العراقيون والأزمة الأمنية

غازي جلوب الزركاني

يعيش العراق والعراقيون أزمة  ..أو كارثة أمنية مريرة .. حتى أن هذه الأزمة أو الكارثة أفنت أرواحهم وأبناءهم وأوطانهم .. وأتت على أحوالهم وأحلامهم وطموحاتهم .. وبات العراقي يركب الأمواج الهائجة في البحار والمحيطات لعله يحظى بفرصة للأمن والأمان .

أن الصراع السياسي الدولي والأقليمي والداخلي هو السبب الكامن خلف هذه الأزمة الأمنية, هي أسباب سياسية متمثلة بالصراع الدولي والأقليمي الداخلي الذي تخوضه القوى الدولية والأقليمية والوطنية .. وتجري رحى هذا الصراع في بلادنا الحبيبة.. بأجندات خارجية بعيدة عن مصالح الوطن والمواطن .. وأصبح بلادنا ساحة مستباحة لكل من في الأرض ولكل من هب ودب .

فالعامل الأول لهذا الصراع هو العامل الدولي والمتمثل بالوجود الأمريكي والغربي في العراق ولو رجعنا الى الخلف قليلا ً وبالتحديد الى 11 سبتمر من سنة 2001 تعرضت أمريكا لضربة قاسية وموجعة استهدفت كبرياءها وعنفوانها من خلال ضرب رمزي قوتها العسكرية والاقتصادية برجي التجارة والبنتاكون وهي مجروحة الكبرياء ومنذ هذا التاريخ خرجت أمريكا الى العالم الأسلامي تعمل على أسقاط نظامي الطلبان وصدام في كل من أفغانستان والعراق .

لكن وجود أمريكا في العراق أستدعى حضور كل خصومها وأعدائها جميعاً لتصفية الحسابات معها , وكان ذلك على حساب العراق والعراقيين وبالتالي أصبح العراق ساحة ومسرح لتصفية حسابات الفرقاء .

أما العامل الثاني في الصراع هو الصراع الأقليمي المتمثل بجميع دول الجوار العراقي والتي يشهد التاريخ عليها قديما ً وحديثا ً أنها ما اجتمعت اليوم على أمر كما اجتمعت على أسقاط النظام الجديد وأن حضور أمريكا في العراق وشروعها ببناء عملية سياسية جديدة قوامها التغيير بأطر سياسية سلمية وفق مناخات ديمقراطية في وسط دول وأنماط حكومات أستبدادية ودكتاتورية قائمة على أساس الفرد والعشيرة أو العائلة أو الحزب الواحد .. هذا اللون من العملية السياسية الجديدة في هذا الوسط شكل تهديدا ً وتحديا ً لهذه الأنظمة .. وبالتالي نجاح هذه التجربة الوليدة سوف يهدد مصير حكام هذه الأنظمة وأجهزتها الأمنية الحاكمة .لذلك شرعت هذه الأنظمة بذبح هذا الوليد الجديد من الوريد الى الوريد بأرسالها هدايا الميلاد صواريخا ً وسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة لاتبقي ولا تذر وراح ضحيتها آلاف من العراقيين الأبرياء .

العامل الثالث في الصراع السياسي القائم هو القوى السياسية الوطنية للأسف وبعيدا ً عن ثقافة التعمييم .. وهذا ما أفرزه الواقع .. وما رصده المهتمون بالشأن العراقي أن أغلب القوى السياسية الوطنية خاضت صراعاً داخليا ً ضمن أطر طائفية وقومية وفئوية ذات أهداف وأجندات خارجية تستهدف تمزيق وحدة الأمة والوطن وبالتالي فشلت في أنتاج تجربة وطنية ناضجة تكون مركز أشعاع في المنطقة والعالم .

 

أن هذا الصراع المرير ألقى بظلاله على الوضع الاجتماعي في بلادنا وشمل جميع الأصعدة السياسية .. الاجتماعية , وأستهدفت تلك الصراعات الى هدم الذات الأنسانية والأخلاقية للفرد العراقي وأشغاله بالبعد الطائفي والقومي والفئوي كما ساهمت الصراعات في تفتيت وحدة الصف وتشتيت الجهود الأنسانية والأنمائية وأعاقة المجتمع وتقدمه .