هل ممكن اقامة علاقة متوازنة مع السعودية ؟

عباس خالد الساعدي

منذ ان نالت اقاليم واسعه في العالم استقلالها بفضل زوال الاستعمار وفرض نموذج الدولة من اجل لتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعوب التي تحررت من السلطة الاستعمارية اخذت الدولة تكوين نفسها فمنها قام على اساس النظام المطلق المشايخ والقبلية ووظفت الافتاء الديني والمذهبي في بنائها كالسعودية التي استعانت بالمذهب الوهابي  ودولة سمتها ال سعود على اسم العائلة واثرت بمحيطها من خلال الغزو والغلبة وعند تأسيس السعودية الاولى والثانية والثالثة الذي تبلور شكلها القائم على ركيزتين اساسيتين , السلطة الدينية بيد ذرية الشيخ محمد عبد الوهاب والسلطة السياسية بيد عائلة ال سعود رغم ان الفرز بينها صعب كونهما يشتركان بصياغة القرارات وانتاجها ويتبنان المواقف سوية وامتدت هذه العملية للتأثير بالمحيط من داخل الجزيرة العربية نجد والحجاز واستخدمت السعودية نفس الاداة للتأثير بمحيطها الاقليمي والدولي والعراق نال النصيب الاكثر من هذا التأثير تاريخيا عند بدايات تأسيس الدولة السعودية من خلال اعتداءاتها المتكررة على الحدود العراقية على شكل غزوات معبئة بطابع ديني يبيح القتل والغزو وشنت حملات بقيادة جيش الاخوان على محافظات عده في العراق منها الناصرية والسماوة والنجف وكربلاء وكانت هذه الغزوات دموية خلفت الاف القتلى من العراقيين وتدمير المدن والاراضي ونهب الثروات الحيوانية آنذاك بمئات الالاف وتدمير دور العبادة والمراقد المقدسة في النجف وكربلاء ونهب الهدايا والنفائس الموجودة في داخل المراقد المقدسة .

هذه الطريقة من الغزو والنهب والقتل التي اتخذتها السعودية بدايات تأسيسها كانت ترتكز عقيدة التأثير لديها ماضياً وحاضرا في الدول الإقليمية والعالم وهو التأثير من خلال مذهبها القائم على افكار الشيخ محمد عبد الوهاب بتوظيف سياسي .

وامتدت هذه العقيدة لتكون اطر عقائدية متطرفة متبناة من قبل الدولة السعودية وهي الراعي والممول لها في كل العالم وبنت مساجد واسست منظمات في هذا المجال في كل القارات واصبحت السعودية هي الممول الرئيس والمؤثر الفكري في هذه المنظمات المدرسة العقائدية والفكرية الأساسية لذلك لم تؤثر السعودية بالعالم ومحيطها الاقليمي من خلال نظامها الاقتصادي النفطي او الوفرة المالية او التكنولوجيا او مبادرات لتهدئه الازمات في العالم والدول الإقليمية بل اصبح تأثيرها بالأحداث والهيمنة من خلال تبنيها للفكر المتطرف ورعايتها للمنظمات الإرهابية وتكوينها مثل القاعدة في مواجهة الاتحاد السوفييتي وتطورت هذه المنظمات واصبحت عالميه تشرف عليها السعودية من خلال مخابراتها واشتركت معها دول عظمى في هذا المجال لضمان مصالحها ومنها الولايات المتحدة الأمريكية واصبح العراق اليوم المتضرر الاكبر من هذه السياسة والتدخل السعودي في الشأن الداخلي من خلال عدة مبررات منها , حماية السنة من الشيعة , ومواجهة هيمنة ايران في المنطقة , والتأثير بالقرار الدولي, واسقاط التجربة العراقية الديمقراطية الجديدة في العراق لما له اثر كبير على نظامها السياسي مستقبلا .

 

هذه المخاوف لدى السعودية وجدت لديها شريكاً غير مرغوب فيه بالمنطقة وتعقد المشهد من خلال شراكتها معه علنا وهو اسرائيل باعتراف امرائها مثل الوليد بن طلال الذي يعتبر امير الاعلام السعودي وانسجمت مع اسرائيل في اطار المواقف اتجاه ايران وحزب الله واثارت الطائفية والتدخل في الدول من خلال تبنيها محاربة الشيعة في المنطقة والدعم المالي والسياسي والاعلامي المقدم للسياسيين من السنه في العراق وتبنيها اقامة مؤتمرات وندوات ودعوات قاده سياسيين على الاراضي السعودية وتدخلها الواضح بالشأن العراقي وتأزيم الوضع بين الطوائف والمذاهب كل ذلك التدخل السلبي داخل العراق ادى الى حرب اهليه عام 2006 – 2007 راح ضحيتها الكثير من الابرياء من النساء والاطفال والشيوخ العزل بعشرات الالاف وهذه السياسة من قبل السعودية لم توقفها لحد الان بل عززتها بمواقف اخرى جندت وسلحت جماعات ارهابيه لقلب النظام الديمقراطي في العراق من خلال سياسيين وجماعات مسلحه واخرها كان داعش والسعودية متورطة في دعمه للدخول الى العراق وسوريا لتغيير النظام فيها وجاء ذلك من اعترافات الارهابيين سعودي الجنسية وعرب الجنسية وكشف مدى ارتباطهم بالمشروع السعودي  داخل العراق .

كل تلك الاحداث والتدخلات من قبل السعودية وشقيقاتها الدول الخليجية يحاول العراق ان يوازن لحماية مصالحه من خلال سياسته الخارجية مرة في الحوار المباشر ومرة بالوساطة وعلاقته من خلال اتفاقياته الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية وتمخض عن ذلك الحوار فتح السفارة السعودية ولحد الان لا توجد اشارة واضحه لطمئنة العراق من تصرفات الجارة السعودية التي تعادي علنا بعض التشكيلات العراقية التي تواجه داعش المتمثلة في الحشد الشعبي وتصفه بالميليشيات والقوة الإيرانية من خلال اعلامها وتصريحات رسميه من وزارة الخارجية وحدث ذلك مؤخرا من تصريح سفيرها بالعراق رغم وجوده داخل العراق .

وكل تلك التدخلات التي تعلن عنها السعودية علنا وما خفي كان اعظم تطرح مبررة ذلك التدخل بمواجهة النفوذ الايراني داخل العراق وحماية السنه من الشيعة وتعزيز موقفهم الحكومي مستخدمه ممارسات استفزازيه متعده ومتكررة من خلال اعلامها وتصريحات مسؤوليها الممنهجة اضافه الى تحشيداتها العسكرية مؤخرا على الحدود العراقية مبررة ذلك بمحاربة داعش رغم ان العراق اعلن طلب المساعدة من العالم ومنهم السعودية الدعم المالي والاستخباري والتجهيزات العسكرية عن طريق الحكومة والقنوات الرسمية لكن السعودية لم يكن لها دور يذكر بذلك .

 

كل هذه الممارسات من قبل الدولة الجارة يأتي العراق لأثارة التوازن في العلاقات معها وهنا نود ان نطرح تساؤلاً ما هي الادوات التي تخلق التوازن مع السعودية والحد من تدخلاتها وترتيب واعادة العلاقة على اساس المصلحة والفائدة واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤن الداخلية في العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومذهبيا ؟ .