بحضور عدد من الشخصيات الاسلامية والثقافية وأعضاء الحكومة المحلية في محافظة ميسان ومدراء الدوائر والكوادر التدريسية لكلية أصول الدين الجامعة وملاك اعدادية الهدى الإسلامية أقامت مؤسسة الهدى حفلها التأبيني السنوي بالذكرى الثامنة لرحيل العلامة مرتضى العسكري (قدس)،حيث ألقيت خلال الحفل كلمات تضمنت السيرة العطرة لحياة السيد العسكري ومشاريعه وعطائه للاسلام الذي استمر طيلة حياته وهو صاحب المقولة الشهيرة ( جبهتي مكتوب عليها وقف للاسلام ) وهو صاحب المشاريع الكبرى وكان رجل المرحلة .
وجاء في كلمة الدكتور خالد صدام الزبيدي : كان السيد العسكري مالك الساحة عالم حركي رسالي مؤسساتي كان رائداً للحركة الإسلامية وقائداً لحزب الدعوة الإسلامية فكان بحق شيخ المجاهدين وسيد المدافعين عن الإسلام وقف على منصة الأستاذية بلا منازع يعلم الدنيا بالفكر الإسلامي والتاريخ والفقة الإسلامي كتب عشرات الكتب والدراسات في سبيل الإسلام كان عالماً في بغداد وسامراء والنجف وقم، ويضيف الزبيدي لاندري من أين نلج إلى هذا العالم الفسيح الفذ ،في رحيله ثلم الإسلام ثلمه لم تسد إلى هذه اللحظة .
الدكتور عبد الحسين طاهر :وفي بحثه الموسوم ( معالم المنهج العلمي في كتابة التاريخ عند السيد مرتضى العسكري ) تجدث قائلاً : في الإسلام صفحات كثيرة طوّيت ولم يتم الكشف عنها وإلقاء الضوء على مكامنها وثمة صفحات أخرى شوّهت تشويهاً متعمداً وحرّفت مضامينها ومن أكثر هذه الصفحات التي شوّهت وتعرضت للتحريف والتسويف تاريخ التشيع وبخاصة ما يتعلق بأتباع أهل البيت وبالأخص أتباع علي بن أبي طالب عليه السلام ،وعلى رأس هؤلاء جيل أسمه الوضاعون وأكبر هؤلاء الواضعين تقف شخصية عجيبة هذا أسمه (سيف بن عمر التميمي) هذا الرجل الوضاع الذي مات في القرن الثاني الهجري كتب كتابين خطيرين هما كتاب (الفتوح والردّة) والكتاب الآخر (الجمل ومسير عائشة وعلي) أودع في هذين الكتابين كل ما أراد من تخريف وتشويه إذ نسب كثير من الحكايات والإخبار والروايات إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأتباعه ظلما ً وزورا جاء من بعده المؤرخون ونهلوا من هذين الكتابين، ويضيف في معرض قوله كثير من المؤرخين لايصدقون المضامين ولكن تكون ردودهم خجولة ولم يتصدى أحد في هذه السنين الطويلة إلى أن جاء الباحث الكبير السيد مرتضى العسكري منظراً في بطون التاريخ معتمداً على مرجعيته الفكرية وقراءاته الواسعة وبدأ يحاكم هذه الروايات روايةً رواية بمنهج علمي يعتمد قراءات عميقة وموازنات مستفيضة يحاكم هذه الروايات وما كتبه سيف وما معتمد عليه الطبري وأبن كثير وأبن عساكر ومن على شاكلتهم وأبرز معالم منهجه الفكري الأول هو الموضوعية التامة التي لا موضوعية بعدها دون أن يتأثر بمذهب أو شخصية . والثاني التدقيق والتمحيص وعندما تقرأ كتبه المشهورة عبدا لله أبن سبأ فأن سيف لم يكتف بذكر الروايات والأخبار الكاذبة ونسبها إلى أهل البيت وانما أختلق شخصيات على اساس انهم اصحاب الرسول والرسول لا يعرفهم أصلاً، من هؤلاء ذكر شخصية سعير وحميضة يقول أنهم من أصحاب رسول الله (ص) وسمع أمير المؤمنين وقال عن شخصية أخرى أختلقها سيف , وأثبت الباحث الكبير السيد مرتضى العسكري انها شخصيات وهمية مختلقة وهي محض خيال سيف أبن عمر التميمي الموجه من قبل الأمويين . ويضيف طاهر كتابه الأول عبد الله بن سبأ بطل أسطورة أختلقها سيف أيضا ً وأسس لها الحكايات وكل الذين يعتمدون على ما نسب إلى الشيعة من أكاذيب يعودون إلى عبدا لله بن سبأ والكتاب كبير ويذهل الباحث أو القارئ يجد في صفحة واحدة السيد العسكري يعود إلى عشرات المصادر في صفحة واحدة أكثر من عشرين مصدر بصفحاتها وأجزائها المختلفة، أذن ما هذا الذكاء وما هذا التوفيق الذي وفّق اليه السيد العسكري رحمة الله تعالى عليه .
وكانت الخاتمة كلمة الشيخ حسين جلوب الساعدي رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الإستراتيجية والراعي للحفل واحد تلاميذه البارزين والذي دأب على احياء ذكراه السنوية والذي القى فيها الضوء على مشاريع السيد مرتضى العسكري وجاء في حديثه قائلاً : السيد العسكري مدرسة متعددة الجوانب له عطائات عديدة في أكثر من مجال وفي كل مجال من المجالات التي خضناها كان نافعاً وكان موفقا ً وكانت رعاية الله سبحانه وتعالى وتوفيقه تحيط بأعماله ومبادراته نحن في كل سنة نحيي الذكرى السنوية لرحيله ونتناول جانباً من جوانب شخصية السيد العسكري سواء كان جانباً علمياً أو بعض القضايا التي تناولها الشيخ الساعدي قائلاً : اليوم أريد ان أتحدّث بشكل مقتضب عن السيد العسكري شخصية المشاريع كان السيد دائما ً مبادراً لتأسيس المشاريع وأي مشاريع ضخمة ترك أثرها بالأمة مشاريع لها امتداد بالعالم الإسلامي وفي فكرنا وحياتنا أولى هذه المشاريع هو يحدثنا يقول كنت عام 1941 (عمر السيد عند وفاته 2007 تجاوز 100 عام لأن هو ولادته 1906 ) كنت أدرس في قم المقدسة ودرست مناهج التدريس في العالم الإسلامي في العراق فوجدت أنه لكل وزارات المعارف في ذلك الوقت مستشار في العراق بريطاني وفي سوريا فرنسي وإيران فرنسي وغيره ولاحظت أن هذه المدارس والجامعات تعمل لاعداد موظفين أسميهما معامل تفريخ الموظفين ورجعت إلى العراق ورأيت ان ابدأ باصلاح التعليم لأن المشكلة هي مشكلة التعليم وهذا التعليم الجديد فيه انحلال، ويقول كتبت كتاب سميته (الامراض الاجتماعية وعلاجاتها) وسألت من يعينني على هذا الموضوع فدلوني على الدكتور أحمد أمين صاحب (التكامل في الاسلام) وأعطيته الكتاب وبعد ذلك أسسنا مدرسة الامام الكاظم(ع) ومن طلاب هذه المدرسة السيد محمد باقر الصدر والشهيد محمد هادي السبيتي والمرجع الشيخ شمس الواعظين وبعد ذلك اسس مدرسة الإمام الجواد في الكرادة ومدرسة الامام موسى ابن جعفر(ع) في بغداد الجديدة ومدرسة الامام الصادق(ع) في البصرة ومدرسة الامام الحسن(ع) في الديوانية ومدرسة الأمام الباقر(ع) في الحلة ومدرسة أهل البيت في النعمانية ومن ثم أسس كلية أصول الدين والتي خرّجت الكثير من القيادات الإسلامية الان في الساحة كلهم من خريجي كلية أصول الدين ومن أساتذتها السيد محمد باقر الحكيم والسيد مهدي الحكيم والشهيد عارف البصري وغيرهم من هذه الأسماء اللامعة .
ثم يذكر رواية أخرى يقول في يوم من الأيام أنا في شهر رمضان وكنت أمشي وجدت في زقاق من أزقة الكاظمية فالتقى معي شخصية أعرفه من عائلة دينية محترمة وأنا لم اعرف عنه أي شيء سيء الا انه نقل لي انه منتمي إلى الحزب الشيوعي يقول سألته وقلت له ماذا دين أبائك وأجدادك حتى أصبحت ملحد وأصبحت شيوعيا ً قال سيدنا أستغفر الله أنا صائم أنا لست شيوعي لكن أنا رأيت الحياة تحتاج لنظام حكم وأخذت أبحث أفضل نظام للحكم موجود فدرست الرأسمالية ودرست الشيوعية فاستنتجت ان الشيوعية أقرب للإنسانية من الرأسمالية وأنا تبنيته كنظام حكم، قلت له والاسلام قال الإسلام لايوجد فيه نظام حكم ولا يوجد فيه دولة يقول السيد العسكري قلت له نعم فيه دولة قال فأنتم علمائنا لم تقولوا لنا في الاسلام يوجد نظام حكم وتوجد دولة يقول بهذه الإثناء أنا أخذت أفكر كيف ننشأ حزب أسلامي يدعو الناس الى الاسلام ويعرف نظام الحكم الإسلامي ويرد على الشبهات التي كانت مثارة في ذلك الوقت وفي هذه الأيام وإذا جائتني رسالة يحملها السيد مهدي الحكيم والرسالة عبارة عن سطر واحد جاء فيها بسم الله الرحمن الرحيم السيد مهدي الحكيم يحمل أمراً هاماً جدا ًوهو يحدثك والسلام يقول فبدأ السيد الحكيم بالحديث بهذا الموضوع قال نحن ننوي تأسيس حزب أسلامي والسيد محمد باقر الصدر قال اذا قبل السيد مرتضى العسكري فاننا نتمكن من عمل شيء يقول أنا كنت أنتظر هذا العرض فبدئنا بتأسيس الدعوة الإسلامية والتي هي بالحقيقة مدرسة متكاملة في عالم الفكر والعطاء والتنظيم والعمل والتخطيط امتدت آثارها في العالم الإسلامي وخصوصا ً العالم الشيعي بأكمله ،فكان هذا مشروع من مشاريع السيد العسكري، يقول في ذلك الوقت بدأت مرجعية السيد الحكيم تأخذ أثرها واحتجنا إلى واجهات نتواصل بها مع الحكومة يقول فبادرنا وأسسنا جماعة العلماء في بغداد والكاظمية التي اخذت على عاتقها ايصال رأي المرجعية للحكومة ايام حكم العارفي وبعد هجرته الى ايران قام بتأسيس العديد من المشاريع كان ابرزها المجمع العلمي الاسلامي الذي قام بمهمة اصلاح المناهج الدراسية في العلوم الإسلامية واللغة العربية في الجامعات والحوزة العلمية واصبحت تلك المناهج تدرس لهذا اليوم ، ثم تأسيس كلية اصول الدين الجامعة في طهران وقم المقدسة ودزفول وساوة وكانت كل مشاريع العلامة العسكري ذات اثر وامتداد وحضور في وعي الامة والتفاعل معها. رحم الله العلامة العسكري ورحم الله الشهداء من اصحابه