ودلاة الرسول الاعظم

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 4824

ودلاة الرسول الاعظم

 

حسين جلوب الساعدي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليك يا رسول الله ونحن نحي ذكراك وخطك ونهجك ونحن امام تراكم السنين وتقلب الامور والدهور، ونبقى نتسم الحياة والحب والكرامة والعلم والمعرفة والقوة والصلابة والعطاء والاثراء والاستمرار والمواصلة من خلال نهجك الوضاء ودينك الكامل الشامل ، وندعوا ان تحيى البشرية من جديد بافق رحمة ربك من خلال رسالته التي حملتها وبلغتها وصنعت امة واجيال وشعوب لمواصلتها .

السلام على امام الهدى محي السنة ومميت البدعة، ناشر حديث النبي ومجدد مدرسته حين حاول الاعداء طمسها وتحريفها ، فكان همه الحفاظ عليها وتبليغها ورد المخربين والمخرفين والترفع عن الدنيا وغرورها واطماعها ليحي الدين من جديد ، انه سليل النبوة جعفر بن محمد الصادق (ع).

 السلام على من سار على هديك ونهجك ، وحمل الرسالة هماً وعلماً وتضحية وعطاء وايثار ومحبة.

السلام على الثلة المؤمنة الرسالية التي قررت بمثل هذا اليوم ان تواصل الدعوة الاسلامية بمحتواها النقي  وتستمر في عطاءها الثري وتؤدي الامانة بالشهادة والاستشهاد (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) انهم الدعاة المؤسسين الذين مزجز الفكر بالعمل والجهد بالجهاد انهم الشهداء .

السلام عليهم وانا اقف مكبراً للرسالة التي اليها ينتمون السلام عليهم وانا ادعي ان اكون جزء منهم في يوم من الايام السلام عليهم وانتم تعرفون المسيرة التي اينعت فكان ثمارها الفكر والثقافة والتحرر من الاوثان .

السلام عليكم سادتي الحضور ورحمة الله وبركاته .

اود ان اقف اجلالاً وتقديساً والتزاماً وتعبيراً عن حبي وايماني امام صاحب الذكرى العطرة الميمونة النبي الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونحن نعيش اروع ذكرى مرت في حياة الانسان في يوم اشرف يوم في تاريخ البشرية سواء قيمنا الايام بما تشتمل عليه من احداث او بما تتمخض عن نتائج وبما خط من مسار في حياة البشرية فأن هذا اليوم يبقى هم يوم تلتقي فيه الافئدة على اساس حب النبي وآله الاطهار انه اليوم الذي استطاع فيه الانسان ان يبلغ ذروته التي رشحتها عشرات الرسالات النبوية .

ولو لاحظنا ما تمخض عن هذا اليوم العظيم يمكننا ان نتصور المقدار العظيم في الطاعات والعبادات والاعمال النبيلة الزاخرة بكل النبل والاخلاق التي اتى بها صاحب الذكرة العطرة .

ويمكننا ان نتصور العروش التي حطمت الجبابرة الذين قضي عليهم وعهود الظلم والطغيان التي تقوضت باسم صاحب هذا اليوم ويمكننا ان نتصور سقوط الجبابرة والحكومات والانتهازيين والمنافقين والمخربين والمحرفين الذي ناؤو هذه الرسالة وكيف تحطموا امام شمس الحقيقة وان حاولوا ان يكونوا غيوم لحجبها .

ويمكننا ان تصور الشخصيات العظيمة والبطولات المستميته في سيبل اقامة العدل على الارض باسم هذا اليوم .

هذا اليوم هو اليوم الاول في تاريخ البشرية سواء قيمناه على اساس ما حدث فيه او على اساس ما نتج عنه انه يوم النبوة الخاتمة .

لا يمكن ان نلم بمسيرة الرسالة والرسول واثارها ومعطياتها وما تزخر فيه من عقائد وقيم واخلاق وتشريع وواجبات ومحرمات ونتاج فكري وبناء حضاري وعطاء مستمر وتاريخ وفيه الذي فيه بوقفه متواضعة لكن نستطيع ان نقول انها غيرت الدنيا والحياة وفهمت الانسان الكون وما بعد الموت .

اخوتي الاعزاء عندما نقرأ القران وما فيه يقف رسول الله شامخاً مخاطباً لنا باملاء جبرئيل بامر الله وعندما نقرأ السنة نجده وما ينطق عن الهوى الا وحي يوحى وعندما نقرأ المسيرة تكتشف الخلق الرفيع وانك لعلى خلق عظيم وعندما نقرأ السيرة نجد الحكمة الربانية وعندما نقرأ التاريخ ورايت الناس دخلون في دين الله افواجاً لتنصهر كل الامم والشعوب والاقوام بالدين ويرى كل واحد منهم حقه فيه ووجوده منه وعندما نقرأ التراث في ازمنة المنع والتحريف والتخريب والحرق والصراع والقتال نجد ان التراث الاسلامي يتخطى كل شيء بسعة كبيرة هائلة ومرجعية فكرية ثابتة القران (انا انزلنا الذكر وانا له لحافظون ) والسنة ( ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذ منه بالوتين) ومكانه مرموقة للعقل وصياغته وصناعته والدعوة للتفكير والتعقل كل هذا وغيره جعل الشريعة حية ودائمة ومستمرة وشاملة وان هذه الاستمرارية نابعة من قواتها وما تحويه من مبادئ وقيم يتفاعل معها الانسان بوجدانه وعقله ليقرها بلسانة وافعالة .

ونحن امام هذا التفاعل معه في كل يوم نعترف ان السنة تعرضت للتحريف وان الاسلام تعرض لهجوم الاعداء ومحاولة محقه لكن الله سبحانه وتعالى جعل لكل قرن محي ومجدد الذين يطلق عليهم الابدال وجعل لكل قضية رجالها ومرحلة طبعتها ولكل بلد او مصر او قطريحميه من التيه والضلاله

فكان العراق الذي انطلقت منه مسيرة التشيع وتجحفلت فيه الجيوش للفتوحات وكان وكان وكان .

ثم كانت المحنة التي ألمت به بعد تاسيس الدولة العراقية بعد مقاطعة العلماء والمراجع للانتخابات وثم تسفيرهم الى ايران ثم عودتهم بعهود ومواثيق ووثائق على ان لا يتدخلوا بالشؤون السياسية لتتحقق مقولة فصل الدين عن السياسة في الحوزة العلمية ليعيش العراق موجة من التيارات القومية والعلمانية والالحادية وتسيطر على تفكيره فكانت الدعوة الاسلامية ومؤسسوها لينهضوا بتأسيس مدرسة فكرية وحركية وعلمية ليس لها نظير في تاريخ التشيع انها مدرسة الشهداء وانها مدرسة المفكرين والمحققين انها مدرسة الدعوة التي تتصف بامور قل من جمعها وبتجارب نخشى ان تضيع لقله من يحملها ويحميها ، فالدعوة تتمتع بخصائص تجعلها امتداداً لصاحب الذكرى اهمها :ـ

1.  التغييرية والانقلابية : التي كتب السيد الشهيد الصدر (قدس) اكثر مواضيعها في رؤيته تغييريه تبدأ من النفس الى الاسرة والمجتمع بمفاهيم الاسلام واحكامه وتعاليمه.

2.   المرحلية : التزاماً بالسنن الطبيعية بالنمو والتطور واقتدائاً بسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وعمله المرحلي في الدعوة للاسلام يتدرج في طرح العقائد والمفاهيم والاحكام وما كانت تتصف به مسيرة الرسول واصحابه واهل بيته في اسلوب المراحل في طبيعية العمل والتحرك من الدعوة السرية الى الدعوة العلنية الى اقامة الجماعة الاسلامية ثم تأسيس المجتمع الاسلامي وبعدها الاعلان عن الدولة الاسلامية .

3.  فهم الثابت والمتغير: في الشريعة والحياة والاحكام التي لا تقبل الاجتهاد القطعية الصدور التي من خلالها يقاس ايمان المسلم وهي الايمان بالله ورسوله والاخرة والمتغير ما تزخر فيه الحياة من تنوع وجديد وفهمه وتوجيه على ضوء الشريعة ليكون القران والسنة والعقل حكم على نتاج المسلمين الفكري.

4.  الاصالة والتجديد : اتسمت الدعوة الاسلامية في التزامها الديني والرجوع الى المرجعيات الفكرية . ولكن ليس بصيغة سلفية وانما بروح تجديدية تتماشى مع متطلبات العصر ترتكز على ثوابت قطعية

5.  فهم واعي للتراث وتداعياته : ومالاقاه حتى من تحريف وتخريف وكذب ووضع وتدليس من قبل الغلاة والزنادقة والشعوبيين والسلاطين ووعاظهم والنظرة العلمية التحقيقية الدقيقة اتي تتصف بها مؤلفات السيد مرتضى العسكري الذي يعد مدرسة خاصة في علم فهم التراث الذي انعكس على الدعوة في وعيها للتراث .

6.  الواقعية : في العمل بعيداً عن الشعارات والمزيادات والانفعالات والتعامل مع القضايا بمقدرها وانتاج الافكار انطلاقاً من الحاجة الواقعية اليها بعيداً عن الترف الفكري هكذا كانت الدعوة في واقعيتها

7.  القيادة : كان هم الدعاة الاوائل صناعة شخصيات قيادية في مواهبهم وقدراتهم وعلمهم وعملهم بعيداً عن الادعاء والظهور والغلبة والضغط ليعطو للقيادة فهماً علمياً واقعياً بمعنى ان القيادة ولادة من رحم الامة وامالها والامهالا يفرض من فوق فكانوا قياديين بحق في اثارهم ومسيرتهم فكانوا يختفون في الضلال ليدفعوا الدعاة في الظهور والتألق واذكر منهم وفاءاً لهم في شخصيتهم القيادية الفريدة وفهم لمعنى القيادية الوحيد استاذي مرتضى العسكري وما قام به وما يقوم به من اعمال قيادية انقذت الثورة الاسلامية في ايران عندما جمع المراجع الاربعة في تأييد الثورة والانتخابات من دون ان يعرف احد بمسعاة غير اللجنة المكلفة حتى افصح عن هذه الحقيقة احدهم بعد سنين واستطاع ان يسهم ببناء العراق وكان يرد كلمة نحن الدعوة مهمتنا صنع قيادة في امة . والشهيد محمد هادي السبيتي الذي كان فريداً في قيادية وتخطيطه في فكره في عمله حتى استشهادة والقليل من يعرف عن هذه الشخصية .

8.  الشمولية : لم تعالج الدعوة قضية واحدة ولم تنظر من زاوية واحدة وانما انفتحت على الحياة بانفتاح الشريعة وتحرك في العمل بمقدار مفاهيم الاسلامية وحاجة الانسان اليها فكانت شموليتها نابعة الذكرى من شموليه الاسلام وصاحب الذكرى .ورغم ما للدعوة من خصائص فكرية ورؤية تجديدية وما كانت تتمع به من تألق وتاثير وما خطته من اتجاه فكري وتيار واعي لكن غابت وغيبت خصائصها من قبل اعدائها وابناءها لعدم الوفاء لخطها وتاريخها وعدم الحفاظ على نهجها لكن المؤمنون بها سوف يبقون يحملونها هماً ومعرفة وعطاءاً .

كالاساليب القديمة

كحكايات ابي جهل اللئيمة

عندما لونت الدعوة اجفان الحياه

بالشعاع الوادع السمح .

بألطاف الاله ..

عندما مرت خطى الايمان في أول درب

وحنت تحتضن الانسان في أطيب قلب

ورسول الله يدعو القوم في رفق وحب

واذا بالصوت محموم الصدى بالاثم

ساخر ..

انها دعوة مجنون

وساحر ..

وتخطت دعوة الاسلام اسوار الضلال

في انطلاق يتحدى بالسنى زهو الليال

وتوارى في ظلام ابطال الجريمة ..

ثم عدنا وابتدأنا

دربنا ..

عبر الرسالات العظيمه

وخطونا نحوها اول خطوه

وأثرنا الوعي في عزم وقوه

فالتقينا بالاساليب القديمه

بحكايات ابي جهل اللئيمه

 

بتعابير جديده

وضلالات عنيده

انها دعوة رجعي مكابر

انه الافيون قد جاء لتخدير الضمائر

***

غير انا سوف ندعو للاساليب الكريمة

وستندك مع الفجر الاساليب القديمـة

واخيراً اوجه كلمة بهذه المناسبات العطرة نحن بحاجة لفهم الشريعة والاسلام فهماً تجديداً وبحاجة لمواصلة المسيرة لنؤدي الامان بامان .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

 

الفدرالية واقليم الجنوب.. المقومات والافاق

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 8538

ورقة عمل الندوة الفكرية

(الفدرالية واقليم الجنوب.. المقومات والافاق)

 

 

حسين جلوب الساعدي

بسم الله الرحمن الرحيم

ورقة عمل الندوة الفكرية

(الفدرالية واقليم الجنوب.. المقومات والافاق)

 

الفدرالية احد المفردات السياسية المطروحة بقوة لتأخذ طريقها في الدستور الدائم للبلاد. واخذت ابعادها الواقعية في اقرارها بقانون ادارة الدولة العراقية والادارة اللامركزية منذ سقوط النظام المقبور. وهناك جدل في ضرورة اقرارها لانها الحل الامثل لشكل الحكم المرتقب في العراق الذي نتأمل فيه غياب الدكتاتورية الشخصية والحزبية والعنصرية القومية والطائفية، والحد من توفير الاجواء لسيطرة عصابة على الادارة المركزية. وتلبية حاجات مكونات الشعب العراقي، والحفاظ على هويته الثقافية المحلية والوطنية ولتساهم في البناء العمراني والمدني والسياسي والثقافي لجميع ابناء الشعب العراقي بكل قومياته ومذاهبه واجتهاداته واتجاهاته، ليتمتع الجميع بحق العيش والرفاه والتطور، والأرتقاء بموارده الطبيعية لتلبي طموحه في الحياة الحرة الكريمة.

وفي إطار تحمس الطرف المطالب بتشكيل حكومة فدرالية تعددية جمهورية برلمانية دستورية هناك عدة اراء وافكار لتشكيل الفدرالية العراق في لتطبيقها على المحافظات وتشكيل الاقاليم.

واعداد مسودات قرار واوراق مشاريع للفدرالية. وهذه القضية لم تحسم بعد رغم وجود تصور واضح في قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت في اختيار صيغة معينه.

وفي الطرف الآخر هناك شبهات واثارات في طريق اقرار الفدرالية اهمها تقسيم العراق وضعف الروح الوطنية وتضعيف دور الاكثرية من خلال حصرهم باقاليمهم. ومن جهة اخرى رفض الجهة المسيطرة على شؤون العراق تاريخياً ممر نفوذها في منطقتها المحدودة.

وشبهة التمايز بين الاقاليم الفقيرة والغنية وتعميق الروح الطائفية والعنصرية والانقصالية وصعود شخصيات انتهازية، وتضعيف تاثير الافكار الشمولية الاطلاقية في تكريس الخصوصيات لكل اقليم وغيرها. وبين هذا وذاك يبقى بلورة راي جماهيري واتخاذ قرار من قبل الجمعية الوطنية ـ رغم تعقيدات وصعوبة اتخاذ القرار في النفي الراي ـ الحاسم في الاقرار والنفي.

وفي اجواء الراي الاول والاندفاع العالي للالتزام بالفدرالية يطرح اقليم الجنوب كاحد المفردات السياسية والمشاريع المطروحة في الساحة الثقافية والفكرية والمبادرات السياسية وشكل هذا الطرح فضاء واسع للحوار في تحديد المقومات الطبيعة والثروة التي يتمتع بها الجنوب والكفاءات العلمية والطاقات البشرية والعقول المهاجرة والابداع المعطل في الجنوب ويبعث هذا الطرح اندفاع قوي وشديد نتيجة الوعي المتراكم والمحنة والاضطهاد المستديم على ابناء الجنوب ليكون اقليم الجنوب الطموح الذي يصبو اليه جميع ابنائه لذا بادر البعض منهم في طرح الفدرالية وتأسيس الاقليم الجنوب لتكون احد المفردات الاساسية في دستور الدولة العراقية والندوة المعدة من قبل مؤسسة الهدى للدراسات الستراتيجية تعد احدى الاعمال في اطار المطالبة والاعداد. ولكي تكون الندوة والمشاركين فيها على درجة من الوضوح في القضايا المطروحة نضع هذه العناوين كأثارة للبحث والدراسة والمناقشة في الندوة والمؤتمر الذي سيعقد في هذا الخصوص بشكل واسع.

 

الفــدرالية واقليم الجنــوب

المقومات والافاق

 

1.    تعريف الفدرالية.

2.  صور الفدرالية واللامركزية في العالم.

3.  لماذا الفدرالية في العراق.

أ. الطبيعة الادارية زمن الحكم العثماني.

ب.التعددية في العراق.

ج. ازمة السياسية العراقية.

- العنصرية القومية.

- العنصرية الطائفية.

- الدكتاتورية الحزبية والشخصية.

- الادارة المركزية.

د. الفدرالية الحل الامثل للواقع العراقي.

4. الصور المقترحة لفدرالية العراق.

أ. التقسيم الثنائي القومي.

ب. الولايات بعدد محافظات العراق.

ج. الاقاليم بلحاظ الطبيعة الجغرافية والسكانية.

د. الولايات بلحاظ الخصوصية القومية والمذهبية.

هـ. تشكيل الاقاليم بلحاظ قانون ادارة الدولة.

د. الفدرالية والقرارات المستقبلية للجمعية الوطنية.

 5. شبهات في طريق الفدرالية.

- تقسيم العراق.

- ضعف الروح الوطنية.

- تضعيف دور الشيعة الاكثرية في العراق.

- التمايز بين الاقاليم الفقيرة والغنية.

- تعميق الروح الطائفية والانفصالية.

- صعوت شخصيات انتهازية.

- تضعيف دور المرجعية والحوزة العلمية للشيعة.

6. اقليم الجنوب المقومات والافاق.

أ. المسار التاريخي للجنوب.

ب. الطبيعة السكانية.

ج. الخارطة الجغرافية.

د. الصبغة الثقافية.

هـ. المشتركات في الالام والامال.

و. الثروة والموارد الطبيعة.

ز. الكفاءات العلمية والطاقات البشرية.

ح. خصائص العراق الجديد.

7.اقليم الجنوب والمبادرات السياسية.

أ. مؤتمر البصرة.

ب. مؤتمر العمارة.

ج. اجتماع الناصرية.

د. مبادرات القاضي وائل عبد اللطيف.

هـ. مبادرات اخرى.

8. اقليم الجنوب والواقع السياسي.

9. رؤية في الخطاب السياسي لاقامة الاقليم.

10. تقييم وتقويم لطبيعة المبادرات لاقامة الاقليم.

 

تعريف الديمقراطية

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 8785

 

 

تعريف الديمقراطية

 

حسين جلوب الساعدي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الديمقراطية وحقوق الإنسان ودور المرأة مفردات فكرية وثقافية جديدة تطل على الساحة العراقية ويأمل العراقيون ان يتنفسوا الحياة والكرامة من خلالها فكان من الضروري التعرف عليها وبعد الايمان بها ممارستها في الحياة والدورة الثقافية القائمة هي خطوط في هذا السبيل ولما كان الموضوع الذي نسعى للاشتراك فيه وترويجه من خلال صفوف محو الامية كان عرض الورقة المقدمة بين ايديكم تعتمد العرض البسيط بعيداً عن لغة التحليل والاستدلال وانما هي عرض للأفكار على شكل نصوص التي نشارك في شرحها وفهم ابعادها وتدريسها لتفتح الافاق امام الاخوات المعلمات في متابعة الموضوع بشكل معمق في مجالات اخرى مع التعامل في شرح النصوص للاخوات في مراكز محو الامية لتعليم محتوى النصوص فجاءت هذه الورقة بهذا الشكل التي تتضمن القضايا التالية:ـ

·       تعريف الديمقراطية

·       مبادئ الديمقراطية

1.    احترام حقوق الانسان

2.    الديمقراطية تعني التعددية

3.    الديمقراطية تعني امكان تداول السلطة شرعياً وسلمياً

4.    الديمقراطية ممارسة دستورية

·      دور المرأة في الحياة الديمقراطية

 


 

تعريف الديمقراطية :

الديمقراطية حكومة الشعب أي اختيار الشعب لحكومته او سيطرة الشعب على هذه الحكومة التي يختارها .

فالحياة الديمقراطية قائمة على اساس المواطنة والمساواة والحرية والدستور .

مبادئ الديمقراطية :

للديمقراطية مبادئ وشروط تمثل جوهرها وروحها اهمها :.

1. الديمقراطية تعني احترام حقوق الانسان

حقوق الانسان : مجموعة من الحقوق والمطالب الواجبة الوفاء بها لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز بينهم .

والدفاع عن حرية الانسان وكرامته وتلبية حاجاته الضرورية التي تجتمع في اطار الحقوق والحريات وهي :ـ

·  حق الحياة والحرية وسلامه شخصه وان لا يتعرض للتعذيب او العقوبات او المعاملات الوحشية التي حط من كرامته .

·  حق حرية التفكير والضمير والدين وحرية الاعراب عنها بالتعليم والممارسة واقامة الشعائر ومراعاتها .

·  حق حرية التعبير والرأي والمشاركة في الحياة السياسية والاشتراك في الاحزاب والجمعيات والجماعات السلمية والمشاركة في ادارة البلاد والشؤون العامة من خلال الانتخابات النزيهة والاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع .

·  حق العمل وحرية اختياره بشروط عادلة مرضية وله حق الحماية من البطالة واعطاءه الاجر العادل ليكفل له العيش ولاسرته عيشة لائقة يكرمة الانسان وحاجته .

·  حق الصحة والرفاهية لكل شخص وأسرته كالتغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية وتأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك .

·  حق التعلم لكل شخص الحق في التعلم ويجب ان يكون التعليم في المرحلة الاولى الزامياً مجانياً والقبول في التعليم العالي على قدم المساواة وعلى اساس الكفاءة . وان تهدف التربية الى إفهام شخصية الإنسان واحترام الحريات الاساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع البشر .

ويجب ان تؤدي هذه الحقوق والحريات على قدم المساواة دون تمييز عرقي او عقائدي او فكري او ما يطلق عليه ( التفوق المزعوم للرجل على المراءة )  .

ويخضع الفرد في ممارسة الحقوق والحريات للقانون وبما لا يمس بحقوق الاخرين .

والدستور العراقي الجديد نص على ضمان الحقوق والحريات واحترام الانسان .

والديمقراطية في جوهرها احترام ارادة الانسان وتحقيق حقوقه والدفاع عن حريته وكرامته .

2. الديمقراطية تعني التعددية :

التنوع والتعدد سنة الحياة والكون وبه تكتمل صور الاشياء والافكار والمجتمع متعدد ومتنوع باجناسه واديانه ومذاهبه وافكاره وقضاياه وان فرض تصور واحد او لون واحد من قبل تيار او طرف واحد يعني قتل الابداع والجمود والتوقف عن مواكبة الحياة .

والتواصل والحوار مرتكز اساسي للبناء والتطور والارتقاء .

وفي اجواء التعددية التي تسخر بها الحياة والكون يجب الالتزام بجملة من الافكار والمبادئ لكي يكون التنوع عامل اثراء وتطور وهي :ـ

·  احترام الرأي : في اجواء التعددية في المجتمع والاسرة تتعدد الاراء ولا يعني الاختلاف وانما يعني جزء من الكيان او الشخصية واول ما يجب احترام الرأي الاخر لتوفير الاجواء للحوار .

·  التواصل مع الاخر فرداً كان او كياناً من اجل معرفة اراءه وافكاره واهتماماته للاعداد لفرص الحوار وان القطعية تستلزم الجهل بالاخر .

·  الحوار : مفردته تستوعب كل انواع واساليب التخاطب منبعثة من خلاف او غير خلاف بين المتحاوريين لانها تعني المجاوبة والمراجعة في مسألة موضوع التخاطب وهي وليدة التفاهم والتعاطف والصداقة واثبات الذات والوصول الى اختيار الاصلح او اثراء الموضوع او بلورة المشتركات من المتحاوريين في اجواء يسودها الهدوء والاحترام واستعمال لين الكلمة ويلتزم بالعرض والإقناع مع الايضاح والهدوء بكل لطف ورفق والابتعاد عن الإكراه والإجبار والقهر والاضطهاد . وباحترام الرأي والتواصل مع الأخر والحوار الهادف نحقق مرتكزاً اساسياً في جوهر الديمقراطية ونوع المناخ الصحيح لتفاعلات التعددية في سبيل التجديد والصواب .

3. الديمقراطية تعني امكان تداول السلطة شرعياً وسلمياً : لا معنى للتعددية من دون الية تيسير شؤون المجتمع والديمقراطية تجعل الانتخابات ورأي الاغلبية المحور الاساسي في تشكيل السلطة والحكومة وادارة الدولة .

* الديمقراطية تحد من بقاء الدولة بيد طرف واحد فمن خلال الانتخابات يتم تداول السلطة بشكل سلمي بلا انقلابات وتصفيهات .

* يكون تنافس الاحزاب والمنظمات ويكسب رضى المواطن وتأيده فالديمقراطية تجعل الاحزاب في خدمة المواطن وليس متسلطين عليهم .

* المشاركة الفاعلة للمواطن في اتخاذ القرارات والاختيار والتعبير بكل حرية في تفاصيل الحياة .

* الاحتكام الى صناديق الاقتراع والحضور السياسي للقوى والمجتمع في اختيار الممثلين والحكومة .

4. الديمقراطية ممارسة دستورية :

ان الاحتكام الى صناديق الاقتراع لا تكفي في تكوين الحياة الديمقراطية واطلاق الحرية والدفاع عنها يعني الفوضى فالديمقراطية هي ممارسة دستورية .

·  الديمقراطية مقيدة بدستور يقر من قبل الشعب او القوى الفاعلة ويكون الاحتكام الى شرعيته ونصوصه .

·  التوصل الى صيغة دستور ديمقراطي يرعى اعتبارات مختلف الجماعات وشروط انحرافها في الممارسة الديمقراطية .

·  احكام الدستور الديمقراطي لابد ان ترعى المبادئ الديمقراطية والمؤسسات الدستورية تكفل ضمان المبادئ الديمقراطية ومراعاتها .

·       الممارسة الديمقراطية يمكن تقيدها دستورياً بالشرائع التي يدين بها المجتمع والقيم التي يجلبها .

·  الدستور هو مصدر الشرعية تخضع الدولة والمجتمع الى إحكامه ويحتكم الأفراد والجماعات الى شرعيته .

والمبادئ المشتركة للدستور الديمقراطي هي :ـ

1.   لا سيادة لفرد ولا لقلة على الشعب وانما هو حكم الأغلبية .

2.   سيطرة احكام القانون الذي يحكم الاغلبية والاقلية والفرد والجماعة ز

3. عدم الجمع بين السلطات الثلاثة فلا تكون جميع السلطات بيد هيئة واحدة واستقلالية القضاء والمؤسسات الدستورية .

4.   ضمان الحقوق والحريات العامة وحمايتها والدفاع عنها .

5.   تداول السلطة سلمياً في الانتخابات والاقتراع العام.

دور المرأة في الحياة الديمقراطية:

المراة كيان انساني محترم لها من الحقوق والواجبات ما للرجل على قدم المساواة فلها الحق في كل تفاصيل الحياة بالانتخابات والترشيح والتصويت واستلام المناصب الادارية والحكومية .

ولها من الاهتمام في الحياة الديمقراطية لما نالها من الظلم والاضطهاد والحرمان .

·       فالديمقراطية تؤكد المساواة بين الرجل والمراة ولها حق المشاركة السياسية .

·       الديمقراطية تمنع التمييز ضد المراة في الحقوق السياسية والتعليم والعمل والضمان الاجتماعي .

·       للمراة حق في الحياة السياسية بان لا يقل نسبة المراة عن 25% من الجمعية الوطنية .

·       يجب ان تكون امراة واحدة على الاقل ضمن ثلاثة مرشحين في كل قائمة من قوائم الانتخابات .

·       تشكيل وزارة شؤون المراة في العراق لرعاية شؤون المراة .

·       المراة توازي الرجل في كل شؤون الحياة في العمل والتعليم والحرية والكرامة .

·       من حقها الدفاع عن نفسها وحقوقها التي تسلبها العادات والتقاليد السيئة .

·       تساوي مساهمات الرجال والنساء في كل ما يتعلق بشؤون القوة العامة .

·  للمراة خصوصية في موقعها في الأسرة والمجتمع والتكوين الروحي والعاطفي في الإنسان فهي الزوجة والام والبنت والشريك .

·       الحياة الجديدة في العراق عصر جديد في ان تجد المراة دورها وموقعها .

 

معوقات الديمقراطية في العراق

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 11446

معوقات الديمقراطية في العراق

  حسين جلوب الساعدي

 

 معوقات الديمقراطية في العراق

الديمقراطية البديل الذي لابد منه في العراق وأصبحت واقعاً لشكل نظام الحكم في الدستور والقرارات والبيانات والقوانين وخاضت تجربتها بعد سقوط النظام لكنها تواجه معوقات عدة تعرقل مسيرتها التكاملية وتجربتها الفتيه بحاجة لتشخصيها وثم علاجها لكي نساهم في بناء الحياة الديمقراطية واهم هذه المعوقات .

1. التجربة التاريخية للديمقراطية في العراق :

منذ تأسيس الدولة العراقية والحكومات المتعاقبة لم تخض تجربة الديمقراطية  فقد حاول المستعمر نقل التجربة الديمقراطية  الى العراق وفق تصوره لكنها واجهت معوقات لان التحول لم يكن طبيعياً والحركات التجربة تعتبره جزءاً من ادوات الاستعمار مما خاضت الديمقراطية  تجربة معقدة ساهم بالتعقيد طبيعة الشعب العراقي والقبلية والطبقية والزعامات الدينية والاحزاب والحركات والجيش وهيمنة الاقطاع وغياب وسائل التعبير الديمقراطي مما جعلت العراق يغرق في دوامة تبديل الحكومات والصراعات فزعماء الثورة العراقية اصروا على ان يكون العراق حكماً ملكياً والصراعات فزعماء الثورة العراقية اصروا على ان يكون العراق حكماً ملكياً مما لاقى قبول لدى الانكليز بتصور عدم معارضة الملكية مع الحياة الديمقراطية  على طريقة المملكة المتحدة البريطانية ولكن الملك اخذ مساحة واسعة في الحياة السياسية وفق الدستور ( باعتباره رئيس الدولة الاعلى ويعقد معاهدات ويختار رئيس الوزراء ويقبل استقالته ) وبعد اول محاولة لتأسيس مجلس النواب واجه المعارضة الشديدة من الزعامات الدينية في مقاطعة الانتخابات وحرمة المشاركة فيها وجعل أكثرية الشعب العراقي (الشيعة) خارج اطار العملية السياسية و الديمقراطية  ومما ادى الى تشكيل الحكومات على أساس طائفي وعمق الازمة اكثر لتظهر أثارها بعد ثمانين عاماً وفي نفس الوقت شهدت اجراء الانتخابات تزوير واسعة واخذ النواب يصلوا الى قبة البرلمان بدون علم ومعرفة المواطنين لهم وفي هذه الأجواء لم تشهد الحكومة ادنى استقرار فقد تعاقبت اكثر من (58) حكومة خلال (38) سنة ولم يكن سقوط الحكومات بادوات ديمقراطية وانما من خلال النفوذ والضغط على الملك ومن خلال المؤسسة العسكرية التي نشاء قادتها باجواء الاستبداد التركي فقد تولي منهم (39) حكومة من اصل (58) .

لم تنشئ الاحزاب وفق الادوات الديمقراطية   ولم تحمل في برنامجها المشروع الديمقراطي فهي اما احزاب تطالب بالمصالح والمكاسب الطائفية او القومية والدينية وان حاول البعض منهم المشاركة بالتاسيس للحياة الديمقراطية  (كالجمعية الاهالي) وحركة جعفر ابو التمن وغيرهم ولم يفلحوا نتيجة الاجواء الضاغطة من نفوذ زعماء الساسة على مشايخ القبائل وسيطرتهم على رأي المواطن الذي لم يجد من يدافع عنه في تلك الاجواء ويلاحظ في هذه المرحلة ضعف الحركة الوطنية وظهور التيار الشيوعي الذي لا يؤمن بالمبادئ الديمقراطية  ويؤكد على الثورة ومقاومة هيمنة الغرب وفق رؤية الصراع العربي الراسمالي والشرقي الاشتراكي وتنامت الحركة القومية التي اتصفت بالاحادية والالغاء والاقصاء لكل القوميات الاخرى في العراق مع النزعة الطائفية التي يحملها قادتها .

وظهرت الحركة الاسلامية لطرح البديل الاسلامي في مواجهة الماركسية والرأسمالية والقومية مما غيبت تلك الأحزاب كل صور الديمقراطية  في ذهن المواطن .

والمواطن اما معبأ بالشعارات التحررية او مغيب ويعيش الفقر والحرمان والاضطهاد والاستغلال تحت رحمة الإقطاع وأصحاب الثروة والنفوذ حتى ثورة 14 تموز 1958 والمحاولة الديمقراطية  في تأسيس الأحزاب التي لم يفسح لها المجال بالمشاركة وانما ظهر الحزب الشيوعي الذي استغل تلك الظروف ليرفع شعاراته الاحادية الاطلاقية الالغائية والتيار القومي المصدر من مصر والشام وشعاراته المعادية وطائفيته المقيتة واعماله الاجرامية يبدأ بتأسيس ظاهرة القتل والابادة لكل رأي او صوت يعارضه وتفاقمت الازمة بعد استلامه للحكم عام 1963 وثم 1968 ليبدأ العراق مسلسل الرعب الدموي ومصادرة الحريات وابادة الانسان بشكل لم يشهده العالم واستحكمت حلقات التصفيه حين قيام الحروب العراقية الايرانية والثورة الشعبانية والمواطن موزع بين مقاتل في الحروب او في المنافي او في السجون او عاش العزلة وانساق وراء شعارات القومية العربية .

بعد هذا العرض السريع المقتضب جداً وتفاصيله غير غائبة عن ذهن المواطن العراقي ننتهي الى نتيجة ان الشعب العراقي لم يمر بتجربة الديمقراطية  لا من خلال الحكومات المتعاقبة ولا من الأحزاب المعارضة فتلك التركة التاريخية وما ساهمت في صياغة المواطن ليكون مقاتل في الحروب او شرطي او جلاد او مواطن يعيش التغيب او منساق بالاجواء التي صنعها الدكتاتور والقومية العربية .

فالديمقراطية  في العراق ظاهرة جديدة وغريبة وبحاجة ان تخوض تجربة طويلة تزيل الركام الذي خلفه تلك الحكومات وعلى المواطن والسياسي الذي يؤمن بالديمقراطية  ان يشارك في عملية التحول والتغيير الديمقراطي ويزيل تلك المعوقات عن حياة المواطن والتجربة .


 

2. ازمة الديمقراطية داخل الأحزاب العراقية تمثل احد المعوقات التي يوجهها المشروع الديمقراطي من حيث الذهنية التي يتصف بها اعضاء وقيادات الاحزاب او من حيث الخطاب الثقافي والسياسي الذي يصدر منها او من حيث تراكم  المسيرة التاريخية لها منذ تأسيسها وتجربتها في اجواء المعارضة والحكم وحتى في المشاركة الديمقراطية الجديدة . فقد ظهرت القيادات الحزبية نتيجة مبادرات شخصية او جماعية ترتكز في ظهورها على الانتماء الفكري الذي تندفع في الدفاع عنه او ترويجية والقدرة على نتاج الأفكار المؤدلجة او هضمها في الجيل الثاني منها والشخصانية في الظهور والتألق من حيث الموروث الاجتماعي والقدرة على الحركة حتى أصبحت تلك القيادات نتيجة استحقاق الجهد والتصدي نتيجة اجواء ديمقراطية حيث نجد اكثر قيادات الاحزاب العراقية في النصف الثاني في القرن الماضي كانت قائمة على تلك الحقيقة .

اما الاعضاء فقد كانوا من المعجبين والموالين لتلك القيادات ويكون مواقفهم بمقدار إعجابهم وحماسهم وولائهم لا بقدر عملهم وقوة شخصيتهم واستيعابهم لأفكار واحزابهم وان الطبيعة والقيادات التي تركزت على القيمومة الأبوية والقيادات الدينية والزعيم البطل المعجب به المقلد له حتى بالحركات .

وبين هيمنة القيادات واعجاب الاعضاء او شعور بعضهم بالإقصاء والتهميش ظهرت الطاعة العمياء او الانشقاق الذي تعرضت له جميع الأحزاب العراقية .

وعندما ما نقترب من واقع الاحزاب العراقية نجدها في ثلاثة أصناف من التيارات الفكرية المتناقضة المتصارعة المتقاطعة وهي :

·        التيار القومي والتيار الماركسي والتيار الاسلامي : فدراسة واقع تلك التيارات على ضوء الممارسة الداخلية او الحركة الخارجية نجده تفقد مقومات الحياة الديمقراطية .

·        التيار القومي  ذو الطابع العنصري الطائفي وذو النزعة الاستبدادية الذي سعى لاقصاء جميع القوى السياسية الأخرى ليؤسس لاكبر دكتاتورية شهدها التاريخ ويقوم باوسع عملية تصفية جسدية وانسانية عاشها العراق لتنتج هجرة مليونية ومقابر جماعية وسجون مظلمة حتى غاب الرأي الاخر وأسست لواقع الهزيمة الشخصية التي ما برح المواطن العراقي يعاني من أثارها في فهمه للعمل الحزبي والسياسي . ولم نشهد التيار القومي واتجه في احدى ممارساته للقيم الديمقراطية الحرة وان كان يملأ الساحة ضجيجاً في شعاراته التحريرية والوحدة العربية وانتخاباته (بنعم) او (لا) والثنائية تعني الهلاك لمن يدلي بها  لتكون نتائج الانتخابات 99.99% واخيراً 100% وبالنتيجة يسجل على التيار القومي جملة قضايا منها يعتبر حاضنة تاريخية لظهور الدكتاتورية الشخصية والحزبية والأحادية في العمل الحزبي والعلمانية المعادية للدين والقيم الاجتماعية النبيلة وعدم احترام الاغلبية العربية الشيعية التي عانت من الاقصاء والابادة والحرمان ومحاولات الابادة الكردية وحملة التعريب للتركمان والتشضي والتمزق والصراع على السلطة والاستئثار بالسلطة باي وسيلة كانت والتحادر نحو الولاءات البلدية والقروية وعدم المصداقية في شعاراته فالعقلية القومية داخل تيارها لم تنفتح على الممارسة الديمقراطية حتى شكلت عائقاً في طريقها وبعد طرح المشروع الديمقراطي في العراق لم يسجل لها حضور فيه ولم تنسجم مع اجواءه ومشاريعه حتى ظلت تغذي الارهاب والعنف والصراع وان تحرر بعض الافراد ومنا لا يشكل تحولاً في مسيرتها .

·        التيار الماركسي : بدأ في حركة على اساس الصراع الطبقي ومحاربة الاستعمار والاستعمار والتعجيل بالحركة الديالكيتية والحكم على جميع الافكار بالاخطاء محاربة الدين وعادات الشعوب مما اتصفت بطابع الاحادية بالتفكير وان مسيرتها التاريخية اتسمت بالانقياد التام للسياسة السوفيتية والتأكيد على السرية مع تغيب الديمقراطية كممارسة داخل الحزب والانقسامات التي ارفقت احركة الماركسية في العراق منذ نشأتها وعندما شهد فسحة الديمقراطية بعد انقلاب 1958 اظهر الحزب الشيوعي تطرفاً في محاربة القوى السياسية العراقية وشعاراته الاحادية مما كان احد الاسباب في اسقاط التجربة وبعد ظلها يعيش المعارضة وذكريات الماضي حتى السقوط المسكر الاشتراكي فأفل نجمة وقل صيته ولم يسجل تاريخه ممارسة ديمقراطية داخل الحزب او خارجه فالذهنية الماركسية واحزابها تشكل احد المعوقات للديمقراطية وان مشاركتها في المشروع الجديد وتفاعلهم مع اجواءها يتصف عض التحولات في منهجها وان لم يصرحوا به لكن الاسم والتاريخ والذهنية ظلت تحاصرة في الحياة الديمقراطية ، والتيار الاسلامي ينطلق في الدعوة للاسلام بقيادة عقيدة ونظام ورسالة وحياة ودفاع عنه ضد التيارات الوافدة ومواجهة الغزو الثقافي موجات التحلل الاخلاقي ، فالفضاء الفكري الحركي الذي ساهم في تكوين برنامجه السياسي يعتمد على تلك القضايا وكان المفكر الاسلامي السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس) لديه موقفاً صريحاً في الديمقراطية في رفضها باعتبارها نظاماً مادياً خالصاً اخذ فيه الانسان على ضوء الحريات الاربعة ( السياسية والاقتصادية والشخصية والفكرية ) منفصلاً عن مبدئه واخرته محدوداً بالجانب النفعي من حياته المادية ويركز السيد الشهيد على موضوع الاخلاق في الحياة الديمقراطية بعد ربطها بالرأسمالية بشكل وثيق ويقول : ( ان الاخلاق اقصيت من الحساب ولم يلحظ لها وجود واعلنت المصلحة الشخصية كهدف اعلى والحريات جميعاً كوسيلة لتحقيق تلك المصلحة فنشأ في ذلك ما ضج به العالم الحديث من محن وكوارث ومآسي ومصائب )               ( لمزيد من التفصيل راجع بحث الديمقراطية والرأسمالية للسيد الشهيد الصدر (قدس) المدرسة الاسلامية ص 37-50 ) ، وبعد ان تنامى التيار الاسلامي العراقي في اجواءه العقائدية وقيمة الاخلاقية بعيداً عن المارسة الديمقراطية مع اجواء انتصار الثورة الاسلامية التي رافقتها الاعلان عن اعدام الدعاة والشهيد الصدر والهجرة الواسعة لقيادي واعضاء الحركة الاسلامية واعلان الكفاح المسلح والجهاد ضد الطاغية وما افرزته من ظهور العشرات للحركات الاسلامية ذات الطابع العسكري في فكرها واداءها مع برزو ظاهرة الانقسام والانشقاق في اوساط الاحزاب الاسلامية التي شغلتها صراعات داخلية ومنافساتها الشخصية عن تكوين نفسها بما ينسجم مع اجواء ومبادئ الديمقراطية الجديدة وحتى بعد الانفراج والمشاركة السياسية تشكيل الحكومة نجد اكثر قادة الحركات لم ترد لفظة الديمقراطية في خطاباتهم ولم نقرأ عنها في ادبياتهم في رفضها وقبولها سوى ما ظهر من تحول جريء من قبل جماعة التيار الاسلامي الديمقراطي ومجلة الاسلام والديمقراطية ، وصدر بقلم الاستاذ ضياء الشكرجي في  كتابه " الديمقراطية رؤية اسلامية " كما ان الشهيد عز الدين سليم ادرك ضرورة الحديث بهذا الموضوع فكتب بحثه " الاسلام والديمقراطية نقاط الالتقاء والافتراق " وكتب الاستاذ عادل عبد الرحيم " مستقبل الديمقراطية في العراق " لكن هذه الرؤية والافكار لم تشكل تياراً اسلامياً ديمقراطياً وانما ظلت في دوائر خاصة بحاجة لتوسيع وإثراءها بالحوار والتطوير في رفضها او قبولها ، اذاً التيار الإسلامي لم يتقرب من الديمقراطية لا من حيث الممارسة داخل مكوناته واحزاب وان ظهرت بعض المبادرات كما ذكرنا

 واخيراً نود ان نسجل عائق اخر يشترك فيه جميع الأحزاب العراقية وهو طائفيتها في تكوينها وبرنامجها السياسي وامتدادها فنرى ان الاحزاب موزعة على مناطق جغرافية ومذهبية وقومية وهذا اكبر عائق في تنامي المخاوف وعدم الثقة بينها وان فوز احدها في الانتخابات يعني اضطهاد الطوائف الأخرى ولم نشهد حزباً عراقياً يجتمع في ظله جميع مكونات الشعب العراقي ينطلق من أفكار ورؤى عراقية ويكرس المشتركات بين جميع المكونات سوى حزب الامة العراقية ( مثال الالوسي ) الذي لا يعني شيئاً في الوقت الحاضر في مقاييس الموازنة السياسية داخل الأحزاب .

لذا من الضروري المراجعة والصراحة في التعاطي مع تحولات الساحة السياسية لتكون الأحزاب جزاءاً من المشروع الوطني الذي إحدى مفرداته الديمقراطية وليس عائقاً إمامه .

 

لماذا الفيدرالية في العراق

المجموعة: كتب واصدارات رئيس المؤسسة
نشر بتاريخ 16 شباط/فبراير 2015
كتب بواسطة: كاظم الرويمي الزيارات: 10228

لماذا الفيدرالية في العراق

 

حسين جلوب الساعدي


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الفدرالية احد المفردات السياسية المطروحة بقوة لتأخذ طريقها في الدستور الدائم للبلاد، وأخذت إبعادها الواقعية في إقرارها بقانون إدارة الدولة العراقية والإدارة اللامركزية منذ سقوط النظام المقبور، وهناك جدل في ضرورة إقرارها لانها الحل الامثل لشكل الحكم المرتقب في العراق الذي نتأمل فيه غياب الدكتاتورية الشخصية والحزبية والعنصرية القومية والطائفية، والحد من توفير الأجواء لسيطرة عصابة على الادارة المركزية، وتلبية حاجات مكونات الشعب العراقي، والحفاظ على هويته الثقافية المحلية والوطنية ولتساهم في البناء العمراني والمدني والسياسي والثقافي لجميع ابناء الشعب العراقي بكل قومياته ومذاهبه واجتهاداته واتجاهاته، ليتمتع الجميع بحق العيش والرفاه والتطور، والارتقاء بموارده الطبيعية لتلبي طموحه في الحياة الحرة الكريمة.

وفي إطار تحمس الطرف المطالب بتشكيل حكومة فدرالية تعددية جمهورية برلمانية دستورية هناك عدة آراء وأفكار لتشكيل الفدرالية العراق في لتطبيقها على المحافظات وتشكيل الأقاليم.

وإعداد مسودات قرار وأوراق مشاريع للفدرالية، وهذه القضية لم تحسم بعد رغم وجود تصور واضح في قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت في اختيار صيغة معينه، وفي الطرف الآخر هناك شبهات واثارات في طريق إقرار الفدرالية أهمها تقسيم العراق وضعف الروح الوطنية وتضعيف دور الأكثرية من خلال حصرهم بأقاليمهم، ومن جهة اخرى رفض الجهة المسيطرة على شؤون العراق تاريخياً حصر نفوذها في منطقتها المحدودة.

وشبهة التمايز بين الأقاليم الفقيرة والغنية وتعميق الروح الطائفية والعنصرية والانفصالية وصعود شخصيات انتهازية، وتضعيف تاثير الافكار الشمولية الاطلاقية في تكريس الخصوصيات لكل اقليم وغيرها. وبين هذا وذاك يبقى بلورة راي جماهيري واتخاذ قرار من قبل الجمعية الوطنية ـ رغم تعقيدات وصعوبة اتخاذ القرار في النفي ـ الرأي الحاسم في الإقرار والنفي.

وفي أجواء الرأي الأول والاندفاع العالي للالتزام بالفدرالية يطرح إقليم الجنوب كأحد المفردات السياسية والمشاريع المطروحة في الساحة الثقافية والفكرية والمبادرات السياسية وشكل هذا الطرح فضاء واسع للحوار في تحديد المقومات الطبيعة والثروة التي يتمتع بها الجنوب والكفاءات العلمية والطاقات البشرية والعقول المهاجرة والإبداع المعطل في الجنوب ويبعث هذا الطرح اندفاع قوي وشديد نتيجة الوعي المتراكم والمحنة والاضطهاد المستديم على أبناء الجنوب ليكون إقليم الجنوب الطموح الذي يصبو اليه جميع ابنائه لذا بادر البعض منهم في طرح الفدرالية وتأسيس إقليم الجنوب لتكون احد المفردات الأساسية في دستور الدولة العراقية والبحث المعدة من قبل مؤسسة الهدى للدراسات الإستراتيجية تعد أحدى الأعمال في إطار المطالبة والإعداد.

فالفدرالية بتوزع السلطة بين الإدارة المركزية والإدارة المحلية اعتقد من القضايا التي كثر الحديث عنها والكتابة فيها ولكي لا نثقل على القارئ الكريم ننتقل إلى موضوع مهم وهو لماذا الفدرالية في العراق ولماذا ترتفع الأصوات في المحافل السياسية والنوادي الثقافية في المطالبة بان يتحول العراق من الإدارة المركزية الى الفدرالية ولماذا المساعي لإقامة إقليم الجنوب في هذه الأيام هذه الأسئلة العريضة وغيرها من الأسئلة التفصيلية التي تثار في أجواء الحوار والمبادرات في هذه الأيام.

حسين جلوب الساعدي

                                                                                                                                             14/8/2005
لماذا الفدرالية في العراق

الفدرالية هي احد الخيارات المطروحة لشكل الحكم في العراق منذ مؤتمر اربيل عام 1993 واقرأ كمبدأ أساسي في العملية السياسية في العراق فكان النقاش يدور حول إمكانية تطبيقه ومشروعيته وفهمه لكن إصرار الكرد على كتابة وثيقة تقر الفدرالية للعراق وإقليم كردستان بالخصوص انتهى الحوار بإقرارها وبعدها بادرة حركة الدعوة الإسلامية عام 1995 بطرح مشروع الفدرالية لكل العراق وكتب الأستاذ عادل عبد الرحيم عدة مقالات في جريدة الشهادة تؤكد ضرورة النظام الفدرالية في العراق مما اثار جدلاً في الأوساط السياسية والإعلامية في الرد والرفض لذلك ، فظهرت الردود في صحيفة الجهاد ولواء الصدر والشهادة وغيرها ثم كتب بحثه                                  ((الفدرالية لكل العراق )) الذي صدر عام 2004 وفي عام 2001 بادر أكثر من (130) شخصية شيعية في (إعلان الشيعة) الذي يمثل خطابهم السياسي في تثبيت الفدرالية واللامركزية احد مفردات الخطاب السياسي في العراق وفي مؤتمر لندن عام 2003 كانت المطالبة بالفدرالية للعراق احد المفردات السياسية في الخطاب السياسي وبعد سقوط النظام طبق قانون الإدارة اللامركزية في العراق وعند كتابة قانون إدارة الدولة العراقية الموقتة وإقراره تم تعريف شكل الحكم فدرالي (اتحادي) جمهوري دستوري تعددي لتكون الفدرالية احد المبادئ الأساسية في شكل الحكم ونحن مقبلون على اقرار الدستور والتصويت عليه يطرح موضوع الفدرالية بقوة فما هو الموقف منه وما هو المبرر لاقامة النظام الفدرالي في العراق يمكن ان نجمل المبررات لذلك بما يلي:

أولاً: طبيعة الحكم العثماني وتأثيره على صياغة العقلية السياسية في العراق فقر اتسمت العقلية العثمانية بالشدة والاستبداد وغياب القانون واصدرا قرارات عفوية ارتجالية نابعة من رغبات الباشوات والولاة وتعميق فكرة الاقطاعية واستعباد الناس وضربهم بمجرد راي او موقف ويساق المواطن الى سجون مظلمة ويغيب عن العراق في سجون الاستانه وديار بكر او يزج به الى جبهات القتال في اوروبا وحروب الروس ولم يعد حياً كان او ميتاً، وتميزت سياستهم بحكم العراق من قبل الاغراب والماليك والغلمان وكان الشعب الكردي وعرب الشيعة والقبائل العربية نصيبهم الالغاء من أي دور في الحكم ومهمتهم دفع الضرائب الباهضة التي تثقلهم لاعوام وسنين ولم تترك لهم سوى ما يسد الرمق او دونه لتظهر المجاعة في بلد الخيرات ويجتاح الطاعون والابؤة البلد من شماله الى جنوبه ليفتك بالمدن والقرى وما يذر ويبقي في الديار من ديار حتى كاد العراق يخلو من سكانه مرتين. وكانما صور العراق في مأساته تتكرر وان العقلية التي بلورتها وصاغتها السياسية العثمانية ترسم حياة العراق المستقبلية في السياسية والادارة وان الحكم الملكي في العراق والقادة السياسيين هم نتاج طبيعي للعقلية العثمانية. وتستمر في العهد الجمهوري لتعود بقوة في سياسة حزب البعث وسيطرة القرية الواحدة في مقدرات العراق وخيراته لتضرب هذه العقلية كل شيء في حياة العراقيين ولتعود اساليب الحكم العثماني وتنتعش العقلية الاستبدادية باستصحاب العقلية العثمانية وبقاء العقلية الصدامية في الحياة السياسية تمثل أزمة حقيقية يجب معالجتها والحد من ظهورها باختيار نظام للحكم تكون صلاحياته وقراراته بايدي جميع ابناء الشعب العراقي والفدرالية كنظام للحكم تمثل اعلى صورة للديمقراطية واحترام التعددية ومعالجة الاستبداد واعطاء دور واسع للمواطن في الحياة السياسية والادارية مع الاحتفاظ بالخصوصيات المحلية في اطار الدولة العام لذا تمثل الفدرالية النظام الامثل لحد من ظهور العقلية العثمانية في الحكم من جديد.

ثانياً: التعددية في العراق: التعددية سنة كونية إنسانية لان الحياة تسخر بالتنوع وبالتواصل بين اجزاء الكون واصنافة تنتج الحياة وبالتواصل بين ابناء البشر في النشوء والارتقاء تتكون المجتمعات فالعراق لا يشذ عن هذه القاعدة الكونية والسنة الطبيعية في تنوعه بقومياته عرب وكرد وتركمان وكرد فيلية وسريان وآشوريين ومندائية وكذلك متنوع بأديانه ومذاهبه مسلمون مسيح صابئة ويزيدون ومذاهبه سنة وشيعة وشبك وكاكائية ومتعدد بأجتهاداته اصولية واخبارية وشيخية وصوفية وشافعية وحنابلة                  وأحناف و... متعدد باتجاهاته وتياراته اسلاميون وشيوعيون وقوميون ووطنيون ليبراليون وغيرهم. وامام هذا التنوع ألفسيفسائي واللوحة المطرزة بانواع الالوان والمذاقات والافكار يجب اقرار التعددية كمبدأ اساسي في الحياة السياسية والثقافية ويجب ان تحترم جميع تلك الانواع والاقسام والاصناف ويجب ان تؤخذ حقها وحقوقها واستحقاقاتها بشكل طبيعي دون سيطرة جهة دون اخرى ودون فرض اجتهاداً دون اخر ويجب ان يعطي لهذا التنوع فرصة الحياة والبقاء في ظل نظام يحظى باحترام الجميع ويجد كل واحد دوره ووجوده فيه فالنظام الفيدرالي هو النظام الامثل في احترام الخصوصيات لكل مكونات الشعب العراقي الذي يجد العراقيون بتنوعهم ودورهم ووجودهم فيه وان سيطرة صنف معين يعني الرفض والثورة والانفصال او الموت للطرف المغيب[1] . ولكي لا تكرر الدعوة الانفصالية ولا تعلن الثورات المتواصلة في الشمال والجنوب فالفدرالية هي نظام التعددية في جوهرها وأداها .

ثـالثاً: أزمة السياسة العراقية : شهد العراق أزمة سياسية وإدارية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921م وتصاعده هذه الازمة أيام البعث المقبور وتركت مخاوف حقيقية عند جميع أبناء الشعب العراقي وسعى القياديون منهم لتشخيصها ووضع الحلول لها وتمحورت هذه ألازمة في القضايا التالية

1. العنصرية القومية :

ظهر التيار القومي في بداية القرن العشرين في البلاد العربية وتنامى ، حتى اخذ إبعاده العلمية والواقعية في قيام أنظمة الحكم في مصر وسوريا والعراق على اساس قومي وسيطر حزب البعث على الحكم في العراق ليطبق الفكر القومي بكل ما يحمل من يساريه في تفكيره واداءه فكانت الازمة متمثلة في طبيعة الفكر القومي الذي يعني الاطلاقية في التفكير وتفوق الجنس العربي على غيره وان العراق بلد عربي لا يحق لغيره العيش فيه واي فكرة ونشاط يعتبر ضد الثورة العربية ليؤسس لفكر عنصري يلغي القوميات العربية في العراق ( الكرد والتركمان وغيرهم ) في إشراكهم في العملية السياسية مما دفعهم في تنامي الشعور القومي بالاتجاه المعاكس وتعميق حالة الشك في البداية لينتهي بعدم الثقة المطلقة بقرارات القومية العربية التي تجاهلت ان العراق مكون من قوميات متعددة وليس عرب فقط لتكون أزمة العنصرية في صورة دامية راح ضحيتها ملايين الأكراد منذ بداية حرب الابادة العنصرية عام 1970 الى سقوط النظام عام 2003 التي قتل فيها الآلاف وهجر الملايين ودمرت عشرات المدن ومئات القرى والمزارع والصورة الموحشة المؤلمة التي يجب ان لا تغيب عن كل من لدية ذرة إنسانية في عالم الإنساني عمليات الأنفال وحلبجة التي استخدمت فيها العنصرية العربية الأسلحة الكيمياوية المحرمة حتى في الحروب العسكرية ضد الاكراد من النساء والاطفال والشيوخ وحتى الحيوان والنبات في كردستان نالتها عملية الاضطهاد والتدمير والحرمان لانها عاشت ونبتت مع اقوام يقال لهم كرد.

اما مشروع التعريب الذي بدأته العنصرية العربية في كردستان وكركوك  بترحيلهم الى الجنوب والوسط والضغط عليهم ليهاجروا الى خارج العراق وجلب العرب مع أغرائهم بمكافئات مالية واستحواذهم على الارض والبيوت اسوأ ازمة سياسية أربكت العملية السياسية بعد سقوط النظام ومن الألغام الموقتة التي لا ندري في أي زمن تنفجر نخشى من حدوث حرب أهلية داخلية في منطقة كركوك عند غياب الفهم الدقيق في معالجة العنصرية لكي لا تعود أزمة العنصرية التي عشناها.

واما الكرد الفيلية فقصتهم تبعث عن الألم والحزن وعدم موضوعية العنصرية العربية بعنصريتها حيث ان أكثرهم لم يعرف اللغة الكردية والفيلية وتعربو واندمجوا في المجتمع العربي لكن النظام القومي صعب نار حقده عليهم باحثاً عن أصولهم ومذاهبهم لتجتمع عليهم مصيبتان كونهم اكراد ولانهم شيعة فقام بتسفير اكثر من مليون منهم إلى ايران رغم امتلاكهم الجنسية وشهادة الجنسية وعاشوا في العراق منذ مئات السنين لتصادر أموالهم وأملاكهم وتطرد النساء والأطفال والشيوخ ويزج بالشباب في السجون ثم القتل والإبادة في المقابر الجماعية في نقرة سلمان وبادية السماوة هذه الأزمة السياسية التي عاشها الكرد جعلتهم يفكروا بنظام سياسي ليس فيه إبادة جماعية ولا الغاء هويتة قومية وأتجهوا لتعيق الخصوصية الكردية مع اصرارهم على وحدة العراق واراضية وافضل نظام يحد من ظهور العنصرية باشكالها ويحتفظ بالخصوصيات المحلية والتنوع القومي في العراق هو النظام الفدرالي لذا كان الأكراد اكثر السياسيين تحمساً لاقراره لوعيهم لطبيعة النظام الفدرالي الذي يجمع بين المركزية واللامركزية ويطبق الديمقراطية.

ب. العنصرية الطائفية: شهد العالم الاسلامي ازمة طائفية منذ تسيس المذاهب حيث كان اكثر الخلفاء والامراء والوزراء ينطلقوا في قضاياهم من خلفية طائفية في تعاطيهم بأداء السلطة والادارة فكان تبني طائفةً ومذهب من قبل احدهم يكون مبرراً لقتل وابادة الاخر كما حصل المعتزلة والاشاعرة والحنابلة في قصة خلق القرآن وغيرها.

وما جرت من حروب ومعارك بين الاشاعرة والحنابلة في بغداد والشام وما حدث من معارك بين الأطناف والحنابلة في ايران وظهر من عملية صلب وقتل وحرق لاقطاب الصوفية. وكان الشيعة اسؤهم حظاً فيما لا قوه من عمليات ابادة وقتل وحرق وتدمير وتكفير حتى لم يعدوا من المذاهب الإسلامية وصنفوا من صنف اليهود والمجوس والكفار وكان العراق في العصر العباسي والسيطرة العثمانية مسرحاً للاحداث الطائفية وفتاويها مما جعل يخفي احتقانات طائفية تنفجر عند توفر اجواءها على شكل كورات انسانية ومن ابرز مظاهرها الحكم الطائفي في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية في بداية القرن العشرين فقد سيطرة السنة العرب على مقاليد الحكم في اول وزارة عراقية قبل قدوم الملك فيصل الى العراق رغم ان خارطة العراق الجديدة ارتسمت بدماء الشيعة وان تأسيس الدولة العراقية قام على جماجم الشيعة وان التحول السياسي من الاحتلال الى الانتداب وتتويج الملك كان بمساعي الشيعة وجهادهم وجهودهم لكن اول ضربة تلقوها من النزعة الطائفية الموروثة اقصاءهم عن التمثيل في السلطة بسحب هويتهم الوطنية والقومية في مقولة مزاحم الباججي (ان كل شيعي هو ايراني) ووصفهم بالاغراب الذين قدموا العراق بصورة غير مشروعة.

ثم تأسيس الجيش على اساس مذهبي طائفي بعد ان اصبح قادة الجيش العثماني الطائفي مؤسسو الجيش العراقي الذين جميعهم من السنة لان العرف العثماني التقليدي يمنع الشيعة من دخول الجيش العثماني لكن بعد قيام الدولة العراقية اصبحت القيادة العسكرية سنية والجنود والمقاتلين من الشيعة والكرد وعند سن قانون التجنيد الاجباري واطلاق ان من يعارض المقررات العسكرية خائن وكانت تلك المقررات ضرب ثوار الشيعة في الفرات الاوسط وجنوب العراق وضرب ثورة محمود الحفيد والبارزاني في الشمال.

وعند تأسيس الكلية العسكرية لتخريج المراتب العسكرية والقيادية منع الشيعة من دخولها وادخال بعضهم لا يتناسب مع نسبتهم السكانية او استحقاقاتهم الطبيعية. وفي توزيع الوزارات وتشكيل الحكومات فقد اقصي الشيعة لأكثر الاحيان وان وجودهم في بعضها فلكم الأفواه او لتجاوز الأزمة. فكانت الوزارة الاولى والثانية لعبد الرحمن النقيب خالية من وجود وزير شيعي وأستمر التهميش والحرب الطائفية الباردة الى مجيء حزب البعث ليعلن عن حرب طائفية مسعورة وحشية طالت كل شيعي وكل ارض وسماء ونبات وحيوان وهواء له صلةً بالاكثرية الشيعية في العراق.

فشمل الدمار قتل مراجع الدين واعدام ابناء الشيعة وتهجير وهجرة الملايين منهم ومنع تدوال الكتاب الشيعي وغلق الصحف والمجلات والمعاهد العلمية والكليات التي لها ارتباط بالشيعة. وغلق المدارس الدينية في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية واحرق المكاتب والكتب والمكتبات الضخمة الشيعية. ثم سعى لتعطيل المساجد وهدم الحسينيات ومنع الناس الصلاة فيها وأصدر العقوبات بحق من يمارس الشعائر الحسينية واحياء المناسبات الدينية. ثم عمد لتدمير الحياة الطبيعية في المناطق الشيعية بتجفيف الاهوار وترحيل اهلها وقطع نخيل البصرة ومنع وصول الماء للجنوب حتى صارت صحراء كاملة غير قابلة للحياة وحينها اصدر قوانين الاعدام والابادة الجماعية لتظهر على شكل مقابر جماعية ومعسكرات وحشية لا يرجع من دخلها سالماً ليبيد الملايين من الشيعة فكانت العنصرية الطائفية ابرز ملامح الحكم البعثي بل ابرز ملامح تاريخ العراق الحديث.

وان ازمة الثقة والمخاوف الحقيقية لدى شيعة دفعتهم للبحث عن نظام للحكم لا يقتلوا فيه مرة ثانية وان لا يحكم الجنوب ومدنهم من غير ابناءهم ولا يمثلهم في البرلمان والدولة غير من يكون منهم فالنظام الديمقراطي الفدرالي هو الكفيل بحل جميع هذه العقد والحد من ظهور طائفية اخرى ويحقق طموح الشيعة في التعبير عن وجودهم الحقيقي.

ج ـ الدكتاتورية الحزبية والشخصية:

شهد العراق ظهور دكتاتورية حزبية وشخصية في تاريخه المعاصر تمثلت الدكتاتورية الحزبية لحزب البعث العربي الذي منع التعددية السياسية في العراق وصادر حريات الناس في التعبير والمشاركة السياسية واصدر قوانين الاعدام بحق كل السياسيين من الشيوعيين والقوميين والاسلاميين وغيرهم ولم تجرى انتخابات وعطل الدستور، الا فقرة واحدة (142) وهي جواز تعطيل الدستور واستبداله بقرارات مجلس قيادة الثورة ثم تنمت مظاهر الدكتاتورية عند سيطرة صدام على العراق ليقتل حتى قادة حزب البعث ويكون الدستور جرت قلم.         

والحد من ظهور دكتاتورية جديدة هو في توزيع السلطة وتكافؤا الفرص والتمثيل العادل بأرساء دستور دائم للبلاد واضعاً مبادئ اساسية في العراق الجديد اهمها الديمقراطية في اعطاء الدور الاساسي للمواطن في المشاركة والتعبير والاختيار بحرية وامان وضمان حقوقه كافة واقرار مبدأ التعددية بكل صورها فالفدرالية في توزيع السلطة بين الحكومة المركزية والسلطة المحلية لتوفر الاجواء التي تحد من ظهور دكتاتورية حزبية وشخصية في اجواء الديمقراطية التي تعتبر التعددية احد مفردات جوهرها والفدرالية باعتبارها الصورة المثلى في توزيع ادارة البلاد بين أبناءه.                      

ء. الادارة المركزية:

شكلت الادارة المركزية أزمة عراقية في سيطرة الحزب الواحد وعصابة البعث والقرية الواحدة واستغلت موارد العراق من خلال الادارة المركزية بأعمار المنطقة التي اليها ينتمون واختفت التنمية الثقافية والسياسية لابناء البلد وهمش دور المواطن في المشاركة وأخفق الكثير في طموحاتهم وعاشوا العزلة أو الهجرة لعدم اعطائهم فرصة في الحياة. وتكدست الأموال بيد فئة قليلة من اقرباء وذوي اصحاب المناصب في الادارة المركزية فكان الامل المنشود لأبناء العراق بأختفاء تلك المظاهر في اقرار الديمقراطية واتخاذ النظام الفدرالي ليحد من ظهور الادارة المركزية.

الفدرالية في العراق:

الدستور يعبر عن حاجات المجتمع في تنظيم الحياة بتحدد الواجبات الحقوق والنظام السياسي مهمته بناء الحياة على اساس الدستور ولما كانت طبيعة المجتمع العراقي متعددة ومتنوعة وعاشت تلك الأزمات واكتوت بنار العنصرية والطائفية والدكتاتورية والادارة المركزية التي عانى منها الشعب العراقي بمكوناته الذل والحرمان والموت والدمار فان أطياف الشعب العراقي تبحث عن نظام تختفي فيه كل هذه المظاهر وان الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان كمبادئ أساسية في الحياة الجديدة تكون بديلة عن الدكتاتورية والعنصرية والطائفية وان الفدرالية والادارة اللامركزية كبديل عن الادارة المركزية التي نمت واتت في اطارها الدكتاتورية والعنصرية والطائفية فالفدرالية فيها من الخصائص تجعلها النظام الامثل للعراق وذلك لعدة اسباب منها:

1. ان الفدرالية تسد الطريق امام ظهور الدكتاتورية في توزيع السلطة من خلال الحكومة المركزية وبرلمانها الاتحادي والأدارة الاتحادية والسلطة المحلية وبرلمانها المحلي والاقليمي الذي يتمتع بصلاحيات وبرامج نابع من ارداة ابناء المنطقة.

2. الفدرالية تحافظ على تماسك الهوية الوطنية من خلال المبادئ الوطنية العامة كسيادة البلد واستقلاله وحماية ثرواته وتحد من ظهور الفكر الانفصالي عندما تتعرض قومية او مذهب او جماعة للاضطهاد والالغاء لكن الفدرالية بنظامها الشفاف الذي يجعل للمواطن دور اساسي ولمكونات الشعب العراقي في الحفاظ على خصوصياتها في اطار الدولة ذات السياسية الواحدة يعمق الوحدة والاستقرار ويرفع فتيل التنافس والقتال وسطوة صاحب القوة في الغاء خصائص الاطياف العراقية الاخرى. ان الفدرالية عامل قوة ووحدة لشعب عانى من الاحتراق الداخلي والتمزق العرقي والاثني والمذهبي ففي ظل النظام الفدرالي تختفي ظاهر الصراع وتحل عوامل التكوين والبناء والتطوير والالتقاء بالأطر القانونية والانسانية والوطنية التي تحمي وحدة العراق.

3. بعد سيطرة الحزب الواحد والفكر الواحد ليؤسس لحياة دكتاتورية في العراق اختفت منها كل مظاهر النمو والتطور الثقافي والسياسي وبعد سقوط النظام المقبور يتطلع ابناء الشعب العراقي لتكافؤ الفرص في الحياة السياسية وتوفير المناخات للتنمية وان اقرار التعددية السياسية والفدرالية هي السبيل الافضل لبناء حياة سياسية تزدهر في ظلها تنمية سياسية شاملة ومشجعة في اجواء تنافسية مشروعة وفي اطر محلية ومركزية وفي توفير اوسع الاجواء للمشاركة السياسية في الادارة والتعبير والحضور. فالفدرالية توفر كل ذلك في ايجاد اجواء تنموا فيها الشخصيات السياسية وتتدرج في مواقعها فان البلد في الاجواء الفدرالية يخوض الانتخابات المحلية والاقليمية لتفرز الشخصيات السياسية والادارية لذلك الاقليم من أبناءه ليقوموا بممارسة التجربة والتطور والارتقاء في مناطقهم واقاليمهم ومعرفة تفاصيل واقعهم اهل مكة ادرى بشعابها، اذن المنطقة بسنين قليلة تموج بالشخصيات الطموحة والشخصيات المفيدة والمنتجة وهذا ما لاحظناه في تطبيق الادارة اللامركزية في العراق وتشكيل مجالس المحافظات ثم اجراء الانتخابات فيها كيف ظهرت لدينا عدة شخصيات محلية تسعى لخوض التجربة باجواء طموحة وسوف تتخرج من هذه الدورات السياسية شخصيات لديها قابلية التعبير والادارة والاتصال.

وهكذا بالنسبة للحكومة المركزية التي تعتمد ونسبة الكثافة السكانية في ادارتها وبرلمانها سوف يجد كل اقليم في ظل الدولة الفدرالية دوره ووجوده من خلال ابناءه المشاركين في العملية السياسية وتخرج هذه العملية اجواء سياسة يسودها التحالف والانسجام والمصالح المشتركة الحقيقية وليس شعارات الدولة المركزية لتحقيق الهيمنة والتسلط.

فالفدرالية توفر اجواء التنمية السياسية من خلال المجالس المحلية والاقليم والحكومة المركزية الاتحادية في اعطاء فرصة اكبر في الادارة والمشاركة.     

4. التنمية الاقتصادية الفدرالية توفر الفرصة الكبيرة في معرفة الموارد الطبيعة والمصادر الاقتصادية للاقليم والبلد من الاطلاع المباشر على ذلك وليس ما يصرف ويصدر منها في الغرف المغلقة والبنوك المجهولة وعندما يكون ابناء البلد والاقليم مسئولون عن التصور الاقتصادي سوف يكون همهم بجلب المشاريع والتطوير ومعرفة القدرات المادية وبمساندة الحكومة المركزية سوف تكون الفرصة الكبرى في تمتع كل اقليم بخيراته وتطويره وبهذا يتحقق النمو الاقتصادي والعمراني بظل النظام الفدرالي.

5. ان الكثير من مناطق العراق وخصوصاً الجنوب طاردة لسكانها ولعقولها العلمية وشخصياتها السياسية الطموحة لتمركز التنمية والحياة والفرص ولتوفر حياة الرفاه وفرصة الكسب والعيش في المركز (العاصمة) بظل الحكومة المركزية وعند اقرار النظام الفدرالي الذي يوفر التنمية الاقتصادية والسياسية والعلمية في الاجواء المحلية والمركزية على السواء في تقاسمها للسلطة يجد ابناء كل اقليم ومحافظة طموحهم ودورهم في مناطقهم كما تتوفر فرص الحياة الكريمة بشكل اوسع مما تحد او تقضي على عملية الهجرة الواسعة والطرد السكاني الذي تتعرض له مناطق العراق بسبب تمركز السلطة والحياة في العاصمة وتظهر عواصم اقليمية كي تنبض بالحياة بقدرات ابناءها.

أذاً فالفدرالية الحل الامثل في نزع قتيل الصراع الطائفي والقومي والحد من ظهور الدكتاتورية المركزية وسيطرة عصابة او قبيلة او مجموعة على البلد وتكديس الثروة والمال والقدرة والتنمية في العاصمة فالفدرالية في توسيع وتوزيع السلطة والفرص والحياة على ابناء الشعب العراقي تحقق التنمية والاستقرار والرفاة والحياة الكريمة واحترام الخصوصيات المحلية والثقافية المتنوعة في العراق وتعمق التواصل والروح الوطنية والمصالح المشتركة بين ابناء الشعب العراقي.

الصور المقترحة للفدرالية في العراق:

اصبح موضوع اقرار النظام الفدرالي شبه مفروغ عنه من خلال المسيرة السياسية والصيغة القانونية لقانون الدولة العراقة المؤقت ومطلب كردي لا يمكن النقاش فية وتجاوزه واخيراً اصبح جزء من فقرات اليمين القانوني للحكومة الانتقالية للألتزام به في ادائها واعمالها.

لكن الجدل يدور ما هي الصور المرتقبة لشكل الفدرالية في تنظيم الاقاليم واقامة الولايات فطرحت عدة تصورات ويمكن رصد عدة اقتراحات في اجواء الحوار والمبادرات لبلورة شكل الفدرالية التي منها:

1.  التقسيم الثنائي القومي:

الحكم الذاتي ثم الفدرالية لاقليم كردستان  بات مفروغاً عنه في المشروع السياسي القائم والاكراد خطو خطوات عملية في تثبيت اسس الاقليم من الناحية الادارية والسياسية وفي الصياغات القانونية وفي هذا الواقع هناك رفض لدى بعض الاطراف لتاسيس اقاليم اخرى وتطبيق الفدرالية بشكل واسع وهذا الطرح يؤدي الى تقسيم العراق الى اقليمين على اساس قومي اقليم كردستان القائم واقليم العراق العربي.

2.  الاقاليم بلحاظ الخصوصية القومية والمذهبية:

العراق متعدد القوميات والمذاهب ولما الفدرالية تحقق تكريس الهوية المحلية والخصوصيات لمكونات الشعب العراقي بادر الى ذهن الجميع وكتب البعض في ان تشكيل الاقاليم ناظراً لتلك الخصوصيات فيكون العراق في ثلاث او اربعة او خمسة اقاليم ثلاثة اقاليم ( الكرد ـ السنة ـ الشيعة ).

الكرد: المحافظات الاربعة ( اربيل والسليمانية ودهوك وكركوك ) وجزء من الموصل وديالى وقضائين من الكوت ( بدرة وجصان) وقضاء ( علي الغربي)  من العمارة هذا ما ظهر من الخارطة القومية للكرد في خطاباتهم وطموحاتهم.

السنة: المحافظات الثلاثة ( صلاح الدين ـ نينوى ـ الانبار) وهم يرفضون هذا الشكل في تشكيل الاقاليم.

الشيعة: باقي محافظات العراق عدا بغداد التي تكون منطقة مشتركة وعاصمة للدولة الاتحادية واعترض التركمان على هذا التقسيم في الغاءهم لذا طالبوا ان يكون الاقليم التركماني الذي يضم كركوك وتلعفر في الموصل وبعض الاقضية في اربيل وديالى ليكون الاقليم الرابع وفي هذه الاجواء نسمع صوت مبحوح ينطلق منذ بداية تأسيس الدولة العراقية مطالباً بالحكم الذاتي للاثوريين في بعض المدن والاقضية  في الموصل وكركوك واربيل التي يكثرون فيها ليكون الإقليم الخامس وهذا الطرح يعتبر من اخطر الإشكال المطروحة التي تجاوزتها العملية السياسية الى صيغ اخرى اكثر دقة التي ستطلع عليها في مطاوي البحث.

3. الاقاليم بلحاظ الطبيعة الجغرافية والسكانية : تجاوزاً لتعقيدات التصور الاول والطرح الثاني ظهر في خطابات بعض السياسيين تأسيس الاقاليم بلحاظ الطبيعة الجغرافية والسكانية والتاريخية لكل جزءاً من العراق.

فأقليم كردستان الشمالي الذي بتميز بطبيعة سكانية وقومية معينة وهم الكرد وطبيعة الجغرافية الجبلية وتاريخه المميز بما لاقاه من اضطهاد وتهميش وقتل وابادة وما عاش من ثورات وانتفاضات وحركات سياسية وتعبوية منذ تأسيس الدولة العراقية في الحفاظ على الهوية القومية. واقليم الغربية المحافظات الثلاثة ( الانبار وصلاح الدين ونينوى) واقليم الفرات (كربلاء والنجف وبابل والقادسية والمثنى) واقليم الجنوب (ذي قار وميسان والبصرة) واقليم الوسط ( ديالى ـ وواسط ـ وبغداد ) ويكون تشكيل هذه الاقاليم بلحاظ الخصائص السكانية والطبيعة الجغرافية وان كانت تتصف بالصبغة القومية والمذهبية في بعضها.

4. الولايات بعدد محافظات العراق : وهو احد الصيغ التي طرحت عام 1995 وتابع طرحها بعد سقوط النظام ومال اليها الكثير من القوى الإسلامية وبعض الشخصيات الوطنية في مجلس الحكم وتقوم على اساس التقسيم الاداري للمحافظات في توسيع صلاحياتها لتحول الى ولايات باعتبارها المشروع الانسب لحالة التوزع والتنوع السكاني والاجتماعي والديني والمذهبي والقومي والعشائري في عراق تختفي في ظلها كل عوامل الاحتكاك والاثارة بين مكونات العراق وتتاح فرصة اكبر في النمو وتطور والبناء لأبناء المحافظات.

5. تشكيل الأقاليم بلحاظ قانون إدارة الدولة العراقية المؤقتة: حيث نص في المادة (53) فقرة (ج) ( يحق لمجموعة من المحافظات خارج اقليم كردستان لا تتجاوز الثلاث فيما عدا بغداد وكركوك تشكيل اقليم فيما بينها وللحكومة العراقية المؤقتة ان تقترح اليات لتشكيل هذه الاقاليم على أن تطرح على الجمعية الوطنية المنتخبة للنظر فيها واقرارها يجب الحصول بالاضافة على موافقة الجمعية الوطنية على أي تشريع خاص بتشكيل اقليم جديد على موافقة اهالي المحافظات المعينة بواسطة استفتاء).

وكذلك في المادة (61) فقرة (ج) يكون الاستفتاء العام ناجحاً ومسودة الدستور مصادق عليها عند موافقة اكثر الناخبين في العراق واذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات أو اكثر وبهذا وفرا لأجواء لثلاثة محافظات أن تجتمع في التأثير على اقرار الدستور لتكون خطوات عملية في التشكيل والتكتل والتقارب من اجل بلورة تشكيل الاقاليم.

ومن وحي هذه المواد القانونية ظهرت بعض المبادرات والاتصالات بين محافظات الجنوب الثلاثة في تشكيل اقليم الجنوب وبعض التصريحات في تشكيل اقليم الفرات واجتماعات بين مجالس المحافظات الثلاثة ( الموصل وتكريت والرمادي ) في الاستفادة من المادة (60) لضمان دورهم في اقرار الدستور المستقبلي الدائم.

لكن هذا التصور المذكور حض بتأيد وتشجيع من الكرد وتردد وانتظار من بعض الاسلاميين الشيعة واستنكار من البعض وصمت من السنة.

6. الفدرالية والقرارات المستقبلية للجمعية الوطنية: التي ينتظر منها اعداد الدستور وتحديد آليات تشكيل الاقاليم التي على ضوءها تأخذ الصيغة الدستورية والقانونية للمبادرات السياسية والجماهيرية لتشكيل الاقاليم.

كما يمكن أن تظهر روى وافكار وقرارات في أروقة الجمعية وما تثيره من حوارات حول هذه القضية المهمة والحساسة التي سوف تأخذ طريقها في اجواء الجمعية ونعتقد انها من القضايا المهمة التي يكثر النقاش والحوار والجدل في تحديد كيفيتها وصياغاتها الدستورية وافاقها القانونية وما تفرزه من قرارت في تشكيل الاقاليم وتبقى ثمة حقائق من الضروري رصدها والنظر اليها بواقعية ان قرار الفدرالية على ضوء المسيرة السياسية وقانون ادارة الدولة الموقته الذي يمثل الاطار القانوني للاعداد الدستور امر مفروغ عنه ولا يمكن ان يتنازل ويتراجع عنه الكرد لكن المهم في هذه المرحة ما هي الصيغة الانسب للفدرالية في العراق هذا ما نشارك في بلورته والاعداد الية والاستمرار بطرحة وباعتبارنا اول من طرح الفدرالية في التيار الاسلامي في المهجر و أول من جعلها في خطاباتنا السياسية وعملها الثقافي بعد سقوط النظام وكنا نميل الى تصور تعدد الولايات بعدد محافظات العراق لكن بطرح موضوع تشكيل الاقاليم من ثلاثة محافظات كنا من المؤيدين والمتحمسين لتشكيل اقليم الجنوب وان كان لدينا بعض الملاحظات على طريقة الطرح الذي سوف نشير الية تحت عنوان ( اقليم الجنوب المقومات والافاق) ...           


 

شبهات حول الفدرالية

عندما اخذت الفدرالية طريقها في الطرح والمناقشة والحوار في الاوساط السياسية والاجواء الثقافية اثيرت حولها جملة من الشبهات والاشكالات في عدم امكانية تطبيقها في العراق الدولة البسيطة وانها مقدمة للتقسيم و تهدد الوحدة الوطنية وتعمق الروح الانفصالية وتكرس الصراع الاثني والطائفي وتوجد الطبقية والتمايز بين الاقاليم الغنية والفقيرة وتضعف دور الاكثرية وتحد من دور المؤسسات الدينية في الحياة الاجتماعية والسياسية وغيرها من الشبهات التي بحاجة الى حوار هادئ واريحية عالية في الطرح والمناقشة لمعرفة جديتها وواقعيتها للاستفادة منها في بناء العراق الجديد.

واظن قد تقدم في تحديد ضرورتها واهمية طبيعتها فك للنزاع والصراع وتجاوز الازمات التي عانها منها العراق ونحن بصدد بلورة نظام سياسي يتجاوز تلك الازمات ويضع نصب عينية العراق المضرج بالدماء لكي يكون الحوار بدفاع الروح الوطنية التي همها الحافظ على العراق ارضاً وشعباً ومستقبلاً.

سنعرض اهم الاشكالات والشبهات حول الفدرالية:

1. الفدرالية ( الاتحادية) : تعني توحيد المتعدد وليس تقسيم الموحد ينطلق هذا الاشكال بالنظر الى الدولة الاتحادية التي عادة تكون من عدة دول او ولايات او امارات تتحد فيما بينها لتشكيل دولة اتحادية تتنازل عن بعض خصوصياتها وصلاحياتها لتجمتع في اطار الدولة الواحدة في كيانها الخارجي مع الحفاظ على بعض الامتيازات في الادارة الداخلية والمحلية كالذي حصل في الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة البريطانية ودولة الامارات العربية المتحدة وغيرها.

اما العراق فهو دولة بسيطة في نشأتها وتطبيق الفدرالية يعني تركيب البسيط وليس توحيد المركب هذا الاشكال يمكن الاجابة علية بما يلي:

أولاً: يبرز هذا الاشكال من النظرة التاريخية لظهور الدول الاتحادية لا بالنظر الى الفدرالية كنظام يصلح للدول ذات المجتمعات المتعددة والمتنوعة والمتنافسة وعندما نلحظ النظرة الثانية وبالملاحظة للدولة العراقية التي تعدد فيها القوميات كرد وتركمان وعرب وغيرهم والمذاهب سنة وشيعة والاديان مسلمون ومسيح وصابئة.

وعندما ندرك ان القانون او الدستور ( هو الثوب الذي يرتديه المجتمع وقد يكون فضفاضاً تضيع فيه شخصيته المجتمع السياسي كما قد يكون ضيقاً خانقاً لا يجد المجتمع أي متنفس فيه فالبنية الاجتماعية والسياسية هي التي تحدد اذاً حجم الثوب وشكله وألوانه بما يتناسب مع تلك المعطيات وبما يستجيب لروحية المجتمع وتفتحه وانطلاقه[2]). فما دام طبيعة المجتمع هي التي تحدد شكل الثوب الذي يناسبه فالعراق بتعددة وتنوعه وازماته السياسية التي عانها منها عند سيطرة لون واحد وشكل واحد لاغياً باقي الانواع فيه مما ولد حافزاً وندفعا قوياً لدى الاخرين للبحث عن الوطن والهوية والوجود والحياة في اطارة الحكومة المركزية التي كانت مصدر قلقاً وازعاجاً للكرد والشيعة والتركمان والاشوريين فأخذوا بالبحث عن النظام المناسب الذي يضمن وجودهم وحقوقهم فالنظام الأنسب والأصلح للعراق الفدرالية لكي يجد الكردي هويته القومية وطموحاته السياسية فيه ويجد الشيعي دوره ووطنه وهوية المفقودة لدية في ظل الدولة ذات النظام الفدرالي.

ثانياً: يمكن للدولة البسيطة ان تتبع نظام اللامركزية الإدارية والسياسية                   ( الفيدرالية ) لتعطي لمجالس الأقاليم او المحافظات صلاحيات تشريعية وتنفيذية حسب ما تقتضيه الظروف السياسية والتركيبة السكانية والإدارية فالبرازيل والأرجنتين والمكسيك والفينزويلا وماليزيا ونيجيريا وغيرها حيث لجئت الدول المذكورة الى تحويل أنظمتها الى الشكل الاتحادي               ( الفيدرالي )[3] بمنح الأقاليم المكونة لها الاستقلال الذاتي لتحكم نفسها تجنباً الانفصال او تسهيلاً للعملية الإدارية كما فعلت الحكومة العراقية في السبعينات بإعطاء الحكم الذاتي للكرد تجنباً مخاطر الانفصال عند عدم الاعتراف لمطالبهم القومية المشروعة كما اعترفت الحكومة الانتقالية بإقليم كردستان كأمر لابد منه  فتكون الدولة فدرالي بمحتواها بسيطة في نشأتها كالتحول الذي شهدته دولة بلجيكا عام 1995 من النظام المركزي الى النظام اللامركزي. وكذلك دولة باكستان التي تتكون أربعة أقاليم في إطار الدولة البسيطة في نشأتها فلا ضير إذا اختير النظام الفدرالي في العراق الدولة البسيطة لضرورة تعيشها لان الدستور يجب ان يكون معبراً عن حاجات الواقع ملبياً لمتطلبات الظروف الموضوعية فيه.

ثالثاً: هل العراق دولة بسيطة في واقعه ام دولة مركبة ؟ وهل استطاعت الدولة العراقية منذ تأسيسها في بلورة واقعاً منسجماً في الدولة البسيطة المزعومة وهل استطاعت تكوين امة واحدة في مشاعرها وطموحها في ظل بلد العراق ؟.

في نظرة تاريخية للعراق قبل تأسيس الدولة عام 1920 لم تتضح خارطته الحالية وانما مكون من عدة ولايات تدار من قبل الحكومة العثمانية في اسطنبول فقد كان العراق قبل تأسيس خارطته الحالية يتكون من أربعة ولايات ( شهرزور والموصل وبغداد والبصرة) وبعد مجيء مدحت باشا للعراق أصبح ثلاثة ولايات ( ولاية الموصل ولاية بغداد وولاية البصرة[4]). وكانت هذه الولايات يمتد بعضها الى الخارج حدود العراق الحالية كولاية البصرة التي كانت من الالوية التابعة لها لولاء الإحساء الذي يضم قضاء القطيف وقضاء قطر وولاية الموصل من ألويتها الجزيرة التي أصبح أكثرها من دوله سوريا.

وكان بعض الألوية في شمال العراق الحالي تباع لولاية وان التركية كالعمادية وزاخو[5]. وكانت هذه الولايات تتمتع باستقلالية كاملة اما من ناحية الاجتماعية والسكانية فقد كان العراق مقسم لعدة إمارة قبيلة مستقلة في الشمال امارة بابان وبارزان وامارة العمادية وامارة الصوارنيين والاردلانيين وغيرها وفي الوسط وغرب العراق امارة العبيد وشمر والدليم وجنوب بغداد امارة زبيد والخزاعل وربيعة وبني للام البو محمد وامارة المنتفق التي كانت بمثابة دولة مستقلة وهذه الامارات كانت تشكل الخارطة الجغرافية الإدارية الحقيقة للبلد وكانت تمثل الخارطة السكانية التي تعكس التركيبة السكانية القبيلة التي بقيت الكثير من ملامحها وأثارها لحد ألان[6].

وقد كانت هذه الأمارات تتحمل مهمة الإدارة والقضاء على أساس العرف العشائري وتقوم بمهمة إصلاح الأراضي وأعمارها وقد تعلن عصيانها لأعوام عدة رافضة تدخل الحكومة العثمانية بها والحرب دائمة بينهما وبين الحكومة رغبة بالتوسع ورفض للسيطرة وفي بعض الأحيان تضطر الحكومة بدفع مبالغ من المال للأمير العشائري مقابل الأعتراف بالحكومة العثمانية.

والمؤسسة الدينية وخصوصاً الشيعة مستقلة استقلالاً كامل عن تأثيرات الحكومة وعندما الاحتلال البريطاني كان العراق مقسم الى ولايات وامارات وزعامات قبلية ودينية ولم تتبلور فكرة العراق الموحد او الوطن الواحد لكن كان العامل الديني الأهم الذي تجتمع عليه بعض تلك الكيانات كما ظهرت بحركة الجهاد عام 1914 كما كانت القوميات والمذاهب تتمتع باستقلالية كبيرة ولم تظهر سيطرة الحكومة المركزية عليها طوال فترة الحكم العثماني في العراق.

وعند تأسيس الدولة العراقية ظهرت قضية ولاية الموصل في ألحاقها في العراق او ضمها لتركيا وبعد الدراسة التي قدمتها اللجنة المكلفة من عصبة الامم المتحدة وطرفيا النزاع وبريطانيا وتركيا تقرر اعطاء الموصل الى العراق من قبل عصبة الامم المتحدة بتاريخ 16/12/ [7]1925 وكانت لواء السليمانية تحضى باستقلالية كاملة في ظل امارتها ( بابان) وخاضت عملاً مسلحاً رافضاً لضمها للعراق بقيادة الشيخ محمود الحفيد واخيراً الحقت بالعراق وبالا كراه والقوة وتحت عجاجة البارود وسطوة القوات البريطانية والجيش العراقي الجديد[8]. فالعراق برؤية اريخية واضحة لم يكن موحداً في يوم من الأيام وانما هو عبارة عن ولايات وامارات قبيلة وقومية وزعامات دينية وصوفية مستقلة وبعد تأسيس الدولة العراقية لم يتبلور المشروع الوطني بل ماتت المبادرات الوطنية في مهدها ولم يكن تعي اشكالية الوحدة الوطنية التي تتحرك  باتجاهها وانما كانت الشعارات الفضفاضة الواسعة القائمة على أساس شعار مصلحة العراق ووحدة العراق المؤطرة بالمصالح والمكاسب السياسية هي المحرك للكثير من الحرات الوطنية بداية تأسيس الدولة العراقية كما لم تكن تلك الحركات الوطنية مستوعبة مكونات الشعب العراقي وانما مختصة ببعض انخب السياسية من الشيعة وقليل من السنة وبعد ظهور التيار القومي والتيارات الشمولية العالمية كالتيار الشيوعي والحركة الإسلامية تعمقت مسالة تعدد العراق وتقسيمه لكن كالنار تحت الرماد باخفاء بشعارات رنانة وبيانات طنانه وأفكار عالمية شمولية ومعالجات للوضع المعيشي والتعليمي والتطور العمراني الذي جهل كيفية صياغة مشروعاً وطنياً واقعياً لتوحيد العراق.

فلم تكن شعارات تحرير العراق من الانكليز ووحدة العراق ومصالحة العراق تمثل رؤية واقعية للوحدة الوطنية ولم تكن بيانات المعاهدات واستقلال العراق وتتويج الملك وتأسيس مجلس الشعب وكتابة الدستور وتأميم النفط واعلان الحرب والهدنة وترسم الحدود تمثل تلاحم في الكيان العراقي المتعدد.

ولم تكن الحركة الدياكتيكية والحتمية الشيوعية وحقوق العامل والفلاح والحركة الشيوعية العالمية وأفكارها الأممية تمثل بارقة أمل في إنقاذ الشعب العراقي من التمزق والتمحور والثورة والحروب والقتال وانما هي أصوات تنطلق في فضاءات واسعة تختفي من دون صدى يذكر سوى ذكريات السجون والمطاردة والإعدام لأصحابها.

كما لم تكن الحركة الإسلامية متكاملة الرؤية والأفكار السياسية في معالجة الواقع العراقي الممزق وانما اتجهت في خطابها وأفكارها لعالمية الاسلام وشمولية النظام السياسي والوحدة الإسلامية العالمية والحب والتكافل والتعاون بين الشعوب الإسلامية متجاوزة واقع العراق منطلقة بافاقها الواسعة وشعاراتها العالمية. ولم نشهد خطاباً واعياً ناضجاً ناظراً للواقع العراقي المتعددة الذي تختفي فيه عناصر الوحدة والانسجام وتجتمع في أرضة صور المحنة والاضطهاد والحروب والقتال والمطاردة والإعدام الا في عام 1980 المسمى بيان التفاهم الصادرعن حزب الدعوة الإسلامية الذي يعتبر قفزة نوعية في عالم التنظير السياسي من اجل وحدة مكونات الشعب العراقي في مواجهة حمامات الدم التي أوقد نارها النظام المقبور لسحق كل مكونات الشعب العراقي وتدميرها وعدم الاعتراف بأبسط صور التعددية التي يزخر بها العراق.

اما مشاريع الترفيه والبناء والعمران والخدمات التي أطلقتها بعض سلطات العراق السابقة متوهمين وحدة العراق من خلال ذلك ما هي الاجرع مخدرة يصحو كل طيف من أطياف الشعب عند التأمل في حقوقه الوطنية وهويته القومية والمذهبية والدينية اما مشروع الدولة في توحد العراق المقسم المتعدد ففيها الكثير من التضليل والاستبداد والحرمان ثم الدكتاتورية والإبادة الجماعية والهجرة المليونية وخراب العراق فقد كانت ممارسة الدولة متجهة للتميز العنصري والطائفي والهيمنة لطائفة ثم للحزب الواحد الذي حاول زاج العراق في العديد من الحروب الداخلية والخارجية متصوراً انه يحقق الوحدة الوطنية بأفواه المدافع والمبيدات الكيماوية وتدمير القرى وتجفيف الاهوار وكثرة معسكرات السجون وفيالق الجيش وأسراب الطائرات التي تغير على الشمال والجنوب والجيران متوهماً انها الحائل دون تحقيق الوحدة الوطنية او بحملات التعريب والتهجير والخ.....

فلم يكن العراق موحداً في يوماً من الأيام ولم يظهر مشروعاً وطنياً عراقياً قبل عام 1993 ( مؤتمر اربيل) فالعراق متعدد في واقعة ومقسم في تركيبة السكانية والدينية والسياسية وان كان لديه حدوداً موحدة وعلماً يثير الحزن والذكريات المؤلمة عند الكرد مطالبين تبديله.

فالمشروع الوطني المتضمن مبادئ التعددية والديمقراطية والفدرالية والدستور الذي ينص عليها والنظام الذي يطبقه ومكونات الشعب العراقي المتعددة التي تشعر بوجودها وهويتها وكيانها في اطار العراق في ظل المشروع الوطني. اذاً العراق ممزق ومقسم والفدرالية توحيد المقسم وهي النظام الأمثل لوحدة العراق.

2. تقسيم العراق:

عند طرحت فكرة الفدرالية كنظام للحكم في العراق ظهرت مخاوف لدى الكثير بان اقرار الفدرالية مقدمة لتقسيم العراق الى دولتين ( كردية وعربية) او ثلاثة دول ( كردية وسنية وشيعية) معتقدين ان النظام الفدرالي بشكله في تقسيم السلطات واعطاء دور لمجالس الاقليم يكرس التقسيم والانفصال وان العراق مهدد بالتقسيم وان الفدرالية تعني التقسيم.

وقد تقدم ان تنوع وتعدد الشعب العرقي والأزمات السياسية التي تعرض لها والتجربة التاريخية التي عاشها ان الفدرالية النظام الأمثل الذي ينسجم مع طبيعة المجتمع العراقي وانه النظام المناسب الذي يكرس الوحدة الوطنية وان عدم الاعتراف بحقوق جميع مكونات الشعب في التعبير عن وجودها وهويتها يعتبر مقدمة الثورة والمطالبة بالانفصال وليس العكس وان الفدرالية في جوهرها وتجربتها تعني الوحدة والانسجام وسعة الحريات وضمان الحقوق بشكل اكبر ولم تشهد فدرالية حقيقية أدت الى التقسيم والانفصال رغم تطبيقها في أكثر من 57 دولة في العالم وأبرزها الدولة المستقرة المتماسكة التي تشهد تنمينه اقتصادية وسياسية وحضارية حتى أصبحت القطب العالمي.

وان ما يثار من تقسيم يوغسلافيا والاتحاد السوفيتي فان تقسيم يوغسلافيا لم يكن بسبب النظام الفدرالي وإنما كان بسبب طبيعة الفكر الاطلاقي الشمولي الحتمي الدكتاتوري الحاكم المتمثل بالفكر الشيوعي وعند انهيار الشيوعية استصحب طبيعة التفكير ولكن بصيغة أخرى قومية عنصرية تسلطية انتهجها الصرب لاغياً الخصوصيات القومية والدينية للكروات والبوسنة مندفعاً للتوسع والتسلط مما سبب الحروب والتمزق والأنفصال وتأسيس دولة كرواتيا ودولة البوسنة والهرسك.

اذاً كان السبب من وراء التقسيم هو طبيعة الفكر الاطلاقي الحتمي الشيوعي والنزعة القومية العنصرية التسلطية للصرب وليس طبيعة النظام الفدرالي الذي يعني الاعتراف بالاخر واعطاء حقوقه في ظل ادارة الأقاليم ذات الطابع المنسجم.

اما تقسيم الاتحاد والسوفيتي انما هو انعتاق من هيمنة الفكر الواحد والحزب الواحد الذي يلغي التعددية الفكرية والسياسية لفضاء أوسع وليس بسبب النظام الكنفدرالي المتبع فيه.

والعراق مهدد بالتقسيم والحروب الداخلية والإبادة الجماعية عند عدم الاعتراف بالحقوق الإدارية والسياسية لمكونات الشعب العراقي وعند سيطرة لون واحد علية والفدرالية النموذج الأفضل في بلورة عناصر الوحدة والانسجام والتكوين للدولة العراقية الموحدة المنسجمة المتعاونة كما ان الشعب العراقي بجميع اطيافة يسعى للوحدة والانسجام بعيداً عن التفرقة والتقسيم ولم يطرح هذا الموضوع من احد وان الكرد مصرون على وحدة العراق في اطار الاتحادية الفدرالية التي تضمن حقوقهم وان الشيعة لم يفكروا في يوم من الأيام بالانفصال وإنما تبلور لديهم خطاباً سياسياً جاعلاً الفدرالية او الادارة اللامركزية احد مفرداته من اجل الاستقرار والنمو والازدهار وحداً من العدوان والتهميش والقتل والإبادة التي تعرضوا لها من الحكومات الطائفية في العراق وان ما عداهم لم يطرحوا تقسيم العراق  لا من بعيد ولا من قريب.

اذاً لا يوجد أي برنامج او مطلب او شعاراً حول التقسيم لدى أية جهة سياسية عراقية أو قومية او مذهبية اما دول الجوار والمحيط الإقليمي فقد اكدو دعمهم للعراق عبر بياناتهم وتصريحاتهم على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق الوطنية كما ان الكثير منهم يعتقد ان تقسيم العراق يهدد أمنهم القومي ويمثل مشاريع تقسيم مستقبلية لبلدانهم وهناك اهتمام واسع من الدول الاقليمة بوحدة العراق اما القوى الدولية فيفترض ان أي منها لا يستطيع تقسيمه عدى الولايات المتحدة ويدخل تقييم عملية التقسيم بثلاثة عوامل             ( المصالح الأمريكية المباشرة والخلاف الأمريكي الإيراني والصراع العربي الإسرائيلي[9]) وهذه أهم العوامل المتصورة والأبعاد الأساسية من وراء التقسيم.

اما بالنسبة للعامل الأول : فان أمريكا تفضل التعامل مع دولة عراقية موحدة ذات موارد متعددة وشرائح اجتماعية متنوعة يمكن ان تكسب ودها ولو بعد حين وهي بصدد وايجاد واقعاً سياسياً منسجم مع سياستها اتجاه الشعوب في الدول التي تعيش وعاشت الاستبداء وليس بصدد اثارة قضايا جديد تخالف طموحات الشعوب في الاستقرار وان طرح تقسيم العراق لا ينسجم مع مصالحها ولا مع مشروعها السياسي في إشاعة الديمقراطية والتحرر والاستقرار.

اما بالنسبة للعامل الثاني: الخلاف الأمريكي الإيراني فان تقسيم العراق كما يتوقع البعض الى دولة كردية وأخرى شيعية وثالثة سنية فان قيام دولة كردية في الشمال يثير السخط واختلال التوازن عند بعض حلفاء أمريكا مثل تركيا ويدخل الواقع الإقليمي بتعقيدات أخرى وتتنامى الأفكار العنصرية والانفصالية التي لا تنسجم مع السياسية الأمريكية كما ان قيام دولة شيعية يمكن تتأثر بالنفوذ الإيراني وسوف يؤدي الى اختلال التوازن في هذا الصراع ويغيظ حلفاء وشركاء أمريكا من العرب وهذا لا ينسجم مع المصالح الأمريكية في المنطقة.

واما العامل الثالث: لتقسيم العراق ناتج عن الصراع العربي الإسرائيلي والتقسيم لصالح إسرائيل لان لعراق موحد يهدد إسرائيل فإسرائيل قطعت أشواط بعيدة جداً في علاقاتها مع الدول العربية وان وحدة العراق لا تهدد إسرائيل ما دام العلاقات الدول العربية والفلسطينيون أنفسهم اتجهوا نحو التسوية الكاملة والعراق باعتباره ملتزم بقرارات الامم المتحدة وجامعة الدول العربية لا يشذ في التزاماته وان العراق موحداً يسهل الالتزام بمثل هذه القرارات فضلاً عن العراق المقسم الذي لم تتضح طريقة التعامل معه.

اما الشعوب العربية والإسلامية لم يبق في وجدانها أي صدى لمحاربة إسرائيل وانما متجهة لحروبها الداخلية والعمليات الانتحارية مستهدفة الأبرياء من أبناء جلدتها. وهذا مضافاً ان التقسيم لا ضعاف الشعوب لم يعد مثالياً وذلك لان الدول الصغيرة المتماسكة قد تثير المتاعب لقوى دولية كبرى مثل كوبا الصغيرة واما تثير للولايات المتحدة الأمريكية طوال أيام الحرب الباردة وما بعدها أذاً ان تقسيم العراق لا ينسجم مع رغبة الشعب العراقي ومصالح دول الجوار ومصالحة أمريكا وإسرائيل.

3. ضعف روح الوطنية: ينطلق هذا الأشكال من ان الولاء الإقليمي يضعف الروح الوطنية والولاء للعراق الكبير.

هناك اتجاهان في صياغة الروح الوطنية في العراق احدهما عشنا إرهاصاته وشعاراته ومشاريعه وهو ان العراق الواحد الموحد يتكون ضمن اطار الشعارات الاحزاب والسياسات التي تريدان تتجاوز واقع العرق المتعدد او تجهل واقع المشروع الوطني الحقيقي للوحدة الوطنية حتى وصلت الى حزب البعث وشعاراته البراقة في قرارات مجلس قيادة الثورة الحريصة على العراق في محاربتها للذين يريد السؤ بالعراق وأهلة وما يصفون بالخونة والعملاء والانفصاليين وأعداء البلد وان كلما كان سيطرة الحكومة المركزية وقبضتها الحديدية على ادارة البلد وتحديد مقدراته تحققت وحدة العراق وان يرتفع صوت أو رأي في رفض سياستها او نقدها ليكون الموت المحتوم بانتظاره وجربنا حربها ضد المرجعية الدينية وقتل المفكرين والعلماء والشرفاء من أبناء الشعب العراقي الذين كانوا يهدوا الوحدة الوطنية ويضعفوا الروح الوطنية بانتمائهم الدينية وجربنا حربها ضد الكرد أعداء الأمة العربية وما تجرعوا من موت وقتل وإبادة لتحقق الوحدة الوطنية وجربنا وصف الرموز السياسية والفكرية والخيرية بالعمالة والخيانة لتقام لهم المحاكم او بدون محاكم ليحكم عليهم بالإعدام بسبب خيانة الوطن وجربنا في جعل أجهزته أمنية متعددة وامن ومخابرات ومكاتب ومديريات ووزارات تتابع أنفاس المواطن لكي نحقق الوحدة الوطنية ونعمق الروح الوطنية. وجربنا تشكيل جيش مكون من ستة فيالق يخوض الحرب تلو الأخرى ضد الجيران التي تهد المصالح القومية والوطنية وكنا حراس للبوابة الشرقية لكي يبقى الوطن العربي الكبير أمناً سالماً ومستقراً. وجربنا الدكتاتورية والاستبداد وغياب الحرية وجربنا هدر كرامة الإنسان والإبادة الجماعية من أجل تحقيق الوحدة الوطنية وجنينا بلداً ممزقاً مدمراً خالياً من الروح وتضعف فيه الروح الوطنية لدرجة اصبح الهروب من العراق والتسكع في منافي العالم والدول المجاورة يدفع من اجله آللاف الدولارات ويركب من اجله المخاطر التي تتجاوز الخوف من الموت والضياع وحصدنا ما تبقى من بسمات البناء والأزواج ليعيشوا يتامى وأرامل وعوانس ومعوقين وامراض فتاكة من أجل النهج الدكتاتوري الاستبدادي والعنصري والطائفي ليوحد العراق. مما افرز عملية رفض جماهيرية وتنظيمات مسلحة ومعارك وحروب اختفت فيها الوطن والحياة. اما النهج الثاني لبناء الوحدة الوطنية في العراق التي تعمق الروح الوطنية الذي نتمنى ان تتلاحم الجهود لايجادها واقفاً منسجم تنتعش فيه هوية العراقي في أجواء الود والمحيه والتعاون والتسامح واحترام خصوصيات الاخر والاعتراف المتبادل بين مكونات الشعب العراقي بالخصوصيات القومية والدينية والمذهبية والاتجاهات السياسية والثقافية في فضاء يستوعب الجميع ويعترف بالجميع ويؤكد مصالح الجميع ويحضى بتأيد الجميع في اطار العراق الدستوري الموحد وان الالتزام بهذا المنهج يجنب العراق الحروب الداخلية ويحقق الهويته المحلية لكل طيف من أطيافه كما يبلور القضايا والأفكار المشتركة التي تسهم ببناء العراق وتماسكه واحد هذه الأفكار المطروحة من اجل توحيد العراق في ظل نظام يجتمع عليه الجميع ويحقق الخصوصية لكل طرف هو النظام الفدرالي الذي يجمع بين المركزية في التكوين والادارة واللامركزية في المشاركة والاعتراف بخصوصيات الواقع العراقي أذاً المنهج الثاني يمثل المشروع العقلاني الوجداني الذي يوحد العراق وينمي الروح الوطنية للعراق.

كما ان تعدد الولاء والحب بلحاظ الجوانب المتعددة امر رافق الانسان منذ زمن بعيد الحب والولاء للعائلة ثم العشيرة والمدينة والدولة وتضاف اليها الان الحب والولاء لانتماء الإقليمي باعتباره الارضي التي حملة والبلد الذي احتضنه والحب والولاء للعراق الكبير الذي جمع هذه القلوب التي أينع في ربوعها الحب لتجتمع في الفضاء الأوسع المتمثل بالولاء والحب للوطن وهذا أفضل الصور الحقيقية لانعاش الروح الوطنية التي كاد ان يقتلها النهج الدكتاتورية الذي اكتوينا بناره.

فالفدرالية تعمق الروح الوطنية على أساس المشتركات الحقيقة النابعة من الوعي لمصلحة العراق وجميع أطيافه وأبناءه والعكس هو الذي يضعف الروح الوطنية.

4. تعميق الروح الانفصالية: يثار هذا الاشكال في اجواء التأمل في الفدرالية بأعتبارها تعطي دور للمواطن في اختيار الدستور او القانون الاقليمي الذي ينسجم مع خصوصيته وتطلعاته مما يعمق الروح الانفصالية في تكريس الخصوصيات القومية او المذهبية والثقافية لكل اقليم.

هل تعمق الروح الانفصالية بتكريس الخصوصيات والاعتراف بها في اطار العراق الموحد وهل تجد الخصوصيات وجودها في ظل الادارة المركزية وهل الروح الانفصالية تنمو في اجواء الاعتراف المتبادل والالتقاء في اطار المشتركات العامة ام تنمو في اجواء عدم الاعتراف بالاخر وان تم الاعتراف ما هي الصيغة القانونية والادارية التي تجد تلك الخصوصيات طريقها فيه؟ ان هذه الاثارات في اجواء العراق المتعدد والممزق داخلياً والموزع في ولأته الاقليمة والدولية تمثل قضايا حساسة تطرح نفسها وتستدعي الحوار والمناقشة من أجل واقع عراقي منسجم الذي نحن بصدد تكوينه. فالاعتراف بالخصوصيات لكل طيف من اطياف الشعب العراقي يمثل حالة الالتقاء والتواصل والاحترام المتبادل في اجواء العراق الكبير وان التوهم في ان الاعتراف بخصوصية الكرد والشيعة والسنة وغيرهم يمثل تكريس الخصوصية يلحظ عليه ان عدم الاعتراف هو الذي انتج الواقع الذي نعيشه وهو الذي فرض الاحتلال كخيار لابد منه لانقاذ العراق وهو الذي عمق المطالبة الكردية سابقاً في الانفصال وهو الذي اوجد الشعور عند الشيعة بالبحث عن وطن اخر يتصف بنفس الخصوصيات ليمنح له الولاء بدل العراق حتى ظهرت شعارات عند عوام الشيعة فضلاً عن سياسيهم في ضرورة الدفاع عن الدولة المجاورة حتى اوجدت الانفصال بصورة وجدانية عن العراق الذي غابت هويته الشيعي فيه ثم اصبح يبحث عن الوطن في الدول المجاورة التي توهم انها الوطن البديل وبعد ان اكتشف حقيقة لابد للانسان من وطن حقيقي وقانون يحميه اتجه الى البلدان التي تحترم حقوق الانسان وتعطي حقوقه فاستقر فيها جاعلها البلد والوطن الذي يمنع له الولاء والحب والاحترام حتى انفصل عن العراق ويا ليته بقى في داخل العراق ليعن انفصاله الداخلي فعدم الاعتراف المتبادل بالخصوصيات هو الذي يولد فكرة الانفصال والتقسيم داخل البلد والانفصال عنه بالكامل اما الاعتراف بالخصوصيات والحقوق القومية والمذهبية في التعبير عن وجودها والحفاظ على هويتها في اطار الدولة المركزية لا يمكن تصوره سوى ان بنص القانون ان ابناء الشعب العراقي متساوون امام القانون وان ينص على احترام الجميع وحق العيش في العراق بكل اطيافهم.

ولكن هذا التساوي والاحترام يكيف ينظر الى الهوية المحلية والمطالب القومية والمذهبية باعتبارها جزءاً من شخصية الانسان الذي يعتز بها ولا يتنازل عنها والادارة المركزية بسياستها ومناهجها المركزية ذات الون الواحد تعجز عن الاجابة بشكل عملي ولكن يمكن الاجابة بالشعارات والبيانات اما بصورة عملية جدية لم نشهد جواباً منها سوى قرار الحكم الذاتي للكرد وهو يعني الادارة اللامركزية والفدرالية الذي تحطم تحت ضربات الحكومة المركزية التي هيمنت عليها العنصرية والطائفية مما تلتها الحرب الداخلية التي دامت عقود من الزمن راح ضحيتها الملايين منذ ثورة محمود الحفيد حتى سقوط الدولة المركزية.

اما اذا التقى ابناء الشعب العراقي بالمشتركات والامال المشتركة في بناء وطن موحد يتمتع الجميع بخيراته مع الاعتراف المتبادل والاحترام الدائم بينهم لم نشهد صور الانفصال بكل صنفيه وان الفدرالية هي التي تحد من الروح الانفصالية في اعطاء الدور الأكبر لأبناء الشعب ومكوناته المتعددة ان تعبر بوضوع عن انتماءها المذهبي والقومي والثقافي في الأطر الإقليمية وتلتقي في أطار الدولة الاتحادية.

5. التمايز بين الاقاليم الغنية والفقيرة :

تقوم هذه الشبهة على اساس ان بعض الاقاليم تتمتع بثروة اقتصادية كبيرة واخرى فقيرة ليس فيها من الموارد الاقتصادية ما يجعلها بموازنة الغنية وهذا مما ينتج تمايز طبقي بين ابناء الشعب العراقي مما ينافي العدالة الاجتماعية. يوجد موردان للثروة الاقتصادية في البلد الثروة الوطنية الطبيعية كالنفط والمعادن والماء والثروة المحلية والمشاريع المنجزة على الارض كالمصانع والمعامل والمشاريع الزراعية والتبادل التجاري والخطط الاعمارية والتنموية. الثروة الوطنية الطبيعية هي ملك الشعب العراقي ترجع الى خزانة الدولة الاتحادية لتوزع على المواطنين بالتساوي وعلى الولايات ( الاقاليم) حسب الكثافة السكانية وهذا احد المبادئ الاقتصادية في الدولة الفدرالية ولا يمكن لاقليم يستأثر بالثروة الطبيعية لوجودها فيه كالنفط في الجنوب والمعادن والماء في الشمال او المعادن في الغرب.

ويمكن بموجب قانون يصدر من الدولة الاتحادية يعطي نسبة خاصة من الثروة لأقليم الذي توجد فيه تلك الثروة. وهذا مما لا يوحد تمايز طبقي بين الاقليم الغنية والفقيرة ويجعل خصوصية للاقاليم ذات الثروة في نفس الوقت كما ان الدوة الاتحادية تمتلك ميزانية خاصة لادارتها ووضع مشاريع تنموية واقتصادية للاقاليم بما يسد حاجتها ويجعلها متساوية في حياتها الاقتصادية للان الوضع السياسي في كيان الدولة الاتحادية يبقى متماسك ومترابط في التأثير سلبياً وايجابياً بين ادارة الاقاليم والحكومة الاتحادية لذا يكون توفير سبل الاستقرار والرفاه في كل اقليم مسؤولية الحكومة المركزية وبالتعاون مع الاقاليم اما المشاريع الاقتصادية كالمصانع والزراعة والضرائب وما تتمتع به كل منطقة او اقليم يبقى في ادارة السلطة المحلية ويكون وعيها وجهدها وخططها الاقتصادية مسؤولية الاقليم لينهض بواقعه الاقتصادي ويلتقي هذا الجهد مع خطط الدولة الاتحادية ويدعم منها كما يوفر موارد اقتصادية ذاتية يحقق النهوض والتنمية والرفاه في كل اقليم.

هذا مضافاً ان العراق في كل اقليم من اقاليمة المرتقبة وفي كل محافظة منه تتوفر فيه الثروة من الماء والارض والمعادن والنفط والأيدي العاملة والعقول المبدعة مما يدفع كل منها للبحث عن المشاريع الاقتصادية بما يتناسب مع ظروفها وقدراتها وما يمكنها من حياة كريمة علماً ان الاقتصاد لا يقوم على عامل واحد او صنف واحد وان الكثير من الدول الغنية والمتطورة خالية من النفط الذي يتصور العراقيون انه الثروة الحقيقية الوحيدة رغم انه الثروة الوطنية التي يجب ان يتمتع بخيراتها كل العراقيين واستطاعت ان تبحث عن مقومات اقتصادية وتقنية جعلتها بعداد الدول المتطورة والغنية كاليابان والصين وبعض دول أوربا اذاً مما تقدم لامجال للشك والتصور للتمايز الطبقي بين الاقاليم او المحافظات في العراق مادام يبقى الجزء الاكبر من السياسية الاقتصادية المتمثل بالثروة الطبيعية ومسؤولية الدولة الاتحادية في التنمية الاقتصادية والعمرانية في الاقاليم هي مسؤولية الدولة الاتحادية المركزية.

6. تضعيف دور المرجعية الدينية والحوزة العلمية للشيعة في القضايا السياسية :

هذه الشبهة تتحرك بوحي ان المرجعية الدينية والحوزة العلمية يضعف دورها اذا تعددت مراكز القرار في العراق وانها قد يحد نفوذها في الاقاليم الموجودة فيها اعتقدان اثارة هذا الاشكال في طريق الفدرالية الواقعة حتماً في العراق ولو بشكلها الثنائي والمحكومة بأطار قانون ادارة الدولة العراقية حسب اعتراف من يمثل المرجعية في الجمعية الوطنية والعملية الدستورية يجعل المرجعية مصداً لاعاقة العملية السياسية في العراق كما يتصف بالابتعاد عن دور المرجعية وموقعها في الأوساط الشيعية عندما يحصرها بحدودها الاقليمية والدولية. فالمرجعية الدينية لاتحد بحدود ولاتقيد بقيود وانها واسعة وشاملة تهتم برعاية المسلمين والشيعة بالخصوص في جميع العالم واخذ هذه الخصوصية من عالمية الاسلام وشموليته واستيعابه وخطابه لكل البشر. المسيرة التاريخية لعمل المرجعية السياسية كان يتجاوز الحدود فقد قاد السيد كاظم اليزدي والشيخ كاظم الخراساني العملية الدستورية وما انتج عن صراع بين المشروطة والمستبدة في ايران من النجف الاشرف كما قام السيد محسن الحكيم الكثير من المشاريع الاصلاحية برعاية مرجعية كتأسيس جمعية فقه جعفري في باكستان التي اصبحت فيما بعد تمثل القيادة الشيعية هناك وتأسيس الوقف الشيعية في الامارات العربية المتحدة وغيرها من المشاريع السياسية في العالم ولم تحده الحدود وكذلك ان ارتباط الشيعة بالمرجعية والحوزة العلمية في النجف وكربلاءلا ينظر اليها بحدودها الجغرافية وانما باعتبارها المرجعية الدينية لكل شيعي في أي بلد. اما قيادة المرجعية السياسية والتفاؤل بمشاريعها ينبع من جديتها وتصديها وحضورها واستيعابها للمجتمع الاسلامي لامن خلا حصره بحدود وفرض الوصايا الدينية المقدسة التي قد تفلح مرة ولكنها قد تفشل وتخسر المرجعية اذا كانت غير واقعية وبعيد عن امال الناس والالمهم كما حصل لموقفها في المقاطعة للعملية السياسية في العراق عام 1921 وجنينا المقابر الجماعية والدمار والقتل والتهجير. ولم يطرح اشكال ضعف المرجعية منها وانها تحترم ارادة الشعب العراقي فيما يختارة فالمرجعية تهتم لمصلحة الشعب العراقي باعتباره احد الشعوب الإسلامية لا باعتبارها داخلة ضمن حدود الجغرافية فلا تحدها الحدود.

7. صعود شخصيات انتهازية :

من خلال مشروع الفدرالية تنطلق هذه الشبهة لدى ابناء الجنوب من خلال الملاحظة لبعض الشخصيات البعثية والانتهازية والتاريخ المشوة على ما يصفون في تصديهم لطرح الفدرالية وتنصيب انفسهم كمسئولين او ممثلين للجنوب في هذا المشروع هذه الشبهة من الناحية العلمية لا تستحق الوقوف أمامها طويلاً وان طال الوقوف امامها من الناحية العملية نخشى ان تكون احد عوامل احباط لمشروع اقليم الجنوب. فمن ناحية علمية ان مبادر ناس عليهم ملاحظات لا يعني ان كل ما يقوموا به يجب مقاطعة ورفضه كما ان الصياغة الدستورية في العراق متجهة لاعطاء دور كبير للمواطن من خلال الانتخابات والتصويت في اختيار الشخصيات القيادية التي تمثله في البرلمان والحكومة فبعد اقرار الفدرالية في الدستور وتشكيل اقليم الجنوب من خلاله يأتي دور المواطن في انتخابات البرلمان والحكومة الاقليمية فلا يبقى أي مجال للشخصيات الانتهازية اما في هذه المرحلة فان هولاء اصحاب مبادرة وحضور لموضوع سياسي يتفق الكثير على اهمية وضرورته ولديهم مبادرات اخرى بنفس الاتجاه وان احترام المبادرات والتقاء معها على قواسم مشتركة وافكار محددة وكل يتحرك من خلال أجواءه وتأثيرية فهذه في جانب منها مصدر قوة واثراء وتعطي الحافز والاندفاع لأصحاب الملاحظات بالحضور والمشاركة وخلق اجواء صادقه وفضاء الحرية والمبادرة واسع يسع الجميع والجميع على موعد مع الشعب فيما يرفض ويختار.

هذه اهم الشبهات التي واجهتني وانا في طريق طرح الفدرالية كنظام للحكم في العراق منذ ان طرحت عام 1993 ويمكن رصد إشكالات اخرى يمكن إثراءها وحلها والإجابة عليها من خلال الحوار والتواصل واللقاء من اجل بناء العراق وحماية أبناءه لكي لا تعود الدكتاتورية والاستبداد والطائفية والعنصرية مرة ثانية ويبقى اختيار النظام السياسي الامثل هو الفيصل للحد من ظهور ذلك.                          

إقليم الجنوب المقومات والافاق

نظراً للواقع العراقي وتنوعه والتجربة المرة للنظام المركزي وطرح الفيدرالية كأحد الخيارات القوية لشكل الحكم وما اشار اليه قانون إدارة الدولة في تشكيل الأقاليم طرح اقليم الجنوب( البصرة والناصرية والعمارة ) كأحد المبادرات السياسية لشكل الفيدرالية لان الجنوب يتمتع بخصائص ومقومات تفتح افاق واسعة لتشكيل الاقليم واهم هذه الخصائص والمقومات مايلي :

اولاً : المسار التاريخي للجنوب

جنوب العراق بمحافظاته الثلاثة يمثل عمقاً حضارياً وثقافياً وعلمياً وسياسياً وتاريخياً للعراق جعلته يرسم مساراً تاريخياً له خصائصه التاريخية الحضارية .

فالجنوب ظهرت في ربوعه حضارات متعددة كالسومرية والاكدية وحضارات ميسان وغيرها وتحتضن أراضيه معالم أثريه واثار شاخصة على شكل ربوات يطلق عليها ( الايشان) وكشفت بين اطلالها مدن الوركاء واور واريد وميسان وغيرها ولكثرة الاثار فيها تعد المنطقة الجنوبية واهوارها منطقة اثرية في كل بقعة منها نتمنى من ابناء الجنوب ازالة الركام عنها لتعرف معالمها واثارها وللجنوب في المسار التاريخي في العصور الاسلامية منذ تاسيس مدينة البصرة التي كانت قاعدة لجيوش الفتح الاسلامي العسكرية والثقافية فكانت تمد ولاية البصرة من جنوب العراق وحتى فارس ومكران والسند ثم كانت الحاضرة العلمية التي تأسست فيها علوم اللغة العربية وعلم الكلام والطب والهندسة وزودت العالم الاسلامي باصناف العلوم والمذاهب والاراء التي بقيت اثارها تدرس لهذا اليوم .

وفي الجنوب ظهرت الحركات الفكرية والثورية كالقرامطة والزنج والمشعشعين وثوار الاهوار والطريقة البطحائية والرفاعية والمشعشعية وغيرها .

وفي الجنوب تأسست العديد من الدول والامارات التي تمثل التاريخ السياسي للعراق وفي بعض الاوقات تعني العراق كالدولة المزيدية والدولة الشاهينية ودولة البريديين وامارة بني معروف وبعد سقوط الدولة العباسية ظهرت في الجنوب محوراً اساسياً في مجال العلم والمعرفة والسياسة فقد ظهرت الجزائر والحويزة مركزاً علمياً يستقطب طلاب العلم من انحاء العالم في عصر الجمل والانحطاط فكانت تلك المنطقة مركز المرجعية الدينية لاكثر من قرن وحافظت على اللغة العربية من الانقراض امام حملة التفريس والتتريك في العصر المغولي والتركي وفي المجال السياسي كانت امارة ال عليان التي قاومت الاحتلال العثماني في العراق بثوراتها المتتالية عام                       ( 957 هـ ـ 970 هـ ) وحركة المشعشع والدولة المشعشعية التي شملت جنوب العراق والاهوار بالخصوص لتأسيس الدولة وتتخذ الحويزة عاصمة لها واستمرت اكثر من خمسة قرون ودولة افرسياب التي شملت جنوب العراق المحافظات الثلاثة لتكون دولة شبه مستقلة                                    من ( 1005 هـ ـ 1075 هـ ) لتعقد الصلات العلمية والتجارية مع الهند والبرتغال وهولندا وغيرها .

وامارة المنتفق التي ظهرت بداية القرن الحادي عشر واستمر ثلاثة قرون وكانت بمثابة دولة مستقلة يخضع لأدارتها الجنوب من الناصرية وجنوب واسط والبصرة وغرب ميسان وجنوبها .

وإمارة بني لام وإمارة البومحمد وامارة الحلاف وامارة ربيعة في المدينة وغيرها .

اما من الناحية الإدارية فكانت ولاية البصرة توزاي ولاية بغداد في اهميتها وموقعها المتميز وسعة امتدادها الذي يشمل الجنوب والمنطقة الشرقية من الجزيرة العربية كما ان للجنوب والبصرة الثقل السياسي الحقيقي في عملية تكوين الدولة العراقية وقد سبقت الكرد في طرح الفيدرالية والمطالبة بالحكم الذاتي لكن الطريقة السياسية التي سارت بها بريطانيا والحكم الطائفي في العراق ادى الى موت المبادرة في مهدها ليعيش الجنوب حالة الضياع والدمار والموت والمقابر الجماعية واليك ايها القارئ نص الوثيقة :

الى صاحب الفخامة السر برسي كوكس حامل لوسام امبراطوراية الهند من درجة قائد عظيم ووسام القديسن ميخائيل وجورج من درجة فارس ، ووسام نجمة الهند من درجة فارس ، المندوب السامي لاراضي العراق المحتلة .

يا صاحب الفخامة !

1. نحن الموقعين أدناه بالنيابة عن فئة الاغلبية الراجحة من اهالي منطقة البصرة ، نرجو بكل خضوع عراض ارائنا الاتية على حكومة جلالة الملك فيما يتعلق بمستقبل مقاطعة البصرة ، ونوع الحكومة الخاص بها ، والتي نرجو من حكومة جلالته إن تسمح بتأسيسها .

2. غير خاف على الحكومة جلالة الملك : ان احتلال الجيوش البريطانية للبصرة عام 1914 قد قوبل من قبل أهالي البصرة بمزيد من الترحيب ، ولم يكن اذ ذاك من حاجة الى التأكيدات االتي صرح بها فخامة نائب الملك في الهند يوم 6 فبروري  سنة 1915 لاقناعهم بان مصالحهم ستكون موضع العناية الخاصة من حكومة جلالته .

3. غير خاف ايضاً انه منذ اليوم الاول للاحتلال ، قد سلك اهالي البصرة مسلكاً سلمياً مطابقاً للقوانين ، كما انهم قيلوا بمزد الارتياح نوعية الحكومة التي اسست القوانين التي سنت للبلاد .

4. ولا يخفى انه في خلال الاضطرابات التي حدثت في العالم الغابر ، لم يحدث في البصرة ما يعرقل سير الحكومة المحلية ، او حكومة جلالته ، او ما يسبب قلقاً لهما من السلوك المغاير للقوانين ، او نشر الدعوة العدائية ضدهما  بل بالعكس كانت هذه الاضطرابات موضع السخط من اهالي البصرة ، الذين تجنبوا ولا يزالوا يتباعدون عن كل حركة من شأنها ارغام الجيوش البريطانية على الانسحاب ، ورفع الوصاية عن البلاد ، وهنا نرجو ان نلفت انظاركم الى قرار مجلس اشراف البصرة بهذا الشان .

5. في حين ان اهالي البصرة يقدرون ، او بالحرى يستحسنون ، مبادئ تقرير مصير بلادهم بانفسم  ، تلك المبادئ التي على وشك ان تنشئ حكومة عربية في البلاد المحتلة ، يلتمسون من حكومة جلالته تطبيق هذه المبادئ بالدقة على مقاطعة البصرة وان تكفل لها ادارة ممتازة .

6. ومن المعلوم جيداً ان الميزات الخاصة بالبصرة كان سبباً في تباينها منذ اعوام عديدة عن الاراضي العراقية الواقعة شمالها ، وهي التي سيطلق عليها فيما بعد اسم العراق نظراً الى هذه الاعتبارات ولما كانت البصرة بحسب موقعها الطبيعي ثغراً تتبادل فيه التجارة الدولية ، لذلك امها منذ اعوام عديدة عدد ليس بالقليل من ابناء الغرب وغيرهم من الاجانب ولا يزال عددهم ينمو نمو متوالي والمرجح ان يزداد ازياداً عظيماً جداً في المستقبل القريب وقد كان من دوام الاختلاط للشعوب الاجنبية تاثير على اهل البصرة ذهب بهم الى الاعتقاد بان تقدمهم سيكون مخالف في نوعه وسرعة لتقدم العراق .

7. ومع علمنا بذلك فالراسخ في الاذهان هنا هو ان اهالي البصرة لكونهم فئة الاقلية بين سكان العراق ستكون بحكم الاضطرار حركاتهم بنفس النسبة وفي ذات الاتجاه كباقي اهالي العراق وبطبيعة الحال يرون وارداتهم تصرف على المشاريع التي لا يستفيدون منها شيئاً بحيث يصيبهم حيف عظيم وليس من منجد او حول على منعهم .

8. وبهذه المناسبة نلتمس بخضوع ان نصور لكم موقع البصرة ومافيه من وجوه الشبه بينه وبين موقع البلاد التابعة لبريطانيا العظمى والمتمتعة بالحكم الذاتي فان تلك البلاد لبعدها عن مركز الحكومة الرئيسي ووجود الاتحاد في المقاصد السياسية بين سكانها قد سلم بما لها من المطالب الحقه في التمتع بحياة سياسة مستقلة ، اذا بهذه الكيفية وحدها نالت شؤونهم وما افتقرت الية من الاهتمام اللازم .

9. ويستفز اهالي البصرة حكومة جلالته ان تنظر في نقطة جدالهم وهي انه اذا استاء فريق من اهالي العراق وكان اراءه السياسية مختلفة عن اهله وسالك في تقدمه مسلك مغاير لباقي اهل العراق فاذا ما اجبر هذا الفريق على الخضوع لاي شكل حكومة حيث لا تكون مصالحة مضمونة يتنج من ذلك نفور يقف في سيبل تقدم جميع طبقات الامة العراقية .

10. ولا يرغب اهالي البصرة في شيء غير الخير لاهالي العراق ، ولا شيء احب اليهم من ان يسروا واياهم جنباً الى جنب تعود منه الفائدة على الفريقين وعلى العالم عموماً ولكنهم يعتقدون بانه لايمكن الوصوال الى هذه النتيجة الى بمنح البصرة استقلالاً سياسياً منفصلاً .

11. وعليه نتشرف بعرض المشروع الاتي على فخامتكم للتفضل بتبليغه الى حكومة جلالته الا وهو انشاء ادارة سياسة مستقلة لمقاطعة البصرة ، ولو اننا بالطبع لا نعتبر هذا المشروع تاماً وغير قابل للتعديل مع الاسهاب

12. ورجائنا هو ان تصير مقاطعة البصرة مقاطعة منفصلة تحت اشراف امير العراق او أي حاكم ينتخبه اهالي العراق وتكون هذه الرابطة بين البصرة والعراق وحدة يطلق عليها اسم ولاية البصرة والعراق المتحدتين .

13. ويكون للبصرة مجلس تشريعي منتخب خاص بها ويكون لهذا المجلس السلطة التامة في التشريع المختص بالشؤون المحلية المحضة ولحاكم الولايتين المتحدتين الحق في رفض او طلب تعديل أي تشريع يمس بمصالح اهل العراق .

14. كل قانون مشترك بين الولايتين كقانون تسليم المجرمين وتأييد الاوامر التنفيذية وتبليغ الاعلامات وتنفيذ الاحكام ومهاجمة الاعداء والجنسية والتجنس يجب سنه او تعديله حسبما تقتضيه الضروف بمعرفة مجلس مشترك مؤلف من عدد متساو من نواب كلتي الولايتين وفي حالة اختلاف الاراء اختلاف كلياً بين الفريقين يعرض الموضوع على ممثل جلالة الملك للبت فيه .

15. وتعين بريطانيا العظمى ، بما لها الحقوق الانتداب ، شكل حكومة البصرة وحاكمها ، ويعين حاكم ولاية البصرة رؤساء الدوائر فيها ، اما حاكم ولاية البصرة فيعينه حاكم الولايتين المتحدتين من بين ثلاثة افراد يتنخبهم مجلس البصرة .

16. وتؤسس الولايتان نظاماً مشتركاً للطرق ، وللسكك الحديدية ، والبريد والبرق وطرق الملاحة الداخلية ، وتشترك الولايتان بنفقات هذه    المشروعات ، وعلى المجلس المشترك المذكور انفاً ان يقرر ما يجب ان تتحمله كل من الولايتين من النفغقات ، وما يصيب كل منهما من الواردات .

17. ويكون للولايتين علم مشترك يرمز الى اتحادهما ، وتشترك الولايتان في تعيين نوابهما السياسيين في الخارج ، ويعهد اليهم برعاية مصالح الولايتين معاً ، وتكون الطوابع والنفوذ والأوراق المالية والضمانات الاميرية الاخرى ، ووحدة المقاييس والموازين مشتركة بينهما ، ويقرر المجلس المشترك المذكور انفاً قيمتها وعياراتها .

18. ويكون للمجلس التشريعي السلطة المطلقة في وضع الضرائب على المحاصيل والعقارات المحلية البحتة ، وايضاً على السكان المقيمين بالولاية ، وتدفع الواردات المحصلة من هذه المصادر الى خزينة الولاية ، وتستعمل تلك الاموال حسبما يقرره المجلس التشريعي .

19. وتوزع اموال الرسوم الكمركية المحصلة من ميناء البصرة على الولايتين بالنسبة التي يقررها المجلس المشترك .

20. ويكون للبصرة قوة من رجال الشرطة وجيش خاصان بها ، ويشترك جيش البصرة مع جيش العراق في دفع الغارات الخارجية عن أي قسم من اقسام الولايتين المتحدتين ، وتدفع البصرة سنوياً مقداراً نسبياً محدوداً لاعالة جيش حكومة العراق ، ويكون هذا الجيش تحت امرة حاكم الولايتين المتحدتين .

21.وتدفع البصرة اعانة لائقة للقيام بنفقات ديوان حاكم الولايتن المتحدتين .

22. وفي الختام نرجو بكل خضوع ابداء راينا بسرعة لزوم منح البصرة استقالاً سياسياً على الفور ، ونحن نعلم ان الغرض من الوصاية هو اعاد العراق للحكم الذاتي التام ، وانه من الممكن ان يطلب اهالي العراق انتهاء مدة هذه الوصاية في حين قد لا يعتبره اهل البصرة في اوانه . وقد يمكن ان لا يكون في ذلك الحين وفاق بين أهل البصرة ، خلافاً لما هم عليه الان من الوفاق التام . الأمر الذي نذكره عن ثقه .

23. ونلتمس من فخامتكم ان تعربوا الى حكومة جلالة الملك عن طاعة اهل البصرة وولائهم لها ، وان املهم وطيد بتأسيس حكومة مناسبة لهم رعاية لمصالحهم وضماناً لتقدمهم . لنا الشرف ان نكون خدامكم المطيعين .

البصرة في 13 جون 1921[10]

بالتأمل بمضامين هذه الوثيقة التي كتبت باجواء الاحتلال البريطاني يظهر المطالبة باقامة النظام الفيدرالي في العراق وتأسيس الدولة الاتحادية وان بنود الوثيقة من ( 11 ـ 21 ) تمثل رؤية لاقامة اقليم الجنوب الذي نحن بصدد المطالبة بتشكيله .

اذا من خلال المسار التاريخي للجنوب نرى انه يتميز بتاريخ خاص به يجعل مطلب اقليم الجنوب في سياق تاريخي طبيعي وليس بدعه او انفصال او تقليد او رغبة بقدر ما هو واقع تاريخي يفرض نفسه باستمرار .

 

 

ثانياً: الطبيعة الجغرافية والثروة الاقتصادية

الجنوب رأس الشاقول في السهل الرسوبي ويحتفظ بخصائص خاصة تعكس صورة متجانسة متميزة في طبيعته حيث تنتهي اكبر عملية تفريغ لنهري دجلة والفرات الى انهار عديدة مكونة طبيعية زراعية واروائية حتى تصب في منخفض الاهوار الواسع الذي يمثل عامل مشترك في طبيعة الجنوب وفي الجنوب تجتمع جميع مياه دجلة والفرات بعد تسطحها في الاهوار بشط العرب .

ويبين اخر عملية تفرع لنهري دجلة والفرات الى ألتقاء جميع مياهما في شط العرب تمثل طبيعة متجانسة حيث الاهوار المشتركة التي تمثل غابة واسعة جداً متكونة من نباتات القصب والبردي ومستنقع مائي واسع يحتضن طبيعة جميلة يعيش فيها اصناف الحيوانات الوحشية وانواع الطيور المهاجرة والمستقرة والعديد من اجود أصناف الأسماك التي كانت تغطي حاجة العراق وبعض الدول المجاورة وعاش بين اكناف هذه الطبيعة الانسان منذ امد بعيد فكيف نفسه معها مستفيد من خيراتها حتى اصبحت تعكس وجه الجنوب المشترك في طبيعته وحياة الانسان فيه وتكيفه بها . وعلى ضفاف الانهار والاهوار تنتشر زراعة النخيل والرز حيث ان المنطقة الجنوبية تزود العراق والعالم بالتمور الذي تكثر زراعته في البصرة والمنطقة الجنوبية كما ان زراعة الشلب المنتشرة على ضفاف الاهوار وبزايز الانهار كان تمثل الصورة الخضراء المتصلة بخضرة الاهوار تتوسم طبيعة الجنوب الجميلة التي بحاجة ان تستمر الحياة في المطالبة بتخصيص نسبة محددة من المياه التي تسد حاجة الجنوب والاهوار لتحافظ على صورتها والحياة فيها كما ان الجنوب يحتوي على اكثر من 70% من احتياط نفط العراق ويعتبر المصدر الرئيسي في انتاج النفط واستخراجه وتصديره الجنوب النافذة الوحيدة التي يطل بها العراق على البحر فالبصرة الميناء الوحيد للتصدير والاستيراد كل هذه المقومات الاقتصادية والجغرافية المشتركة في الجنوب تمثل عناصر قوة وانسجام لظهور إقليم عراقي يتمتع بمقومات حقيقية للقيام والنهوض وعامل قوة للبناء والانسجام مع العراق الكبير

ثالثا: الطبيعة السكانية والصبغة الثقافية

يتصف الجنوب بطبيعة سكانية متجانسة ومتماسكة وصبغة ثقافية واحدة تجعله حالة منسجمة تعبر عن هوية واحدة فالجنوب يرتكز في ثقافة وتكوينه الاجتماعي على القبيلة ( العشائرية ) والدين مذهب اهل البيت واقليات        ( سنة صابئة ومسيح ) والتفاعل مع الافكار والاحزاب السياسية والثقافية القديمة والجديدة .

القبيلة ( العشائرية ) : وما تختزله من عملية تكوين اجتماعي من العائلة الى البيت ثم الفخذ والعشيرة والقبيلة والحلف وتتصاعد حالة الولاء والتآزر من العائلة الى الحلف وتكون عادة قائمة على العرف وتقاليد وسناين وقوانين صارمة فالجنوب كان عبارة عن عدة احلاف اساسية كالمنتفق الذي كان يغطي الناصرية والبصرة وغرب العمارة وبني لام شمال العمارة والبومحمد جنوب العمارة وهناك احلاف في الناصرية كبني خيكان وبني اسد وفي البصرة لواء الجزائر وكان بين هذه الاحلاف تعاون وعلاقات ود واحترام وانسجام وهموم مشتركة في كثير من  مراحل تاريخ العراق حتى انعكست على طبيعة التكون السكاني في التداخل بين عشائر الجنوب حيث لم تجد عشيرة مالم تتصل بالاخرى بنوع من العلاقة والجوار والاحترام .

اما الدين فان اكثرية ابناء الجنوب هم من الشيعة الاثنى عشرية مرتبطون بالمؤسسة الدينية يمدونها بشخصيات وعوائل علمية بقت ترتبط بالجنوب بشكل من الإشكال في كثر من الأوقات ويمارسون الشعائر الدينية الشيعية بحماس كالشعائر الحسينية والاحتفالات الدينية مما جعل لديهم ثقافة دينية متقاربة ومنسجمة ونتيجة مرونة التشيع وقدرته على التعايش واريحية بالاحترام عاشت الاقليات كالسنة والصابئة والمسيح بامان وانسجام حتى تكاد لم تميزهم في اهتماماتهم ومسيرتهم .

كما تميز مثقفو الجنوب بانفتاحهم على الثقافات السياسية والفكرية حتى أصبح الكثير منهم يعد من الطبقات العليا فيه بل من المبدعين في مجال الفكر والأدب والحضور السياسي والتقاء الحياة القبلية والتشيع والانفتاح على الحياة الجديدة صار الجنوب يتميز بخصائص ثقافية واجتماعية متجانسة ومنسجمة تعكس هوية واحدة بحاجة لتطويرها وحمايتها .


 

رابعاً : المشتركات في الآلام والآمال

ان اهم المشتركات والمقومات الأساسية لتلاحم أبناء الجنوب في التأمل بأفاق واسعة وطموحه هي ما تعرض له الجنوب بالخصوص من دمار شامل واضطهاد دائم من قبل الحكومة المركزية والعنصرية الطائفية فقد كان الخضرة والنضارة والجمال والحياة تنبض به كل بقعة وقرية منه لكن الحقد الطائفي حولها الى صحراء فقد عمد إلى تجفيف الاهوار وترحيل أكثر من مليون نسمة سكان الاهوار ليهاجروا الى الدول المجاورة وثم الى أوربا وامريكا واستراليا وهم في الغربة والبعد وتدفق الوعي وتراكم المحنة أصبحوا يطالبون برفع الحيف والظلم واعادة الحياة للاهوار كما ان من بقي في العراق يحلم في عودة الحياة الزاهرة الجميلة من جديد .

اما دمار البصرة فقد كانت غابات النخيل التي تعرف البصرة بها أصبحت جذوع خاوية وحل الدمار بها فلم يبق الا الإطلال والأسماء التي كانت في يوم من الايام لها معاني الحياة والجمال فقد اختفى نخيل القرنة النشوة وابي الخصيب والصالحية والفاو وتعطل ميناء البصرة عن الاستيراد والتصدير واختفت مزارع الشلب في الناصرية والعمارة ومات الثروة الحيوانية من الجاموس والاسماك والطيور واختفت قطعان الغنم والبقرة التي كانت تجوب مزارع ومراعي الجنوب.

هذه الثروة المدمرة في الجنوب التي يتمنى أبناء الجنوب أحياءها من خلال تشكيل إقليم الجنوب مع وعيهم ان هذا الإقليم يحمل مقومات اقتصادية وطاقات بشرية باستطاعتها ان تعيد الحياة للجنوب وتبني الإقليم كالثروة النفطية والأراضي الخصبة واعادة تشغيل المصانع المعطلة وبناء ميناء البصرة وام قصر .

اما الإنسان في الجنوب المعذب حيث كان ابناء الجنوب وقود معارك النظام يزج بهم في الحروب تلو الاخر ليكون نصيبهم الموت والقتل والأسر وكما شهد الجنوب اكبر حملة تصفية جسدية فقد كانت قوانين الاعدام التي تصدر من النظام المقبور يعني تنفيذها وتطبيقها اولاً على ابناء الجنوب ونتيجة التمييز العنصري الطائفي والابادة والقتل والحرمان هب أبناء الجنوب لإعلان الثورة الشعبانية ليجنوا المقابر الجماعية وفرق الإعدام في الرضوانية وابي غريب والشعبة الخامسة وبعد ظهور المرجعية الدينية بقيادة الشهيد الصدر الثاني كان نصيب ابناء الجنوب لتشيعهم والتزامهم بخط اهل البيت القتل والتدمير وهدم البيوت والهجرة المليونية و... الخ .

وظل ابناء الجنوب يختزل في ذاكرته تلك الالام والمحن والحرمان والعذاب فكانت تلك المسيرة المضرجة بالدماء والخراب حافزاً قوياً ليجتمع ابناء الجنوب في بلورة اطار مشترك يرسم افاق وامال للابناء والأحفاد في الاحتفاظ بالخوصيات التي يشترك فيها ويستفيدوا من خصائص العراق الجديد الذي يرتكز على مبادئ الديمقراطية والتعددية والحوار واحترام الاخر والفيدرالية التي أصبحت واقعاً سياسياً ناضرين اليها نظرة ايجابية يمكن من خلالها تعويض سنين الحرمان .

إذا لجنوب خصائص تاريخية وطبيعية جغرافية وحياة اجتماعية وصبغة ثقافية وهموم ولألام وأمال مشتركة وثروة طبيعية وطاقات بشرية تعتبر عناصر قوة وانسجام تولد مبادرة وعمل واندفاع لتشكيل إقليم الجنوب .


 

 

الخاتمة

طفنا معاً في اعطاء صورة واضحة لتاريخ الواقع العراقي المتنوع والمتعدد وغياب المشروع الوطني الذي تجتمع عليه جميع اطياف المجتمع وفشل المشروع القومي العنصري في تكوين مجتمع عراقي منسجم وظهور ازمة العنصرية والطائفية والدكتاتورية والمركزية التي تركت العراق جسماً ممزقاً حتى حلت الكارثة في العراق وبعد ان تنامت عملية الرفض وما رافقها وعياً صادقاً في فهم الواقع وتداعياته وازماته حتى تبلور مشروعاً وطنياً عراقياً يحترم الجميع جاعلاً مبادئ التعددية والديمقراطية والفيدرالية المرتكزات الاساسية للنهوض بالعراق .

وقد اجبنا لماذا الفيدرالية في العراق لانها النظام الامثل الذي تختفي فيه كل صور الصراع وتلتقي بقواسم مشتركة وتوفر الحفاظ على هوية العراق المتعددة وعلى الهوية المحلية لكل طيف من اطيافه وتحد من ظهور التقسيم والانفصال والدكتاتورية وتوفر اجواء النمو والتطور والعمران لكل انحاء العراق .


 

ملحق

( من مسودة الدستور العراقي حول الفيدرالية في العراق )

الباب الرابع
اختصاصات السلطات الاتحادية

المادة(107) :

تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي .

المادة(108 ):

تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الاتية :

اولا: رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية .

ثانيا: وضع سياسة الامن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك انشاء قوات مسلحة وادارتها لتأمين حماية وضمان امن حدود العراق، والدفاع عنه .

ثالثا : رسم السياسة المالية والكمركية واصدار العملة وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق ووضع الميزانية العامة للدولة ورسم السياسة النقدية وانشاء بنك مركزي وادارته .

رابعا: تنظيم امور المقاييس والمكاييل والاوزان .

خامسا: تنظيم امور الجنسية والتجنس والاقامة وحق اللجوء السياسي .

سادسا: تنظيم سياسة الترددات البثية والبريد .

سابعا: وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية .

ثامنا: تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق وضمان مناسيب تدفق المياه الى العراق، على وفق القوانين والاعراف الدولية.

تاسعا: الاحصاء والتعداد العام للسكان .

المادة(109) :
النفط والغاز هما ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات

المادة(110 ):

اولا: تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة لفترة محددة للاقاليم المتضررة والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق والتي تضررت بعد ذلك بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد وينظم ذلك بقانون .

ثانيا: تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز بما يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار .

 

المادة(111 ) :

تكون الاختصاصات الاتية مشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم :

اولا: ادارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وينظم ذلك بقانون .

ثانيا: تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسة وتوزيعها .

ثالثا: رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم.

رابعا : رسم سياسات التنمية والتخطيط العام .

خامسا: رسم السياسة الصحية العامة بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم .

سادسا: رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم.

سابعاً : رسم سياسة الموارد المائية الرئيسية وتنظيمها بما يضمن توزيع عادل، وينظم ذلك بقانون.

المادة(112) :
كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية تكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الأولوية فيها لقانون الاقليم  في حالة الخلاف بينهما.

الباب الخامس
سلـطـات الاقاليــم
الفصل الأول

) الأقاليم  (

المادة(113 ) :

يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة واقاليم ومحافظات لامركزية وادارات محلية .

المادة (114) :

اولاً: يقر هذا الدستور عند نفاذه اقليم كردستان، وسلطاته القائمة اقليماً اتحادياً.

ثانياً: يقر هذا الدستور الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لاحكامه.
المادة (115) :

يسن مجلس النواب في مدة لا تتجاوز ستة اشهر من تاريخ اول جلسة له، قانوناً يحدد الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم بالأغلبية البسيطة.
المادة (116 ) :

يحق لكل محافظة او اكثر تكوين اقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بأحدى طريقيتين:

اولاً: طلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.

الثاني: طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.

المادة (117) :

يقوم الإقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ان لا يتعارض مع هذا الدستور.
المادة(118):

اولاً: لسلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقا لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية.

ثانياً: يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسألةٍ لاتدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.

ثالثاً: تخصص للاقاليم والمحافظات حصة عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.

رابعاً: تؤسس مكاتب للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية.

خامساً: تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم، وبوجه خاص انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للإقليم كالشرطة والامن وحرس الاقليم.

الفصل الثاني
( المحافظات التي لم تنتظم في إقليم  )

المادة (119)::

اولاً:- تتكون المحافظات من عدد من الاقضية والنواحي والقرى.

ثانياً:- تمنح المحافظات التي لم تنتظم في اقليم الصلاحيات الادارية والمالية الواسعة، بما يمكنها من ادارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الادارية، وينظم ذلك بقانون.

ثالثاً:- يُعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظة، الرئيس التنفيذي الاعلى في المحافظة، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس.

رابعاً:- ينظم بقانون، انتخاب مجلس المحافظة، والمحافظ، وصلاحياتهما.
خامساً:- لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة او أشراف أية وزارة او أية جهة غير مرتبطة بوزارة، وله مالية مستقلة.

المادة (120 ) :
يجوز تفويض سلطات الحكومة الاتحادية للمحافظات او بالعكس، بموافقة الطرفين وينظم ذلك بقانون.

الفصل الثالث
العحاصمة

المادة (121):

بغداد بحدودها البلدية عاصمة جمهورية العراق،وتمثل بحدودها الإدارية محافظة بغداد،وينظم وضع العاصمة بقانون ولا يجوز للعاصمة ان  تنضم لإقليم.

الفصل الرابع
الإدارات المحلية

المادة (122) :

يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان،والكلدان والآشوريين،وسائر المكونات الأخرى،وينظم ذلك بقانون.


 

[1] ) التعددية في العراق واثرها في كتابة الدستور واقراره : حسين جلوب الساعدي

[2]) اللامركزية ومسألة تطبيقها في لبنان: 201 خالد قبان.

[3] ) الفيدرالية وامكانية تطبيقها في العراق : 237 د. محمد عمر مولود

 

[5] ) تاريخ العراق بين احتلالين : 7/167 ـ 171 المحامي عباس العزاوي

[6]) راجع كتاب ادارة العراق ( الاسر الحاكمة ورجال الادارة والقضاء في العراق في القرون المتأخرة ) الدكتور عماد عبد السلام رؤوف .

[7] ) العلاقات السياسية بين العراق وبريطانيا 1922 ـ 1932 ص95ـ100 احمد رفيق البرقاوي

[8]) يقضة الكرد تاريخ سياسي 1900 ـ 1925 : 217 جرجيس فتح الله

[9]) الفدرالية لكل العراق: 39 عادل عبد الرحيم اصدار حركة الدعوة الاسلامية

[10] ) تاريخ الوزارات العراقية : 1/102 ـ 105

 

الصفحة 1 من 2