بمناسبة عاشوراء الحسين ( عليه السلام ) وأحيائا ً للشعائر الحسينية أقامت مؤسسة الهدى ندوة تضمنت قراءة في كتاب زينب الكبرى قدمت القراءة من قبل الباحث الدكتور شاكر عطية الساعدي فيما قدم الأستاذ والباحث حسين جلوب الساعدي بحثا ً بعنوان (ثورة الحسين في الوجدان الشيعي ) .
أدار الندوة الأستاذ غازي جلوب الزركاني والذي تكلم في بداية الندوة عن تاريخ الشعائر الحسينية وتمسك أتباع أهل البيت بأحيائها وأبوا ألا أن يقيموا الشعائر في كل بقاع العالم رغم بعد المسافات وأختلاف الثقافة والعادات . بعد ذلك قدم الحاج عبدالله نجم النقدي أحد أحفاد الشيخ جعفر النقدي نبذة عن حياة الشيخ صاحب الكتاب معربا ً عن شكره وتقديره الى مؤسسة الهدى وبرامجها المهمة والمنوعة وعريف الحضور بالشيخ النقدي قائلا ً هو جعفر أبن محمد أبن عبدالله أبن محمد الربيعي النزاري والذي عرف بالنقدي ولد في مدينة العمارة سنة 1303هـ من عائلة ميسورة وتوسم والده فيه النبوغ والذكاء وعندما أصبح فتىً يافعا ً سافر به الى النجف الأشرف لطلب العلم من هناك وأجتهد في دراسته وفي مختلف المجالات الدينية وتتلمذ على يد علماء كبار منهم كاظم اليزدي والملا كاظم الخرساني وكذلك درس عند الشيخ هبة الدين الشهرستاني و أرسل الى مدينة العمارة للوعظ والإرشاد وبنى جامع النجارين في وسط المدينة .
وعند أحتلال مدينة العمارة من قبل الاحتلال البريطاني أجتمعوا بالأهالي وطلبوا منهم تعيين قاضي جعفري من أهالي ميسان فوقع الأختيار على الشيخ النقدي ولكنه رفض ذلك مما أضطر أهالي ميسان بتشكيل وفد والذهاب الى السيد كاظم اليزدي الذي طلب منه تولي المنصب وظل يقضي بين أهله في ميسان وبعدها نقل الى بغداد ليعين قاضيا ً هناك وثم عضو في هيئة التمييز الشرعي وثم نقل الى كربلاء والحلة وثم عاد الى بغداد ليستقر به المقام في مدينة الكاظمية وفي عام 1950م وفي ليلة العاشر من محرم كان حاضرا ً أحد مجالس التعزية في حسينية ال ياسين وعندما قرأ القاريء أجهش النقدي بالبكاء حتى فارق الحياة رحمة الله تعالى على روحه وبعد التشييع المهيب في بغداد والنجف الأشرف دفن في الصحن الحيدري الشريف وللشيخ النقدي عديد من المؤلفات ووجدت له في مكتبة السيد الحكيم أكثر من أربعين مخطوطة وهي قيد الطبع في مدينة قم المقدسة ولديه كثير من الدراسات والبحوث وكتب كثير من المقالات في المجلات العراقية واللبنانية .
وفي نهاية حديثه قدم شكره للحضور ورئيس وأعضاء المؤسسة .
بعد ذلك قدم الأستاذ حسين جلوب الساعدي بحثا ً بعنوان ( الحسين في الوجدان الشيعي ) شكر في بداية حديثه الحاج عبدالله النقدي على حضوره وتمنى أن يكون مؤتمر خاص للشيخ النقدي لبيان نتاجه العلمي والأدبي ومحطات حياته المفيدة ويكون تكريمه بطبع المجموعة الكاملة لمؤلفاته .
وثم قدم الساعدي بحثه الخاص بثورة الحسين متحدثا ً عن هدفها الأساسي والذي قال فيها : ثورة الأمام الحسين ثورة كبرى الهدف الأساسي منها هو أصلاح الأمة الأسلامية بعد أن تعرضت الى التخريب من الداخل بسبب بني أمية وقد أعطاها البعض بعد سياسي أمثال الشيخ مهدي شمس الدين أما السيد مرتضى العسكري يعطيها بعد بأن الأمام الحسين (ع) قام لأعادة الأمة الى القرآن وسنة النبي (ص) وقال السيد العسكري ( لولا ثورة الأمام الحسين (ع) لما بقي صحيح البخاري ) .
وتحدث الساعدي عن ثورة الأمام الحسين (ع ) وصنف فهمها الى ثلاثة أصناف
الأول هو شيعة أهل البيت الذين استقبلوا الفاجعة بالحزن والندم والغضب والثورة والعداء لبني أمية وحتى رفع شعار الرضا لأل محمد (ًص) في كل الثورات .
أما الصنف الثاني موقف عامة المسلمين أصيبوا بالدهشة والأستنكار وحصلت أحتجاجات من قبل بعض الشخصيات التي كانت لها مكانة بذلك الوقت مثل زيد أبن أرقم عندما وصله الخبر وهو في مجلسه قال (بعدا ً لمن رضي بالذل والعار ) والحسن البصري عندما وصله الخبر قال ( ذلت أمة ٌ قتلت أبن نبيها ) وهكذا أستقبل الخبر والحدث الكبير بالأستنكار .
فيما يلخص الباحث الصنف الثالث معتبرهم المحيطين بالنظام وأطرافه والذين أستقبلوا خبر مقتل الحسين ( ع) بالأستبشار والفرح والسرور معتبرين أنه تم القضاء على الخارج عن الدين وعندما نقرأ في مسيرة السبايا ووصولهم الى الشام وقد أظهر النظام الأموي وأشياعه الأفراح والمسرات لهذا الحدث .
وأعتبر الباحث أن هذه الأصناف الثلاثة ظلت لليوم قائمة معتبرها هي السبب ببقاء ثورة الأمام الحسين (ع ) غظة طرية كأنما حدثت اليوم نتفاعل معها بمشاعرنا بأحساسنا وبقرائاتنا . وقدم الباحث شرحاً مختصرا ً عن تاريخ الحسينيات وأسباب أقامتها والمراسيم الحسينية والقراءة والرثاء ودخول بعض العادات على التعازي الحسينية .
فيما قدم الباحث الدكتور شاكر عطيه قراءة في كتاب زينب الكبرى وبدئها بالمحور الأول بشهادة مجموعة من علماء الحوزة العلمية في النجف الأشرف بحق مؤلف الكتاب الشيخ جعفر النقدي رحمة الله عليه بقوله : الشيخ الطهراني ( عالم خبير متبحر وأديب شاعر معروف ) أما الشيخ الخاقاني فقال (أحد أعلام عصره وممن حاز على شهرة وأطلاع واسع ) أما السماوي فقال عنه ( فاضل مشارك في جملة من العلوم , وأديب حسن المنشور والمنظوم ) وذكره الميرزا محمد علي المدرسي بالقول ( من فضلاء علماء الأمامية العرب في عصره فقيه أصول محدث رجالي مفسر أديب مؤرخ رياضي شاعر ماهر ) وقدم عطيه بعد ذلك قرائته بالكتاب بباقي المحاور معتبر أختيار الموضوع من الأهمية وحاجة الناس أليه وأختلاف الآراء في شخصية زينب (ع ) وعدم الوقوف على ما تتمتع به من فضائل ومناقب .والثالث مايتمتع من الأنسجام مع ضوابط المنهج العلمي في كتابة البحث والدراسات العلمية والتحقيقية من قبل الباحث . والثالث ما يتمتع به الكتاب بسلاسة التعبير وسهولة الفهم وقلة وندرة التعقيد ووضوح العبارة والتحقيق مع قلة الأخطاء النحوية والمطبعية وأظهار المعاني الدقيقة بألفاظ أدبية بليغة قليلة موضحا ً سبب مجيء هذا الكتاب بحجم 190 صفحة ملما ً بما لايمكن الألمام به بهذه السعة والحجم الصغير ذلك من خلال تسليط الضوء على أبرز واهم ما تتميز به هذه الشخصية الأسلامية الفريدة من نوعها في التاريخ البشري أذ كانت كأمها الزهراء (ع) في علمها وعبادتها .
وأختتمت الندوة بتقديم درع مؤسسة الهدى للدراسات الأستراتيجية الى عائلة الفقيد الشيخ جعفر النقدي ( قدس سره)تسلمها حفيده الحاج عبدالله النقدي ومما تجدر إليه الأشارة حرصت مؤسسة الهدى على أن يكون نشاطها في أيام عشرة عاشوراء يتناسب مع مقام المناسبة وحجم المأساة التي تعرض لها أهل بيت الرسالة ( سلام الله عليهم ).