أقامت مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية وضمن برنامجها ألأسبوعي ندوة حوارية بعنوان ( أزمة المياه في العراق ) استضافت فيها الأستاذ عدنان حنين الساعدي مدير الموارد المائية في محافظة ميسان والباحث الدكتور محمد سلمان محمود أستاذ القانون الدولي في كلية القانون جامعة ميسان وأدار الندوة الدكتور حسن رشك غياض حيث تحدث عن وضع الماء في العراق وفي المنطقة الإقليمية يتأثر بعدة عوامل ومن اهم هذه العوامل العامل الإقليمي فكل دولة تحاول الحرص على مياهها والعامل الأخر هو الظواهر الجوية المتمثل بقلة تساقط الأمطار والثلوج والعامل الثالث هو عدم تفعيل اتفاقات دولية بين العراق ودول المنبع والمتشاطئة كل هذه العوامل أدت الى قلة المياه والتي تحولت الى أزمة حقيقية يعاني منها العراق في جميع ما نطقه .
وللوقوف على هذه الأزمة ومناقشة أسبابها ووضع التوصيات اللازمة لإيجاد الحلول المناسبة. وجاء في العرض الذي قدمه عدنان الساعدي عن وضع المياه في العراق والمنطقة بالقول أن أزمة المياه بالخصوص في نهر دجلة أزمة حقيقية معتبرا ً أن الأزمة المائية بدأت منذ عام 1985 عندما طرحت تركيا مشروع ( الغاب ) معتبرين بأن دجلة والفرات يجفان بالكامل في عام 2030 لوجود مبدأ أو تصور لديهم بعد هذا التاريخ يتم توزيع المياه عن طريق الأنابيب أو نظرية الاستهلاك اليومي بمعنى الدولة تطرح احتياجاتها للمياه . وأنشأت عدد من السدود بسبعينيات القرن الماضي وكل هذه السدود التي نسمع عنها أنشأت على نهر الفرات عددها أثنان وعشرون سد أما نهر دجلة هو سد واحد وهو سد ( أليسو ) الذي بدأوا أنشأه سنة 2006 وأكتمل عام 2017 يقع هذا السد شمال الحدود العراقية التركية بحوالي 90 كم الطاقة الخزنية بحدود أحدى عشر مليار متر مكعب والمدة اللازمة لأملائه بحدود سنة أو أكثر من سنة .
بعد لك تحول الساعدي الى الحالة التي يمر بها نهر دجلة بالوقت الحاضر واصفها بأنها حالة قاسية من الجفاف ولم يمر العراق بحالة من الجفاف مثل الحالة الحالية التي رافقها قلة تساقط الأمطار . معتبرا ً الحصة المائية التي تصل ميسان هي حصة قليلة ولكنها قد تكفي وبسبب التجاوزات الكثيرة أدت الى أزمة فعلية في المحافظة ذاكرا ً عدد من الأسباب منها السقي بالطرق القديمة وبحيرات الأسماك والطيور وإغراق الأراضي الغير الشرعي لغرض بيعها وقد تم تشكيل غرفة عمليات في المحافظة لمعالجة الأزمة منها السيطرة على التيار الكهربائي المغذي للمضخات الزراعية والتناوب بين المناطق الشمالية والجنوبية في كميات المياه في المحافظة . وطرح الساعدي مجموعة من البدائل عن المياه السطحية في نهر دجلة لأن النهر اذا استمر في هذا الحال قلة المياه والتجاوز عليها وظاهرة أخرى تلوث المياه في النهر بسبب مياه الصرف الصحي الغير معالجة بشكل كامل وكثرة النفايات الملقاة في الأنهر المتفرعة من نهر دجلة .
اللجوء الى استعمال الطرق الحديثة للري للحد من التبذير بالمياه , الاستفادة من المياه الجوفية توجد في المنطقة الشرقية من العراق مكامن غنية في المياه وقريبة من السطح ضاربا ً مثل في منطقة الطيب ومنطقة الفكة ومنطقة النخيب في محافظة كربلاء هذه ممكن استغلالها والاستفادة منها . وأشار الساعدي في طرحه الى عدد من الدراسات التي من شأنها تساهم في تجاوز أزمة المياه والحد منها مطالبا ً بتشريع القوانين وتطبيقها التي تساهم بالحفاظ على كميات المياه والحفاظ عليها من التلوث معتبراً التوعية الجماهيرية في مجال التلوث والتبذير في المياه من أهم العوامل .
وقدم الباحث الدكتور محمد سلمان محمود بحثاً حول قانون الأنهار وأعتبر في بداية حديثه أن الأنهار لها مفهومين المفهوم الأول يطلق عليه أسم النهر الوطني وهو النهر الذي يكون من منبعه الى مجراه الى مصبه يكون خاضع تحت دولة واحدة وهو يخضع للقوانين الداخلية للدولة مثل نهر التايمز في بريطانيا ونهر السين في فرسنا وغيرها من الأنهار أما الأنهار الدولية هي الأنهار التي تجرى في أقليم دولتين أو أكثر قد تصل الى عدد من الدول أو دولتين مثل نهر الدانوب يمر بثمان دول نهر النيل والفرات يمران بثلاث دول , هذه الأنهار الدولية تحتاج تنظيمنا ًقانونيا ً و يعتبر أساس لتنظيم واستغلال الأنهار الدولية , ويؤكد سلمان على قاعدة التنظيم الدولي والذي قسمها الى صفتين فيها صفة الإلزام ويكون الإلزام اذا كانت القواعد أصلية وصفة غير ملزمة اذا كانت مصادر غير أصلية بينما يؤكد سلمان على تنظيم الأنهار بأن أساس تنظيمها هو المعاهدات الدولية وضرب عدد من الأمثال منها المعاهدة المبرمة بين الهند وباكستان حول نهر الهندوس والمعاهدة ما بين العراق وتركيا التي يطلق عليها أسم معاهدة الصداقة وحسن الجوار في سنة 1947 م بخصوص نهري دجلة والفرات هذه المعاهدات الخاصة على حد تعبير سلمان فيما يقول هناك معاهدات عامة شبهوها بالتشريع هذه المعاهدات تلزم أطرافها وغير أطرافها مفسرا ً ذلك بقانون معاهدة البحار سنة 1982م , الاتفاقية الإطارية لاستخدام المجاري المائية لأغراض لغير الملاحية سنة 1997هذه معاهدات شارعه تنظم استغلال المياه ويخلص سلمان بأن هذه المعاهدات سواء كانت ثنائية أو جماعية توجب على جميع الأطراف أن تلتزم بها ولا يخفى على الجميع العرف الدولي والمبادئ العامة للقانون من خلال استخدام مبدأ الانتفاع الأمثل مبدأ القسمة الأمثل العادلة مبدأ الحقوق المكتسبة كلها مبادئ نصت عليها القوانين الدولية ويختم سلمان بحثه بوصف تركيا وسوريا لم تلتزم بالقوانين التي أشاره اليها في بحثه ويقول في حالة حدوث نزاع يجب اللجوء الى المحاكم الدولية .
وحضر الندوة عدد من الباحثين والشخصيات المهتمة في المياه والقوانين الدولية وشاركوا بمداخلات عديدة وطرح التساؤلات بخصوص طرق توزيع المياه والسيطرة عليها في ميسان وحول الاستفادة من المعاهدات والقوانين الدولية لالزام تركيا وايران وسوريا بأطلاق كميات المياه الكافية التي تصل الى العراق عن طريق نهري دجلة والفرات . وفي ختام الندوة قرأ الدكتور حسن رشك التوصيات التي أعدت من قبل المشاركين والتي تم تلخيصها بالتالي : العمل على تحسين وتطوير العلاقة مع تركيا وزيادة الحجم التجاري , أبرام اتفاقيات مع الدول والبلدان مثل الكويت والمملكة العربية السعودية والأردن لمد المياه أليها للضغط على تركيا لزيادة الإطلاقات المائية , زيادة الوعي المجتمعي ليتفهم مشكلة المياه الاقتصاد فيها والحفاظ على الأنهر من التلوث , الاستفادة من المياه الجوفية لأغراض الزراعة لتساهم في ري الأراضي مع المياه السطحية ,زيادة المراقبة والمحاسبة على المتجاوزين على الحصص المائية في داخل المحافظة وخارجها, جعل المياه قيمة وطنية عليا تتصدر الاهتمامات الحكومية , وضع الحلول اللازمة للحفاظ على وصول المياه الكافية الى المحافظات الجنوبية وبالخصوص الواقعة في أسفل النهر , عقد مؤتمر دولي برعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الموارد المائية لمناقشة قضية أزمة المياه في العراق . وشاركت قناة العراقية الفضائية في التغطية وأعداد تقرير خاص بأزمة المياه .وفي نهاية الندوة أشاد جميع الحضور بالدور العلمي والثقافي الذي تنهجه مؤسسة الهدى بتسليطها الضوء على القضايا والمشاكل التي يعاني منها المجتمع .