حسين جلوب
داعش ( الدولة الإسلامية في العراق والشام ) إعلان الجديد تمتد جذوره بعيداً وأفكاره ابعد والمؤثرات والأحداث والقضايا التي أسهمت بظهوره وما خلفته من آثار مدمرة وجرائم مفزعة وإعمال دامية نعيش آثارها وآلامها وجراحاتها.
إن جذورها الفكرية ونزعاتها الدموية وآراءها التكفيرية تعود لمقولات التكفير التي أعلنها الخوارج في حروبهم للمسلمين وان أفكارهم ترجع إلى الحركة الوهابية التي أباحت دماء المسلمين وتكوينهم الجديد يعود للأحداث الدامية والتي يشهدها العالم الإسلامي خلال النصف الثاني من القرن العشرين وابرز هذه الأحداث التي اسهمت بتشكيل القاعدة والإرهاب والتطرف وولادة داعش الصراع في الحرب الباردة بين الشرق والغرب الذي استنفذ فيه الطرفان كل أصناف الصراع والتنافس من أفكار واستقطاب وتسليح وأموال وعلوم ومعارف .
ومن تلك الدول التي وقعت فريسة هذا الصراع افغانستان وشهدت تغير النفوذ من الملكية الموالية للغرب الى الجمهورية اثر الانقلاب الموالي للشرق ، وبعد رفض السياسة الجديدة والتصفيات والانقلابات المتعددة دعا رئيس النظام الأفغاني للاستعانة بأسياده الروس بضرب المعارضة وتفاجأ الشعب الأفغاني من دخول الجيش الروسي والانتشار في كل البلاد وهو مدجج بالأسلحة الثقيلة وغطاءً جوياً قاصفاً راعداً ، من هنا بدأت حركة المجاهدين الأفغان في محاربة الروس وتشكلت الفصائل الجهادية وتوزعت على أساس مناطقي وعرقي مذهبي واستمرت في المواجهة في ظروف قاسية وأوضاع صراع دولي صعب .
وطالت المعاناة وظهرت أخبار جهاد الأفغان للروس تغطي مساحة واسعة من برامج وسائل الإعلام وتفاعل مع هذه الأحداث والأخبار بعض المسلمين وأخذ شعار دعم المجاهدين الأفغان ومساندتهم ومشاركتهم بجهادهم يتسع ولاسيما لدى الحركات الإسلامية الأممية .
والتقى هذا الشعور والاستعداد مع رغبة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية التي حركت بدورها حلفاءها في المنطقة (السعودية) لاستقطاب المجاهدين ودعمهم .
وتحرك الدعم باتجاهين : الأول الاتصال بالفصائل المجاهدين بواسطة السعودية لقبول الدعم الأمريكي وقد أثير في حينها جواز الاعتماد على الكفار في الحرب مع الملاحدة وكان جواب أكثر العلماء الجهاديين بجواز ذلك .
والاتجاه الثاني: الذي تحرك من الأرض السعودية وبقيادة العالم الفلسطيني عبد الله عزام الذي اخذ يجمع التبرعات المالية ويفوج المجاهدين الى باكستان ومن ثم يدخلون منها الى افغانستان وفي هذه الأجواء التقي مع أسامة بن لادن الذي كان من أصحاب المال والثروة ومن ذوي الاعتقاد بعزام والمتحمسين لمشروعه الذي اخذ على عاتقه تنفيذ برامج أستاذه (عبدالله عزام) واتخذ من باكستان مقراً له في إيجار بيت يتم استقبال المجاهدين العرب والأموال ليكون قاعدة الانطلاق واخذ يطلق على هذا المكان اسم القاعدة ثم توسع استعماله لادارة مجمل الحركة وزاد ما يسمى بالمجاهدين العرب في افغانستان وصارت معسكرات وافواج خاصة بهم يتلقون التدريب والتسليح والتوزيع والانتشار، ورافق هذه الأجواء انفعال كبير وتنظير واسع لمفهوم الجهاد والدولة الإسلامية المرتقبة والنظرة الاستعلائية على المسلمين الذين لم يشاركوهم آراءهم ، في هذه الأجواء انهزم المعسكر الشرقي وتفكك الاتحاد السوفيتي وحصل الانسحاب السريع من افغانستان وتشكلت اول حكومة أفغانية تعاني من الانقسام والتنافس وأعلن نهاية الجهاد المقدس وبدأ الصراع على النفوذ .
بعد تلك القصة عاد بعض المجاهدين الى بلدانهم واخذ يطلق عليهم مجاهدو العرب الأفغان وانتشروا وهم يحملون كل آراءهم المتطرفة وقدرتهم على التحريك والنشاط وحماسهم في النقد وجرأتهم على تنفيذ أعمالهم .
وانتشرت آراؤهم وتعددت مواقعهم في السودان واليمن ومصر والجزائر وتونس وباكستان والهند والعراق والشيشان وطاجيكستان وغيرها حتى أصبحت ظاهرة علمية من حيث الانتشار والامتداد والأفكار والتأييد لها وإيجاد مناطق نفوذ وحواضن تمارس الاستقطاب والتخطيط والإعداد فيها .
وكان الراعي لهذه الحركة التي أصبحت عالمية الحكومة السعودية والأنظمة المتعاقبة في باكستان ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية .
في هذه الأجواء من الانتشار والقوة فشلت الفصائل الأفغانية في إدارة الدولة وهنا ظهر تحالف جديد بين القاعدة (ابن لادن) وحركة طالبان ( طلاب العلوم الدينية في باكستان من الأفغان ) وقد أتى هذا التحالف الجديد ثماره في إقامة الدولة الإسلامية في أفغانستان التي عبرت بشكل واضح وصريح عن فهم طالبان والقاعدة للدين في فرض إحكام الشريعة بحد السيف فأخذو ينفذون الأحكام بقطع الرؤوس والأيدي وفرض الحجاب منع المرأة من الخروج والدراسة وإغلاق وسائل الترفيه والإعلام في تلفزيون والراديو فعم الرعب عند الأفغان والترقب والتأهب والصمت الذي ساد العالم .
وفي أجواء الترقب شهدت تحول حاد في حركة الطالبان والقاعدة في توجيه سهام العداء الأمريكي في غفوتها المنعشة على صوت مدوي هز الكرة الأرضية في العملية الانتحارية للبرجين العالميين والبنتاغون والبيت الأبيض 11/9/2001 والمنفذ القاعدة والمنطلق دولة افغانستان الإسلامية فأهتز العالم وبدأت خارطة سياسية جديدة ترسم من حيث الأفكار والحركات والإعمال والنشاطات والآثار والمشاريع والصراع والتنافس والموت الأحمر وهو ما سنسلط الضوء عليه في المقال القادم .