الطفولة بين الحنان والقسوة !!؟؟

بقلم : الدكتور هاتو حميد حسن الازيرجاوي

    يعد الاطفال زينة الاسرة لا تكمتل الحياة الا بهم , فهم الغرس الاول في التقدم الحضاري , ومن اهم اساليب التعامل معهم اسلوبان هما :

الاول : التعامل بالحب والمودة والرعاية التامة .

الثاني : التعامل بالشدة والعنف والاهمال .

ولعل نتائج القسم الاول تعود بمخرجات ايجابية كثيرة لان الكبار عرفوا كيفية التعامل معهم في هذه المرحلة وضرورة اعداد الطفل اعداداً سليما فهو بحاجة الى التوجيه والارشاد والرعاية لاُخراجه من حالة الجمود الى حالة المشاركة الجماعية الفاعلة, ولا ينظر اليه كأداة معطلة في المجتمع .

اما القسم الثاني تكون نتائجه خطيرة لا سيما اذا كان التعامل معهم سيئا لا يعتمد على الاساليب العلمية والموضوعية كأعتماد الشدة والخوف والاهمال , فيكون ضررها اكثر من نفعها .

ومصداقاً لقولنا , نبين موقف الاسلام من الطفولة ثم نشير الى موقفين متضادين حدثا في التاريخ الاسلامي .

قال تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ...) الكهف 45

وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...) التحريم 5

وفي الروايات والاحاديث الشريفة دلالات كثيرة تؤكد على هذا الجانب جاء رجل الى رسول الله (ص) فقال : (يا رسول الله , ما حق ابني هذا , قال : تحسن اسمه وأدبه , وضعه موضعاً حسناً) .

وقال رسول الله (ص) : (علموا اولادكم السباحة والرماية ...)

وقوله (ص) : (من سعادة الرجل الولد الصالح)

وقول (ص واله) ومن علمه القرآن ودعى الابوين فيكسبان حلتين تضيء من نورهما وجوه اهل الجنة) .

وروي عن الامام على (ع) انه قال : (علموا انفسكم واهليكم الخير وادبوهم) .

وعن الامام علي بن الحسين (ع) انه قال : (اللهم مُنَّ عليَّ ببقاء ولدي وباصلاحهم لي , اللهم امدد لي في اعمارهم , وزد في اجالهم ورب لي صغيرهم , وقوي لي ضعيفهم ...) .

وعن الامام الصادق (ع) انه قال : (جلس رجل من المؤمنين يبكي قال : انا عجزت عن نفسي وكلفت اهلي , فقال رسول الله (ص) : حسبك ان تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تهني نفسك) .

وخلاصة القول ان الاسلام لم يهمل هذه الشريحة من المجتمع بل وصفها بالرعاية والاهتمام والمتابعة النافعة والتعامل معها بلطف والافادة منهما مستقبلا فالغرس لا يعطي ثماره الا بمرور الزمن .

وبغية اتمام الفائدة ندرج موقفين حدثا في التاريخ الاسلامي هما :

الموقف الاول : التعامل مع الحسن والحسين (ع) لا اريد ان اطيل في هذا الموضوع فهو معروف بيد اني استعين به باعتبار الرسول (ص) اسوة حسنة لنا نسير على خطاه .

عاش الحسنان (ع) في بيت الرسول (ص) وترعرعا فيه ودرسا في مدرسته الشريفة وتعلما فيه العلوم جميعا , فضلا عن رعاية والديهما الامام علي (ع) وزوجه البتول فاطمة الزهراء (ع) .

اخذ الرسول (ص) الحسنين (ع) معه يوم المباهلة ليباهل بهما نصارى نجران , ليلفت نظر الجميع مكانتهما عنده .

كان يلاطفهما ويقبلهما ويبتسم لهما ويفرح كلما شاهدهما , حتى اصبحا جزءاً منه . ( حسين مني وانا من حسين) و (الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنه) وذات مره كان رسول الله (ص) يصلي فاقبلا عليه وركبا على ظهره الشريف وهو يطيل السجود لهما وكان يقول : (الولد من ريحانة الجنة) .

وفي مجلسه ايضا يستقبلهما بعد ان يقطع كلامه تكريما لهما ويعطي درسا للاخرين ايضا فكانت بينهما الفة لا مثيل لها في بيوت العرب .

وذات يوم دخل على رسول الله (ص) الاقرع بن حابس التميمي , فقال له : (لي عشرة من الولد ما قبلت احداً منهم , فقال النبي (ص) وماذا اصنع ان كان الله قد نزع الرحمة من قلبك , فمن لا يرحم لا يُرحم) .

نستشف من الروايات والاحاديث الشريفة كيف كان الرسول (ص) يعامل ابناءه بالحسنى واللطف والاحترام وهكذا واصلا مهامهما الانسانية بعد وفاة جدهما (ص) فكان الغرس جميلاً , لمس المسلمون ثماره في حياتهما فكانا قدوة لنا في التعامل مع الابناء والاطفال عموماً .

الموقف الثاني : التعامل مع اطفال الحسين في معركة الطف .

لا نريد التفصيل في هذه الفاجعة الاليمة التي حلت بالمسلمين عامة وانما نحاول ان نكشف قسوة القلوب وكيف نزعت الرحمة منها وقتل الانسانية فيها , فلا تجد في النفوس زاوية خير وصلاح , بل غلفت بطلاء الحقد والانانية والظلم والاستبداد .

حدثت معركة الطف عام 61هـ بعد ان اوصى يزيد بن معاوية لعنه الله جيوشه بالقضاء على الحسين (ع) واطفاله , وقطع رؤوسهم وارسالها اليه في الشام .

وفي ساحة المعركة برز الى الجيش الاموي شاب صغير (علي الاكبر) بن الحسين (ع) ليدافع عن والده والمهمة التي جاء من اجلها , فقتلوه وقطعوه ارباً اربا وحزوا برأسه , ثم تواصل مسلسل القتل .

قدم الامام الحسين (ع) ابنه الرضيع (عبد الله) بعد ان اشتد به العطش , واذا بسهم مسموم في نحره ارسله (حرملة) اللعين فذبحه من الوريد الى الوريد .

ولم يكتف اولئك المجرمون بل روعوا النساء والاطفال من خلال حرق الخيم , ونسأل ما ذنب هؤلاء الاطفال ؟ وما الفعل الذي ارتكبوه ؟ ولماذا كل هذه القسوة تجاه الاطفال ؟ الم يعتبروا بسيرة الرسول (ص) الذي اوصى الجيوش بعدم قتل الاطفال والاساءة اليهم , نرى انهم ضلوا الطريق في دينهم وخسروا دنياهم .

وما زال التكفير الحديث يمارس الاعمال الخسيسة ذاتها مع الاطفال , فراح يدربهم لممارسة القتل والاجرام فهم سادرون في غيهم , وهذا نتيجة التعامل السلبي وغير العلمي والانساني تجاه الاطفال .

المطلوب اليوم بناء جيل متسامح بالايمان الراسخ والعقيدة الاسلامية الاصيلة لمواجهة التحديات .

 

لا خير في امة لا تحترم صغيرها ولا توقر كبيرها .الطفولة بين الحنان والقسوة !!؟؟

بقلم : الدكتور هاتو حميد حسن الازيرجاوي

    يعد الاطفال زينة الاسرة لا تكمتل الحياة الا بهم , فهم الغرس الاول في التقدم الحضاري , ومن اهم اساليب التعامل معهم اسلوبان هما :

الاول : التعامل بالحب والمودة والرعاية التامة .

الثاني : التعامل بالشدة والعنف والاهمال .

ولعل نتائج القسم الاول تعود بمخرجات ايجابية كثيرة لان الكبار عرفوا كيفية التعامل معهم في هذه المرحلة وضرورة اعداد الطفل اعداداً سليما فهو بحاجة الى التوجيه والارشاد والرعاية لاُخراجه من حالة الجمود الى حالة المشاركة الجماعية الفاعلة, ولا ينظر اليه كأداة معطلة في المجتمع .

اما القسم الثاني تكون نتائجه خطيرة لا سيما اذا كان التعامل معهم سيئا لا يعتمد على الاساليب العلمية والموضوعية كأعتماد الشدة والخوف والاهمال , فيكون ضررها اكثر من نفعها .

ومصداقاً لقولنا , نبين موقف الاسلام من الطفولة ثم نشير الى موقفين متضادين حدثا في التاريخ الاسلامي .

قال تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ...) الكهف 45

وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...) التحريم 5

وفي الروايات والاحاديث الشريفة دلالات كثيرة تؤكد على هذا الجانب جاء رجل الى رسول الله (ص) فقال : (يا رسول الله , ما حق ابني هذا , قال : تحسن اسمه وأدبه , وضعه موضعاً حسناً) .

وقال رسول الله (ص) : (علموا اولادكم السباحة والرماية ...)

وقوله (ص) : (من سعادة الرجل الولد الصالح)

وقول (ص واله) ومن علمه القرآن ودعى الابوين فيكسبان حلتين تضيء من نورهما وجوه اهل الجنة) .

وروي عن الامام على (ع) انه قال : (علموا انفسكم واهليكم الخير وادبوهم) .

وعن الامام علي بن الحسين (ع) انه قال : (اللهم مُنَّ عليَّ ببقاء ولدي وباصلاحهم لي , اللهم امدد لي في اعمارهم , وزد في اجالهم ورب لي صغيرهم , وقوي لي ضعيفهم ...) .

وعن الامام الصادق (ع) انه قال : (جلس رجل من المؤمنين يبكي قال : انا عجزت عن نفسي وكلفت اهلي , فقال رسول الله (ص) : حسبك ان تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تهني نفسك) .

وخلاصة القول ان الاسلام لم يهمل هذه الشريحة من المجتمع بل وصفها بالرعاية والاهتمام والمتابعة النافعة والتعامل معها بلطف والافادة منهما مستقبلا فالغرس لا يعطي ثماره الا بمرور الزمن .

وبغية اتمام الفائدة ندرج موقفين حدثا في التاريخ الاسلامي هما :

الموقف الاول : التعامل مع الحسن والحسين (ع) لا اريد ان اطيل في هذا الموضوع فهو معروف بيد اني استعين به باعتبار الرسول (ص) اسوة حسنة لنا نسير على خطاه .

عاش الحسنان (ع) في بيت الرسول (ص) وترعرعا فيه ودرسا في مدرسته الشريفة وتعلما فيه العلوم جميعا , فضلا عن رعاية والديهما الامام علي (ع) وزوجه البتول فاطمة الزهراء (ع) .

اخذ الرسول (ص) الحسنين (ع) معه يوم المباهلة ليباهل بهما نصارى نجران , ليلفت نظر الجميع مكانتهما عنده .

كان يلاطفهما ويقبلهما ويبتسم لهما ويفرح كلما شاهدهما , حتى اصبحا جزءاً منه . ( حسين مني وانا من حسين) و (الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنه) وذات مره كان رسول الله (ص) يصلي فاقبلا عليه وركبا على ظهره الشريف وهو يطيل السجود لهما وكان يقول : (الولد من ريحانة الجنة) .

وفي مجلسه ايضا يستقبلهما بعد ان يقطع كلامه تكريما لهما ويعطي درسا للاخرين ايضا فكانت بينهما الفة لا مثيل لها في بيوت العرب .

وذات يوم دخل على رسول الله (ص) الاقرع بن حابس التميمي , فقال له : (لي عشرة من الولد ما قبلت احداً منهم , فقال النبي (ص) وماذا اصنع ان كان الله قد نزع الرحمة من قلبك , فمن لا يرحم لا يُرحم) .

نستشف من الروايات والاحاديث الشريفة كيف كان الرسول (ص) يعامل ابناءه بالحسنى واللطف والاحترام وهكذا واصلا مهامهما الانسانية بعد وفاة جدهما (ص) فكان الغرس جميلاً , لمس المسلمون ثماره في حياتهما فكانا قدوة لنا في التعامل مع الابناء والاطفال عموماً .

الموقف الثاني : التعامل مع اطفال الحسين في معركة الطف .

لا نريد التفصيل في هذه الفاجعة الاليمة التي حلت بالمسلمين عامة وانما نحاول ان نكشف قسوة القلوب وكيف نزعت الرحمة منها وقتل الانسانية فيها , فلا تجد في النفوس زاوية خير وصلاح , بل غلفت بطلاء الحقد والانانية والظلم والاستبداد .

حدثت معركة الطف عام 61هـ بعد ان اوصى يزيد بن معاوية لعنه الله جيوشه بالقضاء على الحسين (ع) واطفاله , وقطع رؤوسهم وارسالها اليه في الشام .

وفي ساحة المعركة برز الى الجيش الاموي شاب صغير (علي الاكبر) بن الحسين (ع) ليدافع عن والده والمهمة التي جاء من اجلها , فقتلوه وقطعوه ارباً اربا وحزوا برأسه , ثم تواصل مسلسل القتل .

قدم الامام الحسين (ع) ابنه الرضيع (عبد الله) بعد ان اشتد به العطش , واذا بسهم مسموم في نحره ارسله (حرملة) اللعين فذبحه من الوريد الى الوريد .

ولم يكتف اولئك المجرمون بل روعوا النساء والاطفال من خلال حرق الخيم , ونسأل ما ذنب هؤلاء الاطفال ؟ وما الفعل الذي ارتكبوه ؟ ولماذا كل هذه القسوة تجاه الاطفال ؟ الم يعتبروا بسيرة الرسول (ص) الذي اوصى الجيوش بعدم قتل الاطفال والاساءة اليهم , نرى انهم ضلوا الطريق في دينهم وخسروا دنياهم .

وما زال التكفير الحديث يمارس الاعمال الخسيسة ذاتها مع الاطفال , فراح يدربهم لممارسة القتل والاجرام فهم سادرون في غيهم , وهذا نتيجة التعامل السلبي وغير العلمي والانساني تجاه الاطفال .

المطلوب اليوم بناء جيل متسامح بالايمان الراسخ والعقيدة الاسلامية الاصيلة لمواجهة التحديات .

لا خير في امة لا تحترم صغيرها ولا توقر كبيرها .