئية تعمل على الحد من زيادة مساحات التربة المكشوفة من خلال زيادة المساحات الخضراء والعناية بها.
  3. الحد من ظاهرة تزايد ملوحة التربة وفق طرق حديثة ومتطورة.
  4. إتباع نظام المعالجة المتكاملة للآفات، الذي يعتمد على استخدام المحددات البيولوجية والتي تؤدي بدورها إلى خفض معدلات استخدام المبيدات.
  5. العمل على استدامة الزراعة من خلال زراعة بعض المحاصيل ذات خصائص تتلاءم مع طبيعة المناخ في البلد .
  6. الحد من التوسع الحضري العشوائي والعمل على توفير البيئة المناسبة للمناطق الريفية الطاردة للسكان.
  7. تطوير طرق قياس نوعية التربة لغرض التعرف على مدى ملائمة صلاحياتها الإنتاجية لكل محصول معين.

وعلى ضوء المعالجات السابقة التي وضعت لكل من تلوث الهواء والماء والتربة ، لابد وان يكون هناك توجه إلى توعية الجمهور على العمل في الحد من هذا التلوث ، وخاصة وإننا نلاحظ خلو الساحة العراقية من هذا الوعي على اعتبار إن توعية الجمهور جزءا لا يتجزأ من التنمية البشرية المستدامة والتي تعنى بالأجيال المستقبلية .

ومن ثم يجب إن يكون هناك اهتمام بنظافة وسلامة البيئة العراقية من خلال العمل على تغيير الأنماط الاستهلاكية المضرة بالبيئة والاهتمام بمسالة التدوير وإعادة الاستخدام ،كذلك العمل على تعريف المستهلك بمصادر التلوث وكيفية التعامل معهم في ضوء استهلاكه للسلع المصنعة والمواد الغذائية ،وهذا لا يتم إلا من خلال تضافر الجهود بين مختلف المؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية كمؤسسات حماية البيئة ومؤسسات حماية المستهلك.

الاستنتاجات

  1. أن اعتماد التنمية الاقتصادية على تطوير القطاع الصناعي أدى إلى زيادة الكثافة السكانية في المدن وظهور المجتمعات الحضرية الأمر الذي أدى إلى رفع معدلات التصنيع دون الأخذ بنظر الاعتبار الكلفة الاجتماعية  مما أدى إلى زيادة معدلات التلوث بأشكاله المختلفة من نفايات وانبعاثات وزحف نحو الأراضي الزراعية وبالتالي ظهور مشكلة معاصرة جديدة هي مشكلة التصحر.
  2. أن ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة انبعاثات الغازات وتحلل طبقة الأوزون تعتبر من أهم التحديات العالمية التي تواجه البيئة ، والذي ترك آثارا خطيرة على البيئة .
  3. إن استهلاك الطاقة الاحفورية يضيف كميات كبيرة من الكربون إلى الهواء الجوي ويظل جانبا كبير منه منتشرا في الهواء الجوي وهذه الكميات ليس من السهولة التخلص منها كما إن كمياتها تكون قابلة للزيادة بمرور الوقت.
  4. بعد عام2003تغيرت النظرة باتجاه الحفاظ على البيئة من خلال تأسيس وزارة خاصة بالبيئة العراقية والتي رسمت برنامجا ذو نظرة شمولية وطموحة ضمت مشاريع مختلفة في هذا المجال من اجل معرفة أهم المشاكل البيئية التي يعاني منها البلد وإيجاد الحلول والمعالجات المناسبة.

التوصيات

  1. يجب أن يكون الاهتمام بالبيئة وتحقيق التوازن المستدام من مسؤولية وواجبات الدولة من جهة ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى، من خلال العمل على تكوين مؤسسات تعمل على وضع سياسات فعالة تحقق التوازن بينهما.
  2. التأكيد على الحد من انبعاث غاز ثنائي أوكسيد الكربون وتقليل انبعاثاته بنسب تتلأم مع قدرة الغلاف الجوي على استيعابه.
  3. يجب تخصيص نسبة معينة من الموارد المالية التي يتم الحصول عليها من استغلال الموارد الطبيعية إلى المحافظة على البيئة.
  4. تحسين الواقع البيئي في البلد وخفض مستويات التلوث والعمل على وضع خطة بيئية تعمل على الحد من زيادة مساحات التربة المكشوفة من خلال زيادة المساحات الخضراء والعناية بها.
  5. العمل على إقامة شبكة الكترونية تقوم بتحسس التلوث على مسار نهري دجلة والفرات من اجل تقليل تلوث المياه.
  6. العمل على زيادة استخدام مصادر توليد الطاقة المتجددة من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية في توليد الكهرباء.
  7. العمل على توعية المواطنين عن حماية البيئة وأهميتها ،من الناحيتين الدينية والاجتماعية وفقا لأحكام الشريعة الدينية.

 

 

 

([1]) محمد علي سيد امبابي، الاقتصاد والبيئة ،مدخل بيئي، المكتبة الاكاديمية، القاهرة 1998،ص54.

 

 

([2]) اياد عاشور الطائي ،محسن عبد علي، التربية البيئية ،المؤسسة الحديثة للكتاب ،ط1،طرابلس 2010،ص18.

 

 

([3]) M.J jhingan chandar K.sharma،environmental economics ،theory and managment and policy،vrinda publications(P) ltd.2007.

 

 

([4]) أياد بشير عبد القادر ،التنمية الاقتصادية والبيئة بين فشل السوق والسياسة الاقتصادية ،أطروحة دكتوراه كلية الإدارة والاقتصاد جامعة الموصل ،2..3،ص71 ،ص72.

 

 

([5]) ايمان عطية ناصف، هشام محمد عمارة ،اقتصاديات موارد البيئة ،المكتب الجامعيالحديث ،الاسكندرية،2007،ص291.

 

 

([6]) شارلس كولستاد ،الاقتصاد البيئي ،ترجمة احمد يوسف عبد الخير ،جامعة الملك سعود،الجزء الاول،2005،ص19.

 

 

([7]) محمد علي سيد امبابي،مصدر سابق،ص79.

 

 

([8]) شارلس كولستاد ،مصدر سابق،ص19،ص2.

 

 

([9]) اياد بشير عبد القادر ،مصدر سابق،ص8 .

 

 

([10]) اياد بشير، مصدر سابق، ص82.

 

 

([11]) السياسات البيئية ،سلسلة دورية تعنى بقضايا البيئة في الاقطار العربية، العدد25كانون الثاني ،2004،السنة الثالثة ،ص4.

 

 

([12]) محمد علي سيد امبابي، مصدر سابق، ص89.

 

 

)[13](130M.J jhingan chandar K.sharma.p.47

 

 

([14]) عبد القادر عابد ،غازي سفارين ،  اساسيات علم البيئة ،دار وائل للنشر ،ط 3 ،2008،ص1930 .

 

 

([15]) حارث حازم ايوب ،فراس عباس فاضل،التلوث البيئي معوقا للتنمية ومهددا للسكان ،المجلة العراقية لبحوث السوق وحماية المستهلك ،مجلد2،عدد3،جامعة الموصل 2010،ص259.

 

 

([16]) وزارة التخطيط ،جمهورية العراق، خطة التنمية الوطنية للسنوات 2010_2014 ،بغداد،2009،ص167.

 

 

([17]) المصدر السابق نفسه .

 

 

([18]) حارث حازم ايوب ، فراس عباس فاضل ،مصدر سابق،ص259،ص26.

 

 

([19]) دستور جمهورية العراق 2005،ص71.

 

 

([20]) وزارة التخطيط ،خطة التنمية القومية، مصدر سابق ،ص168.

 

 

([21]) عبد القادر عابد ،غازي سفاريني، مصدر سابق،165.

 

 

      ([22]) 22. البيانات الواردة في المتن مأخوذة من المجموعة الاحصائية السنوية للسنوات المذكورة.

 

 

([23]) حارث حازم ايوب ،فراس عباس فاضل ،مصدر سابق،ص2530

 

 

([24]) تقرير الاحصاءات البيئية للعراق لعام 2009،مصدر سابق،ص4.

 

 

([25]) عبد القادر عابد ،غازي سفاريني،مصدر سابق،ص221.

 

 

([26]) وزارة التخطيط ،خطة التنمية القومية للسنوات 2010_2014،مصدر سابق،ص168.

 

 

([27]) حارث حازم ايوب ،فراس عباس فاضل، مصدر سابق،ص251.

 

 

([28]) ارثنفنون امي، كيف تقصف امريكا ابناءها بالسلاح النووي ،مجلة المستقبل العربي ،مركز دراسات الوحدة العربية ،العدد 297،بيروت ، ص430 .

 

 

([29]) خسرو اكرم عثمان ،الرؤيا المستقبلية لقضايا البيئة في العراق ،مجلة عطاء الرافدين ،تصدر عن وزارة الموارد المائية ،العدد(39)،2010 ص30.

 

 

([30]) * الصوبة الزجاجية :متمثلة بالغازات المتصاعدة من النشاط الانتاجي مثل اول اكسيد الكربون وغاز الميثان نتيجة للطاقة الاحفورية تعمل كغطاء او كصوبة حول الكرة الارضية وهذا الغطاء يسمح لاشعة الشمس بدخول الكرة الارضية ومن ثم يدفئ سطح الارض الا انه لا يسمح لكل هذه الاشعة بالخروج مرة اخرى ومن ثم يختل التوازن بين الاشعة الداخلة والخارجة.

 

 

([31]) ايمان عطية ناصف ،هشام محمد عمارة ،مصدر سابق ،ص295.

 

 

([32]) المصدر السابق نفسه ،ص296.

 

 

([33]) الاسكوا،الحد من انبعاثات غازات الدفيئة من قطاع الكهرباء،اوراق الاسكوا التحضيرية لمؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة،2..2،ص15.

 

 

([34]) تقرير توقعات البيئة للمنطقة العربية ،البيئة من اجل التنمية ورفاهية الانسان ،برنامج الامم المتحدة للبيئة،2010،ص191.

 

 

([35]) خيس عبد الرحمن رداد ،المؤشرات البيئية كجزء من مؤشرات التنمية المستدامة ،المؤتمر الاحصائي العربي الثاني ،2009،ص830.

 

 

([36]) المصدر السابق نفسه،ص15.

 

 

([37]) وزارة التخطيط ،خطة التنمية القومية للسنوات 2010_2014،مصدر سابق،ص169،ص17..

 

 

([38]) بول .أ.ساميلسون ،وليام د.نوردهاوس ،مايكل ج- ماندل، الاقتصاد ،ترجمة هشام عبد الله ،ا لاهلية للنشر والتوزيع  ،المملكة الاردنية الهاشمية،ط15،2001، ص372.