التعاونيات في ظل التحولات المعاصرة من وجهة نظر قانونية

الأستاذ الدكتور احمد خلف حسين الدخيل

أستاذ المالية العامة والقانون المالي / كلية الحقوق/ جامعة تكريت

المقدمة :

ربما تكون الظروف التي يمر بها العالم اليوم من انتشار للبطالة وصعوبة الحصول على الغذاء مشابهة إلى حد كبير للظروف التي اسهمت في ظهور وتنامي التعاونيات في صورها المنظمة الأولى ، ناهيك عن كون التعاونيات تشكل ربما التطبيق الأكثر تعبيراً عن مضمون الاقتصاد الاجتماعي التضامني إلى الحد الذي اقترن اسمها  باسمه ، بل أن اسمها يختزل لدى الكثيرين مصطلح الاقتصاد الاجتماعي التضامني وكأنها مرادفة له ، ناهيك عن السهولة التي يتم بها انشاء الجمعيات التعاونية والنتائج الطيبة التي تحققها لأعضائها والتي انعكست ايجابياً على ظهور صورها البدائية الأولى وغيرها من تطبيقات هذا النوع من الاقتصاد.

ويمثل الوضع الاقتصادي في العراق خاصة بعد التحولات الجذرية التي حدثت في المجتمع على جميع المستويات ، ارضية خصبة لنشأت ونمو تطبيقات الاقتصاد الاجتماعي التضامني بشكل عام والتعاونيات بشكل خاص بالشكل الذي يجعلها تحل الكثير من المشكلات التي تعاني منها البلاد ، سيما وانها تجسد بل تلبي متطلبات مرحلة التحول من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق الحر.

وبغرض الإحاطة بالموضوع من كافة الجوانب لا بد من التطرق إلى ما يأتي :ـ

أولاً : أهمية الدراسة:

تنبع أهمية الدراسة من أهمية التعاونيات ذاتها وما يمكن أن تلعبه من دور فعال في جميع مجالات الحياة وخاصة الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساتها على الجوانب البيئية والصحية والسياسية والأمنية والثقافية وغيرها ، عبر الاسهام في تحقيق النمو الاقتصادي وحل المشكلات الاقتصادية من خلال توفير فرص العمل وتوفير التمويل اللازم للمشروعات الاقتصادية الجديدة ومكافحة التضخم والكساد وغيرها ، ناهيك عن تمثيلها مرحلة وسط في التحول الاقتصادي المنشود.

ثانياً : مشكلة الدراسة :

تتجلى مشكلة الدراسة في ما يأتي :ـ

  1. قصور النظرة المجتمعية إلى التعاونيات في العراق واعتبارها من ترسبات الماضي القريب وشكلاً من أشكال الاقتصاد الاشتراكي التي ثبت عدم نجاحها.
  2. قدم التشريعات العراقية ذات الصلة بالتعاونيات وعدم تناسبها والواقع الاقتصادي الحر الذي تعيشه البلاد اليوم.
  3. الصعوبات المرتبطة بالوصول إلى الائتمان والتمويل المطلوب لإنجاز اعمالها.
  4. ضعف التنسيق بين التجمعات التعاونية وما يقوده إلى انخفاض قدراتها التنافسية والتفاوضية.

ثالثاً : فرضية الدراسة :

تنطلق الدراسة من الفرضيات الآتية :ـ

  1. الحاجة إلى ابراز الأساس الفلسفي للتعاونيات المتمثل في صلاحيتها للعمل في جميع الفلسفات الاقتصادية من اسلامية واشتراكية ورأسمالية.
  2. وضع تشريع قانوني موحد يضم جميع الاحكام المتعلقة بالتعاونيات فيجمع شتاتها ويبوبها وينسقها ويرفع التعارض والاختلاف بينها ويجعلها تحاكي التحولات المعاصرة.
  3. اعتماد اسلوب حوكمة التعاونيات وتخليصها من آفة البيروقراطية والفساد المالي والاداري وتشجيع تمويلها وحصولها على الائتمان المطلوب.
  4. توفير متطلبات التنسيق والتعاون بين التجمعات التعاونية بما يرفع من قدراتها التنافسية والتفاوضية.

رابعاً : منهج الدراسة :

سنعتمد في دراستنا المنهج التحليلي الاستنباطي للنصوص القانونية ذات الصلة بالتعاونيات للتعرف على مدى توافقها مع الواقع وابراز مواطن القوة فيها وتعزيزها ، ومواطن الوهن ومحاولة تجاوزها ، للوصول إلى أفضل الحلول لمشكلة الدراسة.

خامساً : هيكلية الدراسة :

وفي سبيل ذلك سيتم تقسيم الدراسة على ثلاثة مباحث من خلال البحث في أساس التعاونيات عبر التأصيل لها من النواحي المختلفة وخاصة التاريخية والفلسفية والقانونية وذلك في المبحث أول ، ثم ولوج مفهومها وخصائصها وطبيعتها القانونية في مبحث ثاني ، لنصل بعدها إلى انواعها من جمعيات تعاونية وتجمعات ادخار وغيرها في مبحث ثالث ، ثم نختم دراستنا بأهم الاستنتاجات والتوصيات ، والله الموفق.

المبحث الأول : أساس التعاونيات

قبل ان نتعرف على معنى التعاونيات ومضمونها من مفهوم ومميزات وطبيعة تجمعاتها ، يفترض بنا ان نتناول بشيء من التفصيل أساس قيام تطبيقات التعاون من النواحي التاريخية لنعرف البذور الاولى لها وكيف تطورت ومرت بالعصور الوسطى حتى وصلت إلى صورتها الحالية المنظمة ، وكذلك النواحي الفلسفية لنتطرق إلى التفسير الفلسفي لها في ظل المذاهب المختلفة من وضعية وسماوية ، فضلاً عن النواحي القانونية من خلال تناول أساسها الدستوري والقانوني وآليات تنفيذها.

وعلى ذلك وجب علينا تقسيم هذا المبحث على ثلاثة مطالب نخصص الأول للأساس التاريخي للتعاونيات والثاني للأساس الفلسفي لها والثالث والأخير للأساس القانوني ، وكما يأتي:-

المطلب الأول : الأساس التاريخي للتعاونيات :

لقد شهدت عندما كنت صغيراً في نهاية سبعينيات القرن الماضي في قرية هيجل صغير التابعة لقضاء الشرقاط (العاصمة التاريخية للدولة الاشورية) كيف ان ابناء القرية يتعاونون في كثير ، ان لم نقل جميع ، الظروف التي تواجه أي منهم سواء كانت شخصية أو اجتماعية أو طبيعية أو انتاجية أو عشائرية أو عسكرية أو غيرها ، فالتعاون يبدأ من توفير مستلزمات البناء للمنازل الطينية البسيطة بإنشاء القطع التي يتكون منها الجدار والتي يطلقون عليها (اللبنِ) واقامة الجدار وتسقيف الغرف بفروع الاشجار ووضع القش ومن ثم تغطية بالطين بأكثر من طبقة عبر عملية تسمى (اللياص) وما يتبع ذلك من التعاون في توفير مستلزمات العيش في المنزل من فراش واواني طبخ وغيرها ، وكذلك التعاون في زراعة الارض وحصادها وتسويق مشتقاتها وكذلك في العناية بالماشية وخاصة في مجال الرعي وقص الصوف وتنظيفه وغزله ومواجهة الضواري الفتاكة ، ناهيك عن التعاون في المناسبات السعيدة كالأعراس والمناسبات الحزينة والأمراض وغيرها عبر جمع مبالغ للمساعدة والوقوف بجانب صاحب المناسبة الاجتماعية ودعمه مادياً ومعنوياً ، والحال ذاته في مواجهة الاعتداءات من القرى أو الأقوام الأخرى اعتماداً على عادات وتقاليد عشائرية راسخة ، فكم من حرب دامت سنوات طويلة ما كان لها ان تطول إلى تلك المدد لولا التعاون بين ابناء كل قرية أو كل عشيرة ، بل حتى في مواجهة الكوارث الطبيعية حيث يتكاتف الجميع في الوقوف بوجه تلك المصائب التي لا يمكن بمفرده أن يتخلص منها ، وكانت أبرز تلك الكوارث هي موجات الجراد التي تمر سنوياً بالمنطقة في نهاية فصل الربيع وكذلك فيضانات نهر دجلة وما يتطلبه من وضع سدود ترابية طويلة تمنع أو تقلل من تمدده وتخفض من اثاره السلبية على حياة ابناء المجتمع وممتلكاتهم ومحاصيلهم الزراعية.

ولا شك ان كل هذه الاشكال للتعاون ، أو أغلبها ، تعود إلى جذور تاريخية ضاربة في عمق التاريخ ، وهو ما اثبتته الدراسات التاريخية حيث أن الاشكال الفطرية للتعاون بأبسط صوره وجدت في العصور القديمة في بلاد الرافدين وبلاد النيل وبلاد السند ، إذ ساعدت البيئة ونمط الحياة فيها على التعاون المستمر، فقد عرفت الاقوام التي سكنت بلاد النيل بعض التجمعات التعاونية وظهر أول تجمع للإقراض في العالم في الصين وذلك لمواجهة متطلبات المواسم الدينية وزراعة الارض وحصاد منتجاتها وتسويقها وطبقت قبائل الأنكا والارتك في امريكا الجنوبية فكرة التعاون في الزراعة ، كما عرفت شعوب البلقان صورة من صور الزراعة الجماعية ، وفي بلاد الرافدين فقد مارس السومريون العمل الجماعي في الزراعة عبر العمل في المزارع الملكية ومزارع المعبد من خلال تقسيم العمل بينهم على شكل فرق متعددة ثم توسع وازدهر العمل الجماعي بظهور الحرف فاخذ الحرفيون يعملون بصورة جماعية ، كما عرف البابليون التعاون الزراعي في استثمار الارض المملوكة للأسرة أو للقبيلة ، مما تطلب من المشرع الاقدم تاريخياً الملك حمورابي أن يضمن قانونه نصوصاً تنظم العلاقة بين الأفراد المتعاونين فضلاً عن العلاقة بينهم وبين الدولة ، ناهيك عن العلاقة بين مالكي الاراضي والفلاحين ، والأكثر من ذلك فقد عرف البابليون بعض صور التعاون في انشاء الطرق وبناء الحصون واقامة البوابات للمدن الكبيرة ولم تخل بلاد الغرب أيضاً من بعض صور التعاون البدائي البسيط([1]).

اما في العصور الوسطى ونتيجة لظهور نظام الاقطاع وخاصة في الغرب فقد استخدم الاقطاعيون الارقاء في التعاون بينهم في مواجهة المخاطر التي يتعرضون إليها ، أما في الشرق ونتيجة لظهور الاسلام فقد تطور التعاون بعد ان وجد له أساساً شرعياً راسخاً في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومنها قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ * وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ ([2]) , وقوله (r) (الله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه) وغيرها من الآيات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة التي تصب في الحث على التعاون والتي لا نود الخوض في تفاصيلها في هذا الموضع من الدراسة ، فما يهمنا أن الإسلام اقر الكثير من اشكال التعاون المعروفة قبل ظهوره ما دامت متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ، فيما أنكر في الوقت ذاته العديد من تلك الاشكال كلما خالفت أحكام الشريعة الغراء ،  فإذا كان التعاون في مجال الزراعة وتربية الحيوانات ومواجهة المخاطر الطبيعية وتوفير المال فهو حلال ، فيما حرم التعاون على توفير الخمور والاتيان بها والاعانة على الزنا وتسهيله والادلال عليه واعانة الظلمة والاعانة على غير الحق بشكل عام ، وهو ما هذب من جهود التعاون ووجهها الوجهة التي تخدم المجتمع والدين والدولة بعد ان كانت متاحة ومفتوحة يلجها من يشاء ووقتما يشاء وحيثما يشاء ، بل ان التعاون اضيف إليه باعث آخر إلى البواعث الدنيوية التي كانت تحركه الا وهو الباعث الديني الذي كان السبب في الكثير من تطبيقات التعاون منها ما هو تقليدي ومنها ما هو حديث ظهر مع ظهور الاسلام كالتعاون في نشر الدين وبناء المساجد واعانة الفقير وتجهيز الجنود وغيرها.

اما في العصر الحديث فقد تم تطوير صور التعاون التقليدية لتكون في شكل واطار جديد لا يمثل استمراراً للإشكال القديمة ، بل في صورة منظمة ومؤطرة بشكل دقيق([3]) ، فمنذ القرن التاسع عشر وبالتحديد سنة 1834 اسس اربعة عمال في باريس الجمعية المسيحية لعمال صناعة الحلي المذهبة وقد نجحت الجمعية نجاحاً باهراً حتى فتحت فروع لها في بعض المدن الفرنسية وخاصة في باريس وتلتها سنة 1844 في بلدة روتشدل في انكلترا ، إذ أنشأ 28 عاملاً من عمال النسيج جمعية رواد روتشدل العادلين فكانت أول جمعية استهلاكية حققت نتائج كبيرة على مستوى انكلترا وحظيت باهتمام منقطع النظير وانتشر صيتها في اغلب الدول فقامت في فرنسا والمانيا وبقية دول اوربا جمعيات مشابها فكانت بمثابة الشرارة للحركة التعاونية العالمية والتي جاءت بمجملها كردة فعل على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتردية واستغلال التجار للفقراء([4]).

ولم يخرج العراق عن التطورات اعلاه ولكن التعاونيات في شكلها الحديث لم تظهر فيه الا بعد انتهاء الثلث الأول من القرن العشرين وبالتحديد في سنة 1937 حيث تم تأسيس أول جمعية تعاونية عراقية من عدد من الموظفين في مزرعة الزعفرانية واستمرت حتى سنة 1944 حيث تم حلها لأسباب سياسية ، ولكن التعاونيات استمرت ، غير أن اغلب الجمعيات التعاونية التي انشأت كان مصيرها الفشل وذلك لعدم وجود قانون خاص بالتعاونيات في البلاد وكانت الجمعيات التعاونية تستند في عملها على قانون الجمعيات العراقي رقم 22 لسنة 1922 الذي لم يكن مخصصاً للعمل التعاوني وانما للجمعيات بشكل عام ، واستمر الحال كذلك حتى صدر أول قانون للتعاون وهو قانون الجمعيات التعاونية رقم 27 لسنة 1944([5]) ،  فوفر لها الاطار القانوني للعمل والانتشار رغم انه لم يأخذ بنظر الاعتبار الظروف الاقتصادية والاجتماعية في البلاد فقد جاء مأخوذاً عن قانون التعاون الهندي المصري ولم يفرق في المعاملة بين الشركة التجارية والجمعية التعاونية فكان أن واجهته الكثير من العقبات في التطبيق فافرز حالة من التعثر والتخبط ، وبالتالي فشل العديد من الجمعيات في تحقيق اهدافها فكانت النتيجة الحل والتجميد والتصفية ، إلا أن المشرع اراد تدارك الأمر فأسس في سنة 1956 بنك التسليف التعاوني الذي تساهم وزارة المالية بــ 51% من رأسماله وتساهم الجمعيات التعاونية بالباقي ، يقدم القروض للتعاونيات في العراق ، غير ان ضعف رأسمال البنك ومشاكله الادارية والفنية قلصت من دوره فبقت التعاونيات مقتصرة على الجانب الخدمي وخاصة جمعيات بناء المساكن والجمعيات الاستهلاكية ، اما الجمعيات الانتاجية والتسليفية فكانت لا تتجاوز بحلول عام 1958 ال (25) جمعية ، فتنبه المشرع إلى ذلك فاصدر قانون جديد للجمعيات التعاونية برقم 73 لسنة 1959([6])، بعد تحول الحكم من ملكي إلى جمهوري وأردفه بإنشاء المصرف التعاوني بموجب القانون رقم 163 لسنة 1959([7])، ليحل محل بنك التسليف التعاوني وبزيادة اربعة اضعاف برأس المال ، فكان أن ازدهرت نسبياً الخدمة التعاونية ولكن ازدهارها كان على مستوى الكم أكثر من النوع مما ادى إلى حل وتصفية وتجميد عمل العديد من الجمعيات بذرائع مختلفة نتيجة لسيطرة كبار التجار والشركات على التجارتين الداخلية والخارجية ، وبقي الحال كذلك حتى صدور قانون التعاون رقم 202 لسنة 1970([8])، الذي الغى قانون الجمعيات التعاونية لسنة 1959 كما صدر قانون الاصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 ([9])، وكذلك قانون المصرف الزراعي التعاوني  رقم 110 لسنة  1974 المعدل ([10])، وكذلك قانون الجمعيات الفلاحية رقم 43 لسنة 1977([11])، وقانون الزام جمعيات الاسكان التعاوني السكنية رقم 67 لسنة 1977 النافذ([12])، وقانون صناديق الضمان في الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم 156 لسنة 1977 النافذ([13]) ، ومع ما اسهمته كل هذه القوانين في تنشيط القطاع التعاوني وانشاء المزارع الجماعية وتمويل الجمعيات الفلاحية والتعاونية الأخرى ، إلا أن قلة الوعي بأهمية التعاونيات لدى اعضائها واجبارية الانتماء في البعض منها وسيطرة العناصر الحزبية المرتبطة بالحكومة على الجمعيات والاتحادات التي تشرف عليها افرغها من محتواها وجعلها مرتبطة بالحكومة ومنفذة لقراراتها فكانت اشبه بدوائر حكومية بل ربما كان ارتباطها بالحكومة اكثر من غيرها من دوائر الدولة([14]).

وقد دفع ذلك المشرع إلى محاولة رفع المعوقات أمام القطاع التعاوني فاصدر قانون التعاون رقم 58 لسنة 1982 الذي حل محله قانون التعاون رقم 15 لسنة 1992 المعدل ([15])، وتبعه قانون الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم 56 لسنة 2002 النافذ([16]).

إلا أن المبادئ العامة في هذه القوانين لم تتغير وانما تغيرت الآليات فقط فكانت النتائج غير مختلفة وبقيت ذات المعوقات تعصف بالقطاع التعاوني العراقي ولم يتغير من الأمر شيئاً بتغير النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 ، إذ ظل القطاع التعاوني محكوماً بنفس القوانين التي كانت سائدة قبل سقوط النظام ، رغم التغير الذي اصاب الواقع الاقتصادي العراقي والفلسفة التي يؤمن بها القابضين على السلطة من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق الحر ، ناهيك عن انتشار الفساد الاداري والمالي وغياب الرقابة الفعالة على عمل الجمعيات التعاونية بجميع انواعها والاتحادات المشرفة عليها ودخولها في حلبة السياسة وتجاذبات الاحزاب السياسية والعملية الانتخابية ، كل ذلك جعل القطاع التعاوني في العراق اليوم مرتبكاً يخدم المصالح الشخصية للأعضاء المتنفذين فيها المرتبطين بأحزاب متنفذة في البلد مما يتطلب حلولاً عاجلة تتمثل في وضع تشريعات جديدة تناسب الظروف الحالية التي تمر بها البلاد وتخليصه من هيمنة الاحزاب المتنفذة والجهات الامنية المسيطرة ، ولا نبالغ ان قلنا ان الحل لا يمكن ان يكون للقطاع التعاوني بمعزل عن حل جذري لوضع الفساد المالي والاداري المنتشر في الدولة وهيئاتها ووضع قطاعاتها بما فيها القطاع التعاوني.

المطلب الثاني : الاًساس الفلسفي للتعاونيات :

يجدر بنا ونحن نأصل فلسفياً للتعاونيات أن نتناول أصل هذه التطبيقات في كل من المذهب الفردي والمذهب الاشتراكي والمذهب الإسلامي ، ومن ثم وجب تقسيم هذا المطلب على ثلاثة فروع وكما يأتي :-

الفرع الأول : الأساس الفلسفي للتعاونيات في المذهب الفردي :

تشير اغلب الدراسات التي تناولت بالبحث والتفصيل التعاونيات أن هذه الأخيرة كانت عبارة عن ردة فعل عن الظروف القاسية والمزرية التي مرت بها وتمر بها الفئات المهمشة والتي افرزتها الفلسفة الفردية بعد الثورة الصناعية من الفقراء والعاطلين عن العمل في توفير قوتهم بالحد الادنى من الامكانيات ومن اشباع الاحتياجات([17]).

واذا كان ذلك يصح لتفسير وجود بعض انواع التعاونيات وخاصة الجمعيات التعاونية التي ظهرت بعيد الثورة الصناعية التي شهدتها اوربا ، ولكن ماذا عن التعاونيات الأخرى التي كانت موجودة قبيل تلك الفترة ؟ وماذا عن الجمعيات التعاونية التي نشأت وترعرعت في ظل فلسفيات أخرى بعيدة كل البعد عن الفلسفة الفردية وخاصة منها الجمعيات التعاونية التي تأسست في الدول الاشتراكية أو الدول التي تتبنى المنهج الإسلامي؟

وبذلك فقد ذهب تقرير الامم المتحدة عام 2009 إلى ان التعاونيات تعد بديلاً عن الخصخصة ذلك انه وبعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتحول الكثير من الدول الاشتراكية إلى تبني اقتصاد السوق من خلال اللجوء إلى الخصخصة ولكن كان هناك الكثير من الدعوات أن تحل التعاونيات محل الخصخصة لتحول ملكية اموال ومصانع ومزارع القطاع العام إلى مجموعة من التعاونيات لتشكل الجمعيات التعاونية الصورة الابرز لها ، اضافة إلى تجمعات التعاون الخدمي والمنظمات المجتمعية الأخرى([18]).

الا ان ذلك باعتقادنا لا يشكل وصفاً بقدر ما هي دعوة إلى الابتعاد عن وسيلة الخصخصة والاتجاه لاعتماد التعاونيات كوسيلة لحل اشكالية ملكية اموال القطاع العام واداراتها بعد التطورات التي شهدها الاقتصاد العالمي ، كما ان تلك الدعوة كانت تحتاج إلى قرارات حكومية تتبناها بيد ان ضغط المنظمات الدولية المالية وبالتحديد صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية حال دون تنفيذ تلك الدعوة الا في نطاق ضيق.

ويذهب كارليل إلى ان التعاون يمثل نظاماً اقتصادياً واجتماعياً ثالثاً يقف مع النظامين الرأسمالي والاشتراكي ويطلق عليه الاقتصاد التعاوني (cooperative Economy) لتجاوز النتائج السلبية والكارثية لكلا النظامين السائدين ويحقق نتائج ايجابية معتدلة([19]).

غير ان قولاً كهذا يعكس كما الرأي الأول التناقض بين التعاونيات وبين كل من الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد الاشتراكي ويعدها بديلاً عن كل منهما ، ناهيك عن انه لا يتفق مع ما سبق ان انتهينا إليه من كون الاقتصاد الاجتماعي التضامني بما فيه من تعاونيات هو رديف ومكمل للاقتصاد المعتمد في الدولة سواء كان اقتصاد حراً أو موجهاً أو إسلامياً.

والارجح ان التعاونيات العاملة ضمن المجتمع والنظام الرسمالي هي بدوافع مختلفة اقتصادية واجتماعية وما يتفرع عنها من دوافع مالية وصحية وبيئية وتنظيمية فالحاجة إلى تحسين الظروف الاقتصادية والحصول على المزيد من المزايا الاقتصادية ومنها زيادة الدخل والخدمات ومستوى هذه الخدمات والنهوض بالمستوى المعاشي كلها دوافع اقتصادية ومالية ، والحاجة إلى التكاتف بين افراد المجتمع الانساني وحب الانسان لأخيه الانسان والحاجة إلى العيش بأمن واطمئنان والابتعاد عن الصراعات والنزاعات والحاجة إلى العيش في صحة وامن جسدي وكذلك الحاجة إلى العيش في ظل بيئة خالية من الملوثات المختلفة والحاجة إلى تنظيم الحياة في المجتمع بكافة مستوياتها من الاسرة إلى العشيرة فالقبيلة فالمدينة فالدولة إلى العالم بأجمعه وفق قواعد ومعايير محددة هي دوافع اجتماعية صحية بيئية تنظيمية وهي برمتها ما يدفع إلى اللجوء إلى انشاء التعاونيات بجميع اشكالها وصورها البدائية البسيطة والحديثة المنظمة([20]).

ولا شك ان ما يساعد على انشاء وعمل هذه التعاونيات في ظل الانظمة الرأسمالية هو الحرية التي يتيحها هذا النظام لكل اشكال التجمع بما فيها الاحتكارات رغم كون الاخيرة ربما تشكل احدى العوائق الكبيرة ، بل ان الواقع اثبت انها تحارب التعاونيات وتسعى إلى الهيمنة عليها ، ولكن ذلك يكون من باب الحرية والمنافسة المفتوحة بين جميع عناصر واشخاص الاقتصاد الحر.

الفرع الثاني : الأساس الفلسفي للتعاونيات في المذهب الاشتراكي :

يذهب جانب كبير من علماء الاقتصاد والمالية العامة وفقهاء القانون إلى ان التعاونيات من تطبيقات الاقتصاد الموجه فهي تساعده وتعاونه في تحقيق الأهداف المتعلقة بالمصلحة العامة فهي تساعد في مد السلطة العامة بما تحتاجه من معلومات خاصة بتكلفة انتاج السلع في سبيل اعتماد التسعيرة الحكومية ، وكذلك فإنها تساعدها في مكافحة السوق السوداء ، إذ ان الجمعيات التعاونية وخاصة الانتاجية منها لا يمكن ان تحول السلعة التي تقوم بإنتاجها إلى السوق وانما تتيحها للمستهلكين وخاصة منهم المنتمين إليها([21]).

غير ان رأيا كهذا وبحكم تسطيحه للأمور يصبح غير مقبولاً كونه يأخذ بنظر الاعتبار التعاونيات التي تتبناها السلطات الحكومية وتشرف عليها الاحزاب التي تسيطر على السلطة في الدولة وتجعلها تسير في فلك الاقتصاد الموجه ولا تحيد عن توجهاته ، بل ان بعض هذه التعاونيات تكون العضوية فيها اجبارية ، ويتناسى ان الاصل في التعاونيات هو الانتماء الحر والاستقلالية عن السلطات العامة والاحزاب السياسية ، فضلاً عن اعتماد الديمقراطية في الادارة وهي جميعاً كما غيرها من مميزات التعاونيات باعتبارها تطبيقاً من تطبيقات الاقتصاد الاجتماعي التعاوني لا وجود لها في قواميس الاقتصاد الموجه والفلسفة الاشتراكية ذات النزعة الشمولية.

وعلى هذا الأساس ذهب البعض([22])، إلى عد التعاونيات وعلى العكس من الرأي الغالب احد الحلول التي يطرحها عصرنا الحاضر في سبيل ايجاد نظام اقتصادي جديد خال من الظلم والفوضوية التي يفرزها النظام الرأسمالي وفي الوقت ذاته بعيدة عن الثقل والضغط غير المحدود للنظام الاشتراكي المركزي أو التعسفي المقيت ، ويؤكد ان طريق التعاون هو افضل من يخلف النظام الرأسمالي في بلاد الغرب والنظام الاشتراكي في بلاد الشرق ذلك ان الأخير حسب وصفه يسهل عليه اقامة نظامه نتيجة الاكراه الذي يمارسه ولكنه لم يقدم حلاً افضل من التعاون ، بل على العكس فقد حدثت ردات فعل عنيفة ضد قساوة هذا النظام في يوغسلافيا وبولونيا والاتحاد السوفيتي ويتوقع ان يتطور كل من النظامين الرأسمالي والاشتراكي إلى نقطة التقاء محتملة هي التعاونيات.

على ان انكار كل صلة للتعاون بالنظام الاشتراكي واعتباره ردة فعل عن المظالم التي افرزها الأخير فيه شيء من التطرف وعدم الدقة ، ناهيك عن ان توقعاته بتطور النظامين الرأسمالي والاشتراكي إلى نظام تعاوني واحد اثبت فشل تنبؤاته فقد وضعت تلك التصورات في منتصف القرن العشرين وها نحن على وشك انهاء الخمس الأول من الألفية الثالثة ولم يتطور النظام الاشتراكي إلى نظام تعاوني بل انهار نهائياً بعد تفكك الاتحاد السوفيتي السابق مطلع تسعينيات القرن الماضي وتحولت الدول التي كانت تعتمد الاشتراكية إلى تبني الرأسمالية المتطرفة ، كما لم يتطور النظام الرأسمالي إلى الاضمحلال والتحول إلى نظام تعاوني واحد ، بل تكيف مع الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالي وبقي شامخاً رغم الازمات التي ضربته والتي استطاع ان يتخلص منها بذكاء مستغلاً ميزة التكيف التي ينماز بها من قريناته من الاقتصادات الوضعية الأخرى وخاصة الاقتصاد الاشتراكي المتطرف لمبادئه وافكاره وغير القادر على التجدد والاندماج في الاوضاع والظروف الجديدة.

والحقيقة ان هناك الكثير من المشتركات بين النظام الاشتراكي والتعاونيات بشكل خاص كتحقيق المصلحة العامة وعدم الخضوع لقوانين السعر الاقتصادية والابتعاد عن الهدف الربحي المادي البحت ، ومع ذلك فان وسائل كل منهما مختلفة فالملكية في النظام الاشتراكي عامة وهي في التعاونيات جماعية تتمثل بالمنتمين للتعاونية (مع التأكيد على ان هناك خلافاً فقهياً كبيراً حول الطبيعة القانونية لملكية اموال التعاونية) ، فضلاً عن اقتصار نطاق التعاونية على خدمة اعضائها ، أما النظام الاشتراكي فنطاقه واسع جداً فهو يسعى إلى خدمة جميع مواطني الدولة ، بل حتى الدول الاشتراكية الأخرى ، ناهيك عن ان مؤسسات الاقتصاد الاشتراكي تحاول جاهدة ان تجبر التعاونيات لخدمة النظام الاشتراكي وتفرغها من محتواها.

وبذلك فان التعاونيات تحاول في كل من النظامين الرأسمالي والاشتراكي استثمار الحرية التي يوفرها الأول ، والمصلحة العامة التي يهدف إليها الثاني للنمو والتطور والازدهار في ظل حرب ضروس تخوضها ضد كبريات الاحتكارات والشركات متعددة الجنسيات في الأول ومعركة صعبة مع الحزب المسيطر على السلطة في الثاني لتكون اعمالها امام مد وجزر وحسب قدرتها على المقاومة والمطاولة.

الفرع الثالث : الأساس الفلسفي للتعاونيات في النظام الاسلامي :

إذا كان الاختلاف قد دب بين العلماء والفقهاء حول المرجعية الفلسفية للتعاونيات في النظامين الرأسمالي والاشتراكي بين من يجعلها تعود لاحد النظامين وبين من ينكر أي ارتباط لها بأي منهما وبين من حاول جاهداً ان يجعلها على الاقل مقبولة في كل منهما ، فإن مثل هذا الخلاف لا نظير له في الرسائل السماوية التي اقرت الاطر العامة للتعاون وعدته مثلاً اعلى يجب التمسك به واتخاذ سبيلاً للعمل والعبادة ومواجهة ظروف الحياة إلى حد اعتباره مرتكزاً روحياً ودينياً للتعاونيات فقد اكدت المسيحية على مبادئ اللحمة والايثار والتضامن ودعت إلى التعاون بقولها (لا ينظر الانسان إلى ما هو لنفسه بل إلى ما هو للأخرين أيضاً )([23])، كما ارسى الاسلام قاعدة راسخة للتعاون بين ابناء المجتمع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو غيرها من المستويات الأخرى فقد جاءت أحكام العبادات والمعاملات تدعو إلى التعاون بأكثر من نوع من انواع الحكم الشرعي التكليفي من واجب ومحرم ومندوب ومكروه ومباح فقد جاء في القرآن الكريم ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ * وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾([24]).  وقوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾([25]) ، وكذلك قوله عز وجل ﴿ واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا* وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾([26]) ، وقوله الباري الكريم:﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾([27]) ، وكذلك قوله (r) (لا يحتكر الا خاطئ ) وقوله أيضاً ( خير الناس انفعهم للناس) وكذلك قوله (r) ( حب لأخيك ما تحب لنفسك ) وقوله أيضاً (يد الله مع الجماعة) هذا فضلاً عن الآيات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على الانتماء الطوعي للدين والمساواة بين المؤمنين في الانتماء إلى الجمعيات التعاونية ومعاملة اعضائها وضرورة مشاورتهم والاستنارة بآراء الجميع وعدم التفرد في اتخاذ القرار والتأكيد على أن الانسان مستخلف في الارض وان الملك لله تعالى والحث على التشارك بشكل عام سواء كان بشكل جمعية أو شركة والتأكيد ان البركة في كل تشارك([28]).

كل ذلك سيضفي عاملاً دينياً وعنصراً أو وازعاً دينياً في الموضوع فيدفع إلى التعاون يضاف إلى الدوافع والأسباب والحاجات الوضعية من اقتصادية واجتماعية تحدثت عنها في الفروع السابقة من هذا المطلب ، وهو ما ينعكس ايجابياً على القطاع التعاوني كماً ونوعاً فيسهم في زيادة عدد التعاونيات التي ليس فيها مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية والمجتمع الإسلامي.

ومع اننا لا نجد اهتماماً من الفقه الإسلامي بالجمعيات التعاونية والتعاونيات بشكل عام قياساً بالاهتمام الواسع الذي يبديه الفقه بالشركات الخاصة وما تبرمه من عقود ومعاملات في سبيل لحاقها بركب التطور السريع للمجتمع ، ونأمل من الفقه ان يلتفت إلى هذه التطبيقات التعاونية ويضع لها المعايير الشرعية ضمن معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الاسلامية وتسليط الضوء على هذا القطاع المهم في الدول الإسلامية التي ركزت تشريعاتها على تنظيم القطاع التعاوني ولكن تنظيمه كان بطعم الانظمة الوضعية ، وهو ما حصل في السعودية والسودان حيث صدرت فيها العديد من الانظمة والقوانين التي تضع الخطوط العريضة والتفصيلية للقطاع التعاوني فيها([29])، فالتاريخ يزخر بالعديد من التطبيقات التعاونية البسيطة التي يمكن الاستناد اليها في وضع قواعد عامة واخرى تفصيلية لتجمعات تعاونية منشودة ، فقد اعتمد الرسول (r) اسلوب التعاون في بناء مسجده في المدينة المنورة وكذلك في حفر الخندق حول المدينة في السنة الخامسة من الهجرة النبوية الشريفة([30]).

المطلب الثالث : الأساس القانوني للتعاونيات :

على الرغم من ان المشرع العراقي ولج القطاع التعاوني منذ العام 1944 عندما اصدر قانون الجمعيات التعاونية رقم 27 وبذلك يعد من اوائل الدول العربية التي وضعت تشريعات في هذا الخصوص، الا ان الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 فلا من مصطلح التعاونيات والجمعيات التعاونية فقد وردت فيه كلمة التعاون في المادتين (113و 114) فقط ولكنها جاءت للدلالة على التنسيق بين الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في مجال توزيع الاختصاصات، كما وردت كلمة جمعية أو جمعيات في المادة (39) منه للتأكيد على حرية تأسيس الجمعيات بشكل عام ومنها ضمناً الجمعيات التعاونية ، وكذلك ليقرر عدم جواز اجبار أي شخص على الانضمام أو الاستمرار في عضوية أي حزب أو جمعية بما فيها الجمعيات التعاونية هذا فضلاً عن الاشارة في المادة (133) إلى الجمعية الوطنية (البرلمان) ، وكنا نتمنى على المشرع الدستوري العراقي ان يولي اهتماماً خاصاً بالتعاونيات بشكل عام والجمعيات التعاونية بشكل خاص وان يشدد على بعض أهم مبادئها في نصوصه وقواعده السامية ، فلا يكتفي بالنصوص أعلاه التي لا تفي بالغرض والواردة ضمن الحقوق والحريات العامة في الباب الثاني من الدستور ومنها الحق في الحرية الوارد في المادة (15) والحريات الواردة في المادتين (37) و (40).

كما ان التشريعات العادية التي تحكم القطاع التعاوني في العراق تعد تشريعات قديمة احدثها صدر قبل خمسة عشر عاماً ولم يتم تحديثها على الرغم من التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بالبلاد وخاصة ما تعلق منها بالتوجه نحو اعتماد اقتصاد السوق ، ناهيك عن تبعثر وتعدد القوانين التي تحكم هذا القطاع ، فالقانون النافذ فيما يتعلق بالتعاونيات غير الزراعية هو قانون التعاون رقم 15 لسنة 1992 المعدل ، فضلاً عن قانون الزام جمعيات الاسكان التعاونية بتشييد العمارات السكنية رقم 67 لسنة 1977 ، اما في التعاونيات الفلاحية فقد صدر قانون المصرف الزراعي  التعاوني رقم 110 لسنة 1974 وقانون صناديق الضمان في الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم 156 لسنة 1977 النافذ وقانون الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم 56  لسنة 2002 النافذ.

وبذلك فإن الأمر يتطلب تحديث تلك القوانين وجمعها في قانون واحد يواكب كل هذه التطورات وحبذا لو تضمن هذا القانون تنظيماً لأشكال أخرى من التعاونيات وان لا يقف عند الجمعيات التعاونية كشكل وحيد للتعاون في العراق ، ويفضل لو كان هذا القانون المنشود يقع ضمن اطار قانون اشمل واعم هو قانون للاقتصاد الاجتماعي التضامني.

المبحث الثاني : التعريف بالتعاونيات

لعلنا تأخرنا كثيراً عن التعريف بالتعاونيات ، ومن هنا وجب علينا ولوج مفهومها ومعرفة معناها من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية ، ومن ثم بيان اركانها وخصائصها وطبيعتها القانونية لنتحول بعدها إلى تفصيل تطبيقاتها المختلفة من ادخار جماعي وجمعيات تعاونية وغيرها.

وعلى ذلك فيجدر بنا ان نقسم هذا المبحث على ثلاثة مطالب نتحدث في الأول عن مفهوم التعاونيات وفي الثاني عن خصائصها وفي الثالث عن طبيعتها القانونية وكما يأتي:-

المطلب الأول : مفهوم التعاونيات :

يبقى الالمام بأي موضوع قاصراً مالم يتم التعرف على مفهومه وولوج مفهومه لغةً واصطلاحاً فالتعاون لغة هو ( فعل : خماسي لازم ). تَعَاوَنْتُ ، أَتَعَاوَنُ ، تَعَاوَنْ مصدر تَعَاوُنٌ  ، تَعَاوَنَ سُكَّانُ القَرْيَةِ ، عَاوَنَ ، أَعَانَ ، سَاعَدَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، ومثلها آزَرَ عِنْدَ الصَّبَاحِ أَتَعَاوَنُ وَالنَّسِيمُ عَلَى إِعْلاَنِ مَجِيءِ النُّورِ  ومنها قوله تعالى في الآية 2 من سورة المائدة ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَان ﴾([31])، أي تَآزَرُوا ، وتَعَاوُنٌ  (ع و ن ) مصدر تَعَاوَنَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمُ التَّعَاوُنُ  والْمُؤَازَرَةُ ، التَّآزُرُ ، الْمُسَاعَدَةُ([32]).

  أما اصطلاحاً  فقد قيلت عدة تعريفات للتعاونيات منها تعريفها بأنها ( شكل من اشكال منظمات المجتمع المدني الفاعلة التي تؤمن العديد من فرص العمل في مختلف انحاء العالم ، وتساهم في الحد من الفقر وتدعم العديد من الغايات الانمائية ) ([33]).

ويبدو لنا ان هذا التعريف اقرب إلى الشرح والتوضيح منه إلى التعريف ، فضلاً عن أن وصف التعاون بانه شكل من اشكال منظمات المجتمع المدني لا يمكن قبوله على اطلاقه فاذا كانت التعاونية تتفق مع منظمات المجتمع المدني في كثير من المشتركات الا انها تختلف عنها في ان التعاونية يمكن ان تبغي الربح ، ناهيك عن كون التعاونية تهدف إلى خدمة اعضائها دون غيرهم.

وعرفت أيضاً بأنها (عبارة عن تنظيمات تتألف من مجموعة من الاشخاص اتفقوا على ان ينضم بعضهم لبعض من اجل العمل سوية في سبيل تلبية حاجاتهم الاقتصادية والاجتماعية ، وفقاً للقيم والمبادئ الاساسية للتعاون المتعارف عليها عالمياً) ([34]).

ويعيب هذا التعريف الاطالة التي كان الاجدر تجاوزها ، كما انه اغفل الاشارة إلى اكثر من مرتكز من مرتكزات التعاونيات.

كما عرفت كذلك بأنها (منظمات اقتصادية بنيت على جهود ذاتية ، بحيث تلعب هذه المنظمات دوراً ملموساً في رفع مستوى الظروف الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها والمجتمع المحلي أيضاً ) ([35]).

ويلاحظ على هذا التعريف بانه جعل من أهداف التعاونية خدمة المجتمع وهو ما لا يتفق مع حقيقة التعاونيات من خدمة اعضائها فحتى لو ادت بصورة غير مباشرة إلى نتائج ايجابية بالنسبة للمجتمع فان ذلك لا يشكل هدفاً للتعاونية وانما هو نتيجة طبيعية لخدمة اعضائها.

وعرفت كذلك بانها (جمعيات مستقلة من اشخاص اتحدوا طواعية لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة ، يتطلعون لذلك من خلال مؤسسة مملوكة للجميع وتدار بشكل ديمقراطي ) ([36]).

ويبدو لنا ان هذا التعريف قد تجاوز الكثير من عيوب التعريفات الأخرى ، إلا أن فيه نوع من الاطالة ، فضلاً عن تأكيده على الملكية الجماعية للجمعية رغم الخلاف على طبيعة ملكية اموال الجمعية.

وعرفت أيضاً بأنها (جمعية تطوعية من البائعين والمشترين ، تؤسس بهدف تحسين الاسعار للبائعين والمشترين ، والوصول إلى ذلك عن طريق منشأة خاصة بهم سواء للبائعين أو المشترين) ([37]).

ومن الواضح التركيز والتأكد والتكرار غير المبرر على ان التعاونيات تقوم بين البائعين أو المشترين والاكثر من ذلك فان قصر التعاونيات على صورة الجمعيات امر غير مقبول ، بالإضافة إلى اغفال التعريف العديد من مرتكزات التعاونيات .

وعرف البعض التعاون بأنه ( تجميع واتحاد ، لبعض الاشخاص وجهودهم بغرض تحقيق هدف مشترك وذلك عن اقصر طريق وباقل تكلفة وعلى احسن وجه ) ([38]).

ويلاحظ على هذا التعريف تركيزه على طريقة التعاون وتكلفته المنخفضة والخدمات الافضل التي يقدمها، ولكن ذلك ربما لا يكون ديدن التعاونيات فقد تسلك طرقاً طويلة نوعاً ما ، كما انها لا تحقق دائماً افضل الخدمات للأعضاء وانما بما يتفق مع قدراتها وامكانياتها.

وعلى الرغم من أن وضع التعريف هو من مهام الفقه والقضاء فان المشرع في بعض الدول قد وضع تعريفات للتعاونيات ومنها تعريف المشرع السعودي للتعاونية بأنها (مجموعة تتألف من اشخاص ذاتيين أو اعتبارين أو هما معاً اتفقوا ان ينظم بعضهم إلى بعض لإنشاء مقاولة تتيح لهم تلبية حاجياتهم الاقتصادية والاجتماعية وتدار وفق القيم والمبادئ الاساسية للتعاون المتعارف عليها ) ([39]).

ويلاحظ على هذا التعريف انه يخلط بين التعاونية بشكل عام وبين الجمعية التعاونية التي تعد الشكل والتطبيق الابرز للتعاونيات دويا ان ترادفها.

وقد عرف المشرع العراقي التعاون بأنه ( تنظيم جماهيري اجتماعي واقتصادي هدفه تطوير العلاقات الاقتصادية في المجتمع من النمط الفردي إلى النمط الجماعي بما ينسجم مع السياسة العامة للدولة وبما يحقق افضل الاداء للحركة التعاونية ) ([40]).

ويتجلى بشكل واضح النزعة التوجيهية في هذا التعريف حيث وصف التعاون بانه تنظم جماهيري وكائننا في ثورة وتم ابراز فكرة الانتقال من التعامل الفردي إلى التعامل الجماعي في اشارة إلى ضرورة الانتقال من النزعة الفردية إلى النزعة الجماعية في الطريق إلى الاشتراكية ، ومن هنا وبعيداً عن رأينا في ضرورة ابتعاد المشرع عن وضع التعريفات وترك هذه المهمة للفقه والقضاء فيبدو لنا ان المشرع العراقي مدعو إلى الغاء هذه المادة بما تتضمنه من تعريف أو على الاقل تعديل التعريف الذي تحتويه بما يتناسب والاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد اليوم وبما يجعله يعبر تعبيراً صادقاً عن مضمون التعاونيات.

ونرى بان التعريف الاكثر دقة للتعاونيات هو القول بأنها تجمع مجموعة من الاشخاص للقيام بنشاط من انشطة الاقتصاد الاجتماعي التضامني لتلبية احتياجاتهم المشتركة وفقاً لمبادئ التعاون العالمية.

وبهذا نكون قد وضعنا تعريفاً جامعاً مانعاً ، ناهيك عن صياغته بأسلوب المختصر المفيد مستفيدين من تضمينه مصطلحات لها دلالات معروفة ومنها الاقتصاد الاجتماعي التضامني ومبادئ التعاون العالمية ، متجاوزين جميع الاشكالات التي وقعت فيها التعريفات الأخرى فلا اطالة ولا دخول في التفاصيل ولا اشارة إلى اصطلاحات غير دقيقة يمكن ان توسع في مفهوم التعاونيات أو تضيق منه ، فضلاً عن شمول التعريف لجانبين مهمين في التعاونيات حيث تناول الانشطة التي تقوم بها هذه التعاونيات بالإضافة إلى تكوينها وليس كما فعلت بقية التعريفات إذ ركزت اهتمامها على التكوين دون ابراز ما تقوم به من انشطة ووصفها والى أي اقتصاد تنتمي ، ومن هذا التعريف يمكننا استخلاص عناصر التعاونيات وهي :-

  1. ممارسة نشاط من أنشطة الاقتصاد الاجتماعي التضامني.
  2. تتكون من مجموعة من الاشخاص الطبيعية أو المعنوية أو كلاهما :ـ وبهذا فهي تشبه التأمين التعاوني ولكنها تختلف عن المسؤولية المجتمعية التي يمكن ان يقوم بها شخص واحد([41]).
  3. هدفها تلبية الاحتياجات المشتركة للأعضاء :ـ وبذلك يمكن ان تحقق ارباحاً من تصرفاتها على ان تكون هذه الارباح للمجموعة وليس لشخص واحد فيها وعلى ان تستخدم هذه الارباح في اشباع الحاجات الاقتصادية والاجتماعية أو الثقافية وبهذا تختلف التعاونيات عن منظمات المجتمع المدني التي لا تقتصر اهدافها على خدمة اعضائها بل خدمة المجتمع بأسره بما فيه الاعضاء.
  4. اعتماد مبادئ التعاون العالمية التي اقرها الحلف التعاوني الدولي والتي تشمل ما يأتي([42])
  • العضوية الاختيارية المفتوحة :

إذ ان الاصل ان يكون الانضمام إلى التعاونيات بجميع اشكالها وصورها اختيارياً ناهيك عن ترك العضوية فيها الذي ينبغي ان يكون اختيارياً أيضاً في الاصل ، فضلاً عن ان العضوية ينبغي ان تكون متاحة لكل من تتوفر فيهم شروط معينة دون أي تمييز لأي سبب كان سواء تعلق بالجنس أو العمر أو المركز الاجتماعي أو المعتقد الديني أو السياسي.

  • ديمقراطية الادارة والرقابة :

إذ يفترض بأعضاء التجمع التعاوني ان يتولون ادارة تجمعهم ويشاركون في رسم سياسة التجمع واتخاذ القرارات وكذلك مراقبة عمل الجمعيات الادارية التي يتم اختيارها لهذا الغرض ، وذلك من خلال اشتراكهم في اجتماعات الهيئة العامة وتمتعهم بحقوق متساوية في التصويت ، إذ ان لكل عضو صوت واحد بغض النظر عن نسبة مساهمته من رأس مال التعاونية.

جـ. المشاركة الاقتصادية للأعضاء:

على كل عضو من اعضاء التعاونية ان يساهم في رأس مالها بمبلغ معين ، ناهيك عن الاشتراكات السنوية التي قد تقرر التعاونية جمعها من الاعضاء وينبغي ان يترك جزء من اموال التعاونية لتنمية التعاونية فيما يوزع الزائد على الاعضاء وفقاً لما تم الاتفاق عليه بينهم وبما يتفق والاهداف التي نشأت التعاونية من اجلها.

د. الشخصية الذاتية المستقلة:

يفترض بالتعاونية ان تتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن الاعضاء المنتمين إليها لتتمتع بأهلية تتفق والأغراض التي تم انشاءها من اجلها، بل ان الاستقلالية لا تكون عن الاعضاء فقط وانما عن بقية التعاونيات وعن هيئات الدولة المختلفة وعن أي جهة وطنية أو دولية اخرى، وهو ما لا يمكن ضمانه الا بتكاتف جهود جميع الاعضاء في الرقابة على مصادر تمويل التعاونية واوجه انفاقها وذلك عبر ادارة ديمقراطية مستقلة.

هــ .التعليم والتدريب والمعلومات :

يتوجب على التعاونيات نشر الوعي التعاوني بين افراد المجتمع الذي تعيش فيه وتدريب وتعليم اعضائها على كيفية العمل فيها بجميع المستويات على كيفية ادارة التعاونية وتنبيها والنهوض بواقعها الاقتصادي وتنشيط اعمالها للوصول إلى تقديم افضل الخدمات أو تلبية سليمة لاحتياجات الاعضاء.

و. التعاون بين التعاونيات:

الاصل ان تكون التعاونية ملبية لاحتياجات اعضائها فقط ولكن ذلك لا يمنع التعاونية من تنمية روح التعاون والتنسيق مع قريناتها على المستويات المحلي والوطني والدولي من خلال الانضمام أو تكوين الاتحادات التعاونية.

ز. الاهتمام بشؤون المجتمع:

لا يمكن ان تعمل التعاونية بمعزل عن المجتمع الذي تعيش فيه فمع ان أهداف واغراض التعاونية تنحصر في خدمة اعضائها، الا انه ومن باب المسؤولية المجتمعية يفترض بالتعاونيات الاهتمام بمجتمعها الذي تعيش فيه وتضع السياسات التي تخدمه والتي يوافق عليها الاعضاء في تصويت حر وديمقراطي.

المطلب الثاني : خصائص التعاونيات :

تتميز التعاونيات بمجموعة من الخصائص التي تتشابه في بعضها مع تطبيقات الاقتصاد الاجتماعي التضامني الأخرى وتختلف في بعضها عنها ، ويمكن ادارج ابرز تلك الخصائص بما يأتي:-

أولاً: الأقدم تاريخياً :

تعد التعاونيات اقدم تطبيقات الاقتصاد الاجتماعي التضامني من الناحية التاريخية فقد شكلت اللبنات الاولى لبناء هذا الاقتصاد ووضعت البذور الاولى له في العصور القديمة واستمرت بالتطور مروراً بالعصور الوسطى لتصل إلى اعلى مستوياتها في العصر الحديث، وهو ما لاحظناه بشكل جلي عند الحديث عن الأساس التاريخي للتعاونيات.

ثانياً: البساطة في العمل:

ربما تشكل التعاونيات التطبيق الابسط من حيث العمل فلا تعقيد ولا روتين ولا بيروقراطية فكل تجمع يسعى إلى التكاتف في تلبية احتياجات الاعضاء المنتمين له يشكل     تعاونية ، تستطيع ان تعمل وفق ابسط اشكال العمل بعيداً عن التعقيدات التي يمكن ان تشهدها التطبيقات الأخرى من تامين تعاوني ومسؤولية مجتمعية ووقف وغيرها.

ثالثاً: السهولة في التكوين :

بالنظر لما تنماز به التعاونيات من بساطة في العمل وبعد عن التعقيد فقد تعزز ذلك بسهولة تكوينها ، إذ انها تكونت في اغلب الدول قبل حتى ان تكون هناك قوانين تعاونية خاصة توفر لها الاطار القانوني ، وهو ما يعكس البساطة في التكوين بحيث لا تحتاج حتى في صورها المنظمة المعروفة غالباً إلى قانون خاص بها ذلك انها يمكن ان تشكل وفقاً للقواعد العامة في القانون.

رابعاً: العدد الكبير:

لا شك في ان السهولة في التكوين والبساطة في العمل سينعكس ايجابياً على عدد التعاونيات التي تنتشر على مستوى العالم باسره لتشكل العدد الاكبر بين تطبيقات الاقتصاد الاجتماعي التضامني ، إذ تثير بعض الدراسات إلى ان عدد التعاونيات في العراق بلغ (1154) و(16) اتحاداً تعاونياً حتى عام 2014 ، أما في الغرب فقد بلغ عدد التعاونيات والاتحادات التعاونية 12022 حتى نهاية عام 2013 ويؤكد التحالف التعاوني الدولي ان حوالي مليون انسان حول العالم يمثلون الاتحادات التعاونية لــ (95) دولة وان هناك اربعة من كل عشرة اشخاص اعضاء في تعاونية واحدة في كندا ، في حين ينتمي حوالي سبعة ملايين شخص إلى التعاونيات في ماليزيا وهم يشكلون نسبة تصل إلى (27%) من الشعب الماليزي ، أما في النرويج فهناك حوالي (2) مليون عضو ينتمون إلى تعاونيات ليشكلون (40%) من مجموع الشعب النرويجي وكذلك في اسبانيا حيث يشترك (6،7) مليون شخص أي (15%) من الشعب الاسباني في تعاونيات متعددة([43]).

خامساً: خدمة الاعضاء:

من اهم مميزات التعاونيات انها تسعى إلى تحقيق نتائج طيبة للأعضاء المنتمين اليها وبذلك فهي تختلف عن المسؤولية المجتمعية ولكنها تشبه في ذلك إلى حد كبير التأمين التعاوني ، بيد ان ذلك لا ينفي بأي حال من الاحوال الخدمة التي تقدمها للمجتمع بصورة غير مباشرة من خلال الاكتفاء الذي تحققه في الخدمات التي تقدمها لأعضائها فتخفف الثقل على الدولة وهيئاتها العامة وهي تؤدي دورها في اشباع الحاجات العامة.

سادساً: تعدد الأهداف :

 ان هدف التعاونيات لا يقتصر على الجانب المالي فقط انما يتجاوزه إلى أهداف اخرى اقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرها من الأهداف التي انعكست ايجابياً على تعدد انواع التعاونيات فهناك التعاونيات الاستهلاكية والتعاونيات الانتاجية والتعاونيات الخدمية والتعاونيات الثقافية وغيرها، لا بل ان هناك انواع متعددة ومتخصصة لكل نوع من انواع التعاونيات فاذا ما اخذنا التعاونيات الاستهلاكية وجب ان نعرف ان هناك تعاونيات متخصصة في انواع معينة من السلع كالخضر وانواعه واخرى بالسلع المعمرة وغيرها([44])، والأكثر من ذلك فإن بعض الدول قد وضعت قوانين خاصة ببعض التعاونيات كما فعل المشرع العراقي عندما خصص القانون رقم 56 لسنة 2002 للجمعيات الفلاحية التعاونية بالرغم من وجود قانون التعاون رقم 15 لسنة 1992 المعدل الذي يحكم القطاع التعاوني في العراق .

سابعاً: اختلاف احجامها:

تتعدد انواع التعاونيات ليس من ناحية الغرض الذي تروم تحقيقه للأعضاء وانما في اختلاف احجامها فبينما تكون هناك بعض التعاونيات صغيرة جداً كالجمعيات الفلاحية اتي تكون على مستوى قرية واحدة.

بل ان هناك ما هو اصغر منها والتي تتجسد في تجمعات الادخار البسيطة التي تتكون من اعداد بسيطة من الاصدقاء في منطقة معينة أو الزملاء في وظيفة محددة بحيث لا يتجاوز عددهم العشرة اعضاء ، فيما نجد ان هناك تعاونيات كبيرة جداً تتعدى المستوى المحلي بل والوطني لتصل إلى المستوى الدولي فتكون اشبه بشركة كبرى تضم اعداداً هائلة من الاعضاء وتعمل وفقاً لنظام داخلي ينظم عمل اجهزتها الادارية([45]).

الفرع الثاني : معوقات التعاونيات :

على الرغم من النتائج الطيبة التي حققتها التعاونيات لسهولة التكوين وبساطة العمل ومع ان اعداد هذه التطبيقات تتزايد بشكل مستمر غير ان ذلك لا يعني بأي حال من الاحوال خلوها من أي معوقات ولا يواجهها أي عراقيل ، بل ان هناك العديد من المعوقات التي تقف حائلاً دون نجاحها والتي يمكن تبويبها ضمن ثلاث فقرات ، وابرز هذه المعوقات:-

أولاً: المعوقات القانونية :

إن غموض النصوص القانونية الخاصة بالتعاونيات والفراغ التشريعي الذي يحدث لغياب الحكم في بعض المسائل يؤدي إلى قصور واضح في الأحكام العامة الخاصة التي تنظمها ، ناهيك عن غياب الأحكام القانونية الخاصة بضرورة اعتماد الحوكمة لإدارة التعاونيات مما ينعكس سلباً على الأهداف والغايات التي انشأت من اجلها ويؤدي ربما إلى انتشار الفساد المالي والاداري في ادارات هذه التعاونيات([46]).

والاكثر من ذلك فان قدم بعض القوانين التي تحكم القطاع التعاوني وعدم مواكبتها للتطورات التي يشهدها المجتمع يؤدي إلى فجوة كبيرة بين واقع القطاع التعاوني والنصوص الحاكمة لها ، وهو ما نجده في اغلب الدول العربية ومنها العراق حيث يحكم القطاع التعاوني قانون التعاون الذي صدر قبل (25) عاماً وقانون الجمعيات الفلاحية التعاونية الذي صدر قبل (15) عاماً ويا ليت الأمر وقف عند مشكلة المدة الزمنية فقد تعززت بعدم مواكبة التطورات في تلك القوانين للتحولات والتغيرات والتطورات التي شهدها المجتمع العراقي في كافة النواحي السياسية (اعتماد النظام البرلماني الفيدرالي ) والاقتصادية (التخلي عن الاقتصاد الموجه والاتجاه نحو اعتماد اقتصاد السوق الحر ) والاجتماعية وغيرها ، مما يتطلب التفاتة سريعة من المشرع لتحريك قطاع التعاون عبر اصدار قانون عام جديد للتعاون في العراق يأخذ بنظر الاعتبار كل تلك المتغيرات ويجسد التناغم والتوافق بين القانون والواقع ليكون القانون كما يقال المرآة العاكسة لحال القطاع التعاوني ويجعلها اكثر فائدة ويبعدها عن المناكفات السياسية والتجاوزات الحزبية.

ثانياً: المعوقات الاقتصادية :

تتجلى ابرز المعوقات الاقتصادية للتعاونيات في ضعف التمويل أو صعوبة الحصول عليه مما يجعلها تلجأ إلى الدولة أو منظمات المجتمع المدني الوطنية منها والدولية ، وعدم الاعتماد على قدراتها الذاتية الضعيفة في الاصل مما ينعكس سلباً على استقلاليتها ويجعلها تابعة ومنفذة لتوجيهات الجهات المانحة والتي ربما لا تريد للحركة التعاونية ان تنمو وتزدهر ، مما يتطلب حركة دؤوبة من التعاونيات ذاتها ومن هيئات الدولة ذات الصلة للتنسيق فيما بينها لتقوم الأخيرة بمنح الامتيازات للقطاع الخاص الذي يقوم بتمويل بعض الانشطة التعاونية دون ان يكون لهذا التمويل أي أثر في الاستقلالية التي ينبغي ان تتمتع بها ، إذا ما علمنا ان الدعم الحكومي المباشر للتعاونيات عبر مدها بالتمويل اللازم من الخزينة العامة للدولة سواء كان ذلك باستخدام اسلوب المنح أو المكافآت أو الاعانات التي تدفع دون مقابل سيجعل من هذه التعاونيات اتكالية ولن تحقق النتائج المرجوة منها ، وستبتعد عن قاعدة الاقتصاد التي ينبغي أن تلتزمها في عمليات الانفاق هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فان مثل هذا الحل سيدفع الكثير من المتطفلين على القطاع التعاوني إلى انشاء تجمعات تعاونية صورية للظفر بتلك المعونات المالية دون ان تعمل على ارض           الواقع ، إذ ما علمنا توفر الارضية الخصبة لمثل هكذا تصرفات في ظل فساد اداري ومالي مستشري في مفاصل الدولة في المنطقة العربية بأكملها.

هذا فضلاً عن المنافسة الشديدة التي تشهدها التعاونيات من القطاعين العام والخاص إذا ما علمنا ضعف الامكانيات وضعف القدرات الادارية بما تمتلكه مؤسسات القطاع العام من امكانيات مالية عالية ، وما تتمتع به شركات القطاع الخاص من ادارات على مستوى عالي من الكفاءة والتطور والاستعانة بأحدث التقنيات.

نعم يمكن ان يضاف إلى ذلك عدم الثقة بالتعاونيات واعتبارها لدى الكثيرين بأنها من ترسبات الماضي القريب وعدها شكلاً من اشكال أو تطبيقات الاشتراكية التي ثبت فشلها وأنها تعمل بالضد من اقتصاد السوق الحر ومحاولة للرجعية إلى الاشتراكية المقيتة.

ثالثاً: المعوقات الاجتماعية :

يرجح الكثيرين أسباب فشل وتعثر العديد من التعاونيات في الاقتصادات العربية إلى مجموعة من المعوقات الاجتماعية التي ليس لها وجود في بقية بقاع العالم ومنها([47]) :-

  1. انخفاض مستوى الفكر التعاوني لدى ابناء المجتمع ، مما ينعكس سلباً على الرغبة في الانخراط والعمل فيها ممن يفترض أن ينتموا إليها.
  2. انخفاض مستوى انخراط الفئات المهمشة كالنساء وذوي الاعاقة بسبب عادات وتقاليد ونظرة اجتماعية بالية ، في الوقت الذي يفترض بهذه التطبيقات (التعاونيات) ان تستثمر الطاقات المعطلة لهذه الفئات وضمها إلى باقي الطاقات البشرية المكونة للمجتمع.
  3. ضعف كفاءة العاملين في الاجهزة الادارية والرقابية للتعاونيات ، وذلك بسبب عزوف الاكفاء عن ولوج هذه الاعمال وتركها لأشخاص جاءوا لتحقيق اغراض ومصالح شخصية.
  4. هيمنة اشخاص ومجموعات واحزاب على ادارة التعاونيات ، وذلك بسبب ما تدريه عليهم من اموال مستغلين الفساد المالي والاداري الذي تنماز به ادارتها في الغالب.
  5. غياب التنسيق الحقيقي بين ادارات التعاونيات والجهات الحكومية ذات الصلة بقصد النهوض بواقع القطاع التعاوني وخاصة في مجال التدريب والتعليم والتأهيل.
  6. غياب ، أو على الاقل ، ضعف الرقابة الحقيقية التي تمر بها الهيئات التعاونية وخاصة الهيئة العامة وشيوع ثقافة الابتعاد عن الواجهة في التصدي للفاسدين فكل يريد من غيره أن يبدأ بالنقد واثارة موضوع الفساد ، في ظل انتشار مافيات الفساد وقوتها وهيمنتها على المشهد في مستوياته كافة السياسية والاقتصادية والمالية وحتى الاجتماعية من خلال شراء الذمم.

المطلب الثالث : الطبيعة القانونية للتعاونيات :

لا بد لنا ونحن نتحدث عن التعاونيات من التعرف على طبيعتها القانونية مع ان المهمة هنا تبدو أكثر صعوبة من تناول سابقاتها من موضوعات التعاونيات فتعدد القوانين ذات الصلة بالتعاونيات من دولة إلى أخرى ، وفي الدولة الواحدة قد تجد هناك أكثر من قانون يحكم التعاونيات ، ناهيك عن ان اغلب القوانين تنظم عمل الجمعيات التعاونية فقط وكأنها الصورة والتطبيق الوحيد للتعاونيات متناسية الصور البسيطة لتجمعات الادخار الجماعي الاختيارية منها والإجبارية والتي اغفل المشرع تنظم الكثير منها في اغلب الدول ومنها العراق ، ومن هنا وجب تناول كل منها على حدة وكما يأتي:-

أولاً: تجمعات الادخار الجماعي الاختيارية :

 والتي تقوم على عدد قليل من الاصدقاء لا يتجاوز في اغلب الاحيان الــ (20) شخصاً على ان يدفع كل منهم مبلغ معين كل شهر فتجمع المبالغ وتعمل قرعة أو يتم الاتفاق على ان تعطى في كل شهر لأحد الاعضاء وهكذا يتكرر الأمر كل شهر حتى يحصل كل الاعضاء على المبلغ كاملاً فعندها إما أن يتوقف التجمع أو يتم تجديده.

والحقيقة ان مثل هذه التجمعات لا تمنح الشخصية المعنوية لأنها اصلاً لم تكن من ضمن التجمعات التي المنظمة قانوناً ، فضلاً عن ان الاعضاء لا يقومون بتسجيلها بصورة رسمية ، وهي باعتقادنا اقرب إلى القرض الجماعي الذي يجريه كل افراد المجموعة لاحدهم كل شهر ، وبما ان العملية ستكرر كل شهر وان الدور سيأتي على الجميع طالما يتم التساوي بين عدد الاشهر وعدد افراد المجموعة ومن ثم فهي نوع من انواع القرض الجماعي الاختياري.

وبالتالي يرتب عقد القرض الشهري التزاماً على الشخص الذي يحصل على القرض بأن يدفع اقساط هذا القرض بشكل شهري لبقية افراد المجموعة.

ثانياً: تجمعات الادخار الجماعي الإجبارية :

وهي التجمعات التي ينشأها المشرع بغرض حماية حقوق بعض الاشخاص نتيجة لعدم تمتعهم بالأهلية القانونية الكاملة التي تؤهلهم للتصرف بتلك الأموال وخشية من تجاوزات اقرب الناس إليهم على هذه الاموال والمثال الحي عليها الأموال التي يتم ايداعها لدى دائرة رعاية القاصرين ، فاذا ما توفي شخص معين وترك بعض الورثة القاصرين فان حصصهم يتم ايداعها لدى دائرة رعاية القاصرين ولا يتم تسليمها لهم الا عند بلوغهم سن الرشد([48])، ومن ثم فلا شخصية معنوية للتركة المودعة لدى هذه الدائرة وانما يبقى كل وارث مالكاً لحصته من التركة ولكنها توضع كوديعة لدى تلك الدائرة فالموضوع اقرب إلى عقد الوديعة القانوني.

ثالثاً: الجمعيات التعاونية :

وهي التجمعات التي تمنح الشخصية المعنوية المستقلة عن الاعضاء المكونين لها وبالتالي ثار الخلاف الفقهي حول ملكية اموال هذه التجمعات التعاونية بين من يعدها مملوكة على الشيوع بين اعضاء الجمعية ، وبين من يعتبرها مملوكة للجمعية باعتبارها الشخص المعنوي الذي يمثل الجمعية ، وبين من يعطي نظاماً خاصاً لهذه الملكية حسب النظام الاقتصادي الذي تعمل فيه من رأسمالي أو اشتراكي ويقرر على ضوء ذلك كون الجمعية في النهاية اما شخص من اشخاص القانون العام أو شخص من اشخاص القانون الخاص([49]).

ونرى بأن الأمر يعتمد على القانون الذي تخضع له هذه الجمعيات فهو من يحدد ملكيتها وهو من يحدد كونها شخصياً معنوياً عاماً ام خاصاً سواء كان ذلك تصريحاً ام تلميحاً.

فمثلاً لو اخذنا نظام الجمعيات السعودي رقم (م/14) الصادر بتاريخ 10/3/1429هــ  نجده يقرر اكتساب الجمعية للشخصية المعنوية بمجرد اتمام عمليتي التسجيل والإشهار في المادة الرابعة منه ، مما يدل على أن الملكية للجمعية وليس للأعضاء إلا أنه عاد واقر بقدرة العضو المنسحب على استرداد قيمة أسهمه في المادة الخامسة ، ومن ثم رجع ليقرر عدم جواز الحجز على أموال الجمعية إلا وفاء لديونها ، ومن هنا فيبدو جلياً أن الملكية للجمعية لجميع الاسهم ولكن ذلك لا يمنع العضو من الانسحاب ومن ثم الحصول على قيمة أسهمه ، وعلى الرغم مما يبدو عليه بأن الجمعية من الاشخاص المعنوية الخاصة الا ان المشرع السعودي اخضع الجمعية في المادة (36) لرقابة وزارة الشؤون الاجتماعية ويعود ذلك باعتقادنا لكثرة المنح والاعانات اتي تدفعها الدولة لهذه الجمعيات([50]).

اما قانون الجمعيات التعاونية الاماراتي رقم 13 لسنة 1976 فقد منحها أيضاً الشخصية المعنوية المستقلة عن الاعضاء([51])، واجاز للعضو الانسحاب بشروط معينة واسترداد قيمة اسهمه([52])، وبالتالي فملكية الأسهم تكون للجمعية مع جواز استرداد تلك الملكية من قبل العضو المنسحب ، فيما خلا القانون من أي نص يتعلق بالرقابة وكذلك أي نص يتعلق باعتبارها من اشخاص القانون العام ام الخاص ، ومن ثم فالراجح أنها من أشخاص القانون الخاص كونها في الأصل تعتمد التمويل الذاتي.

في حين ذهب قانون التعاونيات المغربي رقم 12/112 لسنة 2014 إلى منح التعاونية الشخصية المعنوية والاستقلال المالي عن الاعضاء المكونين لها ولكنه اجاز لكل عضو الانسحاب منها وفق شروط معينة([53])، وبهذا فالحكم فيه لا يختلف كثيراً عن القانونين الاماراتي والسعودي.

أما في العراق فقد توزعت أحكام الجمعيات التعاونية بين قانون التعاون وقانون الجمعيات الفلاحية التعاونية ، إذ اكد الأول على الشخصية المعنوية المستقلة للجمعية التعاونية (م9) واقر المسؤولية المحدودة للجمعية (م7/ ف2) وشدد على عدم جواز بيع السهم أو التصرف فيه الا للوفاء بديون الجمعية (م19/ ف1) وان التصفية لا يمكن ان تؤدي إلى حصول العضو على أكثر من القيمة الفعلية للسهم (م 25/ ف3) وان العمل التعاوني عمل طوعي لا يعتمد على دعم الدولة (م 34/ ف6) ، أما الثاني فقد اشار إلى الشخصية المعنوية للجمعية الفلاحية (م1) ومن هنا فان كل هذه الأحكام تدل على ان الملكية للجمعية وليس للأعضاء.

وفي اطار آخر اشار الأول إلى ان العمل التعاوني ليس جزءاً من القطاع العام مما يدل دلالة واضحة على ان الجمعية التعاونية هي شخص من اشخاص القانون الخاص ، رغم أنه أكد على اعتماد التنظيمات التعاونية الأسس والمعايير والاجراءات المعتمدة في منشآت القطاع الاشتراكي ( العام ) واخضع حسابات الجمعية لرقابة ديوان الرقابة المالية (م37) وان الجمعية تستطيع استيفاء ديونها وفقاً لقانون تحصيل الديون الحكومية (م38) وأن أموالها تعد اموالاً عامة لأغراض تطبيق القوانين العقابية فهذه الأحكام جميعاً لا تخل بصفة الشخص المعنوي الخاص التي لازمت الجمعية التعاونية فهي مجرد دعم وحماية ورعاية لهذه الجمعيات ومنحها بعض الامتيازات التي لا نظير لها في القطاع الخاص.

المبحث الثالث : التطبيقات التعاونية

لعل مهمة احصاء كافة التطبيقات التعاونية هي المهمة الاصعب من بين مهام البحث العلمي في التعاونيات وذلك للمرونة الكبيرة التي تتميز بها من بين تطبيقات الاقتصاد الاجتماعي التضامني ، ناهيك عن تعدد الموضوعات التي يمكن أن يتخذها التعاون وعلى جميع المستويات الاقتصادية الاجتماعية والمالية والبيئية والثقافية وغيرها، فكل فكرة يمكن ان تخطر على بال مجموعة من الاشخاص للتعاون في مجال معين حسب الحاجة إلى ذلك التعاون يمكن أن يفضي إلى تعاونية ، وهو ما يحدث في الجانب العملي حيث تعددت وتنامت وتطورت اشكال وصور التعاونيات في كل دولة من الدول وتختلف كذلك من دولة إلى أخرى وفي الدولة الواحدة من وقت لآخر ، ففي كل وقت تجد رواجاً لنوع وشكل معين من التعاونيات حسب حاجة المجتمع وجماعاته الصغيرة والكبيرة.

ولكن المتتبع للدراسات القانونية ذات الصلة بالتعاونيات وواقع هذه التعاونيات في مختلف الدول يؤشر نوعين من التطبيقات الرئيسية الاولى تتمثل بتجمعات الادخار الجماعي والثانية تتجسد في الجمعيات التعاونية ذات الاغراض المختلفة وتضاف إليها صور أو تطبيقات أخرى يمكن ان نطلق عليها بالتطبيقات غير المسماة على اعتبار أنه لا يمكن ادراجها ضمن صنف معين من الصنفين الرئيسين.

وعليه وجب تقسيم هذا المبحث على ثلاثة مطالب نخصص الأول لتجمعات الادخار الجماعي من اختيارية واجبارية والثاني للجمعيات التعاونية بكافة أنواعها والثالث والأخير للتعرف على التعاونيات الأخرى وكما يأتي:-

المطلب الأول : تجمعات الادخار الجماعي :

بالنظر للحاجة الماسة إلى المال لتمويل كافة انواع المشاريع الصغيرة والكبيرة ولأن المصارف تفرض شروطاً قاسية في منح القروض ليس أقلها شرط الفائدة الربوية المرتفعة في الغالب ، مما دفع الكثيرين من اصحاب تلك المشاريع الذين يجدون صعوبة في الحصول على تلك القروض المصرفية أو يعتبرونها مكلفة جداً أو غير ذات جدوى اقتصادية ، إلى التفكير في ايجاد بدائل عن القروض المصرفية فيكون لها ذلك عبر اللجوء إلى تعاونيات الادخار الاختياري، بل ان الدولة في بعض الاحيان تجد من المناسب أن يتم ادخار أموال بعض الأشخاص للمحافظة على حقوقهم من تجاوزات أقرب الناس إليهم.

وبهذا علينا تقسيم هذا المطلب على فرعين نخصص الأول للحديث عن تجمعات الادخار الجماعي الاختيارية والثاني للكلام عن تجمعات الادخار الجماعي الاجبارية وكما يأتي:-

الفرع الأول : تجمعات الادخار الجماعي الاختيارية :

يبدو لنا أن تجمعات الادخار الجماعي الاختيارية هي ابسط صور التعاونيات واكثرها عدداً في الوقت الحاضر ، فلا نجد دائرة من دوائر الدولة في العراق اليوم ولا شركة من شركات القطاع الخاص أو بالأحرى كل مجموعة من ذوي الدخول المحدودة الذين يحصلون على مرتب أو اجر شهري إلا وتجد بينهم أكثر من تجمع من تجمعات الادخار الجماعي التي يتم انشائها بشكل اختياري ، وقد شاركت شخصياً في العديد من التجمعات التي انشأت لهذا الغرض بين أساتذة وموظفي كلية الحقوق بجامعة تكريت ومن سكنة الحي السكني الجامعي الخاص بجامعة تكريت.

وتقوم فكرة هذه التجمعات ، كما اسلفنا عند الحديث عن الطبيعة القانونية للتعاونيات في المبحث السابق من هذه الدراسة ، على قيام كل عضو في التجمع بدفع مبلغ معين شهرياً في التجمع ويكون المبلغ متساوي من الجميع وتجري القرعة أو بالاتفاق على أن يعطى هذا المبلغ لاحد الاعضاء ويتكرر هذا الاجراء بشكل شهري إلى أن يتسلم كل عضو مبلغ الادخار ، فإذا افترضنا قيام التجمع من عشرة اشخاص يدفع كل منهم مبلغ مليون دينار فاذا بدأ التجمع في شهر كانون الثاني فحصلت القرعة والاتفاق على ان يحصل العضو (أ) على مبلغ الادخار في هذا الشهر والبالغ عشرة ملايين دينار ، ويتكرر الأمر في شهر شباط فيدفع مثلاً العضو (ب) على المبلغ وهكذا يستمر الأمر إلى أن يصل إلى شهر تشرين الأول حيث يحصل العضو الاخير وليكن (س) على آخر مبالغ التجمع وعندها إما ان يتوقف التجمع أو يتم تجديده بنفس المجموعة أو بإضافة أو استبدال بعض الاعضاء وبذات المبلغ أو بمبلغ أكثر أو أقل.

وبالنظر للطبيعة القرضية الرضائية لهذه التجمعات يطلق عليها لدينا في العراق بالـ (سلفة) للدلالة على كونها نوعاً من أنواع التسليف أو الاقراض أو الادخار ، وعلى الرغم من الأهمية التي يمكن ان تحتلها هذه التجمعات في جانب تنشيط الحركة الاقتصادية عبر استثمار مبالغ تلك السلف في تمويل بعض المشاريع الاقتصادية وخاصة الصغيرة منها مما ينعكس ايجابياً على زيادة مداخيل ابناء هذه الفئة من افراد المجتمع، بيد ان الواقع يؤكد استخدام مبالغ هذه التجمعات في الاتفاق على شراء السلع الاستهلاكية وذلك بسبب الميل الحدي العالي للاستهلاك لدى هذه الفئة من ابناء المجتمع ، ناهيك عن ضعف الوعي الاقتصادي لديها وعدم اعتمادها لدى الاجهزة الحكومية من وزارات تعليم وعمل وشؤون اجتماعية ومنظمات مجتمع مدني بل وحتى منظمات دولية متخصصة ، ونتمنى هنا ونحن في خضم أزمة مالية عالمية أن يسعى المجتمع الدولي والمجتمعات الوطنية بما فيها من منظمات دولية وهيئات حكومية ومنظمات مجتمع مدني إلى توعية المجتمع بأهمية وضرورة استغلال ، بل استثمار هذه الوسيلة البسيطة في تكوينها الكبيرة في نتائجها في انشاء مشاريع استثمارية وان كانت صغيرة فإنها ستحقق بمجموعها نتائج واعدة للاقتصاد.

وربما لا تكفي حملات التوعية تلك ، بل لابد من وضع نظام قانوني متكامل لهذا المصدر المهم من مصادر التمويل بحيث يتم ضمان حقوق الاعضاء ومنح بعض التسهيلات القانونية والادارية للمشاريع التي تقام بهذه الوسيلة من وسائل التمويل ، إذا ما علمنا الطرق البدائية التي تتم بها مثل هذه التجمعات والتي تعتمد على الثقة المتبادلة بين اعضاء التجمع ، فلا تسجيل رسمي لاتفاق الادخار ولا تخطيط له ولا فائدة حقيقية منها للاقتصاد ، خاصة وانها تتم بشكل عشوائي.

الفرع الثاني : تجمعات الادخار الجماعي الاجبارية :

هناك تطبيق لنوع مختلف من انواع تجمعات الادخار الجماعي ، يكون بشكل اجباري هو اقرب في وضعه القانوني إلى الوديعة منه إلى القرض بموجبه يتم ايداع المبالغ النقدية التي تؤول للقاصر سواء كان صغيراً لم يبلغ سن الرشد أو جنيناً  محجوراً عليه أو غائباً أو مفقوداً أو كل من تقرر عمله انه ناقص الاهلية أو فاقدها([54])، يتم إيداعها في حساب دائرة رعاية القاصرين التي انشائها المشرع العراقي للمحافظة على اموال القاصر من تصرفاته وتصرفات الوصي أو القيم ، فضلاً عن اشرافها على تصرفات الوصي أو القيم على الاموال العينية العائدة للقاصر سواء كانت منقولة أو عقارية فلا يحق له ان يقوم بأي تصرف عليها الا بعد أخذ موافقة دائرة رعاية القاصرين([55]).

والحقيقة وبعيداً عن الانتقادات الفقهية الموجهة لنظام دائرة القاصرين وقانونه في العراق والظروف والملابسات والاسباب التي دفعت إلى ايجاد مثل هذا النظام أو اصدار هذا القانون ، ورغم ان الاموال المودعة لدى دائرة رعاية القاصرين والتي تعاد عند بلوغ الصغير سن الرشد أو اكتمال اهلية القاصر فان الوصف الافضل لهذه الاموال انها وديعة اجبارية ، وبالتالي فان هذه الدائرة سيكون لديها الكثير من الأموال التي يكمن ان تستثمرها لتثمير هذه الأموال أولاً ثم لتمويل بعض المشاريع الاقتصادية بالشكل الذي يسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي في البلد ثانياً أو استخدامها كمصدر لتمويل انشاء صندوق ثروة سيادي ثالثاً.

المطلب الثاني : الجمعيات التعاونية :

ربما تشكل هذه الصورة التطبيق الأكثر شهرة من بين صور التعاونيات ، وربما تكون التطبيق الذي اهتمت التشريعات بتنظيمه وافردت له تشريعات متعددة ففي العراق مثلاً خصص لها المشرع قانون التعاون وقانون الجمعيات الفلاحية التعاونية ، فضلاً عن القوانين الأخرى فكان هناك الكثير من انواع الجمعيات منها ما ارتبط بالإنتاج فكانت جمعيات تعاونية انتاجية سواء تعلقت بالإنتاج الزراعي ومنها ما ارتبطت ببقية مجالات الانتاج الأخرى ، ومنها ما تعلق بالاستهلاك فكانت جمعيات استهلاكية ومنها ما اهتمت بتقديم الخدمات فكانت جمعيات خدمية يركز بعضها على الإسكان لتكون جمعيات إسكانية وبعضها يتعلق بإدارة المجمعات السكنية وغيرها كثير([56]).

وعلى الرغم من كثرة عدد الجمعيات التعاونية في أكثر الدول النامية ومنها العراق الا انها بدت في الآونة الاخيرة ليس لها وجود فعلي رغم وجودها على الجانب النظري وبشكل قوي حيث تشكل رقماً كبيراً عند حساب اعدادها ولكنها في الحقيقة لا تعمل ، اللهم الا النزر القليل منها ويعود السبب في هذه الفجوة بين الجانبين النظري والعملي إلى الفجوة بين القوانين المنظمة لها التي يعود احدثها إلى ما يتجاوز الــ (15) سنة ، ناهيك عن عدم مواكبتها للتطورات التي شهدتها الساحة العراقية بعد العام 2003 من تغيير للنظام السياسي والاقتصادي وما جره من انعكاسات على المجالات الأخرى من اجتماعية وبيئية وغيرها، فضلاً عن غياب الدعم المالي والاسناد الحكومي الذي كانت تتلقاه هذه الجمعيات والذي كان له دور كبير في بقاء تلك الجمعيات تعمل وكأنها هيئات عامة وليست تعاونية وذلك بسبب النهج الاشتراكي الذي كانت تسير عليها الدولة سابقاً ، ومع تغير النظام وتغير النهج نحو اقتصاد السوق الحر وتوقف الدعم الحكومي وانخفاض مستوى الرقابة من الاجهزة الرقابية نتيجة انتشار الفساد المالي والاداري مما يتطلب وقفه حقيقية من المشرع في البداية لتعديل التشريعات القائمة أو بالأحرى استبدالها بقوانين جديدة تأخذ بنظر الاعتبار كل ما ذكر أعلاه ، ناهيك عن تحرك المؤسسات الحكومية لإزالة كل اشكال التدخل الحكومي فيه وتوفير البيئة الحرة للعمل والتطور.

المطلب الثالث : التعاونيات الأخرى :

هناك الكثير من الصور الأخرى للتعاونيات والتي تثار الشكوك حول امكانية ادراجها تحت العنوانين السابقين للتعاونيات من تجمعات ادخار جماعي وجمعيات تعاونية ، ومنها ما يأتي:

أولاً: تجمعات توليد الطاقة الكهربائية وتشغيل مشاريع الماء :

تنتشر وبشكل واسع في العراق صور لبعض التجمعات التي تنظم عملية توليد الطاقة الكهربائية وتوزيعها على الأعضاء فيها وذلك نتيجة للحاجة الماسة إلى الطاقة الكهربائية في ظل انخفاض مستوى الخدمات التي توفرها الدولة في هذا المجال، وهو ما يوحي للوهلة الأولى بان هذه التجمعات هي عبارة عن جمعيات تعاونية خدمية باعتبارها تقدم الكهرباء لأعضائها أو جمعيات تعاونية إنتاجية كونها تنتج الكهرباء وتقوم بتوزيعها على الأعضاء وربما تبيع الفائض منها على الراغبين بالشراء.

واذا كنا نقر أنها من الناحية الموضوعية لا تختلف عن الجمعيات التعاونية في شيء إلا أنها من الناحية الشكلية لا يمكن ان توصف بأنها جمعيات ، فالجمعية تقوم على أساس تقديم طلب تأسيس ويتم الموافقة على تأسيسها ومنحها الشخصية المعنوية في الوقت الذي لا ينطبق ذلك على واقع هذه التجمعات التي تقوم بمجرد اتفاق أبناء حي أو قرية أو محلة معينة على جمع مبلغ من المال وشراء ماكنة توليد كهرباء وتعين مشغل لتلك الماكنة والانفاق على انتخاب هيئة مشرفة على ادارتها وبيع الفائض من خطوط الكهرباء لغير الاعضاء بقدر عدد ( الامبيرات ) التي يحصل عليها كل عضو وربما الاستفادة من الارباح التي يحققها بيع الخطوط الفائضة أو شراء ماكنة توليد احتياطية.

ويبدو لنا أن هكذا تجمعات نشطت بشكل واسع في العراق بعد العام 2003 لانخفاض مستوى الخدمات الحكومية وخاصة الأساسية منها ، إذ وجد المواطن نفسه امام خيارين اما اللجوء إلى القطاع الخاص وبالتالي تحمل اعباء كبيرة بدفع مبالغ طائلة أو الانحياز إلى فكرة التعاون فكان أن دفع بفطرة التعاون وانخفاض التكاليف وتشجيع منظمات المجتمع المدني ودعم وتشجيع قوات الاحتلال الامريكي التي ارادت ترسيخ ثقافة الاستغناء عن خدمات الدولة فشجعت أي سبيل من سبل التوجه نحو اقتصاد السوق الحر فوجدت ضالتها في فكرة التعاون تلك.

وبهذا نشأت الكثير من التجمعات الخاصة بإنشاء مشاريع الماء والكهرباء بل وحتى اقامة البنايات المدرسية بشكل تعاوني ، والتعاون في ادامة تلك المشروعات أو ترميمها والنهوض بواقعها ، فلا زلت اذكر في أولى سنوات الاحتلال الامريكي للعراق وقبل ان تنشط المقاومة كيف  جاء احد المترجمين بمجموعة من قوات الاحتلال والتقت بوجهاء القرية وسألتهم ان كان لديهم أي مشاكل جماعية فطُرحت مشكلة مشروع الماء وتلف ماكنة السحب الضخمة ، فقامت قوات الاحتلال بتزويد القرية بمضخة الماء على ان يقوم ابناء القرية بالتعاون في تكاليف ربطها والانفاق عليها وادامتها ، وشكلت لهذا الغرض لجنة تتولى ادارة الاموال التي يتم جمعها وانفاقها على ذلك المشروع ، ولا زال المشروع يدار بهذه الطريقة حتى اليوم مع بقاء المشروع رسمياً تابعاً لإدارة واشراف مديرية ماء صلاح الدين ويتولى تشغيله موظف حكومي معين لهذا الغرض.

ثانياً: تعاونيات الحوانيت المدرسية :

 تقوم فكرة تعاونيات الحوانيت المدرسية على أساس قيام من يرغب من التلاميذ والمعلمين بالمساهمة بتكوين رأسمال الحانوت المدرسي وتقوم ادارة المدرسة بالأشراف على الحانوت من خلال شراء الحلويات والقرطاسية وبيعها للتلاميذ سواء المساهمين في الحانوت أو غيرهم وهكذا حتى انتهاء العام الدراسي حيث يتم تصفية الحانوت وتوزع الارباح والخسائر على المساهمين كل بنسبة مساهمته فيه.

ونرى بان هذا التطبيق فيه تشجيع وحث وتوعية للطلبة على تبني الافكار التعاونية بطريقة عملية تحاكي العقلية التي يمر بها الطفل وتبتعد عن الاسلوب النظري في التوعية والتثقيف والذي لا يتناسب لوحده ربما مع اعمار هذه الفئة من ابناء المجتمع ، إذ ان التطبيق العملي سيرسخ هذه الفكرة فالتعلم في الصغر كالنقش على الحجر كما يقال.

ومع الفوائد الكثيرة التي توفرها هذه الحوانيت الا ان الاهتمام بها ضعف في عموم المدارس ورياض الاطفال في العراق بسبب انخفاض الوعي التعاوني لدى المعلمين انفسهم وادارات المدارس مما يتطلب وقفة جادة في هذا الخصوص من وزارة التربية والايعاز إلى مديرياتها في المحافظات كافة بضرورة تطبيق هذه التعاونيات وتوعية التلاميذ بأهميتها واعتبارها اساساً لأفكار تعاونية أكبر في المستقبل لتسهم في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والابتعاد عن اسلوب تأجير مكان الحانوت ، إلى مستثمر خارجي يمكن ان يستغل التلاميذ ويبيع عليهم الحلويات بأسعار عالية مقارنة بالأسعار السائدة في السوق لا لشيء إلا للحصول على المزيد من الارباح وهو ما يعزز البغض للرأسمالية ويكرس الفوارق الطبقية والحقد المجتمعي.

والاكثر من ذلك فإنه يمكن اعمام هذه التجربة على المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتشمل الكافتريات المقامة في الكليات والمعاهد والتي عادة ما تكون اكبر في مساحتها واعلى من حيث رأسمالها واكثر ربحاً مما سيغري الطلبة بالإسهام فيها ويحاكى ربما العقلية التجارية لدى الكثير منهم خاصة وانهم على ابواب دخول سوق العمل والبحث عن فرصة عمل ربما لا تتوفر لدى القطاع العام ، فتواجهه مشكلة تمويل مشروعه الخاص فيلجأ إلى التعاون مع بعض زملاء الدراسة لإنشاء مشروع تعاوني يولد ربما بسيطاً فيكبر ويتطور فيدري عليهم المزيد من الارباح محاكياً تجربة الامس القريب التي اشترك فيها في الحانوت المدرسي ومن ثم الحانوت الجامعي.

ولا شك ان مثل هذا الاقتراح قد لا يلاقي قبولاً من المسؤولين عن الشؤون المالية من الوزارة سيما وانه سيؤدي إلى حرمان الوزارة من ايرادات ايجار تلك الكافتريات ولكن مثل هذا الرفض يهتم بالجوانب السطحية للموضوع ويهمل لب المسألة، فاذا ما علمنا انخفاض ايرادات هذه الايجارات بحيث لا تتناسب مطلقاً مع الفائدة التي ستجنيها الدولة والمجتمع بأسره من ترسيخ فكرة التعاون بين ابنائه ، فاذا ما اغفلنا هذه الفكرة فان الكثير من خريجي الكليات سيبقون يحاولون الحصول على فرصة عمل في القطاع العام ولن يفكروا بالبحث عن مشروع تعاوني مع بعضهم البعض وبالتالي سيبقون عاطلين عن العمل فتزيد نسب البطالة ، مما يدفع الدولة إلى ادراج هؤلاء ضمن الفئات العاطلة عن العمل وبالتالي التسجيل ضمن برنامج شبكة الحماية الاجتماعية لتقوم الدولة بالإنفاق عليهم على شكل دفعات اعانات اجتماعية للعاطلين عن العمل وهو ما يكلف الدولة مبالغ طائلة اكبر بكثير مما يمكن ان تحصل عليه من ايرادات ناتجة عن ايجار الحوانيت والكافتيريات وغيرها.

رابعاً: المزارع الفلاحية التعاونية الجماعية :

وهي من التطبيقات التاريخية التي كانت موجودة في العراق ، إذ نص على انشاء هذا النوع من التعاونيات قانون الاصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 النافذ لتضم المشاركين بعملهم أو بعملهم ووسائل انتاجهم في اقتصاد المزرعة التعاونية الجماعية على أساس الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والعمل الجماعي وتنظيم جهودهم ومصالحهم المشتركة وتوزيع الدخل بينهم وفقاً للمبادئ والأساليب التعاونية والاشتراكية([57]).

ومن هنا فان المشرع جعل من هذه المزارع التعاونية نوعاً من انواع التعاونيات والخاصة بالأراضي التي تم توزيعها على الفلاحين وفقاً لذلك القانون والاراضي التي تم تخصيصها لهذا الغرض من قبل الدولة وغيرها من الارضي المؤجرة للفلاحين وبالتالي فان ملكية الاراضي في الاصل تعود للدولة ، وقد اجاز المشرع للفلاح المنظم إلى المزرعة التعاونية ان ينسحب منها وان يسترد قطعة الارض المخصصة له أو التي يستأجرها([58]).

وبالرغم من النتائج الطيبة التي حققتها هذه المزارع في بداية أنشائها إلا أن ما نص عليه المشرع في عجز الفقرة (ب) من المادة (38) من القانون من ضرورة اتباع المبادئ والاساليب الاشتراكية في تنظيم الجهود وتوزيع الدخول بين الاعضاء افراغ لهذه المزارع من محتواها وجعلها اقرب إلى القطاع العام منها إلى القطاع التعاوني ، فباتت بعدة مدة وجيزة من انشائها حبراً على ورق وكاد أن ينفرط عقدها لولا السيطرة الحزبية على مفاصلها مما ابقاها عبارة عن هياكل جوفاء لا روح فيها ، وما ان تغير النظام في عام 2003 حتى استرد كل عضو من اعضاء هذه المزارع قطعة الارض التي يستأجرها واعاد التعاقد عليها مع دوائر الزراعة في المنطقة التي يقطنها وبدأ بزراعتها بشكل منفرد، على الرغم من بقاء النصوص القانونية التي تنشأ هذه المزارع نافذة حتى الآن.

ونرى بان المشرع مدعو عاجلاً غير اجل إلى الغاء النصوص المنظمة لهذا النوع من التعاونيات وخاصة ما تعلق منها بالأسلوب الاشتراكي حيث لا تتناسب هذه التفاصيل مع الظروف والمستجدات والواقع الاقتصادي العراقي مما يتطلب نصوص جديدة تتناغم مع الأوضاع الحالية والتوجه الجديد في البلد.

خامساً: التعاونيات في العالم الافتراضي :

بعد ان انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي وكونت عوالم افتراضية اكثر اتساعاً وشمولاً من العالم الواقعي الذي كان يعيشه الانسان ، سهل ذلك الكثير من سبل التواصل وقرب البعيد وسهل الصعب وتجاوز الحدود ورفع القيود وهو ما انعكس ايجابياً على القطاع التعاوني بشكل عام فمنح التعاونيات الموجودة في العالم الواقعي فرصة التواصل والتعاون مع نظرياتها على مستوى الوطن والعالم بأسره وكذلك مع المنظمات الدولية ذات الاهتمام بالقطاع التعاوني بشكل عام أو بالقطاع التعاوني في بلد ما.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه إلى اقامة مجموعات في العالم الافتراضي تتعاون في مجالات متعددة منها ما هو متخصص ومنها ما هو عام ومنها ما هو مغلق ومنها ما هو مفتوح ، يطلق على تلك المجموعات بالكَروبات يتعاون اعضائها في مجال أو مجالات محددة من خلال تبادل الافكار والمعلومات وحتى البيانات والرسومات والصور التي يكون للكثير منها جانب مادي وان كانت غير محسوسة في الاصل ، فقد يتم مشاركة كتاب أو براءة اختراع أو أي نتاج علمي آخر أو أنتاج فني أو ادبي وغيره ضمن مجموعة محددة دون ان يسمح بمشاركته خارج المجموعة من خلال مشاركته بطريقة محمية تمنع حفظه ومشاركته مرة أخرى وهو ما يجعلها اليوم فرصة للتعاون الاسهل والاسرع والاكثر عدالة وربما الأكثر انتشاراً وسعة من ذلك الذي يحدث في العالم الواقعي ، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد قمنا بإنشاء كَروب على برنامج التلكًرام لفقه القانون المالي ضم مجموعة كبيرة من اساتذة القانون المالي في العراق نتبادل فيه الافكار والمعلومات والكتب والابحاث الخاصة بالقانون المالي ونناقش فيه العديد من الموضوعات ذات الصلة ، بالشكل الذي يسهم في رفع مستوى نظريات الفقه المالي واللحاق بالركب المتسارع لبقية اقرانه من الفقه القانوني العام منه والخاص.

كما ان طلبة الدكتوراه مثلاً بالتأكيد لديهم مجموعة على احد برامج التواصل الاجتماعي يتعاونون فيها على تلبية متطلبات دراسة الدكتوراه في القانون العام ، من خلال تبادل التبليغات وكشاكيل المحاضرات والمصادر العلمية وربما حتى التخفيف من وطأة الارهاق العلمي من خلال تبادل بعض النكات والمزح لتلطيف الأجواء العلمية وترطيبها ، ومن ثم العودة إلى التحذير من صعوبة بعض الموضوعات والاساتذة واخذ الحيطة والحذر عبر الدراسة بشكل مستفيض والتهيئة للامتحان بكل وسائل العلم والمعرفة.

ويكاد لا يخلو جوال أي واحد منا اليوم من الاشتراك في ما لا يقل عن عشرة مجموعات أو كَروبات على برامج مختلفة للتواصل الاجتماعي يتعلق بعضها بالجانب الاجتماعي والآخر بالجانب الوظيفي والثالث بالجانب الاكاديمي وربما رابع يتعلق بالجانب السياسي وخامس للأمور العشائرية وسادس للشؤون الأسرية وهكذا.

وللأسف فان الكثير من الدول وان كانت دول متقدمة في الشأن الالكتروني ولها باع طويل وتاريخ عريق في هذا الشأن ، فإنها لم تنظم مثل هذه التعاونيات عبر وضع القواعد القانونية المنظمة لها رغم أنها غزت العالم واصبحت تشمل البشرية جمعاء ، فهذه التعاونيات ربما كانت اوضح من مثيلاتها من التطبيقات الأخرى للاقتصاد الاجتماعي التضامني ، فقد يحدث التأمين التكافلي في العالم الافتراضي عندما يتم استخدام المشاركة أو التعليقات أو حتى الاعجاب لحماية صفحة أو موقع معين على أحد وسائل التواصل الاجتماعي ، وكذا الحال مع المسؤولية المجتمعية وربما حتى الوقف الالكتروني ، ولكنها تكون اظهر واوضح واعمق في مجال التعاونيات.

الخاتمة

وفي ختام دراستنا لا بد من تسطير اهم الاستنتاجات والتوصيات وذلك في نقطتين ، وكما يأتي:ـ

أولاً : الاستنتاجات :

       يمكن القول بأن ابرز استنتاجات هذه الدراسة هي :ـ

  1. أن الاشكال الفطرية للتعاون بأبسط صوره وجدت في العصور القديمة في بلاد الرافدين وبلاد النيل وبلاد السند ، أما في العصور الوسطى وخاصة في الغرب فقد استخدم الاقطاعيون الارقاء في التعاون بينهم في مواجهة المخاطر التي يتعرضون إليها ، وفي الشرق ونتيجة لظهور الاسلام فقد تطور التعاون بعد ان وجد له أساساً شرعياً راسخاً في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، في حين تم تطوير صور التعاون التقليدية في العصر الحديث لتكون في شكل واطار جديد لا يمثل استمراراً للإشكال القديمة ، بل في صورة منظمة ومؤطرة بشكل دقيق.
  2. لم تظهر التعاونيات في شكلها الحديث في العراق الا بعد انتهاء الثلث الأول من القرن العشرين وبالتحديد في سنة 1937 حيث تم تأسيس أول جمعية تعاونية عراقية.
  3. ظل القطاع التعاوني بعد تغير النظام السياسي في العام 2003 محكوماً بنفس القوانين التي كانت سائدة قبل سقوط النظام ، رغم التغير الذي اصاب الواقع الاقتصادي العراقي والفلسفة التي يؤمن بها القابضين على السلطة من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق الحر.
  4. تحاول التعاونيات في كل من النظامين الرأسمالي والاشتراكي استثمار الحرية التي يوفرها الأول ، والمصلحة العامة التي يهدف إليها الثاني للنمو والتطور والازدهار في ظل حرب ضروس تخوضها ضد كبريات الاحتكارات والشركات متعددة الجنسيات في الأول ومعركة صعبة مع الحزب المسيطر على السلطة في الثاني لتكون اعمالها امام مد وجزر وحسب قدرتها على المقاومة والمطاولة.
  5. هناك العديد من النصوص القانونية التي تشكل اساساً قانونياً سليماً لنشأة التعاونيات وتطورها غير أن التشريعات التي تحكم التعاونيات في العراق تعد تشريعات قديمة احدثها صدر قبل خمسة عشر عاماً ولم يتم تحديثها على الرغم من التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بالبلاد وخاصة ما تعلق منها بالتوجه نحو اعتماد اقتصاد السوق ، ناهيك عن تبعثر وتعدد القوانين التي تحكمها.
  6. التعاونيات هي تجمع مجموعة من الاشخاص للقيام بنشاط من انشطة الاقتصاد الاجتماعي التضامني لتلبية احتياجاتهم المشتركة وفقاً لمبادئ التعاون العالمية.
  7. هناك ثلاثة عناصر التعاونيات هي ممارسة نشاط من أنشطة الاقتصاد الاجتماعي التضامني ، وانها تتكون من مجموعة من الاشخاص الطبيعية أو المعنوية أو كلاهما ، وان هدفها هو تلبية الاحتياجات المشتركة للأعضاء ، وانها تعتمد مبادئ التعاون العالمية التي اقرها الحلف التعاوني الدولي.
  8. تتميز التعاونيات بانها الاقدم تاريخياَ ضمن تطبيقات الاقتصاد الاجتماعي التضامني ، فضلاً عن البساطة في العمل والسهولة في التكوين وكثرة العدد وخدمة الاعضاء وتعدد الاهداف واختلاف الاحجام.
  9. هناك مجموعة من المعوقات التي تواجه التعاونيات منها ما يتعلق بالجانب القانوني ومنها ما يرتبط بالشأن الاقتصادي أو حتى الجانب الاجتماعي.
  10. تختلف الطبيعة القانونية للتعاونيات حسب نوع التطبيق التعاوني فتجمعات الادخار الجماعي الاختيارية هي قروض جماعية وتجمعات الادخار الجماعي الاجبارية هي اقرب الى عقد الوديعة اما الجمعيات التعاونية فهي جمعيات بكل معنى الكلمة.
  11. إلى جانب الصور التقليدية للتعاونيات هناك اشكال اخرى للتعاون كتعاونيات توليد الطاقة الكهربائية وتشغيل مشاريع الماء ، وكذلك تعاونيات الحوانيت المدرسية ، والتعاونيات في العالم الافتراضي.

ثانياً : التوصيات :

         بناء على ما جاء أعلاه نوصي بما يأتي :ـ

  1. ايلاء المشرع الدستوري العراقي اهتماماً خاصاً بالتعاونيات بشكل عام والجمعيات التعاونية بشكل خاص وان يشدد على بعض أهم مبادئها في نصوصه وقواعده السامية ، ولا يكتفي بالنصوص التي لا تفي بالغرض والواردة ضمن الحقوق والحريات العامة في الباب الثاني من الدستور ومنها الحق في الحرية الوارد في المادة (15) والحريات الواردة في المادتين (37) و (40).
  2. تحديث القوانين التعاونية وجمعها في قانون واحد يواكب كل هذه التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وحبذا لو تضمن هذا القانون تنظيماً لأشكال أخرى من التعاونيات وان لا يقف عند الجمعيات التعاونية كشكل وحيد للتعاون في العراق ، ويفضل لو كان هذا القانون المنشود يقع ضمن اطار قانون اشمل واعم هو قانون للاقتصاد الاجتماعي التضامني.
  3. وضع نظام قانوني متكامل لتجمعات الادخار الجماعي الاختيارية كونها تشكل مصدراً مهماً من مصادر تمويل المشروعات بحيث يتم ضمان حقوق الاعضاء ومنح بعض التسهيلات القانونية والادارية للمشاريع التي تقام بهذه الوسيلة من وسائل التمويل ، إذا ما علمنا الطرق البدائية التي تتم بها مثل هذه التجمعات والتي تعتمد على الثقة المتبادلة بين اعضاء التجمع.
  4. قيام فقهاء الشريعة الاسلامية بالالتفات إلى التطبيقات التعاونية ووضع المعايير الشرعية ضمن معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الاسلامية وتسليط الضوء على هذا القطاع المهم في الدول الإسلامية التي ركزت تشريعاتها على تنظيم التعاونيات ولكن تنظيمها كان بطعم الانظمة الوضعية.
  5. الغاء المادة الاولى من قانون التعاون رقم 15 لسنة 1992 المعدل بما تتضمنه من تعريف أو على الاقل تعديل التعريف الذي تحتويه بما يتناسب والاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد اليوم وبما يجعله يعبر تعبيراً صادقاً عن مضمون التعاونيات.
  6. قيام التعاونيات ذاتها وهيئات الدولة ذات الصلة بحركة دؤوبة للتنسيق فيما بينها لتقوم الأخيرة بمنح الامتيازات للقطاع الخاص الذي يقوم بتمويل بعض الانشطة التعاونية دون ان يكون لهذا التمويل أي أثر في الاستقلالية التي ينبغي ان تتمتع بها بعيداً عن التمويل الحكومي المباشر الذي يسبب مشاكل كبيرة.
  7. تفعيل الرقابة الحقيقية للهيئات التعاونية وخاصة الهيئة العامة وترك ثقافة الابتعاد عن الواجهة في التصدي للفاسدين ، في ظل انتشار مافيات الفساد وقوتها وهيمنتها على المشهد في مستوياته كافة السياسية والاقتصادية والمالية وحتى الاجتماعية.
  8. استثمار الاموال المودعة لدى دائرة رعاية القاصرين كمدخرات اجبارية لتثميرها أولاً ثم لتمويل بعض المشاريع الاقتصادية بالشكل الذي يسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي في البلد ثانياً أو استخدامها كمصدر لتمويل انشاء صندوق ثروة سيادي ثالثاً.
  9. قيام وزارة التربية بالايعاز إلى مديرياتها في المحافظات كافة بضرورة تطبيق تعاونيات الحوانيت المدرسية وتوعية التلاميذ بأهميتها واعتبارها اساساً لأفكار تعاونية أكبر في المستقبل لتسهم في حل المشاكل الاقتصادية الاجتماعية والابتعاد عن اسلوب تأجير مكان الحانوت ، إلى مستثمر خارجي يمكن ان يستغل التلاميذ ويبيع عليهم الحلويات بأسعار عالية مقارنة بالأسعار السائدة في السوق لا لشيء إلا للحصول على المزيد من الارباح وهو ما يعزز البغض للرأسمالية ويكرس الفوارق الطبقية والحقد المجتمعي.
  10. اعمام تجربة تعاونيات الحوانيت المدرسية إلى المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتشمل الكافتريات المقامة في الكليات والمعاهد والتي عادة ما تكون اكبر في مساحتها واعلى من حيث رأسمالها واكثر ربحاً مما سيغري الطلبة بالإسهام فيها ويحاكى ربما العقلية التجارية لدى الكثير منهم خاصة وانهم على ابواب دخول سوق العمل والبحث عن فرصة عمل ربما لا تتوفر لدى القطاع العام ، فتواجهه مشكلة تمويل مشروعه الخاص فيلجأ إلى التعاون مع بعض زملاء الدراسة لإنشاء مشروع تعاوني يولد ربما بسيطاً فيكبر ويتطور فيدري عليهم المزيد من الارباح محاكياً تجربة الامس القريب التي اشترك فيها في الحانوت المدرسي ومن ثم الحانوت الجامعي.
  11. الغاء النصوص المنظمة للمزارع الفلاحية التعاونية الجماعية وخاصة ما تعلق منها بالأسلوب الاشتراكي حيث لا تتناسب هذه التفاصيل مع الظروف والمستجدات والواقع الاقتصادي العراقي مما يتطلب نصوص جديدة تتناغم مع الأوضاع الحالية والتوجه الجديد في البلد.

المصادر

أ. الكتب :

  1. جلال زكي : التعاون من اجل القضاء على مشاكلنا الاجتماعية، الدار القومية للطباعة والنشر ، بلا مكان ولا سنة نشر.
  2. جورج لاسير : التعاون ترجمة عبد الرحمن شبل حسين ووفيق عبد العزيز فهمي ، الدار القومية للطباعة والنشر ، بلا مكان ولا سنة نشر.
  3. خالد لفتة شاكر: النظام القانوني للتعاونيات ، دار الرشيد للنشر، بغداد ، 1980.
  4. فتحي السروجي : اصلاح وتطور القطاع التعاوني الفلسطيني ، منشورات معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني ( ماس) بلا مكان نشر ، 2015.
  5. د. مجيد مسعود : التعاونيات لنظام حماية صغار المنتجين والمستهلكين في اقتصاد السوق ، دار الرواد المزدهرة ، بلا مكان ولا سنة نشر.
  6. مهند حامد : سياسات لتفعيل الحركة التعاونية الفلسطينية ، منشورات معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية ( ماس ) بلا مكان نشر ، 2010.

ب . الرسائل والاطاريح العلمية :

  1. ايناس احمد محمد الحسين : أثر الجمعيات التعاونية الزراعية على التنمية الريفية ، حالة جمعية حلة كوكو التعاونية الزراعية ولاية الخرطوم ـ السودان ، بحث ماجستير مقدم إلى كلية الزراعة ، جامعة الخرطوم ، 2007.

جـ .  البحوث والدراسات والمقالات والتقارير :

  1. د. احمد خلف حسين الدخيل : الاقتصاد الاجتماعي التضامني وتطبيقاته في القانون العراقي ، محاضرات غير منشورة القيت على طلبة الدكتوراه قانون عام ، كلية الحقوق ، جامعة تكريت ، الفصل الأول 2017/2018.
  2. الاسكوا : الاقتصاد الاجتماعي التضامني اداة لتحقيق العدالة الاجتماعية ، سلسلة السياسات العامة ، اوراق موجزة , بيروت ، ع 4 , اكتوبر 2014.
  3. الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ، تقرير منشور على شبكة الانترنت ، متاح على الرابط الآتي :

http://www.ces.ma/ar/Pages/Auto-saisines/AS-19-2015-economie-sociale-et-solidaire.aspx

  1. تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي, احالة ذاتية رقم 19 لسنة 2015.
  2. الجمعيات التعاونية وأسس قيام المشروع التعاوني نشأت وتطور الحركة التعاونية ، تقرير منشور على شبكة الانترنت على الرابط التالي :

https://www.microfinancegateway.org/sites/default/files/mfg-ar-cooperative-societies-and-the-basis-for-establishing-a-cooperative-project-153278_0.pdf

  1. جواد كاظم شحاثة : دور المعلومات في فاعلية تقويم اداء المنظمات التعاونية في العراق ، بحث منشور في مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية ، بلا مكان ولا سنة نشر.
  2. دليل 2013 الصادر عن اكاديمية الاقتصاد الاجتماعي والتكافلي، اغادير المغرب ، بعنوان الاقتصاد الاجتماعي والتضامني فرص عمل اكثر من اجل الشباب ، منشورات الحركة الدولية للتدريب ، منظمة العمل الدولية.
  3. دور التعاونيات والجمعيات التعاونية والمنظمات في اسواق التأمين الشاملة ، صادرة عن المنتدى الاستشاري السابع في كولومبيا ، سريلانكا ، نوفمبر 2016.
  4. محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي : دور التعاونيات النسوية في التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال الاستخدام الامثل للتمويل الأصغر ، بحث مقدم إلى المؤتمر الاقتصادي بجامعة الاحفاد للفترة من 2-3 اكتوبر 2011، متاح على شبكة الانترنت على الرابط الآتي :

https://www.microfinancegateway.org/sites/default/files/mfg-ar-the-role-of-women-cooperatives-in-the-economic-empowerment-of-women-through-the-optimal-use-of-microfinance-94356_0.pdf

  1. المعاني لكل رسم معنى ، منشور على شبكة الانترنيت ، متاح على الرابط الآتي :

https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9/

  1. مقال منشور على شبكة الانترنيت ، متاح على الرابط الآتي :

 http//www.icq.coop/coop/principles;htnel

  1. موقع الحلف التعاوني الدولي ( Ica ) على شبكة الانترنت.

د .القوانين والأنظمة والتعليمات والمصادر الرسمية الأخرى :

  1. قانون الإصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 النافذ.
  2. قانون التعاون السوداني لسنة 1999 النافذ.
  3. قانون التعاون العراقي رقم 15 لسنة 1992 المعدل.
  4. قانون الجمعيات الاماراتي رقم 13 لسنة 1976 النافذ.
  5. قانون التعاونيات المغربي رقم 12/112 لسنة 2014 النافذ.
  6. قانون رقم 12 / 112 المتعلق بالتعاونيات السعودي لسنة 2014.
  7. نظام الجمعيات التعاونية السعودي رقم 14 لسنة 1429 هــ النافذ.
  8. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2172 في 13/3/1944.
  9. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 164 في 4/5/1959.
  10. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 257 في 10/10/1959.
  11. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 1884 في 30/5/1970.
  12. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 1935 في 10/10/1970.
  13. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2391 في 25/8/1974.
  14. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2579 في 28/3/1977.
  15. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2588 في 23/5/1977.
  16. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2627 في 26/12/1977.
  17. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2772 في 5/5/1980.
  18. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 3412 في 29/6/1992.
  19. جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 3958 في 25/11/2002.

 

 

([1]) خالد لفتة شاكر: النظام القانوني للتعاونيات ، دار الرشيد للنشر، بغداد ، 1980، ص14.

 

 

([2]) المائدة /2 .

 

 

([3]) جلال زكي : التعاون من اجل القضاء على مشاكلنا الاجتماعية، الدار القومية للطباعة والنشر ، بلا مكان ولا سنة نشر، ص14.

 

 

([4]) جورج لاسير : التعاون ، ترجمة عبد الرحمن شبل حسين ووفيق عبد العزيز فهمي ، الدار القومية للطباعة والنشر ، بلا مكان ولا سنة نشر ، ص13.

 

 

([5]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2172 في 13/3/1944.

 

 

([6]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 257 في 10/10/1959.

 

 

([7]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 164 في 4/5/1959.

 

 

([8]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 1935 في 10/10/1970.

 

 

([9]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 1884 في 30/5/1970.

 

 

([10]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2391 في 25/8/1974.

 

 

([11]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2579 في 28/3/1977.

 

 

([12]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2588 في 23/5/1977.

 

 

([13]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2627 في 26/12/1977.

 

 

([14]) للمزيد من التفاصيل حول التعاونيات في العراق ينظر خالد لفتة شاكر، مصدر سابق ، ص25-35.

 

 

([15]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 3412 في 29/6/1992.

 

 

([16]) نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 3958 في 25/11/2002.

 

 

([17]) محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي : دور التعاونيات النسوية في التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال الاستخدام الامثل للتمويل الأصغر ، بحث مقدم إلى المؤتمر الاقتصادي بجامعة الاحفاد للفترة من 2-3 اكتوبر 2011، ص7، متاح على شبكة الانترنت على الرابط الآتي :

https://www.microfinancegateway.org/sites/default/files/mfg-ar-the-role-of-women-cooperatives-in-the-economic-empowerment-of-women-through-the-optimal-use-of-microfinance-94356_0.pdf

- جلال زكي ، مصدر سابق ، ص14.

- جورج لاسير ، مصدر سابق ، ص90.

- د. مجيد مسعود : التعاونيات لنظام حماية صغار المنتجين والمستهلكين في اقتصاد السوق ، دار الرواد المزدهرة ، بلا مكان ولا سنة نشر ، ص22.

- جواد كاظم شحاثة : دور المعلومات في فاعلية تقويم اداء المنظمات التعاونية في العراق ، بحث منشور في مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية ، بلا مكان ولا سنة نشر ، ص109.

 

 

 ([18]) ينظر في تفصيل ذلك مهند حامد : سياسات لتفعيل الحركة التعاونية الفلسطينية ، منشورات معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية ( ماس ) بلا مكان نشر  ، 2010 ، ص10.

 

 

  ([19]) مهند حامد، مصدر سابق ، ص9.

 

 

  ([20]) فتحي السروجي : اصلاح وتطور القطاع التعاوني الفلسطيني ، منشورات معهد ابحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) بلا مكان نشر ، 2015 ، ص5.

- العتيبي ، مصدر سابق ، ص1.

- الجمعيات التعاونية وأسس قيام المشروع التعاوني نشأت وتطور الحركة التعاونية، تقرير منشور على شبكة الانترنت على الرابط التالي :

https://www.microfinancegateway.org/sites/default/files/mfg-ar-cooperative-societies-and-the-basis-for-establishing-a-cooperative-project-153278_0.pdf

- ايناس احمد محمد الحسين : أثر الجمعيات التعاونية الزراعية على التنمية الريفية ، حالة جمعية حلة كوكو التعاونية الزراعية ولاية الخرطوم ـ السودان ، بحث ماجستير مقدم إلى كلية الزراعة ، جامعة الخرطوم ، 2007 ، ص24-25.

 

 

([21]) ينظر في تفصيل ذلك ، جلال زكي ، مصدر سابق ، ص40.

 

 

([22]) جورج لاسير ، مصدر سابق ، ص94 وما بعدها.

 

 

([23]) ايناس الحسين ، مصدر سابق ، ص26.

 

 

([24]) المائدة : 2.

 

 

([25]) البقرة : 275.

 

 

([26]) آل عمران: 103.

 

 

([27]) البقرة :177.

 

 

([28]) ينظر في تفصيل ذلك خالد لفتة شاكر ، مصدر سابق ، ص19-21.

 

 

  ([29]) نظام الجمعيات التعاونية السعودي رقم 14 لسنة 1429 هــ النافذ.- قانون التعاون السوداني لسنة 1999 النافذ.

 

 

  ([30]) ينظر في تفصيل هذه ايناس الحسين ، مصدر سابق ، ص27.

 

 

([31]) سورة المائدة : 2.

 

 

([32]) المعاني لكل رسم معنى ، منشور على شبكة الانترنيت ، متاح على الرابط الآتي :https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9/

 

 

([33]) الاسكوا : الاقتصاد الاجتماعي التضامني اداة لتحقيق العدالة الاجتماعية ، سلسلة السياسات العامة ، اوراق موجزة , بيروت ، ع 4 , اكتوبر 2014 ، ص1.

 

 

([34]) الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ، تقرير منشور على شبكة الانترنت ، متاح على الرابط الآتي :

http://www.ces.ma/ar/Pages/Auto-saisines/AS-19-2015-economie-sociale-et-solidaire.aspx.

 

 

([35]) تعريف الامم المتحدة لسنة 2009 ، مذكور لدى مهند حامد ، مصدر سابق ، ص7.

 

 

([36]) مقال منشور على شبكة الانترنيت ، متاح على الرابط الآتي : http//www.icq.coop/coop/principles;htnel

 

 

([37]) ينسب هذا التعريف لايمينيالوف ، مذكور لدى مهند حامد ، مصدر سابق، ص75.

 

 

([38]) محمد العتيبي ، مصدر سابق ، ص3.

 

 

([39]) المادة (1) من قانون رقم 12 / 112 المتعلق بالتعاونيات السعودي لسنة 2014.

 

 

([40]) تنظر المادة (1) من قانون التعاون العراقي رقم 15 لسنة 1992 المعدل.

 

 

([41]) ينظر في تفصيل الاقتصاد الاجتماعي التضامني والتأمين التعاوني والمسؤولية المجتمعية د. احمد خلف حسين الدخيل : الاقتصاد الاجتماعي التضامني وتطبيقاته في القانون العراقي ، محاضرات غير منشورة القيت على طلبة الدكتوراه قانون عام ، كلية الحقوق ، جامعة تكريت ، الفصل الأول 2017/2018، ص25 وما بعدها.

 

 

([42]) ينظر في تفصيل هذه المبادئ - موقع الحلف التعاوني الدولي ( Ica ) على شبكة الانترنت.

- الجمعيات التعاونية واسس قيام المشروع التعاوني ونشأة وتطور الحركة التعاونية ، مصدر سابق ، ص5.

- فتحي السروجي ، مصدر سابق ، ص7.

- ايناس الحسين ، مصدر سابق ، ص37-39.

 

 

([43]) للمزيد من التفاصيل ينظر فتحي السروجي ، مصدر سابق ، ص7.

- الاسكوا : لاقتصاد الاجتماعي التضامني اداة لتحقيق العدالة الاجتماعية ، مصدر سابق ، ص4

 

 

([44]) ينظر في انواع التعاونيات حسب الهدف الذي تبتغيه – ايناس الحسين ، مصدر سابق ، ص33-34.

- دليل 2013 الصادر عن اكاديمية الاقتصاد الاجتماعي والتكافلي، اغادير المغرب ، بعنوان الاقتصاد الاجتماعي والتضامني فرص عمل اكثر من اجل الشباب ، منشورات الحركة الدولية للتدريب ، منظمة العمل الدولية ، ص13ـ21.

 

 

([45]) دور التعاونيات والجمعيات التعاونية والمنظمات في اسواق التأمين الشاملة صادرة عن المنتدى الاستشاري السابع في كولومبيا ، سريلانكا ، نوفمبر 2016 ، ص102.

 

 

([46]) تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي, احالة ذاتية رقم 19 لسنة 2015 ، ص8.

 

 

([47]) فتحي السروجي ، مصدر سابق ، صvi  و v .

 

 

 ([48]) قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 الذي نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 2772 في 5/5/1980.

 

 

([49]) للمزيد من التفاصيل ينظر خالد لفتة شاكر ، مصدر سابق، ص112-155.

 

 

([50]) المادة (30) من نظام الجمعيات السعودي النافذ.

 

 

([51]) م (3) من قانون الجمعيات الاماراتي النافذ.

 

 

([52]) م (6) من قانون الجمعيات الاماراتي النافذ.

 

 

([53]) تنظر (2 و 4) من قانون التعاونيات المغربي النافذ.

وقد يعترض البعض على عملية الاسترداد ويعدها اخلالاً بالملكية التي يفترض ان تكون نهائية وليست متوقفة على تصرف معين ، ويمكن بسهولة الرد على ذلك بان الاسترداد ربما لا يكون لما قدمه العضو بل لقيمته.

 

 

([54]) ينظر المادة (3) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980.

 

 

([55]) تنظر المواد (40- 58) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980.

 

 

([56]) للمزيد من التفاصيل ينظر خالد لفتة شاكر، مصدر سابق ، ص60 وما بعدها.

 

 

([57]) تنظر الفقرة (ب) من المادة (38) من قانون الإصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 النافذ  الذي نشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها المرقم 1884 في 30/5/1970.

 

 

([58]) خالد لفتة شاكر ، مصدر سابق ، ص68.