مجلس النواب بين الإرادة الوطنية والإرادات الأخرى

المجموعة: مقالات رئيس المؤسسة كتب بواسطة: كاظم الرويمي

 

حسين جلوب الساعدي

منذ تعطيل دور مجلس النواب في عجزه عن سن قانون مجالس المحافظات والتراجع عن قراراته وتأخير الميزانية وعدم الالتزام بوعوده التي قطعها على نفسه في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد كشف عن فقدان الإرادة الوطنية في سير قرارات المجلس وسيطرة الإرادات الأخرى، فقد أخذت النزعة القومية التوسعية للكرد المجال الأكبر في تعطيل سير المجلس في إثارة أجواء الصراع في قضية  كركوك وخانقين وبلدروز حيث كشفت تلك القضايا عن الأزمة السياسية بين مكونات المجلس وعدم الثقة والتحالفات الخفية في إدارة بعض الملفات لتحقيق إرادات إقليمية تسعى للتأجيل لإثبات قدرتها أمام الخصم انها صاحبة القرار في العراق وهنا تختفي الإرادة الوطنية عند أكثر الأعضاء وفي هذه الأجواء تأتي الإرادة الطائفية التي أسس لها أعضاء من مجلس النواب في دعمهم للإرهاب والمجاميع المسلحة التي يمثلوها تحت عنوانين وشعارات شتى مقاومة الاحتلال والدفاع عن المذهب وإحقاق حقوق الجماعة التي ينتمي إليها حتى أمست قضية الانقسام داخل المجلس إلى شيعة وسنة وأكراد  تقسيم حقيقي وحتى التوافقات التي تظهر ليس بدوافع وطنية وإنما هي محاصصات في القرارات، كما هي محاصصات في إدارة الحكومة وشؤونها وهذا تغييب للتوافق الوطني الذي يعمل على المشتركات.

وأخيراً جاء قانون انتخابات مجالس المحافظات بعد مخاضات عسيرة جداً وتأجيل وتهديد من قوى لكنه ولد ناقص لتقسيم العراق حين استثني في تطبيقه على إقليم كردستان وينظم إليها كركوك، ان هذا الانضمام بالتأجيل لهو خطوة باتجاه الالتحاق الكامل لكركوك بكردستان ويوحي ان قرارها السياسي ووضعها القانوني مرتبط بالكرد وهذا ما يرفضه العراقيون ويسعى إليه الكرد وكما ان القانون تغيب فيه الروح الوطنية من تهميش الأقليات وحرمانها من المقاعد المخصصة لهم لأن الكتل الكبرى التي غيبت التركمان وهم المكوّن الرابع للمجتمع العراقي ورغم نسبتهم العالية فهي تبتلع حق الأقليات كالمسيح والصابئة والشبك والإيزدية ولا نعلم هل الشكوى في الأمم المتحدة التي قدمها (يونادم كنا) تكشف عن ضعف آخر وفقدان رأي ووعي وإرادة لدى مجلس النواب ليستجيب أخيراً تحت ضغوط الأمم المتحدة.

أن إقرار القانون يمثل خطوة جديدة لعراق جديد وتجربة جديدة يخوضها أبناء الشعب العراقي تكشف مدى الوعي والإرادة والدقة في الاختيار ونحن على موعد ليس ببعيد لهذه التجربة التي نتمنى أن تنقل العراق إلى فضاء أرحب وأوسع وأفضل.