ضمن البرنامج الأسبوعي لمؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية وبالتعاون مع اللجنة الفكرية والثقافية أحدى لجان الهيئة العلمية أقيمت ندوة فكرية لغوية بعنوان ( سبيط النيلي بين القصد والاعتباط ) وجرى استضافة الدكتور علي حسن هذيلي الذي أعد بحثا ً وافيا ً عن الموضوع طرح فيه مقدمة عن مفهوم اللغة ومقدمة أخرى عن عالم سبيط النيلي أدار الندوة الدكتور عباس عودة شنيور وأفتتح الندوة بحديث جاء فيه : أن الفكر البشري بحراكه المستمر يحاول جاهدا ً يقترب من ما أراده الله تعالى في كل مساربه ومساراته سواء كان منها الأيدولوجيات الوضعية أو الأيدولوجيات الدينية والجميع وعلى الرغم من الاختلاف نسعى لأقامة مجتمع يسير على ضوء الحق والعدالة والفضيلة وأفكارنا في الغالب تتصارع وربما كان الطرح الديني يمتلك أسسا ً قوية من المحاججة حينما يسند ما يراه الفكر الديني الى الله تعالى وكأنما يتكلم بأسم الله تعالى وأكمل شنيور حديثه بالقول أما العلماء الماديين الوضعين أيضا ً يحاولون يصلون الى النتيجة نفسها الفارق أن القسم الأول يتسلح بعلم خاص والقسم الخر يتسلح بعلوم اخرى وعالم سبيط النيلي المهندس الذي نال شهادة الهندسة من أوكرانيا وتخصص في هندسة الإلكترون ومن مواليد بابل ناحية النيل والده شاعرا ً شعبيا ً قصائده كلها تتغنى بحب ورثاء الحسين عليه السلام وكانت نشأته دينه وكان محبا ً للقراءة معتادا ً على النقد وأنبثق فكره وكأنما أنزل من السماء بشكل مفاجيء أذهل كثير من الأكاديميين والمثقفين وقد تجاهله علماء الدين ورد عليه بعض الفضلاء من الحوزة العلمية على ما طرحه النيلي من أفكار توفي النيلي سنة 2000 م عن عمر ناهز 44 عام .
 و تحدث الباحث الدكتور علي حسن هذيلي عن أفكار النيلي أبتدئها بمقدمة جاء فيها قضية الدلالة قضية علاقة الدال بالمدلول فقضية الدال ما يشار به الى شيء ما والمدلول الشيء المشار اليه والعلاقة بين الدال والمدلول هي علاقة الدلالة بحيث أذا ذكر أحدهما أنتقلت مباشرة ً الى المدلول مثل قضية المعاني الموجودة حولنا هذه مدلولات . ويستمر هذيلي بطرحه باقول ماطرحه العالم سبيط النيلي فهو يتعلق بنشأة اللغة والغريب أن النيلي لم يتعلق بكل كتبه لهذا الموضوع قضية نشأة اللغة ربما لأن الموضوع ميتافيزيقي من وجهة نظر النيلي فهو يحاول أن يكون علميا ً وتجريبيا ً مع ذلك حتى المنطقة التي أشتغل فيها هي منطقة ميتافيزيقية وفيها كثير من الغيب بدليل اختلفنا فيها كثيرا ً لأن في ما يخص نشأة اللغة هناك أربع نظريات تقريبا ً تتحدث عن نشأة اللغة وتحدث هذيلي عنها بشكل مختصر وما يناسب الموضوع المطروح للبحث حسب تعبير الباحث . 
 يقول هذيلي رغم اختلافي مع النيلي ألا أنه من العقول الكبيرة التي تجبرك على احترامها وتقدير جهدها فهو صاحب نظرية والبحث في علومه ستكون ضرورة تفرضها علينا الأمانة العلمية فيما يستدرك هذيلي قائلا ً البحث لابد أن يصطدم بسوء الفهم لأن البحث في مفكر كبير لايعني أنك تتبنى أفكاره بقدر ما يعني أن طرحه يستحق الأهمتام لاسيما وهو يتعلق بأهم كتاب ألهي أنزل على خير البشرية النبي محمد ( صلى الله عليه وأله وسلم ) . ولأن البحث طويل سنشير الى الاختلاف الذي طرحه هذيلي وهو ما أعتبر كل التفاسير أعتابطيه حسب سبيط النيلي لماذا لأن المفسرين يؤمنون بأن العلاقة بين الدال والمدلول اعتباطية بينما هو يؤمن بقصديتها وأيمان المفسرين هذا أنتقل من المفردات الى الجمل فالفقرات فالنصوص فالخطابات فأصبح التفسير كله أعتباطيا ً أي أن المفسر يؤول النصوص ويفسرها هكذا كيف ما أتفق بدون سند علمي ما يعني أن أي تفسير يقول به هؤلاء الاعتباطيون للقرآن أو لغيره لابد أن يكون خطء بسبب الأساس الذي انطلقوا منه الأعتباط وهو اساس خاطيء ولكي يثبت النيلي قصديته حسب ما يقول هذيلي أخذ يراهن على أخطاء المفسرين أي نظريته أخذت مصداقيتها من أخطاء الأخرين لا لأنها صادقة في ذاتها فالسابقون لغويون ونحويون وبلاغيون ونقاد ومفسرون حتى وأن قالوا بالعلاقة الأعتباطية بين الدال والمدلول ألا أنهم أمنوا بقصديتها بمجرد أن تخطوا مرحلة الوضع ويوضح هذيلي هذا الموضع بالقول : ثمة مدلول سبق وجوده وجود الدال وعندما وجد البشر لسبب ما على هذه الأرض ولأنهم كائنات أجتماعية أحتاجوا الى ألفاظ يتواصلون بها ويعبرون عن أنفسهم لذا فقد وضعوا لكل مدلول يحيط بهم أو يتحرك في دواخلهم وضعوا دالا ً يشير اليه وقد اختاروا الدال هكذا من دون أن يكون ثمة علاقة ضرورية بينها وبين ما تشير بحسب أحدى النظريتين وعندما وضعوا لكل معنى لفظا ً أو لكل مدلول دالا ً انتهت مرحلة الأعتباط لتبدأ مرحلة جديدة أسمها القصد لهذا عندما يقول ما أسماهم النيلي الأعتباطيون : القرآن فهم يعنون القرآن وعندما يقولون الكتاب فهم يعنون الكتاب وعندما يقولون الذكر فهم يعنون الذكر وهكذا أي أستعمالهم للألفاظ هو أستعمال قصدي وليس أعتباطا ً ويشير هذيلي الى مسألة المفسرين بالقول نعم فهم كائنات غير معصومة يتعاملون مع النص بطريقة أعتباطية فيعطون للدال مدلولا ً ليس له والنيلي سيكون مشولا ً بذلك الأعتباط من غير أن يشعر . وفي نهاية بحثه يؤكد هذيلي على أن الكل قصديون ولا يوجد أعتباطي واحد والفرق بين قصديتنا وقصدية النيلي أن الثانية ستؤدي بصاحبها بالأنغلاق والدوغاما أما قصديتنا فمفتوحة وجميلة لأنها تقول بالحقيقة والمجاز والواقع والأنزياح والثبات والتغيير والترادف والتباين والتقديم والتأخير والأيجاز والأطناب والتشبيه والأستعارة والكناية والذكر والحذف والفراغات والفجوات التي يعمل على ملئها بطريقة قصدية .. لذا فأن طريقة النيلي في التعاطي مع المختلفين معه ستكون مضرة لا علينا نحن الخطائين فحسب بل على النيلي نفسه الذي سيضطر الى أن يكون قصديا ً جدا ً ومعصوما ً جدا ً ليثبت أننا أعتباطيون جدا ً وغير معصومين جدا ً وهو أثبات لسنا بحاجة اليه بعد أن خلقنا الله سبحانه وتعالى هكذا أراد أن نصارع أنفسنا ونحقق ذواتنا وقد بارك الله لنا هذا السعي . 
 وبعد أن أختتم هذيلي حديثه عقب مقدم الندوة : أفة العلم العجب والذي يتجاوز الأصول والمبادئ لاشك سيقع في أخطاء وربما هذه الأخطاء كثيرة لا أريد أن أقول عالم سبيط النيلي واحد من هؤلاء الذين تجاوزوا المبادئ والأصول فالقضية واضحة فهو درس هندسة الإلكترون وجعل كتاباته خاصة باللغة والأحكام الشرعية وأصول الفقه والعقائد وهذه العلوم تحتاج الى تمكن من مبادئ أساسية والنيلي تجاوز هذه المباديء وتناول المباني الكبيرة الضخمة ولو كان قد درس هذه المباديء والأسس والمقدمات لعرف أن النظرية القصدية ليس هو من ابتدعها فهناك أسماء معروفة على سبيل المثال أبن جني العالم اللغوي الكبير والذي تحدث عن مناسبة الفظ والمعنى وأعطى معاني للحروف . 
 وحضر الندوة الأستاذ ناظم كاطع الساعدي عضو مجلس النواب العراقي وأساتذة وباحثين وأكاديميين وشارك عدد منهم بالتعقيب والنقاش وطرح الأسئلة التي رد عليها الدكتور علي حسن هذيلي صاحب البحث وفي نهاية الندوة تقدم الأستاذ حسين جلوب الساعدي للباحث والحضور بالشكر والثناء على الحضور والمشاركة والاهتمام بما تطرحه المؤسسة من مواضيع ثقافية وفكرية واجتماعية وفي المجالات الأخرى