مشهدُ العراق، أجواءٌ ساخنة في انتخاباتِ مجالس المحافظات، وتأتي أهميتها لا لكون المجالس تُعد من مفاصل الدولة الأساسية فقط ،وإنما إضافة لذلك لأنها تعكس عمق ووجود حجمه وثقله في الواقع ليؤسس له في المنازلة الكبرى لمجلس النواب.
لذا كانت الدعاية الإنتخابية الساخنة في كل أيامها ونزل فيها رؤساء الكيانات والشخصيات والرموز السياسية بكل ثقلهم من خلال المهرجانات الجماهيرية والتعبئة والحشود التي شهدتها جميع المحافظات، وكان للرموز السياسية أثر فاعل في الاستقطاب.
ان الإنتخابات بأجوائها المتنافسة استخدمت فيها الدعاية بتقنية عالية وكأنها في الدول المتقدمة التي عاشت الديمقراطية، لكن يلاحظ المراهقة السياسية لدى بعض الكيانات من خلال النتائج.
وفي أجواء يوم الإقتراع سارت العملية بكل حماس وإلتزام وبكل حرية ونزاهة ولم تسجل خروقات يعتد بها، وظهرت حيادية المفوضية وأمانتها ما يعطي بشائر خير لمستقبل ديمقراطي حر وتقدّم مفرح في طريق الحرية، وقد ظهرت النتائج المحتملة وبرزت قوى أساسية وتخلّفت أخرى وشهدت الساحة ولادة قوى جديدة ترسم خارطة العراق السياسية من جديد.
فقد برزت دولة القانون في صدارة الكيانات لتخرج الحكومة من ضغوط ومخططات يراد لها في عامها الأخير، وجعلتها صاحبة القوة والنفوذ في تحالفات مستقبلية، وأعطت رسالة إلى قوى أخرى أن تعيد حساباتها في تحالفاتها الإستراتيجية، وأسقطت رهانات الفدرالية التي يطلقها بعضهم، كما أنها أصبحت صاحبة النفوذ الأقوى في المرحلة المقبلة.
وقد تخلّفت بعض القوى المسيطرة على مجالس المحافظات لتعيد ترتيبها وخطابها من جديد، وكما أن ولادة قوى جديدة تنافس وبقوة في بعض المواقع تعطي بُعدها الواقعي ولتعمل على تطويره بالمستقبل.
ان الخارطة السياسية الجديدة أعطت رسالة للجميع، ان الشعب العراقي يختزل في وعيه وإرادته لكل المكاسب والنقاط المضيئة في أدائه القيادات والحكومة.
ان لكل فوز تأتي به صناديق الإقتراع تستدعي الإحترام والإعتزاز والدعم والمساندة، لأن العراق مازال في مرحلة التأسيس والبناء0 لنجمع كل الطاقات ولنجعل إرادة الشعب مقدّسة في عملنا السياسي ولنساهم معاً في بناء الدولة العراقية.
حسين جلوب الساعدي
جريدة المرحلة العدد 21