المعدان سكان الاهوار

                                                                                            حسين جلوب الساعدي                                          (الحلقة الأولى  )

يطلق على سكان الاهوار مصطلح (المعدان) وهل يقصد به وصف لهم ام ان يراد به قوم بعينهم  من خلال الشائع ان هذا المصطلح ناظرا. للقبائل من سكان الاهوار ثم تتطور استعماله على الذي يعيشون على منتجات الجاموس من الحليب و مشتقاته واصبحت بعض المناطق المحاذيه للمدن وتقوم بتربة الجاموس يسمونها بالمعدان .

وقد لا يرتضي احد في وصفه بالمعيدي لانه تحمل نبرا رافق سكان الاهوار منذ زمن النبط و الزط . ونجد بعضهم في الاهوار اذا اراد ان يعبر عن اتقان عملَ و تعترض عليه بخطابك بانه يعرفه لانه معيدي وظل موضوع المعدان مورد بحث و تعددت الاراء في اصل التسميه و مصدرها وبداية اصطلاحها و توسع استعمالها ودلالتها في المجتمع العراقي هذا ما نريد بحثه .

ومن خلال المتابعه الطويلة لهذا المصطلح نجده ذو دلالة لغوية واخرى استعمال تاريخي لها وثالثة راي ديني ورابعة استنباط قد يكون في غير محله و خامسة تعبير محلي في جنوب العراق كالاتي بيانه :

1 –الدلاله اللغوية ورد ذكر المعدان و المعادي في كتاب العين للفراهيدي .

معد : اسم ابو نزار

والتمعدد : الصبر على عيشهم في السفر و الحضر .

وفي جمهرة اللغه : قال ابو عبيدة : المعدان هما موضع السرج من جنبي الفرس .

ويقال تمعدد الغلام , اذا صلب واشتد .

وقال الاصمعي : (المعدان) موضع رجلي الراكب من الفرس .

ويدل على شضف العيش و خشونة الحياة حتى قال الخليفة عمر بن الخطاب (خشوشنوا و تمعددوا) .

وعن النبي (ص) : تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة .

اي تشبهوا بعيش معد بن عدنان وكانوا اهل قشف وغلظ في المعاش

يقول  : فسكنوا امثلهم ودعوا التنعيم وزي العجم . وفي حديث اخر ( عليكم بالسبة المعديه ) اي يخشونه اللباس . ويقال : التمعدد الصبر على عيش معد بن عدنان .

اذاً من خلال الاستعمال اللغوي للتمعدد هو الاشاره الى حياة معدي بن عدنان وهي الصبر على شضف العيش و الخشونه .

وهل يمكن طرح احتمال ان الاصطلاح على سكان الاهوار بلحاظ حياتهم التي تتسم بالتقشف و شضف العيش وهذا يمكن طرح التصور بان جاءت التسمية للاستعمال اللغوي ومعه لا نجد له اشاره في كتب اللغه و الادب و التاريخ .

اما المقوله المشهوره تسمع بالمعيدي خير من ان تراه فليس لها علاقه بالموضوع اطلاقا لانها كلمه قالها المنذر بن ماء السماء بحق رجلٍ من كنانه صغير الجثه عظيم الهيبه فقال له النعمان تسمع بالمعيدي خير من ان تراه  وقيل ان المنذر سمع بالمعيدي واعجبه ان يبلغه عنه فلما راءه استحقره وقال تسمع بالمعيدي خير من ان تراه فقال له : ان الرجال ليسوا  بجزر انما المرء باصغريه لسانه وقلبه ان قال بلسانه وان قاتل قاتل بجنانه فاعجب المنذر كلامه  .

وقال رجل للاحنف بن قيس : ان تسمع بالمعيدي خير من ان تراه قال : ماذممت مني يا ابن اخي قال : الدمامه و قصر القامه قال : لقد عبت علي ما لم امر فيه.

حتى اصبح مثلا شائعا عند العرب وتكرر استعماله بين الامراء و الملوك في ندمائهم وظل المثل يجري على السنة الناس يضرب لمن خبره خير من مرأه.

2 – ان الاستعمال التاريخي لاصطلاح المعدان و المعادي في تراثنا العربي و الاسلامي يظهر في القرن السابع و الثامن و التاسع ثم يصبح شائعا في العراق ويراد به سكان الاهوار و البطائح .

ولعمري لقد نال المعادي ان اعتدت

 

بساعة سوء اخرست شعراها

واول مره يستخدم في قصيدة اهداها ابن مقرب لحاكم البصره باتكين بمناسبة ابادة بني معروف في البطائح (الاهوار) ( 612 ه- 1215م ) جاء فيها :

فالمعادي في الشعر اراد به بني معروف واتباعهم عندما حاصروهم وحاربوهم بامر الخليفه العباسي وكانوا امراء البطائح في ذلك العهد .

ويظهر ان هذه الحادثه قبل عملية إجلائهم من قبل الخليفه العباسي الناصر لدين في احداث سنة 616 ه .

و مرة اخرى يظهر اسم المعادي في التراث على لسان ابن بطوطه (779ه)حين رحلته في خروجه من النجف متوجها الى واسط يقول : ثم رحلنا عنه اخذين مع جانب الفرات بالموضع المعروف بالعذار وهو غاية قصب وسط الماء يسكنها اعراب يعرفون بالمعادي وهم قطاع الطريق رافضة المذهب وهم يتحصنون بتلك الغابه و يتمنعون بها ممن يريدهم والسباع بها كثيرة ورحلنا مع هذا العذار ثلاث مراحل ثم وصلنا واسط . فقد اطلق ابن بطوطه على سكان البطائح اسم المعادي كما سبقه لذلك ابن مقرن وفي احداث سنة 840 ه حيث خروج محمد بن فلاح المشعشع في الاهوار يظهر استعمال كلمة المعادي والمعدان في القبائل العربيه التي التحقت بحركته وثورتة يقول العياشي في تاريخية و التستري في مجالس المؤمنين : واول من امن به من القبائل المعدان المتواجدين هناك فرقه من سلامة فتفائل بهم خيرا .. وانهالت عليه قبائل العرب من الرزنان و السودان وبني طي النازلين في البثق و النازور و الغاضري وهي انهار ترفدها دجلة وفي احداث سنة 844 ه : وبعد مدة ارتحل الى الدوب وهو محل نزول طائفة المعادي بين دجلة و الحويزه فاستقروا هناك ثم يتكرر ذكر المعدان في كتب التاريخ و الادب حتى اصبح شائعا على ما هو عليه اليوم .

وعندما جاء الرحاله البريطاني ويلفرثيكر الى الاهوار وكتب كتابه حول انطباعاته ومشاهداته والحياة التي يعيشها سكان الاهوار سمى كتابه (المعدان عرب الاهوار) حيث وجد استعمال هذا الاصطلاح ويراد به سكان الاهوار شائع الاستعمال في المنطقة اذ كان اول ظهور للاسم في احداث سنة (612 ه) ثم في رحلة ابن بطوطه (729ه) ثم احداث سنه (840 ه) وما بعدها ليصبحالمصطلح المتداول ويراد به سكان الاهوار من القبائل العربيه.

3 – ويمكن طرح تصور اخر في اصل ومصدر هذا الاصطلاح وهو انه جاء مقرونا بدين الصابئه السكان الاصليين في البطائح حيث يطلق على نبيهم النبي يحيى المعمدان و الصابئة المندائيه يقول متى متحدثنا عن يوحنا المعدان .ويقال المعمدانيه وان المعمدان و المندائي يكون قيرب من حيث تركيب الحروف للمعدان ويميل التصور ان الصابئه الذين سكنوا البطائح وهو يحملون هذا الاسم ثم نقل الاسم الى سكان الاهوار عامه واخذ الاسم بالتصحيف و التحوير بمرور الزمن هذا الراي اطلقناه في فضاء الاحتمالات حيث ليس له اي مستند سوى المقاربات بالسكن و اللفظ .

 

4 – ويمكن طرح راي اخر وهو مبني على مقاربه وهي ان الزط (الهنود) اول مسكن للبطائح جاء بهم الحجاج بن يوسف الثقفي لما راى امكانية العيش في البطائح التي تشبه بطائح السند ولما كان سكان البطائح السند يطلق عليهم اسم مقارب لاسم المعدان كما جاء في التنبيه و الاشراف للمسعودي في وصف نهر السند ( وله بطائح واجام عظيمه من القنا و القصب نحو ثلاثمائة فرسخ فيه اجناس من السند يقال لهم ( الميد) وهم خلق عظيم حزب اهل المنصورة) .

 

فلفظ (الميد) مقاربه للفظ المعدان او يمكن تصور ان المعدان هي معربه ل (الميد) فهل يمكن طرح احتمال ان كلمة المعدان هي تعريب لكلمة (الميد) التي انتقلت من بطائح السند الى بطائح العراق برفقة اقوام الزط الذين جيء بهم من السند ومعهم جواميسهم واولادهم واسمهم البطائحي , هذا مالم نجد له اي اثاره في كتب التاريخ والادب لكن ما جاء في كتاب التنبيه و الاشراف مثل اثاره في البحث و التحقيق .