التطرف الفكري وتأثيره على المجتمع طلبة الجامعات انموذجاً

 

د. فاطمة سلومي

كلية العلوم السياسية / الجامعة المستنصرية

المقدمة :

       حينما برز التطرف الفكري كخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والاساليب السلوكية الشائعة في المجتمع أضحى من الضروري التطرق له لاسيما بعد ان تحولت الكثير من الافكار الى سلوك إرهابي يحاسب عليه القانون والذي قد يؤثر بشكل وبآخر على شرائح مختلفة وتحديداً الشباب من طلبة الجامعات ,والتأثيرات المختلفة التي يمكن ان يتعرض لها الطالب الجامعي بعد التخرج بسبب انتشار ظاهرة البطالة وعدم ايجاد فرص العمل المناسبة , من هنا أخذت هذه الدراسة البحثية الاهمية لمنع انتشار التطرف الفكري بين جيل الشباب داخل الحرم الجامعي وإيجاد الاسباب الحقيقية لانتشاره بين الجيل من منطلق ان التطرف كمفهوم عام هو اعتلال  العقل عن المعرفة والإدراك  وانعكاس عن الحقيقة ,ناهيك عن اعتباره  سلوك غير سوي وبالتالي يصعب تجريمه, لان التطرف لا يحاسب عليه القانون لكونه قائم على الافكار والنوايا واحدى وسائل  علاجه هو الحوار, ولعل اختيارنا لطلبة الجامعات  ضمن هذه الدراسة ,يأتي من الاهمية الكبيرة لهذه الشريحة المهمة والى اهمية دورها الحقيقي في بناء المجتمع المتماسك بالقيم والمبادئ  البعيدة عن الافكار المنحرفة ,  من خلال  السعي الى التربية  الصحيحة  وقيم التسامح والعمل على تعزيز ديمقراطية الراي والري الاخر, وخلق ادأب للحوار المنطقي والمقبول لديهم  وبناء منظومة من الاسس والمرتكزات التي تنمي لدى الطالب المهارة والمثابرة والابداع والابتكار في عمله, من خلال زجه في العمل المناسب  فضلا عن الحرص المستمر في  تكثيف الجهود لمعرف ودراسة  جيل الجامعات  تعاليم ومفاهيم  الاسلام الحقيقية ,  ومحاولة  تجنبه الافكار والطروحات غير المقبولة والتي تسبب له فراغا فكرياً يضر بالمجتمع  لهذا يتكون بحثنا الموسوم  "  التطرف الفكري  و تأثيره على المجتمع (طلبة الجامعات انموذجاً)من مبحثين عنوان المبحث الاول : الجذور الاولى للتطرف ويضم مطلبين عنوان المطلب الاول (البدايات الاولى للتطرف وأهم مفاهيمه والذي يستعرض الانطلاقة الاولى للتطرف منذ ولادة البشرية فضلاً عن شرح مفهوم التطرف في اللغة والاصطلاح ناهيك عن بيان الفرق  بين (التطرف والارهاب) أما عنوان المطلب الثاني فعنوانه (التطرف وتأثيراته الاخرى ويستعرض أسباب التطرف ومستوياته ) أما عنوان المبحث الثاني ( دور المجتمع  في مواجهة التطرف الفكري والذي يضم مطلبين عنوان المطلب الاول : أثر الجامعات في مكافحة التطرف والارهاب أما المطلب الثاني فعنوانه سبل تحصين الشباب (طلبه الجامعات) من التطرف الفكري وبيان أثاره السلبية والسبل المناسبة لمواجهته  ثم الخاتمة والاستنتاجات وأهم المصادر . 

أهمية البحث :

تأتي أهمية دراستنا لهذا الموضوع لكون التطرف الفكري يعد من أهم الظواهر المنتشرة بالجامعات والذي يؤثر بشكل وبآخر على سلوكيات الشباب من الطلبة ... وربما يتحول الى ارهاب نتيجة العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

أهداف البحث :  

هناك العديد من الاهداف التي يبتغيها البحث منها :

  1. بيان مدى أهمية التطور الفكري للتطرف كسلوك .
  2. شرح أهم تأثيراته على الشباب من طلبة الجامعات .
  3. استعراض أهم الاسباب التي دعت الشباب الى التطرف .
  4. وضع أهم الاليات وصيغ المعالجات لظاهرة التطرف.
  5. شرح الفرق بين الارهاب والتطرف الفكري.

مشكلة البحث :

تطرح مشكلة البحث العديد من التساؤلات أهمها:

  1. هل يقتصر انتشار التطرف الفكري فقط على الشباب من طلبة الجامعات.
  2. كيف يؤثر التطرف الفكري على سلوكيات الشباب أثناء الدراسة في الجامعات.
  3. هل وضعت الجامعات معالجات واقعية للأسباب التي دعت الى التطرف كالأسباب الاقتصادية مثلاً وإيجاد الحلول المناسبة لانتشار البطالة بين الشباب (الجامعي) بعد التخرج.
  4. ماهي محددات الخطاب المعتدل لتجنب الخطاب الطائفي والذي يحرض على العنف .

منهجية البحث :

يعتمد البحث الموسوم " التطرف الفكري وتأثيره عل المجتمع (طلبة الجامعات انموذجاً)... على المنهج التاريخي والتحليلي في آن واحد , وذلك من خلال التطرق الى الجذور الاولى للتطرف والاساس الذي انطلقت منه فضلا عن مفاهيمه وأسسه.

المبحث الاول : الجذور الاولى للتطرف

المطلب الاول: البدايات الاولى للتطرف وأهم مفاهيمه :

يعد التطرف والغلو فيه من اهم المفاهيم التي وجدت منذ ولادة البشرية اذ وجد قبل ارسال الباري عز وجل الرسل وذلك بعد آدم عليه السلام إذ بدأ الغلو أثناء بعثه نوح عليه السلام ووجود الغلو واضحاً في فهم الصالحين فكان الغلو سبباً في كفرهم وشركهم مع الله ...  كما ظهر الغلو عند بني (إسرائيل) من اليهود والنصارى وهذا ما قاله تعالى " يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم " ([1]) , كما ظهر الغلو عندما سعوا الخوارج بالفتنة على  الامام علي بن ابي طالب "عليه السلام " فكانت مظاهر تطرف الخوارج يتمثل في غلوهم في دينهم ([2]) , لذلك نستطيع القول بأن التطرف بدأ من هنا ... وعلى هذا الاساس لابد من معرفة مفهوم التطرف لغةَ واصطلاحاً , من خلال الاتي([3]) :

أولاً : مفهوم التطرف في اللغة :

يأتي في اللغة من تطرف يتطرف ... أي من تطرف في أرائه والمتجاوز حدود الاعتدال ... وهو حد الشيء وحرفه وعدم الثبات في الامر والابتعاد عن الوسطية والخروج عن المألوف.

 ثانياً: التطرف اصطلاحاً :

لم نجد في الكتب والمصادر المعنى المقصود لهذه الكلمة سواء , انها تعني الغلو والتي تكون عادة مصاحبة لكلمة التطرف فهما متلازمتان والمعنى واحد , فالغلو هو الارتفاع في الشيء , وكما قال ابن الاثير " إياكم والغلو في الدين ([4]) , فالتطرف هو الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير السلوكية في المجتمع وقد يتحول من مجرد فكر الى سلوك ظاهري وعمل واضح , وقد يكون لفظ معياري اي مخالف للسوي والذي تحدده العادات والتقاليد والمعايير القانونية والدينية السائدة في المجتمع ضمن الناحية الاجتماعية هو البعد عن الخط السوي للمجتمع ومن الناحية القانونية هو الخروج والانحراف عن الضوابط الاجتماعية والقانونية التي تحكم سلوك الافراد في المجتمع وقد يلجأ اليه الفرد بسبب الجهل وقد يكون هو من مقدمات الارهاب([5]) .

 ثالثاً : الفرق بين التطرف والارهاب :

يمثل  الاختلاف بين الارهاب والتطرف مسألة معقدة وذلك  من خلال اعتبار  التطرف والارهاب كوجهين لعملة واحدة لذلك سنحاول بيان الفرق بين الاثنين من خلال الاتي ([6]) :

ان التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتعارف عليه سياسياً واجتماعيا ودينياً دون ان ترتبط تلك المعتقدات والافكار بسلوكيات مادية عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة أما إذا أرتبط التطرف بالعنف المادي أو التهديد بالعنف يتحول الى ارهاب فالتطرف دائماً في دائرة الفكر([7]) , أما عندما يتحول الفكر المتطرف الى أنماط عنيفة من السلوك من اعتداءات على الحريات أو الممتلكات او الارواح أو تشكيل التنظيمات المسلحة , التي تستعمل في مواجهة المجتمع والدولة فهو عندئذ يتحول الى ارهاب ([8]) , فالتطرف لا يعاقب عليه القانون بينما الارهاب هو جريمة يعاقب عليها القانون فالتطرف هو انحراف عن الفكر الصحيح.

 ومن ثم يصعب تجريمه , فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون باعتبار ان الاخير لا يعاقب على النوايا والافكار في حين ان السلوك الارهابي المجرم , ينطبق عليه  القانون ومن ثم يتم تجريمه فالتطرف اذن يختلف عن الارهاب من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر تكون وسيلة علاجه بالحوار, أما إذا تحول التطرف الى التصادم فهو يخرج عن حدود الفكر الى نطاق الجريمة مما يتطلب تغيير مدخل المعالجة واسلوبها([9]) , وعلى هذا الاساس  يمكن القول ان الارهاب كمفهوم في اللغة والاصطلاح يكون كالاتي : ففي اللغة من (أرهب) ,(يرهب)اي يخاف من العنف والقيام بأعمال تخلق الرعب في النفس وكما يقول القران الكريم " واضمم اليك جناحك من الرهب " القصص (32) , واصطلاحاً ترجمة حرفية للكلمة الفرنسية (Terrorisme) التي استحدثت اثناء الثورة الفرنسية , هي ترجمة حرفية للكلمة الانكليزية (Terroisme) لهذا يعرف بأنه القتل والاغتيال والتخريب والتدمير ونشر الشائعات والتهديد وصنوف الابتزاز والاعتداء وقد عرفه البعض بأنه استخدام او تهديد باستعمال العنف ضد أفراد او تهديد للحريات الاساسية وهي فعل من افعال العنف لهذا فهو يختلف عن التطرف ... الذي ذكرناه .

المبحث الاول : التطرف وتأثيراته الاخرى

المطلب الثاني : أسباب التطرف وتأثيره :

هناك العديد من الاسباب التي تؤدي الى ظهور التطرف وهي([10]) :

  1. التخلف والجهل والفقر
  2. الظلم والتهميش والاقصاء.
  3. الازمات السياسية والمشكلات الاجتماعية التي يمر بها اي بلد فضلا عن اسباب اخرى منها .
  4. المناهج التربوية: إذ يعد المنهج التربوي أداة لتقويم وتكوين الاصلاح بشكل عام هو تقليص الزائد من الطبائع والغرائز وتنمية الضعيف بشكل يخلق التوازن في السلوك الانساني وتجنب الغضب في السلوكيات.
  5. الضغوط الاجتماعية : وتتمثل هذه الضغوط في حالات الاحتقان المتولدة عن قيم أخلاقية خاصة المنبثقة عن قيم أخلاقية واضحة في المجتمعات المنغلقة التي تعكف عن احتضان آلامها ومشكلاتها بما يؤدي الى  بناء سلوكيات وافكار خاطئة .
  6. حالات الاحباط الناتجة عن: مشكلة التشغيل (العاطلين عن العمل)(البطالة) وهذا السبب يعد من أبرز الاسباب وأهمها خطورة , فالبؤس كما يقول ابن خلدون في مقدمته يؤدي الى خلق اليأس , واليأس يؤدي قوة المغالبة وبالتالي يقود الى التطرف .
  7. تجاهل المطالب المشروعة في الحرية وكرامة الفرد: قد يضاعف هذا السبب ظاهرة التطرف ويوسع قاعدته ويجعله مظهراً من مظاهر الاحتجاج .
  8. انعدام التنمية السليمة : والتي تمثل أبرز عوامل التكوين النفسي السليم , فالمدرسة مثلاً كمدرسة تربوية تسهم في تحقيق الامن والحال نفسه بالنسبة للجامعة , فضلاً عن التربية الدينية السليمة من أهم العوامل المؤدية الى الامن النفسي والى الاستقامة من السلوكية والى نبذ العنف والى قرار روح التعايش لاسيما إذ كان الخطاب الديني خطاباً معتدلاً([11]) , وتأسيساً على ما تقدم يمكن ان تقول بأن هناك أسباب يمكن ان تسهم في التخفيف من ظاهرة التطرف ومن أبرزها([12]) :

أولاً : احترام الشعوب في مدى احتضان تراثها وثقافتها وقيمها وعقائدها .

ثانياً : اعتبار التعددية الثقافية مظهراً حضارياً معترفاً به .

ثالثاً : الاهتمام بالمشكلات الاجتماعية للمواطن المتعلقة بحقوقه الفطرية في العمل والحرية  والديمقراطية .

رابعاً : وضع سياسة تنموية متكاملة لكي يشعر المواطن بالأمن والاستقرار .

خامساً : تشجيع منابر الحوار بين مختلف المكونات الفكرية والثقافية  والاجتماعية وتمكين كل فرد من التعبير عن قناعاته واختياراته في اطار الالتزام بأخلاقيات الحوار الهادف  والموضوعي  في تكوين رأي عام يجسد ثقافة الامة .

سادساً : التزام جميع المكونات برفض العنف كأسلوب مختلف للتعبير عن الذات والاحتكام الى القانون في حالة التجاوز .

  • مستويات التطرف :

يوجد التطرف على مستويات متعددة منها... المستوى الاقتصادي والسياسي والديني الذي يأتي من اختلال وظيفي اقتصادي وسياسي وتواجهه ميول شاذة ومنحرفة([13]).

 

المبحث الثاني : دور الجامعات في مواجهة التطرف الفكري والارهاب

المطلب الاول : أثر الجامعات في مكافحة التطرف والارهاب :

أولاً: ان السؤال الذي نطرحه هنا قبل التطرق الى أهمية وأثر الجامعات هو هل ان الجامعة معدة لهذا العمل وهل تتحمل المسؤولية في مواجهة التطرف وتقليل الافكار المتطرفة  وايجاد الحلول المناسبة لانتشارها؟ الجواب بتأكيدية مطلقة نقول ان الجامعة تسهم  في تقليل هذه الافكار, لاسيما وانها اي الجامعة ترتبط بالتربية والتعليم والامن الذي تغرسه  في نفوس المتعلمين , فضلاً عن إسهامها في نشر  مبادى الوسطية والاعتدال ...والتقليل من وجود الافكار المتطرفة من خلال أعداء المناهج المناسبة لذلك ومن أجل نجاح العملية التعليمية لابد من تقديم النتاجات الاتية منها:([14]) .

  1. المحافظة على تماسك المجتمع ووحدته وتوازنه وفق أساليب علمية.
  2. اكتساب الطلبة القيم والمفاهيم الدينية الصحيحة .
  3. ارتقاء المناهج بالفكر الصحيح ونبذ الافكار المتطرفة وتحقيق معنى التسامح .
  4. إبعاد الشخصيات التي تحمل أفكار متطرفة عن العمل التربوي .

وهذا يتطلب من الجامعات :

  1. مراقبة كل أشكال الصراعات الشخصية بين الطلبة وكافة أشكال العنف والميول غير السوية .
  2. عقد الندوات واستضافة الشخصيات والمسؤولين ذوي العلاقة بموضوعات الانحراف الفكري .
  3. تعزيز ممارسة الديمقراطية وحرية الرأي وآداب الحوار .
  4. بناء منظومة من القيم لدى الطلبة من اجل ان يكونوا  قادرين على تمييز ما تبثه وسائل الاعلام وذلك لتحصينهم من مفاهيم الغلو والتطرف([15]).

ومن هذا المنطلق يمكن ربط الجامعات بالمجتمع ... من خلال تكثيف الجهود لحث الطلبة وأسرهم على معرفة مفاهيم الاسلام الصحيحة , واللجوء الى المجتمعات الدينية الموثوق بها . وذلك لان عدم وجود مرجعيات حكيمة ... قد يخلق فراغاً فكرياً ... والى بروز الجهلة الذين يسعون لتحقيق أهدافهم الهدامة ([16]).

ثانياً : أهم الوسائل لمكافحة التطرف في الجامعات : 

هناك العديد من الوسائل المهمة التي يمكن من خلالها مواجهة مشكلة التطرف الفكري ووضع آليات محددة للحد من انتشاره في الحرم الجامعي ... وأهم هذه              الوسائل([17]):

  1. بروز اعتدالية الاسلام والعمل على ترسيخه لدى جيل الشباب من الطلبة ومحاربة الغلو والتطرف .
  2. محاولة كشف الافكار المنحرفة مبكراً لدى الطلبة وايجاد الحلول المناسبة لها .
  3. إهمال الثقافة وجوانبها قد يعطي انعكاساً سلبياً على الشباب لان الكثير منهم يتمتعون بهوايات متعددة ضمن هذا الجانب .
  4. ايجاد فرص عمل للطلبة بعد تخرجهم لان انعدام الوظائف يجعلهم يشعرون بفراغ ...وشعوراً بالبطالة وبالتالي التأثير بالأفكار المتطرفة الهدامة .
  5. خلق التسامح ووحدة الرأي لإعطاء نموذج الاعتدال بشكل صحيح وسليم .
  6. حث الطلبة على عملية الانتقاء المواقع الالكترونية والحد من المواقع المشبوهة.
  7. السعي الى انشاء مركز استراتيجي دولي لمكافحة التطرف يكون مقره الرئيس في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – او اي مؤسسة لها الاهداف نفسها والسعي ايضاً الى استحداث وحدات لمكافحة التطرف في كل كلية أو جامعة .

المطلب الثاني : تأثير التطرف في المجتمع (طلبة الجامعات انموذجاً) :

  • التأثيرات السلبية :

يمكن ان يترك التطرف الفكري آثاراً سلبية كبيرة , اذا لم يتم القضاء عليه ولعل هذه الاثار هي([18]) :

  1. الاثر الذاتي على المتطرف نفسه ... فالتطرف قد يجعل الشخص خارجاً عن الاستقامة مما يترك آثاراً نفسية كبيرة لان التطرف نقسه هو مرض يصاب به الفكر.
  2. الاثر السلوكي ... اي ان التطرف الفكري لن يقف عند حدود الفكر بل ينعكس على السلوك في المجتمع ...وربما يؤدي الى العدوى والانتشار بين افراد المجتمع .
  3. الاثر السلبي على الامن المجتمعي: اي ان الاساس في تشكيل النظام الاجتماعي قد يخل به المتطرف لأنه يستند الى معايير سلبية بحكم انحرافه عن الاعتدال في الفهم والاستقامة في التفكير.
  4. الاثر السلبي على المنظومة الفكرية والاجتماعية وقد تأخذ شكلاً آخر مثل تيار او تنظيم في المجتمع.

لهذا فالتطرف الفكري وكل ما ينجم عنه من اثار تخريبية للنفس البشرية بشكل عام, وعلى المنظومة  الفكرية والاجتماعية ,فقد يترك اثراً بالغاً على الكيانات  والمسيرة الحضارية للأمم والشعوب لأنه قد يعرقل هذه المسيرة وربما يسبب في بيان قصورها .

 وقد تعود هذه الاثار الى العديد من العوامل منها[19].

أ. العامل التاريخي: والذي يعد من العوامل المهمة في نشوء ظاهرة التطرف وكل ما يسوقه التاريخ من اقوال واحاديث وروايات مزيفة جعلت العقل الباطن يختزن صورا للكراهية ورفض الاخر وهذا سهل عملية انتشار التطرف في المجتمعات غير واعية.

ب. العامل السياسي: هذا العامل من العوامل المؤثرة والذي قد يؤثر لأغراض   متعددة مثل بث الخطابات المتطرفة من قبل صناع القرار.

ج. العامل الاقتصادي: تؤدي البطالة ضمن هذا العامل دورا مهماً في استقطاب الكثير من الشباب وتحديداً طلبة الجامعات.

لذلك نستطيع القول ان للتطرف اثاراً واضحة منها ,ان التطرف نفسه يرتبط بالتعصب الاعمى او العنف مما يودي الى  مزيداً من الصراعات التي تفكك المجتمع وتسهم بتدهوره فكرياً وعقائديا, فضلا عن جعله عملية التنمية في تراجع مستمر  في الوقت الذي يتطلب تنمية القدرات العقلية على  الابتكار والتنمية والتجديد وتجنب الافكار المتخلفة التي تؤدي الى خلق التناقضات  الكبيرة فيما يقرأه الفرد او ما يراه او ما يتعلمه وهذا بدوره يخلق اختلالا كبيرا في الرؤى والتصورات الامر الذي يصبح فيه المجتمع فاقدا لاستقلاليته ومقدرته على تحديد مصيره وعدم تكامله والتي تقود بالنهاية الى تنامي الصراعات  وتهديد الفرد بالانحراف ورفض التعايش.

ب . كيفية مواجهة التطرف الفكري في الجامعات :

وعلى هذا الاساس يمكن للجامعات ان تواجه التطرف ... من خلال أمرين أساسيين هما([20]) :

  1. إعداد مناهج عامة للتربية الوطنية تكرس فيها حب الوطن والانتماء والحفاظ على الهوية الاسلامية ويرد على الشبهات كافة التي يكون فيها المتشددون الذين يشوهون فكر الطلبة .
  2. ضرورة ان يبني الاساتذة (الطلبة) وتحصينهم فكرياً، وبذلك تخلق تقارب نفسي بين الطالب والاستاذ الجامعي والسعي ان تكثيف الانشطة الطلابية الثقافية والفنية من أجل رعاية الطلبة وهذا يأتي من تعليم الشاب من طفولته تعاليم الدين الصحيحة .
  3. السعي الى اظهار وسطية الاسلام واعتداله وتوازنه والعمل على ترسيخ الانتماء لدى الشباب (الطالب الجامعي)بالدين الاسلامي.

ج- وسائل التحصين:   

هناك العديد من الوسائل التي يمكن ان يتحصن من خلالها الشاب (الطالب الجامعي) ومنها ([21]):

  1. ايقاف الممارسات التي تغذي العنف والتطرف بين الشباب وذلك من خلال الحرص الى عدم انضمامهم للجامعات المتطرفة .
  2. وضع استراتيجيات وخطط لمكافحة التطرف الفكري داخل الحرم الجامعي .
  3. الحرص المستمر على عقد الندوات التي تدعو الى قيم التسامح والوسطية وتجنب الفكر الضال , وذلك من أجل بناء منظومة فكرية صحيحة.
  4. العمل على تهذيب وتشذيب المناهج الدراسية من الافكار المنحرفة واعادة صياغة العديد من المقررات الدراسية .
  5. اعداد وتأهيل الاستاذ الجامعي من خلال مشاركته في العديد من الدورات التي تحثه على الوسطية والاعتدال .

د. دور الاعلام في مكافحة التطرف الفكري :

  1. ضرورة مشاركة وسائل الاعلام كافة بعملية توعية الشباب .
  2. تكثيف مراكز البحث الخاصة بنبذ التطرف في إعداد البحوث والدراسات التي تكافح التطرف ناهيك عن طرق اخرى للحد من هذا الفكر ... من خلال محاور عدة منها([22]):
  3. الجانب الامني : رغم انه لا يكفي للقضاء على هذه الظاهرة لكن يحتاج تطبيق الحزم لتطويق حالة العنف المتصاعدة .
  4. الجانب الثقافي : وهذا يعد من الجوانب المهمة لان الفكر لا يقارع الا بالفكر والاسباب الذاتية والموضوعية والثقافية التي هيأت مناخ التطرف ومحاولة القضاء عليها ... وتشجيع الحوار في المجتمع القاضي بنشر التعددية والتسامح والتنمية على طاولة النقاش .
  5. ضرورة ان يكو هناك اعلام مضاد ومستنير يرد على شبكات التواصل الاجتماعي وكل ما يتعلق بالأعلام الرقمي يحث الشباب على تجنب المواقع المشبوهة.
  6. الحرص المستمر على اعادة النظر في البرامج الدينية الاذاعية والتلفزيونية والسعي الى انتقالها الى اطر تحريرية.
  7. ضرورة التركيز على خطب الجمعة الدينية من حيث الهدف والمحتوى وبأسلوب عقلاني يبني العقل ويناقش اهم المستجدات.

وانطلاقاً لكل ما طرح  لابد من توفير كل وسائل  التحصين  لاسيما وان هناك وسائل اخرى  والمتمثلة بتعزيز الخطاب بالعمل التطوعي والمشاركة المجتمعية ووضع خطط لفتح افاق جديدة  للتعاون بين الطوائف وخلق روح التعايش الفكري والتأكيد  على وجود الشراكات بين منظمات المجتمع المدني    والسعي الى الشراكة الصادقة القائمة على الحوار المنطقي والمقبول ناهيك على تنمية روح القيادة الجماعية والثقة وتشجيع الطلبة على العمل خدمة للصالح العام والتركيز على ثقافة التعددية  والديمقراطية  والتنوع والتعايش السلمي

الخاتمة

خلاصة القول ان التطرف الفكري وتأثيره على المجتمع وتحديداً طلبة الجامعات يعد من الموضوعات المهمة التي يحتاج التركيز عليها من, منطلق ان  التطرف  يمثل   احدى القضايا المهمة في المرحلة الحالية التي يواجه فيها العالم تحديات الارهاب واشكاله المتعددة ,  وما افرزه من تطرف فكري أضحى يشكل خطراً كبيراً على شرائح المجتمع ومنها شريحة الشباب وتحديداً طلبة الجامعات لهذا فالمسؤولية التي تقع على المؤسسة التعليمية يعد كبيراً على اعتبار ان تأثيراته تتعدد بسبب انتشار الخطاب المتطرف البعيد عن الاعتدال والوسطية. لهذا جاءت هذه الدراسة لتكون عنواناً لتوفير السبل المناسبة لتحصين الشباب والطلبة الجامعيين من هذا الفكر الذي تحاول التنظيمات الارهابية استقطابه بأشكال متعددة وأساليب مختلفة تخالف القيم والمفاهيم الدينية الصحيحة , من هنا حاولت هذه الدراسة ايجاد السبل المناسبة للقضاء على هذا الفكر المنحرف من خلال اعداد مناهج دراسية معتدلة تنبذ التطرف والارهاب وتدعو الى التسامح فضلا عن خلق جيل متعاضد متعاون يخدم بلده ويؤمن بالفكر المنفتح القائم على الريادة والابداع وإعطائه فرصة المشاركة في الحياة اليومية عن طريق توفير فرص العمل   المناسبة, بشكل يسمح له   بابتكار روح المبادرة  والايثار والابتعاد عن التعصب  والافكار الدخيلة البعيدة عن العقيدة والولاء, من هنا فالدراسة ركزت على اسباب التطرف الفكري في المجتمع ووضعت اليات مناسبة للحد من انتشاره بين الطلبة , والعمل على تحصين الطالب الجامعي منه ولعل ابرز هذه الصيغ والمعالجات هي زج الطالب في الدورات التثقيفية التي تحفزه على العمل بنشاط وقوة ,والسعي الى تنمية قدراته العقلية والبدنية من اجل اخذ دوره الحقيقي في المجتمع, وفسح المجال له لممارسة هواياته وتحقيق طموحه  ويتطلب ضمن هذه العلاجات السعي الى تغيير المناهج الدراسية ,ووضع محددات لدراستها  بدءاً من المدرسة انتهاءً بالجامعة .

أهم المصادر والمراجع

  1. عبد الله بن محمد النجمي , منبع الارهاب المعاصر , دار الفرقان , الطبعة الاولى , 2006 .
  2. حنة أرندت , العنف والتطرف والارهاب , تعريب ابراهيم العريس , دار الساقي , بيروت , الطبعة الثانية , 2015 .
  3. روجيه جارودي , الارهاب الغربي , تعريب داليا الطوفي واخرون , مكتبة الشروق الدولية , القاهرة , الطبعة الاولى , 2004 .
  4. تيري ايجلتون , الارهاب المقدس , تعريب اسامة السيد , بدايات للنشر , دمشق , الطبعة الاولى , 2007 .
  5. نعوم تشومسكي , 11-9 الحادي عشر من ايلول , الارهاب والارهاب المضاد , تعريب ريم منصور الاطرش , دار الفكر , دمشق , الطبعة الاولى , 2003.
  6. علي حرب , الارهاب وصناعة المرشد , الطاغية المثقف , الدر العربية للعلوم , ناشرون , بيروت , الطبعة الاولى , 2015 .
  7. بلا , الارهاب والعولمة , أكاديمية نايف العربية للعلوم , الامنية , الرياض , الطبعة الاولى , 2002 .
  8. وفاء أحمد محمد المرعي , دور الجامعة في مواجهة التطرف الفكري والعنف لدى الشباب في المجتمع المصري , دراسة تحليلية , جامعة الاسكندرية , كلية التربية , قسم أصول التربية , 2000 .
  9. طه احمد المستكاوي ,العلاقة بين التطرف والاعتدال في الاتجاهات الدينية وبعض سمات الشخصية ,رسالة ماجستير غير منشورة ,كلية الآداب ,جامعة عين الشمس ,القاهرة ,1982.
  10. د. صلاح كاظم جابر ,ا لقيم الدينية ودورها في اسطره العقلية العراقية ,مجلة القادسية للعلوم الانسانية ,المجلد (16),العدد,(2)حزيران ,كلية الآداب ,جامعة القادسية ,2013 .
  11. جاد الحق علي جاد الحق, التطرف الديني وابعاده امنياً وسياسيا واجتماعياً ,القاهرة ,2015.
  12. كريستوف رويتر, السلطة السوداء ,ترجمة محمد سامي الحبال ,سورية ,2016.
  13. د. هشام الحديدي ,الارهاب بذوره وبثوره زمانه ومكانه وشخوصه ,القاهرة,2015.

 

  

 

 

 

([1]) عبد الله بن محمد النجمي , منبع الارهاب المعاصر , دار الفرقان , مصر,  الطبعة الاولى , 2016, ص25.

([2]) كريستوف رويتر , السلطة السوداء ,ترجمة محمد سامي الحبال ,سورية ,2016  ص 28 .

([3]) جاد الحق علي جاد الحق , التطرف الديني وابعاده  امنياً وسياسياً واجتماعياً ,القاهرة ,2015 ص 30 .

([4]) المصدر نفسه ,ص66.

([5]) حنة أرندت ,العنف والتطرف والارهاب, تعريب ابراهيم العريس , دار الساقي, بيروت ,الطبعة الثانية ,2015 , ص45 .

([6]) د. هشام الحديدي ,الارهاب بذوره وبثوره زمانه ومكانه وشخوصه , ط1,القاهرة ,2015,ص.62

([7]) روجيه جارودي , الارهاب الغربي , تعريب داليا الطوفي وآخرون , مكتبة الشروق الدولية , القاهرة , الطبعة  الاولى , 2004 , ص 68 .

([8]) المصدر نفسه , ص 85 .

([9]) تيري ايجلتون , الارهاب المقدس , تعريب اسامة أسبر , بدايات للنشر , دمشق ,الطبعة الاولى , 2007, ص 77 .

([10]) المصدر نفسه , ص 90 .

([11]) نعوم تشومسكي, 11-9 , الحادي عشر من ايلول الارهاب والارهاب المضاد , تعريب ريم منصور الاطرش , دار الفكر , دمشق , الطبعة الاولى , 2003 ,ص 50 .

([12]) المصدر نفسه , ص 53 .  

([13])  http // www@lank about.com/intelletuav-tevvorism.htm.

([14]) علي حرب , الارهاب وصناعة المرشد , الطاغية , المثقف , الدار العربية للعلوم , ناشرون , بيروت , الطبعة الاولى , 2015 , ص 101 .

([15]) بلا , الارهاب والعولمة , أكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية , الرياض , الطبعة الاولى , 2002 ,  ص 22.

([16]) د. وفاء محمد أحمد المرعي , دور الجامعة في مواجهة التطرف الفكري والعنف لدى الشباب في المجتمع  المصري (دراسة تحليلية) , جامعة الاسكندرية , كلية التربية , قسم أصول التربية , 2000 , ص42 .

([17]) طه احمد المستكاوي , العلاقة بين التطرف والاعتدال في الاتجاهات الدينية وبعض سمات الشخصية ,رسالة ماجستير غير منشورة ,كلبسة الآداب ,جامعة عين الشمس ,القاهرة ,1982, ص 45 .

([18]) جلال الدين محمد صالح , الارهاب الفكري , أشكاله وممارساته , جامعة نايف العربية للعلوم الامنية , رياض , الطبعة الاولى , 2008 , ص 55 .

([19])  المصدر نفسه,ص22.

([20]) د. صلاح كاظم جابر, القيم الدينية ودورها في اسطره العقلية العراقية ,مجلة القادسية للعلوم الانسانية ,المجلد (16) العدد(2)حزيران  ,كلية الآداب ,جامعة القادسية ,العراق ,2013  ص66.

([21]) د.عبد الله بن عبد العزيز اليوسف, دور المدرسة في الارهاب والعنف والتطرف, جامعة الامام محمد بن  سعود الاسلامية , المملكة العربية السعودية ,2011, ص 17.

([22]) قحطان الدوري , الدين والارهاب , دار الرشاد , بغداد , الطبعة الاولى , 2014 , ص12 .