القوى السياسيّة المشارِكة في الانتخابات "قضايا ورؤى في تمييز الاتجاهات"

المجموعة: مقالات رئيس المؤسسة كتب بواسطة: hussen

القوى السياسيّة المشارِكة في الانتخابات "قضايا ورؤى في تمييز الاتجاهات"

حسين جلوب الساعدي

رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية

 الحراك الجماهيري الذي حدث عام (2019) أثّر في موازين القوى، سواء كان التقييم باتساع تأثيره وامتداده أم محوريّته وامتداده؛ نظراً للأكثرية الصامتة التي يُمكن أنْ تغيّر المعادلة في أجواء تنافس القوى السياسية القديمة او القديمة بنكهة جديدة او الأجواء التي شكّلتها المظاهرات وشخصيّات طموحة تجعل لها عنوانًا مستفيدةً من التناقضات الحادة في الساحة معتمدة على المناطقية والعشائرية .

ويُمكن رصد طبيعة التحرّكات والتوجّهات والتكوين الجديد للسّاحة على ضوء الانقسامات والتشكيلات والتكتلات بعد حلّ التحالفات الكبيرة والانقسام في القوى المؤثرة وتشظٍ  داخل المجموعة الواحدة وحصول تصنيف جديد على أسس ومفاهيم وشعارات ورؤى  جديدة، ويمكن لحاظ التصنيف وفق القضايا التالية :

  1. الدعوة لإبقاء الاحتلال الأمريكي والعلاقة مع إسرائيل وانّها لا تمثل خطراً على العراق والمنطقة وهذا التوجه الذي يظهر بمظاهر متعددة من حيث الوضوح والتلميح والتصريح بالعلاقة او التبرير في الاتصال ، في مقابل هذا، هناك خط رافض مقاوم يدعو لخروج الاحتلال الأمريكي من العراق ويحملها الجرائم التي حصلت في العراق والفوضى الحاصلة في المظاهرات والجزم بأنّ إسرائيل المحتلة للقدس أولى القبلتين وتهجير الشعب الفلسطيني المسلم وأخذ أراضيه وعملية القتل والإبادة والاعتداء .

وانّ الموقفَ من إسرائيل ورفض التطبيع قضيةٌ مركزية عقائدية إنسانية لا يمكن التنازل عنها والمساومة فيها .

فالعلاقة مع أمريكا والتطبيع مع إسرائيل من القضايا التي يكون لها لحاظ في عملية التصنيف .

  1. الح * ش /د الش/ع*بي ومحاربة دا/ع*ش واجتثاث الإرهاب والموقف من الدول الداعمة للإرهاب فكرياً ومالياً وإعداداً وأسناداً كالسعودية ودول الخليج وأمريكا وإسرائيل.

الموقف من الح/ش*د بحله او تحجيمه او تسريحه او دمجه او أضعاف إمكانياته وتسليحه يمثل قضيةً جوهريةً في تمييز الخطوط والكيانات السياسية التي تصنف الى ثلاثة أصناف :

الأول : الذي يعتقد انّ الح/ش*د صانع النصر على الإرهاب والقوة الوطنية المخلصة التي لها عقيدة الأيمان والطاعة للمرجعية والدفاع عن وحدة العراق وسيادته .

الثاني : الذي يصف الح/ش*د أدى المهمة وانتهى دوره بهزيمة دا/ع*ش والإرهاب ويدعو الى تكيفه وحله ودمجة وتكريمه وتسريحه .

الثالث : الذي ينصب العداء له ويحاول تسقيطه وعزله عن مهامه او محاولة تجريمه وعد الفصائل الداعمة له من المنظّمات الإرهابيّة .

           فالموقف من الح/ش*د ا/ش**ع/بي بهذه الأصناف الثلاثة يعد مائزاً في عملية تقييم القوى وتصنيفها .

  1. المرجعيّة الدينيّة وطاعتها واتباعها والالتزام بتوجيهاتها يعد مجالاً في معرفة الاتجاهات في الساحة العراقية؛ حيث البعض ملتزم بهديها بتوجيهاتها وطاعتها والرجوع اليها والبعض الآخر يحاول حصر دورها في إدارة الحوزة والإفتاء، بالقضايا الشرعية ذات الطابع الفردي ويدعو لفصل الدين والمرجعية عن الحياة ، والثالث يعمل لمحاربتها والطعن فيها وضرب الحوزة العلميّة وعلومها لإسقاطها في نظر المجتمع وهؤلاء يتحدثون في وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات بصرامة ولا يستطيعون إظهار الأمر بين الناس في هذه الفترة ، فالمرجعيّة إحدى المقاييس في معرفة التوجّهات داخل القوى السياسية .
  2. الهويّة الإسلاميّة للمجتمع العراقي؛ حيث يظهر في الوسط السياسي الحرص عليها ورفض مظاهر الفسق والمجون والدعارة والخمر والانسلاخ والتقليد والانجذاب الى المظاهر الغربية، والثاني يدعو للتحلل والانحلال والاتباع لمظاهر الغرب والثقافة الغربية الدخيلة ومتابعة الموضه بكل أشكالها ،والثالث يحاول أنْ لا يقترب لمسخ الهوية وليس لديه الحساسية مما يجري وإنّما مصالحه السياسة ومكاسبه المالية فهو يتبّع ما يدر عليه المكسب والفائدة .

اذاً الالتزام والحفاظ على الهوية الإسلاميّة والقيم الدينيّة يمثل أحد عناصر التقييم والتصنيف .

  1. جرائم حزب البعث : حظر البعث وتجريم أعضاءه ومنع عودته بأفكاره العدوانية وشعارات القومية وممارساته العنصريّة وتمجيد جرائمه وحروبه والدعاية لشخصياته التي مارست الجرائم بحق الشعب العراقي يمثل مائزًا في تصنيف القوى السياسيّة التي منها التيار المدني الذي يثير أجواء الانفعال بأوساط الشباب الذين في نقد القوى الإسلامية وتمجيد النظام واتباعه وفي جانب آخر عملية التطبيع مع هذه الأجواء رغبة في توظيف النقد لمزيد من التسقيط والمحاصرة ، فيما يقف جماهير الشعب العراقي مندداً لجرائم النظام مطالباً مزيد من الإجراءات في حظر البعث الذي يحاول العودة من جديد وفي مقدمة هؤلاء ذووا الشهداء والسجناء والمهاجرين والمهجرين ومن اكتوى بنار حزب البعث المحظور .

اذاً جرائم حزب البعث وحظره ومحاصرته وتجريمه او تمجيده والدفاع عنه او السكوت عنه يُعد أحد علامات التصنيف والتمييز للقوى السياسية بعد التحولات.

  1. د*اع/ش والإرهاب ومنصّات التحريض والقاعدة والجرائم بحق الشعب العراقي من تفجير وتهجير وقتل وإبادة واغتيال واعتداء واغتصاب وخطف وسلب هذه الجرائم استحضارها واستذكارها وتحريك صناعها في المال والعدة والعتاد والرجال والفكر وعقيدة التكفير وثقافة العنف ونزعة العداء  لشيعة أهل البيت (عليهم السلام) الذي تدعمه السعودية ودول الخليج والوهابية والعمل المستمر في الإعلام والتيار المدني وبقايا حزب البعث وعمل المخابرات وخطابات بعض السياسيين التي تحاول محو الذاكرة في أجواء الضجيج .

او السكوت عنها والعمل على إعادة العلاقات مع السعودية والخليج واعتبارهم عونًا للعراق ومنقذين .

فيما يظل خط الحركة الإسلامية المقاوم للتطبيع والاستلاب والاستسلام واستحضار كل تلك الجرائم في الذاكرة والخطاب والتقييم والممانعة .

اذاً قضايا الإرهاب والموقف منها تعد أحد عناصر التمييز والتصنيف للقوى السياسية .

  1. إيران والموقف البعض من يؤكد على الوحدة الفكريّة والعقائديّة مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وهي خط المقاومة والدولة الداعمة والمساندة للشّيعة في العراق .

فيما يعدّها البعض الدولة الجارة التي تربط العراق معها مصالح مشتركة على ضوء إقامة علاقات وديّه متكافئة، وثالث يرى أنّ إيران العدو الحقيقي للعراق وإسرائيل وأمريكا والسعوديّة حلفاء أقوياء للخلاص من النفوذ الإيراني الفارسي في العراق .

هذه المواقف تكون شاخصاً في تصنيف القوى السياسية بعد التحولات .

  1. الأكثرية الشيعية ودورها في العملية السياسية واستحقاقها الطبيعي في إدارة الحكومة والدولة الذي يعمل البعض للحفاظ على كيان المكون الشيعي ودوره والبعض الأخر يعمل جاهداً لتحويل الأكثرية الى أقلية سياسية في إدارة الدولة تحت شعارات الوطنية والمدنية والقومية وعملية الأضعاف والتضعيف ، وثالث يحلم بتكوين حركة سياسية تستوعب كل العراق وأنّ ذكر الشيعة كمكون للأكثرية او العمل على تماسك الشيعة في مقابل طموح الكرد ونزعة السنة التسلطية يعد خيانة للوطن ،فالموقف من إدارة الأكثرية الشيعية يُعد أحد عناصر التقييم والتصنيف .
  2. مؤسسات العدالة الانتقالية والموقف منها وهي المعنية بتصفية تركة النظام الدكتاتوري وما تعرض الشعب العراقي وبالخصوص الشيعة من إعدامات واغتيال وتصفيات وسجن واعتقال وتهجير وهجرة وتجريف البساتين وتجفيف الأهوار وعملية تجويع وأذلال وتمييز في إدارة الدولة وحرمان من الحياة ومصادرة الأموال. انّ تلك الجرائم وضعت لها العديد من القوانين والهيئات والمؤسسات التي تهدف لتعويضهم وتكريمهم كهيئة نزاعات الملكية ومؤسسة الهداء ومؤسسة السجناء السياسيين ووزارة الهجرة والمحكمة الجنائية العليا وقانون من فقد جزء من أعضاء جسمه وهيئة المسائلة والعدالة وقانون حظر حزب البعث وقانون تعويض من فقدوا ممتلكاتهم وغيرها من القوانين .

فأن الأكثرية المظلومة تعد هذه المؤسسات والقوانين استحقاقًا طبيعيًا فرضته طبيعة التحوّل من الظلم والاضطهاد الى الأنصاف وجبر الضرر .

فيما يعدهُ البعضُ تمييزًا في حق الشعب العراقي مطالباً بإلغائها .

وظل البعض يهاون او ينقد بعض الممارسات والأخطاء الإدارية التي حصلت نتيجة بعض الإجراءات .

وبين هذا وذاك فالموقف من مؤسسات العدالة الانتقالية يعد مجالاً للتصنيف للقوى السياسية في العراق بعد التحول الجديد .

اذاً الموقف من الوجود الأمريكي في العراق والتطبيع مع إسرائيل والعلاقة بالسعودية والموقف من ايران ووجود ال*ح/شد ال/شع*ب/ي وطاعة المرجعية وحماية الهوية الإسلامية وحضر حزب البعث وأفكاره واستحضار جرائمه ومحاربة الإرهاب ود/اع*ش ومنصات التحريض ودور الشيعة ومكانة الأكثرية في العملية السياسية وإدارة العراق وبقاء مؤسسات العدالة الانتقالية هذه القضايا التي يتم على ضوئها تصنيف القوى السياسية لقراءة أفكارها وفهم خطابها والموقف من مشاريعها.

حسين جلوب الساعدي

23/6/2021