واقع البحث العلمي  في الجامعات العراقية : المشاكل والحلول

 

الاستاذ الدكتور احسان عيدان عبد الكريم السيمري

فـــرع الاحياء المجهرية – كلية الطــــب – جامعــــــة البصرة

الخلاصة :

يهدف البحث الى التعرف على طبيعة المشاكل العلمية والاقتصادية والادارية والتقنية في ادارة البحث العلمي في المؤسسات العلمية في العراق من وجهة نظر علمية مقارنة .

إن البحث العلمي في العراق ليس فاعلاً  أو مؤثراً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية رغم وجود ثروة معرفية عربية. وذلك بسبب انتهاج سياسة بحثية متخلفة وغير قابلة للتطور في مؤسسات معظم هذه البلدان لاعتماد البحث والتطوير في البلدان العربية على الدعم والتمويل الحكومي  حصراً وانعدام مساهمة القطاع الخاص بجهود البحث والتطوير. وكذلك بسبب عدم الاهتمام بالبحث العلمي  في العراق عموماً بسبب عدم إدراك جدواه ويظهر ذلك من خلال حجم الإنفاق المنخفض جداً في مجال  البحث والتطوير. بالإضافة الى التبعية التكنولوجية للخارج  لحل المشاكل الإنتاجية والتنموية بسبب انعدام الثقة بالكوادر والمؤسسات البحثية المحلية  مما يعمق الواقع الحالي للبحث العلمي العراقي.

Summary:

       The aim of the present investigation was interested in  the identify  of various scientific , economic  and  technical problems in management of scientific researches in the various Iraqi universities  according to comparison view.

     The scientific research in Iraq was not effected in the social , political , economic and technological basis of life ,  that’s disappointment was according to underdeveloped research planning and non-modified in most of scientific institutes in Iraq  that are political – dependent  and non of any role of private section to support  these researches.

Also there are  a various causes  of the scientific research problem  discussed in the present study such as : war , unarrengment of political support and management , migration of most of Iraqi scientists and other factors .

 

المقدمة :

أن الفجوة الكبيرة بين البلدان النامية والبلدان المتقدمة لا يمكن تقليصها ألا بالاستخدام الأمثل للإنسان من خلال الاستثمار فيه ، فالمعرفة المنتجة التي يمكن إن تقدمها مؤسسات التعليم العالي والمبينة على أسس البحث العلمي يمكن إن تنتج قوى عاملة مؤهلة ومدربة للنهوض بالمجتمع .

إن نظرة سريعة إلى واقع التعليم العالي والبحث العلمي في العراق تؤشر تراجع المستوى العلمي لخريجي الجامعات العراقية بشكل عام ، إذ أن إعداد الطلبة يكاد يقتصر على الجانب النظري وعدم الاهتمام بالجوانب التطبيقية  سواء على مستوى التطبيق أو البحث العلمي ، مما أسهم في إعداد كوادر علمية تمارس التدريس والبحث العلمي في الجامعات العراقية  بمستوى متدني لضعف المهارات البحثية لديهم ،الأمر الذي انعكس سلبا على واقع البحث العلمي ،  إن الجامعة هي الحاضنة والراعية للبحث العلمي وان أي خلل في وضيفتها سوف ينعكس سلبا على مجمل أنشطتها العلمية وفي مقدمتها البحث العلمي .

مما لاشك فيه ان الظروف التي مر بها العراق خلال فترة الثلاثة عقود الماضية تركت بصماتها الحزينة على جميع اطراف المجتمع العراقي وبناه التحتية. هذه البصمات الحزينة سوف لا تنجلي ان لم تتكاتف الجهود المخلصة لاعادة اعمار ما اتلفه النظام السابق بسبب عبثه بمقدرات دولة كان بامكانها ان ترتقي الى مصاف الدول المتقدمة بسبب ما تمتلكه من مصادر الثروة الطبيعية والبشرية. المحزن بالامر ان العقود الثلاثة الماضية شهدت نزوح اكثر من ثلاثة ملايين شخص الى خارج العراق بحثا عن ملاذ امن ونسمة من الحرية ولقمة عيش كريمة. وهم اذ تركوا البلاد باجسادهم قسرا لكن نفوسهم وعقولهم لازالت تتمسك بتربة ذلك البلد. الهجرة الجماعية شملت هجرة الكثير من العقول والكوادر العراقية المثقفة التي كان يمكن لها ان تساهم في دعم مشاريع التنمية والتطوير ان سنحت لها الظروف بذلك. عدد الكفاءات والعقول العراقية في المهجر تجاوز العشرات الالاف والكثير منهم يعمل في جامعات ومؤسسات ومستشفيات الدول الغربية ويساهمون في تطوير عجلتها الصناعية والتقنية. مشكلة النظام السابق انه كان نظام جاهل لم يدرك القيمة الحقيقية للإنسان العراقي ناهيك عن اهمية الانسان المثقف. وتمكن بمخالبه الشريرة تمزيق البنى الحضارية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع العراقي واعاد بعجلة التقدم الى الوراء بدلا من ان يدفعها نحو الامام. العالم اليوم انتقل من عصر الحداثة الى عصر العولمة لكن الفرد العراقي بقى مغيبا عن التطورات التقنية التي شهدها العالم ولم يعرف اهمية الحاسبات الالكترونية والانترنيت والاقتصاد الالكتروني الا بعد زوال النظام في 9 نيسان(ابريل) عام 2003.  هجرة الكوادر العراقية التي كلفت خزينة الدولة الملايين من الاموال الطائلة في سبيل تعليمها وتخريجها من الجامعات العراقية سببت نزيف لم يندمل في جسد المجتمع العراقي. ومع ذلك لم يدرك النظام السابق خطورتها على الاقتصاد وبرامج التنمية في العراق. وربما لايدرك الكثيرون ان كلفة تدريس وتخريج طالب كلية الطب في العراق بلغت اكثر من 15 الف دينار عراقي في السبعينات او حوالي 45 الف دولار. اي ان وجود اكثر من 2000 طبيب عراقي يعملون في مستشفيات بريطانيا الان كلف خزينة الدولة اكثر من 100 مليون دولار. الان وبعد زوال النظام السابق كيف يمكن اعادة بناء ماخربته الايدي الجاهلة؟ هذه الالاف المؤلفة من العقول العراقية المهاجرة التي تعمل الان في جامعات ومؤسسات ومستشفيات ومصانع الدول الغربية كيف يمكن الاستفادة من طاقاتها الابداعية في اعمال البناء والتعمير؟ هل يمكن اعادتها الى العراق بعد استقرارها في دول الغرب لفترات طويلة ام يمكن الاستفادة من طاقاتها الابداعية عن بعد؟ 

ان خطورة دور التربية والتعليم ومنه الدراسات العليا والبحث العلمي وأثرها الفاعل في حياة الشعوب، يستدعي منا التنادي الجاد لمراجعة واقع التربية والتعليم وتشخيص علله ووضع الرؤى والتصورات وإقتراح الحلول التي بمجموعها يمكن ان تؤدي الى صياغة مشروع وطني للمعالجة والنهوض بواقع هذا القطاع الحيوي.

هدف الدراسة :

تحديد أهم إشكاليات البحث العلمي في المراكز والوحدات البحثية في ظل الشروط والممارسات التي ينبغي توافرها لغرض تطبيق معايير الجودة في الجامعات العراقية  للحصول على شهادة الاعتماد من الجامعات الرصينة عالميا .

إشكاليات البحث العلمي في الجامعات العراقية :

على الرغم من وجود هيئة البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي تشكلت بموجب القانون رقم (1) لسنة 1995 وهي هيئة غير متفرغة ترتبط بالسيد مهمتها تحديد الإطار العام لسياسة البحث العلمي للمراكز والوحدات البحثية ومتابعة برامجها  وتنشيط حركة البحث العلمي فيها  ,وهي لجنة استشارية ليس لها هيكل تنظيمي  وإن اغلب قراراتها  توجيهية مما جعلها غير فاعلة على العموم . وقد نظمت التعليمات رقم  (148) لسنة 2002 الصادرة من وزير التعليم العالي  والبحث العلمي آلية عمل التدريسي الباحث في المراكز والوحدات البحثية ، وبالرغم من أهمية هذه التعليمات إلا أنها لم تنجح في القضاء على المشكلات التي تواجه البحث العلمي في المراكز والوحدات البحثية بسب :-

  1. أنها لا تشير بشكل تفصيلي إلى كيفية تمويل البحث العلمي .
  2. ازدواجية الإشراف على المراكز والوحدات البحثية من قبل هيئة البحث العلمي ودائرة البحث والتطوير في الوزارة فضلا عن مديريات البحث والتطوير في الجامعات الملحقة بها .
  3. ضعف التخصيص المالي الداعم للبحث العلمي كـ (المجلات العلمية الرصينة ، واليات نشر فاعلة ، ومنح إجازات التفرغ العلمي .... الخ ) .
  4. غياب ثقافة البحث العلمي الجمعي (فرق العمل البحثية) إذ إن اغلب البحوث فردية لا تخدم قطاعات الإنتاج المختلفة في المجتمع المحلي .
  5. ضعف المهارات البحثية لدى اغلب الباحثين في المراكز والوحدات البحثية لان اغلبهم خريجي الجامعات العراقية فضلا عن قلة فرص تدريبهم في المؤسسات العليمة الرصينة خارج العراق .

ممارسات خاطئة في اداء البحث العلمي :

  1. التساهل في تأسيس المراكز والوحدات البحثية وضعف متابعة أداءها من قبل الجهات المشرفة عليها .
  2. غياب البيئة المناسبة للبحث العلمي لتشجيع الباحثين على تنفيذ بحوثهم العلمية بسبب النقص الحاد في الأجهزة والمختبرات والاشتراك في منظومات النشر العالمية على شبكة الانترنت.
  3. قلة البحوث العلمية ذات المردود الاقتصادي للمجتمع المحلي ومؤسساته ، واقتصار مهام الباحثين على الإشراف على طلبة الدراسات العليا والبحث لإغراض الترقية العلمية .
  4. محدودية فرص الكوادر البحثية للمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية وورش العمل خارج البلاد .
  5. قلة فرص تدريب الكوادر البحثية خارج العراق .           

الواقع الحالي للبحث العلمي العراقي :

اننا حين نراجع الاحصائيات الدولية من خلال منظمة اليونسكو ومنظمة الإسيسكو والمؤتمرات والندوات المتخصصة بالجودة والاعتمادية، نجد ان التعليم العالي في العراق لم يعد له قيمة موجبة تذكر في الخط البياني وليس له تسلسلات يعتد بها مع الاسف!.

ان التشخيص الدقيق الصادق والمصارحة مع الذات دون جَلدِها، يتيحان لنا امكانية المعالجة عند توافر الإدارة المؤمنة بالتغيير والعازمة عليه والآخذة بأسبابه، مستفيدين من التجارب الناجحة للشعوب التي ارتقت إلى مصاف الأمم المتقدمة بفضل تطبيق البرامج النهضوية ونتائجها المتحققة التي يمكن لنا الاستفادة منها لتحقيق ما نرجو والسعي لاستعادة ميل الخط البياني بالاتجاه الموجب الصحيح.

لغرض الوصول الى استنتاجات دقيقة وصحيحة وللتعرف على اتجاهات التطور منذ بدايات فترة دخول العلم الحديث للعراق مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة، اتجهنا صوب دراسة البيانات التي توفرها مؤسسة (Scopus) و (SCImago Journal & Country Rank) واستخلاص بعض النتائج المهمة منها.

تظهر قاعدة البيانات النتائج العامة التالية:

  1. اعلى عدد من النشريات في المجلات والادبيات العلمية العالمية هو 1697 نشرة في عام 2013.
  2. اعلى معدل للنشر تم في مجلة (Saudi Medical Journal) وهو 270 نشرة (بحث).
  3. تفوقت جامعة بغداد بأعلى نسبة من النشر وهي 2760 نشرة في كل تاريخها. تبعتها جامعة الموصل (1640) وجامعة البصرة (1277).
  4. اكثر بلد مشارك مع العراق في تأليف البحوث هي ماليزيا.
  5. لا توجد إلا مجلتين عراقيتين ذات معامل تأثير (IF) وهي: Iraqi Journal of Veterinary Sciences ومعامل تأثيرها هو (0.15) ومجلة New Iraqi Journal of Medicine ومعامل تأثيرها هو (0.03).
  6. من بين 16 دولة شرق اوسطية تبوأ العراق المرتبة السابعة لغاية 1990 والمرتبة 12 منذ 1991 ولغاية 2003 وبقى في نفس المرتبة منذ 2004 ولغاية اليوم.

الانتاج العلمي العراقي منذ 1919 ولغاية اليوم والذي بلغ عدده 12778 ما بين بحث ورسالة ومقالة القيت في مؤتمر وفصل في كتاب يظهر تصاعدا مستمرا فيما عدا فترة الحصار وبلغ اقصاه 5930 نشرة وفي الفترة منذ 2010، كما هو مبين في الجدول ادناه:

Period

No. of Documents

1919-1930

10

1931-1940

21

1941-1950

11

1951-1960

32

1961-1970

85

1971-1980

914

1981-1990

1715

1991-2000

893

2001-2010

3167

2010-present

5930

نُفاجأ بضعف انتاجية الباحث العراقي عند الاخذ بنظر الاعتبار عدد التدريسيين والباحثين الهائل. بما ان عدد أعضاء الهيئة التدريسية في عام 2013 هو (39445)، وعدد طلاب الدراسات العليا في نفس العام هو (27540) لذا فالعدد الكلي للعاملين في المجال البحثي هو (66985) وبما ان عدد النشريات في نفس العام هي (1697) فان نسبة انتاجية الباحث العراقي هي تقريباً 40 تدريسي وباحث لكل نشرية , من الضروري التأكيد ان سبب ضعف هذه النسبة تعود بقدر ما الى تفضيل الباحثين العراقيين في نشر بحوثهم بالمجلات المحلية والتي لا تظهر في الاحصائيات الدولية. سبب هذا الاقبال على النشر في المجلات المحلية يعود الى ايام الحصار حيث اتجه الباحثون وبتوجيه من الدولة نحو البحوث "التطبيقية" اي النقلية وغير الاصيلة مما ادى الى ازدياد العزلة العلمية واستمر هذا التوجه الى يومنا هذا بسبب سهولة هذا النهج وعدم احتياجه الى تقنيات حديثة باهظة الكلفة، كما ان انعدام "الرقابة" العالمية التي يفرضها "استعراض الاقران" ساعد في انتشار الفساد العلمي وتزوير البحوث.

وبالرغم من ان جامعة بغداد احرزت المرتبة الاولى في عدد النشريات العالمية، الا انه عندما نأخذ بنظر الاعتبار عدد التدريسيين في الجامعة تفقد هذه الصدارة. تظهر، على سبيل المثال، نتائج عام 2013 لمعدل الانتاج العلمي لكل تدريسي تفوق الجامعة التكنولوجية تليها جامعة كركوك ثم البصرة والكوفة، وجاءت جامعة بغداد في المرتبة الخامسة وجامعة الموصل في المرتبة التاسعة والمستنصرية في المرتبة الثالثة عشر بين الجامعات العراقية.

وبنظرة سريعة على المجلات المفضلة لنشر البحوث العراقية (الجدول ادناه) يتبين ضعف معامل تاثيرها، وبكون معظمها مجلات تهتم بنشر البحوث الطبية، وخصوصا الحالات الطبية النادرة وغير المشخصة سابقا.

Source (Top 10)

No. of Documents

Impact factor for 2013

Saudi Medical Journal

270

0.6

Eastern Mediterranean Health Journal

155

0.747

New Iraqi Journal of Medicine

139

0.028

European Journal of Scientific Research

119

0.28

Arabian Journal of Geosciences

107

0.995

Iraqi Journal of Veterinary Sciences

99

0.147

Asian Journal of Chemistry

96

0.349

Acta Crystallographica Section E Structure Reports Online

75

0.23

International Journal of Pharmacy and Pharmaceutical Sciences

74

0.924

Transactions of the Royal Society of Tropical Medicine and Hygiene

64

2.097

وتحتل البحوث الطبية والهندسية اعلى معدلات النشر تليها بحوث الكيمياء والفيزياء والمواد وعلوم الحاسبات. ومن الغريب في بلد يعتمد على الطاقة كمورد رئيسي ان نجد بحوث الطاقة تحتل مرتبة متأخرة بعدد 667 منشور فقط. كما انه ليس من المستغرب ان نجد البحوث الانسانية والاقتصادية والأدبية في المؤخرة لان معظمها تنشر محليا وباللغة العربية.

هذا ونجد ترتيب العراق ضمن 16 دولة شرق اوسطية مؤلما فقد احرز العراق المرتبة 10 في الترتيب المعتمد على معدل النشريات منذ 1919 ولغاية اليوم (الجدول ادناه). تصدرت تركيا الترتيب بأكثر من 400 الف نشرية، تلتها اسرائيل ثم ايران بحوالي 300 الف نشرية. اما العراق فلم ينتج الا اقل من 13 الف نشرية في تاريخه وهو معدل اعلى بقليل من عُمان وقطر.

Country

No. of Documents

%

Turkey

412849

27.56

Israel

392528

26.21

Iran

294836

19.68

Egypt

144741

9.66

Saudi Arabia

103893

6.94

Jordan

27893

1.86

UAE

27771

1.85

Kuwait

20730

1.38

Lebanon

20585

1.37

Iraq

12778

0.85

Oman

11492

0.77

Qatar

10759

0.72

Syria

5543

0.37

Bahrain

4750

0.32

Palestine

4134

0.28

Yemen

2589

0.17

وكمعدل للإنتاجية العلمية منذ 1919 الى 1964 تبؤا العراق المرتبة السادسة متفوقا على ايران والسعودية الا ان مستواه تراجع الى المرتبة السابعة في الفترة 1965 والى 1990 وبنسبة 2.08% من معدل الانتاج العلمي للدول الستة عشر وتبوأت اسرائيل المرتبة الاولى بمعدل 64.95% من المعدل الاجمالي تبعتها مصر ثم تركيا. في خلال الفترة من 1991 الى 2003 نزل معدل الانتاج العلمي العراقي الى المرتبة 12 وبنسبة 0.42% من مجموع انتاج دول المنطقة فيما بقت اسرائيل في الصدارة بينما تمكنت تركيا من دفع مصر الى المرتبة الثالثة. وبالرغم من بقاء العراق في المرتبة 12 خلال الفترة 2004 الى يومنا الحالي إلا ان نسبة النشر العلمي ازدادت الى 0.82% من مجمل انتاج الدول الستة عشر. استطاعت قطر خلال هذه الفترة ان تتخطى انتاج العراق بينما بقى فقط كل من انتاج سوريا وفلسطين والبحرين واليمن متخلفا عن الانتاج العراقي.

اما بالنسبة الى H-Index وهو المؤشر الذي يقيس كل من الإنتاجية ودرجة الاقتباس (الاشارة) للأعمال المنشورة للعلماء فقد نزلت مرتبة العراق الى الدرجة الرابعة عشر ولم يبقى إلا البحرين واليمن بمعدل ادنى.

بدايات واقع البحث العلمي :

 

 

أ. مُدخَلات الجامعة في الدراسات الأولية:

تعاني مُدخَلات الجامعة من إنخفاض في مستوى الإعداد العلمي والتربوي والنفسي والفكري للطلبة في المرحلة ما قبل الجامعة، وهذا مؤشر خطير جدا يؤثر على مستوى الطالب ويستمر معه لحين تخرجه ودخوله الدراسات العليا. يتضح ذلك في الجوانب الآتية:

  1. عدم رغبة الطالب بشكل عام بالدراسة التي قُبِلَ بها مما يُوجِد انفصاما نفسيا بينهما له آثاره السلبية الواضحة على مستقبله.
  2. انخفاض المستوى الدراسي النظري والعملي، وعدم القدرة على الإيفاء بمتطلبات المرحلة.
  3. استمرار سلوكية الطالب (الثانوي) لدى الطلبة الجامعيين بسبب عدم تهيئتهم بمحاضرات تمهيدية وموجهة لهم نحو الافق الجامعي الجديد وبيان الواجبات والحقوق فضلا عن إستمرار إسلوب التدريس التلقيني والتعامل غير التربوي أحيانا وعدم تضمين المناهج لنشاطات لاصفية تتناسب والمرحلة الجديدة.
  4. عدم وضوح الرؤية المستقبلية وفقدان الأمل بجدوى الشهادة التي سيحصل عليها الطالب لتكون سببا لصناعة مستقبله ومستقبل بلده، مما يولد عنده عدم الاهتمام والجدية في الدراسة، وقد يهرب الطالب من الواقع الذي فُرض عليه إلى اعتماد أساليب غير حضارية تتنافى مع كونه طالبا جامعيا، وذلك باللجوء إلى (قوة ساندة سياسية او اجتماعية)!! أو فرض الإرادة أو الغش أو السلوكيات المشينة.
  5. عدم امتلاك معظم الجامعات لبيئات مناسبة تمتص الانفعالات النفسية والطاقات الزائدة مثل المراسم والقاعات الرياضية اليومية والمسرح والمتاحف والنوادي والمكتبات الحديثة والحدائق...الخ، وإن وجدت فمحدودة لا تستوعب اعداد الطلبة فضلا عن عدم احتوائها على التقنيات واللوازم المطلوبة.

إن هذه المؤشرات والمؤثرات السلبية على مستوى الطلبة العلمي والتربوي والنفسي يفرض على الوزارة السعي إلى حل هذه المشكلات بمراعاة النقاط الآتية:

  1. التعاون مع وزارة التربية لوضع الحلول المناسبة في المراحل ما قبل الجامعية ضمن النقاط المشتركة التي تسهم في تحسين مستوى الطالب في رباعية التعليم المؤثرة (التدريسي والمناهج والاساليب والوسائل او التقنيات المستخدمة وبيئة الدراسة) على وفق المعايير الوطنية للإعتمادية و ضمان الجودة([1]).
  2. التوقف عن سياسة القبول الشامل المعتمد على استيعاب جميع الطلبة والسعي الى جعل الدراسة الجامعية طموحا لا يناله سوى ذوي المستوى الدراسي الجيد، وايقاف التدخل بسياسة القبول من قبل البرلمان او الحكومة بحجج استيعاب الشباب لتجنب وقوعهم تحت تأثير مشاكل اجتماعية او أمنية وان هذه الحجج يمكن معالجتها باساليب اخرى([2])، كما ان التجربة أثبتت أن التوسع في القبول يعود بالضرر على الطلبة أنفسهم وعلى مستقبلهم ومستقبل البلد عموما وذلك لما يسببه من إخلال في نسبة (طالب: التدريسي) و (طالب: المساحة م2) فضلا عن نسبة الطلبة الى الخدمات المتوفرة في الجامعات او الكليات مثل المكتبة والخدمات الصحية والخدمات الأخرى، وتُقَيِّد الأستاذ بالمستوى العام للصف من غير القدرة على الإنطلاق بالطلبة المتميزين مراعاة لمستوى الاخرين، ونحو ذلك.
  3. دراسة سوق العمل ومعرفة الحاجات الفعلية لقطاعات التنمية ووضع الخطط لسد تلك الحاجات الآنية والمستقبلية بحيث تحاكي الأعداد المتخرجة حاجة السوق، كما هو الحال عالميا، مما يعني الإستثمار الأمثل للطاقات العلمية العراقية ويحول دون وجود ظاهرة البطالة أو البطالة المقنعة، أو التخمة بالتعيين في اختصاصات غير مطلوبة وبالتالي ممارسة الوظيفة بإختصاص آخر([3]).
  4. معالجة الخلل الحالي في مستوى الطلبة المنخفض العلمي والتربوي، بإيجاد وسائل تحدد نوعية الطلبة المقبولين في الدراسة الأولية أو رفع مستواهم بعمل امتحان كفاءة، لتحديد مستواهم قبل السماح لهم بالتسجيل، أو بفتح فصل تمهيدي تطويري، يُعتَمَد من قبل الجامعة المعنية ومن خلال كلياتها وأقسامها العلمية بحسب متطلباتها ولحين تجاوز هذه الهُوة في المستوى العلمي، ولدول أُخرى تجارب في ذلك يمكن الاستفادة منها مثل امتحانات الكفاءة العالمية التي تجرى للطلبة قبل الدخول إلى الجامعة كشرط للقبول فيها مثل امتحان الـ GRE وGMAT.

 

 

 

 

ب. المخرجات الجامعية:

إن المُخرَجات الجامعية هي الغاية من التعليم وثمرته النهائية، ولهذا لابد من السعي لتحسين مستواها واستثمارها بالكيفية الفضلى، وان نجاحها المهني والاكاديمي على المستوى العلمي والوظيفي والاجتماعي، وتحديد مستوى وقدرة الجامعات على تخريج قادة عمل ناجحين وليس حملة شهادات جدارية طلبا للمكانة الاجتماعية والوظيفية والسياسية، يتطلب منا إقتراح ما يأتي:

  1. إعادة النظر في فلسفة العملية التعليمية وتحديد الرؤى والأهداف لكل كلية بشكل واضح ومحدد وبيان الآليات والوسائل المُوصِلة الى تحقيق تلك الأهداف بتطوير المناهج والمفردات وطرائق التدريس والتدريب والملاك التدريسي والمستلزمات المكانية والمادية وإيجاد أجواء جامعية (وفق المعايير الوطنية للجودة والاعتمادية التي ستذكر لاحقا) التي تستوعب طاقات الطلبة وتنفس عنها وتنمي قدراتها العقلية والجسدية والنفسية في مجال النشاطات العلمية والثقافية والرياضية والفنية والمجتمعية, ان تحقيق هذا الهدف يتطلب من الوزارة وضع رؤية محددة وملزمة بهذا الاتجاه وربط الجامعة بالبيئة الحاضنة لها، والتطلع والتعرف على بيئات وتجارب متطورة في ضوء برامج التواصل المشترك مع مؤسسات وجامعات داخلية وخارجية لصناعة أُفق أرحب مرتبط بماضي الأمة وإرثها العلمي الحضاري متطلعة إلى إعادة بناء الحضارة من جديد وفق أساليب ومعطيات معاصرة وعلى أسس المواطنة الصالحة.
  2. تنمية القدرات البحثية المُبَكِرة لدى الطلبة بإضافة موضوع إلزامي تحت عنوان عام مثلا  (أدبيات وطرائق البحث) يتضمن تعليم الطلبة أساليب البحث وخطواته المتبعة لحل المشكلة العلمية بدءاً بالملاحظة وتشخيص المشكلة ومراجعة الأدبيات البحثية وكيفية إستخدام المكتبة الورقية والالكترونية للحصول على مراجعات علمية (Reviews) لوضع تصور للحل، ثم تصميم التجربة وإجرائها وانتهاءاً بالنتاتج وكيفية التعامل معها وتحليلها وعرضها واستنتاج الحلول وتقديمها بأساليب إحصائية معتمدة. يكون هذا الدرس ملازما وممهدا للتطبيق أو التدريب الصيفي ومشروع بحث التخرج.
  3. ضرورة عدم اعتماد الكتاب المقرر المصدر الوحيد، بل إلغاؤه اصلا في الدراسات الجامعية، ولابد من إيجاد صيغة بديلة أو ساندة لمجانية التعليم بفتح (دار الكتب) المنهجية والمساعدة في كل جامعة أو كلية بسعر مدعوم واختيار طبعات طلابية أو شعبية زهيدة الثمن ( كما كان معمولا به في جامعة بغداد حتى أواخر السبعينات من القرن الماضي). يتم ذلك بتوفير عدد من الكتب المعتمدة عالميا بعناوين متعددة في الاختصاص الواحد مستفيدين من تجارب عالمية مماثلة ويُترك الاختيار للطالب على وفق المفردات التي يُثبتها التدريسي بداية العام الدراسي بعد اقرارها من قبل أساتذة الفرع المعني, يمكن في هذا المجال تفعيل مطبعة التعليم العالي وكذا الجامعات وبعض الكليات التي تمتلك مطابع، وأخذ إمتياز طباعة الكتب العالمية بتكاليف اقل، كما تفعل بعض الدول مثل الهند وماليزيا وروسيا. وينبغي ان لا نغفل حقيقة ان الكتب المعتمدة او المتداولة أو المشهورة عند بعض الاساتذة والطلبة اصبحت قديمة في منهجيتها وإن اعيدت طباعتها من جديد. وعلينا ان نتطلع الى ماهو جديد من المُؤَلّفات أو المطبوعات.
  4. تطوير أساليب التقويم والقياس (الامتحانات) الحالية والابتعاد عن الأسلوب الذي يعتمد قياس مستوى (حفظ الطالب) وليس قياس (مستوى ذكاء الطالب) أو قدرته على التفكير والتحليل والاستنتاج وتقديم الحلول. لقد ثَبُتَ بما لا يقبل الشك، فشل هذا الاسلوب في الحياة العلمية والعملية اللاحقة وفي الدراسات العليا خاصة، على خلاف إعتماد أساليب إختبار قدرات التفكير والتحليل والإستنتاج بالإمتحانات العملية والشفهية والأسئلة الشاملة القصيرة المُطَوّرَة او امتحان الكتاب المفتوح (Open Book) لبعض الاختصاصات([4]).
  5. إلزام الوزارة نفسها والسعي للحصول على تشريع من مجلس النواب أو قرار من رئاسة الوزراء يمنع منح زيادة في الدرجات للطالب أو امتيازا لأولاده أو قبوله في الدراسات العليا استثناءا من الشروط، مكافئة له على عمل ما، مهما يكن هذا العمل نبيلا، لان (الدرجات ليست مَكرَمات)، بل تعد مقياسا لمستوى الطالب العلمي ودرجة ذكائه وتبيان مدى استعداده لنوع معين من الدراسة فقط وليس شيئا آخر للتكريم. وقد جربنا سابقا منح مثل هذه الامتيازات حيث ظهرت نتائجه السلبية واضحة جلية، والعاقل من اتعض بغيره، فكيف اذا ينبغي ان يكون اتعاضه بنفسه ؟!
  6. نتيجة للتفاوت الواضح بين الجامعات في إمكانية التأهيل واسلوب القياس والتقويم وتفاوت معدلات الخريجين في الدراسة الجامعية الأولية فضلا عن (أسباب أُخرى مؤسفة) تخل بحقيقة قياس مستوى الطلبة والمقارنة بين الجامعات المختلفة، يصبح من الضروري التفكير بحل لهذه المشكلة الخطرة.

ج. واقع الدراسات العليا:

لقد بلغت الدراسات العليا ( في داخل العراق وخارجه ) ذروتها وحققت معظم أهدافها المرجوة منها، منذ ابتدائها حتى أول العقد الثامن في القرن الماضي إذ إنها ما لبثت ان انخفضت انخفاضا بينّاً وأنخفض معها عدد طلبة البعثات بسبب التوجُه الخاص لقيادة البلد آن ذاك باقتصاره على أنواع محددة من الدراسات العليا الخادمة لاهداف خططها، ولانشغال الدولة بالحروب وتوظيف ميزانيتها لها فضلا عن الحصار العلمي الذي بدأ اواسط الثمانينيات من القرن الماضي.

إن كل هذه الظروف فضلا عن الواقع السياسي، قد سببت فقدان الكثير من الكفاءات العلـمية، فالخسائر البشرية نتيجة للحروب و الهروب أوالهجرة أو العمل في غير الاختصاص أدت إلى قطع حلقة التواصل العلمي مع الجيل التالي.

     أما الخط البياني للدراسات داخل القطر فقد شهد ارتفاعا كبيرا في عدد الطلبة، وهو ما أملته الحاجة إلى سد النقص نتيجة للفراغ الحاصل في عدد الكفاءات العلمية، يقابله انخفاض في النوعية، فأصبحت المخرجات بشكل عام لا ترقى إلى المستوى المطلوب منها، ويمكن اجمال ذلك الهبوط لنوعية الدراسات العليا في النواحي الآتية:

 

 

أ. الدراسات الإنسانية :

ان الدارس لواقع الدراسات العليا للعلوم الانسانية يلحظ وجود نقاط خلل وضعف في كثير من النواحي التي يمكن إجمالها بالنقاط الآتية:

  1. ضُعف مستوى الإعداد النظري للطالب، بشكل عام في السنة التحضيرية.
  2. ضعف المحتوى العام للرسالة او الأطروحة والاعتماد في البحث على البحث الآلي من الشبكة العنكبوتية دون إعمال المنهجية البحثيه والتدقيق في المعلومات المستحصلة منه فاصبح الطالب كاتبا ناقلا اكثر من كونه باحثا مدققاً وناقدا ومضيفاً للنتائج.
  3. تكرار الرسائل الجامعية جزءا أو كلا مع تغيير في العناوين والإخراج فقط.
  4. غياب المنهجية العلمية الشاملة التي تعتمد خطة وطنية متكاملة لإحياء التراث العلمي العربي الإسلامي وخدمته وتطويره.
  5. ضعف الربط المتكامل للعلوم مع بعضها في خدمة القضايا الاجتماعية والتنمية البشرية باستخدام وسائل معاصرة.
  6. غلبة الموضوعات البحثية التوصيفية دون إعمال الفكر بالتحليل والاستنتاج، أو تقديم مشاريع ذات رؤية مستقبلية مطورة للواقع.
  7. شكلية الإشراف على طلبة الدراسات العليا وضعفه غالبا بل قد يصل الى حد عدم قراءة المشرف للرسالة او الأُطروحة والاكتفاء بالتوجيه العام، بسبب الاعداد الكبيرة من الطلبة لكل تدريسي مشرف، واتخاذ الإشراف وسيلةَ كسبٍ مادي لدى البعض بسبب ضغط متطلبات الحياة يقابله شحة في المدخول المالي فضلا عن ترقي البعض منهم إلى مراتب علمية غير مؤهلين لها بسبب الخلل في تعليمات الترقيات العلمية وآلياتها.

 

 

ب. الدراسات العلمية:

  1. ضعف مستوى الإعداد النظري للطالب الدارس بشكل عام في السنة التحضيرية.
  2. ضعف المحتوى العام للرسائل والاطاريح.
  3. نمطية المواضيع المدروسة ومحاكاة المطروحة سابقا مع تغيير طفيف في التطبيق وربما تعاد بحوث مطبقة في مكان ما من العالم بل قد يكون في جامعات عراقية اخرى!
  4. تخلف الوسائل العلميـة والتقنيـات المستـخدمة في البحث بالمقارنـة مع المستوى العالمي.
  5. العزوف عن المشكلات العلمية المعقدة التي تتطلب مهارات نظرية او رياضية وقدرات علمية عملية عالية.
  6. قلة وضعف (المدارس البحثية) التي تَتَبِع أهدافا محددة ومنهجا تراكميا لتخريج طلبة ذوي غايات بحثية مدروسة.
  7. قلة الدراسات التي تتناول حافات العلوم ومستجداته أو الإضافة إليها بل انعدامها اصلا .
  8. ضعف مستوى المشاريع المعتمدة في الدراسات العليا وقصورها عن حل المشكلات العلمية المحلية في مجال الزراعة والصناعة والإنتاج وغيرها، وعجزها عن استحداث نظريات او طرائق جديدة في الانتاج لعدم تكامل المنظومة البحثية الاستثمارية للبحوث.
  9. ضعف المعالجات الإحصائية والرياضية ومحدوديتها بمفاهيم بسيطة وسطحية وبالتالي قلة النتائج والتوصيات التطبيقية وفق آليات محددة لتحويل النتائج إلى واقع عملي ملموس بمشاريع ريادية.
  10. عدم وجود جهة مستثمرة للنتائج التي تم الحصول عليها من البحوث الرصينة على قلتها، مما ينتج عنه إهمال معلومات مهمة وفقدان الرغبة للتواصل العلمي الجاد والإضافة من قبل الباحث، مما يولدُ إنكفاءا لدى الباحثين الاخرين للاقدام على مثل هذا النوع من البحوث الجادة.
  11. عدم وجود جهة حكومية (تابعة الى وزارة التعليم العالي أو العلوم والتكنولوجيا أو الصناعة أو جهاز التقييس والسيطرة النوعية) متبنية لهذه المشاريع واعادة تسويقها وفق دراسات الجدوى الاقتصادية للمستثمرين في القطاعين الحكومي والخاص.
  12. عدم القدرة على تسجيل براءات الاختراع بشكل طبيعي لوجود خلل في آلية التسجيل وتدخل الشخصانية للمقومين وإدارة التسجيل احياناً.

حلول مشكلات البحث العلمي في العراق :

على الرغم من تعدد أسباب تراجع البحث العلمي في الجامعات العراقية والتي نتجت أساسا بسبب هجرة العقول والعزلة الطويلة التي فرضت على العقل العراقي ، وما رافق عملية التغيير من تحديات كبيرة عرقلت عملية النهوض الجدي بواقع البحث العلمي إلا إن إمامنا الكثير من الحلول للنهوض بالبحث العلمي منها :-

  1. الاعتراف بأهمية البحث العلمي في الجامعات العراقية كونه يمثل الحلقة المتقدمة في النهوض بالتعليم العالي .
  2. دعم سياسة النشر في الجامعات العراقية وتزويد كل جامعة بمطبعة مستقلة لنشر الإنتاج العلمي لكوادرها .
  3. تفعيل الاتفاقيات الثقافية مع الجامعات الأجنبية وتبادل الأساتذة معها لرفع المستوى العلمي للأستاذ العراقي .
  4. ضرورة متابعة إصدار قانون المراكز البحثية الجديد لما يتضمنه من ايجابيات قد تحسن الأداء البحثي للعاملين فيها .
  5. وضع سياسات واضحة للايفادات تشمل كافة أعضاء الهيئات التعليمية و البحثية والاهتمام بتشجيع البحوث المشتركة .
  6. تسهيل منح إجازات التفرغ العلمي لأعضاء الهيئات التدريسية لانجاز بحوثهم في الجامعات الرصينة خارج البلاد.

 

استنتاجات عامة واقتراحات

لم يستطع العراق ولغاية اليوم النهوض من كبوته العلمية والمعرفية والتي ابتدأت في سبعينات القرن الماضي، وبينما تمكنت إيران، والتي كان انتاجها العلمي لغاية 1990 لا يختلف كثيرا عن الانتاج العلمي العراقي، من احراز المرتبة الثانية في الانتاج العلمي لدول المنطقة في العشر سنوات الماضية تراجعت مرتبة العراق 5 درجات الى المرتبة 12. ولو قارنا التطور السنوي لدول المنطقة منذ 1996 لوجدنا ايران في مقدمة الدول في تحقيقها لأعلى معدلات الزيادة النسبية تليها تركيا واسرائيل ومصر والسعودية.

تظهر البيانات المنشورة ليس فقط ضعف حجم الانتاج العلمي العراقي على مر تاريخه الحديث بل ضعف نوعية الانتاج حيث اظهر مقياس النوعية حصول العراق على 46 درجة مقارنة بنوعية البحوث الاسرائيلية التي قاربت 460 درجة. ولم تتعدى مجمل الاشارات للبحوث العراقية 21 الف اشارة مقارنة ب 36 الف اشارة لسوريا و 1,135,790 اشارة للبحوث الايرانية.

وبالرغم من تأكيد هذه البيانات على ضعف الانتاج العراقي في البحث العلمي فأن بوادر نهضة علمية حقيقية تلوح في الافق وتؤكدها نفس البيانات عبر تسجيلها لزيادة هائلة في الانتاج المنشور في خلال السنوات الاخيرة بالرغم من ان معظمه كما يبدو هو نتاج بحوث طلبة الدراسات العليا خارج العراق.

بما ان كثير من الانتاج العلمي العراقي ينشر محليا باللغة العربية او بلغة انكليزية سيئة، وليس له اي تاثير ملحوظ محليا وعالميا ويمكن ان يوصف بانه انتاج ردئ لذا يصبح من المهم اعادة النظر في سياسة النشر العلمي لتتبنى مهمة الغاء المجلات العلمية العراقية التي تصدرها الكليات والجامعات وتشجيع حركة الترجمة الى الانكليزية لبحوث التاريخ والاقتصاد والاجتماع والاداب وغيرها من الدراسات الانسانية لغرض نشرها في المجلات العالمية.  يجب ان نتبنى فلسفة جديدة تبنى على اساس ان البحث الذي لا يمكن نشره في مجلة عالمية حقيقية لا يستحق النشر في مجلة محلية. 

خلاصة الرأي، اننا نحتاج الى ثورة علمية تتبناها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة العلوم والتكنولوجيا، وتدعمها الدولة بكل وسائلها وإمكاناتها المالية والبشرية، تهدف الى مضاعفة الانتاج العلمي في كل سنتين على أقل تقدير، وتؤكد على النشر في المجلات والأدبيات العالمية، وتشجع البحث والإنتاج العلمي المشترك مع الباحثين في خارج العراق لغرض الاسراع في دمج البحث العلمي العراقي بمنظومة البحث العلمي العالمي.

المصادر

- نظام رقم (1) لسنة  1995  ( نظام  مراكز البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي). 

- تعليمات رقم (148) لسنة 2002 (هيكل  عمل الباحث في مراكز البحث العلمي والوحدات البحثية في وزارة التعليم العالي والبحث العملي) جريدة الوقائع العراقية الرقم (3946)  في 2/9/2002.

-  سامي مهدي العزاوي  (2010)  (البحث العلمي في العراق : ملاحظات  أولية) ورقة مقدمة إلى لجنة التخصصات الإنسانية حول وضع سياسات البحث العلمي للمجالس العلمية لهيئة البحث العلمي ) المشكلة بموجب الأمر الوزاري ذي العدد 2258 في 25/1/2010 .

-  سمير كامل الخطيب (2010) " دليل تطبيق معايير الجودة الشاملة في المنظمة التعليمية للحصول على شهادة الاعتماد " منشورات هيئة التعليم التقني – بغداد .

- تقرير لجنة التخصصات الإنسانية (2010)  (وضع سياسات البحث العلمي للمجالس العلمية لهيئة البحث العلمي) .

 

 

 

([1]) تشرح لاحقا ضمن المعايير الوطنية للاعتمادية وضمان الجودة.

 

 

([2]) تعتمد بعض الدول على قبول ثلث خريجي الاعدادية فقط في الجامعات الحكومية وتتيح للباقي الدخول الى الجامعات الخاصة بشروط ومعدلات محددة حسب الاختصاص، أو الإلتحاق بالمعاهد والمدارس المهنية او الدورات التأهيلية لمعاهد متخصصة للمهن العامة إذ لا يسمح بممارسة اية مهنة  دون شهادة ممارسة مهنة.

 

 

([3]) يمكن تبني مشروع اعادة تأهيل خريجي الجامعات في الإختصاصات التي لا تجد لها فرصة للتعيين الى إختصاصات اكثر نفعا او حاجة في سوق العمل والتعيين وذلك بادخالهم بدورة تأهيلية مركزة لمدة سنه تقويمية يُمنَحون بعدها دبلوم عالي مهني وليس اكاديمي مثلا (يوجد في العراق اليوم وفرة في الاختصاصات الانسانية يمكن تحويل اختصاصاتهم الى إدارة او إدارة الكترونية او أرشفة الكترونية أو علاقات عامة واستقبال أو تسويق...الخ ) تماشيا مع الإختصاصات المطلوبة في ظل التنمية المؤملة لاعادة العمار والبناء.

 

 

([4]) يمكن الرجوع في هذا الموضوع الى اساتذة التقويم والقياس في كليات التربية وتجارب الجامعات العالمية لتطوير أساليب الاختبار.