المجموعة: مقالات الزيارات: 2415

                     بقايا وطن                   

ندى حسين جلوب

 

 جلست اليوم بقرب نفسي استطلع احوال عالمي ... انا الهاربة من زنزانتي من وجع الامس من حرب ذابلة الورود على ارصفة الموت سحقت ذاكرتي عسى ان اسمع امراً ينسيني مرارة امسي ولكن في اروقة افكاري تجول الاحزان ويعلن الصمت عن سوء حال واقعي حيث تتلبد سماء وطني بالغيوم الداكنة المليئة بالهموم والاحزان واصبح عاجاً بالوحوش التي تحدد مصير ضحاياها متى تشاء وتدوس بأقدامها على كل الورود التي لطالما انتظرنا الربيع كي نشم عبيرها ونتمتع بجمالها ... تحاصرني الاسئلة من كل مكان تصدر ضجة مضطربة بالآهات تزدحم على مسامعي الى حد الاختناق ... وفجأة يطرق احدهم ابواب قلبي هذا الكائن المعذب يريد ان يعذبني ويحرق جفوني بحسرة الغريب وضبابة الذي ينساب على ناظري يغوش كل الصور والالوان من حولي ... سؤال لطالما استجمع اَلامي برشفة من كأس قد امتلئ بدموع الايتام ... مددت يدي فألتقطت بعضي ربما هي القطعة الاخيرة التي احتفظ بها ... فمن كنا نحتمي بهم الذين كانوا كتلة من ضمير مستتر خلف الاشجار اليابسة قد شدوا رحالهم وغادرونا دون ان تسقط منهم قطرة حياء واحدة !! فعلى الاشجار المتعثرة ... الصائمة عن الماء والهواء التي ليس بمقدورها صنع الغذاء ان تبقى واقفة حتى لا تفضح هروب الذين لاذوا خلفها اعوام واعوام ... وها نحن الان ننتظر متظاهرين باننا صامدين ولكن حياتنا المهدورة قد كسرت خواطرنا , وكان مرجعنا يعود الى احدى المقبرتين ... فانتهى بي المطاف على ان يذهب نصفي الى مقبرة الاحياء ... والنصف الاخر بالقرب من عزائنا الاموات ... فلا نقوى على التصدي بالكلام لان اصواتنا قد اصبها الخرس وعتادت السكون اردنا الصياح لا يفهمون منا شيئا , ولا نقوى على الخلاص من هذه الحرب التي اندلعت في ارضنا العزيزة , فقد لعب بنا القدر لعبة الشطرنج !! وكما نعلم ان هذه اللعبة تحتاج الى خصمين ولونين متعاكسين كذلك تحركها الايدي التي تحركها العقول المدبرة العاقلة... وهناك قواعد وتفاصيل اخرى لا اود ان اسردها الان فقد جَثًمَ الهم على صدري ... ودعوني اعيش قليلا في زنزانة الوهم اراقب هذه اللعبة ... نحن الان لسنا بحاجة الى الكلام لقد مرت السنوات ونحن نتكلم دون جدوى للكلام ولا نتيجة تذكر ... نحن الان بحاجة الى ان نتظاهر بالصمت ونترقب انتهاء اللعبة لاننا لو اكثرنا من الكلام والتوجيهات التي نسجتها عقولنا القاصرة لشوشنا على الذي اعتمدنا عليه ان يحرك جنودنا الذين يشعون بياضا , فعلينا ان نعتمد على هذه اليد صاحبة العقل الحكيم الذي تغطية عمامة سوداء تشع نورا وبهاءا , لاننا نعلم جيدا ان خصمنا اللعين هذا المليئ  بالحقد والكراهية قد تلون قلبه ظلمة اشد سوادا من لونه واحلك ظلمة من عقلة وتحركهم ابدي قد تلونت باعلام ذات الوان عديدة قد غلفتها راية سوداء !! والان قبل ان تسقطنا هذه الهاوية وترمينا بعيدا عن هذه المربعات التي تحدد مصيرنا الان على الاصابع ان تنطلق في لحظات اليأس وترمي اطواق النجاة على جنودنا الابطال ... ولكن هنا الصدمة التي بها قد كسر حاجز الصمت واعتلى صوت النحيب فقد وصلنا لمرحلة ما بها فزنا ولا نحن بخاسرين !! لانه قد استبدل ملكنا بنوى التمر المنزوعه !! فنصرنا متوقف عليها فلا هي متحركة ولا خاسرة , وهنا قد خرجنا من زنزانة الوهم وعدنا الى زنزانة وجع الامس ونحن نسمع طرقات متتالية على الطاولة وقد جمعونا كومة واصبحنا بقايا جنود ونرى الحصان يجري هنا وهناك مضحيا بنفسة من اجل ارضة ولكن قد كسرت قدماه ورمي جانبا فلو نستطيع الفوز بدون ملكنا العظيم هذا !! لفزنا من اول خطوة ولكن ليس لامر بيدنا فلا نستطيع تغيير قواعد عمرها الاف السنين ... والان نحن ننتقل بين زنزانات الواقع حائرين فقد اصبحنا بقايا شعب ... بقايا طموح ... بقايا سعادة ... بقايا اراض امنة ... او بالاحرى ... بقايا وطن !!