دور المحكمة الاتحادية في إرساء مبادئ الديمقراطية في العراق

م.م كاظم مطشر شبيب

وزارة النفط / شركة نفط ميسان

الخلاصة :

       المحكمة الإتحادية إحدى المؤسسات الدستورية التي تضمن الإستمرارية والأستقرار للنظام السياسي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي، فهي التي تحقق الفصل بين السلطات، وتجسد مبادئ الدستور، وتحمي الحقوق والحريات، وتعطي للقانون فاعليته وإلزامه، وعنوان لدولة القانون والتعبير عنها فلا يمكن بلوغ تلك الغاية إلا من خلال وجود محكمة مستقلة وفاعلة، إذ بدون المحكمة يبقى القانون مجرد قواعد نظرية لا تتمتع بالصفة الإلزامية الآمرة فالعبرة ليس في وجود نصوص دستورية وقانونية تنظم شكل الدول ومؤسساتها والحقوق والحريات مالم تتوافر محكمة دستورية مستقلة.

       وتؤدي المحكمة الإتحادية العليا في العراق دوراً كبيراً ومعتبراً في إرساء الديمقراطية والتوازن والرقابة بين السلطات، وهو ما يجعله  في حدّ ذاته قريباً من الساحة السياسية، وتأتي أهمية هذا البحث من خلال تسليط الضوء على تشكيل المحكمة الاتحادية وإختصاصاتها ودورها الكبير والمؤثر في تعزيز مبادئ الديمقراطية إرسائها.

المقدمة :

 موضوع البحث :

       تعدّ المحكمة الإتحادية العليا الركيزة الأساس لدعم مبادئ الديمقراطية في العراق بعد زوال النظام الدكتاتوري الفردي التسلطي، وذلك لدورها الفاعل في تحقيق التوازن على كل المستويات، السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية والمؤسساتية، فضلاً عن إعتماد مبدأ أستقلال القضاء، ومبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ سمو الدستور، ومبدأ سيادة القانون، ومبدأ التداول السلمي للسلطة. فالإختصاص التفسيري للدستور والرقابة على دستورية القوانين يعد من الضمانات الأساسية والمهمة لحماية الحقوق والحريات العامة، وإرساء مبادئ الديمقراطية، و ذلك لأنها تضع القوانين تحت النظر الثاقب لتمارس الدور الفعال بتدقيقها وبيان مطابقتها أو عدم مطابقتها لأحكام الدستور نصاً وروحاً، ثم تقول كلمة الفصل.

أهمية البحث :

       يكتسب موضوع المحكمة الإتحادية ودورها في إرساء مبادئ الديمقراطية في العراق أهمية بالغة لا سيما في الوقت الحاضر، وذلك بسبب تعرض النظام السياسي إلى هزات عنيفة بسبب التجاذبات السياسية، والتدخلات الدولية، والعمليات الإرهابية، فكان للمحكمة الإتحادية دور كبير ومهم في قول كلمة الفصل في أعتى الظروف والأزمنة، فالقاعدة إن القضاء متغير أصيل وبناء الديمقراطية متغير تابع وعلى ذلك كلما كان القضاء أكثر استقلالية وفاعلية كلما ترسخت أسس الديمقراطية والعكس صحيح ذلك إن أي خلل في عمل القضاء يؤثر حتماً بشكل سلبي على تطور الديمقراطية.

منهجية البحث :

        في هذا البحث سيتم أتباع دراسة قانونية تحليلية من خلال توصيف بنية المحكمة الإتحادية وتحديد إختصاصاتها التي حددها الدستور والقانون، كذلك حجم الدور الذي تؤديه في بناء الديمقراطية وترسيخها في العراق.

إشكالية البحث :

     تدور إشكالية البحث حول دور المحكمة الإتحادية في إرساء مبادئ الديمقراطية في العراق من خلال الإجابة عن عدة تساؤلات لفك مضامين هذا الموضوع ومن أهمها: ماهي المحكمة الإتحادية وإختصاصها الدستوري ؟ وهل هناك ملاحظات على تشكيلها وإختصاصها ؟ وما مدى استقلاليتها ؟ وما هو دورها في تعزيز مبادئ الدستور النافذ الأساسية ؟ وهل باشرت المحكمة الإتحادية العليا في دورها الفعلي في إرساء مبادئ الديمقراطية ؟ أم إن الضغوطات السياسية كان لها دور بالعديد من قراراتها ؟ هذه الاسئلة وغيرها، سنحاول الإجابة عنها في ضوء هذه الدراسة القانونية.

خطة البحث :

       تطلب دراسة موضوع البحث "دور المحكمة الإتحادية في إرساء مبادئ الديمقراطية في العراق"، إلى تقسيمة على مبحثين، يتضمن المبحث الأول تشكيل المحكمة وإختصاصاتها، وذلك من خلال مطلبين مستقلين، يخص الأول لدراسة تشكيل المحكمة الإتحادية، وفي المطلب الثاني نركز على إختصاص المحكمة الإتحادية. أما في المبحث الثاني نتطرق إلى البحث عن دور المحكمة الإتحادية في إرساء مبادئ الديمقراطية، ويتم دراستها في مطلبين، في الأول نبين دور المحكمة الإتحادية في تعزيز مبادئ الدستور النافذ وحماية أحكامة، وفي المطلب الثاني نسلط الضوء على دور المحكمة الإتحادية في تفسير النظام الإتحادي. ومن ثم ننهي بحثنا بخاتمة تتضمن جوهر ما توصلنا إليه من نتائج وتوصيات.

المجث الأول : تشكيل المحكمة وإختصاصها

       إن وجود المحكمة الإتحادية العليا في العراق بعد زوال النظام الدكتاتوري التسلطي كأعلى هيأة قضائية إتحادية بما لديها من سلطة لحماية وصيانة الدستور من خلال ممارساتها الرقابية على دستورية القوانين وتفسير نصوص الدستور وغيرها من الإختصاصات يعد عنصر أساس للحفاظ على كيان الدولة الإتحادي الديمقراطي، وسمو مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، وإرساء دعائم الديمقراطية والإنتصاف للشرعية الدستورية وحماية حقوق الأفراد من تعسف السلطات العامة، وأن كان القضاء الدستوري في العراق في بداياته، إلا إنه يعد من أهم الضمانات الرئيسية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

         إن إنشاء المحكمة الاتحادية العليا في العراق بعد عام 2003، مر عبر مرحلتين أولها كانت عن طريق قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية لسنة 2004، الذي كان يفوق على كل من سبقه في العراق بل تفوق من الناحية النظرية دساتير كثيرة من الدول الديمقراطية وقد أشارت المادة الرابعة والأربعون من القانون أعلاه إلى تشكيل محكمة سميت بالمحكمة الإتحادية العليا وصدر القانون رقم (30) لسنة 2005، لتمارس أعمالها وإختصاصاتها بشكل مستقل لا سلطان عليها لغير القانون ومع ذلك شاب هذا القانون بعض الثغرات والتي سنبينها، أما المرحلة الثانية فكانت بصدور دستور جمهورية العراق لسنة 2005، النافذ إذ عد المحكمة الإتحادية هيأة مستقلة مالياً وإدارياً معدلاً ومضيفاً لها إختصاصات جديدة، وذلك لتكون المحكمة الأعلى في النظام القضائي ولتتولى مهمة ضمان إحترام بنود الدستور وترسيخ مبادئ الديمقراطية.

        وبغية تسليط الضوء على تشكيل المحكمة وإختصاصها، لأبد من تقسيم هذا الموضوع على مطلبين، سنتطرق في المطلب الأول إلى تشكيل المحكمة الاتحادية العليا، وفي المطلب الثاني سنركز على إختصاصات المحكمة الإتحادية العليا.

المطلب الأول : تشكيل المحكمة الاتحادية العليا :

       إن البحث في تشكيل المحكمة الاتحادية العليا في العراق بعد 2003، يقتضي منا عرض تشكيل المحكمة وفقاً لقانونها الداخلي الذي نص عليه قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية لسنة 2004، ووفقاً لدستور سنة 2005 النافذ، وبذلك سنقسم هذا المطلب على فرعين، في الأول نتطرق إلى تشكيل المحكمة بقانونها الداخلي، وفي الفرع الثاني نبين تشكيل المحكمة وفقاً للدستور النافذ.

الفرع الأول : تشكيل المحكمة بقانونها الداخلي

       صدر قانون المحكمة الإتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005، استنادا إلى نص المادة (44) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لعام 2004(المُلغى)، ونص هذا القانون في المادة (1) على أن تنشأ محكمة تسمى المحكمة الاتحادية العليا ويكون مقرها في بغداد تمارس مهامها، و نصت المادة (3) على إن المحكمة تتكون من رئيس وثمانية أعضاء يجري تعيينهم من قبل مجلس الرئاسة بناء على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى بالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم وفق ما هو منصوص عليه في الفقرة (هـ) من المادة (44) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية. و نصت الفقرة (ثالثاً) من المادة (6) على  يستمر أعضاء المحكمة بعملهم من دون تحديد لحد أعلى للعمر إلا إذا رغب احدهم بترك الخدمة.

       وبالرجوع للنصوص أعلاه التي بينت تشكيل المحكمة الإتحادية العليا نود أن نبين الملاحظات الآتية: إن المشرع العراقي قد فعل حسناً عندما حدد أعضاء المحكمة في المادة (44) من  قانون إدارة الدولة، حتى يمكن تفادي قيام السلطة التشريعية لسبب أو لآخر بتعديل الأعضاء زيادة أو نقصاً بواسطة تعديل قانون المحكمة، ولعل محاولة الرئيس الأمريكي (روز فولت) تعديل عدد أعضاء المحكمة العليا أبان أزمتها معه مثل واضح بهذا الشأن، وإن كان الكونغرس الأمريكي قد أسبق تلك المحاولة في النهاية([1]). إلا إن قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية وبالتحديد في المادة (44) أعطى صلاحية كاملة لمجلس الرئاسة بقبول أو رفض أي مرشح و هذا التدخل يتقاطع مع مبدأي (الفصل بين السلطات) و (استقلال القضاء).

       ويلاحظ إن نص المادة (3) من قانون المحكمة العليا لم يبين مدة شغل المنصب في المحكمة الإتحادية، وهذا يعني بقاء رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية مدى الحياة. إلا في حالة إعلانهم عن رغبتهم في ترك الخدمة بمحض إرادتهم أو في حالتي العزل والإستقالة عند إدانتهم بجرائم مخلة بالشرف أو بجرائم الفساد([2]). وإنه لم يبين الشروط والمواصفات الواجب توافرها في رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية وإن النص جاء مطلق، وأن كان حصر أمر التسمية والترشيح بمجلس القضاء الأعلى.

      ومن الملاحظات التي ترد على القانون إنه أقتصر في تشكيل المحكمة على القضاة فقط ولم يشمل غيرهم من ذوي الإختصاص القانوني كفقهاء القانون من أساتذة كليات القانون وغيرهم حتى يكتمل النسيج القانوني، ذلك لأن للقضاء الدستوري خصوصية تختلف عن القضاء العادي. وقد أتى قانون المحكمة الاتحادية بمبدأ بقاء الأعضاء في المحكمة مدى الحياة حينما أشار إلى ذلك في الفقرة (3) من المادة (6) انفة الذكر، علما إن نص قانون إدارة الدولة الانتقالية لم يشير إلى ذلك.

الفرع الثاني  : تشكيل المحكمة وفقاً للدستور النافذ :

       يعد الدستور العراقي لسنة 2005، النافذ أول وثيقة قانونية منذ تأسيس الدولة العراقية تصاغ على يد لجنة تأسيسية منتخبة، وقد عرض على الاستفتاء الشعبي العام وحاز على نسبة عالية، وفيما يتعلق بالرقابة الدستورية وحماية النظام الديمقراطي فإنه أقر إنشاء محكمة عليا مهمتها النظر في دستورية القوانين، بالإضافة إلى المهام الأخرى.

       لقد نص الدستور النافذ على تشكيل المحكمة الإتحادية العليا في المادة (92/ثانياً) بتكوين جديد يختلف عن تكوينها في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 (المُلغى) وقانون المحكمة الإتحادية رقم (30) لسنة 2005، حيث نصت المادة على أن "تتكون المحكمة الاتحادية العليا تتكون من عدد من القضاة، و خبراء الفقه الإسلامي و فقهاء القانون يحدد عددهم و تنظم طريقة اختيارهم، و عمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب". 

       و يلاحظ على هذا النص إن الدستور النافذ أدخل إلى جانب القضاة خبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون، وترك أمر تحديد عددهم أو طريقة إختيارهم للقانون الذي لم يصدر إلى الآن، وهذا بحد ذاته تناقض بين قانون المحكمة الإتحادية النافذ وبين الدستور النافذ، وهنا يثار تساؤل هل يعد تشكيل المحكمة الإتحادية وفقاً لقانون رقم (30) لسنة 2005، شرعياً من الناحية الدستورية في ظل الدستور النافذ ؟

       للجواب يمكن القول: قد أعيد تعيين أعضاء المحكمة بالقرار الجمهوري المرقم (2) الصادر من هيأة الرئاسة في 1/6/2005، أي بعد إجراء الإنتخابات وتشكيل مجلس النواب، وبالرجوع إلى الدستور النافذ نجد إن المادة (130) قد عالجت القوانين النافذة بنصها على "تبقى التشريعات النافذة معمولا بها، مالم تلغ أو تعدل، وفقاً لأحكام الدستور". وبذلك فإن القانون النافذ الذي شكل فيه المحكمة الإتحادية شرعي من الناحية الدستورية.

        ومن الملاحظات التي تسجل على هذه التشكيلة الجديدة للمحكمة الإتحادية وفق ما قرره الدستور النافذ إضافة فئة فقهاء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون التي أثارت جدلاً واسعاً فيما يتعلق بالغرض والعبرة من إضافتهم دورهم في المحكمة، فهناك من يرى إنه لا ضير من إضافة هذين الصنفين لتشكيلة المحكمة؛ لأنها سيمدان المحكمة بخبرات وكفاءات تفييدها كثيراً لأن التنوع بالإختصاص مطلوب([3]). في حين ترى الكتل السياسية الموجود في البرلمان إن إضافة هذه التشكيلة جاء لمعالجة الغموض والتضاد الوارد بنص المادة (2/اولاً/أ) من الدستور إذ نصت "لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام" والبند (ب) من نفس المادة إذ نصت "لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية"، حيث إن دور هؤلاء يكمن بمراقبة التشريعات المتعارضة مع ثوابت الإسلام ومراعاة مدى انسجام مبادئ الديمقراطية مع ثوابت الاسلام([4]).

       ويؤخذ على النص الدستوري إنه لم يحدد طريقة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة ولا الجهة التي ترشحهم أو التي تصادق على تعيينهم؛ لأن ترك النص هذا سيؤدي لجعل الشروط الواجب توافرها بقضاة هذه المحكمة هي نفس الشروط الواجبة في القاضي العادي.

       وفي نهاية هذا المطلب يمكن القول: رغم الملاحظات والعيوب التي شابت وأثارت عند النص على تشكيل المحكمة الإتحادية العليا في العراق سواء كانت من خلال قانون رقم (30) لسنة 2005، أو من خلال الدستور العراقي لسنة 2005النافذ، إلا أنها تعد الخطوة الأساس لبناء دولة القانون والفصل بين السلطات، وإرساء دعائم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، باعتبارها هيأة مستقلة، لا تخضع لأي مرجعية قضائية، وهي بمثابة جهاز مستقل يمارس اختصاصاته التي نص عليها القانون والدستور.

المطلب الثاني :اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا :

       تختص المحكمة الإتحادية العليا بسلطات وإختصاصات واسعة، بينها قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005، والدستور العراقي لسنة 2005 النافذ. وبذلك سيتم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين مستقلين وعلى الشكل الآتي:

الفرع الأول : إختصاصات المحكمة وفق قانونها الداخلي :

       نصت المادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 النافذ على عدد من الإختصاصات أوردتها بالآتي:

اولا: الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الإتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية.

ثانيا: الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين والقرارات والانظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من أية جهة تملك حق إصدارها وإلغاء التي تتعارض منها مع أحكام  قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية، ويكون ذلك بناءً على طلب من محكمة أو جهة رسمية أو من مدع ذي مصلحة.

ثالثا: النظر في الطعون المقدمة على الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الإداري.

رابعا: النظر بالدعاوى المقامة أمامها بصفة إستئنافية وينظم إختصاصها بقانون إتحادي.

       و من نص المادة أعلاه هناك بعض الملاحظات أهمها: إن الفقرة الثانية تشمل القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والأوامر، ولو أستعمل المشرع عبارة (القرارات الإدارية) بدلاً من (الأنظمة والتعليمات والأوامر) لكان أوفق لأن الأنظمة والتعليمات والأوامر ما هي إلا قرارات إدارية تنظيمية([5]). أما بخصوص الفقرة الثالثة فإن هذا الإختصاص دخيل لا يليق بالمحكمة العليا ممارسته؛ لأنه من حصة محاكم الدرجة الأولى في القضاء العادي الإداري.

      أما الفقرة الرابعة من المادة السابقة التي أعطيت المحكمة سلطة النظر بالدعاوى المقامة أمامها بصفة إستئنافية بمعنى إن المحكمة تنظر هذه الدعاوى بإعتبارها محكمة إستئناف، وهذا الإختصاص مناقض للمنطق والقانون فإذا سلمنا أن المحكمة تمارس دورها باعتبارها محكمة استئناف فأمام أي جهة تمييز أحكامها هل سيكون أمام محكمة التمييز الاتحادية ؟ وإذا كان كذلك هنا نجد تخبط المشروع الكبير بتوزيع الاختصاصات([6]). وفي الحقيقة إن المحكمة لم تمارس هذا الإختصاص مطلقاً لعدم صدور القانون الذي ينظمه القانون الإتحادي وعليه يظهر أن هذا النص مقتبس من بعض إختصاصات المحاكم الإتحادية العليا لدول تختلف أنظمتها القانونية على نظام العراق([7]).

       ومن المهم الإشارة إلى أن الرقابة القضائية على دستورية القوانين تكون على نوعين وفقاً لوسائل ممارساتها إذ إنها تمارس عبر وسيلتين عن طريق الدعوى الاصلية وهنا تسمى الرقابة بـ(رقابة الالغاء) وعن طريق الدفع بعدم الدستورية وهنا تسمى بـ (رقابة الامتناع)، وبالإستناد إلى نص المادتين (4،3) من النظام الداخلي للمحكمة رقم (1) لسنة 2005، ويلاحظ إن الرقابة الدستورية التي يمارسها المحكمة العليا هي رقابة الإلغاء فقط حيث إن المحاكم العادية لا تمارس رقابة الإمتناع لأنها تمتنع عن تطبيق النص أو القرار أو النظام المتعارض مع الدستور وإنما تطلب من المحكمة الاتحادية العليا بناءً على طلب منها أو من أحد الخصوم البت بمسالة الدستورية وهي الحين البت بمسالة الدستورية تستأخر الدعوى المنظورة أمامها لحين صدور قرار المحكمة العليا، وبعد صدور قرار المحكمة بعدم دستورية نص ما فهي لا تمتع عن تطبيق القانون من تلقاء نفسها وإنما تطبق قرار المحكمة الإتحادية العليا([8]).

الفرع الثاني : إختصاصات المحكمة وفق الدستور النافذ :

       أورد دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ، ليحدد في المادة (52/ثانياً) وفي المادة (93) منه إختصاصات المحكمة الإتحادية على وجه الحصر وكان من الطبيعي أن يتوجه الدستور بهذا الاتجاه كون المحكمة الإتحادية مؤسسة دستورية يجب أن تبين إختصاصاتها ومهامها فضلاً عن تشكيلها وهيكلتها وقد أضاف هذا الدستور إختصاصات جديدة للمحكمة الإتحادية العليا لم تكن ممنوحة كما في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لسنة 2004، أو قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005، كإختصاصها بتفسير نصوص الدستور([9]).

       لقد نصت المادة (52) من الدستور النافذ "أولاً: يبت مجلس النواب في صحة عضوية أعضائه، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيل الاعتراض، بأغلبية ثلثي أعضائه. ثانياً:- يجوز الطعن في قرار المجلس أمام المحكمة الإتحادية العليا، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره".  ونصت المادة (93) تختص المحكمة الإتحادية العليا بما يأتي:

أولاً: الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة.

ثانياً: تفسير نصوص الدستور.

ثالثاً: الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الإتحادية، والقرارات والأنظمة والتعليمات، والإجراءات الصادرة عن السلطة الإتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الأفراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة.

رابعاً: الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الإتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية.

خامساً: الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات.

سادساً: الفصل في الأتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.

سابعاً:  المصادقة على النتائج النهائية للإنتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.

ثامناً: أ.الفصل في تنازع الإختصاص بين القضاء الإتحادي، والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.

 ب.الفصل في تنازع الإختصاص فيما بين الهيئات القضائية للأقاليم، أو المحافظات غير المنتظمة في إقليم.

        و يلاحظ هنا أن هذه الإختصاصات التي أوكلت للمحكمة الإتحادية العليا كثيرة جداً وزائدة، ولم يقتصر عمى ذكره في قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005، و كان يمكن ترك بعضها للهيئات القضائية الإتحادية الأخرى مثل محاكم الدرجة الأولى (العادية والإدارية)، لأن هذه الإختصاصات الكثيرة تثقل كاهل المحكمة وتعرقل قيامها بمهامها الدستورية المهمة والجسيمة ولا سيما إختصاصاتها الخطيرة في مجال الرقابة على دستورية القوانين، وبالتالي نزولها إلى مستوى محاكم الدرجة الأولى ومنازعتها في ممارسة تلك الإختصاصات. ورغم ذلك فإن المشرع قد عالج النقص والهفوات في قانون المحكمة وأضاف فقرات فيها نوع من الاستقرار السياسي والوحدة والمركزية في التطبيق لنصوص الدستور.

المجث الثاني : دور المحكمة الإتحادية في تعزيز التحول الديمقراطي في العراق

       إن إنشاء المحكمة الإتحادية العليا في العراق يعد حدثاً ديمقراطياً ومنعطفاً دستورياً في مسار العملية السياسية بعد 2003، وخطوة مهمة على طريق ترسيخ مبادئ الديمقراطية، وصيانة الدستور بإعتباره القانون الأسمى في البلد من خلال بناء المبادئ الدستورية حيث وضعت الأسس الكفيلة لحماية الدستور العراقي من خلال إختصاصها في الرقابة وتفسير النصوص الدستورية بتأن وإحكام وفقا لقانون تأسيسها (٣٠) لسنة ٢٠٠٥ والدستور العراقي النافذ لعام ٢٠٠٥، والذي نص على إختصاصات المحكمة الإتحادية العليا.

       عملت المحكمة الإتحادية العليا كصمام أمان وركيزة أساسية في تعزيز التحول الديمقراطي في العراق من خلال منع أي إنتهاك أو خرق للقوانين والدستور النافذ عن طريق الحكم بعدم الدستورية للقوانين التي تتعارض مع أحكام الدستور، وتفسير نصوصه ونقض الكثير من الفقرات في بعض القوانين الصادرة، فمن خلال تفسير نصوص الدستور تسطيع المحكمة العمل على إرساء مبدأ دولة القانون و مبدأ الفصل بين السلطات و مبدأ تسلسل قواعد القانون وسمو الدستور وحق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها التصويت والإنتخاب والترشيح ومبدأ التداول السلمي للسلطة لصالح تعزيز وإرساء مبادئ الديمقراطية في العراق.

       ولأجل البحث في دور المحكمة الإتحادية في تعزيز التحول الديمقراطي في العراق، سنقسم هذا المبحث على مطلبين، نتطرق في المطلب الأول إلى دور المحكمة الإتحادية في تعزيز مبادئ الديمقراطية من خلال الرقابة الدستورية، فيما نسلط الضوء في المطلب الثاني على دور المحكمة الإتحادية في تعزيز مبادئ الديمقراطية من خلال تفسير نصوص الدستور.

المطلب الأول : دور المحكمة الإتحادية في تعزيز مبادئ الديمقراطية من خلال الرقابة الدستورية :

       إن أخذ الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ بمبدأ الرقابة الدستورية عن طريق إنشاء المحكمة الإتحادية العليا يعد ضمانة مهمة لتعزيز مبادئ الديمقراطية، عن طريق حماية الحقوق والحريات ومبدأ سيادة القانون مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال القضاء ومبدأ تدرج القوانين والمبادئ الأساسية في بناء دولة القانون التي أكد عليها الدستور النافذ، وبذلك سيتم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين مستقلين وعلى الشكل الآتي:

الفرع الأول :الرقابة الدستورية ودورها في تعزيز مبادئ الديمقراطية :

       إن الرقابة على دستورية القوانين أعتمد لبلورة مفهوم دولة القانون، والتي تقتضي خضوع جميع السلطات الدستورية إلى أحكام الدستور، واحترام القواعد والمبادئ المنصوص عليها في الدستور النافذ وعدم مخالفتها لأحكامها.

       تعدّ الرقابة على دستورية القوانين العامل الأساسي في بناء دولة القانون، حيث إن مع النص القانوني له صفات متحركة، ومع هذا النص المتحرك تكون الحقوق والحريات عرضة للمساس بها، ولهذا وبغية الحد من سلبيات هذا القانون المتحرك لابد من إيجاد وسيلة ما لضبط هذا الواقع، وهي دولة القانون التي تفرض خضوع كل السلطات للدستور، وتحتم وجود محكمة مختصة لفرض تأمين هذا الخضوع، وتحمي تلك الحقوق والحريات من تعسف السلطة التنفيذية تحت سقف القانون([10]). فالغاية التي يهدف إليها دولة القانون والديمقراطية الحديثة، هي صيانة حقوق المواطنين وحماية حرياتهم من خلال الدستور والرقابة على دستورية القوانين، لأن من دون هذه الرقابة، لا حياة لمبدأ تسلسل القواعد ولا حياة لدولة القانون والديمقراطية([11]).

       إن إختصاص المحكمة الإتحادية العليا بالرقابة على دستورية القوانين هو إختصاص عام يشمل كافة الطعون الدستورية على القوانين والأنظمة، سواء تلك التي تقوم على مخالفات شكلية للأوضاع والإجراءات المقررة في الدستور بشأن إقتراح التشريع وإقراره وإصداره، أو التي تنصب على مخالفة أحكام الدستور([12]). وهذا ما نص عليه في البند (اولاً) من المادة (93) من الدستور النافذ. وفي هذا الصدد يثار تساؤل حول دور المحكمة الإتحادية في الرقابة الدستورية على القوانين الصادرة قبل صدور الدستور النافذ ؟ للجواب يمكن القول: لقد نصت المادة (130) من الدستور النافذ لسنة 2005، على إن: "تبقى التشريعات النافذة معمول بها، مالم تلغ أو تعدل، وفقاً لأحكام هذا الدستور".

       ويثار تساؤل آخر بخصوص الرقابة على دستورية القوانين التي تمارسها المحكمة الإتحادية هل هي رقابة إلغاء أم رقابة إمتناع ؟ للجواب يمكن القول: يذهب معظم الدارسين إلى إن المحكمة المذكورة تمارس رقابة إمتناع ورقابة الإلغاء، ويرى آخرون في ضوء النصوص الحالية بأن الرقابة التي تمارسها المحكمة الإتحادية العليا هي رقابة الإلغاء فقط([13]). والسند في ذلك ما ورد في المادة (4) و (5) من قانون المحكمة الاتحادية العليا والتي نصت على "... وإلغاء التي تتعرض مع أحكام قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية ..."

       وبذلك يمكن القول: إن دور المحكمة الإتحادية العليا عن طريق الرقابة الدستورية يعد تأكيداً لمبدأ سمو الدستور وتجسيداً لمبدأ تدرج القوانين وتحقيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات وعنواناً لدولة القانون والتعبير عنها، وللحيلولة دون خرق السلطة التنفيذية للحقوق والحريات التي نص عليها الدستور النافذ، وصمام أمان لمنع أي إنتهاك أو خرق للقوانين التي تصدرها السلطة التشريعية عن طريق الحكم بعدم الدستورية للقوانين التي تتعارض مع أحكام الدستور، وهذا الدور يسهم ويدعم بشكل كبير مبادئ الديمقراطية ويقوم بإرسائها.

الفرع الثاني : تطبيقات الرقابة الدستورية في تعزيز مبادئ الديمقراطية :

       لقد أصدرت المحكمة الاتحادية العليا جملة من الأحكام القضائية أسهمت بشكل كبير في تعزيز مبادئ الديمقراطية وترسيخ أسسها، وتجسيد المبادئ الفقهية الدستورية المتعلقة بالسمو والعلوية للقاعدة الدستورية ومنع خرق أحكام الدستور، على صعيد الواقع والتطبيق في العديد من القرارات منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:

  1. قضت المحكمة الإتحادية في حكمها الصادر في 29/3/2006، بأن منع المدعي من السفر لا سند له من القانون وفيه تقييد لحرية السفر خارج العراق والعودة إليه مما يشكل إنتهاك للحقوق والحريات التي كفلها الدستور.
  2. في مجال حماية حق التصويت أو الإنتخاب، الذي يقصد به وسيلة إختيار الشعب لحكامة في النظام الديمقراطي([14])، قضت المحكمة في قرارها الصادر في 14/6/2010، بعدم دستورية الفقرة (رابعاً) من المادة (3) من قانون تعديل قانون الإنتخابات رقم (26) لسنة 2009 المعدل لقانون الإنتخابات رقم (16) لسنة 2005، لتعارضه مع نصوص المواد (13، 20، 38،/ أولا) من الدستور، إذ إنه يشكل إنتهاكاً لحق التصويت، والإنتخاب، ولمبدأ العدالة، فضلاً تعارضه مع الدستور، حيث إن تطبيق هذا النص سيؤدي إلى إمكانية حرمان من يحصل على عدد من الأصوات، يقل بصوت واحد عن القاسم الإنتخابي من الحصول على مقعد بمجلس النواب، ومن ثمّ تجبير تلك الأصوات لمصلحة الكيانات الكبيرة الفائزة، وتهميش الملايين من أصوات الناخبين.
  3. في مجال التداول السلمي للسلطة بكونه مبدأ ديمقراطي قضت المحكمة بالقرار 12/اتحادية/2012 في 14/6/2012 على عدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم (26) لسنة 2009؛ لأن تحـويل صــوت الناخـب بدون إرادته من المرشح الذي إنتخبه إلى مرشـح من قائمـة أخرى لم تتجـه إرادته الإنتخـابية يعتبر تعديـاً على حقوقه الدستورية ويشكل مخالفة لنص المادة (20) من الدستور؛ ولأن الإنتخابات هي وسيلة إسناد السلطة وتدولها السلمي في النظام الديمقراطي.
  4. كما يبرز دور المحكمة الإتحادية العليا في حماية الحقوق والحريات الاساسية الفردية المنصوص عليها في الدستور بالقرار الصادر بالعدد 57 / اتحادية / 2017 في 3/ 8/ 2017 الذي قضى بـ "قررت المحكمة الاتحادية العليا، عدم دستورية القرار (120) لسنة 1994 وإلغاءه 000" وبذلك فان الحكم بعدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994، جعلت منه أن يكون قراراً معدوماً في أساسه، ذلك إن إلغاءه يسري بأثر رجعي اعتباراً من  تاريخ صدوره ونفاذه.
  5. في مجال تكريس مبدأ المساواة قضت المحكمة وفق القرار (99، 104، 106/اتحادية/2018 في 21/6/2018)، حيث جاء في الفقرة الحكمية عدم دستورية نص المادة (3) من قانون التعديل الثالث لقانون إنتخابات مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013، وإلغائها واعتمدت المحكمة بتسبيبها للحكم بعد الدستورية إلى أن ذلك النص القانوني الطعين قد خالف نص المواد (14) من الدستور التي أقرت مبدأ المساواة لأن حرمان عدد من الأشخاص من ممارسة حقهم في التصويت عبر إلغاء أصواتهم في عدم مساواة مع أقرانهم الذين قاموا بالتصويت، كذلك مخالفة نص المادة (20) من الدستور التي أقرت مبدأ حق المواطن في التصويت والإنتخاب والترشيح ومخالفة نص المادة (38/أولا) التي تكفل حرية التعبير لأن التصويت هو وسيلة للتعبير عن أرادة الناخب، فضلا عن الأسباب الأخرى الواردة في حيثيات الحكم القضائي الدستوري أعلاه.

       إنّ تطبيقات الرقابة الدستورية في العراق وأن كانت متواضعة وفي بدايتها، إلا أنها في الواقع حققت تقدماً في مجال إرساء مبادئ الديمقراطية، فقد أخذت المحكمة الإتحادية العليا على عاتقها إلغاء التشريع السيء المخالف للدستور ولأماني المواطن وحرياته واصبحت هذه المحكمة الملاذ لكل من أهدر له حق دستوري.

المطلب الثاني : دور المحكمة الإتحادية في تعزيز مبادئ الديمقراطية من خلال تفسير             نصوص الدستور

       إن النصوص الدستورية مهما بلغت درجة سموها وعلوها، إلا أنها قد تثير نوع من الجدل حول مضمونها، لما قد يعتريها من غموض في فهمها أو قابليتها على التأويل بأكثر من وجه مما يجعلها سببا في حصول الخلاف في وجهات النظر، مما يتعين وجود جهة مختصة قادرة على القيام بهذه المهمة لمنع الإنتهاكات الدستورية والتي تؤثر بشكل مباشر على مبادئ الديمقراطية. وبذلك سوف نسلط الضوء على هذا المطلب ونقسمه على فرعين.

الفرع الأول :التفسير الدستوري ودوره في تعزيز مبادئ الديمقراطية :

       وضع دستور العراق لسنة 2005 النافذ في المادة (93/ثانياً) تكليفاً أناط به إلى المحكمة الإتحادية صلاحية تفسير نصوص الدستور والذي لم يكن مدرجاً ضمن إختصاصات المحكمة الإتحادية العليا في قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، ولا قانون المحكمة الذي أنشأت المحكمة الإتحادية بموجبه ووكلت إليه أحكام معروفة وحسبما جاءت به أحكام المادة (4) من تشريعها([15]).

       والمراد بتفسير أحكام الدستور بأنه تجليه ما قد يكون قد ظهر على ذلك النص المراد استيضاح الغموض أو اللبس فيه، بغية رفع الغموض توصلا إلى تحديد مراد الدستور ضمانا لوحدة تطبيقه واستقراره وعدم مخالفته([16]), ويجب أن لا يتمرد المشرع بتفسير الحالة المعروضة بل يجب أن يكون موضوع التفسير مبدأ هاماً من المبادئ الدستورية ويطبق على الحالات المماثلة، وتكون القرارات الصادرة بمثابة سلطة عليا يجب احترامها ووضعها موضع السمو([17]).

        وقد يثار تساؤل حول ماهي الجهة المختصة في رفع الطلب الدستوري للمحكمة الإتحادية ؟ للجواب يمكن القول: ينحصر طلب التفسير بإحدى السلطات الإتحادية أو حكومة إحدى الأقاليم، والسلطات الإتحادية بنص المادة (47) من الدستور النافذ تتكون من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية([18])، فمجلس النواب (السلطة التشريعية) تُقدم طلبات التفسير من رئيسه أو إحدى دوائر المجلس أو لجانه، كما يقدم طلب من رئيس مجلس القضاء الأعلى بوصفة ممثلا للسلطة القضائية، وكذلك من مجلس الوزراء أو رئيس الجمهورية كونهما يمثلان السلطة التنفيذية، أو حكومة إحدى الأقاليم.

        ويثار تساؤل آخر حول حجية القرارات التي تصدرها المحكمة الإتحادية عن تفسير نصوص الدستور ؟ للجواب يمكن القول: حسب إعتقاد الأستاذ مكي ناجي إن قرار المحكمة الاتحادية بالتفسير ملزم من تاريخ صدوره وإن النشر في الجريدة الرسمية ليس سوى إعلان للجمهور للإطلاع ولا يؤثر على صفة الإلزام، أما إذا الحكم والقرار الذي تصدره المحكمة الإتحادية العليا متضمناً عدم دستورية نص في قانون أو قرار أو نظام تشريع فإن نشره واجب ويكون نافذاً بعد نشره بالجريدة الرسمية([19]).

       وقد عملت المحكمة الإتحادية العليا عن طريق إختصاصها في تفسير النصوص الدستورية على ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتتولى الحفاظ على مبادئ وأحكام الدستور لاسيما المتعلقة بمبادئ الديمقراطية وبحقوق الإنسان والحريات العامة، حيث وضعت الأسس الكفيلة لحماية الدستور العراقي، وديمومة النظام الديمقراطي لذلك كانت صمام أمان وحماية لكل ما نص عليه الدستور فكلما كان هناك إنتهاك لحقوقه أو حرمان من ممارستها، كان الرأي القضائي حاسماً في البت في الطلب، وهناك العديد من القرارات التفسيرية التي سنتطرق إليها بإختصار ساهمت بشكل كبير في حماية وتعزيز النظام الديمقراطي وإرساء مبادئه.

الفرع الثاني :تطبيقات تفسير الدستور في تعزيز مبادئ الديمقراطية :

       إن القرارات التفسيرية التي تصدرها المحكمة الإتحادية العليا تعد بمثابة خارطة طريق تعمل في ضوئها وعلى هديها مؤسسات الدولة؛ لأن تفسير النصوص الدستورية إنما يكشف الآليات الديمقراطية المتبعة وتعزيز مبادئها، ويبين أحكام النصوص الدستورية ويوضح ما يعتريها من غموض وبيان الجهة السياسية التي لها الحق في تشكيل الحكومة، وكيفية إقتراح مشاريع القوانين وإيضاح آلية التصويت في اتخاذ القرارات المهمة، وبذلك سنتطرق بإختصار إلى القرارات التفسيرية التي أسهمت بشكل كبير في تعزيز مبادئ الديمقراطية:

  1. في مجال حماية حقوق الأقليات التي كفلها الدستور فقد قضت المحكمة بالقرار 6/اتحادية/2010 في 3/3/2010، بالإيعاز إلى مجلس النواب لإصدار تشريع ينظم كوتا الأقليات من مكونات الشعب العراقي.
  2. القرار 13/ اتحادية/ 2007 في 31/7/2007، الذي حدد نسبة الكوتا النسائية في مجالس المحافظات التي لم ينص عليها في القوانيين التي تنظمها عملية إنتخاب مجالس المحافظات معليين ذلك بأنه ينسجم مع مبادئ النظام الديمقراطي ويتناسب مع روح الدستور الذي يؤكد على الكوتا النسائية في البرلمان لأن إستخدام أنظمة الكوتا عامل سياسي هام جداً في تحقيق فرص المشاركة للنساء.
  3. القرار 15/اتحادية/ 2009 في 5/2/2009، الذي ألزم السلطات بإعتماد اللغات السريانية والتركمانية في المناطق التي فيها كثافة للمكونات التركمانية والسريانية حينما يصدر قانون ينظم ذلك فكان القرار علاجاً لذلك النقص التشريعي.
  4. القرار 27/اتحادية/2009 في 11/8/2009، الذي عرف مفهوم الأغلبية البرلمانية المطلوبة للتصويت على قرار رفع الحصانة عندما لم يجد أحد نصا يعالج تلك الحالة.
  5. القرار رقم 25/اتحادية/2010 فسرت بموجبه تعبير (الكتلة النيابية الأكثر عدداً) الوارد في المادة 76 من الدستور وملخص رأي المحكمة بهذا الخصوص (تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عدداً من الكتلة أو الكتل الأخرى بتشكيل مجلس الوزراء).
  6. القرار 59/إتحادية/2011 في 21/11/2011، الذي أوعز للسلطة التشريعية بإعتماد الآراء الفقهية لكافة المذاهب الإسلامية عند إصدار تشريع ينظم الأحوال الشخصية.
  7. في مجال سمو الدستور وحماية سيادته ونظامه الإتحادي الديمقراطي أصدرت المحكمة قراراً بتفسير المادة (1) من الدستور، خلصت فيه إلى أن هذه المادة والمواد الدستورية الأخرى ذات العلاقة أكدت على وحدة العراق، وألزمت المادة (109) من الدستور السلطات الإتحادية كافة بالمحافظة على هذه الوحدة، وأدت وفق القرار (89 و 91 و92 و93/ إتحادية / 2017 في 20/ 11/ 2017)، بالحكم بعدم دستورية الاستفتاء الجاري يوم 25/9/2017 في إقليم كوردستان وفي المناطق الأخرى.
  8. القرار التفسيري رقم 8/ إتحادية/ 2018 بتاريخ 21/ 1/ 2018، بناءً على الطلب الوارد من مجلس النواب بتاريخ 21/ 1/ 2018، بخصوص تفسير أحكام المادة (56/ ثانياً) من الدستور والتي قضت المحكمة الإتحادية العليا بوجوب التقييد بالمدة المحددة في المادة المذكورة لإنتخاب أعضاء مجلس النواب الجديد وعدم جواز تغييرها.
  9. أصدرت المحكمة الإتحادية قرارا بتاريخ 21/6/2018، يقضي بدستورية جلسة البرلمان التي عقدها لإجراء تعديل ثالث على قانون الإنتخابات التشريعية بعد إجراء العملية الإنتخابية، فيما رفضت إلغاء أصوات الخارج والنازحين، والتصويت الخاص لإقليم كردستان، وهذه القرارات أسهمت بشكل كبير في الحفاظ على العملية السياسية من الإنهيار بسبب تجاذبات الكتل السياسية، وانخفاض عدد الناخبين.

       وفي نهاية هذا المبحث يمكن القول: رغم حداثة التجربة الديمقراطية في العراق وعدم نضج بعض النخب السياسية وكذا المجتمع بالشكل الذي يجعل الجميع يسلمون بالخضوع لدولة القانون وإحترام المؤسسات الدستورية، إلا أن المحكمة الإتحادية أستطاعت لعب دور كبير وهام في حماية التحول الديمقراطي وتعزيز مبادئه، وحماية الحقوق والحريات والمبادئ التي أكد عليها الدستور العراقي النافذ.

 

الخاتمة

      تبين لنا من خلال دراسة الدور الذي تقوم به المحكمة الإتحادية العليا في العراق في إرساء مبادئ الديمقراطية و تأكيد مبدأ سمو الدستور وتجسيد مبدأ تدرج القوانين وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات وعنوان لدولة القانون والتعبير عنها، من خلال التصدي في حالات كثيرة لتجاوز السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو ما تم في صورة أحكام عديدة بعدم دستورية النصوص القانونية، ودورها الكبير بتفسير نصوص الدستور، لذلك يمكن الإشارة إلى بعض النتائج المهمة التي ترشحت من خلال البحث وكذلك بعض التوصيات في هذا المجال نوجزها بالآتي:

اولاً: النتائج :

  1. من خلال تتبع نصوص قانون المحكمة والدستور يلاحظ خلوها من أي نص يبين كيفية إختيار قضاة آخرين في حالة وجود شواغر بسبب الوفاة أو العزل أول الإستقالة. و لم يبين الشروط والمواصفات الواجب توافرها في رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية وإن النص جاء مطلق، وأن كان حصر أمر التسمية والترشيح بمجلس القضاء الأعلى.
  2. يلاحظ أن هناك قوانين سابقة وقرارات لمجلس قيادة الثورة المنحل ما زالت نافذة بموجب المادة (130) من الدستور ونفاذها يشكل إنتهاكاً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ويخالف مبادئ الديمقراطية التي أكد عليها الدستور النافذ.
  3. أن الإختصاصات التي أوكلت للمحكمة الإتحادية العليا كثيرة جداً وزائدة ولا يليق بالمحكمة العليا ممارستها، وكان يمكن ترك بعضها للهيئات القضائية الإتحادية الأخرى، لأن الإختصاصات الكثيرة تثقل كاهل المحكمة و تعرقل قيامها بمهامها الدستورية المهمة والجسيمة ولا سيما إختصاصاتها الخطيرة في مجال الرقابة على دستورية القوانين.
  4. تعد المحكمة الإتحادية العليا من أهم الضمانات لتعزيز مبادئ الديمقراطية، وإن الأخيرة لن يصلب لها عود ولن تنمو بغياب قضاء مستقل فاعل ورصين، بعيداً عن الضغوطات والتدخلات، فالمحكمة توفر رقابة دائمة وفعالة على جميع المؤسسات للتقيد مبادئ الدستور.
  5. إن تطبيقات المحكمة الإتحادية العليا في العراق وأن كانت متواضعة وفي بدايتها إلا أنها في الواقع قد حققت تقدماً إلى الأمام في هذا المجال واخذت المحكمة الإتحادية العليا على عاتقها إلغاء التشريع السيء المخالف للدستور ولأماني المواطن وحرياته وأصبحت هذه المحكمة الملاذ لكل من أهدر له حق دستوري.
  6. إن حداثة التجربة الديمقراطية في العراق تشوبها العقبات والتحديات لازالت تعرقل عمل المحكمة الإتحادية العليا، ومن تلك العقبات والتحديات الإرث الكبير الذي تركه النظام الدكتاتوري التعسفي بحق أبناء الشعب ومؤسساته الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وعدم نضج النخب السياسية، وإستمرار التدخلات الدولية.

ثانياً: التوصيات :

  1. ينبغي الإسراع بإصدار قانون جديد للمحكمة يوضح تشكيلة المحكمة وشروط العضوية بالإعتماد على أساس الكفاءة والخبرة والمهنية والابتعاد عن مبدأ المحاصصة، ويبين اختصاصاتها بدقة ووضوح، وتفعيل دورها في بناء وحماية الديمقراطية.
  2. ندعو إلى تعديل نص المادة (130) من الدستور النافذ، أو تعديل التشريعات التي تشكل إنتهاكاً للحقوق والحريات وللنظام الديمقراطي الجديد.
  3. لم ينص الدستور على قيام المحكمة الإتحادية بالبت في دستورية القوانين من تلقاء نفسها، لذا نقترح على المشرع العراقي أن ينص على ذلك صراحة.
  4. رفع التعارض والتناقض الحاصل بين النصوص (94) و (61/ سادساً/ ب) من الدستور، وكذلك بين نص المادة (93/ثالثا) وبين المادة (121/ ثانياً) من الدستور.
  5. ندعو لسن قانون إجراءات مساءلة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء كونه إختصاصاً ضرورياً من أجل كبح التعدي على الحقوق والحريات ومبادئ الديمقراطية.

       وعلى أية حال فانه لاشي يبلغ درجة الكمال منذ ولادته، بل يحتاج إلى الزمن لكي ينمو ويتعاظم، وإن تجربة المحكمة الإتحادية العليا مفخرة للعراقيين جميعاً وعلامة مميزة في النظام الديمقراطي.

المصادر

اولاً: الكتب :

  1. أحمد سويلم العمري، دراسات سياسية، أصول النظم الإتحادية، مكتبة الانجلو مصرية، القاهرة، 1961.
  2. رمزي الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، دار النهضة، القاهرة، 2001.
  3. شعبان أحمد رمضان، ضوابط آثار الرقابة على دستورية القوانين (دارسة مقارنة)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.
  4. عبد الرحمن سليمان زيباري، السلطة القضائية في النظام الفدرالي (دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، منشورات زين الحقوقية، 2013.
  5. عزيزه الشريف، دارسة في الرقابة على دستورية التشريع، جامعة تكريت، 1995.
  6. غازي فيصل مهدي، المحكمة الإتحادية العليا ودورها في ضمان مبدأ المشروعية، الناشر صباح صادق جعفر، بغداد، 2008.
  7. غازي فيصل مهدي، المحكمة الإتحادية العليا ودورها في ضمان مبدأ المشروعية، ط1،  بغداد 2008.
  8. فرمان درويش حمد، اختصاصات المحكمة الإتحادية العليا في العراق، الطبعة الأولى، مكتبة زين الحقوقية والأدبية، بيروت 2013.
  9. ماهر صالح علاوي، مبادئ القانون الإداري، (دراسة مقارنة)، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1996.
  10. محمد المجذوب، القانون الدستوري اللبناني وأهم الأنظمة السياسية في العالم، الدار الجامعية، بيروت، 1998.
  11. محمد كاظم المشهداني، النظم السياسية، دار الحكمة للطباعة والنشر، الموصل 1991.

ثانياً: رسائل ومجلات بحوث :

  1. أريان محمد علي، الدستور الفدرالي، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، كلية القانون، 2007.
  2. داوود عبد الرزاق الباز، اللامركزية السياسية الدستورية في الإمارات العربية المتحدة، مجلة الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، العدد (15)، لسنة 2011.
  3. دولة أحمد عبد الله، وآخرون، دور المحكمة الإتحادية في حماية حقوق الإنسان في العراق، بحث منشور في مجلة الرافدين، المجلد (13) العدد (49) السنة 
  4. ساجد محمد الزاملي، الرقابة على دستورية القوانين في العراق في ظل دستور 2005 الدائم، مجلة القانون المقارن، جمعية القانون المقارن العراقية العدد 58/2009.
  5. قاسم حسن العبودي، أشكال القضاء الإتحادي، بحث متوفر على الموقع http://www.iraqja.org/researches/qasem%20federal%20design.ht
  6. محسن جميل جريح، المحكمة الإتحادية في العراق، بحث متوفر على بحث على الموقع http://www.iiraqji.org/researchec/htm1/bahth%20muhsen%ja

ثالثاً: القوانين :

  1. الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ.
  2. قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية لسنة 2004(المُلغى).
  3. قانون المحكمة الإتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005.

 

 

 ([1])رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص (682 - 683).

 

 

(2) ينظر المادة/3 من الأمر رقم 30 لسنة 2005، الصادر من مجلس الوزراء.

 

 

([3])  غازي فيصل مهدي، المحكمة الاتحادية العليا ودورها في ضمان مبدأ المشروعية، ط1، بغداد 2008، ص 12.

 

 

([4]) قاسم حسن العبودي، أشكال القضاء الاتحادي، ص 10، متوفر على الموقع الإلكتروني :   

                                         http://www.iraqja.org/researches/qasem%20federal%20design.htm

 

 

([5]) ماهر صالح علاوي، مبادئ القانون الإداري، (دراسة مقارنة)، دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1996، ص 193.

 

 

([6]) غازي فيصل مهدي، المصدر السابق، ص 27.

 

 

([7]) محسن جميل جريح، المحكمة الاتحادية في العراق دراسة مقارنة، ص 13، بحث متوفر على الموقع الإلكتروني :

                                    http://www.iiraqji.org/researchec/htm1/bahth%20muhsen%jameel.htm.

 

 

([8]) دولة احمد عبد الله، وآخرون، دور المحكمة الاتحادية في حماية حقوق الانسان في العراق، بحث منشور في مجلة  الرافدين للحقوق، المجلد (13) العدد (49)  السنة  (2016)، ص 379.

 

 

([9]) اريان محمد علي،الدستور الفدرالي، دراسة مقارنة،رسالة ماجستير،جامعة بغداد، كلية القانون، 2007،ص(183-185).

 

 

([10]) محمد المجذوب، القانون الدستوري اللبناني وأهم الأنظمة السياسية في العالم، الدار الجامعية، بيروت، 1998، ص (71 – 72).

 

 

([11]) عزيزه الشريف، دارسة في الرقابة على دستورية التشريع، جامعة تكريت، 1995، ص 63.

 

 

([12]) شعبان أحمد رمضان، ضوابط آثار الرقابة على دستورية القوانين (دارسة مقارنة)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص 352.

 

 

([13]) عبد الرحمن سليمان زيباري، السلطة القضائية في النظام الفدرالي (دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، منشورات زين الحقوقية، 2013، ص263.

 

 

([14]) محمد كاظم المشهداني، النظم السياسية، دار الحكمة للطباعة والنشر، الموصل 1991، ص 59.

 

 

([15]) فرمان درويش حمد، اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا في العراق، الطبعة الأولى، مكتبة زين الحقوقية والأدبية، بيروت 2013، ص 378.

 

 

([16]) داوود عبد الرزاق الباز، اللامركزية السياسية الدستورية في الامارات العربية المتحدة، مجلة الشريعة والقانون، جامعة الامارات العربية المتحدة، العدد (15)، لسنة 2011، ص 264.

 

 

([17]) أحمد سويلم العمري، دراسات سياسية، أصول النظم الاتحادية، مكتبة الانجلو مصرية، القاهرة، 1961، ص 328.

 

 

([18]) ساجد محمد الزاملي، الرقابة على دستورية القوانين في العراق في ظل دستور 2005 الدائم، مجلة القانون المقارن، جمعية القانون المقارن العراقية العدد 58/2009، ص 136.

 

 

([19]) غازي فيص مهدي،المحكمة الاتحادية العليا ودورها في ضمان مبدأ المشروعية، الناشر صباح صادق جعفر،بغداد، 2008، ص 67.