شهد العراق خارطة سياسية جديدة غيّرت الكثير من الإدعاءات وحلّت الكثير من قضايا التوتر فقد تقدّمت قوى سياسية وتراجعت أخرى وظهرت ثالثة واختفت رابعة.
ان القوى السياسية التي تقدّمت كانت نتيجة أخطاء وممارسات سياسية قامت بها القوى المسيطرة، خذ مثلاً اختفاء أثر الكرد في الموصل وغياب الحزب الإسلامي في النتائج وصعود (قائمة الحدباء) لإسامة النجيفي الذي لم يكن ذو عبقرية بقدر ما وقف من قضية أحسّها جميع أهالي الموصل وهي توسع الكرد واتفاق الحزب الإسلامي، فكانت ردة فعل على سياسة خاطئة لتصطف خلف النجيفي الذي كان صوت واحد في مواجهة تلك السياسة.
وكذا تظهر الحقيقة في صعود (قائمة دولة القانون) في مدينة الصدر مثلاً وبغداد أو في المناطق التي كانت تعاني من أزمة أمنية، ونجاح رئيس الوزراء في فرض القانون، إن اختيار دولة القانون كان رأياً جماهيرياً إجماعياً في إرادة الإستقرار والأمن، وكذلك ردة فعل صارخ ضد مصادر العنف والقتال، وفي نفس الوقت المناطق التي اخفق فيها تطبيق القانون كمحافظة ديالى حيث ليس لقائمة دولة القانون فيها أثر واضح.
إذاً الممارسة التي صدرت من القوى السياسية المتسلطة كانت اختيار البديل من القوائم الأخرى.
لكن يبقى التساؤل، ما هو موقفها من النتائج؟ كان التشكيك والتهديد في بداية إعلان النتائج الأولية ثم تحولت إلى اصطفافات جديدة قديمة في إسقاط ثمرة التقدّم والظهور لبعض القوى السياسية وذلك من خلال إسقاط الحكومة أو تعطيلها.
وتحرّكت التحالفات من جديد تحت عنوان أزمة انتخاب رئيس مجلس النواب الجديد، فكان الإصرار من البعض هو التعطيل والتعقيد ليظل المجلس معطلاً وليحول دون إقرار الميزانية للعام 2009 التي تمثل روح الحكومة وقوتها، وتحالف البعض في المطالبة بإقالة الحكومة مما اضطر بعضهم نفي ذلك من خلال وسائل الإعلام، إن المعترك الجديد اما أن ينتج الإنحناء للقوى السياسية التي كانت تتمتع بالقوة والنفوذ والسطوة، أو إيجاد معركة جديدة وتصفيات جديدة، وكِلا الاحتمالين قائمين، لكن ظهرت أخيراً مبادرة من بعض مناطق النفوذ في ترميم الائتلاف من جديد وعلى أسس جديدة تجعل نتائج الإنتخابات إحدى مفردات التقييم والتقويم.
لكن متى وكيف؟ هذا ما يدار في الغرف المظلمة لإرضاء بعض الأطراف الخاسرة والضغط على الفائزة، وسوف يظل التحالف الرباعي يلعب دوره في كل مفصل رغم تصدع الكرد أخيراً وتصريحاتهم الإنفعالية التي أعطت زخماً جديداً للخطاب الوطني.
إن نتائج الإنتخابات أثارت أزمة سياسية من جديد سوف نرى آثارها بعد حين ونعرف أبعادها الآن، وسيظل الموقف الوطني والوعي الجماهيري وإرادة الأمة هي الفيصل في محطات أخرى.
حسين جلوب الساعدي
جريدة المرحلة العدد 22