الرجل القائد
غازي الزركاني
ان حركة الامم نحو تحقيق اهدافها, والدول نحو بناء امجادها ليست على وتيرة واحدة بل هي خافضة رافعة تواجه فيها جملة من الانعطافات الايجابية منها والسلبية .
وفي خضم الانعطافات السلبية يُقيّض للامم الحية رجال مخلصون عاملون عطاؤون يستقدمون اممهم الى ارتقاء اعلى درجات البناء والكمال , اما الامم البائسة فيُقيّض لها اشباه رجال نفعيون ياخذون ولا يعطون يتكلمون, ولا يعملون يجرون اممهم الى دركات البؤس والانحطاط .
وهذه الكلمات الانفة تبين لنا اهمية وخطورة القيادة في حياة ومصير الامم والدول , واحداث التاريخ القديم والحديث مليء بنماذج القيادة على اختلاف الوانها , فذاك فرعون الطاغية الذي يستقدم قومه الذين اطاعوه الى الغرق في الدنيا ويقودهم الى نار حامية في الاخرة , ودوننا القائد المسلم محمد مهاتير الرجل الذي قاد ماليزيا النامية الى دولة ماليزيا الصناعية في غضون عشرة سنوات .
القياة كما يعرفها علماء التنمية هي:- القدرة على تحريك الناس نحو تحقيق اهدافها , وعليه يكون القائد صاحب رؤية مستقبلية وله اتباع مخلصون وقدرة على تحريك هؤلاء الاتباع نحو تحقيق تلك الرؤية والاهداف .
كما يتميز القائد بسمات :-
1- الذكاء والكفاءة والمصادقية (الصدق والامانة) والقدرة على معرفة الرجال والقدرة على التأثير والاقناع .
وقد عمق الاسلام مفاهيمه وضوابطه المميزه الشخصية القائد (كما يذكرها المرحوم عز الدين سليم (رحمه الله) من خلال امرين هما:
- الطرح النظري (احكام ومفاهيم وقيم)
- والتجسيد العملي (القدوة)...هو النبي الأعظم حيث كان الرسول القائد (ص واله) وامير المؤمنين والائمة القادة الهداة (عليهم السلام) اقمارا مشعة في سماء الحضارة الاسلامية والتجربة الرسالية الخالدة .
(فكان الرسول (ص واله) لا يدع احدا يمشي معه اذا كان راكبا حتى يحمله معه , فأن ابى قال : تقدم امامي وادركني في المكان الذي تريد) .
2- ومن مزايا الشخصية القائده في اطار الشريعة الاسلامية ان لا يطلب ظفراً يجور وباطل ابدا , انما يطلب الحق والاستقامة والعدل .
(قيل لعلي (ع) : اعط هذه الاموال لمن يخاف عليه من الناس فراره الى معاوية قال (ع) : اتأمروني ان اطلب النصر بالجور ؟ لا والله ... لا افعل ما طلعت شمس , وما لاحَ في السماء نجم ,والله لو كان مالهم لي لساويت بينهم , وكيف انما هي اموالهم.)
3- ومن خصائص القيادة القدوة : التواضع للحق باعلى صوره ومصاديقه .
(كان رسول الله (ص) ياكل أكلة العبد ؟ ويجلس جلسة العبد تواضعا لله تبارك وتعالى)
4- ومن مزايا هذه القيادة : انها تؤمن بالانسان , وتضعه حيث وضعه الله تعالى من حيث الكرامة والاحترام فلا تتعالى على احد ولا تحتقر احد , وهي حريصة على رعاية الحقوق وشمول العدل ورفع الظلم وتضميد الجراح والمواساة في السراء والضراء .
(سألت رسول الله (ص) حينَ وجهني الى اليمن كيف اصلي بهم ؟ فقال : صل بهم كصلاة اضعفهم وكن بالمؤمنين رحيما )
5- ومن مزايا هذه القيادة الرائدة المباركة : انها تحمل روح الابوة للناس جميعا .