حسين جلوب الساعدي
الشبك مكون عراقي لهم خصوصية سكانية متميزة في عاداتهم وتقاليدهم ولباسهم ، تعرضوا لامواج في وجودهم وهويتهم وبقائهم ومستقبلهم ، أن وجود الشبك يتوزع في منطقة سهل نينوى ويمتد وجودهم من الضفة الغربية لنهر الزاب الكبير من تلكيف الى ناحية بعشيقة وبرطلة وقضاء قراقوش (الحمدانية) ونمرود في (70) قرية اضافة لهم تواجد في مركز مدينة الموصل يعيشون مع اخوانهم المسيح والتركمان واليزيدين والعرب والكرد.
وان لغتهم تنتمي الى مجموعة اللغات الهندوربية وهي لغة مستقلة تتميز بمفرداتها الخاصة ونغمتها وطريقة لفظها وأساليب استعمالها مع ما تحتويه من مفردات عربية وفارسية وتركية وهندية وكردية بحكم جذورها واختلاطها بالأقوام المجاورين لهم ، وان محاولة نسبهم الى الكرد او التركمان او العرب يعد إحدى أمواج التحدي التي يتعرض لها الشبك في نسبهم .
وهم من المسلمين الذين اعتنقوا الطريقة الصوفية البكتاشية السائدة في المنطقة التي تجعل للامام علي (ع) مكاناً خاصاً في اذكارها واشعارها وبعد انحسار دور الطرق الصوفية والدور الذي بذلته المرجعية الدينية في النجف في التبليغ والتصحيح توثقت عرى العلاقة بالعالم الشيعي وبنيت المساجد والحسينيات ولهم مشاركة واضحة في كل المناسبات الدينية والشيعية منها كعاشوراء وزيارات العتبات المقدسة .
وقد دخل الشبك بشكل مستقل السجلات الرسمية عام 1952 في وصفهم القومية الشبكية لوجودهم المتميز والواضح في قضاء الحمدانية ، وقدر عددهم (13,398) نسمة وفي عام 1960 قدر عددهم عشرة آلاف نسمة وفي إحصاء 1977 كان عددهم (80 ألف) ، ومهما كان نسبتهم وعددهم في سكان العراق لكنهم يمثلوا وجوداً متميزاً ويعد أحد الأقليات المهمة في كيان العراق المتعدد والمتنوع .
وقد لاقى الشبك انواع الاضطهاد والانتهاك من قبل النظام الدكتاتوري والمجاميع الإرهابية والتكفيرية فأصبحوا عرضة لاتهامات باطلة في عدم ولاءهم للوطن وتبعيتهم لإيران بسبب لغتهم ومذهبهم ، وحرموا من إكمال دراستهم وابعدوا من المناصب الإدارية والحكومية وتعرضوا لحملة تعريب لطمس هويتهم القومية واللغوية واضطر بتغيير هويته الى العربية فيما لاقى أكثر من ثلاثة إلف عائلة شبكية الترحيل الى كردستان لرفضهم سياسة التعريب.
وتعرضت قراهم للهدم حيث بدأت عمليات التهجير القسري عام (1975) في بناء مجمعات سكنية قسرية مما ادى لتهديم اكثر من 30 قرية ومصادرة عقاراتهم وأراضيهم الزراعية .
وكان الشبك يتطلع الى حياة كريمة تحترم فيه خصوصيتهم القومية والمذهبية وينظر الى أوضاعهم نظرة استثنائية مما لاقوه من انتهاكات زمن النظام الدكتاتوري ، وبعد التغيير عام 2003 أصبح الاهتمام للأقليات ( مكونات الشعب العراقي ) من حيث تمكينها وحمايتها وتعويضها التميز الايجابي في إطلاق حريتهم ومساواتهم إمام القانون وتمثيلهم فخصص معقداً واحداً للشبك في البرلمان عن الموصل ومعقداً واحداً في مجلس محافظة نينوى .
ومن أجل ان يأخذ الشبك موضع الاهتمام ، بادرت وزارة حقوق الإنسان بعقد مؤتمر لأبناء الشبك تحت شعار (تكافؤ الفرص حق مصون ومكفول للجميع ) في بغداد بتاريخ 21/2/2011 وحضره عدد من البرلمانيين والسياسيين والوزراء والوكلاء وشخصيات مراكز القرار وممثلي الشبك وجرى خلال المؤتمر التعريف بهم وأهم المشاكل والمعوقات التي واجهتهم وابراز ما تعرضوا له ، وانتهى المؤتمر الى جملة من التوصيات التي رفعتها الوزارة إلى الأمانة لمجلس الوزراء .
في أجواء العمل على تصفية آثار الدكتاتوري وفتح آفاق الحياة الجديدة والاهتمام العالي لتمكين الأقليات وإشراكها في إدارة الدولة .
افزعهم وأرعبهم ما جرى من عمليات إرهابية باعتبارهم كفار لتمييزهم الديني والقومي فقد لاقى الشبك أصناف العنف والكراهية من المجاميع الإرهابية التي مارست القتل والخطف والتهجير والترحيل والتمثيل بالقتلى وحرق المنازل وتفجير المساجد والحسينيات منذ كانت سنة 2006 بعد تصاعد النزعة الطائفية التكفيرية من قتل اكثر من (1200) وبطرق وحشية وبأساليب مختلفة وتجاوز عدد المهجرين الى أكثر (3500) عائلة حسب إحصائيات وزارة الهجرة .فيما توالت عمليات السيارات المفخخة في قرى الموفقية وخزنة وورطة وبرطلة وكوكجلى وعمليات عديدة داخل مدينة الموصل .
وظل الشبك يعاني من أمواج العنف التكفيري الذي يحيط بهم وأصروا على البقاء والتمسك بالحياة في مدنهم وقراهم التي عاشوا فيها لقرون لكن طوفان داعش الذي عصف بمحافظة نينوى وسهلها رماهم خارج ديارهم فأصبحوا مرحلين مهاجرين ، بعد هدم قراهم ومدنهم وقتل من فيها .
ان امواج الحقد الارهابي التكفيري القت بالشبك خارج ديارهم لذا من اللازم النظر اليهم وملاحظة ما لاقوة من اعتداءات يمكن وصفها بالإبادة الجماعية والعمل لطرح قضيتهم بشكل واسع في المحافل الدولية والوطنية وضرورة عودتهم الى ديارهم وأعمارها لكي نحمي مكون مهم في العراق .