عقدت مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية ندوة حوارية حول الاتفاقية العراقية الصينية التي وقعت بين الحكومة العراقية والحكومة الصينية أدار الندوة الدكتور حسن رشك المحاضر في جامعة الأمام الصادق وشارك فيها الدكتور معن عبود علي والدكتور صادق حميد البطاط وأفتتح الندوة الدكتور حسن رشك بدعوة الحضور لقراءة سورة الفاتحة ترحما ً على ارواح الشهداء وبعدها طرح مجموعة من المفاهيم حول مفهوم الاتفاقية وتسميتها ومدى صحة ما نشر عنها في وسائل الأعلام الحكومية ومن المفاهيم التي طرحها رشك هي الاختلاف على عنوان الاتفاقية فهل هي اتفاقية كما روج لها الأعلام الحكومي أم هي بروتكول تعاون بين البلدين أم هي صيغة تفاهم تجاري أم هي عقود مقاولات ام ماذا أم هي خطة استراتيجية تسعى لها الصين لتعلن عن نفسها كقوة اقتصادية هائلة تريد أن تحل بشكل تدريجي بدلاً عن أمريكا التي هيمنت على المنطقة خلال العقود الأخيرة ونحن نلتمس الخطوات من خلال سلسلة من المعاهدات والبروتكولات التجارية والاقتصادية التي وقعتها الصين مع بلدان المنطقة ومنها باكستان وايران والكويت واخرها العراق وماهي الأسباب والأثار التي اثارت حفيظة امريكا وامتعاضها الواضح جدا ً من تلك الخطوات الصينية في أطار تحركها لأحياء مبادرة الحزام والطريق التي بدأته الصين في أولى خطواتها منذ عام 2013 م بسلسلة من التفاهمات والاتفاقيات كان اخرها الاتفاقية العراقية الصينية التي بدأت بوادرها في زمن حكومة المالكي ونضجت في زمن العبادي ووقعت في زمن حكومة عادل عبد المهدي بتاريخ 13/ 9 / 2019 معلنة ً عن مرحلة اقتصادية جديدة لأعمار البنى التحتية للعراق ضمن برنامج يمكن تسميته النفط مقابل الأعمار بلحاظ أن العراق يعد عقدة التواصل بين الشرق الأقصى بأوروبا الغربية وتربط ايران وسوريا من خلالها الى الموانئ الجنوبية لأوربا الغربية ويضيف رشك في معرض مقدمته أن مثل هكذا اتفاقيات تؤدي الى أحياء طريق الحرير القديم الذي كانت تسلكه القوافل التجارية بين الصين وأوربا ويعود رشك الى مفهوم الاتفاقية العراقية الصينية والتي كثر الحديث عنها على حد قوله دون أن يطلع الجمهور وحتى مراكز الأبحاث على بنودها وخصائصها وصفاتها والموقعين عليها وهو ما يجلب الشك اتجاهها وبما أن النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي لذلك يتوجب على الحكومة العراقية حتى وان خولها الدستور في رسم السياسية الخارجة والتجارة الخارجية ولكن كل هذا لايخولها التكتم على مثل هذه الاتفاقية حسب ما ذكره رشك . 

 بعد ذلك جاء دور الدكتور معن عبود علي التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد / جامعة ميسان قدم محاضرة حول موضوع الاتفاقية أفتتحها بتعريف عن النظام الشيوعي الذي يحكم الصين معتبرا ً أن الاتفاقية هي مذكرات تفاهم التي بدأت في شهر ايار 2018 وكانت تسمى اتفاقية أطار التعاون التي وقعها السيد العبادي بتاريخ 11/ 5 / 2018 وبعد ذلك تناول علي كيفية تحولت الصين من الماركسية اللينينه الى الاقتصاد المفتوح مشيرا ً الى أن الصين يحكمها الحزب الشيوعي وهو يعتنق الاشتراكية حسب التوجه الماركسي والاشتراكية هي نقيض للرأسمالية وهذا أدى بالصين لمدة زمنية طويلة بأن تكون من البلدان المتقدمة جداً والبلدان المغلقة والتي تعاني من الفقر ولكن بعد عام 1978م انتهجت الصين نهج فكري اقتصادي جديد هو اقتصاد اشتراكية السوق , وفي أطار الاتفاق الذي وقعته حكومة عادل عبد المهدي يفيد علي بأن هذا أتفاق محاسبي بمقتضاه تفتح أربع حسابات كل حساب تفاصيله التخصصية جوهرها بأن العراق يصدر الى الصين يوميا ً مليون برميل من النفط الخام ويسدد حسب توقيتات محددة ويعطى الى المصرف الفدرالي الأمريكي ومن ثم البنك المركزي العراقي بعد أن يتم استقطاع حصة الكويت , حصل الاتفاق بأن من هذا المليون عشرة بالمائة منه توضع في صندوق في الصين ومصارف الصين بيد الدولة بمعنى التعامل بين البنك المركزي العراقي وبين مؤسسة حكومية صينية يضع العراق قيمة مائة برميل نفط يوميا ً وهذا ما شرعت به الحكومة العراقية من شهر تشرين أول 2019 وأودعت فعلا ً وحصل كلام بأن الاتفاقية بدأت تدخل حيز التنفيذ وفي نفس الوقت بدأ الكثير يسأل عن المشاريع والبنا التحتية وغيرها وإنما الحقيقة بالأمر أنها وضعت القيمة المقابلة الى مائة برميل نفط باليوم الواحد في الصندوق الصيني الحكومي ولحد الأن الواصل هو أشهر العاشر والحادي عشر والثاني عشر من السنة الماضية وغير متأكد من شهر الأول لهذه السنة هل تم وضع قيمته المقابلة أم لاء وهذه الأموال لم تكن متساوية كونها تعتمد على سعر برميل النفط في السوق العالمي وأثار علي شبهة حسب قوله اذا أنخفض سعر برميل النفط ما هو العمل سوف لم تحصل مشكلة لأننا سنضع قيمة الكمية المحددة مهما كان سعرها مرتفع أو منخفض وكذلك يطرح تساؤل ما هي الفائدة من وضع الأموال في الصين واذا أمتنعت الصين من أعادة الأموال واشترطت أن تكون مقابل مشاريع تنفذ من الصين بهذه الحالة ستكون الموازنة العامة هي المسؤولة عن إقرار تلك المشاريع التي تمول من الاتفاقية الصينية وبطبيعة الحال ستضيف الصين مع أموال النفط المودع لديها قرض بنسبة معينة وسقف معين وتنفذ ,ويضيف علي أما الحديث عن أربعمائة مليار أو خمسمائة مليار حسب ما ذكره صحفي عراقي وأعتبر علي مثل هذا الكلام هو مجرد (هراء ) لا يوجد أي من هذه المبالغ العالية وما أشيع شيء غير صحيح أما قضية التبادل التجاري فهذا شأنه وحده ويدفع من ميزان المدفوعات التجاري والحساب الجاري وحساب رأس المال وحساب الذهب والأصول الأخرى , من جانب أخر يذكر علي بأن قيمة التبادل التجاري بين العراق والصين عام 2019 يساوي 30 مليار دولار أذن حتى في التبادل التجاري لا يمكن أن يكون أربعمائة مليار دولار أو أكثر فهذا رقم غير ممكن ومتوقع لذلك من يقول المشاريع التي تنجز قيمتها خمسمائة مليار دولار فهذا غير صحيح أبداً , بعد ذلك تحاول المحاضر الى موضوع الاتفاقية هل فيها فائدة أو عديمة الفائدة يبين علي بأن الاتفاقية بحد ذاتها جيدة لكن مشكلة العراق يفتقد الى السياسات الكلية مثلا ً لا توجد في العراق سياسة تجارية لا توجد سياسة تسعير ولا توجد سياسة اجتماعية ولاسياسة تعليمية ولا توجد سياسة عمرانية هذه الإجراءات غير موجده في العراق وإنما الاتفاقية بطبيعتها جيدة ولكنها لا تقع تحت مظلة سياسية واضحة لذلك ذهب العراق الى الاتفاقية الصينية ليتخلص من الفساد وهذا بحد ذاته لا يعد حلا ً كون العقود الحكومية غير موقعة وبعدها سنضطر بأن توقع العقود من الجهات الحكومية بمعنى ما هربت منه وقعت فيه , ويختم علي حديثه بالقول الاتفاقية من الناحية الذاتية جيدة لكن ماهي نتائجها الإيجابية على العراق لحد الأن لا يوجد شيء . 

 بعد ذلك قدم الدكتور صادق حميد البطاط المحاضر في جامعة الأمام الصادق محاضرة حول الاتفاقية من جانب أبعادها القانونية وأفتتح محاضرته بتحية الحضور وتحدث عن الأهمية القانونية بخصوص الاتفاقية معتبرا ً ما أخذته الاتفاقية من نقاش وجدل على مستوى ونطاق واسع هو بسبب لم نجد من يتحدث بشيء دقيق عن هذا الموضوع بشكل قاطع للنزاع فالمقالات والأفكار والقراءات لا تعتبر بديل للتوضيح بشكل دقيق علما ً مثل هذا الموضع لا يحتاج الى هكذا ضبابية حسب تعبير البطاط منها ما يتعلق بطبيعة الموضوع وأهميته كون الاتفاقية تتعلق بمشاريع خدمية مباشرة للمواطنين وكذلك الأمر يخص النفط وهو الموضوع المهم لذلك من حق جميع الشعب العراقي الاطلاع ومعرفة ما يدور بخصوص الاتفاقية , ويشير البطاط على الأعلام الحكومي أن يلعب دور مهم في موضوع الاتفاقية بينما كان غياب واضح للأعلام الحكومي في حين الوفد الذي ذهب للصين كان وفد على مستوى عالي بينما يؤكد البطاط بالقول لحد هذه اللحظة لا توجد بين أيدنا كباحثين بنود واضحة لنرى هل هذه البنود إيجابية تخدم الوضع أم فيها بعض البنود والنقاط التي تحتاج الى تغيير وضرب البطاط مثلا ً حول العقود التي أبرمت في محافظة ميسان ضمن جولات التراخيص ويقول حاولت دراسة تلك العقود لتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف واحتوت الدراسة على خمسمائة صفحة لذلك مثل هكذا موضوع مهم نحتاج الى دراسة وبحث لغرض كشف مواطن القوة والضعف فيها , ويضيف البطاط لاتزال الاتفاقية محل جدل ومحل اختلاف وخلاف وما يخصنا في هذا الموضوع الجانب القانوني وأي موضوع الأن ولغرض يكتب له النجاح على أرض الواقع يجب أن يكون الأساس القانوني له موجود والقانون العراقي يختلف عن القانون الصيني , وأثار البطاط موضوع بأن يكون العراق ليس كرة أو جزء تتناقلها أطراف الصراع الدائر بين الأقطاب المؤثرة في العالم وإنما يجب أن نبحث هل هذا الأمر من مصلحة العراق أم لا فدوائر الصراع يجب أن لا نكون معنين بها , وحول المضي بموضع الاتفاقية يقول البطاط يتطلب أمور منها معرفة بنود الاتفاقية وكذلك أشار الى أن الأموال قابلة للزيادة ومدة الاتفاق وكما روج له على أن مداه خمسون سنة وهناك من ذكر على أنه عشرون سنه ولحد الان لم نعرف التكييف القانوني للاتفاق والعراق يقدم الأن مبالغ سواء نفطية او غيرها فهو يقدم مبالغ للجانب الصيني مقابل تقديم مشارع من قبل الصين للعراق ويؤكد الباحث على أن هذا الاتفاق يجب أن يؤطر باطار قانوني وحتى أذا كان هذا الموضوع مضمن ضمن قانون الموازنة فيجب الإفصاح عنه وتأطيره بالإطار القانوني وحسب القانون العراقي وفي معرض حديثه أثار البطاط عدد من الأمور القانونية التي تتعلق ضمن العقود المبرمة مع الشركات ومن خلال حديثه أثار مجموعة من الإشكاليات والمخاوف رغم أنه أشار في بداية محاضرته هو لايزال لم يبدي رأيه في موضوع الاتفاقية . 

 وأثيرت خلال الندوة مجموعة التساؤلات والاعتراضات على الاتفاقية والتي طالب الحضور من الحكومة الإفصاح عن مجمل عقود الاتفاق للخروج من الغموض والضبابية التي تدور حوله . 

 وحضر الندوة عدد من المهتمين في الجانب الاقتصادي والقانوني وخبراء في العقود النفطية وكذلك شارك في الندوة شخصيات أكاديمية وسياسية وقنوات فضائية . 

 ويبقى المهم في الاتفاقية هو كشف بنودها لمعرفة ماهي مواطن القوة والضعف فيها وهذا أمر مسلم له كون النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي ولطالما الأتفاق هو النفط مقابل الأعمار فمن حق الشعب العراقي الاطلاع عليه بشكل جلي وواضح لمعرفتها والتخلص من الجدل الحاصل حولها .