عندما نتحدث عن العلاقات الأردنية العراقية علينا أن نؤصل للموضوع ونقرأ تاريخ العلاقات بين البلدين الى عصور غائرة في الزمن لكن من الناحية السياسية بدأت العلاقة في عام 1946 عندما أعلن الأمير عبد الله قيام الاتحاد العربي واراد أن يكون هو الملك على العرش في ذلك الزمن , بهذه المقدمة أفتتح الدكتور حسن رشك الندوة الأسبوعية التي أقامتها مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية بعنوان ( قراءة في الاتفاقية العراقية الأردنية ) ليكمل حديثه بالقول جوبه الأمير عبدالله من الساسة العراقيين مجابهة قوية لكون هذا المشروع هو جعل العراق تابعاً للأردن لكن بعد هذا التاريخ بسبعة سنوات سافر الملك فيصل الثاني مع مجموعة كبيرة من الدبلوماسيين العراقيين الى الأردن وجرت محادثات استغرقت ثلاثة ايام أعلن الاتحاد العربي بين العراق والأردن , ويطوف رشك في تاريخ العلاقات الأردنية العراقية وبشكل عام في تاريخ الدولة العراقية الحديثة , ومن النقاط المهمة التي اشار اليها رشك انتهاء التحالف بين العراق والأردن بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 وعلى أثر قتل العائلة المالكة قطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وفي عام 1960 أعيدت العلاقات اثر تدخل بعض البلدان العربية في حين عادت الى الإساءة عام 1963 أثر قيام الأردن بالاعتراف بدولة الكويت حسب قول رشك , وفي عام 1967 بعد أن عمدت اسرائيل الى اجتياح عدد من مناطق البلدان العربية أبان نكسة حزيران وتدخل الجيش العراقي للدفاع عن الأردن والمحافظة عليها , ويتحول رشك الى عام 1973 ويشير الى أنتعاش العلاقات بين البلدين , ويذكر رشك الحرب العراقية الإيرانية ووقوف الأردن الى جانب العراق ( صدام ) في حربه ضد ايران ووصف رشك هذه المرحلة بالانتعاش التام في العلاقة بين العراق والأردن ووصفه بالعصر الذهبي للعلاقة بين البلدين حتى قام العراق بتزويد الأردن مجانا ً بالنفط وتنازل العراق عن 60 كم من الأراضي العراقي لتحديد الحدود بين البلدين وتبين فيما بعد أن هذه الستين كم هي حقل نفطي يسمى (حقل الريشة النفطي ) عندما أجتاح العراق دولة الكويت وقفت الأردن الى الجانب العراقي , فيما يشير رشك الى فتور العلاقة بين البلدين بعد هروب حسين كامل صهر صدام الى الأردن وبعد عودة حسين كامل وقتله من قبل حسن المجيد الملقب بالكيمياوي على حد تعبير رشك أعيدت العلاقات الى سابق عهدها , ويتحول رشك ليشر الى العلاقة بعد سقوط النظام البعثي واعتراف الأردن بمجلس الحكم ضمنيا ً وكذلك يشير الى احتضان الأردن الى مؤتمر المناحين وغيرها من المحطات التي ساهمت على إبقاء العلاقات بين البلدين منها عقد أياد علاوي رئيس وزراء العراق اتفاقيه مشابهه الى الاتفاقية الحالية بين البلدين وبسبب احتضان الأردن الى مجموعة كبيرة من عناصر النظام السابق أساءه الى العلاقات واثناء انعقاد المؤتمر العربي في الجزائر عادة العلاقات وكان في حينها رئيس الوفد العراقي غازي عزيز الياور وتعززت هذه العلاقات زمن الوزارة الأولى لنوري المالكي , وبعد لك قدم الدكتور معن عبود الحسني الأستاذ المساعد في كلية الإدارة والاقتصاد جامعة ميسان ورقة بحثية جاء فيها : والذي اعتبر في بداية حديثه الندوة مهمة جدا ً وبدئها بتوضيح بعض المفاهيم وأعطى صورة أجمالية لقضية مهمة جدا ً ومفصلية اقتصادية سياسية , وأكد الحسني على أن ورقته البحثية تهتم بالجانب الاقتصادي فقط متوخيا ً الموضوعية والحيادية في شرح بنود الاتفاقية وطالب بأن يكون تبني القضايا المهمة على أسس علمية وليس على أسس اعلامية وبعد ذلك قدم الحسني مقدمات الأولى : أن هذه الاتفاقية هي اتفاقية أجمالية وليس اتفاقية تفصيلية وعليه سيكون تقويم هذه الاتفاقية تقييم اجمالي بمعنى لو في المستقبل ظاهرت جيدة في تفاصيلها لا نؤاخذ في هذا التقييم ولو كانت عكس ذلك فأن تحدثنا عنها بشكل أجمالي بمعنى تقيم في وقتها مثل ما جرى في عملية التراخيص النفطية في حينها قلنا أنها جيدة لكن ظهرت فيها سلبيات وهذه تسمى الأمور غير المنظورة , بينما يذكر في النقطة الثانية أن الاتفاقية كانت ضمن سياق تأريخي للعلاقات الاقتصادية ويؤكد الباحث على الاقتصادية مطالبا ً بترك السياسية بين البلدين وهذه الاتفاقية لا يمكن بحال من الأحوال اخراجها من السياق التاريخي , وفي المقدمة الثالثة قول الحسني هي المعيار فعندما أن نريد أن نقيم اتفاقية على أنها جيدة أو غير ذلك يوجد معيار سياسي ومعيار اقتصادي ومعايير اخرى حسب قول الحسني فيما يؤكد على انه يريد أن يتحدث عن المعيار الاقتصادي ويعتبر أن المعاير الاقتصادي فيه أطراف ويطرح تساؤلات هل المعاير الاقتصادي بفائدة العراق وأضرار الأردن أو بفائدة العراق أكثر من الأردن أو ماهي نسبة فائدة العراق من الاتفاقية أو ماهي نسبة عدم فائدة العراق منها ويقول الحسني أعتقد الأردن لا ندخله في التقييم وانما نريد نفهم نحن كعراقيين ماذا سنربح , وعليه يؤكد الباحث على العراق أن يتبنى معيار بغض النظر عن ما تنتفع منه الأردن هو التركيز على مدى منفعة العراق من الاتفاقية والأضرار بالعراق من الاتفاقية معتبر هذا المعيار مهم جدا ً , ويعود الباحث بالإشارة الى خطوتان اتخذتها الأردن في عام 2004 أتجاه العراق اقتصاديا مركزا ً على الجانب الاقتصادي الخطوة الأولى تأسيس مكتب لبعثة البنك الدولي للأنشاء والتعمير في عمان بسبب عدم تمكن البنك الدولي المجيء الى العراق لسوء الأوضاع الأمنية فتبرعت الأردن في هذا الموضوع معتبر هذه الأمر هو تفكير للمدى البعيد من قبل الأردن مع وجدود توتر بالعلاقات بين البلدين في ذلك الوقت ولكن مع هذا أنشأ المكتب للبنك الدولي في عمان وكما أشرنا لأداره الشؤون العراقية , أما الخطوة الثانية كانت هناك منحة من قبل اليابان لتدريب الكوادر العراقية وبشتى الاختصاصات ومنها العسكرية , قفزت الأردن على المنحة وأخذتها وأسست لتدريب الكوادر العراقية من المنحة اليابانية رغم الاعتراض الشعبي والتفسير الخاطئ أنداك , معتبراً هذا في الحسابات الاقتصادية ربح للعراق معتبراً الأردن متفضل في وقته رغم الاستفادة التي حصل عليها , ويعود الباحث بالقول هذا هو المعيار بالاستفادة بأن العراق يكون مستفيد من الاتفاقية بغض النظر عن استفادة الطرف الأخر , كذلك يمر الحسني على اتفاقيه التعاون في عام 2004 وما تمخض عنها : تأسيس لجنة تنسيقية لتحديد طبيعة العلاقات الاقتصادية بين البلدين ويكون في لهذه اللجنة مكتب في وزارة التخطيط الأردنية ومكتب في وزارة التخطيط العراقي وأثر هذا هو أصبحت وزارتي التخطيط في كلا البلدين تخطط لمستقبل هذه العلاقات وصدر عن هذه اللجنة الإطار الهيكلي الذي يحكم العلاقة بين البلدين بمعنى وضع خارطة طريق وفي سياق حديثه أشار الحسني الى مجموعة من الاتفاقيات التي أبرمت بين البلدين ومضمنها اتفاقية التعاون الزراعي عام 2009 , وبعد ذلك يذكر أن مجلس الوزراء عام 2017 قرر أعفاء 300 سلعة أردنية من الرسوم الكمركية معتبرا ً السبب في هذا الإعفاء لأن العراق في عام 2009 عقد اتفاقية اسمها اتفاقية التجارة الحرة هذه الاتفاقية سمحت الى أعفاء بعض السلع الأردنية من الرسوم الكمركية.
بعد ذلك يتحول الحسني الى شرح تفاصيل الاتفاقية وذكر بنودها وهي : أعادة أكثر من 13000 قطعة أثرية مهربة عبر الأردن واعتبر الباحث هذا مكسب كبير الى العراق , أم ثانيا ً هو أعفاء السلع العراقية المستوردة عن طريق ميناء العقبة بنسبة 75% وكذلك اعتبر مثل هذا الأجراء هو إيجابي من الناحية الاقتصادية منوها ً على القضية السلبية في هذا الموضوع هو خسارة الموانئ العراقية لعدم مجيء السفن المارة عبر البحر الأحمر وتوجهها الى ميناء العقبة , أما البند الثالث هو أتفاق (الكوتشير) الرمز المشترك وهو تقاسم الرحلة الواحدة بالنسبة لطائرات البلدين بمعنى بإمكان بيع نصف التذاكر من قبل الخطوط الجوية العراقية على شركة الخطوط الأردنية والعكس صحيح ومعتبر هذا البند فيه ايجابيه عالية وشرحه بشكل مفصل. البند الرابع هو اعتماد الية ( دور تو دور) في نقل البضائع وهو يمكن للشاحنات العراقية أن تمر عبر المنفذ الحدودي بدون أن تسلم بضاعتها الى الشاحنات الأردنية وبالعكس , والبند الخامس هو تشكيل لجنة مالية لحل القضايا العالقة بين البلدين , واما البند السادس هو الربط الكهربائي وفي هذا البند أعتبر الباحث بان هناك مستقبل ضبابي وغير معروف , ويذكر الباحث من ضمن البنود تصدير عشرة الاف برميل يوميا ً من نفط كركوك ويؤكد على أن هذا البند فيه إيجابيات وفيه سلبيات ويذكر البند الأخير هو أنشاء منطقة صناعية مشتركة وفكرة أقامتها على جزء من حدود الأردن وجزء من حدود العراق تكون منطقة مشتركة وتستقطب المستثمرين الأجانب معتبرها شكل من أشكال الاستثمار الأجنبي المباشر ومعتبر هذه المنطقة الصناعية الحرة من الناحية الاقتصادية امر جيد جدا ً , ووضح الحسني بنود الاتفاقية بشكل مفصل ذاكرا ً عدد من البنود التي تخص معرض بغداد الدولي ووزارة الزراعة وغيرها من القطاعات التي تدخل فيها العناصر الاقتصادية .
وحضر الندوة عدد من المهتمين في الشأن الاقتصادي والسياسي وطرحت مجموعة من التساؤلات حول الاتفاقية وما هي فائدة العراق منها وشدد البعض على أن يكون المفاوض العراقي لديه الإمكانية العالية وملم حتى لا تتحول بعد ذلك الى جوانب سلبية كما حصل في التراخيص النفطية .
ويجب على الجهات المعنية في الحكومة العراقية أن تؤكد على السلطات الأردنية على قضية احترام المواطن العراقي الوافد الى الأردن والتعامل معه باحترام وعدم محاولة النيل من الشخصية العراقية سواء في المطار والمنافذ الحدودية فهناك الكثير من يشكو من المعاملة غير الحسنة من قبل السلطات الأردنية وكذلك يجب التأكيد على استقطاب الأيدي العاملة العراقية في المنطقة الصناعية المزمع أقامتها بين البلدين لتقليل من البطالة داخل الأوساط الشبابية العراقية , وتبقى الاتفاقية في أطار الموافقة عليها من قبل مجلس النواب العراقي السلطة التشريعية العليا في البلد .