الزط والزنوج من سكان الاهوار

تراثيات

حسين جلوب الساعدي

رئيس مؤسسة الهدى للدراسات الاستراتيجية

( ذات النفع العام)

الزط :

سكن الاهوار (البطائح) في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق عام (85 ه) و انقرضوا في عهد المعتصم عام (219 ه) وهو الأمر الذي سنبحثه في بحث شبهات حول سكان الاهوار والذي نريد ذكره هنا من سكن البطائح وفهم الزط .

قال الجاحظ : ومن الذين سكنوا البطائح قوم يقال لهم الزط قدموا من الهند و استوطنوا جنوب العراق وثاروا أيام خلافة المأمون .

و الزط :حفاظ الطريق وهم جنس من السند يقال لهم (جتان) وقيل اسم لجنس هندي .

سكنوا البطائح في زمن الحجاج ولما رأى إمكانية بناء منطقه شبيهة بوادي السند و أضافهم لمن فيها من الأمم ومعهم أهليهم و أولادهم و جواميسهم فأسكنهم أسفل كسكر فغلبوا على البطيحه و تناسلوا فيها.

قال ابن الجوزي في المنتظم : الزط وهم أول من سكن البطائح.

وقال البلاذري : إن الزط البطائح أتى بهم الحجاج ومعهم أهليهم و أولادهم وجواميسهم  فأسكنهم أسفل كسكر فغلبوا عليها و تناسلوا فيها. و البعض يرى إن الزط سكنوا العراق قبل هذا التاريخ وكانوا حراس بيوت المال عند والي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) عثمان بن حنيف وقتل طلحه والزبير أربعين منهم وشاركوا مع أمير المؤمنين (ع) في حرب الجمل وكان عليهم (نورين علي).

وفي فتوح البلدان نص أخر أكثر وضوحا في الزط سكنوا البطائح:

إن الزط البطائح أتى بهم الحجاج ومعهم أهلوهم وأولادهم وجواميسهم فأسكنهم أسفل كسكر فغلبوا على البطيحه و تناسلوا فيها ثم انضوى إليهم قوم من أباق العبيد وموالي بأهله وخوله ومحمد بن سلمان بن علي و غيرهم فشجعوهم على قطع الطريق ومبارزة السلطان بالمعصية ولما كانت غايتهم إن يأتوا بالشيء الضعيف ويصيبوه غره من أهل السفينة فيتناولها منها ما أمكنهم اختلاسه وكان الناس في بعض أيام المأمون يتجافون الاجتياز بهم وانقطع الطريق من جميع ما يحمل إليه في ألبصره من سفن, وعاثوا في الطريق فسادا و اخذوا من البيادر ما يليها من ألبصره وأخافوا السبيل.

إذاً سكن الزط البطائح و تكاثروا فيها و سيطروا عليها وكانت لديهم ثورة الزط زمن المأمون ثم زمن المعتصم الذي قضى على وجودهم في البطائح وشتت شملهم و انتشروا في العالم و خصوصا أوربا و يطلق عليهم الغجر التي بداءت هذهِ الظاهرة الاجتماعية في جميع انحاء العالم اثر هذا الحدث.

و اشتهر عنهم قماش الزوطي الذي ظل يحلك و يستعمل في جنوب العراق حتى بداية القرن العشرين ويقال له جوت (زوط) وتلبسه العوائل الفقيرة وهو قماش ابيض يميل للصفرة داكن .

ومن الآثار التي ظلت في الاهوار لهؤلاء الزط هو وجود الجاموس الهندي الذي جلبوه معهم واصبح المصدر الرئيسي لحياة سكان الاهوار.

الزنوج :

سكن الزنوج الاهوار بعد الفتح الإسلامي حيث دخلوها بصفة عمال لغرض كسح السباخ لاصلاح الزراعة هاو كانوا عبيدا باقين من مواليهم او التحقوا بثورة الزنج فقد عمل الحجاج او حسان السبطي على تجفيف الاهوار و استصلاح الاراضي من خلال عملية التطياب اما من عليه الاصلاح في جهة البصره جنوب الاهوار فقد كان عليه تهيئة الاراضي الزراعيه تتم بطيرقة كسح السباخ حيث ان عددا كبيرا من الزنوج كانوا يعملون في كسح السباخ بالقرب من البصره.

فقد كان العبيد المستخدمون في اصلاح الاراضي وكسح السباخ والاملاح المتجمعه في بطائح العراق وعلى تماس بالبطائح و الاهوار ولما كانوا يقومون بهذه الاعمال ويعانون من العبوديه و الرق فكانت الاهوار ملاذا لهم فهربوا اليها والتحقوا بالزط و شاركوهم في اعمالهم .

يقول البلاذري : ان زط البطائح تناسلوا فيها ثم انضوى اليهم قوم من اباق العبيد وموالي باهله وخوله ومحمد بن سلمان بن علي وغيرهم فشجعوهم على قطع الطريق و مبارزة السلطان بالمعصيه.

وعاثوا في الطريق فسادا واخذوا من البيادر وما يليها من البصرة و اخافوا السبيل.

فالزنوج و العبيد امتد وجودهم و سكنوا البطائح وامتزجوا مع الزط وحرضوهم على قطع الطريق و محاربة السلطان وشاركوا في ثورة الزط في البطائح عام 219ه وبعد ثلاثة عقود من الزمن تنامى وجودهم حتى اعلنوا اكبر ثورة تمرد شهدتها البطائح المعروفة بثورة صاحب الزنج الذي اعتمد عليهم في حركته و احكم السيطره على البطائح اكثر من خمسة عشرة سنه وهدد بغداد و اخضع البصره والاهواز لسطوته .

وكانت البطائح ملاذا و منطلقا وحصنا لحركته و اسس المدن فيها التي منها مدينة المنصورة وبها احد قادته المسمى سلمان بن جامع واخرى مدينه في البطائح اقام فيها صاحب الزنج باسم المنيعه .

كانت للزنج مدينه باسم المختاره وكانت محصنه بالاهوار و الانهار و الخنادق والاسوار التي حاصرها الموفق العباسي في قتاله لصاحب الزنج وقد كان قوام جيش الزنوج في ثورتهم نحو ثلاثمائة الف مقاتل بسيف ورمح ومقلاع وهذا عدد كبير جدا يعكس الحجم السكاني للزنج في البصره والبطائح .

لمذا فقد سكنوا البطائح كعمال لكسح سباخ البطائح في البصره او ابقين هربوا من مواليهم الى البطائح او متمردين وكانوا قوم اكبر حركة تمرد في تاريخ الدوله العباسيه .