1. محددات السياسة النفطية للولايات المتحدة الامريكية وروسيا تجاه السوق النفطية الدولية

الدكتور : حسن رشك غياض

جامعة الامام جعفر الصادق (ع)

ميسان

  • مقدمة : السياسات النفطية للدول الكبرى في سوق النفط الدولية تتحدد وفق شكل السوق واستجابته للمتغيرات المحيطة بة  ففي الوقت الذي ساهمت فيه السياسة الروسية في الدخول بحرب أسعار مع السعودية في شهر مارس  2016مما أدى إلى الهبوط الحاد لأسعار النفط الخام، فإن السياسة الأمريكية غيرت توجهاتها على المدى القصير في سبيل الحفاظ على ازدهار صناعة النفط الصخري الأمريكية عبر الدفع نحو وقف حرب الاسعار بين السعودية وروسيا وإتمام اتفاق "أوبك" بلس الجديد المبرم في 12 أبريل.2018 ويدلل ذلك على أن هناك تشابكات كثيرة في المصالح بين هذه الدول، مما أدى إلى وجود اتفاق حول بعض السياسات، بالرغم من التعارض في الأهداف الخاصة بهذه الدول في سوق النفط ، وتتركز أهداف السياسة النفطية الأمريكية في الفترة الأخيرة في منع السعودية أو روسيا من وضع أو تحديد الاستراتيجية النفطية العالمية، لمنع التأثير على صناعة النفط الصخري الأمريكية التي ساهمت في تحقيق الاستقلالية للقرار الأمريكي في سوق النفط عبر تحويلها إلى أكبر منتج نفطي عالمي، وتحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي

  في الوقت الذي تتركز فيه أهداف السياسة النفطية الروسية في زيادة الحصة السوقية للنفط الروسي، والحفاظ على الحصص التقليدية لها مع تحقيق أكبر قدر من الربحية عبر دعم الأسعار، بسبب اعتماد الاقتصاد الروسي على النفط كمورد مهم من موارد دعم الخزانة الروسية، بالإضافة إلى الرغبة في إزاحة النفط الصخري الأمريكي من المنافسة وقطع الطريق عليه في الحصول على حصص سوقية جديدة تؤثر على الحصص السوقية الروسية، وخاصة أن روسيا التزمت خلال الفترة الأخيرة باتفاق لخفض الإنتاج مع تحالف "أوبك" بلس" قلل من حصصها لصالح منتجي النفط الصخري الأمريكي. وفي هذا السياق ترصد هذه الورشة الموضوعات التالية :

  • محددات السياستين الروسية والأمريكية تجاه سوق النفط
  • ماهي درجة مرونتها وتأثيرها علي السوق النفطية
  • رسم خريطة لأهم المؤسسات التي تصنع السياسات النفطية في البلدين،
  • والمسارالمستقبلي المتوقع لهذه السياسات
  • وأهم السيناريوهات القابلة للتحقق. 

اولا: محددات السياسة النفطية الأمريكية في ضوء الأزمة النفطية الحالية:

  • يعد النفط أحد الموارد المهمة التي تعتمد عليها الولايات المتحدة الأمريكية في دعم التطور الصناعي والاقتصادي في قطاعاتها الاقتصادية والعمرانية ، لذا فإن الاقتصاد الأمريكي ومنذ فترة طويلة أصبح حساساً لأي تغير في أسعار النفط أو في كميات إنتاجه وعرضة في الاسواق النقطية الدولية ، لذلك بدأت الولايات المتحدة في تعديل سياساتها النفطية بما يسمح لها بالتحرك في السوق بدرجة من الاستقلالية عبر توفير قدر كبير من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، وتطوير تقنيات إنتاج يمكنها ان تزيد من الانتاج الأمريكي للنفط، وهو ما حدث بالفعل وحولها إلى أكبر منتج للنفط في العالم، خلال الاعوام القليلة المنصرمة ، ومع ذلكفالسياسة الأمريكية في سوق النفط لا تزال ترتبط بعدد من المحددات التي تجلت بشكل أكبر في الأزمة الأخيرة ( جائحة كرونا والحرب الروسية الاوكرانية )، ومن هذه المحددات هي: 

1- مستوى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي

أثبتت التجارب السابقة للولايات المتحدة حاجتها إلى تخزين النفط بشكل كبير للاعتماد عليه في وقت الأزمات، ويعد الاحتياطي الأمريكي من المحددات التي ترسم شكل السياسة النفطية  للولايات المتحدة الامريكية على مستوى الاستهلاك ومعدلات شراء النفط الخام، وكذا معدلات الإنتاج النفطي المتاحة. وقد برزت أهمية الاحتياطي الاستراتيجي حين قرر الرئيس الامريكي ترامب ملئ الخزانات  بالكامل  اي حوالي 75 مليون برميل) لسحب طاقة العرض في السوق خلال الاعوام 2018 - 2020 (اعوام الحرب السعرية بين روسيا والسعودية فضلا عن جائحة كورونا )وذلك لتحسين مستويات الأسعار الحالية . 

2- مستويات أسعار النفط العالمية

  • تعمل الولايات المتحدة في الوقت الحالي على الوصول إلى مستوى اسعار متوازنة تدعم بها صناعة النفط الصخري الأمريكية وفي الوقت نفسه لا يُضر بمستهلكي الطاقة في الولايات المتحدة، وخاصة مستهلكي البنزين، بما يمثله ذلك كأحد أوراق التحضير لعملية الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تجرى كل اربعة سنوات.

 3- درجة تأثر صناعة النفط الصخري الأمريكية

  • اصبح قطاع النفط الصخري الأمريكي من العوامل المهمة التي يجب مراعاتها في سياسة الولايات المتحدة النفطية، وخاصة بعد أن دعم هذا القطاع الاستقلالية النفطية للولايات المتحدة عبر تصاعد كميات الإنتاج النفطي والغازي الكبيرة، لذا فإن هناك حاجة دائماً للحفاظ على مستويات الأسعار العالمية فوق مستوى 40-60 دولاراً) من أجل أن يعمل هذا القطاع بشكل مربح ، ويساهم في زيادة نشاط سوق العمل الأمريكي والإنتاج الصناعي كذلك.
  • تطور انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الامريكية من العام 2000- 2021

4- سلسلة إمدادات النفط

  • لا تفضل الولايات المتحدة اللجوء إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي إلا في أوقات الازمات، لذا فإنها تعمل على توفير سلسلة من إمدادات النفط الخام محلياً او عبر الاستيراد من الحلفاء الاستراتيجين لها، وعلى رأسهم السعودية، بما يضمن وصول النفط الخام اليومي لسد الاستهلاك الأمريكي المتزايد، وفي الوقت نفسه تعمل الولايات المتحدة عبر عدد من الأدوات العسكرية والاقتصادية (كالعقوبات) لغرض وقف الإمدادات النفطية في مناطق مختلفة في العالم، بما يضمن لها عدم وصول المعروض المفضي لدرجات أكبر من الطلب لكي لا يؤثر على الأسعار ويضر بصناعتها من النفط الصخري، إلا أن المعضلة في تعطيل الامدادات الأمريكية تقع دائماً في العمل داخل نطاق المعادلة النفطية المتوازنة التي تضمن سعراً يناسب مع تشجيع صناعة النفط الصخري، والسعر الذي يناسب مع مستهلكي البنزين ومستويات دخل المواطن الامريكي كأحد أدوات الضغط في أي انتخابات رئاسية امريكية

5- نسبة مساهمة النفط في مزيج الطاقة بالولايات المتحدة

  • فقد أدت زيادة الكفاءة في استهلاك الطاقة في قطاع السيارات (نتيجة تحديث محركات السيارات ) الى زيادات أبطأ من المتوقع في الطلب على النفط ، فيما أدى الاستخدام المتكرر للغاز الطبيعي فيالانتاج الصناعي(الدورات المركبة لإنتاج الطاقة الكهربائية ) الى وجود منافس كبير للنفط داخل الولايات المتحدة خاصة مع الاكتشافات الكبيرة للغاز الصخري خلال العقد الماضي، مما ساهم في تركيز السياسة الأمريكية على الغاز الطبيعي كأحد البدائل التي يمكن أن تنقذها من ازمات سوق النفط الدولية المتكررة .

6- مدى جودة وكفاءة الخامات الامريكية

  • حيث ان الإنتاج الأمريكي الكبير لا يعني عدم الحاجة إلى استيراد نوعيات معينة اخرى من النفط الخام تكون أكثر كفاءة من غيرها في صناعات محددة للنفط (كصناعة الديزل مثلا )، فالسعودية مثلاً توفر واحداً من المصادر القليلة ذات الحجم الكبير لما يسمى بالخام الحامض بما في ذلك الخام العربي الثقيل المعياري الذي تحصل عليه الولايات المتحدة، والذي يعد أساسياً لإنتاج وقود الديزل فيها، وهو الغرض الذي لا يفي به نفط غرب تكسأس الوسيط ولا خام حقول البرثا الكندية بما يجعل هناك حاجة إلى استيراد هذا النوع من النفط للولايات المتحدة الامريكية من المملكة العربية السعودية او من العراق ؟

7-عملية  ادارة السياسة النفطية والأهداف الانتخابية :

  • فدائماً ما يرتبط التطور في أسعار النفط والإنتاج الأمريكي منه بالصراع الانتخابي بين الجمهوريين والديمقراطيين، وآخر ما يرغب فيه أي رئيس أمريكي في سنة الانتخابات الرئاسية هو رفع أسعار الديزل، أو إحداث نقص في الوقود بشكل عام ، لكن الأمر هذه المرة مختلف تماما ففي الوقت الذي لا يستفيد فيه كثير من مستهلكي البنزين من انخفاض الأسعار نتيجة للإجراءات الخاصة بمواجهة الازمات المتسلسلة ، تتعثر العديد من شركات النفط الصخري بما يجعلها تواجه خطر الإفلاس، وهو ما سيعني الحاجة إلى دعم الدولة لها، إلا هذا الدعم يواجه برفض شركات النفط التقليدية الكبيرة التي تحاول أن تدفع في اتجاه إفلاس هذه الشركات للاستحواذ عليها، وكذا رفض الديمقراطيين داخل الكونجرس لأي خطة دعم لهذه الشركات، لذا فإن الاوضاع السابقة لاتعمل هذه المرة لان الانخفاض في أسعار النفط لن يكون في مصلحة الرئيس في الانتخابات كما جرت العادة. 

ثانيا : محددات السياسة النفطية الروسية في ضوء  تحديات  الحرب الاوكرانية:

  • يعتبر النفط والغاز الاحفوري أحد الموارد الأساسية التي تعتمد عليها الخزانة الروسية، حيث تمثل صادرات الطاقة الروسية نحو44% من  ايرادات الميزانية الفيدرالية الروسية، لذا فإن روسيا تسعى دائماً للحفاظ على معدلات أسعار مرتفعة، وحصص سوقية متزايدة، لدعم موازنتها الفيدرالية إلا أن هناك عدداً من المحددات التي ترسم شكل السياسة النفطية روسية، وخاصة بعد خسارتها لحرب الأسعار ضد السعودية عام 2016 ، وتأثيرات ذلك على قطاع النفط بها، ومن هذه المحددات هي الآتى: 

1- حجم التنافس على الحصص السوقية المتاحة والمستقبلية

  1. فالسياسات الروسية في سوق النفط دائماً ما ترتبط بالمنافسة الدولية على الحصص الخاصة بها، سواء الحالية أو المستقبلية، وهو ما ظهر في أزمة حرب الأسعار الأخيرة عام 2020 ، فتوجه السعودية نحو بيع الخام الخاص بها في السوق الأوروبية التي تدخل تقليدياً ضمن الحصص الروسية بأسعار مخفضة أثر في القرار الروسي وعاد بها من جديد إلى اتفاق خفض الإنتاج، كما أن المنافسة الأمريكية لروسيا في سوق الغاز الطبيعي المسال المصدر لأوروبا كان أحد سباب التي دفعتها إلى خوض حرب الأسعار بهدف التأثير في صناعة النفط الصخري الأمريكية مثلما اثرت الولايات المتحدة في حصة روسيا في سوق الغاز الأوروبية

2- حجم التنافس بين أنماط الإنتاج المختلفة ونوعية الإنتاج الروسي

فالإنتاج التقليدي الروسي من النفط اصبح على درجة تنافسية مع النفط الصخري الأمريكي مرتفع التكلفة، ما يعني قدرة روسيا على التأثير الصناعة الأمريكية عبر مستويات أسعار منخفضة، إلا أن ذلك يواجه بعائق أساسي يتمثل في عدم قدرة الاقتصاد الروسي على تحمل مستويات أسعار منخفضة من النفط لفترات طويلة من الزمن حتى يتحقق الهدف المنشود .

3- مصالح الشركات النفطية الروسية الكبرى

  فالشركات الروسية الكبيرة، مثل شركة روزنفت و Louk oil وغيرها من الشركات تمتلك عادة العديد من الاستثمارات في قطاع الطاقة على المستوى الإقليمي والدولي بما يحد من اهدافها وتوجهات وسياسات روسيا تجاه الدول التي توجد فيها هذه المصالح، وكذا مصالح الشركات النفطية الروسية في سوق النفط الدولي، فحرب الأسعار التي دخلتها روسيا ضد السعودية كانت تفسر بأنها تهدف للانتقام من النفط الصخري الأمريكي للضغط على الرئيس ترامب لإلغاء العقوبات التي فرضها على الفرع التجاري لشركة "روزنفت" الروسية، وعلى أنبوب غاز نورد ستریم الذي تنفذه هذه الشركة لايصال الغاز الروسي الى شمال اوروبا .

4- مستوى أسعار النفط والتحالفات المحتملة

فمستويات الأسعار التي تحتاجها روسيا كهدف في سوق النفط الدولى يجعلها تدخل في تحالفات دولية ربما مع تكتلات منافسة لها في الانتاج والعرض النفطي كالسعودية والعراق وبلدان الخليج وبلدان اوبك الاخرى ، وهو ما حدث بانضمام روسيا إلى تحالف أوبك بلس رغم المنافسة التقليدية  الشديدة ينهما .

ثالثا: درجة مرونة السياسة النفطية الأمريكية(الاوراق التي تلوح بها لإرغام الخصوم :

  • يمكن القول إن مرونة السياسة النفطية الأمريكية حاليا في ضوء أزمة السوق هي مرونة متوسطة، وذلكوفقا للمعطيات التالية :-
  • ان ما يزيد من مرونة السياسة النفطية الأمريكية عدد من العوامل منها:
  • امتلاك الولايات المتحدة أوراق ضغط يمكن ان تؤثر بها في سوق النفط بشكل كبير، ومنها امتلاكها النفوذ السياسي الدولي الذي بواسطته ساهمت في التوصل إلى إتمام اتفاق أوبك بلس" في 12 أبريل عام 2021.
  • وايضا ورقة الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي الذي قررت الولايات المتحدة ملته بالكامل ايام ولاية دولاند ترامب للتحكم بالمعروض النفطي في سوق النفط.
  • وكذلك التلويح بإمكانية فرض ضرائب ورسوم على واردات روسيا والسعودية النفطية للولايات المتحدة كوسيلة للحد من حرب الأسعار بينهما.
  • أو التلويح بإمكانية فرض عقوبات عليهما، من خلال إقرار حزمة قوانين قد تحد من قدرة تحالف أوبك وكذا الشركات النفطية الكبرى في السعودية وروسيا وعلى رأسها شركة أرامكو للحد من خفض الاسعار والاضرار بمصالح شركات الانتاج الصخري.

رابعا : مثبطات المرونة للسياسة النفطية الامريكية

  • يحد من مرونة السياسة الأمريكية تجاه سوق النفط العالمي عدد من العوامل ومنها:
  • حاجة الولايات المتحدة إلى المحافظة على صناعة النفط الصخري من خلال الحفاظ على مستويات الأسعار عند حدود معينة40-60 دولار للبرميل
  • وفي الوقت نفسه الحاجة إلى مستويات أسعار منخفضة للبنزين الذي يعتمد عليه المستهلك الأمريكي، في حياته اليومية وفي التنقل بين الولايات
  • بالإضافة الصراع بين عدد من مؤسسات صنع السياسة النفطية الأمريكية لأغراض انتخابية وهو الصراع الدائم بين مؤسسة الرئاسة والكونجرس. 

خامسا: درجة مرونة السياسة النفطية الروسية 

  • درجة مرونة السياسة النفطية الروسية ضعيفة وذلك نتيجة للآتي: 
  • بالرغم من أن تنوع الاقتصاد الروسي يضيف قدرة لروسيا على الصمود عند أسعار نفط تتراوح مستوياتها عند 40 دولاراً للبرميل، عكس دول نفطية منافسة مثل السعودية التي تحتاج إلى 80 دولاراً لبرميل، إلا أن مستويات الأسعار أدنى من 40 دولاراً يمكن أن تشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد الروسي وقيمة العملة الروسية(الروبل)، مما يعني عدم قدرة روسيا على المراوغة في والبيع بمستويات أقل من ال 40 دولار وهي المستويات التي تحتاجها مثلاً لإضاعف صناعة النفط الصخري الأمريكي. 
  • لا تستطيع روسيا تحمل المنافسة على الحصص السوقية التقليدية لها، وخاصة السوق الأوروبية التي تعتمد عليها بشكل كبير، وبالتالي أي دخول لمنافسين جدد لهذه السوق يقلل من قدرة روسيا على المراوغة في أي سياسات نفطية تنتهجها. 

سادسا: خريطة لاهم المؤسسات التي تصنع السياسة النفطية الأمريكية:

  • هنالك العديد من المؤسسات التي تساهم في صنع السياسة النفطية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ومنهذه المؤسسات هي
  • مؤسسة الرئاسة المقصود بها الرئيس وسياسات حزبه فيما يتعلق بقطاع الطاقة): حيث تعتبر توجهات الرئيس الأمريكي ) حاسمة بشكل كبير في رسم شكل سياسة الولايات المتحدة النفطية، ومثال على ذلك توجهات الرئيس دولاند ترامب او سلفة الحالي بايدن نحو دعم صناعة النفط الصخري الأمريكي في الوقت الذي يهتم فيه بسعر منخفض البنزين الأمريكي، مع بناء علاقات قوية مع الحلفاء النفطيين وعلى رأسهم السعودية. 

2- الكونجرس الأمريكي

  • حيث دائماً ما تلعب الحسابات الانتخابية دوراً في توجه الكونجرس تجاه سياسات الطاقة، إلا أن الكونجرس كان له دور في إصدار القوانين التي تحافظ على مصالح الولايات المتحدة في قطاع الطاقة وتدعم قدرات الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي، كما أن الكونجرس حالياً يلوح بورقة قانون حظر تشكيل كتلة للمنتجين والمصدرين في قطاع النفط، وقد تعاظم الضغط على ترامب في وقتها حتى يوقع على ذلك القانون منذ اللحظة التي بدأت فيها حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا ( ولكنه لم يفعل)، وإذا ما اجيز مثل هذا القانون فإنه سيصبح من غير المشروع تحديد سقف إنتاج النفط أو الغاز، أو تحديد الأسعار بشكل مصطنع كما تفعل "أوبك" أو "أوبك" "بلس" أو السعودية، وسيكون من تبعات من هذا القانون الالغاء المباشر للحصانة السيادية التي تتمتع بها مجموعة أوبك وأعضاؤها داخل المحاكم الأمريكية، مما يعرض دولها للمقاضاة بموجب القوانين الأمريكية. 

3-المؤسسات الفنية المعنية

  • مثل وزارة الطاقة الأمريكية والجهات الفنية مثل مؤسسة راند لصنع السياسات ومعهد بلومبرغ وغيرها التي تقدم التوصيات بشأن سوق النفط وإنتاجه واستهلاكه إلى مؤسسة الرئاسة والكونجرس
  • . والمؤسسات الاستشارية والمعلوماتية : مثل وكالة معلومات أمن الطاقة، والمراكز البحثية المعنية بأبحاث طاقة والتي تقدم توقعات بشأن مستقبل الإنتاج الأمريكي والاستهلاك والسيناريوهات المستقبلية المتوقعة.
  • و تحالف شركات النفط الأمريكي التقليدي : و هو التحالف الذي يعمل على توجيه السياسات الأمريكية فيصالح الشركات النفطية الكبيرة، وعدم تمرير قوانين لدعم شركات النفط الصخري أو الشركات الكبيرة

4- تحالف شركات النفط الصخري

  • وهو التحالف الذي ساهم في استقلالية القرار الأمريكي في سوق النفط، من خلال زيادة الإنتاج النفطي الامريكي بشكل هائل وزيادة معدلات التشغيل والإنتاج للنفوط الامريكية الصناعية، لذا تعمل الدولة على حمايته وتطوير العمل في الشركات النفطية الامريكية للإنتاج النفط الصخري  وحماية هذا القطاع ومنعة من الوقوع في براثن الافلاس لشركاته.

ثامنا: خريطة لاهم المؤسسات التي تصنع السياسة النفطية الروسية أهم المؤسسات التي ترسم السياسة النفطية الروسية الآتي

1- مؤسسة الرئاسة الروسية : حيث يرسم الرئيس الروسي بشكل كبير شكل سياسة بلاده النفطية بسبب دوره الكبير في مؤسسات صنع القرار للسياسة النفطية  الروسية، وهو ما ظهر جليا في حرب الأسعار الأخيرة مع السعودية والقرار الخاص بعدم تجديد اتفاق خفض الإنتاج، ثم العودة من جديد إلى الاتفاق مرة أخرى لهذا الاتفاق

2- اللوبي الصناعات النفطية الروسية بقيادة شركة روزنفت الروسية

حيث إن هذه الشركات تساهم في تحديد أولويات السياسة النفطية الروسية، إلا أن الشركات الكبرى في هذا اللوبي عادة ما يكون لها القدرة على التأثير في السياسة النفطية؛ فقد انتقدت شركات النفط الروسية (ما) عدا "روزنفت"، أكبر شركة نفط روسية) على موافقة الحكومة على مشروع تخفيض إضافي للإنتاج الذي اقترحته دول أوبك وحلفاؤها من المنتجين المستقلين، كما انتقدها خبراء نفطيون وإعلاميون وأساتذة جامعات نتيجة لاستفادة روسيا من  الاتفاق عبر رفع الأسعار، إلا أن هذه المعارضة لم تلق أي استجابة من جانب القيادة الروسية

3- المؤسسات البحثية والاستشارية:

  1. مثل الجامعة الروسية للنفط والغاز وغيرها من مراكز الاستشارات قطاع الطاقة والتي لا تعتبر بنفس قدرة وحيوية مراكز الطاقة الأمريكية فيما يتعلق بالبياناتوالمعلومات الصادرة عنها أو حتى توقعاتها للأسواق ودعمها لصانع القرار

4- المؤسسات الفنية والتنفيذية

  • وهي وزارة الطاقة الروسية والجهات الفنية المسئولة عن القطاع، ودورها في رسم السياسة النفطية الروسية هو دور تنفيذي فقط. 

رابعا:  درجة تأثير السياسة النفطية الروسية والأمريكية في الأزمة الحالية

  • يمكن قياس درجة تأثير كل سياسة في الأزمة الحالية من خلال الآتي
  • 1- درجة تأثير السياسة الأمريكية في الأزمة
  • 2- درجة تأثير السياسة الروسية  في الأزمة 
  • درجة تأثير السياسة الأمريكية في الأزمة
  • اغراق السوق بإنتاج النفط الصخري الأمريكي وهو ما أدى إلى التقليل من فاعلية اتفاق "أوبك" بلس" والدخول محل دول أوبك في الأسواق التي خسرتها بسبب خفض الإنتاج، مما أدى إلى دراسة بعض دول و اوبك بلس وعلى رأسها روسيا) عدم تمديد الاتفاق بسبب الخسائر التي حققتها
  • سحب عرض النفط من خلال تعبئة كامل الاحتياطي الاستراتيجي، حيث قررت امريكا تعبئة حوالي75 مليون برميل وهي الكمية المتبقية في خزانات الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من أجل تحسين مستوى الأسعار أكبر والتاثير على مستوى العرض النفطي مستقبلا.
  • ضغوطات التلويح بالعقوبات للعربية السعودية وروسيا، حيث خرجت بعض التحليلات التي تؤكد نية الرئيس الأمريكي استخدام كل الخيارات المتاحة لإلزام السعودية بتعويض الولايات المتحدة عن الخسارة المهولة في أسعار النفط خلال الاعوام المنصرمة نتيجة تعمد اغراقها للسوق النفطية بالمعروض النفطي ، وذلك بعد حرب الأسعار مع روسيا ، مع إمكانية فرض رسوم على واردات السعودية من النفط لصالح السوق الامريكية ، فضلا عن فرض رسوم وضرائب على واردات  روسيا من النفط للولايات المتحدة

2- درجة تأثير السياسة الروسية في الأزمة

  1. تنجلي درجة تأثير السياسة النفطية الروسية في الأزمة الأخيرة في الأبعاد التالية
  2. : ساهمت روسيا في البداية في إنجاح تحالف "أوبك" بلس" عبر الاتفاق مع السعودية من خلال عمليات خفض الاسعار، إلا أن التوجهات الروسية المفاجئة بعد تجديد الاتفاق أشعلت حرباً نفطية ساهمت في تردي الاسعار وإحداث شلل في الأسواق. 

3-عادت روسيا إلى تحالف "أوبك" بلس" عبر توقيع الاتفاق الجديد الذي من شأنه إحداث انتعاشة (ليست بالكبيرة أو المضمونة) في سوق النفط، إلا أن توجهات السياسة الروسية  تجاه السوق ومنتجي النفط الصخري الأمريكي لا تزال مصدر قلق لكثير من المحللين الذين يتوقعون عودة روسية إلى ممارسات مشابهة في المستقبل. 

سيناريوهات مستقبل السياسات الامريكية والروسية

  • السيناريو هذا يخص مستقبل أسواق النفط العالمية في ظل السياسات الأمريكية والروسية :
  • السيناريو الأول: انخفاض الأسعار على المدى القصير وتحسنها على المديين المتوسط والطويل؛ حيث يستمر انخفاض الطلب على النفط على المدى القصير نتيجة لضعف معدلات النمو الاقتصادي بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن ضعف النمو الاقتصادي العالمي ، مع وجود تخمة في المعروض النفطي مما يؤدي إلى استمرار انخفاض الأسعار، فيما سينخفض العرض بشكل كبير على المديين المتوسط والطويل نتيجة تراجع الاستثمارات في قطاع النفط، وقيام العديد من منتجي النفط الصخري الأمريكي بخفض الإنتاج أو الخروج من السوق نهائياً، وهو أمر سيساهم في تقليص تخمة المعروض النفطي واستعادة توازن سوق النفط بشكل تدريجي، مع وجود تحسن في الطلب نتيجة قيام بعض الدول بفتح مخزوناتها الاستراتيجية الشراء الفائض في المعروض مثل الولايات المتحدة، وتحسن المؤشرات الاقتصادية بما يساهم في تحسين الأسعار نتيجة تحسن الاقتصاد العالمي بشكل تدريجي بعد تخفيف إجراءات الإغلاق وإعادة فتح الأعمال التجارية والصناعية. كما يمكن أن تصل الأسعار إلى مستويات مرتفعة في حال حدوث أي تحرك من الكونجرس الأمريكي تجاه دول أوبك، إذ إن ذلك سيحدث ارتباكاً في سوق النفط بما سيؤثر في مستوى معروض النفطي من جانب أوبك. ويعتبر هذا السيناريو الأقرب للحدوث، حيث ستحاول الدول النفطية تحسين مستوى الأسعار بالتحكم في العرض، مع إمكانية التنسيق مع الدول المستهلكة لتحسين الطلب بما حسن من وضع السوق. 
  • السيناريو الثاني : استمرار تراجع الأسعار على المديين المتوسط والطويل مع إمكانية عودة مشكلة تخمة معروض على المديين المتوسط والطويل، وذلك بسبب عدد من العوامل مثل احتمالية تدهور حالة الاقتصاد العالمي نتيجة احتمالات وجود موجة ثانية من انتشار فيروس كورونا، والدخول في مرحلة انكماش وكساد وتراجع الاستثمارات العالمية وهو ما سيؤثر في الاستثمارات في قطاع الطاقة، مع إمكانية عدم تجديد اتفاق "أوبك" بلس" واتجاه الدول المنتجة للنفط إلى الإنتاج بأقصى طاقة التحسب
  • بسبب المنافسة مصادر الطاقة النظيفة والطاقة المتجددة للنفط وإمكانية تراجع دوره في مزيج الطاقة العالمي، ممايعنى أن الأسعار ستظل في مستويات منخفضة، خاصةً مع توقع معظم شركات النفط أن يبلغ الطلب ذروته بين عامي 2030 و 2035، حيث يتم استبدال سيارات البنزين بالسيارات الكهربائية.