مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية (ذات النفع العام) تنظم ندوة حوارية حول مبادرة الحزام والطريق الصينية , حسابات الربح والخسارة .

برعاية الأستاذ حسين جلوب الساعدي رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية نظمت المؤسسة المذكورة الندوة العلمية الموسومة (مبادرة الحزام والطريق الصينية , حسابات الربح والخسارة ) حاضر فيها الدكتور ( وجدان فالح حسن )/ جامعة ميسان / كلية العلوم السياسية والدكتور ( حسن رشك غياض ) جامعة الأمام الصادق / أقسام ميسان .

أفتتح الندوة الدكتور (حسن رشك غياض ) بدعوة الحضور بقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق وقدم ورقة بحثيها جاء في مقدمتها : عملت جمهورية الصين على وضع استراتيجيات اقتصادية لغرض توسيع اقتصادها السلمي وهذا يتطلب المزيد من العمل الدبلوماسي للوصول الى أهدافها في ترسيخ المبادئ الأساسية الأربعة التي تؤمن بها ( الطريق الاشتراكي , الديمقراطية الدكتاتورية الشعبية , قيادة الحزب الشيوعي الصيني , الماركسية اللينينية وفقا ً لأفكار ماو تسي تونغ ) فضلا ً عن ذلك تريد تعزيز العلاقات الدولية على المستوى الدولي والإقليمي من خلال رسم سياستها القائمة على المبادئ الخمسة للتعايش السلمي بين الأمم والشعوب وهي ( الاحترام المتبادل للسيادة , عدم الاعتداء المتبادل , عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر , المساوة في السيادة والمنفعة المتبادلة , التعايش السلمي) وهي تتحرك وفق هذا المنظور الفكري بدأت تتبنى مشروعات استراتيجية اقتصادية عالمية .

بعد ذلك يبين غياض أهم الاستراتيجيات التي تولتها لتنفيذ غاياتها على حد قوله هو مشروع الحزام والطريق وعرف الباحث هذا المشروع بأنه استثماري استراتيجي عالمي والذي من الممكن أن يوصل الصين الى أن تصبح الدولة الأولى اقتصاديا ً بعد أن امتلكت القدرة في التأثير على النظام الدولي , ويوضح غياض مبادرة الحزام والطريق بانها من المشاريع الاقتصادية العالمية وهي عنصر أساسي في استراتيجية بكين الكبرى ويشير غياض الى مبادرة الحزام والطريق الصينية وسبب تسميتها بطريق الحرير لاشتهار الصين بصناعة الحرير وبيعه الى دول العالم .

وفي معرض حديثه يوضح غياض أن فكرة طريق الحرير الجديد لم يكن الرئيس ( شي جين بينغ ) أول من أطلقها بل كانت هذه فكرة رئيس الوزراء الصيني الأسبق ( لي بينغ ) .

وبين الباحث في معرض حديثه ما تبنته اليابان عام 1997 وما طرحته الهند عام 2002 وكذلك طرح الاتحاد الأوربي برنامج طريق الحرير عام 2009 لمد خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من بلدان آسيا الوسطى الى أوربا بهدف تقليل الاعتماد على الغاز الروسي بينما قالت أميركا كلمتها عام 2011 في اقتراح طريق الحرير الجديد وهو بناء شبكة خطوط حديدية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين أفغانستان وجمهوريات أسيا الوسطى .

بعد ذلك يشرح غياض مشروع الحزام والطريق الصينية بشكل مفصل والذي بدأت فكرته في سبتمبر 2013 عندما أقترح الرئيس الصيني ( شي جين بينغ ) فكرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير خلال زيارته لدول أسيا الوسطى ووصف فيها الطرق بقوله خلال محاضرة ألقاها في جامعة نزار باييف الكازاخستانية بعنون ( معا لبناء الحزام والطريق ) والتي وصف فيها طريق الحرير بقوله ( من أجل اقامة علاقات اقتصادية اوثق وان نتخذ نهجا لبناء حزام اقتصادي بشكل مشترك على طريق الحرير في جميع البلدان الواقعة على طوله ) .

وفي سياق المحاضرة يتحول غياض الى استراتيجية الحزام والطريق التي تمر بأكثر من 100 دولة وتشمل 65% من سكان العالم وتتكون من جزئين :

الجزء الأول الحزام الاقتصادي هو الطرق البرية والذي يتكون من ثلاث خطوط هي : الخط الأول يربط الصين بأوربا ويمر هذا الطريق بسيبيريا جنوب روسيا الى بحر البلطيق وهو الطريق الشمالي , الخط الثاني ويمتد من الصين عبر اسيا الوسطى مرورا بإيران وشبه الجزيرة العربية وصولا الى اوربا وهو الطريق الوسط , الخط الثالث يبدأ من الصين ويمر بجنوبها وصولا ً الى الهند وهو الطريق الجنوبي .

الجزء الثاني: طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين والذي يكون من ممرين هما : الممر الأول ويبدأ من موانئ الصين الجنوبية باتجاه المحيط الهندي مرورا بمضيق ملقا والهند ويتجه بعدها الى الشرق باتجاهين الأول نحو الخليج العربي والثاني نحو البحر الأحمر وسواحل شرق افريقيا والبحر الأحمر عبر قناة السويس , الممر الثاني وهو الجزء الذي يربط بالموانئ الساحلية للصين بجنوب المحيط الهادي .

ويختم  غياض ورقته بطريق الحرير الرقمي وجاء في هذا المحور : بعد أن عملت الصين على أنشاء طريق الحرير بشقيه البري والبحري ولغرض ربط وزيادة التبادل التجاري مع دول العالم لم يغب عن بال الصينين انشاء شبكة إلكترونية متطورة لاستكمال ربط الصين بالعالم الخارجي عبر طريق الحرير الرقمي والذي بدأت فكرة أنشائه عام 2015 مع انعقاد ورشة عمل الصين مع الاتحاد الاوربي للتعاون الرقمي وفكرة المشروع هو أنشاء كابلات ضوئية وشبكات للهاتف المحمول فضلا ً عن تعميق التعاون الدولي في الاقتصاد الرقمي عن طريق قيام الدول المشتركة بتشييد البنى التحتية للاتصالات وتعزيز تبادل المعلومات .

وفي الختام يؤكد غياض بالقول على الرغم من اهداف المبادرة هي اقتصادية بالدرجة الاساس الا انها لا تخلو من الجانب السياسي ولكن يبقى هذا الجانب ضمن الحدود الدبلوماسية والاحترام المتبادل بين بكين والدول الاخرى.

وألقى الدكتور وجدان فالح حسن محاضرة حول عنوان الندوة جاء فيها : تردد في الآونة الأخيرة عبر وسائل الأعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وعدد من الناشطين المدنيين وحتى السياسيين موضوع انضمام العراق الى مبادرة الحزام والطريق الصينية وبحسب ما طرحوه من أراءهم رءوا بان المسالة ممكن أن تحقق للعراق الكثير من الفوائد على المستوى الاقتصادي خلال العشرين والخمسة وعشرين سنة القادمة لكن هذا الموضوع يجب أن يتم تناوله بصورة علمية دقيقة على حد تعبير حسن لكي نعرف ما هو المشروع ومدى استفادة العراق وما الأهداف السياسية على اعتبار يتضمن جوانب اقتصادية وما هي الاهداف السياسية المتحققة سواء للصين او للعراق على مستوى المستقبل , وفي مستهل حديثه يشير حسن الى التغيير الذي حدث في الصين بالقول : بالخصوص في مستوى سياستها الدولية المعروف عن الصين من خلال مسؤوليها يقولون نحن قوة إقليمية لسنا بحاجة أن نكون قوة عالمية لكون هذا الأمر يفرض عليهم التزامات وهذه الالتزامات تحتم عليهم الوقوف مع الدول الحليفة لذلك تبنوا الصعود السلمي وهذا الصعود قائم باتجاهين السياسي والاقتصادي على اعتبار أن الضغط الأمريكي وبالخصوص في عام 2012 بدأت مع نهاية الولاية الأولى ( لباراك اوباما ) عندما اختطوا استراتيجية التوجه شرقا ً وهذا حفز الصين أن تدخل في جانب اخر هو التوجه بالخطة الاقتصادية قبل الخطة السياسية على اعتبار أن الخطة السياسية في المحيط الإقليمي الذي يكون حول الصين هي منطقة صراع بحساب اليابان وكوريا الجنوبية الملف المتأزم في كوريا الشمالية بالإضافة الى ضغط تايوان وغيرها من القضايا , ويكمل حسن حديثه قائلا ً أندفع الرئيس الصيني الى اعلان سنة 2013 مبادرة الحزام والطريق ولم تكن سياسة معروفة وانما تم تبنيها بصورة تامة على شكل خطة في سنة 2015 بمعنى ظلت سنتين في مرحلة الأعداد واهم ما فيها هو تغيير الضغط الاقتصادي على الصين وبعد ابداء التوضيح في شرح ابعاد المشروع الصيني وتناول الممرات الملاحية التي تخص التجارة الصينية يشير حسن الى موضوع علاقة العراق في مشروع الحزام والطريق فيقول بان العراق غير مرتبط بهذه المبادرة لا من بعيد ولا من قريب حسب حد تعبير حسن وغير موجود على الخارطة والسبب في ذلك أن الصين تتعامل مع انظمة سياسية مستقلة ولحد الأن العراق غير وارد في خريطة الشرق الأوسط في عام 2015 بحسب الخطة كان الممر الصيني المرسوم في خريطتهم يمر عبر العربية السعودية في الجنوب وفي الشرق ايران وفي الشمال تركيا ولم يصل الى العراق هذه الطرق التي وضعتها الصين كالاتي : أهم الطرق البرية : الجسر البري الأوراس الجديد وهو عبارة عن سكك حديد من شرق الصين الى اوربا الغربية , ممر الصين منغوليا روسيا تبدأ شبكت الحديد والطرق السريعة في بكين وتدخل الى منغوليا وكخوزستان وصولا ً الى جنوب شرق روسيا وبعد ذلك تربط في السكة العابرة باتجاه أوربا , والممر الصيني غرب اسيا الذي المفروض يمر على العراق يتجه أساسا ً من خطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي وتنتقل هذه الشبكة الى غرب الصين مرورا ً بأوزبكستان وكازخستان وصولا ً الى شبه الجزيرة العربية في السعودية وتركيا وايران هذا الموضوع أيضا ً مستبعد العراق ويكمل حسن حديثه بالقول اقترحت الصين استراتيجيتها بالتعاون الشاملة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط وعن طريق الطاقة النووية المتجددة وبناء البنى الأساسية وتكنلوجيا الفضاء والتجارة والاستثمار وهذا كله غير موجود في العراق , ممر الصين في شبه الجزيرة الصينية يتكون من ممرات سكك الحديد السريعة والطرق السريعة ويهدف هذا الممر الى ربط المراكز الاقتصادية في عدد من المدن الصينية وكمبوديا ولاوس وفيتنام وأيضا عبر سلسلة الخطوط البحرية . بعد ذلك يتحول المحاضر الى كيفية استفادة العراق وأين يكمن التحدي أن جميع الخطوط التي وضعت لمبادرة الحزام والطريق استثنت العراق والسبب في استثناء العراق هو كون العراق بلد غير مستقر سياسا ً, غير مستقر اجتماعيا ً , بلد غير مستقر أمنيا ً , ضعف الإطلالة البحرية , ويؤكد حسن هنا بالقول مالم يتم بناء ميناء الفاو الكبير وفتح أطلاله جديدة بحرية لن تستطيع الصين ولا غير الصين أن تستفيد من الموانئ العراقية بالإضافة الى تعنت الجانب الكويتي في قضية بناء ميناء مبارك وغيره من الموانئ الذي ترك كل ارض الكويت المطلة على الخليج ودخل في جزيرة بوبيان ودخل في منطق لا تتجاوز المائة والعشرون متر عن المجال البحري العراقي بالإضافة الى عدم جدية الساسة العراقيين في حل مشكلة الحدود البحرية فالعراق لحد الان لم يحدد حدوده البحرية وبما انه لم يحدد فمن غير الممكن أنشاء ميناء من الممكن أن يكون قبلة الى المبادرات والاستثمار حتى يستفاد منها العراق.

وفي معرض طرحه اشار حسن الى عدد من التحديات وبالخصوص الأمنية منها التي تمنع من توجه رؤوس الأموال الى العراق ومنها مبادرة الحزام والطريق.

وفي ختام الندوة شارك عدد من المهتمين في موضوع المبادرة وطالبوا بالإسراع في اتمام ميناء الفاو والتفاهم مع الكويت على خور عبدالله الإطلالة البحرية الوحيدة للعراق والغاء تحديد الخور بالتقسيم الصفري والعودة الى خط العمق ( خط التالوك) كما هو معمول في كل دول العالم المشتركة في الممرات والمضائق البحرية .

وحضر الندوة عدد من الباحثين والأساتذة وأعضاء منظمات المجتمع المدني وعدد من وسائل الأعلام.