برعاية الدكتور (عباس عوده الحميداوي) عميد كلية التربية الأساسية /أقام قسم اللغة العربية / وبالتعاون مع مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية ندوة فكرية بعنوان ( التسامح في الصحيفة السجادية مشروع بناء مجتمع خال من العنف ) . أدار الندوة الدكتور قاسم القرشي وقدمت ورقتان في الندوة الأولى كانت بعنوان ( التسامح في الصحيفة السجادية ) قدمها الدكتور (حيدر جاسم ) أفتتح ورقته البحثية عن الحاجة للدعاء واهمية دعاء الانسان المؤمن لله تعالى معتبراً الصحيفة السجادية في تنوع موضوعاتها وتكامل ارائها هي برنامج شامل لبناء الانسان وصياغته وفق اسس دينية رصينة , ويتحول الباحث الى مفهوم التسامح في اللغة والاصطلاح والى الاستعداد للتسامح مع ان نتناسى الماضي الاليم بكل ارادتنا واختيارنا , معتبرا ان التسامح ضرورة حياتية اجتماعية , وتناول ادعية الصحيفة السجادية ومعانيها في العفو والصفح والتي تأتي عن المقدرة متقربا ً الى الله تعالى بما عفا وأصفح عن الأخرين , وتطرق جاسم خلال حديثه لسيرة بعض الأنبياء عليهم السلام ومواقف العفو والصفح والتسامح في حياتهم ذاكرا ً مجموعة من القصص والأمثال واختتم بحثه بالقول ان الانسان المتحرر من سجن هوى النفس وقيود المصالح الشخصية يفيض قلبه بالحب والحنان على جميع البشرية .
وجاءت الورقة الثانية بعنوان ( التسامح المضمون الفكري والالتزام العملي) قدمها الأستاذ (حسين جلوب الساعدي) رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الأستراتيجية وأفتتح حديثه بالقول بعد التحول الكبير الذي حصل في العراق عام 2003 أنفتح المثقف والمتلقي على العديد من الأفكار والآراء والثقافات وحصل حوار وجدل وتقاطع وتواصل وأعجاب وقبول وممانعة في بعضها , ومن بين هذه الأفكار التعددية السياسية والثقافة والتسامح والتعايش وقبول الأخر , وأخذت في جوانبها الشعار الصاخب والترديد وبلا معرفة وما دليلها ولاستفادة من فضاءاتها , واشار الساعدي الى موضوع التعرف على , مفهوم التسامح والظروف التي نشيء بها , والكيفية التي نستقبل فيها المصطلحات والمفاهيم الوافدة , ودراسة معنى التسامح في الإسلام في ثلاثة أبعاد : بعد المفاهيم والأفكار في منظومة الفكر الإسلامي , الأحكام والتشريع التي توجب على المسلم , حركة التاريخ الإسلامي في الأستيعاب والانسجام . وحول مصطلح التسامح تحدث الساعدي قائلا ً : نشيء مصطلح التسامح في اجواء الصراع والنزاع والجدل عندما كانت المسيحية في اوربا مثقلة به واصناف الاضطهاد والظلم والقوانين الجائرة بحق الاقليات , وفي معرض حديثه أعتبر الساعدي بأن مصطلح التسامح من المصطلحات الوافدة على ثقافتنا وهي مثقلة بكل الأجواء التي نشأت بها بعد الحرب والقتال بين الطوائف في العصور المظلمة والوسطى في تاريخ اوربا الذي انتهى بعزل الكنيسة عن الحياة السياسية والمدنية , وبحث الساعدي بموضوع التعامل مع المصطلحات والأفكار الوافدة بعد أن تعرض العالم الأسلامي للغزو الفكري والثقافي وظهور التيارات العلمانية والقومية والماركسية وما رافق ظهورها من وسائل الرفاهية ووسائل العيش وتطور الصناعات حاولوا توظيفها وكأن الإسلام رافضا ً لها أو متخلف في هذا المضمار, وظهرت الممانعة والمقاومة من ثم الانطلاق في أيجاد رؤية حضارية وثقافية اسلامية تجمع بين الأصالة الفكرية والتجديد , ويذكر الساعدي عدد من المفاهيم التي يرتكز عليها الدين الأسلامي وفي مقدمتها احترام الأنسان وحرية الدين , تكريم الله للأنسان ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) عموم البشر من اصل واحد (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ ) , الدعوة للوحدة الانسانية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وذكر الباحث عدد من الآيات التي تؤكد على المشترك مع الأخر , ورفض الإكراه في الدين , وأتباع الكلمة الطيبة فبي الدعوة للأسلام والتي ركزت على المفاهيم الإنسانية في احترام الأنسان , أما في مجال الأخلاق والأدب والتعامل على أساس السماح والمحبة والانسجام ذكر الساعدي مجموعة من النقاط منها : الإيثار , الأحسان , العفو , رفض العداوة , الصفح والأعراض عن الجاهلين , الصلح , العدل , قبول الاعتذار , وغيرها من صور التعايش والمحبة , ودعا الساعدي الى احياء المفاهيم الإسلامية التي تدعو لاحترام الأنسان وكرامته والعفو والصفح والعدل والاحترام معربا ً عن أمله أن تجمع هذه المعاني في مصطلح جديد اسمه التسامح مشترطا ً أن لا يحمل في ثناياه ما يخالف القوانين والشرع والعرف .
وحضر الندوة عدد من الأساتذة وطلبة الكلية وأعلام جامعة ميسان . وفي ختام الندوة قدم الدكتور عباس عوده الحميداوي عميد كلية التربية الأساسية شهادات تقديرية للأستاذ حسين جلوب الساعدي والدكتور حيدر جاسم .