التعددية في العراق
حسين جلوب الساعدي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
التعددية احد المظاهر السياسية المهمة في العراق واعتبارها احد المبادئ الأساسية في العملية السياسية والدستور يعد فهماً واقعياً ومهماً في استيعاب الخطابات المتعددة بتعداد أطياف الشعب العراقي وفي هذا البحث حاولت دراسة ألازمة التي تعرض لها مكونات الشعب العراقي والخطابات التي حصلت نتيجة الوعي المتراكم والمحنة المستديمة وسعيت إن أكون موضوعياً ملتزماً في تحديد الخطابات من خلال المتابعة والمشاركة التي عايشت فيها العملية السياسية ثم ذكرت المشروع الوطني الذي التقى أكثر العراقيين لإنجاحه والنهوض به .
وبهذا عسى إن أشارك في إعطاء صورة واقعية لفهم العملية السياسية علناً نسير في أفاقها بخطى ثابتة تأتي ثمارها بالخير والبركة والاستقرار والتعاون والمحبة بين جميع أطياف الشعب العراقي .
التعددية في العراق
وإثرها في كتابة الدستور وإقراره
التعددية سنة كونية حقيقة إنسانية فالكون يزخر بالتنوع والتعدد في السماء في الأرض والنبات والتربة وفي الإنسان أقوام وشعوب متعددة لغات متعددة مذاهب أديان اجتهادات افكار متعددة ومتنوعة لغات متعددة مذاهب أديان اجتهادات أفكار متعددة ومتنوعة كل ما حولنا يثير التأمل بالأنواع والألوان والأجناس والصور المتنوعة بالمأكل والملبس والأذواق و... الخ .
والعراق لا يخرج عن هذه السنة الكونية والحقيقة الشاخصة الواضحة إمامنا فالعراق متنوع من حيث طبيعة الجغرافية جبال وهضاب سهول وديان انهار واهوار و... الخ.
ومتنوع بسكانه عرب كرد تركمان سريان مندائيين و... الخ.
وبأديانه ومذاهبه مسلمـون مسيح صابئة ويزيديون و... الخ.
ومذاهبه سنة وشيعة واجتهاداته شوافع وأحناف وحنابلة وصوفية وكاكائية.
والتشيع فتح باب الاجتهاد على مصراعية ليكون الفقهاء والمراجع متعددين وكثيرين منذ زمن بعيد واثر فتح باب الاجتهاد في ظهور مرجعيات زمنية وبروز مرجعيات متعددة في نفس الوقت .
وتميز العراق بانفتاحه على التيارات الفكرية واتجاهاتها الثقافية والمعالجات التي طرحها الفقهاء في علاج الواقع نتيجة لذلك .
او المواقف المتعددة من الحداثة والعولمة والأفكار الجديدة في قبولها ورفضها او التوافق والتكيف معها وعقد الموائمة في معالجاتها مما يجعل العراق متعدد الاجتهادات والاتجاهات .
فكانت الحركة القومية والعنصرية العربية والتيار الشيوعي والاشتراكي والنهج اليبرالي والديمقراطي والمشروع الوطني والحوار الوطني والحركة الإسلامية في الأوساط السنية والشيعية ومبادرات العلماء في طرح عدة مشاريع دينية لمعالجة الواقع او الانسجام معه او مقاطعته كل حسب اجتهاده
لكن هذا التنوع والتعدد شكل ازمة في تاريخ العراق القديم والحديث عند غياب الحوار وإصدار المواقف الجاهزة بعضهم من بعض وإراقة الدماء واشتدت ألازمة عند مجيء حزب البعث العنصري الطائفي فتمثلت بما يلي :ـ
1.العنصرية القومية : تمثلت بحزب البعث وفكره العنصري الذي سيطر على العراق لاغياً كل الخصوصيات القومية للكرد والتركمان والاشوريين ليقوم عملية التطهير العرقي في المنطقة الشمالية في عمليات الابادة الجماعية في حلبجة والانفال ومدن الشمال وكركوك ثم قام بحملة التعريب فيها لإلغاء الخصوصية القومية لهم ويكرس كل صور الصراع القومي والاثني والعرقي لتكون ثورة الشمال وحروب الكرد في السبعينات وحتى سقوطه فجعلت الكردي يبحث عن هويته وحقوقه وآمنة وحياته في أجواء أزمة العنصرية العربية .
ثم يقوم بتسفير الآلاف من الكرد الفيلية لأنهم من اصول كردية إيرانية وشيعة في نفس الوقت بعد قتل الشباب ودفنهم في المقابر الجماعية التي ظهرت هذه في نقرة السلمان وبادية السماوة .والتركمان مع مالاقوه من حملة تعريب وطرد من بيوتهم واباد ة جماعية مدمرة طوزخرماتو وتسعين وبشر وغيرها حتى اصبحت اليوم من اعقد القضايا في الاورقة السياسية نتيجة السياسية الصدامية العنصرية ضد التركمان في كركوك وغيرها .
2.العنصرية الطائفية : فقد حرم الشيعة منذ تأسيس الدولة العراقية من المشاركة السياسية وعانوا من عملية التهميش والإلغاء والابادة الجماعية التي ارتفعت باقسى صورها زمن النظام الطائفي المقبور . فكان قتل مراجع الدين في النجف الاشرف وعلى رأسهم الشهيد الصدر الاول والشهيد الصدر الثاني (قدس سرهم) وغيرهم من المراجع. وتعطيل الحوزة العلمية في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية ومنع تداول الكتاب الشيعي وتدريس المذاهب السنية في المدارس بالمناطق الشيعية . وإغلاق الصحف والمجلات والدوريات والمدارس والمعاهد ذات الهوية الشيعية .ثم اصدر حكم الاعدام والابادة للسياسيين من الشيعة فملئ بهم السجون والمقابر وهاجر الكثير منهم يعيش الغربة والحرمان وفراق الوطن والأحبة واشتدت وطأة النظام ضد الشيعة أيام الانتفاضة الشعبانية ليعلن عن نهجه الطائفي في شعاره المعروف ( لا شيعة بعد اليوم ) ثم الاعتقالات الجماعية وتأسيس معسكرات السجون الجماعية في الرضوانية والتاجي وابي غريب ثم تنامت حركة المقاومة والرفض للحكم الطائفي ويستمر النظام في ممارساته الطائفية في تجفيف الاهوار وتهجير أهلها والقتل الجماعي لتظهر المقابر الجماعية في كل مكان من محافظة ميسان والبصرة والناصرية والسماوة والديوانية والحلة وكربلاء وغيرها . فأخذ الشيعي يبحث عن وطنه المفقود وهويته الغائبة وصار لم يعترف به كمواطن اوكأنسان في العراق وكان هم الساسة العراقيون ان يوضع الحل لهذه ألازمة الإنسانية التي عاشها العراق .
3.الفكر الاطلاقي : شكل الفكر الشمولي الاطلاقي أزمة حقيقية في اجواء التعددية في العراق في رفض الأخر والاعتداء عليه او تكفير وجواز قتلة اعتقاداً منه بصحة فكرة وبشكل مطلق وخطأ الآخرين وعدم السماح لهم في التعبير عن أرائهم او فرصة الحياة وتمثلت هذه ألازمة في الفكر القومي العنصري والشيوعية الحتمية والسلفية لنمو الحوار وإلغاء التعددية التي يزخر بها العراق فأنتجت عمليات إرهابية في جواز القتل وتحجر وتوقع والقليل من سعى للخلاص من هذا المرض لكي لا يعيش العراق أزمة أخرى .
4.الإدارة المركزية : حيث سيطرة عصابة البعث في جنح الليل على القصر الجمهوري وإذاعة بغداد لتعلن ان العراق وأهله عبيد اقنان
للبعثيين ثم لعائلة صدام وعشيرته لينعموا بخيرات العراق ويدار العراق بقرارات جاهزة منهم ويغيب الدستور وتنعدم الحقوق في أجواء سيطرة القرية الواحدة .
5.سيطرة السنة على الحكم : تكرست وتعمقت فكرة سيطرة السنة على مقاليد العراق منذ تأسيس الدولة العراقية فأصبحوا يشكلون اكثر من 95% من ادارة الدولة وشؤونها السياسية وهذا المكسب لا يمكن ان يتنازلون عنه بسهولة ولا يمكن ان ينحني السني الطائفي إمام اوكد السني الطائفي وليس حقيقة إن في البلد له شركاء من الكرد والشيعة . لذا ظهرت عملية الرفض على شكل عمل إرهابي بقطع الرؤوس وقلع العيون والتمثيل بالقتلى وتفجير الأسواق والعمليات الانتحارية بالأماكن العامة واسر الأطفال والنساء والأبرياء والعزل ثم قتلهم والاعتداء المستمر على العتبات المقدسة في كربلاء والنجف والكاظمية و ... الخ .
6.تدخل الدول الإقليمية في العراق : بعد ان أفرزت تلك ألازمات السياسية معارضة واسعة ومتعددة بتعدد الواقع العراقي وهجرتها الجماعية الى بلدان عدة منها الدول المجاورة التي تدخلت بشكل مباشر في تكوين اتجاهات المعارضة السياسية آنذاك لضمان مصالحها في العراق والحفاظ على أمنها القومي واتجاهها السياسي مما جعل أكثر العراقيين يتنفسوا هواء غير عراقي ويفكروا في مصالح ذوي النعمة عليهم بعيداً عن مصالح العراق وشعبه وهذه ألازمة من اعقد القضايا التي لا يستطيع المرء الخوض فيها بصوت عال خوفاً من صيادي الليل ومراكز القرار والأحكام الجاهزة المعدة سلفاً في التفكير والإلغاء أين وصلت العملية السياسية في معالجة تلك ألازمات وما هي الضمانات إن يعيش كل العراقيين كرد عرب وتركمان وسريان وغيرهم بأمن وأمان وتصان كرامتهم وتضمن حقوقهم .
أول خطوة باتجاه علاج تلك ألازمات وعي الشعب العراقي لها وإدراك العملية السياسية للواقع المضرج بالدماء وكبر المحنة التي المت بمكونات الشعب العراقي ونتيجة الوعي المتراكم لكل طيف من أطياف العراق أدرك كل واحد منهم ماذا يريد فطرحت المبادرات والأفكار والخطابات السياسية كل ينطلق من واقعه والامه وماله .
فتعدد الخطاب الشيعي في اتجاهات عدة منها متحسس لهذه الازمات متجاوز او جاهل أثارها طارحاً معالجات فضفاضة واسعة رافعاً شعار وحدة العراق والوحدة الإسلامية والإخوة الإيمانية بعيداً عن تعقيدات الواقع العراقي وخصوصية الشيعة متحمساً لفكرة الجهاد وطرد المحتل بالقوة ومنها :
مدرك لكل تلك ألازمات بتفاصيلها مندفعاً لتحقيق حقوق الشيعة مغالياً في حقوق الأكثرية الشيعة متبنياً للمشروع الديمقراطي لوصول الاكثرية للحكم من خلال الاستحقاقات الانتخابية متأملاً ان تكون كتابة الدستور بأيديهم وتشكيل الحكومة بإرادتهم غافلاً الواقع العراقي وتنوعه والاستحقاقات السياسية لم يدرك مسيرة العملية السياسية والثوابت والمنطلقات التي سارت وتسير بها ومنها : الوعي الحقيقي الذي ينطلق من الاعتراف بحقوق الاخرين من حين المطالبة بحقوق الشيعة مدركاً للخصوصية الشيعية سعياً لبلورة خطاباً شيعياً ناضجاً واضعاً تلك ألازمات بكل تفاصيلها نصب عينه مؤكداً القضايا التالية :ـ
1.ان الشيعة تعرضوا لقتل وابادة طائفية شملت كل شيء ولم يبق شبراً او فرداً او ماء او سجداً لم تنله حقد الطائفية فضلاً عن البشر المقتول والمصلوب والمدفون حياً في المقابر الجماعية .
2.إقرار الحقوق الثقافية باستقلال المرجعية الدينية والحوزة العلمية عن السلطة وخضوع أوقاف الشيعة لدائرة خاصة بهم والسماح للعلماء والمثقفين الشيعة بإصدار الكتب والمجلات والصحف التي تخدم البلاد وحرية ممارسة الشعائر المذهبية كالشعائر الحسينية والاحتفالات وحرية إنشاء المدارس وإعادة النظر في المناهج الدراسية الحكومية كمناهج التاريخ والدين والوطنية والقومية التي كانت مسخرة لطائفية وقومية معينة وان يكون التعليم في المناطق الشيعية وفق مذهب أهل البيت (ع) وحرية الأعلام وتكافؤ الفرص في المؤسسات العلمية والإدارية وغير ذلك .
3.الحقوق السياسية : إعطاء الشيعة الدور السياسي الطبيعي الذي يليق بهم تاريخياً وثقافياً والمشاركة في إدارة الدولة ومن خلال النظام الديمقراطي الفدرالي والسماح للأحزاب الشيعية في أجواء التعددية بالنشاط والحركة والمشاركة مع حرية التعبير والاعتقاد.
4.الحقوق المدنية والاقتصادية تمثل في اعادة المهجرين والمهاجرين العراقيين الى ديارهم وتعويضهم وإعادة الجنسية
وتمكين الشيعة من تحكيم فقه أهل البيت (ع) في مجال الأحوال الشخصية وتناسب المواقع في إدارة البلاد وإدارة الأقاليم الشيعية من قبل أبنائهم وان يكون لهم مساهمة فعالة في تقرير شؤون البلاد والاهتمام بأعمار مدن الشيعة المدمرة وإقامة المشاريع الاقتصادية بما يتناسب مع مواردها الاقتصادية وإعادة الاهوار ورفع الحيف والظلم عنهم وإعادة حقوقهم وتعويض ذوي الشهداء وتكريمهم ورعاية ضحايا النظام هذه ابرز ملامح الخطاب الشيعي الواعي الذي اخذ مداه بالتأثير والتأطير للعلمية السياسية والتحق به الكثير من أصحاب النظرات الأخرى واستفادوا منه في التمتع بحقوقهم والحصول على مواقع أساسية ومهمة في ادارة الدولة والجمعية الوطنية .
فقد خطى هذا الخطاب خطوات عملية في الحصول على الكثير من تلك المطالب وأسس لتحقيق واقعاً موضوعياً ورؤية مستقبلية ولم يكن متغافلاً في انه يشكل طيف واحدة ومن اللازم الالتقاء مع باقي الأطياف على أساس دستور دائم للبلاد يحفظ الحق للجميع .
اما الكرد : فقد عاش الكرد مخاضات عديدة من الدعوة للانفصال وتأسيس دولة كردستان الكبرى الى الحكم الذاتي والقتال والحروب والهجرة وأخيراً تبلور خطاباً كردياً موحداً محدداً في المطالبة بإقامة إقليم كردستان وأعماره مستفيداً من موارده الطبيعية والمحلية مطالباً باعطاءه حق المشاركة بالموارد الطبيعة في العراق حسب الكثافة السكانية
متحمساً لإقامة النظام الديمقراطي والفدرالية طموحاً لتوسيع نفوده عقلانياً في إدارة ألازمة السياسية متفهماً العملية السياسية حتى أصبح مفتاح العملية السياسية والمشروع الوطني في العراق في الأروقة المغلقة مؤثراً على المسير السياسي في تفاعلاته الواقعية .
ولكن الخطاب الكردي يعاني من قضيتين كركوك والتوازنات مع الإطراف الأخرى .
قضية كركوك بتعقيداتها التي أوجدها النظام وبتنوعها المتنافس وبطموح الأكراد بها أخذت تشكل عقدة في أجواء العملية السياسية ومطلب كردي خطر في نظر التركمان والعرب والسريان والأيام حلى لا نعلم ماذا ستلد في مخاض الخطاب الكردي وواقع كركوك والموازنات السياسية في العراق والكرد بوعي كامل في إدراكهم لتنوع الواقع السياسي وتعدده لكن التعقيد الذي يعيشه العراق في بلورة مشروع وطني متكامل يجعل الكرد يتنقلون في خطاباتهم ومواقفهم بين السنة والشيعة وبين العلمانية والإسلام وبين التحالف ضد ومع وبين الطموح القومي والبناء الوطني مما جعل مواقفهم استفزازية لحلفاء في بعض الأحيان ولابد منها في كثير من الأحيان .
اخيراً يبقى الكرد عنصر موازنة ركن من أركان البناء الوطني في العراق وتحقيق خصوصيتهم أمسى مفروغاً عنه وسوف يكون احد العناصر الأساسية والمهمة في صياغة الدستور وإقراره .
الخطاب السني : يمثل الوجود السني العربي عنصر أساسي في العلمية السياسية والمشروع الوطني في تعقيداته وعمقه الدولي والتدخل الإقليمي ورؤيته للمكاسب السياسية والمشاركة في الواقع الإداري وتعقد أكثر عندما التقى الفكر السلفي التكفيري مع الحقد البعثي الصدامي لتظهر العمليات الإرهابية بعناوين إسلامية ومحتوى أجرامي بعثي .
فقد اختلطت الكثير من القضايا والمواقف في الواقع السني قيادة حزب البعث والهيئة العليا لاجتثاث البعث التي يشعر الكثير منهم بانها موجهة ضدهم يظهر ذلك من خلال خطاباتهم السياسية وانتقاداتهم لمشروع الاجتثاث الذي يرون عنوانه استفزازاً . لكن ثمة ملاحظة في هذا الإطار هل ان حزب البعث المقبور حاول ربط السنة مصيرة من خلال زجهم في معركة الخاسرة واتخاذهم عنصر قواه في إعادة انفاسة أم أنهم اتخذوا تلك المواقف من وحي واقعهم التاريخي ورؤيتهم للعملية السياسية القائمة .
وهناك توجه لدى البعض في الاندماج بالمشروع الوطني لكن لم يجرؤ في بلورة خطاب يقود ويوجه السنة العرب باتجاه المشاركة وبين الضغوط التي يوجهها من أبناء جلدته في تبني قضاياهم والدفاع عنهم لدرجة الالتحاق بهم في
بعض الأحيان ويناله من الظلم والاعتقال في بعض الأوقات لاختلاط الأوراق والمواقف .
اما المؤسسة الدينية فهي متورطة في العمليات الإرهابية واضحة في موقفها اتجاه العملية السياسية القائمة مقاطعة لها .
لكنها غيرت من خطابها عندما واجهة الرأي الشعبي الغاضب الذي ينذر بحرب طائفية جراء السياسة المدعومة منهم فتغيرت اللهجة في التنديد بالعمليات الإرهابية الطائفية والمساعي بعقد مصالحة مع بعض الإطراف القوية في الساحة والمطالبة بالاشتراك بكتابة الدستور بعد المقاطعة للانتخابات التي شعر الكثير منهم بالخسارة بعدم الاشتراك لكن التعقيد قائم على خلفية انهم الحكام السادة في العراق ولم يعترفوا بالتغييرات التي حصلت في مسار الدولة الإداري في السعي لإقامة النظام الفيدرالي ومبدأ المساواة ويندد بالعمل الإرهابي الطائفي الي ينسب أليهم ظلماً على ما يصفون لكن الواقع السياسي يسر لإشراكهم في العملية السياسية والإدارية والدستورية بحجمهم الطبيعي بعيداً عن ممارسة التهميش والإلغاء التي عانى منها الشعب العراقي زمن النظام المقبور .
اما التركمان: يمثل التركمان قوس قزح في تحديد الصورة وفي تعدد الألوان في الأوساط التركمانية فهم ثالث قومية في العراق تسكن المنطقة الشمالية تفصل بين الكرد والعرب تعاني من عمليات التكريد والتعريب متعددة المذاهب والاجتهادات والانتماءات والولاءات .
فمنهم الشيعي الذي اتكئ على الأجواء الشيعية ومنهم السني الذي ضاع في اجواء الخطابات السنية ومنهم القومي الذي يوالي الدولة القومية ومنهم من انضوى تحت خيمة الكرد معتقداً انهم يحققوا مصالح التركمان اكثر من غيرهم .
والجميع متفقون على حماية مصالح التركمان والحفاظ على الهوية التركمانية في اجواء التعددية همهم الحفاظ على كركوك كمركز أساسي لهم لكن خطابهم السياسي لم ينضج بعد في اطار واحد وان التجاذبات بينهم قائمة ولكن رغم هذا فان الاعتراف بهم ثالث قومية في العراق يمثل جزء من الخطاب السياسي العراقي وان الجميع مدرك الخصوصية التي يحظى بها التركمان وسوف تأخذ طريقها في كتابة الدستور وإقراره في اعتبارهم احد مكونات الشعب العراقي والنظر للخصوصية القومية .
اما الكرد والفيلية : الطراز المزكرش بين الكرد والشيعة والعرب والاصول الايرانية والهوية القومية وهذا الشكل كان يمثل مضاعفة الاضطهاد وكبر المحنة وألان ينقسم خطابه مبين الانتماء القومي برعاية الكرد في إشراكهم وتوفير أجواء سياسية لهم وبين الانتماء المذهبي الشيعي
ومشاركتهم في اطار التحرك والتحالف الشيعي وقد حققوا مكاسب في اجواء المناصب السياسية والإدارية ولم تتبلور لديهم خصوصية الكيان المستقل عن الكرد والشيعة لكن الاعتراف بوجودهم وحمل قضيتهم بإعادة الجنسية المرقمة لاكثرهم وإعادة أموالهم المصادرة جزء من خطابات وزارة حقوق الانسان وجزء من برامج وزارة المهجرين والمهاجرين وان اهتمامهم بان يكون الدستور المرتقب ناظراً لقضيتهم معالجاً لازمتهم .
اما المسيح : من السريان والآشوريين والكلدان تمحور خطابهم بين الانطاب بالحديث عن أصولهم العراقية ودورهم في نقل العلوم السريانية واليونانية الى العربية وبين لوعة الماضي القريب حيث القتل والمطاردة والتشريد والابادة الجماعية والهجرة الواسعة الى الخارج اثر ذلك . فهم طموحون بتأسيس حكم ذاتي في القرى والقصبات شمال العراق والحفاظ على الهوية القومية والدينية باعتبارهم احد الوان الطيف العراقي ومتحمس للحضور السياسي والإعلان عن هويتهم السياسية وحقوقهم المدنية والثقافية ويرون ذلك من خلال التعددية وتحالف بعضهم مع الكرد لاعتبار الجورة وتقاسم المعانات ايام الانفال والتطهير العراقي الذي قامت به العنصرية العربية .
والكثير منهم يعيش حالة القلق اثر العمليات الإرهابية التي استهدفت الكنائس في الموصل وبغداد ويأملون من عراق جديد ينصفهم من خلال دستور دائم يعطي لكل ذي حق حقه من خلال إقرار التعددية ولحاظهم احد المفردات المؤثرة في صياغة الدستور .
اما الصابئة المندائيين : فهم صورة من واقع العراق المطرز بالالوان ونموذج في الوداعة والأريحية والمشاركة في تاريخ الأدب العربي والفن والحياة في جنوب العراق وتعرضوا ما تعرض له جنوب العراق موطنهم الاصلي من دمار وخراب وانعكس على وجودهم فهاجروا الكثير من والى خارج العراق ومن مناطق سكناهم في اهوار الجنوب وتلاحهم في المشاعر والحب للوطن مع شيعة العراق يكاد لا نميزهم لكن يحدوهم الأمل ان يكون حضهم وحصتهم في الإدارة السياسية كغيرهم من الأقليات وكان اعتمادهم على المبادئ الأساسية في إقرار التعددية واحترام مكونات الشعب العراقي في الحصول على مواقع في السلطة فكان الاستاذ مال الله ممثل الصائبة المندائية في المجلس الوطني المؤقت ودخلوا قائمة الائتلاف ليكون اسمهم أخر الأسماء التي لم تحظ في دخول الجمعية الوطنية وان لسان حالهم يقول مع من نجد أنفسنا لكنهم سعداء في ان يكون الدستور يؤكد التعددية وحرية التعبير والمعتقد لكي يعيشوا بأمان .
اما اليزيدية : فخطابهم بين عقدة الانتماء الديني وضريبة غموض الديانة وقراءات وكتابات الآخرين المجحفة لهم وبين ذاكرة الابادة بفتاوى فقهاء الدولة العثمانية وجيوشها المسلمة ولكنهم يمتد بصرهم بانفتاح جديد ومشاركة جديدة في اتكاءهم على قرار التعددية والتحالف مع الكرد الذين حفظوا لهم المشاركة من ممثلين لهم في المجلس الوطني المؤقت والجمعية الوطنية المنتخبة وحضور مؤتمرات التعددية كمؤتمر العراق نحـــــــو التعددية
ليكتب الأستاذ بيير خدر سليمان الايزيدي بحثه الذي يعلن فيه مطالب الايزيدين السياسية وحقوقهم المدنية والثقافية التي تضمن الاعتراف بالديانة الايزيدية ديانة توحيدية والإقرار الرسمي بأعيادهم وتثبيتها في قانون العطل والأعياد الرسمية العراقية والإقرار بقوميتهم الكردية والكف عن سياسة التعريب وإعادة أراضيهم المصادرة والحفاظ على صيغة الإدارية لقضائي سنجار وشيخان وحرية النشر والتعبير والاعتقاد وإقرار الحقوق الإدارية والثقافية في مناطق الأكثرية الايزيدية وتعميم مادة تدريس الايزيدية في مناطق ذات الأغلبية الايزيدية والمطالبة المستمرة في أعمار مناطق الايزيدية ومواصلة الدعم لمراكزهم الثقافية والعلمية.
وان خطابهم هذا يمثل وضوح كامل في المطالب والآمال التي يتنظرونها من العراق الجديد الذي يقوم على التعددية في الحياة السياسية والثقافية من خلال دستور دائم للبلاد يحترم جميع مكونات الشعب العراقي ويلبي طموحاتها .
بعد هذا العرض السريع لخطابات مكونات الشعب العراقي التي استنفدناها من خلال المتابعة والمشاركة السياسية التي تعبر بوضوح عن طموحات مكونات الشعب العراقي في إقرار التعددية كمبدأ أساسي في صياغة الدستور وإقراره والتي تبلور لديها خصائص المشروع الوطني الذي حدد المنطلقات في بناء العراق الجديد من خلال دستور دائم للبلاد يلبي طموحات جميع مكونات الشعب العراقي .
المشروع الوطني: الذي أدرك تنوع العراق وعقد الصلة واجراء الحوار الواسع وقبول التعدد والارتفاع بالعراق الى بلد مستقر ينمو ويزدهر بالطاقات والقابليات والأجواء والاجتهادات المتعددة لتغني العملية السياسية والعراق بعناصر القوة والفاعلية فقد سعى أبناء الشعب العراقي منذ عام 1980 في بداية المواجهة ضد النظام ابدأ الحوار بين جميع مكونات المعارضة العراقية لبلورة مشروع وطني بديل عن العنصرية العربية البعثية وبعد ان تنامت حركة المقاومة في الشمال الكردي والجنوب الشيعي في الثمانيات ثم قيام الانتفاضة الشعبانية وجعل كردستان منطقة أمنة لتحتضن اول مؤتمر للمعارضة العراقية لتقرر فيه جملة من مبادئ المشروع الوطني اهما العراق تعددي فيدرالي (اتحادي) ديمقراطي جمهوري برلماني يفصل بين السلطات الثلاثة ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ثم تقرر تلك المبادئ في مؤتمر لندن وفي قرارات مجلس الحكم ثم تكون في قانون ادارة الدولة العراقية في الممارسة السياسية لكي تنتج دستوراً دائماً للعراق يجد فيه الكردي هويته المفقودة ويجد فيه الشيعي دوره المغيب ويجد فيه السني موقعه الطبيعي الذي ينسجم مع حجمه .
1.اذ النظام الديمقراطي في السلطة التشريعية والتنفيذية وفي كتابة الدستور حيث ينتخب الشعب الجمعية الوطنية المؤقتة التي
مهمتها كتابة مسودة الدستور ثم تعرضها على الشعب العراقي ليعطي رأيه عبر صناديق الاقتراع في رفضها او قبولها وان أفرزت الصناديق الرفض تنحل الجمعية الوطنية ويصار لانتخابات تقوم بنفس المهمة .
2.ولكي لا تكون للأكثرية هيمنة في فرض دستوراً معيناً اقرار ضمانات في الفقرات التالية من قانون إدارة الدولة العراقية المؤقتة المادة (60) التي تنص على ما يلي :
(على الجمعية الوطنية كتابة مسودة للدستور الدائم للعراق . وستقوم هذه الجمعية باداء هذه المسؤولية بطرق منها تشجيع المناقشات بشأن الدستور بواسطة اجتماعات عاملة علنية ودورية في كل أنحاء العراق وعبر وسائل الاعلام ، وتسلم المقترحات من مواطني العراق إثناء قيامها بعملية كتابة الدستور) .
وفي المادة (61) فقرة (ج) (يكون الاستفتاء العام ناجحاً ، ومسودة الدستور مصادقاً عليها ، عند موافقة أكثرية الناخبين في العراق ، واذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات او أكثر ) .
3. النظام الفدرالي في تطبيق الإدارة اللامركزية في العراق بتوزيع السلطة بين الحكومة المحلية والمركزية للحد من ظهور ادارة مركزية يسطر عليها عصابة من لون واحد ويغيب ويعذب فيها باقي مكونات الشعب العراقي ليتحقق النمو والازدهار في ربوع جميع العـراق ولا يغمط حـــــق واحد .
4. ترسيخ مبدأ الحوار الوطني لانجاح المشروع الوطني في العراق التي تبلورة صورة منه خلال الممارسة السياسية التي نعيش اجواها هذه الأيام.
5. تم تشكيل لجنة كتابة مسودة الدستور المتكونة من (51) عضواً او اكثر ونشهد سعي حثيث في جعل هذه اللجنة أكثر تنوعاً بحيث تعبر عن هويته وهناك محاولات جادة في إشراك الأحزاب والإطراف التي لم تشترك في الانتخابات او التي لم يحالفها الحظ في الفوز في لجنة كتابة الدستور او تأسيس لجان استشارية للجنة في كتابة مسودة الدستور تعرض على الجمعية الوطنية لإقرارها وبعدهما تعرض للاستفتاء العام .
6. وفي طبيعة المسودة طرح جلال الطالباني ان قانون ادارة الدولة المؤقتة تكون المسودة للدستور فيما طرح احد اعضاء قائمة الائتلاف انهم في صدد إعداد مسودة تختلف في بعض مضامينها عن قانون إدارة الدولة العراقية المؤقتة.
واخيراً أعلن رئيس الوزراء السيد إبراهيم الجعفري بأن كتابة الدستور تكون في إطار قانون ادارة الدولة العراقية المؤقتة .
لكن ثْم حقيقة يجب ان لا تغيب ان الدستور العراقي الجديد جاعلاً مبدأ التعددية احد القضايا الدستورية الثابتة في مواده وان يأخذ الكردي والعربي والشيعي والسني وغيرهم حقه الطبيعي في دستور الدولة الدائم.
وسوف نرى انعكاس هذه التعددية في صياغة الدستور من خلال قانون ادارة الدولة العراقية المؤقتة الذي يضمن الدور الرئيسي لجميع مكونات الشعب العراقي بمواده المتقدمة او في أجواء اللجنة المتنوعة او في قاعة الجمعية الوطنية المتعددة او في فضاء الواقع العراقي الذي يزخر بالتنوع والتعدد الذي يكون له الدور الرئيسي في إقرار الدستور لذا من اللازم على اللجنة وضع هذه الحقيقة إمامهم لكي لا تتكرر تلك ألازمات ولكي ننقذ أبناء العراق من عمليات ابادة أخرى بأي عنوان كان .