ندوة ثقافية عن المسكوت عنه واللامفكر فيه عند المؤرخ محمد اركون

نظمت مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية الندوة الثقافية الموسومة ( المسكوت عنه واللامفكر فيه عند المؤرخ محمد اركون ) ادارها ( م. م حاتم عبد الواحد شويع) وقدم فيها (الدكتور علي حسن هذيلي) ورقة بحثية عن موضوع الندوة , أفتتح الندوة م . م حاتم عبد الواحد شويع بالشكر والثناء وبعدها شرع بتعريف المؤرخ محمد اركون وكذلك شرع بتعريف معنى المسكوت عنه واللامفكر فيه مشيرا ً الى أن اركون تبنى معنى غير ذلك الذي توحي به كلماته ويضرب شويع عدد من الأمثال عن المسكوت عنه عند اركون منها القرآن سرد كتبته المخيلة البشرية , القرآن مجاز القرآن نص بشري وأشترك في صياغته الفاعلون الاجتماعيون وغيرها من اللامفكر فيه والذي ذكره كثير من المستشرقين وفي معرض حديث شويع  عرف المسكوت عنه و اللامفكر فيه فهو يعني ثمة مناطق مجهولة وغير مؤهولة في الفكر الإنساني سيعمل المفكر على فتح مغاليقها.

بعد ذلك  قدم الدكتور علي حسن هذيلي ملخص بحثه عن موضوع الندوة وابتدأ بالحديث عن مفاهيم ومصطلحات تشرح نفسها ولا تحتاج بالعودة الى القواميس للتعرف على دلالتها وتناول هذيلي نبذة مختصرة عن المسكوت عنه واللامفكر فيه وكذلك اشار الى  القدرة لدى بعض النقاد متأتيه من ثقافتهم العالية وطريقتهم الحفرية في قراءة النص للوصول الى مناطق معتمة فيه لم يصل اليها الآخرون ويوضح هذيلي بأن اركون يتبنى معنى هو غير ذلك الذي توحي بهي العبارات وكل ادعاءات اركون لايقدم اي دليل يثبتها ربما لأنه يرى ان هذه المقولات بديهيات والبديهيات لا تحتاج الى اثبات فهي تثبت نفسها بنفسها  حسب ما يفيد  هذيلي .

بعد ذلك يتحول هذيلي في محاضرته الى ضرب عدد من الأمثله منها السيد ( محمد باقر الصدر ) عندما قرأ تفاسير القرآن بارك الجهد الكبير الذي قام به المفسرون وتحديداً أولئك الذين تجاوزوا معاني الكلمات ولكنه في نفس الوقت لم يجتر مقولاتهم بل أخذ يفكر بطريقة جديدة في قراءة النص وهذه الطريقة ستؤدي الى فتوحات ابستمولوجية لم تستطيع الطريقة الأولى الوصول اليها لاختلاف الغاية من الطريقتين فاذا كانت الأولى تكتفي بالمعنى اللغوي وقد تتوسع احيانا ً بدراسة المعاني المحتملة لآية ما فان الثانية تتوخى شيئا ً اخر , ويخلص هذيلي في مثاله عن السيد الصدر بالقول نرى أن الصدر يقدم لنا رؤية اخرى لحقيقة الصراع البشري لم يستطع ماركس رغم ذكائه الفائق النجاح في الجواب عنها ولكن الصدر لأنه منفتح على كتابين كتاب الله وكتاب الحياة ولأنه نتاج فلسفة تؤمن بالعالمين عالم الغيب وعالم الشهادة فضلاً عن قابليته الثقافية والحفرية الخارقة أستطاع أن يقدم لنا أجابات من هذا النوع الذي نتحدث عنه . فقد تنبأ ماركس مثلاً بسقوط المعسكر الرأسمالي لأنه مجتمع طبقي عنصري وستزداد الهوة بين طبقاته وأقليات فاحشة في الغنى وأكثريات فقيرة ما يؤدي بالضرورة الى ثورة شعبية يقودها الفقراء تطيح بالرموز الرأسمالية وأصنامها وهو تفكير استشرافي يبدو أنه صحيح ومنطقي ولكن واقعاً لم يحصل ويتسائل هذيلي بالقول لماذا ؟ ويجيب هذا ما سنتركه للقارئ وهو يطالع كتاب الصدر           ( المدرسة القرآنية ) وفي كتابه  ( أئمة أهل البيت ) قدم لنا الصدر رؤية جديدة لم يطرقها أحد في تأويله لأسباب خروج الأمام الحسين ( عليه السلام ) على الظلم والاستبداد بعد أن ربط تلك الثورة في سياقها التاريخي وفي (الأسس المنطقية للأستقراء) عمل الصدر على ملء الفجوة التي لم يحسن المنطق الأرسطي الأجابة عليها عندما اباح لنفسه صياغة قوانين كلية من استقراء ناقص وفي فقه الأصول قدم لنا مصطلح (( منطقة الفراغ )) وهي منطقة يشتغل فيها الفقيه بعد يحيط نفسه بكليات الشريعة ومقاصدها القريبة والبعيدة .

ثم يتحول هذيلي الى المسكوت عنه واللامفكر فيه عند اركون وأبتدئها بالقول : لقد اردنا عبر الأمثلة السابقة أن نشير الى معنى أن يُفكر المرء فيما لم يُفكر فيه وصولا ً الى الطريقة التي فهم بها اركون هذا المفهوم وبعد أن نتعرف على المقصود منه عند اركون سنكتشف مقدار السطحية التي تصاحب طروحات هذا المؤرخ من وجهة نظر هذيلي , يؤكد هذيلي على أن المسكوت عنه واللامفكر فيه عند اركون ليس ما تحدثنا عنه آنفا ً ليس هو مناطق مأهولة وليس قدرة أبداعية حفرية عند بعض القراء ليس هو رؤية تثري الحياة وتغني النص بل هو اشياء اخرى فعلاً مسكوت عنها وهنا موطن الألتباس والمفارقة المسكوت عنه عند اركون هو قوله أن القرآن نص خيالي اسطوري القرآن رمز ومجاز القرآن نص تأريخي القرآن نص محرف لذا فهو بشري كتبته السلطة لذا فقد عرف اركون هذا الذي نتحدث عنه أي المسكوت عنه واللامفكر فيه بالقول وأشترك في صياغة الفاعلون ولأن الثقافة الاسلامية لم يخطر في بالها ما يقوله اركون فهذا يعني أن كل ما يقوله هو مسكوت عنه , والحال أن الثقافة الاسلامية والمفكرين الاسلاميين لم يسكتوا عن هذه الأشياء بل ذكروها وحولوها الى أبواب وفصول ومباحث وردوا على كل جزئية فيها ولكن مشكلة اركون انه لا يقرأ لأنه يريد للمفكرين الاسلاميين أن يغلقوا عقولهم ليفكروا كما يفكر هو .

وبعد أن تناول هذيلي الموضوع بعدت أبعاد ليؤكد بأن اركون سطحي وينقصه الكثير من معرفة المصطلح الذي نتناوله اليوم يخلص أن هذا الذي يراه اركون مسكوت عنه أنما أخذه من المستشرقين أصحاب النزعة العلمانية المتطرفة الذين قرأوا التوراة والأنجيل بوصفهما كتابين بشريين تاريخيين أسطوريين ومن ثم كل ما قاله اركون عن القرآن ليس مسكوت عنه وكل أدعاءاته في هذا الباب أن هي الا أكاذيب أعتاد أن يرددها .

وشارك عدد من الحضور في مجموعة من الملاحظات والأسئلة والمداخلات حول الموضوع وأجابه عليها الباحث ومدير الندوة بشكل مفصل .

وفي ختام الندوة قدمت مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية شهادات تقديرية وكتب شكر الى مدير الندوة والمحاضر .