المظاهرات بين مطالب صادقة ودوافع فاسدة.
الحلقة الثانية .
حسين جلوب الساعدي
اولاً: الظروف التي انطلقت فيها المظاهرات.
الظروف والاحوال التي يشهدها العراق والتي مثلت وعاءً تملئه المظاهرات الصاخبة والمنفعلة، الظروف متداخلة ومربكة وعصبية وفي بعض جوانبها محبطة وبائسة وفي أخرى تتصف بعنصر التحدي والمواجهة وفي ثالثة تحمل في داخلها التآمر والعدوانية وفي رابعة تتمثل تحولات في المعادلة السياسية في البلاد لتنتج اصطفافات وتحالفات ومناكفات ومظاهرات ولكي نقف على تفسير موضوعي نعرض ابرز مظاهر الأحوال السياسية والخدمية والأمنية التي يمر بها العراق لتكون مقدمة لتشخيص الواقع ومنهم مطالب المتظاهر ووعي بعض الدوافع لها واهم هذه المظاهر ما يلي:
1- جاءت المظاهرات والعراق يعاني من حرب استنزافية دامت أربع سنوات لمواجهة وقتال الإرهاب وداعش والتآمر الدولي والإقليمي وانقسام داخلي ونزعة للانفصال والتآمر داخلي ولو تماسك الأكثرية الشيعية إثر فتوى الجهاد الكفائي وتشكيل الحشد الشعبي والعطاء السخي بالأموال والاقدام الشجاع للأبطال المجاهدين الذي هزم داعش وأفشل مخطط الانفصال وأجهض المشروع الدولي والاقليمي.
اذاً كانت بداية المظاهرات واستمرارها في هذه الأجواء الضاغطة.
2- الازمة المالية التي شهدها العراق نتيجة الصرف الكبير بتجهيز القوات العسكرية والأجهزة الأمنية في محاربة داعش ورافق ذلك هبوط حاد في أسعار النفط الذي يعتمد عليه العراق بشكل كامل مما أدى الى تعطيل برامج الحكومة وتأجيل تنفيذ المشاريع والخدمات وتوقف الدرجات الوظيفية مقرونة بسياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة فقد مثلت هذه الأشياء مجال اثارة ودلالة قصور البعض تحويلية الى تقصير.
3- الفساد الإداري والمالي في مفاصل الدولة تعاني الدوائر الحكومة من ظاهرة الفساد الإداري في التعسف والترهل والتعطيل والمماطلة في الإجراءات الإدارية والروتين الممل للمواطن من دون انجاز طلباته واجراء معاملاته حتى صار عرف اداري عند المواطن والمؤول في انجاز المعاملة بين الرشوة والمحسوبية والعلاقات الشخصية.
ويشهد العراق تعطيل بعض القوانين والإجراءات حسب امزجة المسؤولين كما ان الفساد المالي يأخذ مساحة كبيرة بعيد عن الأمانة والمهنية مما يؤدي لتبديد المال العام واما قضية الشركات والمقولات وكيفية ادارتها ورقابتها وانجازاتها فقد أصبحت ظاهرة الفساد واضحة وتحولات الى عصابات ومجاميع مسلحة وتفرض الاتاوة وتأخذ أموال الدولة والشعب عنوة بلا رادع ولا محاسب وخير دليل المنافذ الحدودية والشركات النفطية التي يسيطر عليها العشائر والمجاميع المسلحة وان محاربة ظاهرة الفساد اضحت شعار عريض يرفعه كل السياسيين والمسؤولين والمشاركين في إدارة الدولة والقوى السياسية المعارضة والأجواء الاجتماعية الناقدة.
4- نقص حاد في الخدمات: في كل مجاملات الصحة والتعليم والخدمات البلدية من ماء ومجاري وتنظيف الشوارع والمدن حتى تحولت الى مكب للنفايات والقمامة وتأتي الكهرباء في صدارة المعضلات التي لا يوجد لها حل وتبددت الآمال عند المواطن لحلها بعد وعود زاد على العقد من الزمن.
ضافت الى ازمة السكن التي يعاني منها المواطن ومما أدى الى ظهور العشوائيات في المدن التي أصبحت تعنى للفوضى والجريمة وارباك للتخطيط العمراني مما فقدت المدن خصائصها الحضرية والعمرانية وصارت قربة كبيرة.
فالنقص الحاد في الخدمات مثل مجالات للاحتجاج والملاحظة والمطالبة.