العراق بلد محفوف بالأزمات والمخاطر منذ تأسس الدولة العراقية وأشتدت به المحنة عند قيام النظام الدكتاتوري الصدامي وترك من الآثار والمخاطر والضحايا والوعي والمراجعة والمطالبة لا يمكن تجاوزها والتعافي منها لا بإرادة وطنية قوية ووعي صادق بناء .
وتراكمت الأزمات وهو يسير في طريق البناء وترتيب أوراقه وأولياته في ظل دستور عراقي نابع من إرادة الشعب ودعم المرجعية وحياة ديمقراطية تعتمد الانتخابات وصناديق الاقتراع الحد الفاصل في تشكيل حكومته ومشاركة قواه السياسية وحضور مكوناته .
وهو يسير في خطى متعثرة تبرز مشاكل سياسية وأخرى أمنية وثالثة خدمية ويتفاعل معها المواطن انطلاقاً من وعيه وحاجته وانتمائه ويعبر عنها بحضوره ويواجه دائما ً ان تلك المشاكل إلى أزمات ثم تضحي بمنافذ تدخل منها إرادات خارجية تخلط الأوراق على اخلاص المواطن وصدقة وحرصه فأول هذه الأزمات الانقسام السياسي من حيث التوجيهات والفهم والمبادرة للقيادات السياسية ومن وحي الواقع الذي يمثلوه والطموحات التي يأملونها ،لكن ما تمر الأزمة السياسية التي يراد لها المعالجة ويحصل التوافق حتى تبرز التدخلات الإقليمية والإرادة الدولية بخلط الأوراق على وعي المواطن في القضايا، فالأكراد وطموحهم ومكانتهم وفكرهم القومي وحجمهم السكاني والسياسي يدخل في الأجواء ويعطي تصور الانفصال والانقسام حتى تصبح الرؤيا القاتمة والحذرة . ان سياسة الإقليم في طريق الانفصال وهي تمارس الانقسام من حيث علاقاتها السياسية والخارجية أو من حيث سقف مطلبها العالية التي تحرج الشركاء وتجعل العملية السياسية في وعي المواطن يتساءل دائماً عن طموح الكرد والتنازلات المستمرة التي يقدمها الشركاء في الحكومة المركزية على طاولة التفاوض حتى أصبحت مصداقية الكرد وقوة وتماسك الحكومة المركزية موضع تساؤل .
ويأتي المكون السني الذي أصبحت مناطقه وأبناءه عرضة للعمل الإرهابي وفي نفس الوقت حاضنة للقاعدة وداعش وأمسى السياسيون يلعبون على جراح العراق وأخذوا يصبوا سهامهم باتهام للسياسيين الشيعة ويندفعوا في الدفاع عن المجرمين والمطالبة بحماية حزب البعث وإلغاء قانون المسائلة والعدالة واصدار العفو العام ثم يمارسوا عملية التضليل والتشويه للمجاهدين من الحشد الشعبي والجيش العراقي حتى أصبحوا يعيشوا عقدة الإنفصال عن العراق ويعمّقوا عملية الانفصال والانتقام في وعي المواطن العراقي ثم يرفعوا أصواتهم عالياً في دول الجوار والإعلام والمحافل الدولية بطلب العون والدعم رغم ما حصلوا عليه من نسبة 34 % من مشاركة بالحكومة في حين ان نسبة وجودهم في العراق 16 % أي أخذ حصتهم ضعفين فتكون مطالبهم بوابة يدخل من خلالها أعداء العراق وفي أجواء الإنقسام وقتال داعش والارهاب تأتي قضايا الخدمات الضاغطة على وعي المواطن الذي أخذ يتحسس كل مايدور بالعراق بوعيه ومشاعره ووجوده وكيانه ورصد الأخطاء والتقصير والقصور الذي تعاني منه الدولة العراقية من نقص بالكهرباء والخدمات والاعمار والفوضى الادارية والتدافع السياسي في ادراة تلك القضايا يخرج معبراً عن سخطه ومطالبه التي يجب أن يسمعها المسؤول ويتفهمها وأن يعمل مجلس النواب والحكومة على معالجة تلك الأزمات بخطة وليس بخطابات ومزايدات وبيانات كاذبة بعيدة عن مشاعر المواطن وحاجته .
وفي أجواء الأزمات السياسية والأمنية والخدمية تأتي المخططات الإقليمية بإستغلالها من خلال ما يشهدة العراق من انقسام ويتطلع اليه المواطن من خدمة فتكون تلك الأزمات نوافذ يدخل من خلالها العداء السعودي ليواصل برنامجه في تسخين الساحة العراقية من الشمال الى الجنوب حسب تعبير سلطان بندر وتطرح نفسها المدافع عن المكون السني وثم يبرر السياسي العراقي ليقدم مطالبة بتدخل الجيش العربي بعد رفضه لدخول الجيش العراقي والحشد الشعبي .
ثم ترتفع أصوات ستوديو التاسعة والخشلوك ليسلط الضوء على زوايا سيئة في العملية السياسية ليس بدافع الناصح والأمين وإنما بقصد تعقيد الساحة العراقية أكثر.
وهنا يأتي وعي المواطن بواقعه وحاجته إلى جنب الحفاظ على كيانه ووجوده المهدد خارجيا ً من الدول المعادية وداخليا ً من الارهاب والقاعدة وداعش ومخاطر التقسيم وهنا أورد حادثة ينقلها لي أحد الأصدقاء يقول : سافرت إلى إيران وركبت القطار من طهران إلى مشهد وكان معي مجموعة من الإيرانيين في الغرفة وكان الحوار بينهم ساخناً جداً في نقد الحكومة وما يعانيه المواطن من حاجة وما يتعرض له البلد من حصار وهكذا وكنت أستمع باهتمام حتى استهواني التدخل بالحديث لتأييدهم فشاركتهم بالنقد للسياسة الإيرانية وكانت لغتي فيها لكنة تدل على أني غير إيراني وهنا بادر شخص وسألني أنت خارجي أي أجنبي قلت نعم قال ما شأنك بإيران ومن سمح لك بنقد دولتنا وحكومتنا وليس من حقك التدخل في ما نحن فيه فتعجبت وكان درساً بليغاً أحببت ان أنقله في كل محفل للتميز بين مطالب الشعب والمخاطر التي تحيط به وان سر انتصار ايران في مواجهة العالم تكمن في التماسك الداخلي وروح المواطنة والدفاع عن الوطن، فأن وعي المواطن لقضاياه وما يحيط به من مخاطر تملي عليه التصرف بحكمة وقوة وإرادة واعية مما تمنع التدخل الأجنبي، فأن التظاهرات في ظل الأزمات حقوق طبيعية نابعة من وعي المواطن لحاجاته ولكن يجب أن لا تكون نافذة يدخل من خلالها الأعداء لتخريب العراق .