تحت شعار ( بالبحث العلمي نرتقي بالحاضر لمستقبل أفضل ) أختتم في محافظة ميسان على قاعة قصر المؤتمرات مؤتمر(التحولات والأفاق في العراق بعد عام 2003 ) والذي أقيم من قبل مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية ( ذات النفع العام ) وبالتعاون مع جامعة ميسان وكلية الأمام الكاظم (ع )/ أقسام ميسان , أفتتح المؤتمر بقراءة من الذكر الحكيم تلاها القارئ الدولي حيدر الخزاعي و قراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق وعزف السلام الجمهوري لجمهورية العراق من قبل الجوق الموسيقي لمديرية شرطة محافظة ميسان وشارك فريق أنشاد كلية التربية الأساسية/قسم التربية الفنية بأنشودة تغنت بميسان وربوعها الجميلة

 بعد ذلك جاء دور كلمات الجهات القائمة على المؤتمر كان أولها كلمة اللجنة التحضيرية قدمها الأستاذ الدكتور هاشم داخل الدراجي عميد كلية التربية في محافظة ميسان مرحبا ً بالحضور معربا ً عن سعادته بزملائه الباحثين وتجشمهم عناء المجيء الى ميسان من كافة جامعات العراق ومراكز البحوث وقدم الدراجي عرضا ً وافيا ً عن الملخصات والبحوث التي وصلت للمؤتمر وعدد البحوث التي تم قبولها وكان عدد البحوث المقبولة 65 بحثاً بينما البحوث التي وصلت الى المؤتمر أكثر من 100 بحث وفي معرض كلمته قدم الدراجي الشكر والتقدير الى الدوائر التي تعاونت من أجل إقامة ونجاح المؤتمر وهي محافظة ميسان وشركة نفط ميسان ومديرية الشرطة ومديرية المرور وكلية التربية الأساسية ومديرية توزيع كهرباء ميسان , وقدم الأستاذ حسين جلوب الساعدي رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية كلمة مهمة تضمنت أهمية انعقاد المؤتمر العلمي الثاني لمؤسسة الهدى وجاء في كلمة الساعدي : نلتقي اليوم في رحاب العراق لنتفحص واقعه وقراءة تجربته وتشخيص مظاهر التحولات فيه ورسم مستقبله على أسس علمية وقراءة موضوعية لينهض بها مجموعة من العلماء والباحثين , مشيرا ًالى أهمية البحث العلمي معتبره الأساس في بناء الدولة واستقامة الحكومة وتماسك المجتمع , وطالب الساعدي بأن تكون هناك وقفة وتأمل قبل قراءة التحولات لأثارة خزين الذاكرة واستنطاق الكبت والألم والحزن الذي كان العراق يعاني منه حتى تحسن المقارنة ويكون الأبداع في استعراض التحولات , وذٌكر الساعدي بما كان عليه العراق معتبره سجن كبير ورعب مستطير وقتل وأباده وتهجير واعدام وتعذيب وسجن واعتقال ودمار وفي قبضة نظام دكتاتوري استبدادي عنصري فئوي مارس قمع الحريات وتعطيل الحياة السياسية واصدار القوانين والقرارات الجائرة , ويقول الساعدي بأن الخلاص من النظام الدكتاتوري البعثي وأجهزته القمعية أكبر تحول شهده العراق في تاريخيه وأنفتح العراق على حياة جديدة وافق جديد ومسار جديد , وفي ما يخص التحول الفكري يذكر الساعدي لو رصدنا مفردات التحول الفكري والثقافي نجد سيل كبير من الأفكار والإيجابية تجرف في طريقها صخور وأنقاض تثير هواجس القلق وعناصر القوة لتأسيس لنهضة حضارية تعتمد البحث العلمي والنتاج الفكري اساسا ً في قراءة التحولات وتحويلها الى عناصر إيجابية لبناء الدولة والمجتمع والحياة وأشار الساعدي الى التحول الواسع والاستفادة من وسائل الاتصال والمنابر الإعلامية المنوعة وحرية الرأي والفكر والنشر وتأسيس العديد من مراكز الدراسات والمؤسسات العلمية التي تنتج المعرفة وتطور العلوم , وأختتم الساعدي كلمته بالقول أن العراق يشهد أنتعاش اقتصادي ويتطلع الشعب العراقي الى مزيد من النمو الاقتصادي وحل مشاكله وتحديد السياسات الاقتصادية ً معتبر أن هذه المهمة يقوم بها أنتم العلماء والمفكرين والباحثين كما قام أبناء العراق من الأجهزة الأمنية ومجاهدي الحشد الشعبي بقيادة المرجعية الدينية في حماية العراق من الإرهاب ودحره لذلك جاءت مبادرة مؤسسة الهدى وبالتعاون من جامعة ميسان وكلية الأمام الكاظم ( ع ) في ميسان في عقد مؤتمرنا هذا فهي من صميم رسالة المؤسسة التي تعنى بالعمل الثقافي وترعى النتاج الفكري والعلمي ذو البعد الاستراتيجي والمستقبلي , وقدم الأستاذ الدكتور نجم عبد غالي الموسوي كلمة جامعة ميسان شاكرا ً فيها ضيوف المؤتمر وحضورهم معلنا ً عن حصول مجلة أبحاث ميسان على معامل التأثير العربي وبقدرة جيدة مؤكدا ًعلى رصانة البحوث المقبولة ذاكرا ً الدور التي تم فيه قراءة وتقييم البحوث حيث تم احالة البحوث الى مقومين من اللجنة العلمية الخاصة بالمؤتمر و ثم تم أحالة البحوث الى مقومين من مجلة أبحاث ميسان لتكون البحوث المقبولة بحوث رصينة وحصلت على موافقة النشر في مجلة أبحاث ميسان العلمية , وبعدها جاءت كلمة الدكتور عدنان عباس البطاط المعاون العلمي لعميد كلية الأمام الكاظم (ع )ومسؤول اقسام ميسان مؤكدا ً فيها على أهمية البحث العلمي ودوره في البناء والتنمية وبناء الأمة والنهوض بالواقع والتطلع للحياة والاستناد الى الحقائق العلمية والانفتاح على حياة جديدة وافق ومسار ومستقبل واعد

 

 وبعد ذلك عقدت ثلاث جلسات بحثية صباحا ً في قصر المؤتمرات ترأسها الأستاذ الدكتور عباس عوده الحميداوي والأستاذ الدكتور نجم عبد الله الموسوي مقرراً . وبعد استراحة الصلاة والغداء استأنفت الجلسات البحثية التي تخللها قراءة للبحوث من قبل الباحثين وجرت مناقشات مهمة حول ما قدمه الباحثين وتضمنت البحوث التحولات الفكرية والثقافية والتحولات الاجتماعية والتربوية والنفسية والسياسية والقانونية والتحولات الاقتصادية بعد عام 2003 وفي ختام الجلسات قرأ البيان الختامي من قبل الأستاذ الدكتور عبد الحسين طاهر ووزعت الشهادات التقديرية للمشاركين في أجواء سادها التعاون والرضى والشكر والعرفان من قبل المشاركين الى مؤسسة الهدى .

البيان الختامي

التحولات والآفاق في العراق بعد 2003

ونحن في رحابِ البحثِ العلمي، والفكرِ الحرِ المقيدِ بضروراتِ العقلِ والدين، لا يسعنا إلا نتقدمَ بالشكرِ الجزيلِ للباحثينَ الأعزاء الذين اثروا مؤتمرَ التحولاتِ هذا برؤاهم، واقتراحاتِهم، وتوصياتِهم التي جمعناها في هذا البيانِ الذي لا نريدُ له أنْ يكونَ ختاماً، بل نافذةٌ على المستقبل، نتطلعُ منها، بعيونٍ مفتوحةٍ، على المدى الذي يمكنُ أنْ يتحققَ من تلك الرؤى، ونحنُ نعيشُ غربةَ البحثِ العلمي في وطنٍ كبيرٍ، بسعةِ الحُلُمِ، يؤمنُ بقدراتِ أبنائِهِ، ولكنه لا يجدُ السبيلَ إلى تحقيقِ مقرراتِها، لأسبابٍ يطولُ شرحُها الآن، غربةٌ تتمثلُ في أنّكَ تتحدثُ، وتفكرُ، وتبدعُ، وتخترعُ، وتتألقُ، ولكنْ ليسَ ثمةَ مَنْ يشتري!... ومع ذلك، وبالرغم من علمنا بهذا الواقع المأساوي، إلا أننا مصرون على قول كلمتِنا، باختيارنا لموضوع ما، وسبر اغواره، والغوص في تفاصيله، للخروج بنتيجةٍ "ما"، نرجو بها وجه الله أولا، وتطوير ذواتنا ومجتمعنا ووطننا ثانياً، أما ثالثا: فلأن الله جعلنا خلفاء نعمر الأرضَ ونُحيي الإنسان

 

ولأن مؤتمر التحولات هذا ضمَّ أربعةَ محاور: محور فكري، وآخر سياسي، وثالث اقتصادي، ورابع قانوني رغبة منه في تغطية المشهد العراقي وآفاقه بعد الزلزال الذي حل به في 2003، فقد جاءت التوصيات التي استخلصانها من بحوثكم، أيها الأحبة، متنوعة وثرية وبحجم المشهد الذي حاولت أنْ تغطيه، وفيما يأتي جملة من هذه التوصيات:

11. الدعوة للحوار بين المفكرين والعلماء والباحثين، لترسيخ أسس التعددية وحرية التعبير بالاعتقاد ونبذ الغلو والتطرف، وإشاعة الاعتدال والتسامح والتعايش.

 

  1. اعادة النظر في المناهج التعليمية، لا سيما التعليم الابتدائي، بما يتلائم وخصوصيات المجتمع العربي والإسلامي لمواجهة الغزو الثقافي وتحدياته، والعمل على تحقيق الأمن الفكري، من خلال تطوير المعرفة ومناهج البحث وترسيخ القيم التربوية والإسلامية، وبمشاركة المؤسسات التعليمية والدينية والمجتمعية..
  2. صيانة الثقافة الإسلامية من الفكر العلماني الدخيل، والكشف عن عيوبه وتناقضاته ومخاطره، كونه يتناقض والخطاب الإسلامي التنويري
  3. الحفاظ على الهوية العراقية ذات الطابع التعددي، ذلك أن خلف هذا التعدد القومي، أو الديني روحا خالدة، تتمثل في التاريخ الذي كان عراقيا وما زال. والدعوة للسلم الاجتماعي والحد من النزعة القبلية والثارات العشائرية التي يشهدها العراق بعد 2003، وأن تأخذ الدولة دورها في إيجاد نضم تسهم في الضبط الاجتماعي

    15. لا سبيل إلى صد الغزو الثقافي إلا بتحقيق شروط النهضة، بالتأكيد على الفرق بين الغزو الثقافي، وبين التبادل الثقافي، بوصفه مطلبا إنسانيا.

  4. التأكيد على دور المرجعية الدينية في حماية المجتمع، ودفع الخطر عنه، وتجديد الخطاب الديني بما يتلائم والتحولات المعاصرة

    17. تنظيم وقت الطفل اليومي، والمتابعة الأسرية له، بشكل مستمر، في حال استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة لا سيما الأنترنت. وتفعيل الدور الرقابي على مواقع التواصل الاجتماعي مع مراعاة المجال للتعبير عن الرأي بما ينسجم والقيم الإسلامية الأصيلة

  5. اعتماد استراتيجية التنويع الاقتصادي الشاملة، لبناء الاقتصاد العراقي، ليتخطى العامل الواحد في المصادر الاقتصادية، وترسيخ استقلالية المؤسسات الاقتصادية والهيئات المستقلة لا سيما البنك المركزي. وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص المحلي.
  6. الاستثمار في رأس المال البشري من خلال الاهتمام بالتعليم والصحة والتنمية، واستخدام مبدأ ترشيق الانفاق العام عن طريق اتباع سياسة تُركِّز على زيادة الانفاق الاستثماري.

20.الاهتمام بالبيئة وتحقيق التوازن المستدام من خلال مؤسسات متخصصة.

  1. الاهتمام بالقطاع السياحي، كونه مصدرا مهما للناتج المحلي الإجمالي. والعمل على مراجعة كافة التشريعات السياحية التي تتضمن ما يعيق تطوير السياحة وتنميتها لا سيما ما يشجع الاستثمار وتطوير المرافق العامة.

    22. دعوة القوى والأحزاب السياسية الانتقال من مرحلة الانفعال إلى الفعل وفق قيم ومفاهيم حضارية وانسانية ومشتركات وطنية لترسيخ الممارسة الديمقراطية.

  2. مطالبة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لممارسة دورها القانوني، وتطبيق احكام قانون حظر حزب البعث والأنشطة العنصرية والارهابية والتكفيرية، ومراقبة الكيانات السياسية للتحقق من عدم ممارستها للأنشطة المحظورة كالتحريض على الطائفي والترويج للأفكار العنصرية والارهابية، ومنعها من المشاركة في الانتخابات والحياة السياسية.

    24. تفعيل الذاكرة العراقية في استحضار جرائم النظام الدكتاتوري العنصري والطائفي، وأن تأخذ مؤسسات العدالة الانتقالية لإزالة آثار النظام الدكتاتوري وانتهاكاته لحقوق الانسان.

25.تفعيل دور هيئة الاعلام والاتصالات بوصفها جهة رقابية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الاعلام الذي يحرض على الإرهاب الفكري والسياسي

  1. تفعيل دور وزارة الخارجية العراقية، لإقامة علاقات مبنية على أساس المصالح المتبادلة، وأن يكون العراق وسيطا في القضايا الإقليمية، والسعي لإقامة علاقات سياسية واقتصادية مع دول الجوار مبنية على الاستحقاق الجغرافي والارث الثقافي والمصالح المتبادلة، برؤية ستراتيجية يشترك في صياغتها العراق ودول الجوار..
  2. مراعاة حقوق الإنسان كالسرعة في اجراء المحاكمات، فضلا عن السرعة في عرض أوراق التحقيق على القاضي، واصلاح النظام القانوني ببحث كافة التشريعات والقوانين النافذة، بغية إقرارها أو تحديثها، أو الغائها، واحلال تشريعات أخرى محلها.
  3. التأكيد على أهمية الدور السياسي للإدارة اللامركزية من خلال رؤية واضحة تستند للدستور والقوانين لتعزيز ثقة المواطن في إجراءات وخطط الحكومة، والتأكيد على تعديل نص المادة (15) من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 بجعل الأولوية لتشريعات الدولة الاتحادية لا مجالس المحافظات أو الأقاليم. وتعديل احكام المادة (10/ ثالثا) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام لتتلائم وواقع العمل الإداري.

 وأخيرا،أوصى المؤتمرون بطبع البحوث المشاركة وتوزيعها، لتعميم الفائدة، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهربن