برعاية الأستاذ حسين جلوب الساعدي رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لشهداء النصر أقيمت مؤسسة الهدى ندوة بحثية بعنوان ( الاعتداء الأمريكي , التجريم القانوني ) افتتحت الندوة بقراءة من الذكر الحكيم للقارئ أحمد محمد مكطاف وبعد ذلك ألقى الأستاذ حسين جلوب الساعدي رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الأستراتيجية كلمة المؤسسة التي بدئها بقضية استهداف قادة النصر في مطار بغداد الدولي والتي أعدها قضية من قضايا العالم الإسلامي المهمة واستهداف الإسلام والحركة الإسلامية مشيدا بالشهيدين قاسم سليماني وابو مهندي المهندس ودورهم في الدفاع عن الإسلام وفي أماكن متعددة مثل غزة وسوريا والعراق ودورهم في دحر الإرهاب في العراق وانهزامه مشيرا ً الى دور الشهيد ابو مهندس المهندس وشجاعته وقيادته وأدارته الى فتوى الجهاد الكفائي , ويؤكد الساعدي بأن اغتيال قادة النصر مرتبط بمجموعة من الحلقات والقضايا التي تستهدف الأمة الإسلامية والحشد الشعبي والعقيدة الإسلامية والشعائر الدينية والعشائر العراقية والأكثرية السكانية والعلاقة مع ايران .
وفي معرض خطابه يضع الساعدي مجموعة من النقاط لرصد التحرك الموجود على الساحة العراقية وتمييز من هو مع الحالة الإسلامية ومن هو ضدها حسب تعبيره : المرجعية الدينية وخط المرجعية وكل ما يصدر عنها من فتاوي وبيانات فهي مقياس ولايمكن توظيف بعضه وترك بعضه , الحشد الشعبي من كان معه وداعما ً له فهو مع الحالة الإسلامية , رفض بقايا حزب البعث وعودة حزب البعث في أي شكل من الأشكال , الهوية الإسلامية ويجب أن لا يتسبب نقد القوى الإسلامية وتسجيل الملاحظات عليها بمسخ الهوية الإسلامية , وأضاف عدد من النقاط المهمة وفي نهاية كلمته توجه بالشكر الى الحضور والى مقدم الندوة والباحثين .
أدار الندوة الدكتور حسن رشك وأفتتح فقراتها البحثية في حديث جاء فيه : منذ انهيار حكم الشاه وبروز حكم الإسلام السياسي الشيعي وولاية الفقيه لمؤسسها الامام الخميني والإمبريالية الغربية لم يهدأ لها بال في محاربة الفكر السلامي لأنها تعرف من هذه المنظومة من الحكم ستعيد دولة الإسلام ودوره هيبته وسطوع نجمه مرة اخرى , ويشير رشك الى اتفاقية سايكس بيكو وكيف تم اختيار حكام المنطقة وهم مجرد دمى يحركهم الغرب ضاربا ًمثلا ً في نظام صدام الذي شن حربا ً ضروسا ًبين الشعب العراقي والشعب الإيراني والتي كلفت الشعبين ملايين الضحايا وكذلك كيف دفعت القوى الإمبريالية بصدام ودخل الكويت , وما أن نهض الشعب العراقي المسلم في الانتفاضة الشعبانية واذا بنفس القوى التي طردت صدام من الكويت سمحت له بقصف الشعب بالطائرات ويشير رشك الى عدد من القضايا والنقاط المهمة وما تتعرض له الأمة من دسائس ومؤامرات , ويصف رشك في ختام حديثه أغتيال قادة النصر بالجريمة البشعة والمنافية لكل القوانين والأعراف الدولية من خلال التعدي على سيادة وكرامة العراق فالاستهداف في المطار بينما يعد رمز السيادة الوطنية سابقة خطيرة وتتعارض مع القانون الدولي والبعد الإنساني وكل والعلاقات المبنية على المصالح المشتركة و الاحترام المتبادل .
وبعد المقدمة التي قدمها رشك تحول الحديث الى الدكتور محمد جبار تويه الباحث في الشأن القانوني الذي قدم ورقة بحثية بعنوان ( الاعتداء الأمريكي , التجريم القانوني ) جاء في مقدمتها : أن الاعتداء الأمريكي على قوات الحشد الشعبي التي أدى الى استشهاد كوكبة من رجال الحشد الشعبي على رأسهم قادة النصر يعد فعلا ً مجرما ً من الناحية القانونية وعلى المستوى الوطني والدولي , وتناول تويه موضوع الاعتداء من الناحية القانونية الوطنية والدولية كما أشار الى ذلك , وفي سياق حديثه قسم الموضوع الى عدد من النقاط , منها تنظيم المشرع العراقي قواعد المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 والقوانين المكملة له كقانون الإرهاب رقم 13 لسنة 2005 مبينا ً أركان تلك الجرائم والعقوبات المناسبة , وسلط تويه الضوء على التكييف القانوني للاعتداء الأثيم على قوات الحشد العراقية وخاصة تلك التي أدت الى استشهاد قادة النصر وتناول الموضوع من الناحية الجنائية ً , التكييف الجنائي للاعتداء وبصدد الواقعة الإجرامية المتمثلة باستشهاد كوكبة من رجال الحشد وفي مقدمتهم قادة النصر نرى أن جميع أركان الجريمة المتحققة سواء الركن المتمثل بالسلوك الأجرامي وهو القصف الصاروخي الذي أدى الى استشهاد القادة والنتيجة الإجرامية المتمثلة بإزهاق أرواحهم الطاهرة والعلاقة السببية بين القصف والوفاة , وكذلك الركن المعنوي المتمثل بالقصد الجنائي الواضح أذ أن القادة الأمريكان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ووزير دفاعها ووزير خارجيتها اعترفوا بارتكابهم للجريمة رسميا ً ولأسباب واهية وبما أن الجريمة متكاملة الأركان حسب تعبير تويه , يأتي بعد ذلك يوضح النص القانوني الذي ينطبق عليها وهو ما يسمى بالتكييف القانوني ويتناول المحاضر التكييف حسب المشرع القانوني العراقي لجرائم القتل في المادة 405 والمادة 406 ووضح المواد وما جاء فيها من نصوص وأشار الى نص المادة 406 / 1 ( يعاقب بالإعدام من قتل نفسا ً عمدا ً في أحد الحالات التالية : أذا كان القتل مع سبق الإصرار والترصد ) ويشير تويه بالقول نعتقد بان الاعتداء الإثم على قادة النصر ينطبق عليه مضمون هذا النص لأن القتل مخطط له قبل وقوعه بفترة من الزمن أي أن هناك تصميم سابق وهنالك أرادة عازمة على القيام بهذا الاعتداء والوصول الى النتيجة الجرمية وتناول تويه في بحثه كثير من المواد القانونية التي تجرم الاعتداء على قادة النصر بضمنها قانون الإرهاب وكذلك تطرق الى قواعد الاختصاص الإقليمي والى مبادئ الأمم المتحدة وكذلك الى الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية ويختم تويه بحثه بالقول نرى من حق العراق تحريك الدعوى الجزائية أمام المحاكم العراقية سواء من قبل الحكومة العراقية باعتبار المجني عليهم قادة النصر هم مسؤولون في الدولة العراقية أومن قبل ذويهم ومطالبة الولايات المتحدة بتسليم المتهمين بدئا ً من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والذي أعترف بالجريمة المرتكبة في عدة لقاءات تلفزيونية وكذلك وزير الدفاع والخارجية وغيرهم ممن تتمكن الحكومة العراقية التعرف على دورهم في ارتكاب الجريمة وفي حال عدم تسليمهم وهو أمر متوقع فبإمكان المحكمة العراقية السير بإجراءات الدعوى الجزائية غيابيا ً وإصدار حكمها الغيابي .
وبعد ذلك قدم الدكتور وجدان فالح حسن ورقة بحثية بعنوان ( الدوافع والنتائج المترتبة على أغتيال قادة النصر عام 2020 ) وجاء في مقدمة ورقته هذا الاعتداء هو انتهاك كبير وصارخ لقواعد القانون الدولي والسيادة العراقية على حد سواء لما يحمله من استهتار وعجرفة قل نظيرها عالميا ً حسب تعبير حسن , ويكمل حديثه بالقول الشهيد قاسم سليماني كان قد حل على أرض العراق بشكل رسمي حاملا ً معه ( بحسب رئيس مجلس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ) رسالة من القيادة في ايران ردا ً على رسالة قد تلقتها من المملكة العربية السعودية قام عبد المهدي بنقلها بوساطة عراقية لحل المسائل العالقة بين البلدين وايجاد صيغة حل لمشاكلهما التي اتخذت من العراق واليمن وسوريا ميادين لتصفية الحسابات . وهنا يضع حسن تساؤلا ً والتفاته مهمة حسب قوله أن كان بالإمكان رصد الشهيد سليماني من قبل القوات الأمريكية في العراق لماذا لم تقدم على اغتياله في واحدة من زيارته غير الرسمية او المعلن عنها كونه كان بإمكانه التنقل بين مجموعة دول دون الحاجة الى أذونات رسمية وهم يقومون برصده ومعرفة تحركاته , كذلك يتساءل مرة أخرى لماذا لم يتم اغتياله في سوريا لو كان بإمكانها ذلك ؟ وفي ورقته البحثية يجيب على هذان التساؤلين : أن هذا الاعتداء الذي نقل الصراع بين الولايات المتحدة من جهة ومحور المقاومة والممانعة من جهة أخرى الى أفق جديد عبر عمليات القتل والاغتيال والتصفية دون غطاء أو عبر وكلاء لأبرز القادة والعلماء الأيرانيين ومحاولة استفزاز ايران للرد عليها وهذا ما حدث عبر قصف قاعدة عين الأسد أو السفارة الأمريكية لتتخذها ذريعة لشن هجمات أخرى عليها , ويؤكد حسن في معرض دراسته على أن هذا الاغتيال كانت تنشد منه الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الغايات والنتائج التي كانت ترسمها في مخيلتها عبر رئيسها وقادته لكون أن هذين الشهيدين يشكلان رأس الرمح في عمليات التصدي لزمر الإرهاب لما يجسدانه من مقومات قيادية نادرة وشجاعة , ويقسم حسن ورقته الى محورين أساسيين
أولا ً الدوافع العسكرية والسياسية لاغتيال قادة النصر : يشكل الشهيد قاسم سليماني أحد أهم الشخصيات والقادة في منطقة الشرق الأوسط , يعد القائد سليماني صاحب الدور الأساس والكبير في الحفاظ على قوة وصلابة النظام في سوريا والجيش السوري , يشكل الشهيد سليماني خنجر الخاصرة للمشروع الصهيو –أميركي , يشكل القائد الشهيد أبو مهدي المهندس قلب هيئة الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية في العراق , تعد هذه العملية دفعه مادية ومعنوية لخلايا تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى , شكلت عملية الاغتيال محاولة يائسة أخيرة من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته ( دولاند ترمب ) لاستمالة مشاعر الناخب الأمريكي , تعد عملية الاغتيال حلقة في سلسلة كبيرة من الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني , وأد الوساطة العراقية التي قام بها عادل عبد المهدي بين أيران والسعودية , شكلت عملية الاغتيال مجاولة أمريكية للضغط على انظمة الخليج العربية , تعد عملية الاغتيال حلقة جديدة لسلسة العنجهية الأميركة واستفزازها الى أيران , محاولة خلق الفتنة في العراق وخصوصا ً بين أبناء الحشد الشعبي والمواطنين في العراق فقد كان العرق يمر بضرف صعب بسبب التظاهرات الشعبية التي انطلقت في تشرين أول 2019 , وهناك عدد من النقاط المهمة يتطرق لها ليتحول الى محور الدوافع المترتبة على اغتيال قادة النصر نذكر البعض منها ردود الفعل على المستوى الإقليمي وعلى مستوى الداخل العراق وقوى المقاومة التي لم تأل جهدا ً في محاولة الثأر للشهيدين فصعدت من هجماتها في استهداف القوات الأمريكية وإصدار القوى السياسية قرار طرد القوات الأمريكية من العراق .
ويختم حسن بحثه في أبرز النتائج التي ترتبت عن جريمة الاغتيال الأمريكي أهمها : عدم جدية الولايات المتحدة في وعودها وهي سبب كل الأزمات , وكذلك بينت هي راعية الإرهاب الأول عالميا ً ولا تريد للعراق ان يستقر وتتبع سياسة تناسل الأزمات بمعنى أن الأزمة تلد الأزمة , ثبت قطعا ً للحشد الشعبي وفصائل المقاومة وبما لا يدع مجالاً للشك أن الولايات المتحدة هي من تريد أن تشتعل المنطقة بالحرب , بينت الأزمة بعد الاغتيال أن الولايات المتحدة تنشد مصالحها فبمجرد أنتشار خبر الاغتيال ارتفعت أسعار النفط عالميا ً وهو ما زاد من أرباح أميركا , بينت مدى عمالة بعض العراقيين بينما هم جزء من أدوات المحتل التي صدعت رؤوس العراقيين بمبادئ حقوق الأنسان , بينت مدى الارتباط القوي بين العراق وايران .
وفي الختام قدم رئيس المؤسسة شهادات تقديرية للباحثين وحضر الندوة عدد من شيوخ العشائر ورجال الدين والمتخصصون في الشأن السياسي والقانوني وكذلك جرى تغطية الندوة أعلاميا ًعدد من الفضائيات ووكالات الأنباء والصحف المحلية .