برزت قضية الحشد الشعبي في الساحة السياسية العراقية والإقليمية والدولية بشكل واسع وكبير من حيث المعارك والانتصارات التي حققها في المواجهة والتصدي لداعش الإرهابي وطبيعة تكوين مجاهديه والقدرة في تغيير المعادلة في ميادين القتال وموقف بعض القوى السياسية وخصوصاً السنية وبعض الشيعية منه ودوره في تغيير المخطط الامريكي للهيمنة والعودة لفعاليته في الساحة العراقية والحساسية العالية من بعض الدول الاقليمية من وجود هوية وإنتصار أبطال الحشد الشعبي وموقف الحكومة والبرلمان من تسيد ودعم الحشد الشعبي والتأطير القانوني والحكومي له من تأثير في المعادلة الصعبة بالعراق ودور الجمهورية الاسلامية الايرانية الداعمة وأبعاده في الصراع الامريكي والاقليمي، كل هذه القضايا الحادة والساخنة والخطرة تلقي بأثارها على طبيعة سير عمل العمليات وانتصارات الحشد الشعبي .
ان الانتصار الذي حققه في إيجاد واقع ميداني ألقى بظلاله على الاروقة السياسية وترتيب أوراق المنطقة .
بدأت جهود وجهاد الحشد الشعبي بعد ظهور داعش وسيطرته على الموصل وامتداده الى أسوار بغداد واخذ يهدد العاصمة ووقعت تحت ضرباته القوية من قصف بغداد، وظهر الضعف في الاجهزة الامنية والجيش العراقي وأصبح العراق في أجواء عاصفة تهدد وجوده وكيانه وتماسكه , هنا برز دور المرجعية الدينية القيادي والحامي والمدافع عن دماء العراقيين ووحدة أبناء الشعب وحماية العتبات المقدسة والحرص العالي والمسؤول عن أمن العراق، فأصدرت بيانها التإريخي في الجهاد والدفاع لمواجهة خطر داعش فهبّ الجميع للاستجابة والتأييد والمساندة للفتاوى ،فأنتج العديد من النشاطات من مظاهر وبيانات وإحتفالات وندوات والحضور في مراكز التطوع لجبهات القتال فأنتظم أبناء العراق والمرجعية في أفواج وألوية وسرايا قتالية، ونظمت الحكومة عملية التطوع والتدريب والاعداد وتشكيل هيئة الحشد الشعبي وأستلمت مهامها، وحضر المجاهدون ساحات القتال بكل شجاعة وبسالة وتفاني وقوة وصمود حتى أعاد هيبة الدولة إأبعاد مخاطر داعش ومطاردة فلوله المأزمة والحاقدة وحققت إنتصارات باهرة في تحرير ديالى وشمال محافظة بابل وخصوصا ً جرف الصخر ومدن الرمادي وحماية سامراء وطرده من بلد والدجيل والاسحاقي ثم كانت عمليات تحرير صلاح الدين التي نعيش بشائر إنتصارتها .
في هذه الأجواء والإنتصارات ظهرت أصوات مغرضة وأخرى محتقنة وثالثة قلقة ورابعة مأجورة ..
في التشكيك بمصداقية أبطال الحشد الشعبي من كونه يمثل مكون واحد الشيعة وارتفعت الأصوات في النيل من مصداقية عملياته الميدانية وأنه مليشيات أو أنه يريد الانتقام من السنة وأنه يمارس عمليات أعتداء على أبناء المناطق المحررة فكان بعض السياسين السنة الذين لايملكوا رصيدا ً في الواقع الميداني ويعيشوا في أجواء مأزمة في النيل من المجاهدين والمطالبة بحماية أبناء المناطق المحررة وإعادة إعمارها وإسعافهم بالإغاثة بنبرة مبحوحة تحمل إتهامات باطلة بدل أن يبادروا بالشكر والثناء والدعم والتأييد لأبناء الحشد الشعبي يقابلوهم بالطعن والاتهام ويجعلوا كلامهم هذا تمهيدا ً لإيجاد غطاء لحضور جيوش من الدول العربية لحمايتهم وخصوصا ً تلك الدول التي تدعم الارهاب وتسانده بشكل من الاشكال وبعيدا ً عن أمكانية توقعاته حضور الجيوش العربية في العراق الا أن إثارة ذلك في أجواء الانتصارات يمثل طبيعة التفكير وما يضمره أصحاب هذا الطرح لتدويل القضية العراقية وإدخالها في دهاليز المزايدات السياسية في المنطقة .
وألتقت هذه الاصوات مع الإرادة الامريكية المحتقنة والمختنقة من الانتصارات ،حيث كانت تراهن على ضعف الحكومة العراقية وهزيمة الجيش العراقي لتعود بتخويلها من جديد في الواقع بقوة وتكون هي المنقذ للعراق في محنته هذه ،لكن جهود الابطال أسقط هذه الاماني في تقدمهم الميداني وبكل قوة وبسالة وشجاعة مما ولد الأضطراب والقلق لتعلن الادارة الامريكية موقفها في عدم مشاركتها بالغطاء الجوي للمقاتلين واتهامهم بالطائفية والتقت مع تلك الاصوات في المطالبة من الحد من الانتقام , فكان القول الفصل في هذه الظروف المتدافعة بيان المرجعية لأبناء الحشد الشعبي والقوات المسلحة في الالتزام بالاحكام الاسلامية والمحافظة على أرواح وممتلكات المواطنين وفي نفس الوقت كان حضور بعض أبناء العشائر السنية وتشكيل أفواج مقاتلة أحبط تلك المزايدات وألتقت أرادتهم وحماسهم لتحرير مناطقهم بالروح المسؤولة والممارسة المنظبطة لأبناء الجيش العراقي والحشد الشعبي مما دفعت الشكوك والقلق الذي حاول البعض أثارتهما في الاروقة السياسية وتبديد القلق بظهور الروح القتالية والاقدام على الشهادة والمسؤولية العالية اتجاه العراق وأمنه وأستقراره التي يتمتع بها المجاهدون وأنهم الامل في دفع عداوة داعش وأجرامه ودمويته .
وقبل هذا وذاك ان أبناء الشعب العراقي يتميزون بالوفاء والاحترام لكل من يقف الى جانبهم في المفاصل المهمة والخطرة في حياتهم ونسب المواقف في ظروفها، فكان موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية الداعم والمساند لوحدة العراق ومواجهة الخطر الداعشي الذي يهدد المنطقة يحسب لهم في كل المقاييس .
ان الحشد الشعبي يمثل روح العراق النابضة بالحياة والرفض والصمود والتحدي ويعتبر الحامي والمدافع عن وحدة وتراب العراق من دنس خوارج العصر .
فأن النيل منهم أو التشكيك بمصداقيتهم وعدم إنصافهم يعد تجاوزاً مرفوضاً يحاكم عليه قائله وفاعله في صفحات التأريخ وفي ضمير كل عراقي شريف .