المجموعة: بحوث كتب بواسطة: hussen الزيارات: 4975

عوامل الانحراف الأخلاقي في المجتمع ومظاهره وعلاجه في ضوء الشريعة الإسلامية

العراق ما بعد 2003 أنموذجاً

أ . م . د طارق حسن كسار

كلية العلوم الإسلامية – جامعة ذي قار

 

المقدمة :

إن مشكلة انحراف الشباب من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع، والتي ينبغي أن تسخر كل الإمكانات لمواجهتها والقضاء عليها, لما لها من نتائج سلبية على المجتمع بل على الأمة بأسرها. وقد رأينا في العراق كيف تزداد الحالة سوءا عبر الأجيال وخاصة بعد سقوط النظام وانتشار الفوضى ، لا بمعنى إن الانحراف لم يكن موجودا في عصر النظام البائد ، لكن بسبب الانفتاح الزائد وانتشار القنوات الفضائية والانترنيت والاتصال بالعالم الخارجي تفاقم الأمر مما جعل الانحراف ينتشر بصورة سريعة .

وهذه دراسة تتعلق بعوامل ومظاهر الانحراف الاجتماعي وما يمكن إن يقدم لعلاج هذه الظاهرة الخطيرة التي ألمت بالمجتمع المسلم عامة والعراقي خاصة .

والبحث بعنوان (عوامل الانحراف في المجتمع ومظاهره وعلاجه في ضوء الشريعة الإسلامية  – العراق ما بعد 2003 أنموذجا) .

وقد تضمنت خطة البحث ما يأتي :

المقدمة

تمهيد : الانحراف لغة واصطلاحاً

المبحث الأول : الانحراف في ضوء الكتاب الكريم والسنة الشريفة وكلمات العلماء

المطلب الأول : الانحراف في ضوء الكتاب الكريم

المطلب الثاني : الانحراف في ضوء السنة الشريفة

المطلب الثالث : الانحراف في ضوء كلمات العلماء

المبحث الثاني : عوامل الانحراف ومظاهره في العراق ما بعد 2003

المطلب الأول : عوامل الانحراف

المطلب الثاني : مظاهر الانحراف في العراق ما بعد 2003

المبحث الثالث : علاج حالات الانحراف والتوصيات

المطلب الأول : علاج حالات الانحراف

المطلب الثاني : التوصيات

الخاتمة

نسأل الله التوفيق في تناول هذه الحالة وإمكانية الحد منها أو التقليل وسط هذه الظروف المحيطة الصعبة .. وذلك في ضوء الكتاب الكريم والسنة الشريفة ... والله ولي التوفيق ...

 

 

 

التمهيد :

يعرّف الانحراف بأنّه : الميل والخروج عن الطّريق الصّحيح وعن كلّ ما هو معتاد([1]) ، الانحراف هو الخروج عن الخط والميلان عنه .فإذا خرج السائق عن خطّ السير نقول إنّه انحرف عن الطريق ، وإذا سار النهر باتجاه آخر غير مجراه الرئيس ، نقول : إنّ النهر انحرف عن مجراه .وإذا خرجت المركبة الفضائية عن مدارها ، قلنا : إنّ المركبة انحرفت عن المدار .وإذا خرج المسلمُ عن ضوابط الدين وقواعد الشريعة ، نقول عنه كما نقول عن السائق أو النهر أو المركبة : إنّه خرج عن خطّ السير أو منهاج الشريعة .

وكلمة (الانحراف) مأخوذة من مادة (ح ر ف)، ومن معانيها في اللغة العربية أنه يقال: (حرف الجبل)، أي : أعلاه المحدد، ويقال : (فلان على حرف من أمره  , ومنه قوله تعالى :          ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ﴾ أي: على ناحية منه ([2]) ، وجاء في تفسير قوله على حرف  على شك في عبادته , فقد شبّهَ بالحال على حرف جبل في عدم ثباته([3]) .

وقال الزمخشري (على حرف) : على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم([4]) ، وتحريف الشيء عن موضعه  يعني تغييره .

ومن المرادفات (الفسق) فهو انحراف .ويعبّر عنه تارة أخرى بـ (الزيغ) وهو الميل عن المقصد ، أو الميل عن الطريق ، أي الاعوجاج بعد الاستقامة وهو أيضا انحراف ، وكما للسير أو المرور في الطريق قواعده وقوانينه التي تحمي السائق والمارّة من المخاطر ، فكذلك لكلّ مخلوق وكائن حيّ قواعد وقوانين تنظّم له حياته .

ويعرَّف اصطلاحاً بأنّه : اختراق التّوقعات الاجتماعيّة وانتهاكها، والخروج عن المعايير التي يحدّدها المُجتمع ويرتضيها للسّلوك وعدم الالتزام بها ([5]

ومفهوم الانحراف شرعاً : هو مجانبة الفطرة السليمة وإتباع الطريق الخطأ المنهي عنه دينيا أو الخضوع والاستسلام للطبيعة الإنسانية دون قيود([6]) .

ويُعرّف عالم الاجتماع كوهين : Stanley Cohen الانحراف بأنّه السّلوك الذي يكون خارجاً عن التّنبؤات المُشتركة والممكنة في محيط النَّسق الاجتماعي ([7])، ويُعتبر هذا التّعريف من أكثر التعريفات انتشاراً بين علماء الاجتماع.

المبحث الأول : الانحراف في ضوء الكتاب الكريم والسنة الشريفة وكلمات العلماء

المطلب الأول : الانحراف في ضوء الكتاب الكريم :

من أبرز السلبيات التي تصيب مسيرة البشرية نحو الكمال وتسبب في سقوط الأمم هي ظاهرة الانحراف بأشكالها المختلفة، وبالرجوع إلى آيات القرآن نجد أن بداية كل انحراف أو المؤسس لحالة الانحراف في الأمم هو إبليس حينما مال عن أمر الله ورفض السجود لآدم .

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ ([8]) .

وبنزول آدم (عليه السلام) إلى الأرض ودخول إبليس في حياة البشر، تحول الانحراف من حالة فردية إلى ظاهرة اجتماعية لها أشكالها المتعددة ومبرراتها، بل حتى أنه أصبحت لها مدارس وثقافة وفلسفة تبرر ظاهرة الانحراف في المجتمع، وتعطي لها غطاءً شرعياً ودينياً .

وقد استعرض القرآن الكريم صوراً من هذه الانحرافات الفكرية والاجتماعية والسلوكية في قصص الأنبياء عليهم السلام، وكان أحد أهم أهداف رسالة الأنبياء تقويم الانحراف في المجتمع، كما ورد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام  في قوله تعالى : ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإصلاح مَا       اسْتَطَعْتُ ﴾ ([9]) ، واستخدم القرآن الكريم كلمة الانحراف في عدة موارد

  1. تغيير الموضع : قال تعالى : ﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئةَ﴾ ([10]).
  2. تفسير الشيء خلاف أصله وما وضع له ، قال تعالى : ﴿ منَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ﴾ ([11]).
  3. أخذ ظاهر الشيء أو طرفه دون التعمق بأصله ، قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِين ﴾ ([12])،  فالذي يأخذ ظاهر الدين أو طرف الدين ، يكون متغير الفكر والمزاج ,فالجامع المشترك بين هذه المعاني ، الابتعاد عن أصل وجوهر الحقيقة التي يجب أن يتمسك بها الإنسان إلى أمر مخالف للحقيقة .

إضافة إلى أن محور الحق والاعتدال في الإنسان هي الفطرة , لأن الفطرة توافق الخير والحق ، ويبدأ الانحراف في الإنسان حينما يميل عن الفطرة ، وان الدين والشريعة الإلهية توافق فطرة الإنسان ، قال تعالى : ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ . ([13])

لذلك ، فإن الإنسان في قرارة نفسه يعترض ويخالف أي ظاهرة إنحرافية وإن كان ممارساً    لها ، ولذا يحاول أن يعطيها صبغة شرعية حتى يخمد صوت الفطرة في داخله .

ويعطي القرآن صوراً لبعض الانحرافات التي حدثت في الأمم السابقة ، وكيف أن هذه الانحرافات أخمدت صوت الفطرة ومن ثم استعصت عملية الإصلاح لها .

قال تعالى : ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾. ([14])

        وفي بيان آخر ، ذكر القرآن الكريم أن الانحراف عن الفطرة يؤدي إلى عدم الاستجابة لعوامل الابتلاء والرجوع لجادة الحق : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ([15]).

وإننا نرى أن قسماً من الانحرافات كانت حالات فردية ، ثم تحولت إلى ظواهر اجتماعية منتشرة بين أفراد المجتمع ، وحينذاك من الصعب تغيير هذه الظاهرة أو تبديلها , لأن المجتمع قد تطبع عليها .

وقد ضرب القرآن الكريم أمثلة لهذه الحالة في قوم بني إسرائيل حينما ارتكبوا بعض المحرمات وتحولت هذه المحرمات إلى ظاهرة اجتماعية عندهم قال تعالى: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا﴾ ([16])، فهذه الانحرافات التي كانت يمارسها بعض فئات مجتمع بني إسرائيل تحولت إلى ظاهرة في مجتمع بني إسرائيل ، وحملهم الله المسؤولية الكاملة تجاهها.

        وهكذا فإن الانحرافات الأخلاقية والسلوكية تكون بدايتها حالة فردية ولكن بمرور الوقت تتحول إلى ظاهرة اجتماعية بسبب التخاذل والتهاون من أفراد المجتمع تجاهها .

فنجد أن الشذوذ الجنسي في قوم لوط مارسه بعض الأفراد كما تشير إلى ذلك بعض الروايات ، ولكنه انتشر وأصبحوا يمارسونه في ناديهم ، أي أنه تحول إلى ظاهرة مستحسنة في المجتمع ، وحينذاك صار من الصعب إصلاح هذا المجتمع ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ ([17]).

وجاء في تفسير الشيخ الطبرسي ([18])، في تفسير الآية: ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ أي عرّفها الفجور والتقوى وزهدها في الفجور ورغّبها في التقوى..

المطلب الثاني : الانحراف في ضوء السنة الشريفة :

وصورت الأحاديث الشريفة الانحراف والذي يحصل بعدة أسباب ويؤدي إلى الهلاك وحثت على مقاومة الشهوات وما تتوجه إليه النفس الأمارة بالسوء ، ويمكن ملاحظة ذلك في جملة منها .

(الهوى قرين مهلك)([19])، و(الهوى أعظم العدوين)([20])، و(من تسرع إلى الشهوات تسرعت إليه الآفات)..([21])، و(الشهوات سمومات قاتلات).. و(أوصيكم بمجانبة الهوى، فإن الهوى يدعو إلى العمى، وهو الضلال في الآخرة والدنيا).([22]) ، و(إنك إن أطعت هواك أصمك وأعماك وأفسد منقلبك وأرداك) ([23]).

وعن الإمام علي (ع) قال: (رحم الله امرءاً نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه، فإن هذه النفس أبعد شيء منزعاً، وإنها لا تزال تنزل إلى معصية في هوى) ([24])، وعنه (ع) أيضاً: (رحم الله امرءاً كابد هواه، وكذب مناه) ([25]).

 

المطلب الثالث : الانحراف في ضوء كلمات العلماء :

 قبل إن نذكر التصور الإسلامي للانحراف  نذكر ما قاله أحد العلماء الغربيين عن الانحراف إذ ذكر في تعريفه : سلوك يخالف المعايير التي يقدرها الناس ، إذا اتصفت بالاستمرارية أصبح لها دور سلبي في نظر الناس ،  وأصبح من الضروري إن تهتم بها وسائل الضبط الاجتماعي ،  أما الانحراف في تصور الإسلام فهو ترك الحق والوسطية والاعتدال أيا كان موضوع الانحراف أو مجاله وصوره([26]) .

قال تعالى : ﴿ وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ﴾([27]).

والفرق بين التصورين إن التصور الغربي يقصر النظر على المعايير الاجتماعية بينما هي قد تكون فاسدة بينما التصور الإسلامي يشمل كل المعايير والقيم الإسلامية وكل أنواع الانحراف بما فيها الانحراف العقائدي والفكري .

المبحث الثاني : مظاهر الانحراف الاجتماعي وعوامله  في العراق ما بعد 2003

المطلب الأول  : مظاهر الانحراف الاجتماعي في العراق ما بعد 2003:

يمكن إن نذكر مظاهر الانحراف بشكل نقاط مختصرة وإلا فالكلام في كل واحدة يؤدي إلى إطالة البحث ، ومن هذه المظاهر التي تنتشر شيئا فشيئا :

  1. التهاون بالشعائر التعبدية وأولها الصلاة.
  2. التميع وعدم الجدية. 
  3. إهدار الأوقات وعدم تقدير قيمة الزمن. 
  4. الإسراف والتبذير. 
  5. الكبر والغرور. والتعالي على الآخرين. 
  6. ارتكاب الفواحش كالزنا واللواط وارتياد المقاهي والأماكن المشبوهة .
  7. عقوق الوالدين. سوء التربية الأسرية والتفكك الأسري وعدم وجود رابط وحضن الأسرة.
  8. التدخين تعاطي المسكرات والمخدرات. 
  9. تقليد أهل الفساد من المشهورين. التشبه بالكفار والفساق .
  1. التشبه بأهل الكفر في ملابسهم وكلامهم ومشيتهم وحركاتهم ورقصهم وقصات شعرهم ومجونهم.

المطلب الثاني : عوامل الانحراف الاجتماعي :

هنالك العديد من العوامل التي مهدت للانحراف وأبعدت الناس وخاصة الشباب عن دينهم ومبادئهم وأدت بهم إلى ما لا يحمد عقباه ، ويمكن ذكر أهمها :

  1. انقطاع أو ضعف صلة الإنسان بالله سبحانه وتعالى: ويُعدّ هذا السبب وحده كافياً للوقوع في المشكلات التي تؤدي إلى السلوك ألانحرافي ، إذ إنّ الشّباب الذي تخلّى أو ابتعد عن تعاليم دينه وشرعه سيقع بلا شك في الانحراف بشكلٍ أكبر من الشّباب الذي تمسّك بها, لكون الدّين أحد الأسباب التي تُعزّز مجال الأخلاق والقيم في نفس الإنسان، كما تُنحّيه عن طريق الرّذيلة والفواحش وكلّ ما يُمكن أن يؤذي ويُزعج المُجتمع والأفراد لوجود محاذيرَ شرعيّة تُنحّي الفرد عن الوقوع بمثل هذه الرذائل.

فضعف الوازع الديني من جهل في تعاليم الدين أو الفهم الخاطئ والسقيم ولوي أعناق النصوص والابتعاد عن منبع الدين الحقيقي الكتاب والسنة الصحيحة وتصديق الاتهامات بأنهما هما مصدر الإرهاب يؤدي إلى الإحلال ،  والسبب الرئيسي في هذا الانحلال هو البعد عن منهج الله الواحد ذي الجلال، فقد جعل الله تعالى شريعته عصمة من الخطأ، ونجاة من الزلل، فهي خير كلها وبركة كلها، وسعادة كلها، بها بقاء العالم وسعادته، فيها رشده  وسلامته.

  1. الفقر: يقود الفقر لحالة من عدم الاستقرار الاجتماعيّ والحرمان الاقتصاديِ والتي تقود لمجموعةٍ من المشاكل الاجتماعية التي تهدّد الأسرة, ممّا تُسبّب ابتعاد الأبوين عن أبنائهم، وبالتالي يكونُ قد شكَل عقبة في وجه التنشئة والتربية المثلى ممّا يُنتج أفراداً ذوي سلوكيات مُنحرفة.
  2. الفراغ : إذا فرغَ المرء ولم يجد ما يفعله، فسيكون وقوعه في الانحراف أسهل ممّن يشغل وقته بما يفيد، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ) ([28]).

فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الفراغ نعمة في حق العبد إذا استعمله فيما يعود عليه بالنفع في دنياه وأخراه، أما إذا لم يغتنمه الشاب تحول من نعمة إلى نقمة، ومن منحة إلى محنة، ويصبح شبحًا مخيفًا يحول الشاب إلى ألعوبة بيد شياطين الجن والإنس.

وقد قرر علماء النفس والتربية في الغرب أن فراغ الشباب في تلك البلاد يعد واحدا من أكبر أسباب الجرائم فيها. وأجمعوا على أن الشاب إذا اختلى بنفسه أوقات فراغه وردت عليه الأفكار الحالمة، والهواجس السارحة، والأهواء الآثمة، والتخيلات الجنسية المثيرة، فلا يجد نفسه الأمارة إلا وقد تحركت وهاجت أمام هذه الموجة من التخيلات والأهواء والهواجس، فيتحرك لتحقيق خيالاته مما يحمله على الوقوع في كثير مما هو محظور.

وليس هذا مما ينفرد به شباب الغرب بل هو مما يشترك فيه شباب الدنيا بأسرها, ولذلك كان اغتنام أوقات الفراغ قبل الانشغال، واستغلال زمان الشباب قبل الهرم، والصحة قبل المرض، والحياة قبل الممات، من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته.

  1. فسادُ بيئة الإنسان: للبيئة تأثير خاص في الإنسان، فالإنسان كما يقال ابن بيئته، فإن تربى في بيئة تعتز بالفضيلة والأخلاق الحسنة، صار الإنسان يعتز بالفضيلة والأخلاق، وإن عاش في بيئة موبوءة بالسموم الأخلاقية والفكرية، أصبح كذلك، فالإنسان يؤثر ويتأثر.

يقول النبي صلى الله عليه وآله سلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه" ([29])، والنفس الإنسانية قابلة للخير والشر، وعندها استعداد للاستقامة أو الانحراف والبيئة هي التي تعزز ذلك وتيسره ، وفي هذا أجاد معروف الرصافي حين قال :

هي الأخلاق تنبت كالنبات.. ... ..إذا سقيت بماء المكرمات

تقوم إذا تعهدها المربي.. ... ..على ساق الفضيلة مثمرات

وأكبر الأخطار على الشاب أن يعيش في بيئة يشوبها القلق والاضطرابات النفسية والسلوكية، سواء كانت بيئة البيت أو بيئة الشارع، فكل يؤثر في مجاله، لذلك يرى كثير من المربين: أن الإنسان منذ مراهقته يجب أن يهيأ له جو صالح في البيت أولاً ثم خارجه في المدرسة والشارع لأنه حتمًا سوف يتأثر بما يختلط به ويعايشه والبيت، والمدرسة، والشارع هي المحيط والبيئة التي تستغرق أكثر حياة الإنسان، فإذا صلحت هذه الأماكن صلح الإنسان.

إنّ الإنسانَ انعكاس لما في بيئته، فإذا صلحت صلح وإذا فسدت فسد، فمن نشأ في بيئة تشجّع الانحراف أو تيسّر دربه، فإنّه سيكون أكثر احتمالية للوقوع في الانحراف من غيره، فقد قال تعالى: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴾ ([30]).

وكذلك فساد والديّ الإنسان أو أحدهما له التأثير في ذلك ، ولهذا يجب على المرء أن يختار شريكاً صالحاً ليشاركه حياته وتربية أولاده ، فإنّ أخلاقَ الوالدين وتعاملهما وقيمهما تؤثّران على الأبناء, إذ إنّ الطِّفل يُولد على الفطرة، وسلوك والديه هو ما يؤثِّر به بالإيجاب أو السّلب ، وكذلك عندما يفقد الإنسان والده الذي كان يرعاه ويدبّر أموره وأسباب معيشته سيزوره الهمّ والفقر والغمّ , ممّا قد يدفعه لكثيرٍ من السّلوكيات السيئة كالسرقة وبيع المخدرات وغيرها، وبالتالي لطريق الانحراف. والتفكك الأسري من أكبر الأسباب التي تدفع إلى انحراف الشباب، فإذا وجد الشاب والفتاة أن الأبوين خلافاتهما دائمة ، فالأم في ناحية والأب في ناحية أخرى، أو أن الأب لا يأبه للبيت ولتربية أولاده.. فكل هذه الأمور تتسبب في القلق النفسي عند الطفل، ويشب على هذا القلق ثم يتجه إلى الانحراف من شرب للخمور، أو المخدرات لينسى مجتمعه الصغير "الأسرة" ويبحث له عن رفقة خارج الأسرة يكوّن بها مجتمعا آخر لعله يجد فيه ما لم يجده في أسرته. وهذه الرفقة لها دورها في تشكيل هذا الشاب صلاحا أو عكسه .

  1. كثرة المال: لا يعرف بعض الشّباب مقدار النّعمة التي هم فيها في حالة الغنى، فيقومون بتبذير المال وإنفاقه بإسراف فيما لا يفيد، وقد يكون هذا أحد أسباب انحرافهم.
  2. الحرية المطلقة: عندما يمارس الشّباب حريّتهم بشكلٍ مطلقٍ وغير مسؤول، فإنّ عواقب الأمور تكون وخيمة، فهم يظنّون أنّ معنى الحرية يتجسّد في قول وفعل ما يشاؤون، وفي الخروج والدخول دون رقيب، وفي لبس وصرف ما يريدون، ولا يدرون أنّ هذه المفاهيم الخاطئة موصلة لطريق الانحراف.
  3. مصاحبة أصدقاء السّوء : فهي تزيد احتماليّة انحراف الشّباب إذا كان أصدقاؤهم كذلك، وقد بيّن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- مدى أثر الرفيق في قوله:: مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه ، ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يحرق ثوبك أصابك من ريحه([31]) .

لا شك أن الرفقة تقع في قاعدة الحاجات الاجتماعية فكل إنسان يحتاج الرفقة، لأن الرفقة حاجة نفسية متأصلة في النفس البشرية من يوم يبدأ يدرك ويفهم ما يدور حوله، فإذا صلحت الرفقة صلح الإنسان وإذا حدث العكس فسد الإنسان، ولذلك كان التوجيه النبوي في اختيار الأصدقاء والرفقاء ، فإذا صاحبت خيّراً حيا قلبك، وانشرح صدرك، واستنار فكرك، وبصّرك بعيوبك، وأعانك على الطاعة، ودلّك على أهل الخير.

وجليس الخير يذكرك بالله، ويحفظك في حضرتك ومغيبك، ويحافظ على سمعتك، ومجالس الخير تغشاها الرحمة وتحفّها الملائكة، وتتنزّل عليها السكينة، فاحرص على رفقة الطيبين المستقيمين، ولا تعد عيناك عنهم، فإنهم أمناء.

والحذر كل الحذر من رفيق السوء، فإنه يُفسد عليك دينك، ويخفي عنك عيوبك، يُحسّن لك القبيح، ويُقبّح لك الحسن، يجرّك إلى الرذيلة، ويباعدك من كل فضيلة، حتى يُجرّئك على فعل الموبقات والآثام.

  1. التأثير السلبي للإعلام: إن للإعلام تأثيرا سلبيا على عقول الناس جميعًا كبيرهم وصغيرهم وقد تنوع الإعلام بين مرئي ومسموع كلها تقصف العقول قصفا وتخاطب غرائز الشباب خطابا مشبوبا، أججت معه العواطف وأثارت مكنونات النفوس وعرضت نماذج للقدوات غير صالحة مما أثر في شخصية الشباب، حتى أخذ كثير من الشباب يشكل ثقافته وشخصيته بالطريقة التي يحبها ويهواها، والإعلام بشكل عام سلاح ذو حدين من الممكن أن يكون نافعًا للشاب، ومن الممكن أن يكون عاملاً من عوامل الانحراف، ولكن المشاهد في الواقع هو أن ما تعرضه وسائل إعلامنا بداية من أفلام الكارتون إلى الأفلام والمسلسلات الأجنبية البوليسية، أو الإثارة أو الرعب، مع التفصيل في مواطن الانحراف كالرقص والزنا وشرب المخدرات وجرائم السرقة، كل هذا ما هو إلا طريق للانحراف الفكري والسلوكي لدى شبابنا.

فالكثير من وسائل الإعلام المختلفة المرئية ،والمقروءة ،والمسموعة ساهمت في نشر الرذيلة ومحاربة الفضيلة قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ ([32])، منها أصابع خفية لانراها، هذه الأصابع تسهر لتصل إلى أفضل الطرق، لكي تسيطر على المجتمع، كإغراق الأسواق بأفلام الفيديو، وبث المسلسلات، ويجعلون للفساد أفضل الموديلات بقصد الإلهاء والانحراف ومن طرقهم في نشر الانحراف : تشجيع الناس على النظر إلى الحرام ، وتزيين الحرام وتجميله من خلال، وتيسير الحرام وتيسير الوقوع فيه، وطرح وسائل جديدة لفعل الحرام، وغرس حب الفاحشة في النفوس ،  ونشر القدوة السيئة بين الناس ، وإلباس الحق بالباطل ، الحلول الجاهلية عند عرض المشكلات الحياتية ومنع المفكرين والوعاظ المؤثرين في حياة الناس ، وتضييع المعاني الإسلامية، وكذلك التطور الهائل في التكنولوجيا والاتصالات حيث أصبح بمقدور الشخص أن يدخل متاهات كثيرة متوفرة له مثل الانترنت بمغرياتها التي لا تنتهي والمحطات الفضائية التي لا تحترم لا دين ولا عرف والانتشار الهائل للمواقع الإباحية والمحطات الفضائية الإباحية ساهم بقوة في إفساد الشباب وللأسف لا رقيب ولا محاسب.

إضافة لما يفعله الإعلام الحديث من آثار مدمرة على الأطفال أهمها :

  1. يحرم الطفل من التجربة الحياتية الفعلية التي تتطور من خلالها قدراته إذا شغل بمتابعة التلفاز.
  2. يحرم الطفل من ممارسة اللعب الذي يعتبر ضرورياً للنمو الجسمي والنفسي فضلاً عن حرمانه من المطالعة والحوار مع والديه .
  3. التلفاز يعطل خيال الطفل لأنه يستسلم للمناظر والأفكار التي تقدم له دون أن يشارك فيها فيغيب حسه النقدي وقدراته على التفكير .
  4. يستفرغ طاقات الطفل وقدراته الهائلة على الحفظ في حفظ أغاني الإعلانات وترديد شعاراتها .يشبع التلفاز في النشء حب المغامرة كما ينمي المشاغبة والعدوانية ويزرع في النفوس التمرد على الكبار والتحرر من القيود الأخلاقية .
  5. يقوم بإثارة الغرائز البهيمية لدى الطفل مبكرا وإيقاد الدوافع الجنسية قبل النضوج الطبيعي مما ينتج إضرابات عقلية ونفسية وجسدية .
  6. يدعو النشء إلى الخمر والتدخين والإدمان ويلقنهم فنون الغزل والعشق .
  7. له دور خطير في إفساد اللغة العربية لغة القرآن وتدعيم العُجمة وإشاعة اللحن .تغير أنماط الحياة إلى الإفراط بالسهر ، مع تقديس الفنانين بدلاً من العلماء.
  8. العلمانية والحداثة والشعارات التي تقودها هذه الأحزاب التي وضعوا بيننا ويتكلمون بلغتنا وهم على آثار أسلافهم المؤسسين لهذا الأحزاب مقتدون التي تفتك في جسد مجتمعنا .

    فهؤلاء تخطيط.. تدبير.. اجتماعات، وحتى هذه اللحظة التي تقرأ فيها، لا يفتئون عن تخطيطهم الخبيث، وذلك لتدمير الشباب المسلم، إنهم حاقدون كارهون لنا، إنهم اليهود والنصارى، والمنافقون والفاسقون، وأصحاب المبادئ الهدامة..

    ومن هذه الشعارات التي يطلقونها :

حقوق المرأة ، الاختلاط ، التهكم بالدين ورجاله ، من عمل به أو تعلمه ووصفهم بالأوصاف القبيحة ، إنقاص من قدرهم بزعم حرية الرأي و النقد ، وغيرها من الشعارات المغرضة .

ومن أساليبهم هو السعي إلى تغيير المجتمع بأن صار يلهث خلف الموضة وموضة الوقت والتشبه بالفساق والكفار ، وكذلك المناهج الدراسية : فقد حرصوا أن تكون المناهج بعيدة عن غرس الإيمان الحقيقي، الإيمان المحرك للنفس، الدافع لتكوين السلوكيات المثالية، وجعل الوسائل أهداف: فالسيارة مثلاً هي وسيلة للتنقل، ولكن الآن أصبح اللون ونوع السيارة وسرعتها وثمنها هو الأهم من وسيلة التنقل ، إن استهدافهم للشباب، لأن الشباب هم الطاقة الفاعلة للمجتمع ، وخوفهم المستمر من أن تهز أركان عروشهم عندما تستيقظ الأمة الإسلامية بشبابها وتوجد أمور أخرى لها دور في انحراف الشباب  ، منها تهميش دور الشباب وإحساس الشاب بالغربة وسط أهله وفورة الشهوة وطغيان الغريزة مع صعوبة الزواج.  والفتنة بأهل الغرب وحضارتهم, محبة أهل الفساد من المشهورين. وتقصير كثير من المعلمين في المدارس ، البطالة والاستنكاف من الأعمال الدنيا. وسوء خلق بعض المتدينين وغلظتهم ، وتقصير بعض المبلغين والسفر إلى بلاد الخلاعة والمجون ، وإختلاط الرجال بالنساء في الأماكن العامة وبعض دوائر العمل. 

 

المبحث الثالث : علاج حالات الانحراف والتوصيات

المطلب الأول : علاج حالات الانحراف :

 يعالج القرآن الانحرافات الفردية بخطاب جماعي , ذلك لكي يحمل الجميع المسؤولية تجاه أي حالة انحرافية فردية . 

قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ  الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾([33]) .

     فهذا السلوك الانحرافي بدر من رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله تجاه رجل آخر ، ومن إمرأة تجاه إمرأة أخرى ، إلا أن القرآن الكريم وجه الخطاب بصورة جماعية ، وبمعنى آخر نظر إليها كظاهرة إجتماعية لا حالة فردية .

هناك أمثلة أخرى في القرآن حيث أنه يخاطب المجتمع في معالجة السلوكيات الانحرافية .

قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.([34]

فمع العلم أن الربا كان لا يمارسه إلا الأغنياء ، ولكن القرآن خاطب المجتمع في هذه الآية

قال تعالى: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا  النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾([35]) .

     فلا شك أن بعض هذه الانحرافات كانت فردية ، ولكن القرآن تعامل معها كظاهرة        اجتماعية , لأن خطرها في الانتشار بين أفراد المجتمع واضح وسريع .

وقد خاطب القرآن الكريم مجتمع بني إسرائيل من قبل وقال : ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا * وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ * وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ﴾([36]) .

إن مشكلة الانحراف لدى الشباب  التي عرضت لا يقوى فرد أو مؤسسة على حلها أو التغلب عليها، وإنما لا بد للقضاء على آثار هذه الحملة الشرسة من وقوف الدول والأفراد والمؤسسات الرسمية والأهلية في وجه هذا التيار الجارف، الذي يكاد أن يقتلع الإسلام وقيمه ومبادئه من قلوب المسلمين، بل ويؤدي إلى فقدهم لهويتهم، وذوبانهم في المجتمعات التي تقوم على الكفر والإلحاد والتحلل من القيم والمبادئ والأخلاق، وهذا بلا شك هدف استراتيجي للدول الكبرى، والتي تسعى إلى فرض قيمها ومبادئها ونمط حياتها على الشعوب الفقيرة والضعيفة.

 ومما يؤسف له أنه ليس بمقدور الدول أو الشعوب منع تسرب هذه المواد الإعلامية إلى بلادهم، إذ أن الأقمار الصناعية العملاقة  جعلت من المستحيل على أي دولة مهما كانت أن تحول دون وصول هذا الغزو إلى شعوبها، ولقد خدمت هذه الأجهزة المتطورة من إنترنت وإعلام بجميع صوره تلك الشعوب الكبرى بصورةٍ لم يسبق لها مثيل، حيث يقومون بتذليل  العقول البشرية وعمل مساج لها يصيبها بنوع من التخدير، ويسمح لها باستقبال هذه المواد الإعلامية دون أدنى مقاومة، وليس بمقدور الدول وحدها وقف هذا التيار الجارف، وإنما لا بد للأسر والأفراد من المساهمة في المقاومة، ووقف أو الحد من آثار هذه الحرب الشرسة التي لا تبقي ولا تذر، ومن أهم أسلحة المواجهة ضرورة تحكم الأسرة في فترات استعمال هذه الأجهزة، وتحديد المواد الصالحة من غيرها، وعدم السماح لأبنائهم بالاطلاع أو مشاهدة هذه المواد المعروضة دونما ضابط أو رقيب، وهذا حقيقة يأتي على رأس الإجراءات الوقائية التي لا بد من توعية المسلمين بأهميتها وعظيم تأثيرها، وإلا فلا يمكن لأي أجهزة مهما تطورت أن تحول دون وصول هذا الغزو إلى عقر دارنا، ، ولا بد من حملة توعية ببيان خطورة هذه الحملة، وضرورة مساهمة الأسرة والمؤسسات الأهلية في مقاومتها، كما أنه لا بد من توفير بديل إسلامي يحمل قيم الإسلام ومبادئه، على أن يكون على نفس المستوى من التقنية والإبداع, حتى نقنع المجتمع المسلم خاصة الأبناء من قدرة المسلمين على المواجهة والتصدي، وهذا يحتاج إلى جهود علمية جبارة ورأس مال كبير .

وفي الحقيقة يوجد موقفان من الانحراف بين الإيجاب والسلب  أمام أي ظاهرة إنحراف في المجتمع : 

  1. موقف سلبي يتمثل في اعتزال المجتمع وعدم تحمل أي مسؤولية تغيير ، والبعض يتخذ ردة فعل سلبية ويصدر منه موقف متطرف .
  2. الموقف الإيجابي ، ويتمثل في أخذ ردة فعل إيجابية وتحدي أمام حالة الانحراف ، وحتى المقاطعة أو الاعتزال يكون بنفس إيجابي وليس سلبي . 

وفي ذلك أشار القرآن إلى قصة أصحاب السبت ، حينما انقسم المجتمع إلى فئتين :

فئة اتخذت موقفاً سلبياً واعتزلت الانحراف ولم تبد أي ردة فعل .

وفئة اتخذت موقفاً إيجابياً عبر مواجهة الانحراف عبر النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأيد الله عز وجل الفئة التي كانت تمارس دوراً إيجابياً في مواجهة الانحراف .

قال تعالى : ﴿ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾([37]) .

أن تقوم المؤسسات الإسلامية  بدورها المنشود في تقوية إيمان أفراد المجتمع وتحذيرهم من الانحلال الأخلاقي وتوعيتهم بحرمة هذه الجرائم والعقوبات المترتبة عليها في الدنيا والآخرة، وذلك عن طريق التأكيد على خطباء الجوامع وأئمة المساجد والمبلغين والمحاضرين بأن يتناولوا موضوع الانحراف  ويرشدوا أفراد المجتمع إلى عدم الوقوع فيه وإلى كيفية تفادي حدوثه، وأن لها حضور مؤثر وفاعل في المناسبات وأماكن تجمع الشباب واستثمارها في التوعية والتوجيه والإرشاد، كما أن عليها استغلال المنابر الإعلامية (المقروءة والمسموعة والمرئية) في تحقيق رسالتها .

ويناط بوزارة التربية ومدارسها دور كبير في وقاية المجتمع من جرائم الانحلال الأخلاقي ومعالجتها، إذ إن أكثر أفراد المجتمع لا بد وأن يلتحقوا بالمدارس فينبغي أن يفعل محتوى المناهج الدراسية الموجهة لمعالجة تلك الجرائم تفعيلاً إيجابياً عن طريق المعلمين والأنشطة المدرسية، كما أن على مديري المدارس والمرشدين دور كبير في متابعة الطلاب وملاحظتهم والتنبيه على بعض السلوكيات التي تكون الشرارة الأولى لوقوع مثل تلك الجرائم، كما يمكن أن تنسق المدارس مع إدارات التربية والتعليم وأهل الطلبة .

ومن جانب آخر  تلقى على وسائل الإعلام بشتى صورها مسؤولية كبيرة في وقاية المجتمع من جرائم الانحلال الأخلاقي، إذ إن بعض الشباب يتعلم من وسائل الإعلام كيفية ارتكاب هذه الجرائم، وبعضهم الآخر تكون وسائل الإعلام داعية له بالإثارة إلى الانحلال الأخلاقي ثم ارتكاب الجريمة، ولأن وسائل الإعلام هي الأكثر تأثيراً على الأفراد فإن على وسائلنا الإعلامية أن تقدم البرامج الوقائية والعلاجية للانحلال الأخلاقي وجرائمه.

وعلى الآباء تناط مسؤولية جسيمة في توعية وتحذير أفراد أسرهم من الوقوع في مثل تلك الجرائم، كما أنهم مطالبون بمتابعتهم والمحافظة عليهم، ومصارحتهم عند التوعية، فقد لا يكفي التلميح في هذا الوقت، كما أن عليهم توفير الوسائل المشروعة للترفيه عن أبنائهم وعدم توفير بعض الوسائل التي قد تساعد وتدعو إلى ارتكاب الجريمة الأخلاقية.

وأيضا المجتمع له الدور في ذلك فإن كل فرد في المجتمع له دور في الوقاية من جرائم الانحلال الأخلاقي  قال تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، فالساكت عن وقاية المجتمع من تلك الجرائم شيطان أخرس، ومن اعتدى على غيرك اليوم قد يعتدي عليك أو على أحد أفراد عائلتك غداً.

لذلك فإن وقاية المجتمع من الانحلال الأخلاقي وجرائمه المؤلمة مسئولية كبيرة لا يمكن أن تتحملها جهة محددة أو أفراد معيين، وإنما لابد أن يشعر الجميع بخطر المشكلة أولاً ثم تتكاتف الجهود ويتعاون الأفراد في تلك الوقاية والعلاج قال الله تعالى:" وما كان ربك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون".

ونختم بما ذكره رسول الله (ص) في هذا المجال  إذ قال : (ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق عن المغرب؟. قالوا: بلى يا رسول الله.. فقال (ص): الصوم يسوِدُ وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه)([38])، وجاء في الروايات: ( إن إبليس قال خمسة ليس لي فيهم حيلة وسائر الناس في قبضتي:

أ. من اعتصم بالله عن نية صادقة واتكل عليه في جميع أموره.

ب. ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره.

ج. ومن رضي لأخيه المؤمن ما يرضاه لنفسه.

د. ومن لم يجزع على المصيبة حتى تصيبه..

هـ. ومن رضي بما قسم الله له ولم يهتم برزقه([39]).

 

المطلب الثاني : التوصيات :

أن الانحراف له أسباب ذاتية وموضوعية وعلاجه يكمن في رسم إستراتيجية حضارية شاملة يلتقي فيها النص الشرعي واحتياجات العصر والإنسان ، والعلاج ليس تسكيناً للألم بل لا بد من الإسهام الإيجابي في البناء الحضاري الذي يقي من الانحراف. ومن مقومات تلك الإستراتيجية ما يلي:

للمسجد مع تعيين مربين ذوي خبرة علمية وتربوية يساعدون على تحصين الطفل وتزويده مبكرا ببعض القيم وبعض الخبرات المناسبة لسنه.

ومن طرق العلاج أيضاً :

  1. الألفة بين أطراف المجتمع وأن يعتقد الجميع بأن المجتمع بشبابه وكباره كالجسد الواحد إذا فسد منه عضو أدى ذلك إلى فساد الكل..
  2. على الشباب والفتيات أن يتنبهوا في اختيار الصحبة من كان ذا خير وصلاح وعقل ، من أجل أن يكتسب من خيره وصلاحه وعقله ، فيزن الناس قبل مصاحبتهم بالبحث عن أحوالهم وسمعتهم، فإن كانوا ذوي خلق فاضل ودين مستقيم وسمعة طيبة فهم ضالته المنشودة وغنيمته المحرزة فليستمسك بهم وإلا فالواجب الحذر منهم والبعد عنهم..
  3. قراءة بعض الكتب النافعة وأهم الكتب النافعة كتاب الله ، وسيرة المعصومين عليهم السلام.
  4. ظن بعض الشباب إن الإسلام تقييد للحريات وكبت للطاقات فينفر من الإسلام و يعتقده ديناً رجعياً يأخذ بيد أهله إلى الوراء ويحول بينهم وبين التقدم والرقي .

    وعلاج هذه المشكلة : أن يكشف النقاب عن حقيقة الإسلام لهؤلاء الشباب الذين جهلوا حقيقته لسوء تصورهم أو قصور علمهم أو كليهما معاً .

فالإسلام ليس تقييداً للحريات ، ولكنه تنظيم لها وتوجيه سليم حتى لا تصطدم حرية شخص بحرية آخرين عندما يعطى الحرية بلا حدود ، لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين ، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى ويحل الفساد .

ومازالت مجتمعاتنا تحمل الوعي الكافي بقضية الأخلاق ، وبالعكس يوما بعد يوم تكثر المراكز والمؤسسات لرعاية الشباب و احتوائهم من مخاطر الانحلال ، هذا و لأن مجتمعاتنا تتميز بسمو الأخلاق فهي مجتمعات العفة والنزاهة فان القلة القليلة الفاسدة من المجتمع ، يجب أن نعتني بها ونحاصرها قبل أن تؤثر وتفسد المجتمع.

  

الخاتمة

بعد نهاية البحث فيما يخص انحراف الشباب فان إحدى النقاط المهمة التي وجه إليها القرآن في عملية الإصلاح هي مسألة التواصي والتذكير بين أفراد المجتمع في أمور الخير وفي الصبر على عملية الإصلاح .

قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ *إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾([40]).

قال تعالى : ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾([41]).

ونجد أن القرآن قد وضع منهجاً متكاملاً لعملية الإصلاح الاجتماعي وبين أن الإصلاح لابد أن يتم بصورة جماعية ولا يُكتفى بالإصلاح الفردي .

قال تعالى : ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾([42]) .

فلا بدّ من إيجاد حلولٍ منطقية تعيد الشّباب لطريقهم الصّحيح والسّليم والنافع لمجتمعهم، ومن أبرز هذه الحلول ما يلي: الاهتمام بالفرد وتربيته منذ طفولته على مكارم الأخلاق والفضائل والقيم التي تقيهم من الخوض في طريق الانحراف عبر تظافر جهود مُختلف المؤسسات التربوية والاجتماعيّة كالأسرة والمدرسة , حيث تقع مسؤولية تنشئة هذا الجيل على هذه المؤسسات أساساً، فالأسرة التي تعاني حالةً من التّوتّر والمشاكل، والمدرسة التي تنتشر فيها أساليب القوة والعنف في التعليم هي بيئات تشعر الفرد بالظُّلم والضّياع نتيجة إحساسه بفقدان المسؤولية والقيمة الاجتماعية , مما يؤدّي به للانتقام باتّخاذ مناح منحرفة. إنشاء خطّة محكمة تشرف عليها الدّولة والمؤسسات الدينية والتربوية والاجتماعية، وتتبناها لدعم الشّباب والاهتمام بهم والنّهوض بطاقاتهم وتوجيهها نحو خدمة المجتمع ونفعه، وتطوير ثقافتهم وإشغال أوقات فراغهم عبرَ تأمين ما يناسبهم من أعمال لأجل القضاء على البطالة. محاولة القضاء على الفقر وتحسين الأحوال المعيشية للأسر المحتاجة , لتتحقّق لكل فرد حياة كريمة خالية من ضيق العيش الذي يُشكّل أجواءً سلبية تقود الشباب للانحراف. محاولة القضاء على الجهل عبر فرضِ التعليم الإلزاميّ للأطفال في مرحلة التعليم الأساسيّة، وإيجاد ظروفٍ مناسبة وسليمة لمتابعة دراستهم، والانخراط باهتمامات وقيم سامية وغايات يعملون على تحقيقها, ممّا يبعدهم عن الانحراف وطرقه.

 

 

 

 

فهرست المصادر

* القرآن الكريم .

  1. الاحتجاج ـ الطبرسي ، أحمد بن علي ، تحقيق : محمد باقر الخرسان ، مطبعة : منشورات دار النعمان للطباعة والنشر .
  2. بحار الأنوار ، المجلسي ، محمد باقر ، الطبعة الثانية ، مؤسسة الوفاء ، بيروت ، 1403هـ
  3. حاشية الصاوي على تفسير الجلالين ، الصاوي ، أحمد بم محمد الخلوتي ، المطبعة العامرة الشرفية ، 1318 هـ .
  4. الخصال ، الصدوق ، محمد بن علي ، تحقيق علي اكبر غفاري ، منشورات جماعة المدرسين في قم المقدسة .
  5. الزمخشري ، جارالله ، الكشاف عن غوامض حقائق التنزيل ، الطبعة الثالثة ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1407 .
  6. ظواهر الانحراف الاجتماعي في المجتمع الإسلامي ومعالجتها رؤية إسلامية محمد عبد الصمد دراسات الجامعة العلمية الإسلامية 2007 .
  7. عيون الحكم والمواعظ علي بن محمد الليثي الواسطي ، الطبعة الأولى ، طبع ونشر دار الحديث .
  8. الكافي ، الكليني ، محمد بن يعقوب ، الطبعة الثالثة ، تحقيق علي اكبر غفاري ، المطبعة : حيدري ، الناشر : دار الكتب الإسلامية ، 1388 هـ .
  9. مستدرك الوسائل ومستنبط الوسائل – الميرزا النوري ، الطبعة الأولى ، تحقيق مؤسسة آل البيت ع لإحياء التراث 1408هـ .
  10. ميزان الحكمة ، الري شهري ، محمد ،الطبعة الأولى ،  طبع ونشر : دار الحديث

المواقع الالكترونية :

  1. www.uobabylon.edu.iq.
  2.  العطار مريم "بحث حول انحراف الشباب" ahewar.org" .

    3. Stanley Cohen obituary", www.theguardian.com.

    4. زهير الأعرجي الانحراف الاجتماعي وأساليب العلاج www.rafed.net .

 ([1]) العطار مريم "بحث حول انحراف الشباب"، www.ahewar.org،

(2) الحج: 11 .

(3) حاشية الصاوي على تفسير الجلالين 2 : 484 .

(4) تفسير الزمخشري3/147 .

(5) www.uobabylon.edu.iq .

(6) زهير الاعرجي الانحراف الاجتماعي واساليب العلاج www.rafed.net  .

 (1) Stanley Cohen obituary", www.theguardian.com,

(2) البقرة34 .

(3) هود88.

(4) الانفال16 .

(5) النساء 46 .

(6) الحج11 .

 (1) الروم 30 .

(2) الحديد 16 .

(3) الأنعام 42 .

(4) النساء155 .

 (1) النمل 54-56.

(2) مجمع البيان ج10 ص75.

(3) ميزان الحكمة الريشهري ج4 : ص 3476 .

(4) المصدر نفسه.

(5) عيون الحكم والمواعظ علي بن محمد الليثي الواسطي ص 459 .

(6) ميزان الحكمة ، الري شهري 4 : 3478 .

(7) مستدرك الوسائل / الميرزا النوري 12 : 114 .

(8) ميزان الحكمة ، ريشهري 4 :  3480.

(9) بحار النوار74 : 423.

 (1) ظواهر الانحراف الاجتماعي في المجتمع الإسلامي ومعالجتها رؤية إسلامية محمد عبد الصمد دراسات الجامعة العلمية الإسلامية المجلد الرابع 2007  ص 148.

(2) البقرة 143 .

(1) بحار الأنوار63 : 315.

(2) الاحتجاج 2 : 176الطبرسي .

(1) الاعراف: 58.

(2) ميزان الحكمة - محمدي الريشهري ج 4 ص 2839 .

([32]) سورة النور19.

(1) الحجرات11.

(1) آل عمران 130  .

([35]) الأنعام 151.

(3) الإسراء 31-33 .

 (1)الأعراف 164-165.

(1) الكافي 4 : 62 .

(2) الخصال ، الصدوق  285 .

 (1) العصر1-2 .

(2) البلد 17 .

(3) المائدة 2 .