بعد سقوط النظام البعثي الشمولي في نيسان 2003 استأنفت الحياة الحزبية وشهدت الساحة السياسية في العراق فورة سياسية تنافس فيها أحزاب وحركات سياسية وشخصيات عديدة وتشكلت أحزاب وتحالفات سياسية مختلفة وتعد هذه الفورة وهذا التنافس هو ناتج عن ردة فعل نتيجة لعقود طويلة عاشها الشعب العراقي في ظل نظام دكتاتوري وحكم الحزب الواحد الذي منع التعددية الحزبية وأقصى وهجر وأعدم قيادات كل القوى الوطنية التي كانت تطمح بالعمل السياسي . ومع قرب الانتخابات هناك تكهنات عديدة حول شكل الأحزاب والحركات التي تخوض غمار الانتخابات القادمة وشكل القانون الانتخابي الذي يحتكم فيه المشتركون في تلك الانتخابات ولغرض تسليط الضوء على هذا الموضوع المهم عقدت ندوة سياسية حوارية في مؤسسة الهدى للدراسات الإستراتيجية تكونت من محورين المحور الأول بعنوان               ( قراءة في التحالفات السياسية العراقية في الانتخابات القادمة ) والمحور الثاني ( قراءة في قانون الانتخابات القادمة وفق المقترح المقدم من رئاسة الجمهورية ) . وادار الندوة الإعلامي جمعه المالكي عضو الهيئة الأدارية في المؤسسة . 

 وقدم الأستاذ حسين جلوب الساعدي رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الإستراتيجية دراسة في المحور الأول : بدئها بالقول بأن الخارطة السياسية تتشكل بمخاض ولا تتشكل بقرار لأن المخاض تشترك فيه عوامل متعددة وأساسية ومهمة تساهم في تكوين الخارطة السياسية وأوجز تلك العوامل بعدة نقاط وهي طبيعة تكوين المجتمع العراقي موضحا ً تنوع الشعب العراقي من عدت نواحي منها التنوع العرقي والديني والمذهبي مؤكدا ً على أن هذا التنوع أنعكس بشكل مؤثر على طبيعة العمل السياسي في العراق وأن هذا الأمر ليس بقرار بريمر كما توهم البعض وأعتبر بأن بريمر هو من أدخل هذا التصنيف السياسي أو مجلس الحكم هو من أوجد هذا التصنيف السياسي وإنما هو مخاض ناتج من تاريخ الصراعات الصفوية والعثمانية على حد تعبير الساعدي . ويضيف عوامل أخرى منها العامل الديني , والعامل القومي وطبيعة النظام وقدم الساعدي قراءة وافية في طبيعة الساحة السياسية وطبيعة العمل فيها ويضيف عامل أخر وهو التأثير الدولي والإقليمي معتبرا ً بأن هذا العامل يعد من العوامل المؤثرة ومؤكدا ً بأن هذا العامل يلعب دورا ً مهماً في الحياة السياسية العراقية والعامل الأخير هو قانون الانتخابات وما ترفع من شعارات مثل تمكين الأحزاب الصغيرة على حساب الأحزاب الكبيرة وهل التحالف قبل الانتخابات أو بعد الانتخابات كل هذه عوامل تؤثر على رسم السياسة في العراق وفي نهاية حديثة أعرب الساعدي عن تفائله في مستقبل العملية السياسية . 
 وفي المحور الثاني قدم الدكتور حسين عبد الحسن مويح أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميسان دراسة جاء فيها قراءة لمقترح رئاسة الجمهورية المتعلق بقانون مجلس النواب العراقي في الانتخابات القادمة مذكرا ً في بداية حديثة بأنه في كل العالم لايوجد نظام أنتخابي مثالي صالح للجميع لأن لكل نظام مزايا وعيوب ومؤكدا ً على أن المعايير لها دور بارز في أنتاج وأقرار نوع النظام الأنتخابي . وأستكمل حديثة بأن النظام الانتخابي أعتمد على التمثيل النسبي الذي أعتمد على القوائم واما الآن رئاسة الجمهورية العراقية قدمت مقترحا ً والكثير من فقرات هذا النظام مستوحات من القانون القديم قانون انتخاب مجلس النواب العراقي 2014 ولكن الأشياء الجديدة في هذا القانون عدلت عن القانون القديم منها أعتماد عمر المرشح هنا وحسب المقترح يسمح للأعمار من خمسة وعشرون عاما ً فما فوق فيما كان في السابق ثلاثون عاما ً وكذلك اعتماد الشهادة الجامعية بدلا ً من شهادة الإعدادية وتوزيع المقاعد على نفس نظام ( السانت ليكو ) ولكن في هذه المرة يتم التقسيم على واحد وخمسة بالعشرة بدلاً من واحد وستة بالعشرة وكذلك أضيفت بعض التعديلات فيما يؤكد مويح على أن الأهم في هذا القانون هو نوع النظام الأنتخابي المختلط وقدم الباحث شرحا ً مفصلا ً عن هذا النظام . وحضر الندوة عدد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية ونشطاء وقنوات فضائية ومندوبي الصحف وشارك الحضور بطرح الأسئلة والتعقيب وأبداء الملاحظات حول الندوة وجرى حوار في المحور الأول حول طبيعة التحالفات السياسية وما هو المتوقع وهل ستكون هناك حكومة أغلبية تشكلها بعض الكتل السياسية أو تكون كتلة عابرة للطائفية تشمل جميع مكونات الشعب العراقي لتكون هي المسؤولة على تشكيل الحكومة وأدارة الدولة وكذلك تم تناول ومناقشة المحور الثاني والتطرق الى أنواع الأنظمة الانتخابية وتجارب الشعوب في هذا المضمار . 

 وأختتمت الندوة بارتياح والشكر من قبل الحضور الى مؤسسة الهدى للدراسات الإستراتيجية على تبنيها دراسة ومناقشة المواضيع ذات الأهمية والصلة بالجمهور