المجموعة: بحوث كتب بواسطة: hussen الزيارات: 1015

واقع التعايش الديني وتداعيات الازمة _ دراسة وصفية تحليلية في مدينة الموصل

                         م. ايناس محمد عزيز                 م. هند عبدالله احمد

كلية الآداب / جامعة الموصل

 المقدمة :

تعرض المجتمع الموصلي بصورة خاصة لفتنة قامت احد ركائزها على رفض التعايش السلمي بين الأديان والطوائف وتحت مسميات عدة قائمة على أساس ديني كان من نتائجه تهجير للطوائف المشكلة لمدينة الموصل ما اثر على استقرار المجتمع وديمومته وخرقه للتلاحم الاجتماعي بين تلك المكونات الا ان هذه الظاهرة تفاقمت في مدينة الموصل عندما تم تهجير الآلف العوائل المسيحية والطوائف الدينية الأخرى بصورة جماعية من قبل الجماعات التي سيطرت على المدينة تحت اسم الدين ، مما ترك أثار اجتماعية ونفسية وعلى تركيبها الثقافي المتسم بالتنوع الديني من جهة اخرى ، كما اثر التهجير على نظرة الأديان الأخرى للدين الإسلامي والفهم الخاطئ له ، ذلك الدين السمح الذي يدعوا البشرية برسالته السماوية التي تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم وتنشر دعائم السلام على الأرض فهو دين يدعو الى التعايش بين البشر جميعا بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم الدينية ، وهي صورة للازمات التي تتعرض لها المجتمعات وتداعيتها عليها فلازمة من المفاهيم الواسعة الانتشار في المجتمع المعاصر حيث أصبح يمس بشكل او بآخر كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والفكرية بدأ من الازمات التي تواجه الفرد مروراً بالازمات التي تمر بها المجتمعات والمؤسساتِ وانطلاقاً من هذا حاولنا في هذا البحث توضيح صوراً للتداعيات الناجمة عن الأزمة التي مر بها المجتمع الموصلي فكان بحثنا هذا كالتالي : الفصل الاول تناول مشكلة البحث واهميته واهدافه ومفاهيمه ومنهجيته ، فيما جاء الفصل الثاني في المبحث الاول بمفهوم الازمة  ثم  المبحث الثاني نبذة تاريخية عن مدينة الموصل ومكوناتها الدينية التي تعايشت مع بعضها لعدة قرون ، أما المبحث الثالث فتناولنا فيه التعايش في الفكر الاسلامي ، فيما استعرضنا في المبحث الرابع الهجرة ونماذج لأنواع من التهجير القسري عبر التاريخ مفصلين  بالتهجير القسري الذي تعرضت له ابرز الطوائف الدينية سيما المسيحيين واليزيديين منهم وعرض وتحليل لأسباب التهجير والنتائج المترتبة على هذا التهجير التي اثرت على نسيج المجتمع الموصلي وصفا وتحليلا مختتمين البحث بالنتائج والتوصيات ثم المصادر .

 

الفصل الاول

المبحث الأول : الإطار العام للبحث

 تحديد مشكلة البحث:

يعد التعدد في الطوائف والأديان في المجتمع العراقي جز من رأس المال الحضاري له وإحدى عناصر قوة ونسيجه الاجتماعي والثقافي وأي خلل لهذا النسيج يؤثر تأثيرا سلبياً عليه ، وهنا تكمن مشكلة بحثنا هذا في التعرف على الآثار السلبية التي يتركها التهجير لهذه الطوائف والأقليات الدينية التي تتكون منها مدينة الموصل خلال فترة حكم داعش لها ، واخص المسيحيين منهم الذين يمثلون العمق التاريخي للمدينة باعتبارهم يشكلون الطائفة الثانية بعد المسلمين من حيث العدد في المدينة . وان هذا التهجير لم يتناول حرية وحقوق هذه الأقلية بل طالت وجودها واستمرارها على ارض كانت تعيش فيها لآلاف السنين وما تبعها من ردود أفعال مختلفة كالهجرة خارج العراق وعدم رغبتهم بالعودة رغم تحرير المدينة ، ما أدى إلى إحداث خلل في التركيب الاجتماعي والثقافي للمجتمع الموصلي بصورة خاصة فضلاً عن الآثار الإنسانية العنيفة التي رافقت التهجير والأهم من ذلك هو محاولة لتشويه الدين الإسلامي الذي يدعوا للتعايش مع الأديان الأخرى.

أهداف البحث :

يهدف البحث الحالي ما يلي :

  1. الكشف عن أهمية التعايش السلمي بين الطوائف في المجتمع .
  2. التعرف على الآثار السلبية التي يتركها التهجير للأقليات الدينية.
  3. التعرف على تداعيات العلاقة بين الطوائف بعد الاضطرابات والازمات .

أهمية البحث :

  1. توضيح حقيقة التعايش بين الطوائف والاديان وتأثير الأزمات عليها .
  2. يعزز هذا البحث لدى الفرد العراقي أهمية التنوع الثقافي والديني في المجتمع .
  3. كما تأتي أهمية البحث في الوقت الحاضر بصورة متزايدة نتيجة لظهور الأزمات السياسية والاجتماعية التي أثرت سلبا على المجتمع وتعايشه .

مفاهيم البحث :

الازمة : وهي الشدة والقحط وازم عن الشي امسك عنه ، ولا ينحصر معنى الأزمة في الشدة والجدب بل يتعدى الى المصائب والابتلاءات ، وتعرف بانها تهديد خطير يمكن أن يعصف بأهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات الافراد والمنظمات والدول سواء كان الخطر متوقعاً ام غير متوقع وانها لحظة حرجة وحاسمة تتعلق بمصير الكيان الأداري الذي اصيب بها([1]).

التعايش : عرف التعايش على انه العيش فقال وعاشوا على الألفة والمودة وجميعها تؤكد معنى التعايش وعايشه تعني عاش معه والعيش معناه الحياة والتعايش الديني أو الثقافي أو الحضاري هو ان تلتقي ارادة اهل الاديان السماوية والحضارات المختلفة في العمل من اجل ان يسود الامن والسلام في العالم([2])، يقصد به معيشة جماعات مع بعضها البعض ، وقد يتجه التعايش  نحو الإنصهار بين  الطوائف بحيث يؤثر بعضها في البعض الآخر ، ويفقد كل منهما خصائصه أو نحو الاندماج بحيث يزول بعضها ويذوب في البعض الآخر ، أو تحافظ على التفرقة العنصرية بحيث تقيم من عاداتها وقوانينها ونظمها حاجز فاصله بين بعضها البعض([3])، كما يعرف التعايش بانه التفاعل بين طرفين مختلفين في العادات أو المعتقد والدين ويكون في المجتمعات المتنوعة الديانات والثقافات التي ينتمي أفرادها إلى أصول مختلفة في الثقافة أو الدين أو العرق.

منهج البحث:

يعد هذا البحث من الدراسات الوصفية التحليلية ، وهو يهدف الى تقرير خصائص ظاهرة معينة او موقف معين تغلب عليه صفة التحديد ، اذ تعتمد على جمع الحقائق والبيانات وتحليلها وتفسيرها لاستخلاص دلالاتها وتصل عن طريق ذلك الى اصدار تعميمات بشأن الموقف او الظاهرة التي يقوم الباحث بدراستها([4])، كما تم الاستعانة بالمنهج التاريخي لإرتباط بعض الظواهر الاجتماعية بموروثاتها التاريخية بهدف تعقب الظاهرة موضوع الدراسة لظروف نشأتها الاولى وعوامل استمرارها وبقائها او زوالها كما ان التاريخ ليس مجرد تسجيل للأحداث الزمنية وحسب بل يعد عملية ربط لهذه الاحداث في وقت ومكان معينين([5])، ولقد تم استخدام هذا المنهج لمعرفة حقيقة التعايش بين الطوائف الدينية والظروف التي تجعل من هذا التنوع سبباً للهجرة من جهة ونشوء بذور الفتن التي تهدد بقائها واستمراراها معاً سواء كانت هذه المحن أزمات طبيعية أو بسبب الحروب القادمة من الخارج أو الاقتتالات الداخلية بتنوع اسبابها .

المبحث الثاني : مفهوم الأزمة

يعد مفهوم الأزمة من المفاهيم الواسعة الأنتشار حيث أصبح هذا المفهوم جزءاً من جوانب الحياة بدءاً من الازمات التي تواجه الفرد  مروراً بالازمات التي تمر بها الجماعات والحكومات والمؤسسات وانتهاءاً بالازمات الدولية وهي بذلك تصبح جزأ من واقع الحياة البشرية مما دفع المتخصصين والعلماء بالبحث عن سبل مواجهتها وطرق التعامل معها بشكل ناجح وفعال للحد منها ومن النتائج السلبية الناتجة عنها([6])، فانطلق المتخصصون اولا بوضع تعريف محددا لها فمنهم من عرفها على انها حالة غير عادية تخرج عن التحكم والسيطرة وتؤدي الى توقف حركة العمل او هبوطها الى درجة غير معتادة بحيث تهدد تحقيق الاهداف المطلوبة في الوقت المحدد ، كما عرفت على انها نقطة تحول يحدث عندها تغيير الى الافضل او الأسوأ هي لحظة حاسمة او وقت عصيب في حياة المنظمة ، كما انه حدث عصيب يهدد كيان الوجود الانساني او الجماعة البشرية ، وتتداخل الازمة كمفهوم بين عدة مفاهيم كالكارثة او الصدمة الحادث الواقعة المعضلة([7])، وتعد الازمة احد الظواهر التي تتعرض لها المجتمعات متقدمة منها ونامية ولكن نوعية هذه الازمات ومستوياتها وكيفية مواجهة القيادات الادارية لتلك الازمة لدرء او تخفيف اثارها السلبية يختلف بين هذه المجتمعات ويرى كريستوف ان الازمات غالبا ما تحصل بسبب احداث كبية مثل الكوارث الطبيعية كالأعاصير والزلازل والبراكين او نتيجة لانهيار امبراطوريات مالية او للهجمات الارهابية او للأمراض([8])، وتتميز الأزمة بعدة خصائص أهمها:

  1. المفاجأة العنيفة والمعقدة عند حدوث الأزمة لما تحمله من تهديد خطير للوضع القائم .
  2. السرعة في تتابع الأحداث ونتائجها مما يولد ضغطاً كبيراً فيما يتصل بالوقت المتاح للتعامل مع الأزمة وعواقب وخيمة تصل الى حد التدمير.
  3. أهمية إتخاذ قرار حاسم وسريع ومبدع .
  4. ألتشابك بين الأسباب والنتائج وبين مختلف قوى الازمة المؤيدة والمعارضة مما يزيد من تعقيد الموقف الأزوي .
  5. حالة من عدم التأكد نتيجة نقص المعلومات وقلة المعرفة ومن ثم ضعف القدرة على التنبؤ .
  6. سيادة حالة من التوتر والقلق والتشكك والإرباك والخوف من فقدان السيطرة .
  7. نقطة تحول مصيرية تحمل جانبي التهديد والفرصة معاً .

مما سبق نرى ان الأزمة تعبر عن مشكلة تتلاحق فيها الأحداث وتتشابك فيها الأسباب وتسود حالة من الغموض وعدم التأكد ونقص المعلومات وعدم القدرة على إحداث تصور لما يمكن عمله مستقبلاً في ظل إتجاهات مستقبلية غير معلومة ومجهولة لدى متخذ القرار ، وللأزمة أبعاد عدة كنتيجة لذلك  وهي :

  1. البعد الزمني: وهنا تلعب المفاجئة وضيق الوقت القدرة على إستيعاب الموقف والإستعداد الفوري للمواجهة.
  2. البعد المؤسسي : وهو بعد التهديد الكبير للكيان الإداري والمالي للمؤسسة حيث يصاحبها تهديد كبير للمصالح والاموال والى الإنهيار الجزئي أو التام في حالة عدم السيطرة على الأمور في اسرع وقت .
  3. البعد النفسي : وهو بعد سيادة حالة من الاضطراب وعدم الأستقرار لمدير الأزمة وحياة الأفراد وذلك نظراً لعدم توفر المعلومات والتوالي السريع لإحداث الازمة ونتيجة مجموعة من التتابعات التراكمية تغذي كل منها الآخر مما يزيد الموقف سوءاً وغموضاً و ارتباكاً سواء لمتخذ القرارات او لحياة الافراد الأمر الذي يصاحب الأزمة حالة من الاضطراب لعدم معرفة التكهنات المستقبلية وانتشار الشائعات بصورة مدوية بما يفقد الافراد القدرة على التماسك الداخلي ويحدث انخفاضاً في معنوياتهم ونفسيتهم .
  4. البعد الإداري : لان الازمة تهدد شرعية ادارة المنظمة وكيانها الاداري وجدوى وجودها أمام الآخرين.
  5. البعد الاجتماعي : تؤدي الأزمة الى بث الإضطراب في حياة الأفراد في المجتمع والاحساس بدونية قيمتهم في المجتمع وعدم إشباع حاجاتهم الضرورة في الحياة.
  6. البعد الأقتصادي : وتمس الأزمة هنا الانشطة الصناعية والزراعية والتجارية وما يترتب عليها من اضرار وخسائر في الارواح او القرارات البشرية والمادية والمعنوية الفادحة .
  7. البعد السياسي : وقد يترتب على الازمة اثارا سياسية تمس النظام السياسي أو نظام الحكم في الدولة.
  8. البعد الأخلاقي : ويكون ذلك في حالة اذا ما تعلقت الأزمة بالقيم الاخلاقية والأسس الثقافية والسلوكية التي يقوم عليها المجتمع كما في جرائم الرشوة والاختلاس والفضائح الجنسية([9]) .

وهنا لا بد من التأكيد على ان الفترة المظلمة التي سادت مدينة الموصل قد شملت جميع ابعاد الازمة التي قد تعصف مجتمعاً ما ، وما تركته تلك الأزمة من اثاراً عميقة في شخصيات أبناء هذه المدينة .

 نبذة تاريخية عن مدينة الموصل ومكوناتها الدينية :

تشير المصادر التاريخية إلى أن العرب سكنوا الجزيرة العربية قبل الميلاد بقرون ، ومن ديار الجزيرة التي سكنها العرب في ذلك الزمن (مدينة الموصل) ، فكانت الموصل من المواطن القديمة التي حل بها بها العرب مع الاشوريون واتخذ الاشوريون مدينة نينوى عاصمة لهم             (وهي آثار نيينوى الكائنة في الجانب الأيسر من مدينة الموصل حالياً)([10])، ومن القبائل التي سكنت الموصل في ذلك الحين بكر ونمر وتغلب وكانت معظمها تدين بالنصرانية ثم اسلمت بعد التحرير الإسلامي ، وبعد التحرير سكنت الموصل قبائل قريش وثقيف وبنو الحارث وبنو تميم والقبائل القحطانية التي نزحت الى العراق من اليمن محررة مع الجيش العربي الإسلامي كما سكن الموصل في شمالها الاكراد وعاشوا مع  العرب في وفاق بعد اعتناقهم الاسلام([11])، واتصفت  مدينة الموصل أيضاً بتعدد المذاهب والطوائف فيها ، لكن هذا التعدد لم يشكل خطراً على تقسيم المدينة حسب دياناتها وطوائفها إذ إمتلك الموصلين صورة واضحة عن أهمية وحدتهم بعيداً عن الاختلاف الديني أو الطائفي ، محافظين بذلك على وحدتهم وتماسكهم الإجتماعي ، أما ابرز الديانات التي تكون منها المجتمع الموصلي هي كالتالي :

1.المسلمون :

 العرب : شكل العرب المسلمون غالبية سكان الموصل من المذهبي الحنفي والشافعي فعرفوا بالتزامهم الديني وبالشعائر والطقوس الإسلامية المتمثلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فأصبحت  من المدن العراقية التي إتسمت بهذه الصفة الدينية التي انعكست ايجابياً على المجتمع الموصلي فعُرف بانه مجتمع محافظ ولعل هذا النمط من السلوك يعد علامة إيجابية في التوازن الإجتماعي الذي يشكل أساساً لقوة وتماسك أفراد المجتمع الموصلي([12])، ومن المظاهر الدينية داخل المجتمع زيارتهم إلى  المراقد والأضرحة الدينية فضلاً عن الإحتفال بالأعياد والمناسبات الدينية ، كما مثل ألمذهب الشيعي القسم الثاني من التوزيع السكاني ممن سكن الأقضية المحيطة بالمدينة ، إذ كانوا يقومون بأحياء المناسبات الدينية لإل بيت رسول الله سيما في يوم العاشر من محرم  ذكرى استشهاد سيد الشباب الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما([13])، وكان العرب المسلمين يشكلون معظم سكانها منذ عصور ما قبل الاسلام وانتشروا في اطرافها عبر الفتوحات الاسلامية واستمروا يوفدون إليها ويدعمونها بالهجرات والموجات البشرية لاسيما هجرات القوافل الراغبة بالاستيطان فيها ، وقد اتخذت هذه القبائل لنفسها ازقة وحارات سكنية خاصة داخل مدينة الموصل سميت (المحلات) ولا تزال قائمة مثل محلة المشاهدة نسبة الى المشهدانيين كما استقر الخزرجيون في محلة خزرج كما إستقر عرب الشهوان على ضفاف نهر دجلة وسميت محلتهم بالشهوان([14])، وتميز سكان كل حي بعاداتهم وتقاليدهم المتوارثة وكان هناك ضوابط اجتماعية تجمع ابناء المحلة الواحدة سواء منها الرابط القبلي أو الديني ففي الرابة القبلية تجسدت بالشكل الواضح في محلة خزرج اما الناحية الدينية تمثلتا في محلتي اليهود والنصارى الواقعة ضمن محلة الاحمدية ومحلة الميدان وحوش الخان ، فضلاً عن اقتران  بعض أسماء اعلام علماء الدين واماكن دور لعبادة مثل محلة الشيخ فتحي ، والشيخ عمر ، وامام عون الدين ، والشيخ ابو العلا فضلاً عن اقترانها بأسماء الاسواق والمحال السكنية المسماة بأسماء ابواب الموصل الرئيسية([15]).

التركمان :هم جماعة من السكان الاتراك خرجوا من بلاد تركمستان ونزح قسم منهم نحو بلاد الرافدين واستوطنوا في اطراف الموصل لاسيما في المنطقة الممتدة الى الشمال الغربي بدءاً من تلعفر وجنوب منطقة سنجار ، وهم يعتنقون الدين الاسلامي ويتوزعون وفق المذهبين السني والشيعي ، وكان تواجدهم في الاحياء السكنية القريبة من مركز المدينة إذ تمركز التركمان بصورة عامة في منطقة النبي يونس ، القاضية والرشيدية شريخان السلامية يارمجة وغيرها من المناطق([16]).

 الشبك : يرجع اصلهم إلى الاكراد فهم مجموعة سكانية مسلمة سكنت اطراف الموصل وتبنت المذهب الشيعي وكانت لهم مصاهرات مع المسلمين الآخرين من العرب والاكراد فمن القرى التي سكنوها عمر كان وبعويزة وكوكجة لي([17]).

الصارلية : والتي تعد احد الطواف الدينية والتي استوطنت الاطراف الشرقية من الموصل وكان معظم نشاطهم  الاقتصادي يقوم على الزراعة وتربية الحيوانات ، ومن اهم  القرى التي استوطنوها تل لبن وقرقشة الواقعة على ضفاف نهر الخازر ، كما يعد االباجوان من الاقليات الدينية المكونة في مدينة الموصل  ذات الاصول التركمانية لتي سكنت مناطق شرقي المدينة ومن اهم قراهم بايبوخ وعمرقابجي تليارا وخورسباد الفاضلية([18]).

الكاكائية :سميت بهذه التسمية لانها مشتقة من الكلمة الكردية ( الكاكا ) التي تعني الاخ امتدت مناطق سكناهم في شمال شرق الموصل اما فيما يتعلق بعقائدهم فأنها لاتختلف كثيرا عن بيقة الطوائف سوى كونهم يؤمنون بفكرة تناسخ الارواح ، ويمكن تقسيم المجتمع الكاكائي الى فئات اجتماعية وحسب رؤيتهم الدينية ولهم كتاب مقدس يسمى ( البيان ) وينسبونه الى الامام علي بن ابي طالب([19]).

الاكراد : استوطن الاكراد القرى الشمالية والشرقية من الموصل ، ويتميزون بحجم السكاني وقبائلهم التي تتوزع في اماكن عديدة من جبال الموصل ولهم علاقات اقتصادية واسعة فضلا عن الثقافة ، فسكنوا الموصل ومارسوا فيها التجارة وامتزجوا مع السكان العرب من عمليات التزاوج والمصاهرة([20]) .

  1. 2. اليهود :

هاجر اليهود الى مدينة الموصل منذ فترات تاريخية تعود إلى العصر العباسي واستوطنوا مدينة الموصل في حي مغلق سمي في العراق الموصلي باسم محلة اليهود كما انتشروا في بعض الأقضية التابعة لمدينة الموصل وعملوا في مجال التجارة ، وذكر الرحالة بنيامين اليهودي وصف أوضاع اليهود في الموصل بقوله ان اليهود تمتعوا بحرية تامة في زيارة اضرحة الاولياء والقديسين في الاماكن التي كانوا يدعون انها في زمن ما كانت لهم كنائس([21])، وكانت اعداد اليهود في تزايد مستمر في مدينة الموصل ، اذ بلغ عددهم في الربع الأخير من القرن التاسع عشر نحو 3273 نسمة توزعوا في الموصل وتوابعها ففي قضاء الموصل كان عددهم 910 نسمة وتعاملت السلطات العثمانية بتسامح مع اليهود اذ كان لهم تنظيمهم الديني الذي يرأسه الحاخام وهو الجهة المسؤولة عن تنظيم شؤونهم الدينية فضلاً عن ذلك فقد تمتعوا بحرية تامة في المجال الاقتصادي إذ اصبحوا من أثرياء الدولة العثمانية وتمتعوا بالحقوق التي كان يتمتع بها النصارى([22])، ويتضح مما تقدم ان وجود اليهود في مدينة الموصل لايعني انهم كانوا من سكان المدينة الاصليين ، حيث دخلوها بحثا عن الحياة الاقتصادية فضلاً عن عامل مهم تمثل بسماحة الدين الاسلامي مع الأديان السماوية الأخرى ولكن اليهود وقابلو ذلك بالغدر والخيانة اذ سرعان ما خططوا لمكائد لضرب المسلمين وخير مثال على ذلك مجازرهم بحق الفلسطينيين خير شاهد عليهم .

  1. النصارى :

تعد المسيحية الديانة السماوية الثانية في مدينة الموصل بعد الدين الاسلامي ، وشكل النصارى جزء من المجتمع الموصلي في العهد العثماني وبرزوا في معظم الانشطة العلمية والثقافية والاجتماعية مع بقيت الطوائف والاديان الأخرى المكونة لمدينة الموصل ، إذ احتوت مدينة الموصل على عدد من الكنائس مثل الطاهرة في ماراشيعا ) الواقعة في محلة رأس الكور فضلا عن كنيس (المسكنتة) الواقعة في محلة المياسة([23])، وعملت الحكومة العثمانية انذاك باصدار أوامر بترميم وإصلاح كافة الكنائس الموجودة في مدينة الموصل ، ولم يقتصر إهتمام السلطات العثمانية على ترميم وبناء الكنائس فقط ، بل شمل اصدار أوامر إلى والي الموصل محمد باشا بحل الخلافات والنزاعات القائمة بين الطوائف المسيحية ووضع حد لها([24])،  وفيما يتعلق بالتوزيع السكاني لنصارى مدينة الموصل حسب كل طائفة منهم فلا بد من الإشارة إلى وجود النصارى تاريخياً منذ القرن الاول للميلاد ، إذ توطنوا في أطراف مدينة الموصل وفي داخلها، ولذلك يشار إلى محلة في داخل المدينة تسمى (محلة النصارى) أما في اطرافها فقد توزع النصارى على قرى زراعية من اهمها قره قوش (الحمدانية) كرمليس ، برطلة وتلكيف وتلسقف باطناية القوش([25]) .

وكان للنصارى اعيادهم وزياراتهم الخاصة بهم ومناسباتهم ، وكان يوم الاحد من كل اسبوع عطلتهم الدينية يذهبون فيه الى كنائسهم لإداء مراسيمهم الدينية الخاصة بهم ، وعلاقاتهم مع المسلمين قد إتصفت بالود والتعاون والإنسجام فلم يحدث اي نزاع أو خلاف بينهم وكثيراً ما قدموا الخدمات لهم في مجال الطب والتعليم والثقافة فنال سلوكهم هذا الرضا والتقدير من المسلمين([26]).

4.اليزيديون :

 سكنت الأقلية الايزيدية في منطقة سنجار أحد الأقضية التابعة لمحافظة نينوى تمحورت الحياة الدينية والاجتماعية والديمغرافية للايزيديين حول الجبل الواقع في قضاء سنجار والمعروف بجبل سنجار حيث معابدهم الدينية وكانت لهم طقوسهم الدينية وشعائرهم الخاصة وازيائهم التي تميزهم عن بقية الطوائف الاخرى في المدينة .

المبحث الثالث : التعايش الإجتماعي في الفكر الاسلامي

تؤكد التعاليم الاسلامية على مبدأ التعايش بين االامم والمجتمعات  ويؤكد على أهمية العيش بسلام كامل ودون صراعات أو خلافات دينية أي إبراز النقاط المشتركة لكل منهم الخاصة بالقيم الإنسانية والبشرية المتمثلة بالتسامح والمحبة وضمان حقوق الآخرين وسلامتهم            الشخصية ، إذاً فمفهوم التعايش بين الأديان هو من المفترض أن يكون ذلك التعايش الكامل والحقيقي بكل أبعاده الثقافية والحضارية والإنسانية بغية الاستمرار في سلام ودون صراعات ويقوم مفهوم التعايش  على عدة مبادئ لا يمكن تجاوزها أو الاقتراب منها لأن أي نقص فيها يعني خلل في التطبيق لمفهوم التعايش بين الديانات ومنها :-

أولاً : التعايش بين الأديان هو مفهوم متكامل من شتى النواحي الخاصة بالحياة .

ثانياً: يسعى إلى تحقيق تلك الأهداف والأمور الأشد رقياً وسامية والتي يسعى إليها الإنسان دائماً.

ثالثاً : العمل على استبعاد كل كلمة قد تمس عظمة الخالق علاوة على عدم السماح بأي حال بتلقيب الله عز وجل أو السخرية منه .

رابعاً : التفاهم الراقي والتعايش الإيجابي بين جميع الاتجاهات الدينية والتي هي في الأساس يربطها أرضية مشتركة من المفاهيم .

خامساً : السعي إلى تحقيق التعاون المشترك في العمل من أجل تحقيق تلك الأهداف المنصوص عليها .

سادساً : العمل على نشر ثقافة الاحترام المتبادل للأخر والثقة فيه .

سابعاً : يشتمل التعايش بين الأديان العمل المنسق والمشترك لمحاربة الإلحاد والانحلال الثقافي و انحراف الأطفال والمشاركة في كل تلك الآفات والأمراض التي تتهدد سلامة الفرد والجماعة وتضر الجميع([27]) .

يعد التعايش من المصطلحات المهمة لتواجد الافراد داخل المجتمعات الانسانية بل هي الاسمى لتواجد بين البشر ضمن دائرة الانسانية الواحدة والقادرة على البناء الانساني المتضامن فهو بحد ذاته ثورة لتوحيد المجتمعات ثورة على الذات الرافضة للأفراد وللذات الانسانية([28]).

وجاء الاسلام ليحدد رؤية الانسان للحياة بمنظار شمولي يشمل جميع جوانب الحياة البشرية بكل ابعادها الروحية والمادية ، والنظر إلى الإنسان من خلال وجوده الاجتماعي ، ودعاه الى الانخراط في سلك الجماعة المؤمنة واحاطها بكثير من التدابير التي تضمن وحدتها وتصون تضامنها وتكاملها وهي الجوهر في المنظور الاسلامي ، وهي روح تسري في جميع مفاصل الكيان الاجتماعي الاسلامي ، ولقد سعى الإسلام الى كل ما يشيع روح المحبة والالفة بين افراد  المجتمع الاسلامي ودعا الى تجنب كل ما يدعو الى الشقاق والتفرقة([29])، وان اصل التعايش في الاسلام هو وحدة البشرية في المنشأ والمبعث والخلق والتكليف كما يعزز حقيقة التعايش الانساني الذي تميز به الاسلام في قيمه ومبادئه كما في قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(([30])، ان هذه الحقائق الالهية تؤكد على وحدة المجتمع الانساني في اصولهم وفي خلقهم([31])، فالاسلام منذ بزوغه وحتى اكتمال نوره جاء لينشر الامن والسلام في ربوع الارض اصلاحا لها وتجنبا للفساد فهو دين تعايش للناس ومنبع للانسانية فهو حريص اشد الحرص على السلم والتسامح بين المسلمين انفسهم ومع غيرهم كما في قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ * إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ(([32])، فالأصل في العلاقات الاجتماعية في الإسلام هي السلم والتعايش وهي ليست مقصورة على المسلمين فقط بل ارادة الله تشمل جميع المخلوقات البشرية والتعايش في فطرة الدين الاسلامي([33])، وأعتبر الاسلام الرحمة والتسامح من مكارم الاخلاق سواء مع المسلمين أو غير المسلمين ، فالإسلام متسامح حتى مع اعدائه الى حد العفو عن اسراهم والطف بهم والاحسان اليهم ، وان اساس النظرة المتسامحة التي تسود المسلمين في معاملة مخالفيهم في الدين ترجع الى الافكار والحقائق التي غرسها الاسلام في عقول المسلمين وقلوبهم ومن اهم الأسس الفكرية للتسامح هي اعتقاد كل مسلم لكرامة الانسان اي كان دينه او جنسه او لونه([34]) ، ومن الامثلة هو ما رواه البخاري عن جابر بن عبدالله ان الجنازة مرت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فقام لها واقفا فقيل له يا رسول الله انها جنازة يهودي فقال ( أليست نفساً ؟) اما الاساس الاخر هو اعتقاد المسلم ان اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى الذي منح هذا النوع من خلقه الحرية والاختيار ، وان المسلم غير مكلف بمحاسبة الكافرين على كفرهم او يعاقب الضالين على اختيارهم انما حسابهم عند الله تعالى يوم الحساب ، فهذا التكريم الالهي والعدالة ودعوة الاسلام الى مكارم الاخلاق حتى مع الكافرين تعمل على خلق التعايش في المجتمع([35])، والاسلام في اساسه يدين التعصب بكل انواعه سواء كان جنسيا او دينيا فهو يدعو الى التعارف والتجمع وتبادل المنافع والمصالح والتعايش في اخذ وعطاء وفي تأثر وتأثير بعيدا عن اي عصبية عنصرية او اقلية او نعرة ثقافية ولا فرض على شخص او اخر الا بالتقوى([36])، مما تقدم نلاحظ ان الاسلام لا يعتبر الاختلاف والتنوع عقبة اما التعايش والتفاعل بين الاقوام والاجناس ، وانما كان مصدرا لثرائها وقوتها في شتى الميادين فكان بحق تعددا وتنوعا في اطار الوحدة والتضامن اللذان ميزا المجتمع العربي الاسلامي على مر العصور، فالإسلام هو طريق السلام وهدفه ، اذ لا يجوز بحال من الاحوال نشره او الدعوة اليه بالقهر والاجبار على الدخول اليه ، وانما يكون ذلك بالقدوة والطيبة والدعوة بالحسنى ، كما في قوله تعالى: )ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ * وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ * وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(([37])، وبهذا يكون الهدف من التعايش هو تحقيق السلام والعدل والتوصل الى تفاهم خالص بين الاديان وهو يطلب من المنتمين اليه موقفا انسانيا يتيح لهم اختراق جدار التعصب والاحكام المسبقة والافكار المغلوطة والنزاعات الداعية الى العنف فهو لا يظلم احد ولا يلحق الابرياء ظلما وعدوانا ولو كان ذلك باسم الدين([38])، ومن مستويات التعايش التي حددها الاسلام التعايش المفروض منه( قائم بالفعل ) الذي يطلق عليه بالتعايش المطلق اذ يحدد هذا النوع من التعايش بعيدا عن الزمان والمكان ومستوى الوعي فمنذ النشأة البشرية والى وقتنا الحاضر لم يحدث انقطاع للوجود البشري([39])، مما يعني ان التعايش فرض وجوده في جميع الحالات والتفسير لاستمراريته ويتمثل في مبدئين هو وجود حد أدنى من حب الاجتماع ووجود حد أعلى من نزعته إلى الخير التي تحمل الافراد فطرياً على التعايش فيما بينهم ، أما التعايش النسبي الذي يعد النوع الآخر من مستويات التعايش التي حددها الاسلام والذي يقصد به ان مستويات من حيث حجمه أو نوعه أو مقداره يتحدد وفقاً لمبدئين يتمثل بالاستعداد الذي يبذله البشر بالتنازل عن الذات ويتحدد حجم التعايش ، كذلك الأفراد والجماعات ما داموا يملكون معرفة او ثقافة فكرية نحو مفهوم الخير والشر حينئذ يتوقف مستويات التعايش فيما بينهم ويعتمد على استعدادهم لتقبل هذا الخيار وهذا ما يفسر لنا مدى التفاوت مستويات التعايش التي شهدتها المجتمعات قديما وحديثا ، كما يحدد حجم التعايش وفقا لما يملكه الافراد والجماعات من قيم اجتماعية ذات طابع ايجابي أو سلبي ، وهناك نوع آخر من مستويات التعايش وهو الاسلامي الذي يعنى به إن الافراد والجماعات حينما يتعاملون من خلال التنشئة العبادية متمثلة في مبادئ الاسلام التي رسمت مختلف خطوط التعايش([40])، حينئذ فإن التوازن هو هدف كل المجتمعات ويتحقق حجمه من خلال استعداد المسلمين للإلتزام بمبادئ الدين أي بقدر ما يرسمونه من الطاعة أو المعصية ، وإن هذه المستويات تحدد بوضوح طبيعة التعايش المتحقق في جميع المجتمعات القديمة والحديثة .

مرتكزات التعايش في الاسلام :

إن المجتمع الاسلامي مجتمع يقوم على عقيدة الاسلام وفكرة المواطنة ومنها تنبثق نظمه واحكامه وآدابه واخلاقه لكن ليس معنى هذا ان يحكم بالفناء على جميع العناصر التي تدين بدين آخر غير الاسلام بل يعده مجتمع الدعوة إلى دين الله والشهادة بخير هذا الدين وبان الامة الاسلامية خير أمة اخرجت للناس يحتاج إلى الاحتكاك مع اتباع الديانات الاخرى على نحو يجذبهم الى الدين دون اكراه([41]) .

وما عزز هذه الظاهرة ان الدين الاسلامي أوجب على الناس الإيمان بجميع الرسل وعدم التفرقة فيما بينهم كما في قوله تعالى: )آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير(([42])، كما بين ان التفرقة بينهم في الإيمان هي الكفر حق الكفر وأن الايمان بالجميع بغير تفرقة هو الإيمان حق الإيمان فأن هذا يؤكد على عالمية الرسالة الاسلامية ويثبت انسانية هذا الدين ، وقد ورد في القران الكريم عدد من الآيات التي تؤيد حرية العقيدة ومنها قوله تعالى: )لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ * قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ * فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا * وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(([43])، وقوله تعالى: )هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ * وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(([44])، وقوله تعالى: )وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً * وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ(([45]) .

من استقراء الآيات نجد ان  الله تعالى رغم وضعه لأحكام الشريعة العامة للبشرية إلا أنه أحكمها بضوابط ، فالبشرية منها كافر ومنها مؤمن وإنهم يعيشون على رقعة أرض واحدة لابد أن تحكم بنظام يضمن لهم التعايش وهذا ما جعل السلم في أصله علاقات تعاون ومودة بين الناس([46])، وفي حالة الحرب يكون المجتمع في حالة طارئة إذ يجرم الإسلام الاعتداء على المسلمين فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ  وَلَا يَحْقِرُهُ  التَّقْوَى هَاهُنَا" وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ  كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ" ([47]) ، وحرم الاعتداء على الدين والنفس والعرض والاموال حتى يعيش الفرد في امان ولم يكن هذا قاصراً على المسلمين بل على كل من يعيش بين ظهرانيهم من المعاهدين والمؤمنين وأوجب الاسلام حماية المعاهد (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏: ‏أَلَا ‏مَنْ ظَلَمَ ‏ ‏مُعَاهِدًا ‏أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا ‏حَجِيجُهُ ‏‏يَوْمَ الْقِيَامَةِ)([48]).

ومفهوم التعايش مرادف لمفهوم المواطنة وان كان مصطلحا حديثا يأخذ بعدا سياسيا فهو يقوم على اساسين يتمثل الاساس الاول الحرية وعدم الاستبداد وشيوع مبدأ التعايش والثاني توفر المساوة بين المواطنين في الحقوق ولواجبات بغض النظر عن الدين او المذهب او العرق ، لذا حققت المواطنة في الاسلام توازنا في المجتمع على الرغم من التنوع العرقي والديني والثقافي كما لا تتعارض المواطنة في الاسلام مع الولاء للامة في الاسلام لان المواطنة مفهوم انساني لا عنصري في المنظور الاسلامي وهو يشمل المسلمين وغير المسلمين فالمواطنة في الاسلام تستوعب الجميع دون اهدار حقوق الاقليات ([49]).

فمن نماذج التعايش التي أقرها القران الكريم والسنة النبوية الشريفة هو ألتعايش بين المسلمين أنفسهم والتعايش مع الاقليات الدينية في المجتمع الاسلامي ، إذ منع الدال في الأمور الدينية بين الاديان تجنبا لايقاد نار العصبية والبغاء في القلوب ورعاية شعورهم وعدم ايذائهم بالقول او الفعل([50])، أو سب معتقداتهم أو الاستهزاء بما يدينون به وعدم التضييق عليهم عند ممارسة طقوسهم الدينية واكد عفة اللسان واجبة على المسلمين حتى مع المشركين من عبدة الاوثان ، فقد اوضح الله سبحانه وتعالى في قوله ):وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ *كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(([51])، فآداب الحوار مطلوبة في كل الامور التي يمكن أن يدور فيها النقاش لاسيما الأمور العقيدية ، كما حذر الفقهاء المسلمين وعلمائهم تحذيرا شديدا من ايذاء غير المسلمين في المجتمع الاسلامي لإن في ايذائهم خروج من عقد الذمة والعهد الذي أعطاه المسلم لهم هذا فيما يخص اهل الكتاب ، أما ألاديان الأخرى فقد حث الإسلام على عدم إيذائهم سواء الايذاء الجسدي والمادي بل يشمل أيضاً الايذاء المعنوي الذي فيه مساس بالمشاعر والكرامة الانسانية([52]) .

لذا حدد الاسلام التزامات المسلمين تجاه الاديان والاقليات الدينية الاخرى كما يهتم من الاعتداء الداخلي والخارجي واباحة اكل طعام اهل الكتاب واباحة زواج المسلم من المحصنات من نساء اهل الكتاب والحقوق المعيشية في السكنى والتنقل والكسب وعيادة مريضهم وحسن جوارهم والصدقة والوقف على فقرائهم والوصية لهم والعدل في معاملتهم ورفع الظلم عنهم والوفاء بالعهود والمواثيق معهم ، فضلا عن حماية اموالهم ومنحهم حرية التدين والاعتقاد بمعتقداتهم([53])، وانطلاقاً من هذه الحقائق التي يمكن فيها جوهر العقيدة الاسلامية تسنى للمسلمين ان يحققوا التعايش مع انفسهم ومع مخالفيهم في الدين يشاركونهم المواطنة كذلك التعايش مع الشعوب الاخرى .

المبحث الرابع : الهجرة

لم يعرف الجنس البشري على مر التاريخ الإستقرار في مكان واحد فأنتقل من بيئة إلى اخرى ولجأ في كل مرة الى الانسجام احيانا مع متطلبات البيئة أو تغييرها وتبديلها حتى تلائم حاجاته ومتطلباته ، واستقرار الانسان وكثاقته  تفاوتت بين بقعة جغرافية واخرى تبعا للرزق المتوفر فيها والخير من مأكل ومشرب وكان ينتقل من مكان الى اخر كلما تغيرت الظروف الطبيعية المحيطة به ، لذا كان توزيع السكان توزيعا غير منتظم ، وجاء انتقال السكان على نوعين :

  1. التنقل داخل حدود الدولة ويطلق عليها هجرة داخلية وتعد إنتقال السكان من الريف إلى المدينة وهذا النوع من الهجرة عادتاً ما يصاحبه مشكلات كثير كمشكلة السكن والصحة العامة والمواصلات.
  2. التنقل من دولة إلى اخرى وتعرف بالهجرة الخارجية وهي على ثلاثة أنواع:

أ. فصلية وتحدث في فصل من فصول السنة كهجرة الفلاح وعودته إلى القرية لحصد النبات أو زراعته ثم المغادرة مرة ثانية .

 ب. وقتية وينتقل هنا الفرد إلى الخارج  بحثا عن الثروة لمدة تطول أو تقصر بغية العودة الى بلاده ثانية .

ج. دائمة وفيها يقصد المهاجر ترك وطنه الأصلي نهائياً والإستقرار في الدولة المهاجر إليها([54]) .

  1. الهجرة القسرية وهي الهجرة التي يجبر عليها الافراد قسراً ، يهاجر عدد كبير من النازحين (هجرة اجبارية) قسراً فهم من الشعوب التي أجبرت على الهروب من اوطانها للبحث عن ملجا في مكان آخر قد يشمل اسباب الهروب العنف السياسي أو العرقي أو الاضطهاد او بسبب الكوارث الطبيعية([55]) .

والهجرة السكانية هي انتقال أو ترحال الناس من بلدانهم أو وطنهم الى بلد اخر أو من منطقة إلى منطقة اخرى داخل بلدهم وتحدث الهجرة عادة بسبب كوارث طبيعية او حروب او تهجير من قوة غازية أو طلباً للعمل والتمتع بمستوى معاشي افضل ، وتكون الهجرة السكانية داخلية او خارجية واما اختيارية او الزامية وقد تكون ذات امد قصير او امد بعيد ، فالهجرة إذن مصطلح يشير إلى الحركة المكانية للإنسان تصل إلى عبور الحدود السياسية والاقليمية وما يترتب عليه من إستبعاد من مجتمع قانوني والإنضمام الى آخر، وللهجرة انواع وانماط  تبعا للدافع منها الهجرة الاختيارية والهجرة الالزامية والهجرة الداخلية والهجرة الخارجية والهجرة الموسمية والدائمية والهجرة على شكل افراد او جماعات([56])، وللهجرة أسباب عدة .

منها لغرض البحث عن عمل افضل من العمل السابق فالفوارق الاقتصادية بين الدول يجعل منها سببا كافيا لتدفق المهاجرين مما يضمن لهؤلاء المهاجرين تحسين الدخل وقد دلت الابحاث ان قرار الهجرة لا يكون قرار فردي بل يكون من قبل العائلة اذ تقرر ارسال فرد او اكثر لخلق فرص افض للمعيشة([57])، أو اللجوء السياسي او الانساني عند المعاناة من اضطهاد فكري او ديني او اجتماعي فهم يغادرون بلادهم بسبب الاضطهاد وانتهاكات حقوق الانسان والعنف العام ، وهنا ينشأ دافعان للهجرة الاول الهروب من العنف والصراع والثاني الامل في بناء حياة جديدة افضل في بلد اخر([58])، أو للهروب من الكوارث الطبيعية مثل الامراض والمجاعات والزلازل والبراكين([59]) .

الهجرة القسرية :

تعد الهجرة القسرية شكلاً رئيسياً لحركة السكان وسببها العنف والحروب الطويلة والمتكررة الداخلية والخارجية والصراعات والإبادات الجماعية، حيث يضطر الناس إلى الهروب من هذه النزاعات ما يمثل احد الازمات والكوارثات التي لها تداعيات إجتماعية وإقتصادية ونفسية وسياسية داخل المجتمع وحتى بيئته المحيطة به ، والهجرة كاردة فعل أو انعكاس للازمة لم تكن جديدة أو حديثة العهد للبشرية بل استمر هروب الناس بشكل قسري على مر التاريخ ، فظاهرة الهجرات القسرية عرفها الانسان منذ عصور مضت بأسباب مختلفة وبمناطق جغرافية مختلفة ولا زالت البشرية تعاني الى الوقت الحاضر من هذا النوع من الهجرات ، فكان العنف المهدد للحياة والحريات سواء لأسباب سياسية أو عرقية أو عنصرية أو دينية إلى التشريد القسري او الترحيل سواء لأفراد وفي كثير من الاحيان شمل جماعات سكانية بأكملها([60]) ،  وقد يعرف القانون الدولي الاشخاص الذين يهاجرون مكرهون على الفرار من اوطانهم الذين يتركون منازلهم هربا من الاضطهاد او الصراع كما انه ممارسة مرتبطة بالتطهير تقوم به الحكومات أو المجموعات المتعصبة تجاه مجموعة عرقية او دينية معينة واحيانا ضد مجموعات عديدة بهدف اخلاء اراض معينة لنخبة بديلة او فئة معينة ،كما انه نقل الافراد والاسر واحياناً المجتمعات المحلية بشكل دائم أو مؤقت وضد مشيئتهم من البيوت او الاراضي التي يشغلونها دون توفير الحماية القانونية ([61]) .

كما نصت ﻣـﻮاد اﻹﻋـﻼن اﻟﻌـﺎﻟﻤﻲ ﻟﺤﻘـﻮق اﻹﻧﺴـﺎن، ﻧﺼـﺖ اﻟﻤـﺎدة  (3) على ان لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه كما نصت المادة (13) على ان لكل فرد حرية التنقل واختيار محل اقامته داخل حدود كل دولة ، ويحق لكل فرد ان يغادر اية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة اليه([62]) .

من جانب آخر يواجه المهاجرون قسراً صعوبات كثيرة في البلد المستقبل منها صعوبة الإندماج في المجتمعات الجديدة وضعف مستوى التأهيل مقارنة بالمستوى السائد في المجتمع المستقبل ويزيد من تعقيد الامور المبطن ضد المهاجرين وابنائهم بسبب  ازدياد حدة البطالة في هذه الدول وصعوبة الحصول على فرص عمل لبعض المواطنين فينظر إلى المهاجرين وابنائهم كعنصر منافسة في سوق العمل مما يولد حساسيات وشيوع احكام مسبقة تقف حائلا امام اندماج العدد الاكبر من المهاجرين في مجتمعهم الجديد([63]) ، فحين يصل المهاجر اللاجئ الى مكان يسعى الى الاستقرار فيه مؤقتا او دائما يبدأ بمحاولة التكيف وتعلم اللغة وعادات تنتمي الى المحيط يراقب الناس بدقة للتغلب على مصاعب الحياة([64]) ، وعادتاً ما تكون هذه المصاعب بالنسبة للاجئ أو المهاجر سبيلا وحيدا للخلاص من دوافع هجرته ، ونظراً لارتباط بحثنا هذا بالتعايش الديني والهجرات سيما القسرية منها كأحد تداعيات الازمة  كان لابد لنا من استعراض نماذج عرفتها الذاكرة البشرية لموجات هجرة اجبارية وقسرية مستعرضين اسبابها ونتائجها بأزمنة واماكن مختلفة عبر التاريخ.

نماذج من الهجرة البشرية عبر التاريخ :

في الحضارات القديمة:

مرت البشرية بفترات تعرضت لها جماعات بشرية لصوراً مختلفة من الهجرات ان كانت بحثا عن ارض خصبة أو ماء حيث يؤكد علماء الأيكولوجية والأنثروبولوجيا وغيرها، إن الهجرات الأولى للإنسان بدأت من إفريقيا وعلى شكل دفعات وبأوقات متباعدة الا ان اهم هذه الهجرات كانت هجرتين كبيرتين مختلفتين الاولى خرج الإنسان فيها من موطنه الأصلي في إفريقيا، باتجاه الشمال إلى الجزيرة العربية ومنها إلى أوراسيا وذلك بسبب التطورات الجيولوجية الكبيرة في ذلك الحين ، والهجرة الثانية كانت بسبب التغييرات المناخية التي حصلت آنذاك، حين دخلت الأرض فجأة في فترة جليدية أخيرة جلبت معها ظروفاً قاسية جداً وتشير الأدلة الوراثية إلى انخفاض حاد في عدد السكان آنذاك والهجرة إلى أمكنة أخرى كانت طوق النجاة لهم ، وبعد انتهاء العصر الجليدي الأخير، ودخول الكرة الأرضية في عصر المناخ الدافئ والمعتدل، ازدهرت الزراعة. وأدت الثورة الزراعية إلى ازدياد كبير في عدد السكَّان، وإلى نشوء الحضارات .

أما الهجرة القسرية وهو النوع المتعلق ببحثنا هذا تاريخيا يشكل تهجير اليهود في العصرين البابلي والاشوري أقدم مظاهر للتهجير القسري في التاريخ الانساني، ولذلك شكل الشتات جوهرا للشخصية اليهودية على مر العصور ، كان الاول عندما نقل الاشوريون اليهود من فلسطين الى بلاد اشور في ثلاث حملات متتالية على إسرائيل ، وبعد سقوط الدولة الآشورية، ومجيء الدولة البابلية، حدث السبي البابلي المشهور لليهود على يد الملك نبوخذ نصر الثاني، وهو أشهر ملوك هذه الدولة وكان على حملتين الاولى 597 والثانية في 586 وفيها  سبى "نبوخذ نصر" كل يهود أورشليم وكل الرؤساء وجميع جبابرة البأس وعشرة آلاف صبي وجميع الصناع ، لم يُبقِ أحداً ، وقدرت اعداد الأسرى الذين سيقوا إلى بابل ليلتحقوا باليهود من السبي الأول بحوالي 50.000 نسمة([65]) .

هجرة الرسل والانبياء:

        عرف الرسل والانبياء الهجرة نتيجة للرفض والتعذيب والمكائد التي تعرضوا لها من الاقوام التي ارسلو اليها وبأمر من الله غادروها ومنهم نوح عليه السلام وابراهيم  وموسى عليهم السلام  ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأعلاء كلمة التوحيد ولتبليغ رسالة ربهم ، فهاجر نوح عليه السلام قومه تاركاً زوجته وابنه وقومه خلفه بسفينته ، فيما هاجر ابراهيم عليه السلام من العراق الى فلسطين([66]) ، و مصر لنشر دعوته في عبادة الله وترك عبادة الأوثان ثم هاجر بزوجته وابنه اسماعيل بأمر من الله إلى واد غير ذي زرع فاستجاب الله لدعاء إبراهيم وبارك في الكعبة وجعلها قبلة للمسلمين  ، وكذا موسى عليه السلام عندما ترك ارض مصر لسنوات عائدا اليها رسولا من الله ثم تركها واتباعه مرة ثانية  ، فالهجرة من سنن الأنبياء ، وقد هاجر الأنبياء قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، لتتمكن من نشر الدعوة، وتبليغها كما أمر الله عز وجل، ويظهر ذلك عندما أخبر ورقة بن نوفل سيدنا مُحمّد بأنَّ كل ما جاء بمثل رسالته يُعادى ويخرج من بلده ، فكما تعرض الرسل والانبياء الى تمسك اقوامهم بعبادة الاوثان ورفض اتباعهم فقد سار كفار قريش على ذات النهج  وعمدوا  لإيذاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لإقناعه وإجباره بالعدول عن دعوته ، ثم أخذوا بتعذيب ومضايقة اتباعه والاستهزاء وقتل كل من آمن به وتعذيبه فكانت الهجرة الى الحبشة والى المدينة المنورة سبيلا للمسلمين بعد دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لاتباعه بالهجرة اليها([67]) .

تهجير اليهود :

 فبدأت السلطات الألمانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بحملتها للقضاء على اليهود حيث سجن عشرات الآلاف من اليهود في معسكرات الاعتقال، والتي وُصفت بمعسكرات الموت، وفٌرضت عليهم الغرامات، وصودرت أموالهم وممتلكاتهم وتم تدمير أغلبها وبدأ اليهود في الهجرة من ألمانيا بأعداد كبيرة، وقام النازيون بترحيل اليهود في المناطق الخاضعة للسيطرة الألمانية ، وتم إخلاء مناطق كاملة من اليهود ورُفعت شعارات "خالي من اليهود ، وفي عام 1941 تم قتل أعداد كبيرة من اليهود، وبدأت عمليات إعدام جماعية في معسكرات الإبادة في بولندا التي كان فيها 6 معسكرات إبادة أو موت، فبعد الوصول للمعسكر لم يكن يتوقع أن يعيش المعتقل فيه لمدة أكثر من 24 ساعة.

هجرة الفلسطينييين:

        ويعرف التهجير بأنه ممارسة مرتبطة نوعا ما بالتطهير، المتعصب تجاه مجموعة عرقية أو دينية او ضد مجموعات عديدة بهدف اخلاء أراضي الدولة لنخبة من المواطنين أو فئة معينة ، وهذا ما تعرضت له الاراضي الفلسطينية حيث تم تهجير خلال نكبة 1948 ما يزيد على 700،000 فلسطيني على يد القوات الصهيونية لغرض إقامة دولة إسرائيلية على وتشير التقديرات بأن إسرائيل هجرت %66 من العدد الكلي لسكان فلسطين قسرًا كجزء من خطتها المدروسة وطويلة الأجل لخلق أغلبية يهودية والحفاظ عليها فوصل عدد اليهود بين عامي 1948 و1966 الى مليون ومائتي الف يهودي وثلاث مئة الف فلسطيني في اسرائيل)[68]) .

احداث البوسنة والهرسك:

 وتمثل احداث البوسنة والهرسك من جهة و الصرب والكروات  من جهة ثانية صورة للتهجير القسري لمسلمي البوسنة والهرسك حيث تعرضو فيه المسلمين بعد الحرب العالمية الثانية الى القتل والابادة والاغتصاب فاستشهد فيها 300 الف مسلم واغتصبت فيه 60 الف امرأة  وطفلة وهجر مليون ونصف مسلم([69]).

تهجير الارمن :

        في خضم الحرب العالمية الاولى  قررت السلطات العثمانية عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب ،  ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية بعد ان قام أحد الأشخاص المنتمين إلى الحزب الثوري الارمني بمحاولة اغتيال السلطان عام 1905 تظاهر السلطان بالعفو عنه ، لكن بالمقابل على تعرض الارمن الى مجازر راح ضحيتها حوالي 30،000 أرمني اضافة الى تهجيرهم ونزع الآلاف من العوائل من مناطقهم ومنازلهم وبيوتهم و ممتلكاتهم ومات حوالي 75% من المهجرين ليستقروا في دول اخرى كالعراق وسوريا ولبنان ، ويقدّر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن بين مليون و  مليون ونصف كان المتهم بهذه المجازر السلطان عبد الحميد الثاني ، مبررين ذلك بمشاركة عصابات من الارمن روسيا لفصل الجزء الشرقي من الاناضول عن الدولة العثمانية([70]) .

هجرة المسيحيين :

 لم تكن مسألة الاقليات في أي حقبة من حقب التاريخ العربي الاسلامي بالحدة والخطورة التي تطرح اليوم ، فلم يحدث أي تغيير ايديولوجي هام في الحقبة الاخيرة يدفع الاسلام الذي عرف بروحه السمحة والمتسامحة الى التعصب ، او يفسر لماذا تبحث الاديان الاخرى التي عرفت منذ الفتح الاسلامي كيف تتأقلم وتتعايش مع الدين الاسلامي والتمايز والتماسك بسبب تواجدها الكثيف التاريخي في المنطقة ، الا ان هذا الاعتراف المتبادل بالتمايز الثقافي والديني الذي يجسده تمسك كل طائفة في شؤونها المختلفة بتقاليدها واعرافها الدينية انتقل الى مرحلة الانكار المتبادل لهذا التمايز ، وان مسألة الاقليات لم تعد مشكلة اقليات دينية  او مشكلة اقليات تتمتع بلغة وتاريخ وثقافة خاصة بها كالمشكلة التي حدثت في جنوب السودان بل انتقلت الى نكران وعدم الاعتراف بالآخر فكانت بداية للحروب الاهلية ([71]).

الفصل الثاني : عرض وتحليل لتداعيات الازمة :

تعد محافظة نينوى واحدة من المدن التي عرفت بنسيجها الاجتماعي المتنوع الديني والقومي من عرب واكراد وتركمان وشبك ويزيدية ومن التنوع الديني مسلمين ومسيحيين وايزيديين ، ويشكل المسيحيين الديانة الثانية فيها بعد الاسلام لكونها تمثل عمق تاريخي وحضاري لهذه الاقلية ففيها تراثها وارشيفها وكنائسها التي تعود لقرون سابقة فنينوى هي مستقر واستيطان غالبية المسيحيين حتى إنهم قد شكلوا الحزام الخارجي لمدينة الموصل بنواحيه وقراه المختلفة الذي يقطن اغلبه المسيحيين فسهل نينوى يمتد لمسافات طويلة لاسيما الجهة الشرقية وعلى هذا الاساس الا ان هذا العمق الديني والاجتماعي والاستقرار الذي تمتعوا به لعدة قرون حدث فيه منعرج خطير بعد2003 تمثل بعمليات التهجير من مدينة الموصل والذي أخذ مسارات متوترة بين القتل والتهجير وافراغ لهذه المدينة من ساكنيها الأصليين سواءا بالقتل أو الخطف أو تفجيرا للكنائس ، ولم تخلو انباء واحداث المدينة من تفجير لكنيسة او قتل لمسيحي ولكن هذا المسار المتقطع للاستهداف تحول الى نكسة اعادت الى اذهاننا نكسة الفلسطينيين ففي عام 2014 حيث سيطرت عصابات مسلحة على مدينة الموصل(الدواعش) في حزيران المشؤوم لم تمر فيه الا ايام قليلة الا وكان هناك بيان تكفيري من قبلهم قائم على أساس إغتصاب الكنائس والاستيلاء على الممتلكات والاموال فمهلة ال48 ساعة التي منحت للمسيحيين لمغادرة المدينة مجبرين على ترك جميع ممتلكاتهم الا باليسير الذي تمكنوا من حمله معهم من اموال ومصوغات والتي مثلت مخاطرة يدفع من يجدونه حاملها حياته وعائلته تمنا لها حيث لم يسمح لهم بحمل أي شيء من متعلقاتهم ومصادرتها من قبل الدواعش ونزعها تحت التهديد ، فضلاً عن مصادرة ممتلكاتهم واثاثهم وكل ما تعود ملكيته لمسيحي بعد ان تم جرد واحصاء عائدية ملكية المنازل والاراضي والسيارات من الدوائر الحكومية (دائرة العقارات ، دوائر المرور) ، فضلاً عن مصادرة اثاث المنازل وبيعها او شحنها الى خارج الموصل ، وبذلك استبيحت برطلة والحمدانية وقراقوش بما فيها من بيوت واموال من الدواعش بعملية مبرمجة فبيعت ممتلكاتهم بأرتال من السيارات المحملة بأمتعة شوهدت وبصورة مستمرة وهي متجهة الى الرقة السورية ، ولم يكن هذا المقدار الوحيد الذي اكتفي فيه انما بدأت عملية تفجير لبعض الكنائس سيما التي تحمل ارثا تاريخيا طويلا مع بعض عمليات الاحراق للكنائس والمكتبات الدينية المسيحية فكانت عملية المحو التي قام بها الدواعش لأرث هذه الاقلية في مدينة الموصل أن حولها الى مدينة اشباح قانونها قانون الغاب .

من جهة أخرى فقد أصبحت بيوت المسيحيين سيما داخل المدينة مقرات أو سجون أو بيوت سكنية للمهاجرين من الاجانب أو الانصار المحليين (حسب المسميات الداعشية) ومنها منطقة الساعة والشعارين جمعت فيها اغلب المقرات الرئيسية للحسبة ودواوينها والتي تعود ملكية اغلبها  للمسيحيين ،  فكنيسة الساعة تحولت في بداية الامر إلى سجن ثم بعد ذلك اصبحت ثكنة لإسكان عوائل الدواعش المهاجرين من الروس وغيرهم وكنيسة اخرى خصصت كمخزن للأسلحة وتعرضت بعضها الى القصف من قبل قوات التحالف والجيش العراقي بعد التأكد من وجود دواعش فيها ، او إنها مخزن للأسلحة فكانت الإنفجارات المصاحبة للقصف تثبت إحتوائها على كدس من الاسلحة ، ولم تقتصر على ذلك بل أٌحرقت بعض البيوت ودمرت المحلات بعد سرقتها كما استعانوا بعلامة محددة من قبل ديوان العقارات هي (ن) كدلالة تمييزية على انها ممتلكات للمسيحيين قد تم مصادرتها ، وبهذا الاعمال خالف الدواعش تعاليم الاسلام والدين الحنيف الذي امرنا بان نعامل اهل الذمة بالموعظة الحسنة  وان انفسهم واموالهم واعراضهم في امان في بلاد المسلمين  والتي كانت بعيدة عن تعاليم الدواعش الذين لم يمثلوا فيه الا انفسهم ، ولم تكن معاناة المهجرين مقتصرة على ما قام به الدواعش انما عانو في مناطق الهجرة من سوء اوضاع عدة كعدم وجود المأوى او المأكل سيما في بداية الهجرة أضافة الى حرارة الشمس المرتفعة ونقص الادوية والمستلزمات الضرورية للحياة كانت عنوان واضح لمعاناتهم ومعاناة الاقليات الاخرى ، فالعالم كله الا ما رحم ربي كان يتفرج ويشاهد مأساة الاقليات المهاجرة من مدينة الموصل حتى عدت هذه الهجرة بمثابة الصورة الثانية والكبيرة للهجرة الفلسطينية قبل اكثر من نصف قرن .

تهجير الأيزديين :

 إرتبطت الاقلية الايزيدية بمدينة الموصل بمنطقة سنجار وجبلها الشامخ فالحياة الدينية والاجتماعية والديمغرافية للايزيديين تمحورت حول هذا الجبل ومدينته ، وفي ليلة وضحاها اصبحت حديثا للناس ووسائل الاعلام المحلية والعالمية فصور الايزيديين وهم يتسلقون في اب 2014 جبل سنجار حاملين اطفالهم وهم يبكون وصراخ النساء وبكائهم على ما فقدن من ازواج وابناء وبنات ، فبعد ان  كانت سنجار بمثابة خط تماس لتوجد قوات البيشمركة التي اخذت على عاتقها حماية المنطقة وحدودها مع الدواعش  تفاجئ الايزيديين بانسحاب البيشمركة بدون انذار ليجدوا انفسهم وحيدون بمواجهة الدواعش الذين سيطروا على هذه المدينة ليسجلوا تاريخ جديد من العنف بدأ فيه الدواعش بفرز النساء عن الرجال ليخيروه بين القتل او الدخول في دينهم فكان النصيب الاكبر للرجال القتل ووجدت مقابر جماعية بمناطق متفرقة في سنجار تحمل بصمات ذلك الوقت ، اما فيما ينعلق بالنساء فلم تعصمهم مروءة الرجال من التعرض لهم فقاموا بسبيهم ابتداءا من عمر (9) سنوات متفاخرين بتطبيق شريعتهم بالسبي والبيع في الاسواق والبطش بهم جسدياً ونفسياً فكن بذلك سوقا للمتاع ولخدمة عوائل الدواعش وقيادتهم التي استحوذت على العدد الاكبر من النساء الصغيرات في السن من الجميلات ، فمعسكرات الحجز الكبيرة في مدينة تلعفر وبعض المناطق غربي الموصل فضلا عن الانبار وتكريت والرقة وضعت بها النساء في اقفاص ضيقة وهن مكبلات بالقيود لبيعهن وشرائهن من قبل الدواعش حصرا فسوق النخاسة كان مقتصرا عليهم ممارسين ضدهم الزنى الجماعي وكل انواع المحارم التي سجلتها النساء الايزيديات اللاتي استطعن الهروب منهم ، فكانت مأساتهم متعددة بين امتهان الجسد والنفس والخدمة والقتل ، فضلاً عن موتهم ما بين نيران التحرير والحجز الداعشي ، ففقد بذلك عدد كثير من النساء الايزيديات ولا يعلم ذويهم مصيرهن الى الان ، هذه الفاجعة التي تعرضت لها نساء الايزيديات لا يمنعن من التطرق الى ما اصاب هذه الاقلية من سرقة اموال وحرق ممتلكات ولكن لهول المصيبة لاسيما السبي والعبودية والموت جوعا بعد ان فروا من منازلهم حماية لأرواحهم والانتهاكات والمذابح التي نفذت بعد ان صدرت بحقهم فتاوى أباحت دمائهم وأعراضهم حنى دفن عدد منهم أحياء باسم الدين  ما جعل منها عنوانا رئيسيا لمحنة وفاجعة الايزيديية التي لم يمر عليهم مثلها فاجعة عبر التاريخ .

ومن هنا يمكن القول أن العنصرية الدينية والمذهبية اينما وجدت تخلق معها توتر اجتماعي و اخلاقي ونفسي وتربوي وتبث روح العداوة و البغضاء في المجتمعات التي عرفت التعايش والانسجام باختلافاتها العرقية والمذهبية والدينية فكان هذا التنوع في النسيج احد مقومات استمرارية ووحدة هذا المجتمع واساساً لغناه الثقافي  ، فيما كانت عملية الطرد بالتهجير القسري الذي مورس على الاقليات الدينية باستخدام القوة المسلحة والتخويف وسيلة للتفتت والتي ساهمت بطمس هذه الخصوصية عبر تذويبها بالخوف وعدم قبول الآخر وعدم الرغبة بالعودة إلى الموطن الاصلي وبتعدد وإختلاف الاسباب سيما بعد تحرير المدينة والعراق من هذه الفئة          الضالة ، فكانت هذه الأزمة فاجعة على المدينة خاصة والعراق عامة.

 

 

 


 

نتائج البحث

  1. من خلال ما تم ذكره في البحث من آراء وتصورات ومعاني تميز به الدين الاسلامي تبين لنا عظم المبادئ والقيم التي يحملها الإسلام لتحقيق تقارباً وتعارفاً واندماجاً بين مختلف الاجناس والاقوام والملل التي نشأت وعاشت في المجتمع الاسلامي فهي قيم ربانية جاءت  ملبية للفطرة البشرية ومتوافقة مع احتياجاتها ، لذا حقق الدين الاسلامي ضروباً رائعة من التعايش والتوافق الإنساني في جوانبه الاجتماعية والحضارية كافة ، بل حتى على المستوى النفسي بما يحقق أمن وطمأنينة الانسان اذ استطاع الدين الاسلامي أن يحقق وينظم العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وبقية الطوائف والأديان الأخرى .
  2. يعد التعدد في الأديان جزء من رأس المال الحضاري للمجتمع العراقي بصورة عامة ومدينة الموصل بصورة خاصة ، كما يعد التعدد من عناصر القوة لنسيجه الاجتماعي والثقافي وأي خلل يؤثر تأثيراً سلبياً على المجتمع .
  3. إن التهجير القسري للمسيحيين قد خلق أزمة اجتماعية ونفسية وإقتصادية على أفراد المجتمع بصورة عامة .
  4. إن ظاهرة الهجرة القسرية تحدث لعوامل إجبارية غير طوعية وهي غير اختيارية سببها جملة من العوامل التي لايستطيع السكان مقاومتها تمثلت في العنف الديني والمذهبي فضلاً عن الحروب الداخلية المتكررة وظهور الجماعات المتشددة من الناحية الدينية.

 

توصيات البحث

    على إعتبار ان الباحثان من افراد مجتمع البحث ومن خلال المعايشة مع احداث الأزمة الأخيرة وتداعياتها على ارض الواقع  ندرج عدد من التوصيات:-

  1. إقامة دورات ومؤتمرات وورش عمل مشتركة كأحد وسائل حل الأزمة وتجاوزها نتيجة لإنعدام الثقة والمصداقية داخل المجتمع وبين ابناء المكونات المختلفة .
  2. إقامة مؤتمرات مشتركة للتعايش السلمي يضم كل الاقليات والعشائر التي تقطن في مكان واحد وتوقيع ميثاق يحفظ التعايش السلمي ويجرم كل من يحاول زراعة الفتنة بين الاقليات ، والتأكيد على عدم تحويل اختلافاتها الى خلافات.
  3. الاستعانة بنتائج البحوث والدراسات التي عرضت أسباب الأزمة وسبل إدارتها ووضع حلول تتناسب معها ومع حجم التداعيات المادية والبشرية التي تبعتها .
  4. التأكيد على دور وسائل الاعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية ومواقع التواصل الاجتماعي في إعادة بناء روابط التعايش والتماسك والإندماج الذي عرفه المجتمع الموصلي خاصة والعراقي عامة والنظر الى الفترة المظلمة التي شهدتها المدينة كأزمة عارمة ينبغي تجاوزها لإعادة الحياة الى هذه المدينة .

المصادر

  1. ابن منظور ، لسان العرب ، المجلد الخامس و المجلد التاسع ، دار الحديث ، القاهرة ، 2002.
  2. ابو الحسن علي الحسني النوي، السيرة النبوية ،ط 2،دار الشروق للنشر والتوزيع ،جدة ،1989.
  3. د. احسان محمد الحسن ، موسوعة علم الاجتماع ، ط1 ،الدار العربية للموسوعات ، بيروت ، لبنان ، 1999 .
  4. د. احمد الخشاب و كرم حبيب برسوم ، علم السكان والتخطيط الاجتماعي ، ط1 ، مكتبة القاهرة الحديثة للطبع والنشر ، القاهرة ، 1957 .

5.احمد زكي بدوي ، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية ، مكتبة لبنان ، لبنان ، 1977.

  1. احمد الصوفي ، خطط الموصل ، ج2، مطبعة الاتحاد الجديدة ، الموصل ، العراق ، 1953.

7 . د. ازهر العبيدي ، الموصل ايام زمان ،ط2، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل ، 1998.

8 . انتوني غدنز ، علم الاجتماع ، ترجمة د. فائز الصياغ ، ط1 ، المنظمة العربية للترجمة ، مؤسسة ترجمان ، عمان ، الاردن ، 2005.

9.باولا كورتي ،ترجمة عدنان علي ، تاريخ الهجرات الدولية ، هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث               (كلمة) ، ط1 ،الامارات العربية المتحدة ، 2011.

  1. برهان غليون ، المسألة الطائفية ومشكلة الاقليات ، ط1 ، دار الطليعة للطباعة والنشر ، بيروت ، 1979.
  2. د.حسين سيد نور الاعرجي ومؤيد مجيد الكعبي ، نتائج التهجير القسري في العراق القديم الدولة الاشورية انومذجا ، مجلة كلية التربية ، جامعة واسط ، العدد 28، السنة 2011، ص26.

12.رشا خياط ، شجرة ميلاد في جدة وبامياء في المانيا ،مجلة فكر وفن ،عدد 105 ، السنة الرابعة والخمسون ،الناشر معهد غوته ،2016 .

  1. روجيه غارودي ، اسرائيل بين اليهودية والصهيونية ، ترجمة حسين حيدر،ط1 ، دار التضامن للطباعة والنشر والتوزيع ، 1990 .
  2. سالم خلف عبد الموسومي ، المجتمع الريفي ، دار الكتب للطباعة والنشر ابن الاثير ، الموصل ، 1992 .
  3. ستيفن كاستلز مارك ميللر ، ترجمة منى الدروبي ، عصر الهجرات ،ا ط1 ،لمركز القومي للترجمة ، القاهرة ، 2013ص .

16.سعيد الديوه جي ، تاريخ الموصل ، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل ، 1982.

17.د صباح عبد الرحمن ، النشاط الاقتصادي ليهود العراق ، 1917، بغداد ،2002.

18.عباس الجراري ، مفهوم التعيش في الاسلام ،منشورات المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم الثقافية ، مطبعة ديكوكو ، المملكة المغربية ، 1996.

  1. د عبد الباسط محمد حسن ، اصول البحث الاجتماعي ، ط9، مكتبة وهبة، القاهرة ، مصر ،1985.
  2. عبد العظيم ابراهيم المطعني ، مبادئ التعايش السلمي في الاسلام منهجا وسيرة ،دار الفتح للاعلام العربي ، القاهرة ، 1996.
  3. د. عدنان ياسين مصطفى وم.م فنار سالم عطوان ، التهجير القسري والامن الانساني دراسة اجتماعية للاسر العراقية المهجرة ،مجلة دراسات اجتماعية ، بيت الحكمة ، العدد23، بغداد،2010.

22.عروبة جميل محمود ، الحياة الاجتماعية في الموصل 1834-1918، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الاداب ، جامعة الموصل ،  2006.

23.علي عطية الكعبي ، التعايش السلمي بين الاديان السماوية في الاندلس من الفتح الاسلامي حتى نهاية دول الطوائف ، ط1 ، دار ومكتبة عدنان للطباعة والنشر والتوزيع ، بغداد ، 2014.

  1. كريم نجم خضر الشواني ، الكاكائية اصولها وعقائدها ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد ، 1989.
  2. مركز هردو لدعم التعبير الرقمي، المبادئ التوجيهية والمحظورات في حالات التشريد الداخلي اهالي سيناء نموذجا www.hrdegypt.org، القاهرة ، 2017.
  3. محمد احمد هيكل ، مهارات ادارة الازمات والكوارث والمواقف الصعبة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب،2006 .
  4. محمد الغزالي ، حقوق الانسان بين تعاليم الاسلام واعلان الامم المتحدة ، ط5 ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ، 2002.
  5. د. محمد رفعت امام ،القضية الارمنية في الدولة العثمانية 1878-1923، دار نوبار للطباعة، القاهرة ،2002.
  6. محمود البستاني ، الاسلام وعلم الاجتماع ، مجمع البحوث الاسلامية للبحوث والنشر .
  7. محمود حمدي زقزوق ، الاسلام وقضايا الحوار ، مكتبة الشروق الدولية ، مصر ،القاهرة ، 2004 .
  8. د معن خليل عمر ، مناهج البحث في علم الاجتماع ، مطابع الارز ، عمان ، اردن ، 1997.

32.موفق ويسي محمود ، ومحمد حربي حسن ، الحياة الاجتماعية في الموصل ، موسوعة الموصل الحضارية ،ط1، جامعة الموصل ، 1992.

  1. نول جبر ، الاقليات غير المسلمة في المجتمع الاسلامي ، دار عمار للنشر والتوزيع ، عمان ، الاردن ، 2003.
  2. نيبور كارستن ، رحلة نيبور الى العراق في القرن الثامن عشر ، ترجمة محمود حسين الامين ، بغداد ، 1965.

35.هند عبدالله احمد ، مظاهر التعايش الاجتماعي في الاسلام ، مجلة اداب الفراهيدي ، ع8، جامعة تكريت ، 2011.

  1. يوخن اولتمر ، المسيرة الطويلة اوربا في قلب الهجرة المعولمة ،مجلة فكر وفن الهجرة واللجوء ، العدد105 ،السنة الرابعة والخمسون ، المانيا ، 2016.
  2. د. يوسف القرضاوي ، الاقليات الدينية والحل الاسلامي ، دار الفرقان للنشر والتوزيع ، القاهرة ، مصر ، 1996.

 

 

 

([1]) محمد احمد هيكل ، مهارات ادارة الازمات والكوارث والمواقف الصعبة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب،2006،ص22.

 

 

 ([2])علي عطية الكعبي ، التعايش السلمي بين الاديان السماوية في الاندلس من الفتح الاسلامي حتى نهاية دول الطوائف ، ط1 ، دار ومكتبة عدنان للطباعة والنشر والتوزيع ، بغداد ، 2014 ، ص31-33 .

 

 

([3]) احمد زكي بدوي ، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية ، مكتبة لبنان ، لبنان ، 1977، ص68.

 

 

 ([4])د عبد الباسط محمد حسن ، اصول البحث الاجتماعي ، ط9، مكتبة وهبة، القاهرة ، مصر ،1985،ص198.

 

 

([5]) د معن خليل عمر ، مناهج البحث في علم الاجتماع ، مطابع الارز ، عمان ، اردن ، 1997، ص79.

 

 

([6]) ص323.

 

 

 ([7])محمد احمد هيكل ، مصدر سابق ، ص22.

 

 

([8]) ص30.

 

 

([9]) محمد احمد هيكل ، مصدر سابق ، ص38.

 

 

([10]) د. ازهر العبيدي ، الموصل ايام زمان ،ط2، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل ، 1998، ص9.

 

 

([11]) سعيد الديوهجي ، تاريخ الموصل ، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل ، 1982 ،ص33.

 

 

([12]) عروبة جميل محمود ، الحياة الاجتماعية في الموصل 1834-1918، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الاداب ، جامعة الموصل ، 2006،ص103 .

 

 

 ([13])سعيد الديوه جي ، مصدر سابق ، ص30.

 

 

([14]) عروبة جميل محمود ، مصدر سابق ، ص105.

 

 

([15]) موفق ويسي محمود ، ومحمد حربي حسن ، الحياة الاجتماعية في الموصل ، موسوعة الموصل الحضارية ،ط1، جامعة الموصل ، 1992، ص219.

 

 

([16]) عروبة جميل محمود ، مصدر سابق ، ص109.

 

 

([17]) سعيد الديوه جي ، مصدر سابق ، ص63.

 

 

([18]) عروبة جميل محمود ، مصدر سابق ، 112.

 

 

([19]) كريم نجم خضر الشواني ، الكاكائية اصولها وعقائدها ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد ، 1989،ص95.

 

 

([20]) عروبة جميل محمود ، مصدر سابق ، ص117.

 

 

([21]) نيبور كارستن ، رحلة نيبور الى العراق في القرن الثامن عشر ، ترجمة محمود حسين الامين ، بغداد ، 1965، ص192.

 

 

([22]) د. صباح عبد الرحمن ، النشاط الاقتصادي ليهود العراق ، 1917، بغداد ،2002، ص35.

 

 

([23]) ازهر العبيدي ، مصدر سابق ، ص10 .

 

 

([24]) عروبة جميل ، مصدر سابق ، 119.

 

 

([25]) احمد الصوفي ، خطط الموصل ، ج2، مطبعة الاتحاد الجديدة ، الموصل ، العراق ، 1953،ص23.

 

 

([26]) عروبة جميل محمود ، مصدر سابق ، ص122.

 

 

([27]) د عبد العظيم ابراهيم المطعني ، مبادئ التعايش السلمي في الاسلام منهجا وسيرة ،دار الفتح للاعلام العربي ، القاهرة  ، 1996 ، ص123.

 

 

([28]) عباس الجراري ، مفهوم التعيش في الاسلام ،منشورات المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم الثقافية ، مطبعة ديكوكو ، المملكة المغربية ، 1996، ص38.

 

 

([29]) هند عبدالله احمد ، مظاهر التعايش الاجتماعي في الاسلام ، مجلة اداب الفراهيدي ، ع8، جامعة تكريت ،2011، ص434.

 

 

([30]) الحجرات / اية13 .

 

 

([31]) هند عبدالله احمد ، مظاهر التعايش الاجتماعي في الاسلام ، مجلة اداب الفراهيدي ، ع8، جامعة تكريت ، 2011، ص436.

 

 

([32]) سورة البقرة /الاية 208 .

 

 

([33]) محمود حمدي زقزوق ، الاسلام وقضايا الحوار ، مكتبة الشروق الدولية ، مصر ،القاهرة ، 2004 ، ص45.

 

 

([34]) عباس الجراري ، مصدر سابق ، 16.

 

 

([35]) د. يوسف القرضاوي ، الاقليات الدينية والحل الاسلامي ، دار الفرقان للنشر والتوزيع ، القاهرة ، مصر ، 1996، ص55.

 

 

([36]) عباس الجراري ، مصدر سابق ، ص20.

 

 

([37]) سورة النحل / الآية 125 .

 

 

([38]) د. محمود حمدي زقزوق ، مصدر سابق ،ص123.

 

 

([39]) محمود البستاني ، الاسلام وعلم الاجتماع ، مجمع البحوث الاسلامية للبحوث والنشر ، ص71.

 

 

([40]) محمود البستاني ، مصدر سابق  ، ص78

 

 

([41]) علي عطية الكعبي ، التعايش بين الاديان السماوية في الاندلس من الفتح الاسلامي حتى نهاية دول الطوائف ، عدنان للطباعة والنشر ، الامارات العربية المتحدة ، دبي ، 2014، ص38.

 

 

([42])  سورة البقرة / الاية285 .

 

 

([43]) سورة البقرة / الاية256 .

 

 

([44])  سورة التغابن الآية 2 .

 

 

([45]) سورة هود/ الآية 118 .

 

 

([46]) المصدر نفسه ،ص40.

 

 

([47]) ابو داؤد ، مصدر سابق ، 275-888.

 

 

([48]) المصدر نفسه ، 3-438.

 

 

([49]) علي عطية الكعبي ، مصدر سابق ،ص42.

 

 

([50]) هند عبدالله احمد ، مصر سابق ، ص445.

 

 

([51]) سورة الانعام الاية 108 .

 

 

([52]) نول جبر ، الاقليات غير المسلمة في المجتمع الاسلامي ، دار عمار للنشر والتوزيع ، عمان ، الاردن ، 2003، ص348.

 

 

([53]) علي عطية الكعبي ، مصدر سابق ص86-89.

 

 

([54]) ستيفن كاستلز  مارك ميللر ، ترجمة منى الدروبي ، عصر الهجرات ،ا ط1 ،لمركز القومي للترجمة ، القاهرة ،

 

 

2013ص44. (1)

 

 

 د. احسان محمد الحسن ، موسوعة علم الاجتماع ، ط1 ،الدار العربية للموسوعات  ، بيروت ، لبنان ، 1999، 651. (2)

 

 

 ستيفن كاستلز  مارك ميللر ، مصدر سابق ، ص90.(3)

 

 

 المصدر نفسه ، ص101.(4)

 

 

 المصدر نفسه ، ص296.(5)

 

 

([60]) يوخن اولتمر ، المسيرة الطويلة اوربا في قلب الهجرة المعولمة ،مجلة فكر وفن الهجرة واللجوء ، العدد105 ،السنة الرابعة والخمسون ، المانيا ، 2016 ، ص 25

 

 

([61]) مركز هردو لدعم التعبير الرقمي، المبادئ التوجيهية والمحظورات في حالات التشريد الداخلي اهالي سيناء نموذجا ،www.hrdegypt.org، القاهرة ، 2017 ،ص8 محمد الغزالي ، حقوق الانسان بين تعاليم الاسلام واعلان الامم المتحدة ، ط5 ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ، 2002.       

 

 

 ص164.(2)

 

 

([63]) د. عدنان ياسين مصطفى وم.م فنار سالم عطوان ، التهجير القسري والامن الانساني دراسة اجتماعية للاسر العراقية المهجرة ،مجلة دراسات اجتماعية ، بيت الحكمة ، العدد23، بغداد،2010، ص12.

 

 

 ([64])رشا خياط ، شجرة ميلاد في جدة وبامياء في المانيا ،مجلة فكر وفن ،عدد 105 ، السنة الرابعة والخمسون ،الناشر معهد غوته ،2016 ،ص10.

 

 

([65]) روجيه غارودي ،اسرائيل بين اليهودية والصهيونية ،ترجمة حسين حيدر،ط1، دار التضامن للطباعة والنشر والتوزيع ،1990 ،ص45.

 

 

([66]) ابن منظور ، لسان العرب ، مجلد 9 ،ص33.

 

 

([67]) ابو الحسن علي الحسني النوي، السيرة النبوية ،ط 2،دار الشروق للنشر والتوزيع ،جدة ،1989، ص 125.

 

 

([68]) باولا كورتي ،ترجمة عدنان علي ، تاريخ الهجرات الدولية ، هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث ( كلمة ) ، ط1 ،الامارات العربية المتحدة ، 2011،ص139.

 

 

(2) ستيفن كاستلز  مارك ميللر مصدر سابق ، ص52.

 

 

([70]) د. محمد رفعت امام ،القضية الارمنية في الدولة العثمانية 1878-1923، دار نوبار للطباعة، القاهرة  ،2002،ص28.

 

 

([71]) د. برهان غليون ، المسألة الطائفية ومشكلة الاقليات ، ط1 ، دار الطليعة للطباعة والنشر ، بيروت ، 1979،ص5-8.