إفرازات الحرب الناعمة "الإلحاد المعاصر أنموذجاً"

        

        أ.م.د. حسين خضير عباس              م.ب زين العابدين أحمد عبد الصاحب

جامعة ذي قار / كلية العلوم الاسلامية

 

المقدمة :

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين وعلى اله الطيبين الطاهرين ، وبعد:

مرّ العراق بشكل خاص بتغيّرات سريعة بعد أحداث 2003 وتحوّل اسلوب الارهاب والتخويف والاستعراض بالقوة العسكرية والأسلحة الفتاكة والتهديد والوعيد من قبل القوى الاستعمارية المتمثلة بأمريكا إلى اسلوب الترغيب والتحبّب ، وتمثيل دور المنقذ المخلص من الجوع والحرمان الذي يعيشه عراق ما قبل 2003 رغم ان تلك القوى هي السبب وراء ذلك الحرمان بفرض العقوبات الاقتصادية عليه.

لذا يأتي موضوع دراسة وتحليل تلك الحقبة من الضروريات , لمعرفة الاهداف من كل تحركات وسكنات القوى الاستعمارية وجنودها وتحليل تصريحاتها بمختلف أشكالها العدائية والودّية , لنتمكن بالنتيجة من تفعيل أساليب التصدي المناسبة.

ويسمى هذا الأسلوب الجديد في تعامل القوى العظمى مع اعدائها بالـ " الحرب الناعمة " ومن إفرازاتها الالحاد المعاصر ولقد قسّم الباحثان البحث إلى مبحثين:

المبحث الأول : في التعريف بمفهوم " الحرب الناعمة " ووسائلها وفرقها عن الحرب النفسية وبعض نتائجها في تغيير سلوكيات المجتمع العراقي.

والمبحث الثاني : في التعريف بـمفهوم  " الالحاد " وأسبابه المعاصرة والعوامل المشجعة على انتشاره ، ودور المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية في التصدي والتقليل من آثاره المدمّرة.

 المبحث الأول : الحرب الناعمة مفهومها ووسائلها وبعض ما يتعلق بها

المطلب الأول : حول مفهوم " الحرب الناعمة " " SOFT WAR  ":

راجت مصطلحات كثيرة في مجال سيطرة دولة على أخرى تحت مسميات عديدة منها: (الحرب الباردة ، غسيل الدماغ ، حرب الارادات ، حرب المعنويات ، حرب المعتقدات ، حرب الايديولوجيات ، الحرب النفسية ... وإلخ) إلى حين صدور كتاب القوة الناعمة (SOFTPOWER) _ بتاريخ 2004 أي ما بعد احتلال العراق ودخول السياسة الامريكية مرحلة جديدة من الغزو _، للكاتب الأمريكي جوزيف صاموئيل ناي المتخصص في العلوم السياسية والذي شغل رئاسة مجلس المخابرات الوطني الامريكي وأيضاً شغل منصب مساعد وزير الدفاع الامريكي في عهد بيل كلينتون([1]) ، وقد عرّف " القوة الناعمة " بكتابه آنف الذكر بـ"القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدل الإرغام أو دفع الأموال "([2]).

    ويجدد " جوزيف ناي " توضيحه لـ " القوة الناعمة " ، بـ ((أن تحصل على النتائج التي تريدها دون أي تهديدات ملموسة أو رشاوى، ..... فقد يتمكن بلد ما من الحصول على النتائج التي يريدها في السياسة العالمية , لأنّ هناك بلداناً أخرى _معجبة بمَثَله وتحذو حذوه وتتطلع إلى مستواه من الازدهار والانفتاح_ تريد أن تتبعه ، فهذه " القوة الناعمة " جعل الآخرين يريدون ما تريد ، تختار الناس بدلاً من إرغامهم))([3]).

ويُبيِّن " جوزيف ناي" الحاجة الملحة لاستخدام القوة الناعمة ، فيقول : ((استيلاء ألمانيا على الآلزاس واللورين في فرنسا عام 1870 م أحد الأسباب الكامنة خلف اندلاع الحرب العالمية الأولى ، وبدلاً من أن تكون المقاطعات المنتزعة مصدر قوة ، صارت عبئاً ثقيلاً في سياق النزعة القومية))([4])، فهو يشير إلى فاعلية السيطرة على العقول لتتغلب على السيطرة الدينية والقومية وما شابه ، وذلك بالاحتلال المبطَن حتى تخفف السياسة الامريكية من الخسائر البشرية و المادية والعسكرية التي تدفع الى الجمود في الاقتصاد الامريكي نفسه ، فمن الملاحظ أن أقطاب القوة في العالم متعددة وخيار القوة العسكرية بدا خياراً غير مجدي لعدم انحسار قوة السلاح بيد أمريكا فهناك روسيا والصين وكوريا الشمالية وكذلك إيران وغيرها من الدول المنتجة للسلاح ، وبالإضافة إلى ذلك فقوة العقيدة وحب الوطن سيشكل عاملاً أخر يقف بوجه أي تقدم عسكري للمحتل ويشهد التاريخ المعاصر على قيام ثلة قليلة تؤمن بالثوريّة والكفاح المسلّح بتحرير جنوب لبنان عام 2000 رغم استمرار الاحتلال الاسرائيلي 22 عاماً وذلك لإتقانها فنون الحرب والتمويه فكسرت أعتى جيوش العالم تكبراً وإجرامية([5]) ، إذن فأي تدخل عسكري خالٍ من أدوات القوة الناعمة لن يحقق ما تصبو إليه السياسة الامريكية([6])، وكذلك تقف حاجزا دون هبوط الجاذبية الامريكية لدى حلفائها والبلدان المستهدفَة([7]).

وجاء استخدام مصطلح " الحرب الناعمة " ابتداءً من 2009 م([8])، في خطابات السيد الخامنائي والسيد حسن نصر الله وكذا في خطابات وكتابات المهتمين بالحفاظ على الهوية الاسلامية أو القومية ، باعتبارها من أشد الحروب خطورة ، وقد عرِّفت بـ : الانهيار من        الداخل ، وتشمل كل أنواع الاجراءات النفسية والدعائية الإعلامية التي تستهدف مجتمعاً ما أو جماعة ما ، وتجر منافساً إلى حالة الانفعال أو الهزيمة دون الحاجة إلى الاقتتال العسكري وفتح النيران ، إذ تلعب دوراً في إضعاف الحلقات الفكرية و الثقافية للمجتمعات من خلال استهداف فكر وثقافة الشعوب([9]).

ويظهر في هذا التعريف الدمج بين الحرب الناعمة والحرب النفسية وبينهما فرق سنحاول بيانه في المطلب اللاحق, وما نلاحظه أنّ من يريد استخدام الأدوات الناعمة للحصول على مكاسب ومنافع عالمية ودولية وإقليمية يعتبرها أدوات قوة يطلق عليها " قوة ناعمة " " SOFT POWER "، ومن يدرك خطورة هذه الأدوات الناعمة المستخدمة , للسيطرة على مجتمع ما يعتبرها أدوات حرب فيطلق عليها " حرب ناعمة " "SOFT WAR  ".

المطلب الثاني : الفرق بين الحرب الناعمة والحرب النفسية :

عُرِّفت " الحرب النفسية " بـ (أنها الاستخدام المدبَّر للدعاية أو لأية تأثيرات نفسية أخرى المعدة لإسناد السياسة السائدة بتأثيرات على عواطف ومواقف وسلوك العدو والفئات المحايدة والصديقة في وقت الطوارئ أو الحرب بحيث يتم دعم الوصول إلى الأهداف القومية)([10]).

وكذا عرِّفت بــأنها : (حرب معنوية تستهدف شخصية المقاتل وشخصية الأمة وغايتها تغيير سلوك الأفراد والجماعة من أجل تحللها واستسلامها والسيطرة عليها بعد تغيير الأفكار والاتجاهات والقيم والمعتقدات والرأي والسلوك)([11]).

فالحرب النفسية من أنواع الحروب التي تُشنُّ بالدعاية والإشاعة وتستخدم فيه كل وسائل الاعلام بقصد إثارة القلق والتوتر لدى العدو من أجل زعزعة المبادئ والقيم وبيان استحالة التغلب على قوة المستهدَف ، بغية بث اليأس في نفوس الجنود على الجبهة وإشاعة الذعر ، كما وتهدف إلى تفكيك الجبهة الداخلية وتشكيك الجماهير بقياداتها السياسية والعسكرية([12]).

وتختلف الحرب النفسية عن الحرب الناعمة بكون الأولى تبدأ بمهاجمة الدولة وجيشها ومؤسساتها العامة ، فهي تنتقل من محاولة اسقاط النخبة للسيطرة على الرأي العام المعادي لتفكيك ارتباطه وولائه مع الدولة والنظام المستهدف ، والحرب الناعمة تبدأ من الرأي العام تمهيداَ للانقضاض على النظام المستهدَف.

فكل ما هو من الارغام والضغط والفر ض بشكل اكثر صلابة دون أن تصل لمستوى الوسائل العسكرية هو من الحرب النفسية كـ خطابات عالية النبرة وتهديدات وعروض عسكرية وشائعات واغتيالات وحرب جواسيس) ، وكل ما هو من جنس الاستمالة والجذب والإغواء الفكري والنفسي بوسائل أكثر نعومة (أفلام وأقراص ممغنطة وصفحات فيسبوك ومسلسلات إلخ...) فهي حرب ناعمة([13]).

المطلب الثالث : الدعوة الاسلامية والقوة الناعمة :

وفي مقام بيان مدى تأثير القوة الناعمة في النفوس فإن الدعوة الاسلامية اعتمدت في نجاحها على امرين مهمين:

أولهما : النزول التدريجي للأحكام الشرعية إذ لم تنزل الاحكام الشرعية دفعة واحدة ، وذلك لئلا تواجه نفوراً من المجتمع قبل أن يدخل الايمان في نفوس أفراده فإنّ تحريم الخمر مثلاً لم يكن دفعة واحدة فقد وردت إشارات في الآيات المكية تستقبح شرب الخمر كما في قوله              تعالى :﴿وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا﴾([14])، فقد وضع تعالى الشرب المسكِّر في قبال الرزق الحسن ، فهو شراب غير طيب كما هو الرزق الحسن ولك عندما تم تأسيس الدولة الاسلامية في المدينة المنورة كان التصريف بالتحريم أشد كما في قوله تعالى : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾([15])، وكذا إلى حين ورود التحريم الصريح بها مراعاة لشدة إدمانها في المجتمع الجاهلي.

ثانياً: الاعتدال ومنهج الوسطية فالشريعة الاسلامية شريعة تراعي المصالح الدنيوية والأخروية قال تعالى : ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾([16])، فالإسلام عندما نزل كان مغايراً ، فهو لا كاليهودية بعكوفها على الدنيا ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ﴾([17]) ، ولا كالمسيحية آنذاك بعكوفها على الرهبانية واعتزال الدنيا وملذاتها والتي عبّر عنها تعالى بقوله : ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾([18]).

فمن قوة الاسلام أنّه راعى الدوافع النفسية و الفطرية بتقبل الدعوة ولكن بحدود وحذر ، وقد عمِدَ على معالجتها بالتدرُّج والوسطية ، وقد شددت الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام على أهمية استغلال هذه العوامل في الدعوة الحقّة ، فقد ورد عن الامام الباقر عليه السلام قوله : ((يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي))([19])، وورد عن الصادق عليه السلام    قوله : ((كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ليروا منكم الورع والاجتهاد ، والصلاة       والخير ، فإنّ ذلك داعية))([20]).

إذن التدرج واللّيونة والوسطية لتغيير العقائد أمر في بالغ الأهمية ، وتكمن خطورته فيما لو تم استعمال نفس الأدوات ، ولكن لا بداعي بناء الانسان وبلوغ كماله الاخلاقي والمعرفي والعبادي ، بل بداعي السيطرة عليه وتحجيمه وقهره ، وليس عن طريق مناغاة القوى الايجابية الفطرية السليمة فيه ، بل بمناغاة القوى السلبية ودعمها للسيطرة عليه ، وقد أدركت السياسة الامريكية هذا الدور الفعّال للقوة الناعمة وعملوا على تطوير وسائلها وأدواتها , لخلق الفوضى المعرفية التي لا تؤمن بالثوابت المبدئية ولا تركن إلى أصول الحضارة ، حتى تصبح كل المعارف في النتيجة قابلة للشك والإنكار حتى المعرفة الدينية ، ومن هنا تبدأ آثار الحرب الناعمة التي تشنها القوى الاستعمارية بالاتساع إلى الحد الذي تدخل فيه كل مجالات الحياة وأصعدتها.

المطلب الرابع : وسائل ونتائج الحرب الناعمة في العراق :

من خلال ما تقدم عرفنا أهداف " الحرب الناعمة " والتي تتلخص بالسيطرة الهادئة على شعوب البلدان المستهدَفة سيطرةً تنطلق من عقولهم وكأنها اختيارهم ،  وبقي علينا أن نعرف وسائلها المطروحة اليوم في السياسة الأمريكية كنموذج([21])، وسنذكر بعض تلك الوسائل المستخدمة في الحرب الناعمة مع توضيح بعض النتائج التي ظهرت في المجتمع العراقي ، منها([22]) :

  1. المنتجات والسلع الامريكية بأشكالها الصحية والغذائية والميكانيكية والتكنولوجية وغيرها ، والتي تُبرز جانب التطور الصناعي والتكنولوجي الأمريكي وهذه الأداة شرٌّ لابد منه باعتبارها تحقق شيئاً من الرفاهية لمقتنيها وتحاكي غرائزه الداعية لامتلاك الافضل ، ولكنها تعمل وبشكل غير مباشر _باللاوعي_ في نفوس المتلقين بالانتماء والحاجة لأمريكا حاجة ضرورية ، وقد لاحظنا آثار هذه الأداة في تحقيق التطبّع و مقبوليّته لدى عامة الشعب السعودي , لانتشار المنتجات والماركات الامريكية وفروع العلامات التجارية كـ " ماكدونالدز " وغيرها إذ يقرب عدد الشركات الامريكية حول العالم 500 شركة بالإضافة إلى 62 % من أهم العلامات التجارية العالمية أمريكية([23]) ، أما في العراق فقد بدأ هذا النوع من التطبّع بعد الاحتلال الامريكي للعراق وأخذ ينتشر ببطء بين رافض وموافق فالرافض يعزّي رفضه بالمقاطعة لكون أمريكا دولة محتلة للعراق وفرضت عليه حصاراً دام 12 سنة ولكن مؤخراً وصل الأمر لمقبوليته في المجتمع باعتباره حق شخصي لا يمكن الاعتراض عليه فهو مخالف للديمقراطية ، إذن هم وصلوا إلى ما أرادوه ، فهي حرب ناعمة([24]).
  2. المؤتمرات العلمية التي تدعمها أمريكا لتحقيق ذات الغرض من التطبّع وزرع المقبوليّة في نفوس المشاركين والمتلقين من النخبة المثقفين بشكل عام.
  3. استقبال اللاجئين واحتضانهم وتوفير وسائل الراحة لهم ، له تأثير ايجابي في تقبل السياسات الامريكية سواءً من اللاجئين أو من ذويهم و معارفهم في بلادهم الأصل([25]).
  4. الطلبة المبتعثين الدارسين في أمريكا والذين تكون لهم انطباعات ايجابية عن مجتمعها وسياستها , فيكونون سفراء غير رسميين لها إذ أن نسبة كبيرة من الطلبة الدارسين خارج بلدانهم يدرسون في امريكا([26]) ، ومن الملاحظ أنّ هذه الوسيلة متاحة للعراقيين بشكل محدود ليس كما هي عليه مع دول الخليج ، باعتبار العراق لم يدخل في حالة الخضوع المطلق لأمريكا بعد ، إذ لازال لديه النَفَس الثوري الجهادي ومن المرجح أن تكون هناك تسهيلات كبيرة بعد أن تم بناء شخصية جديدة في الشارع العراقي تنسجم مع مراد السياسة الامريكية ، ولكن وجود طلبة عرب يدرسون في أمريكا الان مع تمويل لمشاريعهم بالإضافة إلى الامتيازات الاخرى هو بحد ذاته حرب ناعمة تجذب الشباب العراقي لتغيير قيمه ومساره للحصول على هذه الامتيازات ، وقد أعلنت السفارة الامريكية في بغداد عن بدء المنافسة على برنامج " فولبرايت "  " FULBRIGHT " للطلبة الاجانب الدارسين في امريكا للأعوام 2019_2021 مع امتيازات دراسية ودعم خاص للفائزين([27]) .
  5. دعم القوميات والأقليات وزرع الطائفية ، وهذا ما نلاحظه واضحاً في دعم السياسة الامريكية بشكل خاص لإقليم كردستان بحجة حماية الأقليات حتى وإن كانت مطالبهم مخالفة للدستور العراقي ، وكذلك فإن البت بقرار توزيع المناصب العليا الثلاث من  وفق القومية والمذهبية بحجة الديمقراطية والمساواة بين اطياف الشعب العراقي هو قرار امريكي بامتياز لكي يضمن وباستمرار وجود النفس الطائفي والعرقي والذي تطور فيما بعد ومهد لدخول داعش الاجرامي للعراق وقيامه بجرائم بحق الانسانية تسيء للدين الاسلامي ومبادئه.
  6. دعم السياسات الحاكمة والأحزاب , لتقديم نموذجين:

الأول : نموذج حسن ليكون قدوة في المنطقة وطموح البلدان العالمية والإقليمية ، ومثال لهذا النموذج في الشرق الأوسط "دولة الإمارات فسياستها الديمقراطية واقتصادها المتنامي بشكل سريع ، تعد قدوة لزرع انطباع حسن في المجتمعات المختلفة سواءً في البلاد الإسلامية أو في غيرها ، والذي يدفع الشعوب للثورات ومحاولة تغيير الأنظمة لجعله كهذا النموذج الإمارات حتى لو تطلب الأمر التخلي عن المبادئ والقيم والعقائد وإتباع كل خطوات الطاعة للسياسة            الأمريكية ، وكل هذا بشكل ناعم وإيحائي غير مباشر ، ولا يختلف اثنان حول وجود هكذا انطباع في المجتمع العراقي خصوصاً.

والثاني : تقديم نموذج سيء الانطباع وذلك عن طريق اتاحة فرصة الحكم للجماعات والأحزاب التي تحمل فكراً مغايراً للسياسة الامريكية ، ومع الكثير من الضغوطات المادية و الخفية على السياسيين يظهر للرأي العام عدم صلاحية أفراد هذه الاحزاب للحكم بل وقد يتطور الاعتقاد إلى عدم صلاحية الفكر والمبدأ التي قامت عليه الاحزاب سواء أكان مبدأ ديني أو فلسفي ونحوه ، وقد اتاحت السياسة الامريكية _بعد احداث 2003_ الفرصة للأحزاب الاسلامية في العراق (شيعية وسنية) تسلّم السلطة ، ونتيجة للإخفاق المتكرر في الحكومات العراقية المتعاقبة أصبح الرأي العام متيقناً ناقماً من تلك الاحزاب بل من كل حزب سياسي بغض النظر عن خلفياته الفكرية والتاريخية والسياسية ، والأكثر من ذلك تعداه إلى المساس بالمقدسات والثوابت الدينية ، وهذه الوسيلة أشد خطورة وتعقيداً من غيرها.

  1. الوسائل الإعلامية : الانترنت والفضائيات وأفلام هوليوود والصحف الورقية والالكترونية ، وكافة البرامج الاعلامية الاخرى ، والتي تحتوي على الكثير من عمليات الصياغة المحترفة لتغيير المفاهيم والمبادئ حسب ما يتناسب مع توجهات السياسة الأمريكية ، وزرع الانطباع الحسن في الأذهان عنها ، والتي تُظهر أمريكا كأنها بطلة الموقف في انقاذ العالم من الشرور والأحقاد ، تقول بثينة الناصري في تقديمها لكتاب " الاعلام الامريكي بعد العراق القوة الناعمة": (امريكا استخدمت ولا تزال القوتين لصالح تحقيق المصالح الامبراطورية : السلاح للسيطرة على الارض وما فوقها وما في باطنها من موارد ، والإعلام للسيطرة على العقول ، واحتلال الأرض يبدأ باحتلال العقول واحتلال العقول يبدأ من احتلال اللغة .... استخدام مفردات تؤدي إلى تغيير المفاهيم وطرق التفكير فأن تنتمي مثلا إلى " الشرق الأوسط " غير أن تنتمي إلى " الوطن العربي " اللغة تعكس الفكر بل وتشكّله ايضاً)([28]) فالإعلام يمحو القيم ويغيّر المفاهيم بمفاهيم جديدة تخدم السياسة الامريكية ابتداء من شيء قد يعتبره المتلقي بسيطاً ألا وهو " اللغة ".
  2. وسائل التواصل الاجتماعي والتي تعد منصات للحرب الناعمة بما فيها من صفحات تدعم السياسة الامريكية بشكل مباشر ، أو من خلال إتاحة الفرصة للانفتاح على الثقافة الامريكية وحياة وتجارب المبتعثين و اللاجئين أو حتى آراء المتعاطفين مع السياسة الامريكية والمتطلعين لها ، والتي من شأنها أن تكون أكثر مقبولية وتأثير بشكل خفي غير مدعوم ، فهذه الحالات لا تظهر وكأنها دعاية ولا إرغام على الخضوع ، غاية الأمر إتاحة الفرصة للمتعاطف مع امريكا أن يلقي رأيه الكتابي أو الصوتي أو المرئي ، وتوفر لهم خدمات GOOGLE دخل شهري لا بأس به لنشاطهم على YOUTUBE وغيره من خدماتها ، ومن جانب آخر عندما يظهر الرافضون للسياسة الامريكية بمنطق بذيء لا أخلاقي و غير عقلائي ورجعي متخلف بلا دليل ولا مقاومة فكرية تليق بالمستوى المطروح من حرب ناعمة ضدهم ، عندها سيكونون للأسف أداة للحرب الناعمة تبيض وجه السياسة الامريكية ، لذا في هذا المقام نوجه دعوة للتعقّل والتمسك بالأخلاق الاسلامية في مواقع التواصل الاجتماعي إذ أن كل كلمة ستكون مؤثرة سلباً أو إيجاباً.

المطلب الخامس : متغيرات المجتمع العراقي السلوكية والفكرية في ضوء الحرب الناعمة :

مرّ العراق بعد أحداث 2003 بمتغيرات سريعة وعلى مختلف الاصعدة ، وقد كان الفرد العراقي أبان حكم صدام حسين متطلعاً للخروج من سلطته الدكتاتورية ولهذا قام بانتفاضات متكررة باءت بالفشل وتمخضت فيما بعد بالاستعانة بالقوات الامريكية بزعم وجود اسلحة دمار شامل وكون صدام حسين مجرم حرب ، فكان المجتمع العراقي يأمل أن يتحسن وضع العراق الامني والاقتصادي في ظل أحزاب إسلامية تأخذ بيده نحو برّ الأمان والتقدّم ، وكان هذا التوجه يشكّل خطراً على المصالح الامريكية في العراق ، لالتفاف المجتمع حول قادته ومرجعياته الدينية ولهذا ظهرت عمليات تصفية غامضة بعض الشيء منها اغتيال السيد محمد باقر الحكيم والقيادي عز الدين سليم وغيرهما , لتفكيك الوضع السياسي وخلق حالة من الارباك فيه ، وقد ظهرت احزاب اسلامية جديدة التشكيل مع امكانية دخولها في الانتخابات بالرغم من الجزم بعد كفاءتها في ادارة البلد ، إذ أن التديّن لا يضفي شيئاً من الكفاءة على ادارة شؤون الدولة فلابد من وجود مقومات اخرى كأن يكون مطلعاً على العلوم السياسية ، والإدارية والتنمية البشرية وما إلى ذلك كما هو متبع في أمريكا وهذا ما عمدت الادارة الامريكية من أول يوم على تجاهله لتقضي على قوة التمسّك والالتفاف حول القادة والمرجعيات الدينية ، لتتجنّب أي إضرار بمصالحها في العراق ، وتلقي بكرة الفشل السياسي بمرمى الاحزاب الحاكمة لتخرج هي سالمة ، على الرغم من أن بوادر الفشل واضحة من أول يوم وكان من المتعيّن أن يتم تلافيها فيما بعد لولا ظهور الحرب الطائفية والمواجهات المسلحة والتي شغلت حيزاً كبيراً من الاهتمام والأموال والجهود والأرواح لإخمادها ، بعد كل ما تقدّم فإنّ هناك الكثير من المتغيرات السلوكية والفكرية خصوصاً مع تغيّر صفة الحرب الامريكية على العراق بتحوّلها في الغالب إلى " حرب ناعمة " ومنها :

  1. تحوّل الشعائر الدينية إلى طقوس وانخفاض الحضور في المساجد والحسينيات مقارنة بـ 2003 ، فهناك انخفاض في نسبة التديّن العملي وزيادة التعلّق بالماديات والمظاهر نتيجة الانفتاح على العالم الخارجي.
  2. تفشي حالة اليأس من تغيّر الحال وعدم جدوى أي اصلاح ونتج عنه تقبّل أي تدخل خارجي أمريكي أو غيره لتغيير الحكومة الحالية وتشكيل حكومة طوارئ كما غيّرت حكومة صدام حسين دون أي اعتراض وللسبب نفسه وهو الوصول إلى حالة اليأس وانعدام الأمن وللتخلّص من الجحيم الذي يعيشه وقد انتبه لهذا الانطباع عالم الاثار البريطاني فيليب فلاندران حيث ينقل مستغرباً عن أحد مرافقيه العراقيين إلى زقورة أور قرب مدينة الناصرية أبان الأيام الأولى للاحتلال الامريكي للعراق فيقول : ( وكان المترجم أمير دوشي القارئ النهم يفضل مقولة سيغموند فرويد ونظريته الخاص بالأفعال الناقصة ، وقضية الجيش الامريكي هي أبعد من أن تثير غضبه ، إنها على العكس تسبب له الرضا والارتياح ، كان صدام بالنسبة إليه شيطاناً مريداً ، وكان العراق جهنّم حقيقية)([29]).
  3. الشك بالقيادات الدينية والسياسية نتيجة سوء الأداء الحكومي والصراعات السياسية وتغلّب المنفعة الحزبية على منفعة البلد ، كما وظهر توجّه يحمّل المرجعية الدينية مسؤولية ذلك رغم أنه لا ملازمة بين الامرين ، ولكن لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورها في الحرب النفسية بإطلاق الاشاعات و كذلك الحرب الناعمة التي جندت الرأي العام بهذا الشكل ويكفي للاستدلال ما نلاحظه من خلال أبسط نقاش مع عامة الناس أو من خلال ملاحظة التعليقات على المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي.
  4. التفكك الأسري نتيجة إدمان وسائل التواصل الاجتماعي وفك الارتباط الوثيق الذي حثّ عليه الدين الاسلامي ، ولهذا التفكك تداعيات خطيرة تؤدي إلى التحلل والتفسخ الاخلاقي القيمي إذ أصبح المربي اليوم هو موقع التواصل الاجتماعي لا الاسرة.
  5. ظهور حالة الفوضى المعرفية وازدواجية القيم والمبادئ , نتيجة الانفتاح المعرفي على العالم وبزمن قياسي مقارنة اواخر القرن الماضي ، إذ أصبح كل شيء متاحاً للجميع وليس للنخبة فقط ، وقد يساء التعامل مع هذه المعرفة الواسعة أو قد يعتمد على مبادئ معرفية غير أصيلة في مجال تخصصها لكون المتلقي غير مختصاً في الموضوع الذي يبحث عنه ، كما أن طبيعة منشورات مواقع التواصل الاجتماعي كما ذكرنا تحتوي على الكثير من التجزيء للمعرفة والتي تعطي انطباعاً سيئاً حول موضوع ما أو شخص ما أو العكس ، وهذا ما نلاحظه اليوم من مدح لنظام صدام حسين وشخصية صدام حسين بالرغم من كونها سياسة دكتاتورية في الواقع ولكن لأن المنشورات تنقل جزءً من الحقيقة تجعل المتلقي يتصوّر عدالة ذلك النظام للأسف ، وهذه ظاهرة تحتاج تنظيم معرفي شامل.

 ويسمّى هذا النوع من المعرفة بـ"المعرفة المشاعية" والتي عرّفها بيكر بـ (هي مجرد شيء لا يصدّق ، شموليتها الحقيقية ضخمة ، وهي غريبة ودقيقة وفوضوية و مضحكة وصادمة ومليئة بالخلافات المستعرة ، كما انها مجانية وسريعة)([30])، ومن مساوئها أنها تنشئ (مستنقعاً مروعاً من المعلومات الخاطئة والشائعات والإساءات والتشهير والمشادات المتحزبة والآراء الجاهلة ، والمزاعم غير الموثقة)([31]).

  1. فقدان الحس الوطني والانتماء للوطن وذلك نتيجة الفساد الاداري والمالي المتفشي في العراق وفقدان الامل بفاعلية التغيير عبر صندوق الانتخابات ، وولّد بالنتيجة هجرة جماعية سُلطت عليها الاضواء ايام دخول داعش للعراق , وكأنّ هناك خطة لتشويه صورة المسلمين كونهم يقتلون بعضهم البعض وبشكل دموي بشع خارج الاعراف الدولية هذا من جهة ومن جهة اخرى ابراز الوجه الناصع للغرب والعولمة كونه استقبل أولئك الهاربين من سطوة الارهاب الاسلامي والحقيقة أن ما تناقلته وسائل الاعلام العراقية من القاء المروحيات الامريكية مظلات تحمل اسلحة وغذاء لداعش يثبت التعاون الامريكي الاستخباراتي مع الجماعات المتطرفة في العراق و لو راجعنا بشكل سريع أسس قواعد الحرب لعرفنا أنّ كل ذلك مخطط له فضمن قواعد لعبة الحرب الثلاث والثلاثون هناك قاعدة تقول: ((اظهر بمظهر من يعمل من أجل مصالح الاخرين بينما تعزز مصالحك ... الطريقة المثلى لكي تتقدم بقضيتك بأقل جهد ممكن ، وأقل سفكاً للدماء ، هو أن تخلق شبكة متغيرة من الحلفاء ، جاعلاً الآخرين يعوضون عن النواقص التي لديك والقيام بأعمالك القذرة وخوض حروبك بدلاً عنك))([32]) ، وهذا الاسلوب الامريكي كان واضحاً في دعم طالبان أمام المد السوفيتي في افغانستان ، كما ويتكرر المشهد عينة في اليمن إذ تدفع امريكا عن نفسها وبلا جهد منها الحوثيين عن السلطة في اليمن ، ولكن بسلاح وجنود اماراتيين وسعوديين وسودانيين لتقف هي تتفرج على المشهد الدموي اللا إنساني ، بل فوق ذلك تقوم ببيع الاسلحة على الدول المشاركة بهذه الحملة الوحشية فتضرب عصفورين بحجر مصالحها([33]).

وبعد لغط اللجوء والهجرة أخذت قناة " DW " الألمانية تعمل على ترسيخ فكرة الالحاد والدعوة لمفاهيم العولمة كـ الديمقراطية والمساواة وحقوق المرأة وحقوق الانسان من خلال المحاورات التي تجريها مع اللاجئين الملحدين أو من تركوا الاسلام واعتنقوا المسيحية وفي المقابل لا تجعل الرأي الأخر واضحاً في صياغته ولا في قوة حجته([34]).

المبحث الثاني : الالحاد المعاصر في العراق

المطلب الأول : حول مفهوم " الإلحاد " "ATHEISM  " :

نعني بـ" الإلحاد " : الكفر بالله والميل عن طريق أهل الايمان والرشد([35]) ، وقد يُقسّم الالحاد إلى عدة أقسام ، هي([36]) :

  1. الالحاد المطلق : هو انكار الالوهية وما يتفرع عنها من رسل ورسالات.
  2. الالحاد الجزئي : هو الاعتراف بوجود اله خالق مع انكار تصرفه وسيطرته على شؤون البشر.
  3. اللاقدرية والعدمية : وهو اليأس من عدالة الأرض والسماء والشعور باللا جدوى.
  4. الالحاد العابر : وهو ما يكون في مرحلة من مراحل العمر وخاصة المراهقة والشباب.
  5. الالحاد الباحث عن اليقين.
  6. الالحاد الانتقامي : الموجه ضد رمز او رموز او ممارسات دينية مكروهة او مرفوضة لديه
  7. الالحاد التمردي : هو التمرد على السلطة أياً كان نوعها.

المطلب الثاني : أسباب الالحاد في العراق :

 كنتيجة لما تقدّم في المبحث السابق من اتساع وسائل الحرب الناعمة ودخولها في أبسط نواحي الحياة في المجتمعات المستهدفَة ، وكذلك بساطة المجتمع العراقي في التعامل مع هذه الحرب التي يجهل غالبية الشعب العراقي ماهيتها وطرقها ووسائلها كنتيجة طبيعية لكل ذلك أن تظهر بعض المتغيرات السلوكية والفكرية كما ذكرنا أيضاً وتتبلور هذه التراكمات المغلوطة عن الدين وسلوكيات المجتمع لتهرب من واقع المواجهة والتصحيح لوهم الالحاد وإنكار البديهيات.

وقد ظهر على شاشة قناة " DW " الألمانية وخلال برنامج شباب توك الشاب العراقي جمال البهادلي (28 عاماً)_وهو أحد الملحدين _ ، قد لخّص سبب إلحاده بما يلي:

  1. التراث الاسلامي وحروب الفتوحات.
  2. تعارض الدين مع العلم _حسب زعمه.
  3. قوى وميليشيات متطرفة تمثل الاسلام([37]).

ونلاحظ من الاسباب أعلاه أنّ أثر الحرب الناعمة واضحة نتيجة لما تمّ زرعه في النفوس من خلال اختلاق أزمات الارهاب والحرب الطائفية ، واختلاق الازمات السياسية بين اقطاب الحكم المختلفة أو داخل القطب الواحد ، بالإضافة إلى الانفتاح المعرفي دون أن تكون هناك أدنى معرفة بالتخصصات الاسلامية ، فمن المؤاخذ على كلام " جمال " أنّه نقد التراث دون الاحاطة بكامل تفاصيل التراث وطرق قبوله ورفضه ، وقد ألفت بذلك مؤلفات عديدة وآراء قبولها ورفضها متباينة ، كما وقد قام الملحدون الجدد بالقياس بين واقع الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى وتحجيمها للعلم وتبنيها لما يتنافى مع العلم وبين المؤسسة الدينية الاسلامية ، واستنتجوا استنتاجاً ناقصاً أن سبب التخلّف في المجتمعات العربية والإسلامية هو الدين الاسلامي ، متناسين طبيعة الاستعمار المحتّم على دول العالم الثالث والنامي الذي يقضي بجعل هذه البلدان مستهلكة لا منتجة ، ومتغافلين عن طبيعة الفرد العربي الانهزامي الذي لا يطمح بتغيير واقعه إلّا بترديد امجاد الأسلاف والتحسّف على أطلال الماضي دون العمل على التكاتف مع مجتمعه ، وكيف يدرك الملحد تلك الانهزامية وهو أشد أفراد المجتمع إنهزاماً وهروباً من الواقع ، وأي هروب هو التخلي عن الدين والتمرّد على ألطاف الخالق سبحانه وتعالى ، فأزمة الالحاد أزمة نفسية فكرية لم تفهم سنة التاريخ وسنن الله تعالى في أرضه ، والذي منح الانسان العقل والاختيار لينظر له تعالى ما يصنع في حياته فيجازيه على صبره وإحسانه.

المطلب الثالث : منهج الاسلام في مواجهة الالحاد والزندقة :

       لقد كرّم الله تعالى الانسان ، فقال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾([38]) ، وهذا التكريم والتفضيل ما كان إلا بالعقل والاختيار([39]) ، ولذا اعتمد الامام الصادق _عليه السلام_ في مواجهة الملحدين على المناظرات والحوارات العقلية والإشارات الحسية والخفية التي تخاطب وجدانهم وعقلهم الفطري السليم.

ومن أمثلة ذلك ما ورد في كتب الحديث أنه سأل أحد الملحدين الإمام الصادق           (عليه السلام) قائلا : ما الدليل على أن الله صانع ؟

 فقال (ع) : وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعها صنعها ، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني ، علمت أن له بانيا ، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهد ؟.

 قال : فما هو ؟ قال (ع) : هو شيء بخلاف الأشياء ، أرجع بقولي شيء إلى إثباته ، وإنه شيء بحقيقته الشيئية ، غير إنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس ، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا يغيره الزمان.

قال السائل : فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقاً.

قال ( ع ) : لو كان ذلك كما تقول ، لكان التوحيد منا مرتفعا لأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم ، لكنا نقول : كل موهوم بالحواس مدرك بها تحده الحواس ممثلا ، فهو مخلوق ، ولا بد من إثبات كون صانع الأشياء خارجا من الجهتين المذمومتين : إحداهما النفي إذا كان النفي هو الإبطال والعدم ، والجهة الثانية التشبيه بصفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف ، فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين ، والاضطرار منهم إليه ، إنهم مصنوعون ، وإن صانعهم غيرهم وليس مثلهم ، إن كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا ، وتنقلهم من صغر إلى كبر ، وسواد إلى بياض ، وقوة إلى ضعف ، وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها .

قال الملحد : فأنت قد حددته إذ أثبت وجوده ؟

فقال الصادق (ع) : لم أحدده ولكني أثبته ، إذ لم يكن بين الإثبات والنفي منزلة([40]).

من خلال هذه الرواية وغيرها يتضح جلياً أنّ منهج الامام الصادق عليه السلام في الرد على الملحدين هو منهج عقلي فلسفي بعيد كل البعد عن التعدي باللفظ أو الفعل بل التزاماً بقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ * وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ([41]).

فما أحوجنا _في مجتمعنا العراقي_ لإتباع منهج القرآن الكريم والعترة الطاهرة في التعامل مع الملحدين الذين غرّتهم التيارات الفكرية والاتجاهات الفلسفية وترسّبت في أذهانهم المفاهيم المغلوطة عن الاديان بشكل عام والإسلام بشكل خاص وكما تقدّم بيانه ، وما أحوجنا أن ترتكز نقاشاتنا وحواراتنا إلى العقل وتنطلق من الروح الانسانية المفعمة بالأخلاق ، فقد مرّ المجتمع العراقي بموجة الحاد في سبعينيات القرن ولكن سرعان ما تراجع إلى حد بعيد و انبثقت الروح الايمانية من جديد نتيجة ظهور علماء مصلحين ومجددين ردموا الصدع ونهضوا رغم الظروف الصعبة ابان حكم حزب البعث المنحل ، وذهب جمع غفير منهم شهداء لينيروا لنا الطريق قدس الله اسرار الماضين وحفظ الباقين.

ففي عالم الامكان لا يوجد شر مطلق بل كل شيء نسبي يمكن أن نوجهه بالاتجاه               الايجابي , لنبدل الفرقة بالوحدة والتشتت بجمع الشمل ، إذ نستطيع أن نغيّر حالة الانكسار إلى عنفوان ينطلق بالمجتمع إلى مصاف الدول العظمى ، فالإلحاد حالة عارضة تزول مع زوال أسبابها وينبغي أن يتم احتواءها بالقوة الناعمة كما انتشرت بالقوة الناعمة نفسها ، ولا تستحق أن تواجه بالقوة والعنف فتكون قضية رأي عام تعود بالنفع على أعداء الإسلام فتُسلّط عليها الأضواء فتكون أداة من أدوات الغزو الناعم التي تزيد كفّة الجانب الآخر ، فالأسلم لنا هو التزام منهج القرآن الكريم الواضح في الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

ويمتاز الالحاد في العراق بأن يكون الملحد عدائياً تجاه مجتمعه ، ينظر بنظرة استعلائية متكبرة ، يحاول أن يقتل ويصفي جسدياً من يقف بطريقه ، يحاول أنم يهدم المساجد والحسينيات ، أن يصنع من المساجد القديمة متاحفاً ، أن يُرغم ويفرض ما يراه مناسباً على مجتمعه([42]) ، وهو بالتالي يتحدث عن طموحه بإقامة نظام دكتاتوري يكون أكثر اجراماً من المليشيات والقوى المتطرفة التي كانت بالأساس سبباً في الحاده .

وبالرغم من ذلك يحتاج الملحد إلى الاحتواء لا إلى المواجهة العنيفة , ليتمكن من ترتيب أفكاره من جديد ويعيد حساباته وأن لا يقع في التناقضات والتعميمات غير المنطقية التي وقع فيها.

  

 الخاتمة

إذن فالأداء الحكومي والسياسي والوضع الامني والاقتصادي قاد فئة من الشباب لاعتناق الالحاد وكذلك اصبحت غالبية المجتمع منقاد إلى حرب ناعمة تؤثّر في سلوكياته  ولكي نقضي على هذه الظواهر السلبية لابد من القضاء على مقدماتها وذلك حسب التوصيات التالية:

  1. الحد من الفساد الاداري والمالي ، وذلك عن طريق التعاون المشترك ما بين المنظرين والمختصين من جهة وبين الحكومة العراقية من جهة أخرى ووضع برنامج متكامل للحد من هذه الظاهرة التي انهكت العراق العزيز.
  2. وكذلك وضع الدراسات المناسبة لتلافي النزاعات بين طوائف الشعب العراقي والجلوس على طاولة الحوار الواعي بخطورة الحرب الناعمة المستفيدة من التفكك والعداوات.
  3. كما ونحتاج لبرامج توعويّة وتعبوية يضعه المختصون في العلوم الدينية و السياسية والإعلامية يستفيدون من " القوة الناعمة " لينهضوا بالواقع ويأخذوا بيد المغيَّبين والمستغَلين إلى بر الأمان ، فالانفتاح المعرفي المعاصر يحتاج إلى انفتاح معرفي مضاد يبيّن العقائد والدين ومفاهيم القرآن وفق نظرة عصرية جديدة تجمع القلوب وتغسل الارواح لتنهض شفافة خالية من شوائب الشبهات و تصدّع الأزمات.
  4. كما ونحتاج لبرامج ثقافية دينية عصرية تجذب المشاهد كما كان يطرحها الدكتور مصطفى محمود المصري ، وتكون موجهة لتزرع في الفرد حب الوطن والعمل والبناء وحب العالم الاسلامي لتكون نواة لمدّ جذور التواصل والتكاتف بين دول الاسلام.
  5. عقد المؤتمرات العلمية المختصة بالعلوم الاسلامية والسياسية والتنمية البشرية وإقامة ورشات ودورات من شأنها أن تحسّن من سلوك الانسان وتغيّر من نظرته للحياة والمجتمع وتزرع روح الفاعلية فيه ، كما والتغطية الاعلامية الشاملة لهكذا نشاطات ضرورية لخلق جيل مثقفٍ واعٍ.

15

  • أن تقوم الأحزاب السياسية بإعداد نخبة من السياسيين والإداريين ليكونوا قادة ومستشارين في المستقبل ، يكسبوا الخبرة منذ نعومة اظفارهم للخروج من الأزمات المفتعلة التي جرّت الويلات على بلدنا العزيز.
  1. أن تجدد المؤسسة الدينية خطابها وتؤصّل التراث لتميّز ما هو أصيل عمّا هو مختلق ومفتعل نتيجة الدوافع السياسية والمذهبية ، وكذلك العمل على تهيئة خطباء ذوي اطلاع على العلوم السياسية والاجتماعية والنفسية فضلاً عن تخصصه الديني ليكون منبره اداة بناء قوية رصينة.
  2. تخليد قصص الشهداء ووصاياهم بما يتناسب مع حجم التضحيات التي قدموها لخدمة العراق والبشرية جمعاء وهم يسطرون أروع الملاحم البطولية ضد الارهاب المتمثّل بالقاعدة وداعش ، لترسيخ الروح الثوريّة والحماسية في نفوس الجيل الصاعد ليحمل مسؤوليته الوطنية والإسلامية.

 

  المصادر

  • الكتب:
  1. القرآن الكريم .
  2. الاحتجاج ، أحمد بن علي الطبرسي ، دار النعمان ، الطبعة الاولى 1966 ، الجزء:2.
  3. الاعلام الامريكي بعد العراق القوة الناعمة ، نيثان غردلز و مايك ميدافوي ، ترجمة وتقديم: بثينة الناصري ، المركز القومي للترجمة ، القاهرة 2015 .
  4. الالحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها ، عبد الرحمن عبد الخالق ، الرئاسة لعامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء ، الطبعة لثانية 1404 هـ .
  5. الالحاد مشكلة نفسية ، عمرو شريف ، نيو بوك ، الطبعة الأولى 2016.
  6. الحرب الناعمة الأهداف وسبل المواجهة ، الشيخ كاظم الصالحي، المركز الاسلامي للدراسات الإستراتيجية النجف الأشرف .
  7. الحرب الناعمة المفهوم النشأة وسبل المواجهة ، اعداد مركز قيم ، جمعية المعارف الاسلامية ، الطبعة الأولى 2011.
  8. الحرب الناعمة قراءة في أساليب التهديد وأدوات المواجهة ، اعداد مركز قيم للدراسات ، جمعية المعارف الاسلامية ، 2013 .
  9. الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان ، د. عبد الوهاب المسيري ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 2003.
  10. القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية ، جوزيف. س ناي ، ترجمة : د.محمد توفيق البجيرمي ، العبيكان ، السعودية _ الرياض ، الطبعة الأولى ، 2007.
  11. الكافي ، الكليني ، محمد بن يعقوب 329 هـ ، ت:علي أكبر الغفاري ، الحيدري ، دار الكتب الاسلامية _ طهران ، الطبعة الرابعة.
  12. المرجع في الحرب النفسية ، مصطفى الدباغ ، دار الفارس ، الاردن 1998 ، الطبعة الاولى.
  13. الموسوعة النفسية ، د. عبد المنعم حقي ، مكتبة مدبولي ، القاهرة 1995.
  14. الميزان في تفسير القرآن ، السيد محمد حسين الطباطبائي ، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية _ قم ، الجزء : 13.
  15. فن الحرب ، أحمد ناصيف ، دار الكتاب العربي ، حلب 2010 ، الطبعة الاولى.
  16. كيف نهب العراق حضارة وتاريخاً ، فيليب فلاندران ، ترجمة انطوان الهاشم ، عويدات ، بيروت 2005 ، الطبعة الأولى.
  17. مجلة الرصد ، العدد (32) شهر (12) عام 2016 ، تصدر عن المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية ، النجف الأشرف.
  18. مجلة الرصد ، العدد (33) شهر (2) عام 2017 ، تصدر عن المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية ، النجف الأشرف .
  19. معالم الحرب الناعمة رؤية الامام الخامنائي ، مركز الحرب الناعمة للدراسات ، لبنان _ بيروت ، الطبعة الأولى ،
  • المواقع الالكترونية :

     1.https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%88%D8%B2%D9%8     A%D9%81_%D9%86%D8%A7%D9%8A .

  1. 2. https://iq.usembassy.gov/ar/announcing-fulbright-foreign-   student-program-2019-2021-ar.

 

 

 

 

([1]) ينظر : https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%88%D8%B2%D9%8A%D9%81_%D9%86%D8%A7%D9%8A

 

 

([2]) القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية ، جوزيف. س ناي ، ترجمة : د.محمد توفيق البجيرمي ، العبيكان ، السعودية _ الرياض ، الطبعة الأولى ، 2007 ، ص: 12.

 

 

([3]) المصدر نفسه :24_25.

 

 

([4]) المصدر نفسه : 23.

 

 

([5])  ينظر: فن الحرب ، أحمد ناصيف ، دار الكتاب العربي ، حلب 2010 ، الطبعة الاولى ، ص: 30_32.

 

 

([6]) ينظر:الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان ، د. عبد الوهاب المسيري ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 2003 ، ص: 171 ، وكذلك : الحرب الناعمة المفهوم النشأة وسبل المواجهة ، اعداد مركز قيم ، جمعية المعارف الاسلامية ، الطبعة الأولى 2011 ، ص:18 ، و الحرب الناعمة قراءة في أساليب التهديد وأدوات المواجهة ،اعداد مركز قيم للدراسات ، جمعية المعارف الاسلامية ،2013 ، ص: 96.

 

 

([7]) القوة الناعمة : 65.

 

 

([8]) ينظر: معالم الحرب الناعمة رؤية الامام الخامنائي ، مركز الحرب الناعمة للدراسات ، لبنان _ بيروت ، الطبعة الأولى ،  2014 ، ص:7.

 

 

([9]) الحرب الناعمة الأهداف وسبل المواجهة ، الشيخ كاظم الصالحي، المركز الاسلامي للدراسات الإستراتيجية النجف الأشرف ، ص:17.

 

 

([10]) المرجع في الحرب النفسية ، مصطفى الدباغ ، دار الفارس ، الاردن 1998 ، ص : 16.

 

 

([11])الموسوعة النفسية ، د. عبد المنعم حقي ، مكتبة مدبولي ، القاهرة 1995 ص: 339 .

 

 

([12]) ينظر: الموسوعة النفسية ، ص : 338.

 

 

([13]) ينظر: الحرب الناعمة المفهوم النشأة وسبل المواجهة، ص: 17.

 

 

([14]) النحل:67.

 

 

([15]) البقرة :219.

 

 

([16]) البقرة :143.

 

 

 ([17])البقرة:96.

 

 

 ([18])الحديد : 27.

 

 

([19]) الكافي ، الكليني ، محمد بن يعقوب 329 هـ ، ت:علي أكبر الغفاري ، الحيدري ، دار الكتب الاسلامية _ طهران ، الطبعة الرابعة ، باب الطاعة والتقوى،الحديث:7 ، الجزء :2 ، ص:75.

 

 

([20]) الكافي : باب الورع ، الحديث : 14 ، الجزء : 2 ، ص 78.

 

 

([21]) الحرب الناعمة ليست حرب أمريكية فقط انما تتأجج بأبهى مراتبها ونظرياتها في السياسة الامريكية أكثر من غيرها من السياسات الأخرى وهذا لا يعني عدم وجود حرب ناعمة من قبل دولٍ أخرى كـ  " روسيا " " الصين " " تركيا " إلخ ، ولكن تختلف نسبة تأثيرها وشدتها من بلد إلى آخر ، وذلك حسب مرتبة تلك الدولة في تصنيفات القوة عالمياً.

 

 

([22]) الحرب الناعمة قراءة في أساليب التهديد وأدوات المواجهة : 155_156 ، و الحرب الناعمة الاهداف وسبل المواجهة : 33_81.

 

 

([23]) القوة الناعمة  : 63.

 

 

([24]) المصدر نفسه : 66.

 

 

([25]) المصدر نفسه : 63.

 

 

([26]) المصدر نفسه : 63.

 

 

([27])  كما ورد في الموقع الرسمي للسفارة الأمريكية في بغداد:

                       .https://iq.usembassy.gov/ar/announcing-fulbright-foreign-student-program-2019-2021-ar

 

 

 

([28]) الاعلام الامريكي بعد العراق القوة الناعمة ، نيثان غردلز و مايك ميدافوي ، ترجمة وتقديم: بثينة الناصري ، المركز القومي للترجمة ، القاهرة 2015 ، ص : 7.

 

 

 

([29]) كيف نهب العراق حضارة وتاريخاً ، فيليب فلاندران ، ترجمة انطوان الهاشم ، عويدات ، بيروت 2005، الطبعة الأولى ، ص :19.

 

 

([30]) وسائل الاعلام الجديدة البديلة والناشطة ، ليا ليفرو ، ترجمة : هبة ربيع ، المركز القومي للترجمة ، الطبعة الأولى 2016 ،  ص:216.

 

 

([31]) المصدر السابق : 206_207.

 

 

([32])  الحرب ثلاث وثلاثون استراتيجية ، روبرت غرين ، ترجمة سامر أبو هواش ، العبيكان ، الرياض 2009 ، الطبعة الأولى :539.

 

 

([33]) راجع : مجلة الرصد ، العدد (33) شهر (2) عام 2017 ، تصدر عن المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية ، النجف الأشرف  ، ص: 32_34.

 

 

([34]) راجع : مجلة الرصد ، العدد (32) شهر (12) عام 2016 ، تصدر عن المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية ، النجف الأشرف ، ص : 18_20.

 

 

([35]) الالحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها ، عبد الرحمن عبد الخالق ، الرئاسة لعامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء ، الطبعة لثانية  1404 هـ  ، ص 16.

 

 

([36]) الالحاد مشكلة نفسية ، عمرو شريف ، نيو بوك ، الطبعة الأولى 2016 ، ص:10.

 

 

([37]) راجع : مجلة الرصد ، العدد (32) ، ص : 18.

 

 

([38]) الإسراء : 70.

 

 

([39]) ينظر:الميزان في تفسير القرآن ، السيد محمد حسين الطباطبائي ، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية _ قم ، 13/161.

 

 

([40]) الاحتجاج ، أحمد بن علي الطبرسي ، دار النعمان ، الطبعة الاولى 1966 ، 2/69_70.

 

 

([41]) النحل : 125 .

 

 

([42]) تم تلخيص هذه السلبيات من خلال حوارات مع بعض الملحدين وأيضاً تم الاستقصاء عنها في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.