الدستور والشريعة الإسلامية

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 7649

  

 

حسين جلوب الساعدي


 

الدستور والشريعة الإسلامية

مفردتان لهما حضور في الساحة السياسية والثقافية في العراق .

الدستور والعملية الدستورية القضية الساخنة في الجواء الثقافية والسياسية وتفاعلاتها الإقليمية والدولية التي تراقب وتتدخل بشكل مباشر في تكوين العملية السياسية وفرض رؤائها من خلال مصادر نفوذها وتناقضات الواقع وتنوعه وتدافعات العملية السياسية المعقدة في العراق تلقي بضلالها على العملية الدستورية وتكوين لجانها وما يرافقها من مخاوف وتحديات داخلية في فرض الهيمنة أو الخروج منها او جراء عملية دستورية تعبر عن واقع الشعب العراقي ومكوناته وعن آمال العراقيين في إقرار الدستور يحترم الجميع واحد المفردات الدستورية وأهمها التي يكثر الجدل حول صياغتها وفهمها وإبعاد الشريعة الإسلامية وموقعها في الدستور العراقي .

وفي الأجواء طرحت عدة تصورات في هذه المسألة .

1. الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للدستور .

2. الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للدستور .

3. الإسلام دين الدولة الرسمي واحد مصادر التشريع .

 

 

 

4. لا يعتبر الدين والإسلام مصدر للتشريع قبل تأكيد احد التصورات المتقدمة نذكر جملة حقائق واقعية وموضوعية نتمنى النظر اليها بجدية بعيداً عن الشعارات والمزايدات بأسم الإسلام .

اولاً : الواقع السياسي في العراق المتنوع والمعقد والمتداخل والمتقاطع في بعض الأحيان ، بتنوعه في مكوناته السكانية عرب كرد تركمان وغيرها وبمذاهبه سنة وشيعة وباجتهاداته شوافع واحناف وحنابلة وصوفية وباجتهادات علماء الشيعة المستمرة والمتطورة منذ فتح باب الاجتهاد وباتجاهاته السياسية والدينية اسلاميون معتدلون مشاركون في العملية السياسية او مقاطعون مراقبون او متطرفون يخوضون عملية التكفير والقتل والابادة حتى الابناء الشعب العراقي الابرياء وليبراليون ووطنيون  وقوميون وديمقراطيون وشبه عيون وغيرهم .

      وباتجاهات ثقافية ومذاقات فنية متعددة والمعقد نابع التعقيد من عملية التدافع السياسي الذي يدور في الساحة من الشيعة الذين يعتقدون انهم الاكثرية مطالبين تجاوز العملية الاحصائية الى اقرار الاكثرية في الدستور والتحفظ ازاء الفيدرالية والتحرك في اطار الاستحقاقات الانتخابية والكرد ومطلب الفيدرالية وقضية

 

       كركوك والحقوق الكردية والسنة والشعور بالتهميش والمطالبة بالدور الذي ينسجم مع تطلعاتهم التي ترفض الكثير من المبادئ السياسية والمتداخل في تدخل العامل الدولي والامم المتحدة في اقرار الديمقراطية وتدخل الدول الاقليمية المباشر والسافر الذي يمتد عمقه من العراق حتى القاهرة والرباط الى باريس وبرلين ومن البصرة والنجف حتى طهران الى اسلام أباد وبكين وموسكو.

      والتداخل بالعمل في ساحة واحدة وهو العراقي الذي يعيش عملية التكوين وصراع النفوذ فيها الذي يصل حد التقاطع في بعض الاحيان والازدواجية في كثير من الاحيان .

       هذا الواقع المعقد يلقي بضلاله على العملية الدستورية وعلى موقع الاسلام في الدستور الذي قد يرفض البعض بعض الصيغ انطلاقاً من رؤيته معتمداً على قانون ادارة الدولة الذي يشكل اطاراً للعملية الدستورية .

ثانياً : واقع الحركة الإسلامية في العراق والتحول في خطاباتها وادبياتها من المواجهة للاستعمار والصهيونية والهيمنة الليبرالية والمواجهة الدموية مع الحكام الى المراجعة ومشروع التطبيع لمحمد مهدي

 

       شمس الدين والاسلاميون وخطاب المستقبل لمحمد حسين فضل الله والحركة الاسلامية من المواجهة الى المراجعة للدكتور كمال السعيد حبيب الى المشاركة كما في الاردن ومصر والجزائر وباكستان وافغانستان الى المصالحة في كل المجالات كما في فلسطين ولبنان والسودان والبوسنة وغيرها الى التيار المتطرف الذي تجاوز كل ادبيات الحركة الاسلامية ليندفع بشعارات احادية اطلاقية تكفر وتقتل وتنهب وتحرق كل شيء خارج اطارها مسلماً كان ام غيره طفلاً او شيخاً او امراة حتى اصبحت قضية عالمية لتكون مبرراً لمشروع عالمياً مكافحة الارهاب تنفق عملية مليارات الدولارات ويشترك فيه العالم وبعض الاسلاميون .

    

        والعراق عاش تلك المخاضات ويصورها الواضحة القانية الدموية وبتفاعلاتها السياسية ومنها العملية الدستورية في العراق الحركة الاسلامية في العراق من مشروع الدولة الاسلامية وولايه الفقيه والحرب العراقية الايرانية لتحرير العراق واقامة الدولة الاسلامية الواحدة التي تجتمع مع الدولة المنقذة بوحدة الولاية وحدة الدولة على رأي فقائها الى المراجعة وايقاف الحرب

 

        والاخفاق في عدم اسقاط النظام المقبور من خلال الحرب الخارجية او من خلال المعارضة الداخلية التي تجلت صورها في الانتفاضة الشعبانية وما بعدها وظاهرة التيار الديني بقيادة المرجع الشهيد محمد صادق الصدر (قدس سره )

       فتراجعت عن المشروع في اقامة الدولة الإسلامية الى الاعتماد على التعامل الدولي والمشاركة في المشروع الدولي في إسقاط النظام وإقامة النظام الديمقراطي ولتحق الجميع بذلك حتى أولئك الذين بحت اصواتهم بالشعارات ضد امريكا عدوة الشعوب والشيطان الاكبر على ما يصفون وحتى اولئك الذين حملوا السلاح واصحاب مشروع المقاومة ولما يشوف بالمنخل عمه العماه .

      واود ان اسجل هنا ملاحظة وهي ان الحركة الاسلامية والتيار الاسلامي رغم امتدادها الواسع في اوساط الشعب العراقي لم يظهر لديها خطاباً ثقافياً وفكرياً محدداً ولم يفلحوا في بلورة مشروعاً سياسياً يعبر عن وجهة نظرهم بشكل محدد سوى الشعارات والمزايدات والكذب والتضليل وان ما أنتجته الانتخابات  لا يمثل انسجاماً سياسياً في الخطاب الثقافي والسياسي الإسلامي

 

       وإنما هو تحالف سياسياً لا يؤمنوا بكل طموحات الإسلاميين إضافة لما يظهر في عملية المقاطعة لدى بعض إطراف التيار الإسلامي للعملية السياسية في ظل المحتل .

      وهذه الحقيقة تلقي باثارها على العملية السياسية الدستورية .

ثالثاً : الفهم الموضوعي للاسلام : ندفع بعيداً عن شعاراتنا الجزئية لفهم الإسلام ونبتعد عن فهم روح الإسلام واحكامه ومفاهيمه نرفع شعار حاكمية الإسلام بعيداً عن فهم الإسلام وحركته الزمانية والمكانية وأدوات البحث والتنظير الإسلامي ( الاجتهاد ) من خلال المعطيات العلمية في بلورة النظرية في اطار النص والقواعد الفقهية والاصولية وعملية تفريغ المسائل على ضوء الاصول فقد ندفع للالتزام بالجهاد متغافلين شروطه واحكامه ومتناسين الصلح والمصالح وضرورات الاحكام وغيرها ونتائج العمل واثاره ومنافعه واضراره وغيرها في الشروط الموضوعية لحركة هذا الحكم في الواقع وقد ندفع في تطبيع الشريعة متجاهلين أحوال الناس وشروط الحدود والقصاص والديات وغيرها .

       وان موضوع الزمان والمكان يفعل دوره في مباني الفقهاء وفتاوي وارائهم الفقهية وكذلك تطبيع القواعد الفقهية لاضرر ولا

 

       ضرار وقاعدة لا يكلف الله نفساً الا وسعها وتطبيق مقاصد الشريعة والأحكام وفهم الواقع الذي اثر في التنظير والتفكير والأحكام .

وكذا منطقة الفراغ وملئها باجتهادات الفقهاء وما نحتاجه من اعمال وضروريات على ضوء الاسلام .

هناك قضايا منصوص عليها في الأحكام الشرعية والموقف العلمي ازاء واضح وثم هناك قضايا فنية تنظيمية اكتشفها الإنسان بالتجربة والعمل واهما علم الإدارة وعلم الاقتصاد والسياسية والعمل الحزبي والقضايا التي يحتاجها الإنسان ويتعامل معها فكل يوم وما يسخر به الواقع من جديد في عالم  النظم والحياة التي قد لا نجد نصاً صريحاً ناظر اليها كالعلمية الدستورية وتبويب الدستور وتشكيل الحكومة وهيئاتها وتعدد الوزارات  والمديريات النابعة من حاجة الناس هذه القضايا كيف نتعامل معها المسلم يمكن التنظير اليها بلحاظين الاول عندما تريد اقامة حكومة اسلامية متكاملة ويكون استنباط الاحكام والمقدمات التي يعتمد عليها القضية بافتراضات ان المجتمع إسلامي وان الدولة يراد لها ان تكون إسلامية وان الاقرار والقبول والتعامل والتعاطي مع معطيات الأحكام اسلامياً بحتاً .

 

والثاني : يكون البحث على ضوء يراد للإسلام حضور ومشاركة وانسجام مع واقع متعدد ومتنوع يكون الإسلام احد مفرداته والقضايا المطروحة فيكون التنظير على أساس التوافق وكيف يكون الإنسان المسلم اسلامياً في أجواء بعض مفرداتها غير إسلامية على ضوء تلك المقدمات يأتي الحديث عن اختيار  احد الصيغ المتقدمة فالصيغة الأولى فهي إقامة الحكومة الإسلامية التي يثار حولها في الواقع العراقي الكثير من الملاحظات والصيغة الثالثة درجت عليها كل الدول الإسلامية وغاب الإسلام في الكثير من ممارسة الدول والصيغة الرابعة لالغية للاسلام ذو الحضور القوي في الساحة .

اما الصيغة الثانية هي الأنسب اذا تمكن الإسلاميون في اثباتها في الدستور .

 

الخطاب السياسي لدعـــــــاة إقليم الجنوب

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 8007

الخطاب السياسي لدعـــــــاة إقليم الجنوب

 

حسين جلوب الساعدي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الفدرالية احدى المفردات السياسية لشكل نظام الحكم في العراق التي أخذت طريقها في الدستور وأبعادها الواقعية في تشكيل بعض الاقاليم باعتبارها الحل الأمثل لشكل نظام الحكم في العراق لانسجامها مع طبيعة المجتمع العراقي المتعدد والمتنوع وتجاوزاً لأزمة الادارة المركزية التي مهدت لظهور الدكتاتورية والعنصرية القومية والطائفية لكي ينعم العراق بالاستقرار السياسي عند إحتفاضه بخصوصيات مكوناته المتنوعة والاتفاق على المشتركات التي منها النظام الفدرالي الذي يعطي مساحة واسعة لادارة الاقليم مع الاحتفاظ بسيادة الدولة والقانون والسياسية الخارجية والأمن الوطني والثروة الوطنية وغيرها .

فقد كان خيار الفدرالية واقعاً سياسياً فرضته التجربة التي عاشها الشعب العراقي نتيجة سيطرة الأقلية وتهميش الأكثرية وتهديد القوميات الأخرى مما أوجدت وعياً مبكراً لاختيار الفدرالية يشكل نظام الحكم منذ مؤتمر أربيل عام 1993 ومؤتمر لندن 2003 وقانون إدارة الدولة العراقية المؤقت وأخيراً إقرارها في الدستور الذي حدد آليات واضحة لتكوين الاقاليم وذلك عندما الزم مجلس النواب بإعداد قانون يحدد الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم بالأغلبية البسيطة خلال مدة لاتتجاوز الستة اشهر من تاريخ أول جلسة له ( م/115) كما نص على إمكانية قيام إقليم في محافظة واحدة أو أكثر بناءً على طلب بالاستفتاء عليه يقدم باحدى الطريقتين .

الاولى: طلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم .

الثانية: طلب من عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم .

وتكرسياً للنصوص الدستورية المشار اليها اعلاه طرحت تصورات ثلاثة في تكوين الاقاليم في الوسط والجنوب تمثل اولها بذكر اقليم الوسط والجنوب للمحافظات الشيعية التسعة وتضمن ثانيها فكرة أقليم مستقل لكل محافظة من المحافظات المذكورة في الوقت التي انطوى ثالثها على فكرة تكوين أقليم الجنوب لثلاث محافظات ( البصره ـ ذي قار ـ ميسان ).

وفي ضوء ما تقدم سبق لأبناء المحافظات الثلاث نشاطات مكثفة عبر المؤتمرات والملتقيات والبيانات المشتركة في المطالبة بإقليم الجنوب المحافظات الثلاثة وذلك للخصائص المشتركة للمنطقة الجنوبية والمتمثلة بـ :

اولاً : المسار التاريخي لجنوب العراق

جنوب العراق بمحافظاته الثلاث تمثل عمقاً حضارياً وثقافياً وسياسياً وتاريخياً للعراق جعلته يرسم مساراً تاريخيا له خصائصه الحضارية ، فالجنوب ظهرت في ربوعه حضارات متعددة كالسومرية والاكدية وحضارة ميسان وغيرها ، ومنذ تأسيس البصرة التي كانت قاعدة للأدارة والجيوش الاسلامية وحاضرة علميه تأسست فيها علوم اللغة والكلام والطب والهندسة ، وفي جنوب العراق قامت العديد من الدول والامارت كالدولة المزيدية والدولة الشاهينية ودولة البريديين ودولة المشعشعين ودولة آل افر سياب وإمارة المنتفج وإمارة آل عليان وغيرها . ومن الناحية الادارية كانت ولاية البصرة توازي ولاية بغداد من حيث أهمية موقعها المتميز وسعة امتداها الذي يشمل الجنوب كما كان ابناء الجنوب أول من طالب بإنشاء الاقاليم عند تأسيس الدولة العراقية كما جاء في الوثيقة التأريخية التي أرسلوها الى المندوب السامي البريطاني في العراق في الثالث عشر من كانون الثاني سنة 1921 .

ثانياً: الطبيعة الجغرافية :

جنوب العراق يحتفظ بخصائص تعكس صورة متجانسه ومتميزه في طبيعته حيث تنتهي منه أكبر عملية تفريع لنهري دجلة والفرات مكونة طبيعة زراعية واروائيه حتى تصب في منخفض الاهوار الواسع الذي يمثل عاملاً مشتركاً في طبيعة الجنوب ، وفي الجنوب تتجمع مياه دجلة والفرات بعد تسطحها في الاهوار بشط العرب مما جعل الجنوب يمثل طبيعة جغرافية واحده من حيث اهواره المشتركة بين المحافظات الثلاث وسهله المتجانس في زراعته وطبيعة العيش فيه ودرجة حرارته وثرواته الطبيعة .

ثالثاً: الثروة الاقتصادية

يشكل الجنوب النافذة الوحيدة التي يطل بها العراق على البحر فالبصرة هي الميناء الوحيد للتصدير والاستيراد وكذلك الثروة النفطية المشتركة في المنطقة الجنوبية التي تمثل 70% من احتياط العراق ، والاراضي ، الخصبة التي تمتد على مساحات واسعة من أراضي المحافظات الثلاث وبساتين النخيل التي تمتد بامتداد الانهار لتجعل الجنوب متميزاً بوفرة خيراته وثرواته الطبيعية التي تشكل ارضية خصبة لأقليم متجانس اقتصادياً .

رابعاً : الطبيعة السكانية

يتصف الجنوب بمحافظاته الثلاثة بطبيعة سكانية متجانسة وصبغة ثقافية واحدة تجعله حالة منسجمة تعبر عن هوية واحدة ، فالجنوب يرتكز في ثقافته وتكوينه الاجتماعي على القبلية   ( العشائرية ) ومذهب أهل البيت إضافة الى التفاعل مع الاحزاب السياسية والافكار الثقافية الجديدة والقديمة ، فالجنوب بقبائله كان عباره عن عدة أحلاف عشائرية ترتبط بعلاقات ود واحترام وانسجام وهموم مشتركة في أكثر مراحل تاريخ العراق حتى انعكست على طبيعة التكوين السكاني ، فالتداخل بين عشائر الجنوب واضح حيث لم تجد عشيرة في جنوب العراق ما لم تتصل باخرى بنوع من العلاقة كالجوار والمصاهرة والحلف والتعاون الخ .

وأكثر أبناء الجنوب هم من شيعة أهل البيت (ع) ومرتبطون بالمرجعية الدينية مما شكل لديهم ثقافة دينية متقاربة ومنسجمة .

خامساًً: اللام والآمال :

من المقومات الأساسية لتلاحهم أبناء الجنوب ما تعرضوا له من دمار شامل واضطهاد دائم وقتل وابادة وتهجير وتدمير مزراع النخيل وتجفيف الاهوار وتعطيل الحياة الزراعية وغيرها وما تعرضوا له من تصفية جسدية ومقابر جماعية وهجرة مليونية وتميز طائفي جعلت ابناء الجنوب يحتفظون في ذاكرتهم تلك اللام والمحن لتكون حافزاً قوياً ليجتمعوا في بلورة اطاراً مشتركاً يرسم آفاق وآمالاًَ لحياة جديدة وليستفيدوا من خصائص نظام الحكم في العراق الجديد ومنها الفدرالية ناظرين إليها بايجابية عالية لتعويض سنين الحرمان من خلال تأسيس أقليم الجنوب بمحافظاته الثلاثة .

اذاً لجنوب العراق خصائص تاريخية وطبيعة جغرافية وحياة اجتماعية وصبغة ثقافية وهموم واللام وآمال واحده وثروة طبيعية وطاقات بشرية تعتبر عناصر قوة وانسجام واندفاع لتشكيل أقليم الجنوب .

وانطلاقاً مما تقدم بادرت الوجوه الخيره من أبناء البصرة وذي قار وميسان من قوة دينية وسياسية واجتماعية وثقافية لطرح فكرة إقامة اقليم الجنوب معبرين عن آمال الجماهير الصابرة من أبناء المحافظات الثلاث ومستندين الى مجموعة من المبررات التالي ذكرها :

1. أن اقليم الجنوب ( البصرة والناصرية وميسان ) يمثل قوة ساندة لدور المرجعية في تعدد مراكز التأثير والاستقطاب وحيث أن امتداد المرجعية الذي لا يحد بحدود أقليمية او دولية لأن مهمتها رعاية المسلمين وضمان مصالحهم في جميع أنحاء العالم .

2. ان اقامة اقليم واحد للشيعة من شأنه ان يكرس الانقسام الطائفي ويهدد الوجود الشيعي خارج الاقليم ويثير مخاوف الكتل والمكونات الاخرى للشعب العراقي . كما يثير حفيظة دول  الجوار بوصفه مدعاة لمشروع تقسيم العراق على اساس طائفي ، في الوقت الذي يختزل فيه تعدد الاقاليم ومنها اقليم الجنوب تلك المخاوف والتداعيات باعتباره قائماً على اسس جغرافية وسكانية وادارية .

3. ان تعدد الاقاليم في الوسط والجنوب يعطي فرصة اكبر لتقسيم الثروة والنمو الاقتصادي وفرص الاستثمار وتوفير الخدمات .

4. ان تعدد مراكز القرار يوفر فرصة اكبر لإدارة ألازمات والحد من تأثيرها كما يعطي فرصة اكبر لتمثيل الأقاليم في المجلس الاتحادي للأقاليم .

5. ان تعدد مراكز القرار يمثل قوة وطنية في الحد من تدخل الحكومة المركزية ويوسع دائرة التاثير قرارات الحكومة المركزية ، كما يحد من خطر تدخل المؤسسة العسكرية .

6. ان تعدد الأقاليم يحد من ظاهرة الاستئثار بالسلطة ومراكز القيادة على اساس مناطقي ومن ثم يوفر تمثيلاً سياسياً متوازناً بين ابناء الوسط والجنوب .

7. ان تعدد الاقاليم يوسع من دائرة التخصص العلمي والاداري والهيئات العلمية والمشاريع التنموية ويعزز روح الوطنية ويقلل من مخاوف التأثيرات الإقليمية والدولية .

8. ان تعدد الأقاليم يوسع من دائرة التخصص العلمي والاداري ويخلق الطاقات السياسية والإدارية كفوءة قادرة على المشاركة في الاشراف على المشاريع ( اضافة تعدد الوظائف ) .

9. ان إقامة إقليم الجنوب يشكل استقطاباً لابناء المحافظات الثلاث وعقولها العلمية وشخصياتها السياسية بوصفها من اكثر المحافظات طرداً لسكانها نتيجة تمركز فرص العمل والتنمية في المراكز الاخرى . وهكذا يكون هذا الاقليم املاً لابنائه في العودة لديارهم واهلهم لمشاركتهم في البناء والاعمار والتقدم .

10.    ليس من شأن اقليم الجنوب تمزيق وحدة الصف الوطني لما يشكله من دعامه اساسية لتكريس الوحدة الوطنية من خلال وضع حد للصراع الطائفي وقطع الطريق امام تقسيم العراق على اساس طائفي .

ان هذه الافكار والاراء والتصورات ليست الا مقترحات واثارات لا تتخطى المبادرة نضعها بين ايدي ابناء محافظتنا العزيزة واخواننا في جنوب العراق لاثرائها بالحوار والملاحظة وحملها مشروعاً عملياً لاقامة اقليم الجنوب لنكون معاً في حياة يسودها التعاون والمحبة والعطاء والبناء .

 

التعددية في العراق

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 7887

 

التعددية في العراق

 

حسين جلوب الساعدي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المقدمة

 

التعددية احد المظاهر السياسية المهمة في العراق واعتبارها احد المبادئ الأساسية في العملية السياسية والدستور يعد فهماً واقعياً ومهماً في استيعاب الخطابات المتعددة بتعداد أطياف الشعب العراقي وفي هذا البحث حاولت دراسة ألازمة التي تعرض لها مكونات الشعب العراقي والخطابات التي حصلت نتيجة الوعي المتراكم والمحنة المستديمة وسعيت إن أكون موضوعياً ملتزماً في تحديد الخطابات من خلال المتابعة والمشاركة التي عايشت فيها العملية السياسية ثم ذكرت المشروع الوطني الذي التقى أكثر العراقيين لإنجاحه والنهوض به .

وبهذا عسى إن أشارك في إعطاء صورة واقعية لفهم العملية السياسية علناً نسير في أفاقها بخطى ثابتة تأتي ثمارها بالخير والبركة والاستقرار والتعاون والمحبة بين جميع أطياف الشعب العراقي .
التعددية في العراق

وإثرها في كتابة الدستور وإقراره

التعددية سنة كونية حقيقة إنسانية فالكون يزخر بالتنوع والتعدد في السماء في الأرض والنبات والتربة وفي الإنسان أقوام وشعوب متعددة لغات متعددة مذاهب أديان اجتهادات افكار متعددة ومتنوعة لغات متعددة مذاهب أديان اجتهادات أفكار متعددة ومتنوعة كل ما حولنا يثير التأمل بالأنواع والألوان والأجناس والصور المتنوعة بالمأكل والملبس  والأذواق و... الخ .

والعراق لا يخرج عن هذه السنة الكونية والحقيقة الشاخصة الواضحة إمامنا فالعراق متنوع من حيث طبيعة الجغرافية جبال وهضاب سهول وديان انهار واهوار و... الخ.

ومتنوع بسكانه عرب كرد تركمان سريان مندائيين و... الخ.

وبأديانه ومذاهبه مسلمـون مسيح صابئة ويزيديون و... الخ.

ومذاهبه سنة وشيعة واجتهاداته شوافع وأحناف وحنابلة وصوفية وكاكائية.

والتشيع فتح باب الاجتهاد على مصراعية ليكون الفقهاء والمراجع متعددين وكثيرين منذ زمن بعيد واثر فتح باب الاجتهاد في ظهور مرجعيات زمنية وبروز مرجعيات متعددة في نفس الوقت .

وتميز العراق بانفتاحه على التيارات الفكرية واتجاهاتها الثقافية والمعالجات التي طرحها الفقهاء في علاج الواقع نتيجة لذلك .

او المواقف المتعددة من الحداثة والعولمة والأفكار الجديدة في قبولها ورفضها او التوافق والتكيف معها وعقد الموائمة في معالجاتها مما يجعل العراق متعدد الاجتهادات والاتجاهات .

فكانت الحركة القومية والعنصرية العربية والتيار الشيوعي والاشتراكي والنهج اليبرالي والديمقراطي والمشروع الوطني والحوار الوطني والحركة الإسلامية في الأوساط السنية والشيعية ومبادرات العلماء في طرح عدة مشاريع دينية لمعالجة الواقع او الانسجام معه او مقاطعته كل حسب اجتهاده

لكن هذا التنوع  والتعدد شكل ازمة في تاريخ العراق القديم والحديث عند غياب الحوار وإصدار المواقف الجاهزة بعضهم من بعض وإراقة الدماء واشتدت ألازمة عند مجيء حزب البعث العنصري الطائفي فتمثلت بما يلي :ـ

1.العنصرية القومية : تمثلت بحزب البعث وفكره العنصري الذي سيطر على العراق لاغياً كل الخصوصيات القومية للكرد والتركمان والاشوريين ليقوم عملية التطهير العرقي في المنطقة الشمالية في عمليات الابادة الجماعية في حلبجة والانفال ومدن الشمال وكركوك ثم قام بحملة التعريب فيها لإلغاء الخصوصية القومية لهم ويكرس كل صور الصراع القومي والاثني والعرقي لتكون ثورة الشمال وحروب الكرد في السبعينات وحتى سقوطه فجعلت الكردي يبحث عن هويته وحقوقه وآمنة وحياته في أجواء أزمة العنصرية العربية .

ثم يقوم بتسفير الآلاف من الكرد الفيلية لأنهم من اصول كردية إيرانية وشيعة في نفس الوقت بعد قتل الشباب ودفنهم في المقابر الجماعية التي ظهرت هذه في نقرة السلمان وبادية السماوة .والتركمان مع مالاقوه من حملة تعريب وطرد من بيوتهم واباد ة جماعية مدمرة طوزخرماتو وتسعين وبشر وغيرها حتى اصبحت اليوم من اعقد القضايا في الاورقة السياسية نتيجة السياسية الصدامية العنصرية ضد التركمان في كركوك وغيرها .

2.العنصرية الطائفية : فقد حرم الشيعة منذ تأسيس الدولة العراقية من المشاركة السياسية وعانوا من عملية التهميش والإلغاء والابادة الجماعية التي ارتفعت باقسى صورها زمن النظام الطائفي  المقبور . فكان قتل مراجع الدين في النجف الاشرف وعلى رأسهم الشهيد الصدر الاول والشهيد الصدر الثاني (قدس سرهم) وغيرهم من المراجع. وتعطيل الحوزة العلمية في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية ومنع تداول الكتاب الشيعي وتدريس المذاهب السنية في المدارس بالمناطق الشيعية . وإغلاق الصحف والمجلات والدوريات والمدارس والمعاهد ذات الهوية الشيعية .ثم اصدر حكم الاعدام والابادة للسياسيين من الشيعة فملئ بهم السجون والمقابر وهاجر الكثير منهم يعيش الغربة والحرمان وفراق الوطن والأحبة واشتدت وطأة النظام ضد الشيعة أيام الانتفاضة الشعبانية ليعلن عن نهجه الطائفي في شعاره المعروف ( لا شيعة بعد اليوم ) ثم الاعتقالات الجماعية وتأسيس معسكرات السجون الجماعية في الرضوانية والتاجي وابي غريب ثم تنامت حركة المقاومة والرفض للحكم الطائفي ويستمر النظام في ممارساته الطائفية في تجفيف الاهوار وتهجير أهلها والقتل الجماعي لتظهر المقابر الجماعية في كل مكان من محافظة ميسان  والبصرة والناصرية والسماوة والديوانية والحلة وكربلاء وغيرها . فأخذ الشيعي يبحث عن وطنه المفقود وهويته الغائبة وصار لم يعترف به كمواطن اوكأنسان في العراق وكان هم الساسة العراقيون ان يوضع الحل لهذه ألازمة الإنسانية التي عاشها العراق .

3.الفكر الاطلاقي : شكل الفكر الشمولي الاطلاقي أزمة حقيقية في اجواء التعددية في العراق في رفض الأخر والاعتداء عليه او تكفير وجواز قتلة اعتقاداً منه بصحة فكرة وبشكل مطلق وخطأ الآخرين وعدم السماح لهم في التعبير عن أرائهم او فرصة الحياة وتمثلت هذه ألازمة في الفكر القومي العنصري والشيوعية الحتمية والسلفية لنمو الحوار وإلغاء التعددية التي يزخر بها العراق فأنتجت عمليات إرهابية في جواز القتل وتحجر وتوقع والقليل من سعى للخلاص من هذا المرض لكي لا يعيش العراق أزمة أخرى .

4.الإدارة المركزية : حيث سيطرة عصابة البعث في جنح الليل على   القصر الجمهوري وإذاعة بغداد لتعلن ان العراق وأهله عبيد اقنان

  للبعثيين ثم لعائلة صدام وعشيرته لينعموا بخيرات العراق ويدار    العراق بقرارات جاهزة منهم ويغيب الدستور وتنعدم الحقوق في أجواء سيطرة القرية الواحدة .

5.سيطرة السنة على الحكم : تكرست وتعمقت فكرة سيطرة السنة على مقاليد العراق منذ تأسيس الدولة العراقية فأصبحوا يشكلون اكثر من 95% من ادارة الدولة وشؤونها السياسية وهذا المكسب لا يمكن ان يتنازلون عنه بسهولة ولا يمكن ان ينحني السني الطائفي إمام اوكد السني الطائفي وليس حقيقة إن في البلد له شركاء من الكرد   والشيعة .       لذا ظهرت عملية الرفض على شكل عمل إرهابي بقطع الرؤوس وقلع العيون والتمثيل بالقتلى وتفجير الأسواق والعمليات الانتحارية بالأماكن العامة واسر الأطفال والنساء والأبرياء والعزل ثم قتلهم والاعتداء المستمر على العتبات المقدسة في كربلاء والنجف والكاظمية و ... الخ .

6.تدخل الدول الإقليمية في العراق : بعد ان أفرزت تلك ألازمات السياسية معارضة واسعة ومتعددة بتعدد الواقع العراقي وهجرتها الجماعية الى بلدان عدة منها الدول المجاورة التي تدخلت بشكل مباشر في تكوين اتجاهات المعارضة السياسية آنذاك لضمان مصالحها في العراق والحفاظ على أمنها القومي واتجاهها السياسي مما جعل أكثر العراقيين يتنفسوا هواء غير عراقي ويفكروا في مصالح ذوي النعمة عليهم بعيداً عن مصالح العراق وشعبه وهذه ألازمة من اعقد القضايا التي لا يستطيع المرء الخوض فيها بصوت عال خوفاً من صيادي الليل ومراكز القرار والأحكام الجاهزة المعدة سلفاً في التفكير والإلغاء أين وصلت العملية السياسية في معالجة تلك ألازمات وما هي الضمانات إن يعيش كل العراقيين كرد عرب وتركمان وسريان وغيرهم بأمن وأمان وتصان كرامتهم وتضمن حقوقهم .

 

 

 

أول خطوة باتجاه علاج تلك ألازمات وعي الشعب العراقي لها وإدراك العملية السياسية للواقع المضرج بالدماء وكبر المحنة التي المت بمكونات الشعب العراقي ونتيجة الوعي المتراكم لكل طيف من أطياف العراق أدرك كل واحد منهم ماذا يريد فطرحت المبادرات والأفكار والخطابات السياسية كل ينطلق من واقعه والامه وماله .

فتعدد الخطاب الشيعي في اتجاهات عدة منها متحسس لهذه الازمات متجاوز او جاهل أثارها طارحاً معالجات فضفاضة واسعة رافعاً شعار وحدة العراق والوحدة الإسلامية والإخوة الإيمانية بعيداً عن تعقيدات الواقع العراقي وخصوصية الشيعة متحمساً لفكرة الجهاد وطرد المحتل بالقوة ومنها :

مدرك لكل تلك ألازمات بتفاصيلها مندفعاً لتحقيق حقوق الشيعة مغالياً في حقوق الأكثرية الشيعة متبنياً للمشروع الديمقراطي لوصول الاكثرية للحكم من خلال الاستحقاقات الانتخابية متأملاً ان تكون كتابة الدستور بأيديهم وتشكيل الحكومة بإرادتهم غافلاً الواقع العراقي وتنوعه والاستحقاقات السياسية لم يدرك مسيرة العملية السياسية والثوابت والمنطلقات التي سارت وتسير بها ومنها : الوعي الحقيقي الذي ينطلق من الاعتراف بحقوق الاخرين من حين المطالبة بحقوق الشيعة مدركاً للخصوصية الشيعية سعياً لبلورة خطاباً شيعياً ناضجاً واضعاً تلك ألازمات بكل تفاصيلها نصب عينه مؤكداً القضايا التالية :ـ


 

1.ان الشيعة تعرضوا لقتل وابادة طائفية شملت كل شيء ولم يبق شبراً او فرداً او ماء او سجداً لم تنله حقد الطائفية فضلاً عن البشر المقتول والمصلوب والمدفون حياً في المقابر الجماعية .

2.إقرار الحقوق الثقافية باستقلال المرجعية الدينية والحوزة العلمية عن السلطة وخضوع أوقاف الشيعة لدائرة خاصة بهم والسماح للعلماء والمثقفين الشيعة بإصدار الكتب والمجلات والصحف التي تخدم البلاد وحرية ممارسة الشعائر المذهبية كالشعائر الحسينية والاحتفالات وحرية إنشاء المدارس وإعادة النظر في المناهج الدراسية الحكومية كمناهج التاريخ والدين والوطنية والقومية التي كانت مسخرة لطائفية وقومية معينة وان يكون التعليم في المناطق الشيعية وفق مذهب أهل البيت (ع) وحرية الأعلام وتكافؤ الفرص في المؤسسات العلمية والإدارية وغير ذلك .

3.الحقوق السياسية : إعطاء الشيعة الدور السياسي الطبيعي الذي يليق بهم تاريخياً وثقافياً والمشاركة في إدارة الدولة ومن خلال النظام الديمقراطي الفدرالي والسماح للأحزاب الشيعية في أجواء التعددية بالنشاط والحركة والمشاركة مع حرية التعبير والاعتقاد.

4.الحقوق المدنية والاقتصادية تمثل في اعادة المهجرين والمهاجرين العراقيين الى ديارهم وتعويضهم وإعادة الجنسية 


 

وتمكين الشيعة من تحكيم فقه أهل البيت (ع) في مجال الأحوال الشخصية وتناسب المواقع في إدارة البلاد وإدارة الأقاليم الشيعية من قبل أبنائهم وان يكون لهم مساهمة فعالة في تقرير شؤون البلاد والاهتمام بأعمار مدن الشيعة المدمرة وإقامة المشاريع الاقتصادية بما يتناسب مع مواردها الاقتصادية وإعادة الاهوار ورفع الحيف والظلم عنهم وإعادة حقوقهم وتعويض ذوي الشهداء وتكريمهم ورعاية ضحايا النظام هذه ابرز ملامح الخطاب الشيعي الواعي الذي اخذ مداه بالتأثير والتأطير للعلمية السياسية والتحق به الكثير من أصحاب النظرات الأخرى واستفادوا منه في التمتع بحقوقهم والحصول على مواقع أساسية ومهمة في ادارة الدولة والجمعية الوطنية .

فقد خطى هذا الخطاب خطوات عملية في الحصول على الكثير من تلك المطالب وأسس لتحقيق واقعاً موضوعياً ورؤية مستقبلية ولم يكن متغافلاً في انه يشكل طيف واحدة ومن اللازم الالتقاء مع باقي الأطياف على أساس دستور دائم للبلاد يحفظ الحق للجميع .

اما الكرد : فقد عاش الكرد مخاضات عديدة من الدعوة للانفصال وتأسيس دولة كردستان الكبرى الى الحكم الذاتي والقتال والحروب والهجرة وأخيراً تبلور خطاباً كردياً موحداً محدداً في المطالبة بإقامة إقليم كردستان وأعماره مستفيداً من موارده الطبيعية والمحلية مطالباً باعطاءه حق المشاركة بالموارد الطبيعة في العراق حسب الكثافة السكانية  

متحمساً لإقامة النظام الديمقراطي والفدرالية طموحاً لتوسيع نفوده عقلانياً في إدارة ألازمة السياسية متفهماً العملية السياسية حتى أصبح مفتاح العملية السياسية والمشروع الوطني في العراق في الأروقة المغلقة مؤثراً على المسير السياسي في تفاعلاته الواقعية .

ولكن الخطاب الكردي يعاني من قضيتين كركوك والتوازنات مع الإطراف الأخرى .

قضية كركوك بتعقيداتها التي أوجدها النظام وبتنوعها المتنافس وبطموح الأكراد بها أخذت تشكل عقدة في أجواء العملية السياسية ومطلب كردي خطر في نظر التركمان والعرب والسريان والأيام حلى لا نعلم ماذا ستلد في مخاض الخطاب الكردي وواقع كركوك والموازنات السياسية في العراق والكرد بوعي كامل في إدراكهم لتنوع الواقع السياسي وتعدده لكن التعقيد الذي يعيشه العراق في بلورة مشروع وطني متكامل يجعل الكرد يتنقلون في خطاباتهم ومواقفهم بين السنة والشيعة وبين العلمانية والإسلام وبين التحالف ضد ومع وبين الطموح القومي والبناء الوطني مما جعل مواقفهم استفزازية لحلفاء في بعض الأحيان ولابد منها في كثير من الأحيان .
اخيراً يبقى الكرد عنصر موازنة ركن من أركان البناء الوطني في العراق وتحقيق خصوصيتهم أمسى مفروغاً عنه وسوف يكون احد العناصر الأساسية والمهمة في صياغة الدستور وإقراره .

الخطاب السني : يمثل الوجود السني العربي عنصر أساسي في العلمية السياسية والمشروع الوطني في تعقيداته وعمقه الدولي والتدخل الإقليمي ورؤيته للمكاسب السياسية والمشاركة في الواقع الإداري وتعقد أكثر عندما التقى الفكر السلفي التكفيري مع الحقد البعثي الصدامي لتظهر العمليات الإرهابية بعناوين إسلامية ومحتوى أجرامي بعثي .

فقد اختلطت الكثير من القضايا والمواقف في الواقع السني قيادة حزب البعث والهيئة العليا لاجتثاث البعث التي يشعر الكثير منهم بانها موجهة ضدهم يظهر ذلك من خلال خطاباتهم السياسية وانتقاداتهم لمشروع الاجتثاث الذي يرون عنوانه استفزازاً . لكن ثمة ملاحظة في هذا الإطار هل ان حزب البعث المقبور حاول ربط السنة مصيرة من خلال زجهم في معركة الخاسرة واتخاذهم عنصر قواه في إعادة انفاسة أم أنهم اتخذوا تلك المواقف من وحي واقعهم التاريخي ورؤيتهم للعملية السياسية القائمة .

وهناك توجه لدى البعض في الاندماج بالمشروع الوطني لكن لم يجرؤ في بلورة خطاب يقود ويوجه السنة العرب باتجاه المشاركة وبين الضغوط التي يوجهها من أبناء جلدته في تبني قضاياهم والدفاع عنهم لدرجة الالتحاق بهم في


 

بعض الأحيان ويناله من الظلم والاعتقال في بعض الأوقات لاختلاط الأوراق والمواقف .

اما المؤسسة الدينية فهي متورطة في العمليات الإرهابية واضحة في موقفها اتجاه العملية السياسية القائمة مقاطعة لها .

لكنها غيرت من خطابها عندما واجهة الرأي الشعبي الغاضب الذي ينذر بحرب طائفية جراء السياسة المدعومة منهم فتغيرت اللهجة في التنديد بالعمليات الإرهابية الطائفية والمساعي بعقد مصالحة مع بعض الإطراف القوية في الساحة والمطالبة بالاشتراك بكتابة الدستور بعد المقاطعة للانتخابات التي شعر الكثير منهم بالخسارة بعدم الاشتراك لكن التعقيد قائم على خلفية انهم الحكام السادة في العراق ولم يعترفوا بالتغييرات التي حصلت في مسار الدولة الإداري في السعي لإقامة النظام الفيدرالي ومبدأ المساواة ويندد بالعمل الإرهابي الطائفي الي ينسب أليهم ظلماً على ما يصفون لكن الواقع السياسي يسر لإشراكهم في العملية السياسية والإدارية والدستورية بحجمهم الطبيعي بعيداً عن ممارسة التهميش والإلغاء التي عانى منها الشعب العراقي زمن النظام المقبور .


اما التركمان: يمثل التركمان قوس قزح في تحديد الصورة وفي تعدد الألوان في الأوساط التركمانية فهم ثالث قومية في العراق تسكن المنطقة الشمالية تفصل بين الكرد والعرب تعاني من عمليات التكريد والتعريب متعددة المذاهب والاجتهادات والانتماءات والولاءات .

فمنهم الشيعي الذي اتكئ على الأجواء الشيعية ومنهم السني الذي ضاع في اجواء الخطابات السنية ومنهم القومي الذي يوالي الدولة القومية ومنهم من انضوى تحت خيمة الكرد معتقداً انهم يحققوا مصالح التركمان اكثر من غيرهم .

والجميع متفقون على حماية مصالح التركمان والحفاظ على الهوية التركمانية في اجواء التعددية همهم الحفاظ على كركوك كمركز أساسي لهم لكن خطابهم السياسي لم ينضج بعد في اطار واحد وان التجاذبات بينهم قائمة ولكن رغم هذا فان الاعتراف بهم ثالث قومية في العراق يمثل جزء من الخطاب السياسي العراقي وان الجميع مدرك الخصوصية التي يحظى بها التركمان وسوف تأخذ طريقها في كتابة الدستور وإقراره في اعتبارهم احد مكونات الشعب العراقي والنظر للخصوصية القومية .

اما الكرد والفيلية : الطراز المزكرش بين الكرد والشيعة والعرب والاصول الايرانية والهوية القومية وهذا الشكل كان يمثل مضاعفة الاضطهاد وكبر المحنة وألان ينقسم خطابه مبين الانتماء القومي برعاية الكرد في إشراكهم وتوفير أجواء سياسية لهم وبين الانتماء المذهبي الشيعي
ومشاركتهم في اطار التحرك والتحالف الشيعي وقد حققوا مكاسب في اجواء المناصب السياسية والإدارية ولم تتبلور لديهم خصوصية الكيان المستقل عن الكرد والشيعة لكن الاعتراف بوجودهم وحمل قضيتهم بإعادة الجنسية المرقمة لاكثرهم وإعادة أموالهم المصادرة جزء من خطابات وزارة حقوق الانسان وجزء من برامج وزارة المهجرين والمهاجرين وان اهتمامهم بان يكون الدستور المرتقب ناظراً لقضيتهم معالجاً لازمتهم .

اما المسيح : من السريان والآشوريين والكلدان تمحور خطابهم بين الانطاب بالحديث عن أصولهم العراقية ودورهم في نقل العلوم السريانية واليونانية الى العربية وبين لوعة الماضي القريب حيث القتل والمطاردة والتشريد والابادة الجماعية والهجرة الواسعة الى الخارج اثر ذلك . فهم طموحون بتأسيس حكم ذاتي في القرى والقصبات شمال العراق والحفاظ على الهوية القومية والدينية باعتبارهم احد الوان الطيف العراقي ومتحمس للحضور السياسي والإعلان عن هويتهم السياسية وحقوقهم المدنية والثقافية ويرون ذلك من خلال التعددية وتحالف بعضهم مع الكرد لاعتبار الجورة وتقاسم المعانات ايام الانفال والتطهير العراقي الذي قامت به العنصرية العربية .

والكثير منهم يعيش حالة القلق اثر العمليات الإرهابية التي استهدفت الكنائس في الموصل وبغداد ويأملون من عراق جديد ينصفهم من خلال دستور دائم يعطي لكل ذي حق حقه من خلال إقرار التعددية ولحاظهم احد المفردات المؤثرة في صياغة الدستور .


 

اما الصابئة المندائيين : فهم صورة من واقع العراق المطرز بالالوان ونموذج في الوداعة والأريحية والمشاركة في تاريخ الأدب العربي والفن والحياة في جنوب العراق وتعرضوا ما تعرض له جنوب العراق موطنهم الاصلي من دمار وخراب وانعكس على وجودهم فهاجروا الكثير من والى خارج العراق ومن مناطق سكناهم في اهوار الجنوب وتلاحهم في المشاعر والحب للوطن مع شيعة العراق يكاد لا نميزهم لكن يحدوهم الأمل ان يكون حضهم وحصتهم في الإدارة السياسية كغيرهم من الأقليات وكان اعتمادهم على المبادئ الأساسية في إقرار التعددية واحترام مكونات الشعب العراقي في الحصول على مواقع في السلطة فكان الاستاذ مال الله ممثل الصائبة المندائية في المجلس الوطني المؤقت ودخلوا قائمة الائتلاف ليكون اسمهم أخر الأسماء التي لم تحظ في دخول الجمعية الوطنية وان لسان حالهم يقول مع من نجد أنفسنا لكنهم سعداء في ان يكون الدستور يؤكد التعددية وحرية التعبير والمعتقد لكي يعيشوا بأمان .

اما اليزيدية : فخطابهم بين عقدة الانتماء الديني وضريبة غموض الديانة وقراءات وكتابات الآخرين المجحفة لهم وبين ذاكرة الابادة بفتاوى فقهاء الدولة العثمانية وجيوشها المسلمة ولكنهم يمتد بصرهم بانفتاح جديد ومشاركة جديدة في اتكاءهم على قرار التعددية والتحالف مع الكرد الذين حفظوا لهم المشاركة    من ممثلين لهم في المجلس الوطني المؤقت والجمعية الوطنية                   المنتخبة وحضور مؤتمرات التعددية كمؤتمر العراق نحـــــــو التعددية

 

ليكتب الأستاذ بيير خدر سليمان الايزيدي بحثه الذي يعلن فيه مطالب الايزيدين السياسية وحقوقهم المدنية والثقافية التي تضمن الاعتراف بالديانة الايزيدية ديانة توحيدية والإقرار الرسمي بأعيادهم وتثبيتها في قانون العطل والأعياد الرسمية العراقية والإقرار بقوميتهم الكردية والكف عن سياسة التعريب وإعادة أراضيهم المصادرة والحفاظ على صيغة الإدارية لقضائي سنجار وشيخان وحرية النشر والتعبير والاعتقاد وإقرار الحقوق الإدارية والثقافية في مناطق الأكثرية الايزيدية وتعميم مادة تدريس الايزيدية في مناطق ذات الأغلبية الايزيدية والمطالبة المستمرة في أعمار مناطق الايزيدية ومواصلة الدعم لمراكزهم الثقافية والعلمية.

وان خطابهم هذا يمثل وضوح كامل في المطالب والآمال التي يتنظرونها من العراق الجديد الذي يقوم على التعددية في الحياة السياسية والثقافية من خلال دستور دائم للبلاد يحترم جميع مكونات الشعب العراقي ويلبي طموحاتها .

بعد هذا العرض السريع لخطابات مكونات الشعب العراقي التي استنفدناها من خلال المتابعة والمشاركة السياسية التي تعبر بوضوح عن طموحات مكونات الشعب العراقي في إقرار التعددية كمبدأ أساسي في صياغة الدستور وإقراره والتي تبلور لديها خصائص المشروع الوطني الذي حدد المنطلقات في بناء العراق الجديد من خلال دستور دائم للبلاد يلبي طموحات جميع مكونات الشعب العراقي .

 

 


 

المشروع الوطني: الذي أدرك تنوع العراق وعقد الصلة واجراء الحوار الواسع وقبول التعدد والارتفاع بالعراق الى بلد مستقر ينمو ويزدهر بالطاقات والقابليات والأجواء والاجتهادات المتعددة لتغني العملية السياسية والعراق بعناصر القوة والفاعلية فقد سعى أبناء الشعب العراقي منذ عام 1980 في بداية المواجهة ضد النظام ابدأ الحوار بين جميع مكونات المعارضة العراقية لبلورة مشروع وطني بديل عن العنصرية العربية البعثية وبعد ان تنامت حركة المقاومة في الشمال الكردي والجنوب الشيعي في الثمانيات ثم قيام الانتفاضة الشعبانية وجعل كردستان منطقة أمنة لتحتضن اول مؤتمر للمعارضة العراقية لتقرر فيه جملة من مبادئ المشروع الوطني اهما العراق تعددي فيدرالي (اتحادي) ديمقراطي جمهوري برلماني يفصل بين السلطات الثلاثة ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ثم تقرر تلك المبادئ في مؤتمر لندن وفي قرارات مجلس الحكم ثم تكون في قانون ادارة الدولة العراقية في الممارسة السياسية لكي تنتج دستوراً دائماً للعراق يجد فيه الكردي هويته المفقودة ويجد فيه الشيعي دوره المغيب ويجد فيه السني موقعه الطبيعي الذي ينسجم مع حجمه .

1.اذ النظام الديمقراطي في السلطة التشريعية والتنفيذية وفي             كتابة الدستور حيث ينتخب الشعب الجمعية الوطنية المؤقتة  التي

 

مهمتها كتابة مسودة الدستور ثم تعرضها على الشعب العراقي ليعطي رأيه عبر صناديق الاقتراع في رفضها او قبولها وان أفرزت الصناديق الرفض تنحل الجمعية الوطنية ويصار لانتخابات تقوم بنفس المهمة .

2.ولكي لا تكون للأكثرية هيمنة في فرض دستوراً معيناً اقرار ضمانات في الفقرات التالية من قانون إدارة الدولة العراقية المؤقتة المادة (60) التي تنص على ما يلي :

(على الجمعية الوطنية كتابة مسودة للدستور الدائم للعراق . وستقوم هذه الجمعية باداء هذه المسؤولية بطرق منها تشجيع المناقشات بشأن الدستور بواسطة اجتماعات عاملة علنية ودورية في كل أنحاء العراق وعبر وسائل الاعلام ، وتسلم المقترحات من مواطني العراق إثناء قيامها بعملية كتابة الدستور) .

وفي المادة (61) فقرة (ج) (يكون الاستفتاء العام ناجحاً ، ومسودة الدستور مصادقاً عليها ، عند موافقة أكثرية الناخبين في العراق ، واذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات او أكثر ) .

3. النظام الفدرالي في تطبيق الإدارة اللامركزية في العراق بتوزيع السلطة بين الحكومة المحلية والمركزية للحد من ظهور ادارة مركزية يسطر عليها عصابة من لون واحد ويغيب ويعذب فيها باقي مكونات الشعب العراقي ليتحقق النمو والازدهار                                في ربوع جميع العـراق ولا يغمط حـــــق واحد .


 

4. ترسيخ مبدأ الحوار الوطني لانجاح المشروع الوطني في العراق التي تبلورة صورة منه خلال الممارسة السياسية التي نعيش اجواها هذه الأيام.

5. تم تشكيل لجنة كتابة مسودة الدستور المتكونة من (51) عضواً او اكثر ونشهد سعي حثيث في جعل هذه اللجنة أكثر تنوعاً بحيث تعبر عن هويته وهناك محاولات جادة في إشراك الأحزاب والإطراف التي لم تشترك في الانتخابات او التي لم يحالفها الحظ في الفوز في لجنة كتابة الدستور او تأسيس لجان استشارية للجنة في كتابة مسودة الدستور تعرض على الجمعية الوطنية لإقرارها وبعدهما تعرض للاستفتاء العام .

6.  وفي طبيعة المسودة طرح جلال الطالباني ان قانون ادارة الدولة المؤقتة تكون المسودة للدستور فيما طرح احد اعضاء قائمة الائتلاف انهم في صدد  إعداد مسودة تختلف في بعض مضامينها عن قانون إدارة الدولة العراقية المؤقتة.

واخيراً أعلن رئيس الوزراء السيد إبراهيم الجعفري بأن كتابة الدستور تكون في إطار قانون ادارة الدولة العراقية المؤقتة .

 

 

 

لكن ثْم حقيقة يجب ان لا تغيب ان الدستور العراقي الجديد جاعلاً مبدأ التعددية احد القضايا الدستورية الثابتة في مواده وان يأخذ الكردي والعربي والشيعي والسني وغيرهم حقه الطبيعي في دستور الدولة الدائم.  

 

وسوف نرى انعكاس هذه التعددية في صياغة الدستور من خلال قانون ادارة الدولة العراقية المؤقتة الذي يضمن الدور الرئيسي لجميع مكونات الشعب العراقي بمواده المتقدمة او في أجواء اللجنة المتنوعة او في قاعة الجمعية الوطنية المتعددة او في فضاء الواقع العراقي الذي يزخر بالتنوع والتعدد الذي يكون له الدور الرئيسي في إقرار الدستور لذا من اللازم على اللجنة وضع هذه الحقيقة إمامهم لكي لا تتكرر تلك ألازمات ولكي ننقذ أبناء العراق من عمليات ابادة أخرى بأي عنوان كان .

 

التواصل والحوار شرط اساسي للبناء والثقافة

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 8295

التواصل والحوار شرط اساسي للبناء والثقافة

 

حسين جلوب الساعدي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

( إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ )

( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ )

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )

في الكون والحياة سنن حقيقية ثابتة يتعاطى الانسان معها في كل يوم وملازمة للحياة في كل لحظة واهم هذه الحقائق الكونية التنوع في الحياة بكل جانب منها حتى في نفس الانسان الواحدة فيها نزعات ومشاعر وافكار متنوعة .

التنوع في الارض في جبالها وسهولها وغاباتها ونباتها والوان التربة فيها وطبقاتها وما تنتجه من فاكهة وخضر ونبات وازهار بالوان زاهية تبعث في النفس الارتياح والانشراح وتملي الفؤاد بازكى الروائح والذها تنوع في الوان الجبال سود وحمر وصفر تنوع في النبات في الاشجار المثمرة وانواعها المتعددة وباشجار الزينة وبجمالها المتنوع وباشجار الغابات واخشابها المتنوعة بالجودة والقوة والقيمة والاستخدام ، تنوع في الوان الغيوم في سماء الكوكب الحي ابيض واسود وحمر وغيرها وبما تحوية من ماء وبخار واثر من ما ينزل في الارض ليسقيها ويبعث الحياة والحيوية في اجناسها وانواعها واصنافها واقسامها تنوع في اشكال الطيور وتكيفها وعيشها وعشها ومواطنها وحجمها تنوع كل ما حولنا يزخر بالتنوع ، الناس متنوعون باجناسهم ولغاتهم واصولهم والوانهم وافكارهم ومشاعرهم وسيرتهم وعطائهم وبطولهم بقصرهم بقوتهم بذكائهم بغبائهم بملبسهم بذوقهم كلهم باشكالهم بما يصدر منهم .

وفي اجواء الحياة المتنوع يثر العطاء ويزداد النشاط والتفكير وتتكامل الصور بالتواصل بينهما وينتج التوازن بالتواصل بينها ويظهر الجمال بالتواصل بين الوانها واجناسها وبالتواصل بين مواد البناء والابنية تظهر المدينة وبالتواصل بين الماء والنبات والانسان تنتج الحياة وبالتواصل يتم اعمار الارض وسعادة الانسان .

 

 

 

 

كيف يتم التواصل :

التواصل بين الاشياء ينبعث من سر الوجود الذي اودعه الله سبحانه وتعالى فيه (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً )

فاسرار الطبيعة وما فيها من توازن دقيق بين عناصرها سر يزداد اكتشافه في كل يوم بهر علماء الطبيعة الاحياء والفيزياء والرياضيات ادى لقطع جملة في علماء واذعنوا امام الحقيقة ان لهذا الكون خالقاً ومدبراً خلق كل شيء بقدر موزون وامنوا به كما هو موجود في كتاب( الله يتجلى في عصر العلم ) وكتاب ( الاسلام يتحدى ) وكتاب ( التكامل في الاسلام ) وغيرها اما التواصل بين الثقافات والحضارات الافكار والاراء والاجتهادات والمذاهب والاديان والعادات والتقاليد والاعراف والازياء وغيرها في حياة الانسان وقد يكون باستخدام ادوات الارغام المباشر وغير المباشر لكن ابرز ادوات التواصل واشرفها وافضلها واقدسها يتم من خلال الحوار واحترام الراي الاخر وخلق مناخات الحوار وتمييز القضايا بالتداول والتعاطي والنقد واحترام متبادل وخلق مناخات الحوار واجواء تفعيله وتنشيطه وازالة العقبات التي تقف دون الحوار والتواصل التي تميت الابداع والتجديد والتنوير ومواكبة الحياة الزاخرة بالجديد واهم هذه العقبات الاستبداد بالرأي والجهود والاطلاقية بالتفكير واستخدام اسلحة فتاكة تميت الحقيقة اهمها التكفير والتضليل التي رافقت تاريخ المسلمين والعراقيين في نشوب المعارك بين الاشاعرة والمعتزلة في بغداد والقتال بين الحنابلة والاشاعرة والحروب بين السنة والشيعة والصراع بين القوميات والاثنيات العرقية والقبلية وما يرافقها من قتل وابادة وتشريد وتهجير واضطهاد ودمار ادت الى تخلف المسلمين الذي كان اسؤهم حظاً والشيعة الذين كانوا غرض لسهام الطائفية العمياء والدكتاتورية الحمقاء والفتاوي الرعناء التي قتل فيها المسلمين وممارسات البعث العنصرية التي اماتت الابداع والثقافة في بلد كان قبلة للعالم في العلم والمعارف ومهبط الانبياء ومثوى الاوصياء وعش العلماء ماتت بعد ان ساد الفكر الواحد الاهوج وساد الحزب الواحد الارعن وساد الجهلة حتى اصبح المثقف في العراق يعاني من عزلة داخلية او التفكير بالهجرة الى الخارج او الموت المحتوم الذي ينتظره برصاصة المجرمين او بحبال المشنقة التي اعدها الجلاوزة هناك ماتت الثقافة والابداع في العراق .

ونحن كمثقفين في ميسان لا نختلف في تشخيص تلك الحقيقة بل نلنا من الظلم والاضطهاد دوما ما هو اكبر واكثر .

دعوني ايها الاخوة من مثقفين ميسان وفنانوها ان نشخص بعض القضايا الثقافية لنكون معاً في اثراءها والاضافة اليها والتحاور حولها لنستطيع بلورة مشروع ثقافي ليجعل الثقافة تحيي من جديد في ظل عراقنا الجديد .

اهمها :

1.التعددية الثقافية ، العراق يزخر بالثقافة المتنوعة بل مصدر الهام التنوع في تاريخه ، استطيع القول ان اكثر الاديان كان مصدرها العراق واغلب المذاهب الاسلامية في شرق الارض وغربها كانت في العراق وتعايشت الاراء والمذاهب في فترة الازدهار في القرن الرابع والخامس الهجري في العراق ، ومتعدد الثقافات الان وطنية وقومية وقبلية ومذهبية ولبرالية وشيوعية وديمقراطية وغيرها وكلها تعيش في العراق تبحث عن هويتها المفقودة وحقها المنشود الذي اضاعه طاغية العراق ، وبعد سقوطه اقرت التعددية كمبدأ اساسي في العمل السياسي وقانون ادارة الدولة العراقية وفي ادارة الدولة التي نعيشها توازنتها واتفاقيتها في التوزيع لتضمن الحقوق لكل مكونات الشعب العراقي ونحن في ميسان لدينا ثقافات متعددة وانتماءات متنوعة وافكار واراء وولاات متعددة ايضاً وطموحات متعددة يجب احترام هذه التعددية واقرارها كمبدأ اساسي في عملنا الثقافي لان اللون الواحد من التفكير يعني الجمود واللون الواحد من الاداء يعني الغباء وموت الابداع والمبادرة هنا هي يجب ان نحترم التعددية ونمد جسور التواصل عبر القاء والحوار لخلق مناخات ثقافية ورؤى تجديدية واعمال ابداعية .

2.في الواقع الثقافي العراقي هناك ازمة وهي صراع الهويات والثقافات بين مكونات الشعب ايها الاخوة الاعزاء ان المشاريع السياسية وقانون او دستور الدولة في اقرار التعددية والتوازن في اقتسام السلطة لا يحل مشكلة بل يعمق عملية الصراع بين الاطراف لكن فك الصراع والتنازع بين القومية والعنصرية والمذهبية والاتجاهات الثقافية والاجتهادات الفقهية يتم من خلال بلورة مشروعاً ثقافياً عراقياً ميسانياً يحول التواصل بين المثقفين بانواعهم واتجاهاتهم ومذاقاتهم بحيث يجمعها في ظل سماء واحد وفي دائرة واحدة وهي خارطة العراق اولاً وخارطة الجنوب وميسان ثانياً .

3.غياب المؤسسة الثقافية ذات الابعاد والافاق الواسعة في بلورة مشروع ثقافي يجد فيه المثقفين دورهم ، اعلموا ايها الاخوة ان في ميسان لا توجد مديرية للثقافة ولادائرة تعني بالشؤون الثقافية بل ان ميسان قد طالها النسيان والاهمال وضاع المثقف فيها ويحتضر الفن والفنان المبدع لعدم وجود معهد يحتضنهم وينمي طاقاتهم ويرعى نتاجاتهم ويرفع الظلم والحيف عنهم لذا يجب المطالبة لوزارة الثقافة والتربية ومجلس المحافظة بفتح مديرية الثقافة في ميسان او دائرة للشؤون الثقافية بااشراف المحافظة ومجلسها المؤقر ، كما يجب المطالبة بفتح معهد للفنون يدرس فيها انواع الفنون واهمها .

4.ادعوا المثقف في ميسان للتواصل والتعاون لصنع الواقع الثقافي ثم حقيقة يجب ان لا تغيب عنا جميعاً وهي ان تحقيق الواقع الثقافي هو بايديكم انتم عبر التواصل والتعاون وبلورة المشاريع والافكار والمطالبة المستمرة في تحقيقها وخلق اجواء ثقافية تعكس النشاط الثقافي في ميسان لاننا نعيش ظروفاً استثنائية تأسيسية يجب ان نضحي في وقتنا وجهدنا لنحقق الواقع الذي ينتج الحق والمشاريع التي تخدم واقعنا الثقافي يجب ان نتواصل عبر اللقاءات والملتقيات والمبادرات والندوات لكي يعلن المثقف والفنان عن جهده وابداعه .

5.مؤسسة الهدى للدراسات في ميسان من المؤسسات  الثقافية التي تسعى لاشاعة الحوار واحترام الرأي الاخر وتؤمن بالتنوع الفكري والثقافي وتهدف ايضاً الى اشاعة الثقافة السياسية والوطنية الملتزمة وكذلك على بلورة منهج علمي في حياة الناس يقوم على الحوار واحترام الرأي الاخر واحترام الانسان وحقوقه لتحقيق وارساء قواعد الحرية والمسؤولية والعدالة والالتزام بالحياة الدستورية وذلك من خلال نشر الكتاب وتوفيره وكذلك اصدار مجلة علمية متخصصة وعقد المؤتمرات والندوات العلمية ذات الافكار الاستراتيجية وعقد الصلات مع كافة المفكرين والمثقفين والمراكز العلمية والثقافية التي تجمي نفس

الاهداف كما تؤمن بالاشتراك في كل الاعمال والمبادرات التي تؤمن بمبدأ التنوع الثقافي والفكري وتمد جسور التواصل عبر الحوار لذا نعلن امام المثقفين في ميسان ان مؤسسة الهدى هي للجميع وبخدمة الجميع لكي تكون جزء من الحالة الثقافية في ميسان .

ويحذوني الامل على ان الواقع الثقافي في ميسان رغم المعانات التي ذكرناها هنا ان  تشهد حركة ثقافية وابداعية لا يوجد نظيرها في المحافظات الاخرى وبحاجة ان نرفع صوتنا عالياً بما يصدر منا في وسائل الاعلام .

 

اتمنى ان نلتقي مرات ومرات لكي نسهم جميعاً لبناء الواقع الثقافي                   في ميسان ...

 

ابجديات النهوض الثقافي

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 8437

 

حسين جلوب الساعدي

افكار وخواطر تزدحم ذهني من اجل النهوض في ميسان اعرضها في اوراقي التي سميتها ابجديات النهوض الثقافي واعني بها بدايات لتشخيص بعض القضايا وطرح الافكار علنا نجتمع معاً في علاجات حسب وقت من ما اعطتني اللجنة التحضرية من وقت وما حددته من صفحات وقت للالقاء ارجو ان تنال رضاكم واهتمامكم شاكراً حضوركم ومشاركتكم .

قال سبحانه وتعالى ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم يُنشئ النشأة الآخرة ان الله على كل شيء قدير) العنكبوت (20)

وقال ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا ألولوا الالباب ) البقرة (269)

وقال ( ان الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) الرعد (11)

قضية النهوض بالواقع الثقافي في العراق وميسان من القضايا الملحة التي تفرض نفسها على كل ذي لب وعلم ومعرفة ويشعر بالمسؤولية اتجاه نفسه وشعبه وموطنه .

قضية تفرض نفسها بعد تركه ثقيلة خلفتها سياسة النظام الدكتاتوري والعنصري والطائفي حيث قتل المعرفة والابداع ومطاردة الوعي والحكم عليه بالاعدام حتى اصبح المثقف فيه يعاني من عزلة داخلية او التفكير بالهجرة الى الخارج او الموت المحتوم او الانسياق وراء الشعارات ورغبات النظام حتى عطل الفكر والتفكير والابداع وبعد سقوط النظام كان الامل يحدو المثقف ان يجدر دوره وان ينهض بمهمة ويتجاوز عقد الماضي لكن اصيب واقعنا الثقافي بازمات بين تركت الماضي القريب والنفسية النفعية الانانية والاطلاقية والاحادية في التفكير وبين استصحاب الاجواء السابقة التي كنا نعيشها في ظل المعارضة من اجواء تعبوية رافضة وشعارات حماسية مناهضة التي اسقطناها على واقعنا الثقافي الان ليعيش احتقانات الماضي ويفرزها في اجواء مشحونة بالاتهام والتحدي حتى كدنا نفتعل الازمات لنفرغ تلك الاحتقانات وبين اختلاط المفاهيم والافكار والاراء بالثوابت والعقائد فاصبحت كثير منها عقائد وكثير من العقائد والاحكام مزحة .

وكذا ظهور الارتجالية والفوضوية في التفكير والعودة الى التراث والماضي بكل ما يحويه من صحيح وسقيم والمزيدات والمتجارة باسم الدين والمذهب حتى اختزلت قضاياه بانتصار هذا وذاك في المنافسة السياسية والجزئية في التفكير والاداء حتى تصبح قضية صغيرة في معايير الدين والواقع هو المحور والاساس في تقييم الاشياء والحكم عليها  . او تقوم على اساس الفئوية والعنصرية والجزئية والعشائرية التي اصبحت الطاعون الاحمر الذي يحصد مئات الناس في ميسان (1) .

وبين هذا وذاك لم تتضح معالم المشروع الثقافي الذي نسعى للنهوض به او لم نتفق على اساليب توفر الاجواء للانطلاق او لم نتحاور لمعرفة حاجات الناس الثقافية والمعرفية ، وقد تستغرق في الحديث بعيداً عن قضايا الثقافة وهموم المجتمع .

عندما الاجابة على التساؤل الاول معالم المشروع الثقافي نلتقي في سؤال عريض هو ادلجته الثقافة او حرية المثقف والثقافة خارج الاطر المحددة .

فيتحمس بعض التيارات الدينية والحزبية الى ادلجته الثقافية والانطلاق باجواء الطرق التي تضعها انتمائتهم  ويبتعدون كثيراً في الحماس لتثبيت ولائاتهم من خلال القطيعة مع الاخر حتى يصل الى جهله واذا حضروا حلقات الحوار ينطبق عليهم حوار الطرشان ويطرح صوت خافت مع الحيطة والحذر وتزييق الكلام رافضاً ادلجة الثقافة ويعتبر الانتماء الفكري هو تقويم للعمل الثقافي ومحاصرة للابداع .

والحقيقة ان الجميع منتمي الى نظرية خاصة للثقافة حتى الصنف الثاني يؤمن بنظرية حرية الثقافة وان الاثنين مدعون للحوار حول قضايا فالمنتمي الى مدرسة فكرية عليه ان يمد جسور الصلة مع الاخرين لمعرفة جدية افكاره ويسعى للدفاع عنها او تطويرها من خلال ثقافة الاقتباس والحوار والتسامح مع الاخر للاطلاع عن كثب عن اراء تصوراته وقد تطورت الكثير من المدارس الفكرية نتيجة الاتصال خارج محيطها فتندفع بالدفاع في الردود والشرح والتفصيل والتبسيط والاثراء حتى اصبح الاخر عنصر اثاره وعامل اثراء عملية التكوين الثقافي لها .

وصاحب الرأي الاخر عليه ان يتصف باريحية عاليه في تقييم ما يصدر من المدارس الفكرية واقتباس ما هو في نظره ونقد غيره بموضوعية وان لا يشعر بالاستهداف والانكماش فيمسى في عزلة قاتلة .

وفي هذه الاجواء يطرح سؤال اخر هو المثقف والسياسي وهل يسمح للسياسيين في ولوج الثقافة من اوسع ابوابها ام ان الثقافة للمثقفين والسياسة للسياسيين ولا صلة والانسجام بينهما .

فينطلق المثقف في اجواء المعرفة والثقافة وخدمتها وتطويرها ويصف السياسي بالنفعية والذاتية الشخصية او الحزبية وعدم احترامه للثقافة مالم تحقق طموحاته وتحافظ على مكاسبه .

ويجيب السياسيين على انه يتقدم خطوه على المثقف في تبنيه للقضايا والعمل على تحقيقها وجني المكاسب للامة من خلال نشاطه وحضوره .

وثم ملاحظة في هذا المجال تكمن في العمل السياسي اليوم متمثله بانفصال الفكر والثقافة عن السياسة حيث التركيز المستمر على المكاسب والابتعاد عن التكوين الفكري والثقافي للامة فضلاً عن الاعداد النظري للنهوض بل بعض تلك المكاسب تنتج ثقافة العنف والتصنيف للمجتمع قد لا يستطيع المثقف والسياسي علاجها (1).

ولكن تمد جسور الصلة بين المثقف المؤدلج مع غيره وبين المثقف والسياسي علينا ان نمد جسور الصلة لتحديد نسق ثقافي يتضمن جملة من المبادئ والقواعد والاساليب والمناهج التي يتم بها انتاج ثقافة مقبولة ومعترف بها من المجتمع نلتقي على ضوئها ونفتح افاق الحوار والنقد بقصد تقويم الحياة الثقافية فان التصريحات والبيانات التي نطلقها في لقائنا ولا نعمل بها ولا نلتقي معها في ميادين التجربة والمراجعة تصبح خطابات ارتجالية تندرج ضمن عالم الرغبة والترف الفكري والمذاقات البيانية .

مبادئ النهوض الثقافي

لكي نسهم في النهوض الثقافي في محافظتنا العزيزة نلتقي في جملة من المبادئ والقواعد والاساليب والمناهج وتنفتح على تجارب ونتاج المفكرين في هذا الاطار .

نذكر القضايا التالية كمحاول لوضع لبنات اساسية للنهوض :

1.  التعددية والحوار :

التنوع والتعدد والحوار سنة الكون والحياة وبه تكتمل صور الاشياء والافكار والمجتمعات والعراق متنوع بقومياته واديانه ومذاهبه وافكاره واتجاهاته وقضاياه ونحن في ميسان لدينا ثقافات متعددة وانتماءات متنوعه وافكار واراء وولاءات وطموحات متعددة أيضاً يجب احترام هذه التعددية واقرارها كمبداء اساسي في علمنا الثقافي لان اللون الواحد في التفكير يعني الجهود واللون الواحد في الاداء يعني الفباء وسوت الابداع والمبادرة ومن هنا علينا احترام التعددية ومد جسور التواصل واللقاء والحوار لخلق منافات ثقافية وروى تجديدة واعمال ابداعية من خلال احترام الاخر والاحساس بوجوده لتوفير اجواء التواصل معه فرداً كان او كياناً من أجل معرفة اراءاه وافكاره واهتماماته للاعداد الفرص الحوار لان القطيعة تلتزم الجهل بالاخر والحوار ينتج التفاهم والتعاطف والصداقة واثبات الذات والوصول الى اختيار الاصلح او اثراء الموضوع او بلورة المشتركات بين المتحاورين في اجواء يسودها الهدوء والاحترام واستعمال لين الكلمة ويلتزم بالعرض والاقناع مع الايضاح والهدوء بكل لطف ورفق والابتعاد عن الاكراه والاجبار والقهر والاضطهاد.

باحترام الاخر والتواصل معه والحوار الهادف نحقق مرتكزاًً اساسياً في توفير المناخ الصحيح لتفاعلات التعددية في سبيل التجديد والصواب والنهوض.

2.  الثقافة الوطنية :

العراق يعاني من فقدان مشروع هوية وطنية وثقافية منذ تأسيس الدولة العراقية وتعمق اكثر حين ظهور الصراع العنصري والطائفي الفئوي حتى غابت الهوية الواضحة المستقر في اجواء الانتماء القومي والطائفي والحزبي لخارج العراق وقد أصيب مجتمعنا العراق بالذيلية الحضارية في تقليد تجارب الاخرين التي حازت على النجاح في بيئة معينة قد لا تتوفر في العراق في انجاح مشاريع واعمال مشابه. فنحن جميعاً مدعون لانتاج ثقافة عراقية وطنية نابع طبيعة العراق المتعددة ومتسقة مع جريان نهر دجلة والفرات في انسيابها وتشعبها ومصدرها الواحد ثقافة تختزل تاريخ العراق الرحب الواسع الريادي الدامي النازف المعقد.

ثقافة تبحث عن مشتركات شعوب وتاريخ وامة ومعانات وطموحات وامال تسير نحو البناء والتكوين والارتقاء ثقافة تجعل المشتركات منطلقات للتعايش والانسجام والعمل والحياة.

ثقافة تجتمع على خدمة الانسان في العراق وتنزع النزاع تحت أي مسميات فان الطرح السياسي لمشروع الوحدة الوطنية في اقتسام السلطة بين الاطراف لا ينتج ثقافة وطنية بل يعمق الصراع التنافس بين الاطراف ومن أجل فك التنازع بين القومية والعنصرية والمذهبية والاتجاهات الثقافية والاجتهادات الفقهية بلورة مشروعاً ثقافياً عراقياً وطنياً جامعاً يجعل المشتركات الثقافية والهموم المشتركة قاسماً مشتركاً واحترام الخصوصيات لكل طيف من اطياف المجتمع مبدأ اساسياً وتعميق الممارسة الديمقراطية وتطبيق النظام الفدرالي مرتكزاً اساسياً للحياة السياسية.

3.  الثقافية المستقبلية :     

المستقبل محور اللقاء والطموح الذي نحن جميعاً في ملتقانا الثقافي وحواراتنا الثقافية بصدد الارتقاء به والنهوض بالواقع بعد تشخيصه والمستقبل قضية ذهن كل انسان وان اختلفوا في استشراف وقد مر الانسان بمراحل مختلفة في اجتهاداته بشأن مستقبله بحيث دخلت التكهنات الوهمية والخرافات والاحلام وتفسيرها والتأملات والفنون والاداب والفلسفات في تفسيره.

والحياة التي تحيط بنا قطعت اشواط في عملها المستقبلي حتى نكاد نعد من الدول المختلفة عن الحياة الجديدة للمحنة التي عشناها حيث كانت الاماني التي التي تصحب الانسان العراقي النوم والقضية في ان يشارك في صناعة مستقبلية وقد اصبحت تلك الاماني حقيقة هلموا معاً لتزيل غبار الماضي نعم لقد حملنا اثقال الماضي القريب ونستغرق كثيراً في ذكره وتحليلة وننقد الحاضر بسلبية حادة وبايجابية مفرطة ولا نعمل لاستلهام البر والتجارب التي مر بها مجتمعنا وتاريخنا ولم تمتد ابصارنا نحو افق رحيب لمستقبل ينتظر منا صناعته والاعداد للوصول اليه لتكوين مستقبليات اخرى اذن نحن امة ميتة ومجتمع ميت.

فالنبداء بالكتابة والتحليل والنقد لاستشراف افاق مستقبلية ولا نستغرق في التاريخ وتحليله الا بما يوافق تطلعات المستقبل وترك مالا يوافقه.

ان مسألة الوعي بالمستقبل تستهدف تكوين اجواء للمجتمع يستوعب متطلبات المستقبل وتعميم فكرة الارتقاء والمشاركة في المسؤولية وان يعني الجميع الامال والطموحات التي يتحرك باتجاهها والاخطار التي تهدد المستقبل هلموا معاً لتكوين الوعي المستقبلي من خلال وعي القضايا الستقبلية اعمار الانسان العراقي اشاعة البحث العلمي تكوين امة واعية بناء مواطن حر الارادة يعني دوره في الحياة مطالباً بتطويرها يعرف موقعه يتحمل المسؤولية في الاختيار والرفض قضايا العراق المستقبلية كثيرة المستقبل السياسي استقلال العراق معالجة التخلف الفكري والثقافي نزع فتيل الصراع اصلاح الواقع التعليمي ومقاومة الفساد الاداري وتعميق مبادئ حقوق الانسان على ضوء الشريعة والقرارات الدولية ترسيخ مبادئ الديمقراطية بناء مشروع ثقافي يتناول القضايا الدينية والاجتهادات الفقهية وتعدد المرجعية بمرونة عالية كمرونة الاسلام يعتمد مناهج البحث العلمي في تعامل الأفكار والآراء . الإجابة على القضايا الثقافية المطروحة بشكل علمي اخذين بالمرونة وبالأسلوب العلمي ومعطيات العلم .

تلك القضايا يقف المثقف في صدارة المجتمع في تحمل مسؤولية الانتاج والعطاء والحياة مالم ينشط المثقف بالبحث والدراسة المستقبلية وما لم يكدح الناس من اجل حياة أفضل فقد لا تخرج حياة كريمة مليئة بالخير والسعادة الى حيز الوجود ابداً .

ادعوا مثقفي ميسان انتاج ثقافة مستقبلية تناول القضايا بروح مسؤولية لكي ننهض بالواقع الثقافي في ميسان لان الفكر والثقافة المرتكز الأساسي الذي تقوم عليه الحياة بكل تفاصيلها .

4.  من اجل النهوض بواقع ميسان الثقافي :

المثقف مدعو للتعاون لصنع الواقع الثقافي من خل حضوره ونشاطه ومشاركة والإعلان عن نتاجه وتأملاته وان يحترم ما يصدر منه بحرارة وفاعلية وان يعلن انتمائه لهذه المدينة المحرومة ليجعل لها عنواناً في حضورها الثقافي وان يشارك اخوانه في بناء صرحها الثقافي لان ميسان تعاني من الطرد السكاني والطرد الثقافي لان المثقف لم يجد متنفس فيها يعبر من خلاله عن وجوده وطموحة وان يشعر بالحرمان والانكماش هلموا ايها الاخوة الاعزاء لنجعل ميسان في صدار الوعي والنتاج العلمي والثقافي .

 

وثم حقيقة يجب ان لا تغيب عنا جميعاً ان تحقيق كل ذلك هو بأيديكم انتم عبر التعاون والتواصل وبلورة المشاريع الثقافية والأفكار والمطالبة المستمرة في تحقيقها وخلق أجواء ثقافية من خلال الملتقيات والندوات والمشاركة في الصحف والمؤتمرات وإصدار الدراسات والعروض المسرحية والمعارض الفنية تعكس أجواء النشاط الثقافي لاننا نعيش ظروفاً استثنائية تأسيسية .. علينا ان نضحي بأوقاتنا وجهدنا لتحقيق الواقع الذي ينتج المشاريع التي تخدم مشهدنا الثقافي وان الملتقى الثقافي الفصلي منكم واليكم ليكون جزءاً من الحركة الثقافية في ميسان .

 

الصفحة 2 من 2