أفتتحت مؤسسة الهدى للدراسات الأستراتيجية باكورة برامجها للعام 2018 بندوة بعنوان ( خطبة فاطمة الزهراء بين التأصيل والتوصيل ) قدم خلالها ً بحثا ً للسيد حسن خليفة من محافظة البصرة افتتحت الندوة بتلاوة من الذكر الحكيم للقارئ الأستاذ غازي جلوب الزركاني وأدار الندوة الدكتور علي حسن هذيلي عضو الهيئة العلمية في مؤسسة الهدى وفي مطلع حديثه عرف هذيلي علم البلاغة بأنه مطابقة الكلام لمقتضى الحال أي على المتكلم يطابق حال السامع أي بأن السامعين تختلف أحوالهم من سامع الى اخر وبالتالي حتى يكون الكلام مفهوما ً يجب أن يطابق مقتضى الحال لأن السامعين يختلفوا بين الجاهل والعالم بمعنى مختلف الأحوال بعد ذلك يعرج هذيلي الى كتب البلاغة بالقول تغفل تعريف مهم للبلاغة وهو تعريف أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع ) لم أجده في كتب المعاصرين بينما وجدته ُ في الكتب القديمة وهو أهم تعريف يجب أن يدرس لأنه غطى جوانب أخرى لم تغطيها التعريفات الأخرى للبالغة هذا السبب الأول والسبب الثاني هو نشوء نظرية أبدعها عبد القاهر الجرجاني وهي من ثمرات تعريف أمير المؤمنين(ع ) للبلاغة وهذا لم يشير اليه أحد بحسب معلوماتي حسب تعبير هذيلي أمير المؤمنين (ع) يقول خير الكلام ما زانهُ حسن النظام وفهمه ُالخاص والعام وهذا لا يستطيعه ألا البلغاء يخاطبوا الخاص والعام وتمثلت هذه الصفات لدى الرسول (ص) وامير المؤمنين واشخاص معينين ويذهب هذيلي بالقول بأن الزهراء (ع ) من الذين يمتلكون الخيط الذي يخرزون به هذه الكلمات لتكوين العقد الجميل من الكلام الذي يفهمه ُ الخاص والعام وفي ناهية مقدمته رحب بالباحث حسن الخليفة مطالبهُ بان يبدأ بحثه بمقطع من الخطبة الجليلة للزهراء (ع) ويبدأ الباحث كلامه بتقديم الشكر والعرفان الى مؤسسة الهدى على أستضافته ثم يفتتح بحثه ً بمقطع من خطبة الزهراء عليها السلام تصف فيها رحيل والدها الرسول العظيم ( ص) تقول ( بسم الله الرحمن الرحيم فلما أختار الله لنبيهِ دار أنبيائه ِ ومأوى أصفيائه ظهر فيكم حسيكة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ونبغ خامل الأقلين وهدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرسهِ هاتفاً بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين وللعزة فيه ملاحظين ثم أستنهظكم فوجدكم خفافا ً وأحبشكم فألفاكم غطابا فوسمتم غير أبلكم ووردتم غير مشربكم ) ويوصف الخليفة العبرات بأنها تتصف بالقصر والتناسق من حيث الجرس اللفظي فهي أشبه بعبارات السور المكية وهذا ما أشار اليه دارسوا علم البلاغة الى الملابسات التي تجعل البليغ ينطق بهذه العبارات القصيرة المختصرة المكثفة المدوية التي تحمل كثير من المعاني وتحمل كثيرا ً من الشحنات العاطفية وهذا ملاحظ في السور المكية بعدها يتطرق الخليفة الى بلاغة خطبة الزهراء ( ع ) بالقول لعل المحدثين أرادوا أن يعطوا الى كلمة البلاغة صفتها الدلالية فأعطوها مصطلح الابلاغية بعضهم تحدث عن هذه الابلاغية في البلاغة لكي يركز على الصفة الدلالية الغاية من وراء نقل الكلمة هو وصول المعنى الى السامع وتأثر هذا المعنى في حلة قشبة تجعلة ُ محببا ً ومؤثرا ً ويركز الباحث على جزء الأبلاغية في موضوعه ويتناول بلاغيا ً من حيث البنية للنص مؤكدا ً على أن تحليل الخطبة يحتاج الى دراسات ويرد البحث بمجموعة من المصادر والتحقيق العميق على الذين استكثروا البلاغة على الزهراء وأدعوا بأن هذه الخطب مختلقة وليس من حديث الزهراء كدعوتهم على نهج البلاغة وأعتبروه موضوع من قبل الشريف الرضي وليس من خطب وأحاديث الأمام علي وأهم مصدر يورده خلال البحث هو أبن طيفور في كتابه بلاغات النساء يذكر هذه الخطبة وبعضهم أدعى تشيع أبن طيفور بينما يؤكد الباحث على أنه لم يثبت له تشيع أبن طيفور ويقول أنه من أصول موروزية ولربما له ميول أعتزالية ولكن لم يثبت تشيعه وهو عاش في القرن الهجري الثاني وذكر هذه الخطبة وكذلك ابن ابي الحديد المعتزلي ذكر هذه الخطبة في شرحه لنهج البلاغة وهو معتزلي من حيث المذهب الكلامي وشافعي وينقل الخليفة نصا ً يورده ابن ابي الحديد في شرحه لنهج البلاغة هذا النص ينقله عن السيد المرتضى في كتابه الشافي في الإمامة يقول ( وأخبرنا ابو عبدالله المرزباني عن علي ابن هارون عن عبيدالله ابن احمد عن ابوه قال ذكرت لأبي الحسين زيد الشهيد وهو ابن علي بن الحسين بن علي بني ابي طالب (ع) كلام فاطمة (ع ) عند ابي بكر عند منعها اياها فدك وقلت له أن هؤلاء يزعمون انه مصنوع وانه من كلام ابي العيناء لأنه منسوق البلاغة وهنا استكثار على الزهراء أن تبلغ هذا المبلغ من البلاغة فقال لي والكلام لزيد الشهيد رأيت مشايخ ال ابي طالب من كبار السن يرون كلام الزهراء ( ع ) عن أباءهم ويعلمونه أولادهم وقد حدثني أبي زين العابدين ( ع ) عن الأمام الحسين (ع ) يبلغ بها الى فاطمة الزهراء ( ع ) وقد رواه مشايخ الشيعة وتدارسوه قبل أن يولد جد اب العيناء ) هذا من حيث الإسناد الخارجي ويعرج الباحث على البنية الداخلية ويذكر فيها عدد من المصاديق الذي حللها وربطها بالقرآن الكريم وقد ساح الباحث سياحة جميلة ومؤثرة وتحدث عن موضوع الأبلاغية وبنية النص وحاول أن يربط الخطبة بحياتنا المعاصرة وتناول جنس الخطبة وذهب الى أن الأمة الحضارية التي تملك كتبا ً وتحدث عن طه حسين وتشكيكه بالشعر الجاهلي.
وحضر الندوة عدد من الأساتذة المتخصصين في التاريخ والأدب والفقه والعلوم الأسلامية وطرحوا مجموعة من المداخلات والتسؤلات حول البحث الذي قدمه الخليفة وفي نهاية الندوة تقدم الأستاذ حسين جلوب الساعدي بالشكر للباحث والحضور مشيرا ً الى أهمية الموضوع وتغطيته بشكل علمي وتحقيق رصين

.