دور المرجعية في مكافحة الفساد في حكم الدولة العراقية الجديدة

الباحث : ا.م.د محمد السوداني

كلية الادارة والاقتصاد / جامعة ميسان

المقدمة

يعرف الفساد بأنه استغلال المنصب العام لغرض تحقيق مكاسب شخصية مثل الرشوة والعمولة والابتزاز، وبمعنى آخر هو استغلال المنصب العام لتحقيق ربح مالي يتم الحصول عليه من خلال تقديم خدمة او عرض عقود للمشتريات الحكومية والخدمات الحكومية، او افشاء معلومات عن تلك العقود أو المساعدة على التهرب من دفع الضرائب أو الرسم الحكومي أو الجمركي أو المساعدة على غسيل الاموال او التمكن من الحصول على قرض مصرفي( حكومي) بفائدة اقل من السائدة في السوق لقاء رشوة أو خدمة للموظف المسؤول وغيرها من الممارسات.

و يعد الفساد الاداري والمالي ظاهرة عالمية تشمل مختلف الدول، اذ لا يوجد مجتمع خال تماماً من الفساد، ولا توجد حكومة نظيفة من الفساد في كل المجتمعات، لكن الاختلاف هو في مستوى الفساد من مجتمع لآخر. فالفساد هو جزء من الطبيعة البشرية. أن ظاهرة الفساد ليست وليدة اليوم بل انها موجودة منذ وجود الانسان لكنها تتزايد وتتسع بشكل خاص في ظل الحروب وتدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية وفي ظل الصراعات التي تحصل في المجتمعات. ويؤدي الفساد الى حدوث خسائر اقتصادية كبيرة في المجتمعات المعنية ,فضلا عن التأثيرات السلبية الاجتماعية والسياسية.

اما فيما يخص العراق فأن الفساد الاداري والمالي هو ظاهرة قديمة أصابت الجهاز الاداري ولو بشكل محدود منذ نشوء الحكومة العراقية في العشرينات من القرن الماضي لكنها أستفحلت بشكل خاص منذ بداية الحروب للنظام البائد في عام 1980 وخصوصاً بعد حرب غزو الكويت في عام  1990-1991 وفرض الحصار الاقتصادي على العراق من قبل الامم المتحدة والذي صعد وتيرة الصراع الداخلي على الموارد ومعه انتشار ثقافة السرقة والرشوة كوباء اجتماعي استمر في الانتشار بعد الاحتلال الامريكي للعراق في عام 2003 وحصول عملية التغيير السياسي ,اذ اصبح الفساد الاداري والمالي آفة تنخر في جسد الدولة والشعب وتعرقل مساعي التنمية وتتسبب في انتشار الفقر. وقد انتشر الفساد بشكل كبير على مستوى الوزارات والمؤسسات الحكومية الاخرى وأجهزة الجيش والشرطة والقوات الامنية وعلى مستوى المحافظات كافة .

مشكلة البحث:  ان ظاهرة الفساد  قد شغلت الباحثين سوآءا كان ذلك على مستوى الدول النامية او الدول المتقدمة  نظرا لما لهذه  الظاهرة من اثار سلبيه على الاقتصاد الوطني ,الامر الذي ادى الى ضرورة وضع الحلول المناسبة لها, وعلية فان هذه الظاهرة هي مشكلة تستحق البحث والدراسة. 

اهمية البحث:  اصبحت ظاهرة الفساد ذات اهمية بالغة  على مستوى  منظمة  الشفافية العالمية , نظرا لما لها من اثار كبيرة على دوائر وقطاعات الدولة

هدف البحث:

يهدف البحث  الى تحقيق الاهداف التالية

1-تعريف ومفهوم الفساد

2- اسباب  واثار الفساد  على الاقتصاد العراقي

3- وسائل معالجة ظاهرة  الفساد و دور المرجعة في علاج الفساد

فرضية البحث:

ينطلق البحث من فرضية مفادها (العراق يتذيل مؤشر الفساد في العالم)

المبحث الاول: الاطار المفاهيمي لظاهرة الفساد

اولا: تعريف ظاهرة الفساد:-

يمكن ذكر اهم  تعاريف الفساد  وكالاتي:

  • تعد ظاهرة الفساد ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ إبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر ومن مؤسسة الى اخرى ويمكن ان يعرف الفساد بأنه انتهاك القوانين والانحراف عن تأدية الواجبــــــــات الرسمية في القطاع العام لتحقيق مكاسب مالية خاصة ، وبالتالي الإخلال بشرف الوظيفة ومهنيتها وبالقيم والمعتقدات التي يؤمن بها الشخص، وهذا يعني اخضاع المصلحة العامة للمصالح الخاصة ،وغالبــاً ما يكون هذا الاجراء عن طريق وسطاء ([1]).
  • مما يلاحظ على التشريعات القانونية لا سيما التشريعات العقابية العراقية عدم ذكرها لتعريف قانوني محدد لمفهوم الفساد, لا في قانون العقوبات ولا في غيرها من التشريعات العقابية, ماعدا ما أشار اليه قانون هيئة النزاهة النافذ رقم 30 لسنة 2011 والذي ذكر في المادة الأولى منه في بيان المعاني لبعض التعابير اذ نصت المادة اعلاه ببيان معنى قضية الفساد بقولها (هي دعوى جزائية يجري التحقيق فيها بشأن جريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة وهي الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم, وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 223 و 234 و 271 و 272 و 275 و 276 و 290 و293 و 296 في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل, وأية جريمة أخرى يتوفر فيها احد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5 و6 و7 من المادة 135 من قانون العقوبات النافذ المعدل بالقسم (6) من القانون التنظيمي الصادر عن مجلس الحكم المنحل الملحق بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم (55) لسنة 2004([2]) .

وعليه ومن جملة ما تقدم يمكن القول بان الفساد يعرف بأنه كل انحراف يقع فيه موظف أو مكلف بخدمه عامه أو خاصة في واجباته أو مهامه المعهودة إليه او بالأموال المعهودة أليه قاصداً من هذا الانحراف تحقيق منافع – مادية أو معنوية – لشخصه أو لشخص غيره .

 وتجدر الاشارة الى ان الدول النامية تتميز بتفشي ظاهرة الفساد نسبياً أعلى ما هو موجود في الدول المتقدمة، ويرجع ذلك إلى الهيئات الملائمة لنموه في الأجهزة الإدارية لتلك الدول.                                                                                                                                                                                                                                            

   ثانيا:  مفهوم ظاهرة الفساد

ان الفساد بصورته الادارية والمالية لا يعد وليد المجتمعات الحديثة ,أي أنه لم يرتبط وجوده مع ظهور الأنظمة الإدارية والمالية المتبعة في المؤسسات الحكومية المعاصرة , بل تعد ظاهرة الفساد قديمة شهدتها المؤسسات الحكومية في العصور القديمة ,اذ أشار فريق من علماء الآثار الهولنديين بتنقيباتهم واستكشافهم بأنهم قد عثروا على ما يقارب المائة والخمسين لوحه مكتوبة بالكتابة المسمارية في منطقة (راكا) السورية التي تعد مركزاً إدارياً للحضارة الأشورية في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. ومن خلال هذه الألواح الطينية تم التعرف على بعض البيانات التي تشير إلى قبول موظفين لثلاث رشاوي([3]) . وتزامنا مع ذلك,  نستدل بأن الفساد كان موجوداً في تلك الأزمنة  حتى وقتنا الحالي .

ولقد تناولت الكثير من الدراسات مفهوم الفساد كونه ظاهرة إنسانية لا يخلو منها أي مجتمع على مر العصور وغير مرتبطة بالزمان والمكان، لذا فإن اغلب الباحثين يجمعون على أن ضعف الرقابة الداخلية ورقابة المجتمع، وعوامل أخرى، مثل: الجشع، وحب الشهوات المادية، وترجيح المصالح الشخصية، وضعف التدين هي من الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الفساد بكافة أشكاله، ومنها الفساد المالي والإداري([4]).

أما المنظمة الدولية (صندوق النقد الدولي) فقد حدد مفهوم الفساد الإداري في تقريره الصادر عام 1996 بأنه سوء استخدام السلطة العامة من اجل الحصول على مكاسب خاصة تتحقق عندما يتقبل الموظف الرسمي رشوة أو يطلبها أو يستخدمها أو يبتزها( [5]).ايضا هناك عدد من الباحثين قد اوضحوا مفهوم الفساد الإداري بانه استخدام النفوذ أو المناصب لتحقيق أرباح أو منافع خاصة بما في ذلك أنواع الرشاوى للمسؤولين المحليين أو السياسيين أو القضاة([6] )

لذا فان ظاهرة الفساد مستشرية في البنية المجتمعية لمؤسسات الدولة العراقية منذ انظمة الحكم المتتابعة على العراق ,اذ تفاقمت هذه الظاهرة بشكل نوعــي أبان النظام البائد ,اذ فتحت منافذ متعددة من الفساد وبصــــورة واسعـــة ، وبعد سقوط النظام البائد عام  2003 وقبل تشكيل أول حكومة عراقية انتقلت مظاهر الفساد الاداري والمالي المختلفة إلى كل مفاصل الدولة الجديدة ، ومنها مؤسساتها الحكومية ,اذ اتسمت هذه المرحلة التي شهدها العراق بأوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية غير مستقرة وبتزايد حالات الفساد التي تمثلت بفتح ابواب الانحراف في القيم الأخلاقية التي لم يعتد عليها المجتمع العراقي وبحالات الكسب السريع من خلال وسائل الفساد والمحافظة على المراكز الوظيفية باستخدام  العنف في السلوك ، وقد ساعد على انتشار ظاهرة الفساد  الانفلات الامني الذي حصل في المدة اياها وغياب المساءلة و الشفافية و ضعف تطبيق القوانين ,اذ انه  انتشر في البنى التحتية في مؤسسات الدولة واتسع في الجهاز الوظيفي وأخلاقيات العمل ، وقيام بعض العاملين على تحقيق مزايا ومكاسب خاصة لهم تخالف القوانين  السائدة في المجتمع .

وبرز مصطلح (ظاهرة الفضائيين) في العراق عام 2014 عقب الكشف عن وجود منتسبين وهميين في دوائر الدولة وخاصة في القوات المسلحة ممن تخصص لهم رواتب دون ان يكون لهم عمل أو وجود حقيقي، وذلك عندما كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي، في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، عن إلغاء 50 ألف وظيفة لمنتسبين (فضائيين) في وزارة الدفاع ضمن حملة لإصلاحات في الحكومة([7]).

وكان المسؤولون يستولون على تلك الرواتب مع المخصصات المالية المترتبة عليها  بالاتفاق  مع أصحاب تلك الأسماء الوهمية الذين كانوا يتقاضون جزءا من رواتبهم مقابل عدم الالتزام بالدوام والواجبات.

ولم تقتصر هذه الظاهرة على المؤسسة العسكرية بل انتشرت في معظم دوائر الدولة بل وحتى في مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات، اذ نجد أشخاصا موجودين بالاسم فقط ويتمتعون بالرواتب والامتيازات دون ان يكون لهم عمل.

وقد امتدت يد الفساد إلى جميع دوائر الحكومة وفروعها، بل وشملت حتى ملفات انسانية كالنازحين الذين هربوا من مناطق المعارك أو نتيجة تهديدات طائفية ، اذ اعترض العديد من النواب على أبواب الصرف وأشاروا إلى وجود شبهات فساد في توفير احتياجات النازحين كالخيام والمواد الغذائية والمنحة المالية([8]).

ثالثا: انواع الفساد الاداري

هناك انواع عده  للفساد يمكن ايجازها  كالاتي([9]):-

  • الفساد الأخلاقي:

 ان مفهوم  الفساد الأخلاقي هو الانحراف الأخلاقي والسلوكي للأشخاص والموظفين وتصرفاتهم في أثناء أداء واجباتهم في أماكن عملهم وذلك من خلال استغلال السلطة والموقع لتحقيق المآرب الشخصية على حساب الآخرين. اذ إن القيم الأخلاقية مستمده من معتقدات ومبادئ تختلف باختلاف الزمان والمكان , لذا فأن إي خروج عنها وعن السياق الخاص بها يعد خروجاً عن القيم الأخلاقية لذلك المجتمع الذي تسود فيه وعندئذ يوصف ذلك الخروج عن القيم بالفساد الأخلاقي .

  • الفساد السياسي:

ان مفهوم مظاهر الفساد السياسي تكمن في الحكم الشمولي الفاسد وانعدام الديمقراطية، فضلا عن انعدام المشاركة، وفساد الحكام، وسيطرة نظام حكم الدولة على الاقتصاد وتفشي المحسوبية. اذ ان الأنظمة السياسية الحاكمة  تختلف من دوله الى اخرى, الا انها تحدد بموجب قواعد لا يمكن خرقها او تجاوزها الا وهي القواعد الدستورية التي تعلوا على جميع التشريعات وفيها تتحدد طبيعة نظام الحكم والسلطات التي تتألف منها الدولة, فضلاً عن ضمان الحقوق والحريات التي تؤكد الديمقراطية, ومن ثم  فإن أي تجاوز على مثل هذه المبادئ يُعَدّ صورة من صور الفساد السياسي, لانحراف نظام الحكم في الدولة عن الإطار المحدد له بموجب التشريعات كأن تتجه السلطة الحاكمة نحو النظام الديكتاتوري او خرقها لمبادئ حقوق الإنسان للصلاحيات المحددة لها دستورياً ([10]).

  • الفساد المالي:

ان مفهوم الفساد المالي هو انحراف أو مخالفة للقواعد والأحكام المالية المنصوص عليها بموجب القانون او التشريعات الفرعية للمؤسسة او الخاصة بأجهزة الرقابة المالية. ومن أهم المظاهر التي يأخذها الفساد المالي تكمن في الرشاوى والاختلاس وتخصيص الأراضي والمحاباة والمحسوبية في التعيينات الوظيفية واستغلال النفوذ والابتزاز وهدر المال العام([11]).

  • الفساد الإداري والاقتصادي

 مفهوم الفساد الإداري والاقتصادي هو استغلال المناصب والمواقع لذوي النفوذ لأغراضهم الشخصية أو العشائرية أو الحزبية, اذ يبرز الفساد الإداري و الاقتصادي بشكل واضح في الدوائر الحكومية ويأخذ فيها أشكالاً عدة من أهمها الفساد العرضي والمنظم والشامل([12]).الذي يتحقق بين الحين والأخر من بعض المكلفين بخدمة عامه أو الموظفين الحكوميين ويمثل ذلك حالات فرديه وسلوك شخصي دون إن يتخذ شكلا منظماً عاماً داخل تلك المؤسسة التي تقع فيها تلك الانحرافات: مثال ذلك تلقي بعض الموظفين وقبولهم للرشوة أو اختلاس أموال معهودة بذمتهم أو اللجوء إلى المحسوبية في انجاز بعض المعاملات .

  • الفساد المنظم:

ان مفهوم الفساد المنظم هو الانحرافات التي تقع داخل المؤسسات ,اذ تكون في بعض الأحيان مستشرية وموزعة فيها بشكل منسق من أعلى الهرم الوظيفي فيها الى أدنى مستوٍى في السلم الوظيفي , اذ يتوزع في فواصل المؤسسة على شكل شبكة مرتبط بعضها ببعضها الآخر ([13]) .

  • الفساد الشامل:

ان مفهوم الفساد الشامل  يكمن في الانحرافات الواسعة المتحققة بسرقة الاموال او بالانحرافات على المستوى الاداري كتلقي الرشاوى او اعتماد المحسوبية على نطاق منح المناصب الادارية وتغلب المصالح الخاصة على المصالح العامة للدولة([14]).

  • الفساد الثقافي

ان مفهوم الفساد الثقافي  هو استغلال وسائل الإعلام المتاحة والمتنوعة لتكريس الانفلات الثقافي والأخلاقي والتشكيك العقائدي لتضليل الأمة الإسلامية، ، اذ ان  الفساد الثقافي هو من اخطر أنواع الفساد وأشدها في تكريس الانحلال الديني والاجتماعي والأخلاقي([15]).

الفساد التراكمي  :ـ

يحدث الفساد التراكمي نتيجة لغياب الرقابة الادارية الصارمة , فضلا عن غياب مبدأ الثواب والعقاب، اذ ان التجاوزات القانونية والمالية(الرشوة ، الاختلاس ،والسرقة ، و المحسوبية ) للمسؤول يشجع كل موظف في مؤسسات الدولة على ارتكاب تجاوزات مماثلة، مما يؤدي إلى تراكم الفساد، وزيادة انتشاره في دوائر الدولة. ([16])   

وعليه فان الفساد هو ظاهرة تتداخل في كل قطاعات المجتمع وعلاقاته، ابتداءً من الدولة بمؤسساتها الرسميــة التشريعيــــــــة والتنفيذية والقضائية ومؤسسات الثقافة والاعلام، وانتهاء بالأفراد في تعاملاتهم اليومية .

المبحث الثاني : واقع  الفساد في العراق واسبابه

اولا: واقع  الفساد في العراق

  • فساد سلطات الاحتلال الامريكي في العراق

مع بداية الاحتلال الامريكي للعراق في عام 2003 م لوحظت مظاهر الفساد الاداري والمالي وعلى نطاق واسع مع مجيء سلطة الائتلاف المؤقتة ,اذ بدأنا نلاحظ ونسمع بالعديد من مظاهر التصرف الكيفي في الموارد المالية والاختلاسات, الامر الذي دفع الكونغرس الامريكي لتأسيس دائرة للمفتش العام الامريكي في السلطة المذكورة وذلك في شباط من عام 2004، اي بعد انتهاء مدة سلطة الائتلاف المؤقتة. وقد رافقت مظاهر الفساد آلية صرف الاموال المخصصة لتمشية امور العراق ,فضلا عن  مساعي ما سمي بإعادة الاعمار في العراق، سواء بالنسبة للأموال المخصصة من الجانب الامريكي او الاموال العراقية، الامر الذي ادى الى تبديد الموارد المتاحة للمشاريع فضلاً عن ارتفاع تكاليف العقود. اذ ان احد عوامل الزيادة في تكاليف العقود هو ارتفاع تكاليف توفير الامن التي تدخل في تكاليف العقود والتي تعتمد على قاعدة التكاليف مضافا لها هامش الربح ، من خلال تعدد المقاولات من الباطن (بيع العقود من شخص لآخر)([17]).

ومن جملة الوقائع الواردة في تقارير المفتش العام  الامريكي عام 2004 الآتي([18]) :

  • قيام العراق بتسديد الاموال لأحد المتعاقدين مرتين على نفس العمل.
  • السماح لاحد المسؤولين الامريكان بالتعامل مع ملايين الدولارات نقداً حتى بعد ان طرد من العمل لعدم كفاءته.
  • تم صرف 89 مليون دولار من مجموع 120 مليون دولار خصصت لمشاريع بدون عقود أو وثائق، ونحو 7.2 مليون لم يتم التعرف على كيفية صرفها.

ويشير تقرير المفتش العام الامريكي  بالتفصيل الى الفشل الاداري الممنهج وانعدام الاشراف وممارسات الغش والاختلاس من جانب المسؤولين الامريكان الذين كانوا يديرون جهود اعادة الاعمار في العراق. وقد اتهمت ادارة سلطة الائتلاف المؤقتة بالفساد والاستغلال السيء للموارد. فمن بين موارد صندوق  تنمية العراق نحو 8.8  مليار دولار كانت قد تم تسليمها الى الوزارات العراقية ولم يتم الوقوف على ابواب الصرف وكيفيته. وقد تم رصد 57 قضية قيد التحقيق منها 15 سرقة و19 حالة رشوة و6 حالات غش في التجهيز. وهكذا تم هدر  المليارات من الدولارات وتخريب القدرات الانتاجية والخدمية واعاقة عملية اعادة الاعمار([19]).

  • الفساد في العراق

لم يقتصر الفساد في العراق على المسؤولين الامريكان والشركات الامريكية العاملة في العراق، بل إمتد الى المسؤولين والموظفين العراقيين في مفاصل الدولة كافة. اذ وجد المفتش العام الامريكي فساداً كبيراً في الوزارات العراقية وخاصة وزارة الدفاع([20]).

وان الفساد بطبيعة الحال ليس فقط سرقة المال أو تبديده، بل تصرفات من يقبضون على السلطة ويمارسون الكذب والدجل ولا يراعون مصالح المواطنين هي بالتأكيد مظهر من مظاهر الفساد الذي يعاني منه العراق.  اذ اننا نرى كيف يسارع مجلس النواب في اصدار كل التشريعات التي تهم مصالحهم الشخصية ويتباطؤون ويختلفون على التشريعات التي تهم الفئات الشعبية. ونتيجة  لهذا الفساد  المستشري في كافة قطاعات الدولة العراقية  للمدة 2003 -2016م جعلها  تتذيل مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية  لتكون من اكثر دول العالم فسادا , اذ ان العراق لم يدخل جدول مدركات الفساد  في  العالم  الا بعد  عام  2003 م, وذلك نتيجة الى عدم الوصول الى المعلومات الكافية في  ظل  النظام  البائد,. مما ادى الى استبعاده من  مؤشر مدركات الفساد العالمية في تقاريرها السنوية([21]) وكما يوضحه الجدول 1 وكالاتي: 

جدول 1  مؤشر الفساد العالمي وموقع العراق منه للمدة(2003-2016)

السنة

عدد الدول المشتركة

تسلسل العراق

النسبة المئوية  لتسلسل العراق الى اجمالي الدول المشاركة

درجة مؤشر الفساد الحائز عليه العراق

2003

130

113

86.9

2.2

2004

146

129

88.3

2.1

2005

194

170

88.0

2.2

2006

163

160

98.1

1.9

2007

180

178

98.8

1.5

2008

180

178

98.8

1.3

2009

180

176

98.0

1.5

2010

178

175

98.3

1.5

2011

183

175

95.7

1.8

 2012

176

169

96.1 

1.8

2013

171 

166

97.0

1.6

2014

168

166

98.8

1.6

2015

169

165

97.6

1.6

2016

168

166

98.8

1.7

المصدر: Transparency international(Ti) corruption perception  index(cpi)    من الموقع الالكتروني       www.icgg.org     

    

يتضح من الجدول 1 اعلاه  بان نسبة العراق من اجمالي الدول المشاركة في  الفساد  هي بتصاعد مستمر خلال مدة الدراسة 2003-2016, فضلا عن تزايد  تسلسل العراق في  الفساد على المستوى العالمي للمدة اعلاه, و انه تراجع الى درجة الفساد 1.7 عام 2016 بعد ان كان في الدرجة 2.2 عام 2003 م لمؤشر الفساد المكون من عشر درجات حسب منظمة الشفافية الدولية , اذ ان درجة فساد  الدولة التي تقترب من 10 تعد دولة نزيهة جدا والعكس صحيح  هبوطا بالنسبة لدرجة الدولة التي تقترب من الصفر تعد فاسدة جدا([22]).

ثانيا: اسباب الفساد في العراق

  • الأسباب من وجهة نظر المعنيين بمكافحة الفساد:

تتمثل هذه الأسباب بما يأتي

  • ضعف الوازع الديني، وانتشار الفساد، ونشر الأذى، والظلم، والاستبداد، وتحول المجتمع إلى مجتمع فاسد، من هنا تصبح مسؤولية الفرد في إصلاح نفسه أمام الشر والخير وتقول الآية الكريمة: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)([23]).
  • عدم تطبيق نظام العدالة من خلال وجود القصور بالقوانين الصارمة لمكافحة الفساد، اذ يفترض أن تكون هنالك رغبة صادقة لدى المسؤولين باستئصال الفساد من خلال دوائر النزاهة والرقابة.
  • ضعف الرقابة، اذ تُعَدّ الرقابة من أهم وسائل مقاومة الفساد وتفعيل الرقابة الإدارية لمعرفة مواطن الخلل وتصحيحها.
  • ضعف التوعية بأضرار الفساد وضرورة الإبلاغ عن المفسدين لتجاوزهم حدود عملهم الوظيفي ومخالفة القوانين والأنظمة بل التجاوز على القيم والأخلاق الكريمة([24]).
  • الأسباب من وجهة نظر المفسدين:

يمكن ادراج اهم الاسباب بالشكل الاتي([25]):

  • تدني الأجور وزيادة أعباء الحياة المادية، اذ إن قلة الأجور والرواتب لا يؤمّن مستوى معاشي مقبول مما يدفع بضعيفي النفوس من الفاسدين إلى زيادة دخولهم المكتسبة من الفساد والعمل على تكريسه.
  • حب الترف، وهي ضعف التدين وغلبة الهوى والسعي واللهث نحو تحقيق المصالح الشخصية في تجميع الثروات وحب الحياة المترفة من خلال القصور في العمل وتقبل الرشاوى.
  • غياب القدوة، اذ ان اغلب المفسدين هم ممن يتحملون المسؤولية في مواقع قيادية في مؤسسات الدولة، وهم من العناصر المفسدة والمرتشية، يسرقون المال العام، ويضعفون قطاع الدولة، وبالتالي إيجاد أرضية عامة لتفشي الفساد من الأعلى إلى الأدنى.
  • الثقافة السائدة حول الفساد في حالة تزايد المنكرات في المجتمعات والتي تمارس دون رادع ديني أو اجتماعي أو أخلاقي، اذ لا يمكن الوقوف أمام مثل سلوك كهذا خاطئ دون رادع ديني كما جاء في الآية الكريمة (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)([26]).
  • الفساد الإداري والإرهاب

إنّ استعمال أدق الوسائل والخبرات في جريمة الفساد ، وكثرة أعداد المفسدين الإداريين أصبح كالسرطان ينتشر بصورة سريعة, اذ أن التصدي للفساد الإداري هو من أصعب الأمور وكان العائق الأول في إعمار العراق، بل كان الظهير القوي للإرهاب. لذا يوجد ارتباط وثيق بين الفساد الإداري والإرهاب، فعندما ينحرف المسؤول عن حماية وطنه أو أداء واجبه بتقبله مبلغاً من المال فمن الممكن ان يبيع  وطنه لأعدائه.

ويعد الفساد الإداري الخطر الثاني الذي يفتك بمفاصل الدولة بعد الإرهاب، فالكشف عن وجوده ليس كافياً بل لابد من اتخاذ خطوات رادعه للحد منه, كونه يؤدي الى تهديم الاقتصاد الوطني، وتوقف التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

  • ضعف الكفاءة

    يعد ضعف الكفاءة الإدارية والمالية للمسؤول وعدم خبرته فضلاً عن عدم نزاهته يكون لها الدور في تفشي مثل هذه الظاهرة في المؤسسة التي يتولى ذلك ألمسؤول إدارتها([27]) .

  • ضعف الجانب الرقابي

ما أكثر المؤسسات التي شُكَّلت بوصفها جهات رقابية على عمل المؤسسات الحكومية. بهدف السيطرة والحد من الخروقات والانحرافات الادارية والمالية الا ان ما يخرج من نتاج لتلك المؤسسات ليس بالمستوى المطلوب.

  • أسباب متفرقة أخرى

     بالإمكان ان يكون ضعف الوازع الديني لدى بعض الأشخاص هو المؤثر بالمد السريع للسلوكيات والأخلاقيات الجديدة على المجتمع, فضلاً عن الغزو التكنولوجي الحديث والمتمثل بالتطور المتسارع في الأجهزة التقنية الحديثة لوسائل الاتصال في السنوات التي تلت عام ٢٠٠٣ والتي تحتاج لاقتنائها مبالغ مالية ليست بالقليلة ، كذلك تمنع أصحاب الثروات بتضخم ثرواتهم كل هذه الأسباب وغيرها كانت الدافع في تحريك غريزة الطمع والتي بدورها تدفع أصحابها للأقدام على انتهاج مختلف السبل المشروعة وغير المشروعة بغية تحقيق منافع شخصية وإشباع ملذات فردية([28]).

  • الحروب والصراعات والحصار

 انّ الحروب والصراعات التي تنشأ في المجتمعات، سواء السياسية منها أو الاجتماعية أو الدينية تترك آثارها في تفشي الفساد في المجتمع وانتشاره  وفي العراق فأن الحروب المتعاقبة التي شنها النظام البائد لعقود من السنين، وما تبعها من حصار شامل أفقرت الناس وأعوزتهم لدرجة ان اساتذة الجامعة تراجعوا اقتصادياً في التسعينات الى مرتبات متأخرة, مما أضطر بعضهم الى بيع كتبه أو العمل كسائق بسيارته الخاصة، فيما أضطر المعلمون والمدرسون الى بيع السجائر في الشوارع. ويقال ان الاساتذة والمدرسين والمعلمين هم ملح الارض ( فأذا فسد الملح فسد كل شيء.)([29]) .

  • غياب المحاسبة والشفافية

عندما تغيب الشفافية والمحاسبة يحل الفساد والعكس صحيح. لذلك فأن غياب المحاسبة والشفافية هو احد الاسباب الرئيسة لظهور الفساد في العراق وادامته. ان مثل هذا الاقرار قد ورد في تقرير المفتش العام الامريكي والذي يفسر به الفساد الذي ظهر في سلوك المسؤولين عن اعادة الاعمار في العراق وكما ظهر لدى المسؤولين في الدوائر العراقية أيضاً([30]).

  • اسباب  سياسية

عندما تواجه الحكومات تغيرات هيكلية  في اجهزه النظام  وخاصه  الدول  النامية منها , الامر  الذي يؤدي الى عدم الاستقرار السياسي ,وعليه فان هذه الحكومات  الجديدة  لجأت  الى  البحث  عن كفاءات سياسيه مواليه لها  وليس كفاءات ادارية حسب الاستحقاق , وبالتالي فان ذلك يؤدي الى زيادة  الفساد  المستشري في داخل اجهزة الدولة  ([31]).  

المبحث الثالث: اثار الفساد  وأسباب تدخل المرجعية في الأمور السياسية للعراق

اولا: اثار الفساد على الاقتصاد العراقي

  • يساهم الفساد في تدني كفاءة الاقتصاد العام ،اذ انه يحد من الموارد المخصصة للاستثمار ويسيء توجيهها أو يزيد من كلفتها .
  • للفساد أثار مباشره في حجم ونوعية موارد الاستثمار الأجنبي ، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول النامية إلى استقطاب موارد الاستثمار الأجنبي لما تنطوي عليه هذه الاستثمارات من إمكانات نقل المهارات والتكنلوجيا، يكون الفساد قد اضعف هذه التدفقات الاستثمارية.
  • يرتبط الفساد بتردي حالة توزيع الدخل والثروة ، من خلال استغلال أصحاب النفوذ لمواقعهم المميزة في المجتمع .
  • يساهم الفساد  بشكل فعال في عرقلة التنمية الاقتصادية والتقدم الحضاري ، وبالتالي انهيار المجتمع([32]) .
  • يؤثر الفساد على الاقتصاد القومي من خلال رفع درجة عدم اليقين في الاقتصاد ,اذ انه يؤثر بشكل مباشر على النواحي الاقتصادية والسياسية لأي دوله، فضلا عن الاثار الكبيرة التي  يتركها الفساد على  معدلات النمو الاقتصادي.
  • من أهم الآثار الاقتصادية التي  يولدها  الفساد هي الزيادة المباشرة في التكاليف ,اذ ان المبالغ التي يدفعها رجل الأعمال إلى الموظف الحكومي مقابل الحصول على تسهيل معين، يتم نقل عبئه عن طريق رفع الاسعار لتعويض الرشوة المدفوعة ، وقد تتحملها ميزانية الدولة إذا كانت الحكومة هي التي تشتري السلعة. وقد يؤدِي استيراد هذه السلعة إلى زيادة الطلب على العملة الأجنبية ، وتخفيض قيمة العملة المحلية ، وهذا يعني أن الاقتصاد القومي هو الذي يتحمَّل عبء هذه الرشوة([33]) .
  • هناك علاقة عكسية بين الفساد والكفاءة الاقتصادية للأجهزة الحكومية فانتشاره يقلل الكفاءة الاقتصادية ويؤثر على فاعلية وكفاءة البنية التحتية والانتاجيـــة للأجهزة الحكومية و يؤدي الى ايقاف نموها وتطويرها وهي التي تكون الاساس في اعادة بناء المجتمع على المدى الطويل.([34])

                                                             

ثانيا:  أسباب تدخل المرجعية الدينية في الأمور السياسية والعامة للعراق

لقد كان للمرجعية الدينية الشريفة دور فاعل في أحداث العراق والمنطقة قبل سقوط النظام لا يمكن لأحد إن يتجاهله، إذ يعود تاريخ مشاركة علماء الدين العراقيين في صميم السياسة إلى سنوات الحرب العالمية الأولى، اذ دعا علماء الشيعة للجهاد مع العثمانيين ضد الإنجليز، واسهم بعضهم في القتال فعلا، وفي عام 1918م تأسس في النجف حزب باسم "حزب النجف السري من ساسة ورجال دين شيعة، وكان برنامجهم يدعو لاستقلال العراق وتأسيس حكومة برئاسة أحد أبناء العراق، ثم الانتفاضة الشعبانية عام 1991م ، إلا إنَّ تنامي دورها الأساس والرئيس في الشؤون العامة ظهر بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وبعد صعود التيارات السياسية الإسلامية والقومية والمدنية إلى السلطة في العراق اثر سقوط النظام البائد، ظهرت بعض الأصوات الشعبية تطالب بإشراف المرجعية الدينية في النجف الاشرف ورعايتها وعلى رأسها (آية الله السيد علي السيستاني) على العملية السياسية في العراق وعدم ترك الأمور بيد الاحتلال وتلك التيارات السياسية المختلفة([35]).

وفعلا دعت المرجعية الدينية الشريفة إلى اخذ رأي الشعب في كل الأمور التي تخص البلد ابتداء من الدعوة لتشكيل حكومة عراقية وإنهاء سلطة الاحتلال المؤقتة، ثم الدعوة لكتابة دستور دائم للبلاد من قبل العراقيين، والدعوة أيضا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة لانتخابات أعضاء المجالس المختلفة، (مجلس النواب، ومجالس المحافظات والاقضية والنواحي)، لذلك كان– ولا يزال- للمرجعية الدينية في النجف الاشرف دور مهم في المرحلة الراهنة لأجل تشخيص نقاط القوة والضعف في الأداء السياسي لتلك التيارات والأحزاب السياسية العراقية، ثم تصاعد هذا الدور وبشكل لافت للنظر بعد دخول تنظيم داعش الإرهابي للعراق وسيطرته على أجزاء مهمة في العراق اذ اجتاح الموصل والانبار وكركوك وصلاح الدين، وخاصة فتوى الجهاد الكفائي لصد التنظيمات الإرهابية والدفاع عن الوطن والمقدسات وأخرها الوقوف مع الشعب في مطالبته بالتغيير ومحاسبة المسؤولين المقصرين والفاسدين وتوفير الخدمات للشعب.

وإذا عدنا إلى أسباب تدخل المرجعية الدينية في الأمور السياسية والعامة للبلاد، فان هناك عدداً من الأحداث والتطورات التي ظهرت في العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003م، جعلت المرجعية الدينية تنهض من طورها التقليدي الذي ابتعد عن التدخل المباشر في الأمور السياسية للعراق، إلى التدخل المباشر، وبطرق عدة منها( التوجيه ,الإرشاد، , إصدار البيانات حول العمل السياسي , دعوة ومساندة الجماهير في مطالبها السياسية والاجتماعية , الدعوة إلى التهدئة وعدم الانجرار وراء الفتن الطائفية)، ويمكن إن ندرج اهم هذه الأسباب وكالاتي([36]):

- دور المرجعية هو الأشراف على شؤون المؤمنين الروحية والعبادية والاجتماعية وهي تكليف وليس تشريف وهي قبل كل شيء مقام ديني اجتماعي وليست مركزا سياسيا، لذا فإن الانتخابات في نظر المرجعية ليس شأنا سياسيا فقط بل هي شأن اجتماعي والشأن الاجتماعي يدخل في دائرة اهتمامات المرجعية وبحكم تصديه لمقام المرجعية الدينية، (آية الله العظمى السيد علي السيستاني) نفسه فهو ملزم بالتعاطي في قضية الانتخابات والتي يعتقد أنها الأساس المتين للعملية السياسية وللحياة الاجتماعية في أي مجتمع أو بلد، ومن خلال التأمل في تجارب الامم التي تتمتع بنظم سياسية مستقرة وبحياة هادئة فسلامة الحياة السياسية يكون بوجود انتخابات حرة نزيهة تعبر عن رأي الأمة وارادتها، على أن اعطاء رأيه بالانتخابات لم يكن ابتدائيا بل جاء جواباً لتساؤل عرضه عليه بعض مقلديه، وقد أجاب على التساؤل المذكور بصفته مرجعا للتقليد لا زعيما سياسيا ، وأن إصراره على الانتخابات يأتي من باب التلميح والحدس باحتمال ميله للإيمان بولاية الأمة على نفسها وبقيمومتها على ذاتها ,فضلا عن ان هناك الكثير من الساسة العراقيين والأجانب قد طرق بابه لأخذ المشورة منه في أمور العراق المختلفة([37]).

- إن تدخل المرجعية في الحياة السياسية، نابع من مواقفها وحرصها الشديد على أن ينال كل العراقيين حقوقهم، وان لا يكون هنالك تمييز لشريحة معينة على حساب بقية شرائح الأمة، وتأتي أيضا من تفهم المرجعية الرشيدة لأهمية الدستور في حياة أي أمة وهي ترى أهميتها في حياة الأمم المتحضرة، بما يتماشى مع ما تدعو إليه المرجعية من إحلال السلم والعدالة الاجتماعية لكافة مكونات الشعب العراقي وان لا يكون لفئة ما امتياز على بقية الفئات وهذا هو موقف ابوي تجاه شرائح المجتمع العراقي وليس موقفا سياسيا الزاميا.

- كانت مرجعية اية الله (السيد علي السيستاني) ترى ان الامور ستتحسن عند اجراء الانتخابات اذ سيأخذ كل ذي حق حقه، إلا أن ظهور تقصير واضح من قبل الذين تصدوا للعمل السياسي في العراق من مختلف المكونات، من خلال ظهور التقسيم الطائفي- المحاصصة الطائفية- للحكم في العراق وليس على أساس الكفاءة والمؤهلات، فضلا عن استشراء الفساد المالي والإداري في كل مفاصل الدولة وعلى مختلف المستويات الذي لم يشهده العراق خلال تاريخه السياسي، اذ أدى هذا التناحر بين الكتل السياسية والفساد المالي إلى سوء الخدمات وتزايد مستويات الفقر وسرقة المال العام، ودخول مجموعات الإرهاب من خلال تنظيم داعش الإرهابي والاستيلاء على مساحات واسعة من العراق، وعلى الرغم من التحذير المستمر للمرجعية الدينية للسياسيين من خطورة هذه الأمور على مستقبل العراق، ودعواتها المستمرة إلى الالتزام بحرية الشعب وتوفير العيش السليم له والحفاظ على المال العام، ومطالبتها المواطنين. وفي بداية إي انتخابات على مستوى النواب أو المحافظات، إلى الاختيار على أساس الكفاءة والنزاهة لتولي المناصب العليا في العراق، وذلك في محاولة لتغيير الوضع القائم وإنهاء حالة الانقسام والفساد المستشري بالطرق الديمقراطية عن طريق الانتخابات، إلا إن الوضع بقي على حاله ولم يتغير، بل زاد من سوء الأمور إلى الأزمة الاقتصادية لانخفاض أسعار النفط، كل هذا قاد المرجعية إلى تصاعد دورها في الأمور السياسية للعراق، وعدم ترك الأمور بيد السياسيين الحاليين([38]).

- تتمتع المرجعية الدينية في العراق بالتأييد الشعبي الواسع ومن مختلف شرائح ومكونات المجتمع، وذلك لمواقفها الوطنية أذ لم تفرق بين مكون وأخر، وتصديها لدعم القيادات السياسية في العراق تحقيقا لتوازن سياسي، وتحقيقا لسلم اجتماعي لعدم وقوع حرب طائفية او اهلية وصولا الى استقرار المجتمع العراقي داخليا، فقد دعت للتهدئة في العديد من الاحداث ومنها تفجير الإمامين العسكريين عليهم السلام، لقد كانت المرجعية الدينية واعية للمخططات الامريكية التي تحاك ضد العراق ومحاولة إثارة الحرب الطائفية فيه، فكان لهذا التأييد الشعبي الواسع لها بمثابة دعوة شعبية لتدخل المرجعية الدينية في الشؤون العامة للعراق ([39]).

- بعد المظاهرات الأخيرة المطالبة بالإصلاح والخدمات، دعت المرجعية الدينية عبر وكلائها في كربلاء الى الاستجابة لمطالب المتظاهرين وتوفر الخدمات لهم والقيام بالإصلاحات الضرورية، وقد سبقت المرجعية هذه الدعوات بسنوات عديدة، إذ ومنذ الاحتلال الامريكي دعت إلى الإصلاح السياسي وتوفير الخدمات والأمن للشعب العراقي، لهذا كانت دعوة المرجع الأعلى (آية الله العظمى السيد علي السيستاني) ومن خلال وكيل المرجعية في كربلاء في خطب الجمعة الى الحكومة العراقية باتخاذ "خطوات جادة لتحسين الأوضاع في العراق ,وقال: "إن المرجعية الدينية العليا إذ تقدر عاليا أداء المواطنين الأعزاء ممن شاركوا في المظاهرات بصورة سلمية حضارية ومن لم يشاركوا تحسبا لمخاطر استغلالها من قبل ذوي المآرب الخاصة", اذ تدعو مجلس النواب والحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات جادة وملموسة في سبيل تحسين الخدمات العامة ولاسيما الطاقة الكهربائية ومفردات البطاقة التموينية وتوفير فرص العمل للعاطلين ومكافحة الفساد المستشري في مختلف دوائر الدولة، وقبل هذا وذاك: اتخاذ قرارات حاسمة بإلغاء الامتيازات غير المقبولة التي منحت للأعضاء الحاليين والسابقين في مجلس النواب ومجالس المحافظات ولكبار المسؤولين في الحكومة من الوزراء وذوي الدرجات الخاصة وغيرهم والامتناع عن استحداث مناصب حكومية غير ضرورية تكلف سنويا مبالغ طائلة من أموال هذا الشعب المحروم وإلغاء ما يوجد منها ([40]).

المبحث الرابع :  وسائل معالجة ظاهرة  الفساد و دور المرجعية في معالجة اثار الفساد في العراق

اولا: وسائل معالجة ظاهرة  الفساد في العراق

  • الوسائل التشريعية:

 يمكن ايجاز اهم الوسائل التشريعية المتبعة وكالاتي([41] ) :

- تكوين نظام اقتصادي متطور وذي نمو متصاعد مما يجعل مستوى دخل الفرد جيداً ليكون ضماناً تجاه كل أمراض الفساد الإداري مثل الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ.

- وضع دوائر رقابة شديدة تساهم في القضاء على الرشوة والفساد ,فضلا عن وجود برلمان تشريعي قوي وصحافة حرة يجعل من الصعوبة التستر على عمليات الفساد الإداري.

- وضع قوانين وإجراءات صارمه بحق المفسدين بممتلكات الشعب والصالح العام، اذ نلاحظ طرد الموظف الذي يعمل في القطاع الخاص عند اكتشافه بالسرقة في حين يبقى الموظف الذي يعمل في القطاع العام  حتى لو ثبت عليه التقصير أو السرقة.

- تأليف مجلس الخدمة العامة المختص بتعيين الموظفين في جميع دوائر الدولة، وسلب تلك الصلاحية ممن سواه، وينبغي لهم التحرز في اختيار منتسبي هذا المجلس ووضع التحرزات القانونية والرقابية التي تمنع الفساد والتجاوزات فيه. فإذا احتاجت أية وزارة أو دائرة  إلى تعيين موظفين لديها فتكتب بذلك إلى مجلس الخدمة العام ليتولى نشر إعلان لدعوة من تتوافر فيه الشروط للتعيين طبقا لمبدأ المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة، من خلال إخضاع المتقدمين للمنافسة أو لامتحانات تحريرية أو شفوية يحددها المختصون، أو الأولية لمن يملك امتيازات معينة يتفق عليها أعضاء مجلس الخدمة العامة حسب الوظيفة والموظف. ويحصل على الوظيفة الشاغرة من تفوق على غيره من المتقدمين.

- عدم قبول جميع التبريرات والحجج الواهية التي يتم بها تعيين الموظفين دون شمولهم بالضَّوابِطِ القانونية كذريعة الوضع الأمني وغيرها.

- إلغاء جميع القوانين التي مازالت تشكل غطاءً حقيقياً للمفسدين من عدم استطاعة القانون ان يَطُولَ منهم في أثناء تأدية وظيفتهم الرسمية إلاَّ بموافقة الوزير التابع له فإن هذا يكون له غطاء في فساد الموظف الإداري، فلا يجوز لأي عنوان رسمي أو سياسي أن يمنع من تحقيق مفوضية النزاهة أو مجلس الخدمة العامة من أن يحقق مع الموظف وأن يحيل الموظف إلى لجنة تحقيقية.

 - لا يتمتع أي مسؤول أو موظف في الحكومة العراقية بالحصانة عن أفعال جنائية يرتكبها خلال قيامه بوظيفته. ويتمتع القضاء بالصلاحية التامة حصراً لتقرير براءة المتهم أو إدانته وفقاً للقانون من دون تدخل السلطتين التشريعية أو التنفيذية.

- العمل بمبدأ من أين لكَ هذا؟ اذ يكون على كل موظف من مدير عام فصاعداً أن يقدم كشفاً سنوياً عن أمواله وأموال زوجته وأولاده المعيلين عند تعيينه أول مرة في المنصب المشمول بتقديم التقرير وملئه سنوياً وملئه في ختام خدمته ولهذا أهمية في الحد من الفساد الإداري.

- ان تكون المناقصات علنية ومعلنة من قبل وسائل الإعلام المحلية، ولا يجوز إعطاء المناقصات والمقاولات من دون التنافس العلني، فضلا عن ان تكون العقود المبرمة عليها علنية ايضا، والجهة المنفذة لها كفوءة وأمينة ومسؤولة امام الجهات الرقابية ([42]).

  • الوسائل الثقافية:

لابد من وسائل ثقافية لمعالجة الفساد الإداري حينما يصل المجتمع إلى ممارسة صور الفساد علناً وكالاتي([43]) :

- التوعية الإعلامية والصحفية من خلال (إصدار الكتب ,المجلات ,عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات ,إلقاء الخطب ,إيجاد مناهج دراسية تمجد خلق التعفف والنزاهة ,احترام الذات ,طاعة القوانين ,بيان آثار الفساد الإداري وانعكاساته).

- نشر ثقافة النزاهة والشفافية والخضوع للاستجواب والرقابة وفق ما نصت عليه القوانين وربط هذه الثقافة بمبادئ الدين والأخلاق والكتب المقدسة مثل أداء الشهادة وما يترتب عليها من ثواب، وتوعية المجتمع على وجوب النصيحة بالنسبة لبناء المجتمع، وإن المقصر فيها مأثوم وهو في حكم الخائن لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم  .

- بناء مؤسسات المجتمع المدني من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات ضد التمييز العنصري والطائفي ومعاهد التأهيل الاجتماعي التي تزيد من توعية المجتمع مدنياً وسياسياً وإداريا.

- توعية الجماهير بحرمة الاعتداء على الأموال العامة وأموال الدولة وإن حرمتها أشد من حرمة الاعتداء على الأموال الخاصة أي أموال الأفراد، ونشر ثقافة فقه المجتمع بمستوى نشر ثقافة فقه الأفراد.

- اختيار لجان المشتريات لدوائر الدولة بصورة دقيقة وفاحصة من أهل الكفاية والأمانة، فلا يخفى على أحد أن أسوء صور هدر المال العام هو ما يقع من نهب وسرقة من خلال لجان المشتريات، فلابد من وضع قوانين للجان المشتريات لسد جميع ثغرات الفساد الإداري, فضلا عن إنشاء مكتب الشكاوي للمواطنين، الذي يشرف عليه رئيس الدائرة مباشرة  من اجل سماع شكاوي المواطنين وحل مشكلاتهم([44])

ثانيا : دور المرجعية في معالجة اثار الفساد في العراق

إن للمرجعية الدينية في العراق الدور الفاعل والذراع الطولى في عملية بناء المؤسسات، والقيام بالتغيير والاصلاح، اذ لا يوجد اي دور ملموس للسياسيين ورجال الدولة العراقية في حركة الإصلاح والتغيير الاخيرة، فمن خلال أدواتها البسيطة المعتمدة على ثقة الجمهور بها، وبنزاهتها الأبوية للمواطن العراقي , احدثت ثورة للمطالب والاصلاح، اذ ان دورها كان له وقع خاص في احداث العراق الماضية، الذي استجاب لمطالبها كل السياسيين العراقيين، سنة وشيعة وكرد، اذ ان تصويت البرلمان على حزم الاصلاح في البرلمان وبوقت قصير جدا ما كان يحدث لولا تدخل المرجعية الدينية، فضلا عن  إن ضبط الشارع والمظاهرات هو الاخر ما كان يمكن ان يكون سلميا لولا دعوة المرجعية الى سلمية المظاهرات، واحترام المؤسسات العامة، اذ راينا سابقا كيف تحولت مظاهرات واعتصامات اهل الانبار والموصل الى اعمال عنف، وايواء المعارضين للعملية السياسية واتاحة السبيل للمجرمين وعناصر القاعدة تنفذوا اغراضهم ويمهدوا لدخول عصابات داعش واجتياح اجزاء واسعة من البلاد اجتياحاً همجياً طائفياً ، وذلك نتيجة لعدم وجود مرجعية دينية تقودهم نحو السلمية والتهدئة([45]).

إن المرجعية الدينية الرشيدة وعلى رأسها (اية الله العظمى السيد علي السيستاني) ترقب الأحداث يومياً وبدقة، وتسعى للحفاظ على التظاهرة التي غايتها الإصلاح، وأن لا تنحاز لجهة سياسية معينه ، ، كذلك علينا أن لا ننسى الدور الخبيث الذي يؤديه البعثيون في مراقبة الساحة السياسية والعمل بالخفاء لاستغلال الموقف لصالح أجندتهم الخاصة. وإن تظاهرة عام 2016 أظهرت أهمية الدور الذي أدته المرجعية الدينية في تجسيد المشروع المقاوم للفساد المنتشر في جميع مرافق الدولة داخل البرلمان التشريعي والحكومة التنفيذية بسبب المحاصصة والشراكة البغيضين، كما أظهرت التظاهرة أهمية الحشد الشعبي الطبيعية للدفاع عن المشروع الإصلاحي للدولة العراقية بدءاً من مقاومة الإرهاب وانتهاء بمقاومة الفساد المستشري في أوساط الطبقة السياسية والطبقة الحاكمة([46]).

ولأجل تطوير عمل الحوزة الدينية في الشؤون السياسية بصورة أكثر فاعلية، تم إشراك علماء الدين من ذوي الخبرة والاختصاص في مناصب في السلطة القضائية والمؤسسات المدنية الأخرى في الدولة، لأجل العمل على التزام الدولة بحقوق المواطنين، ومنع المسؤولين من التعدي على حقوق المواطنين والمال العام، واستقرار الشعب, اذ ان المرجعية الدينية قريبة من صنع القرار ومتجهه الى  تنفيذ مطالب المواطنين([47]).

الاستنتاجات والتوصيات

توصل الباحث  الى  الاستنتاجات الاتية :-

1-يعرف الفساد بأنه كل انحراف يقع فيه موظف أو مكلف بخدمه عامه أو خاصة في واجباته أو مهامه المعهودة إليه او بالأموال المعهودة أليه قاصداً من هذا الانحراف تحقيق منافع – مادية أو معنوية – لشخصه أو لشخص غيره .

2- انشاء دائرة للمفتش العام الامريكي في السلطة في شباط عام 2004، اي بعد انتهاء مدة سلطة الائتلاف المؤقتة, نتيجة   لمظاهر الفساد  المستشري  من خلال آلية صرف الاموال المخصصة لتمشيه امور العراق ,فضلا عن  مساعي ما سمي بإعادة الاعمار في العراق، سواء بالنسبة للأموال المخصصة من الجانب الامريكي او الاموال العراقية، الامر الذي ادى الى تبديد الموارد المتاحة للمشاريع فضلاً عن ارتفاع تكاليف العقود.

3- انتشار الفساد المالي والاداري في  معظم مفاصل الدولة.

4-ان  الفساد  المستشري في كافة قطاعات الدولة العراقية  جعلها  تتذيل مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية  لتكون من اكثر دول العالم فسادا.

5- كان للمرجعية الدينية في العراق الدور الفاعل والذراع الطولي في عملية بناء المؤسسات، والقيام بالتغيير والاصلاح, اذ لا يوجد اي دور ملموس للسياسيين ورجال الدولة العراقية في حركة الإصلاح والتغيير الاخيرة

التوصيات :

يمكن ادراج التوصيات التالية:

1- تحقيق العدالة في توزيع المناصب الإدارية على أساس الكفاءة والمؤهلات العلمية.

2ــ فتح قنوات الاتصال بين المواطنين والمسئولين على كافة الأصعدة والمستويات وبصورة سهلة وسلسة.

3-على ان ننطلق من بديهية مفادها ان عمل الصحافة مكفول بقوانين يتيح لها العمل بحرية تامة، وهيئة النزاهة  تقوم بوظيفتها الأساسية في المراقبة والاستجواب ,فضلا عن استقلال كامل للسلطة القضائية.

4- وضع العراق في ترتيب متقدم في تقارير الشفافية الدولية من خلال محاربة الفساد في المؤسسات الحكومية .

 5-.وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بالاعتماد على الكفاءة والابداع العلمي وعدم الاعتماد على العلاقات الشخصية والمحسوبية والعلاقات الاسرية .

6- تفعيل برنامج الحكومة الالكترونية ووضعه حيز التنفيذ ليتمكن المواطن من متابعة معاملاته من أي مكان على شبكة الانترنت وتحديث البوابة الالكترونية للدائرة المعنية دورياً .

 

 

 

المصادر

  • القران الكريم

1-د. احمد هاشم الصقال , ظاهرة الفساد  الاداري  هل اصبحت جزء من ثقافة المجتمع , مكتب المفتش العام , وزارة التجارة , العراق,2010.

-2 احسان علي  عبد الحسين , النهج  الاسلامي في  مكافحة  الرشوة, هيئة النزاهة , العراق ’ 2010. من الموقع الالكتروني,  http://www.nazaha.iq

3-اياد كاظم  سعدون , الصور الجرمية للفساد الاداري والمالي في قانون العقوبات العراقي رقم  111 لسنة 1969 المعدل , مجلة بابل للعلوم الانسانية , المجلد 23,العدد3 ,جامعة بابل , 2015.

4-ايمن احمد محمد ,الفساد والمساءلة في العراق ,مؤسسة فريد ريش ,عمان , الاردن , 2013.  

-5 تقرير منظمة الشفافية العالمية ,عام 2013م

6- حاكم محسن  محمد ,بشرى محمد سامي , الفساد الاداري والمالي واثاره الاقتصادية والاجتماعية في  العراق, مجلة المستقبل العربي , العدد 409, مركز دراسات الوحدة العربية , 2013.

-7 د. حسين  ابو سعود , الدور السياسي للمرجعية  الدينية في العراق الحديث , مركز النور للدراسات , العراق ,2010,ص12  من الموقع الالكتروني, http://www.alnoor.se/article.asp?id=89623

8 -حسين طيرة   , دور الفساد في تعميق مظاهر الفقر في العراق , مجلة النزاهة والشفافية للبحوث  والدراسات , العدد السادس , هيئة النزاهة , العراق , 2013م

9- حسن كريم عاتي , العراق في مؤشر مدركات  الفساد  في تقارير منظمة الشفافية الدولية  , مجلة النزاهة والشفافية للبحوث والدراسات  , العدد السادس ,هيئة النزاهة , العراق, 2012م

-10.د. حنان عبد الخضر ,سبل مواجهة الفقر واثرها في تعزيز  التنمية المستدامة في العراق , مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية , السنه الثامنة , العدد 28 , كلية الادارة والاقتصاد , جامعة الكوفة ,2012.

-11حيدر محمد الكعبي  , التحولات الاقليمية في  الشرق  الاوسط, مجلة الرصد, العدد 32, المركز الاسلامي  للدراسات الاستراتيجية , النجف الاشرف,2016م

12- . خالد عيادة  عليمات , الفساد اسبابه اشكاله وطرق مكافحته في الاردن, المجلة  الجزائرية للاقتصاد والمالية, العدد 2 ,2014م

13-  سوسن كريم  الجبوري , الفساد الاداري والمالي واهم اثاره  الاقتصادية في  العراق , مجلة الغري  للعلوم الاقتصادية والادارية  , العدد 21 ,كلية الادارة والاقتصاد , جامعة الكوفة ,2009م.

14- سورة الاعراف , الآية 96

-15سورة النساء , الآية 1

16-سمر عادل حسين , الفساد الاداري , اسبابه , اثاره وطرق مكافحته , مجلة النزاهة والشفافية البحوث والدراسات ,العدد السابع. العراق , 2014.

-17 د. عباس كاشف الغطاء, الفساد  الاداري في المنظور الاسلامي, مؤسسة كاشف الغطاء , من الموقع الالكتروني   http://www.kashifalgetaa.com/?id=207

18- علي عبد الحسين محسن  الخزعلي, شرح قانون هيئة  النزاهة  رقم 30 لسنة 2011 م, هيئة النزاهة , الدائرة القانونية ,العراق, 2011م

19 - علي عجيل منهل,  الفضائيون في القوات الامنية من الجيش والشرطة – ظاهرة جديده في العراق الحديث, الحوار المتمدن . العدد3609 ,العراق , 2012م

20-علي سكر عبود , تحليل صور  واسباب الفساد المالي والاداري , مجلة القادسية للعلوم والادارية  والاقتصادية , المجلد 12, العدد 1, كلية الادارة والاقتصاد ,جامعة القادسية , 2010.

21- فارس بن علوش بن بادي السبيعي , دور الشفافية والمساءلة في الحد من الفساد الاداري  في القطاعات الحكومية, اطروحة دكتوراه, جامعة نايف العربية  للعلوم الامنية ,2010م.

22- فاطمة عبد جواد, الفساد الاداري والمالي واثاره السلبية على مؤسسات الدولة العراقية وسبل معالجته, الندوة  العلمية الضريبية الاولى , الهيئة العامة للضرائب  , العراف , 2013م.

23 -. د. فراس  مسلم , الوقاية من  الفساد  الاداري  ومكافحته من منظور الفكر  الاسلامي , مجلة  كلية بغداد  للعلوم الاقتصادية الجامعة , العدد 36, جامعة بغداد, 2013 م

24- فائق الشمري, تأجيل الانتخابات المحلية في  العراق...مالها وعليها ,  مجلة الرصد, العدد

4- المركز الاسلامي  للدراسات الاستراتيجية , النجف الاشرف,2016.

25- كاظم الصالحي , الاصلاحات بين رؤى المرجعية  وتغافل الحكومة , المركز الاسلامي  للدراسات  الاستراتيجية , كربلاء , 2016, من الموقع  الالكتروني ,  http://www.iicss.iq

-26 ماجد الصوري, الفساد الاداري والمالي الاسباب والمظاهر , شبكة الاقتصاديين العراقيين ,2014 م, من الموقع الالكتروني  http://iraqieconomists.net.

-27. محمد احيد  ولد اسلم , القضاء على عوائق الاندماج في الاقتصاد المصنف, مجلة الدراسات  الاقتصادية والمالية , العدد 5, السنة الخامسة , كلية العلوم الاقتصادية والتجارية  وعلوم التسيير , جامعة الوادي , الجزائر , 2012 م

-28. مدحت القرشي, الفساد الاداري والمالي في العراق (اسبابه وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية وسبل مكافحته),شبكة الاقتصاديين العراقيين , 2012, من الموقع الالكتروني   http://iraqieconomists.ne

-29 . هشام اموري, قانون الحشد الشعبي والسيناريوهات المتوقعة,  مجلة الرصد, العدد 32, المركز الاسلامي  للدراسات الاستراتيجية , النجف الاشرف,2016.

30- يوسف عبد عطية بحر ,الفساد الاداري  المسببات  والعلاج , مجلة جامعة الازهر, المجلد13, العدد 2, سلسلة العلوم الانسانية , غزه , 2011 .

[1]. فاطمة عبد جواد, الفساد الاداري والمالي واثاره السلبية على مؤسسات الدولة العراقية وسبل معالجته, الندوة  العلمية الضريبية الاولى , الهيئة العامة للضرائب  , العراق , 2013,ص5

[2] .علي عبد الحسين محسن  الخزعلي, شرح قانون هيئة  النزاهة  رقم 30 لسنة 2011, هيئة النزاهة , الدائرة القانونية ,العراق, 2011,ص2-3

[3].د. محمد احيد  ولد اسلم , القضاء على عوائق الاندماج في الاقتصاد المصنف, مجلة الدراسات  الاقتصادية والمالية , العدد 5, السنة الخامسة , كلية العلوم الاقتصادية والتجارية  وعلوم التسيير , جامعة الوادي , الجزائر ,2012, ص11-12 .

[4].سمر عادل حسين , الفساد الاداري , اسبابه , اثاره وطرق مكافحته , مجلة النزاهة والشفافية البحوث والدراسات ,العدد السابع. العراق , 2014, ص127.

[5]. فارس بن علوش بن بادي السبيعي , دور الشفافية والمساءلة في الحد من الفساد الاداري  في  القطاعات  الحكومية , اطروحة دكتوراه , جامعة نايف العربية  للعلوم الامنية ,الرياض,2010,ص10.

[6].د. احمد هاشم الصقال , ظاهرة الفساد  الاداري  هل اصبحت جزءاً من ثقافة المجتمع , مكتب المفتش العام , وزارة التجارة , العراق,2010, ص7-8.

.[7] علي عجيل منهل,  الفضائيون في القوات الامنية من الجيش والشرطة – ظاهرة جديده في العراق الحديث, الحوار المتمدن . العدد3609 ,العراق , 2012

[8]. ماجد الصوري, الفساد الاداري والمالي الاسباب والمظاهر , سبكه الاقتصاديين العراقيين ,2014,ص4-5, من الموقع الالكتروني  http://iraqieconomists.net

[9]. سمر عادل حسين, مصدر سابق, ص130-131

[10]. فاطمة عبد جواد, مصدر سابق,ص6                                                                

[11]. حسن كريم عاتي , مصدر سابق ,ص 78-79

[12].علي سكر عبود , تحليل صور  واسباب الفساد المالي والاداري , مجلة القادسية للعلوم والادارية  والاقتصادية , المجلد 12, العدد 1, كلية الادارة والاقتصاد ,جامعة القادسية , 2010,ص120-121.

[13] . خالد عيادة  عليمات , الفساد اسبابه اشكاله وطرق مكافحته في الاردن, المجلة  الجزائرية للاقتصاد والمالية, العدد 2 , كلية العلوم الاقتصادية ,علوم التسيير والعلوم التجارية , جامعة د. ي. فارس ,الجزائر,  2014 ,ص204-205.

[14]. حسين طيرة   , دور الفساد في تعميق مظاهر الفقر في العراق , مجلة النزاهة والشفافية للبحوث  والدراسات , العدد السادس , هيئة النزاهة , العراق , 2013, ص14.

[15].  سوسن كريم  الجبوري , الفساد الاداري والمالي واهم اثاره  الاقتصادية في  العراق , مجلة الغري  للعلوم الاقتصادية والادارية  , العدد 21 ,كلية الادارة والاقتصاد , جامعة الكوفة ,2009, ص43-44.

[16]. . فاطمة عبد جواد, مصدر سابق , ص6

[17]. , حاكم محسن  محمد ,بشرى محمد سامي , الفساد الاداري والمالي واثاره الاقتصادية والاجتماعية في  العراق, مجلة المستقبل العربي , العدد 409, مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت, 2013, ص83.

[18].اياد كاظم  سعدون , الصور الجرمية للفساد الاداري والمالي في قانون العقوبات العراقي رقم  111 لسنة 1969 المعدل , مجلة بابل للعلوم الانسانية , المجلد 23,العدد3 ,جامعة بابل , 2015, ص195-197.

[19].د. حنان عبد الخضر ,سبل مواجهة الفقر واثرها في تعزيز  التنمية المستدامة في العراق , مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية , السنه الثامنة , العدد 28 , كلية الادارة والاقتصاد , جامعة الكوفة ,2012,ص180.

[20]. حسين طيرة   , مصدر سابق , ص10.

[21]. حسن كريم عاتي , العراق في مؤشر مدركات  الفساد  في تقارير منظمة الشفافية الدولية  , مجلة النزاهة والشفافية للبحوث والدراسات  , العدد السادس ,هيئة النزاهة , العراق, 2012,ص72.

[22]. تقرير منظمة الشفافية العالمية ,عام 2013, ص69

[23]. سورة الاعراف , الآية 96

[24]. د. احمد هاشم الصقال, مصدر سابق ,ص8-11

[25].سمر عادل حسين مصدر سابق , ص134-135

[26].سورة النساء , الآية 1

[27]. حاكم محسن  محمد ,بشرى محمد سامي, مصدر سابق , ص81-82

[28].  .اياد كاظم  سعدون , مصدر سابق , ص194

[29].اياد كاظم  سعدون , مصدر سابق,ص193-194

[30].ايمن احمد محمد ,الفساد والمسائلة في العراق ,مؤسسة فريد ريش ,عمان , الاردن , 2013, ص4-6     

[31]. يوسف عبد عطية بحر ,الفساد الاداري  المسببات  والعلاج , مجلة جامعة الازهر, المجلد13, العدد 2, سلسلة العلوم الانسانية , غزه , 2011 , ص12

[32].د. خالد عيادة عليمات ,مصدر  سابق ,ص206

[33].علي سكر عبود , مصدر سابق , 125 -126

[34]-د. فراس مسلم , الوقاية من  الفساد  الاداري  ومكافحته من منظور الفكر  الاسلامي , مجلة  كلية بغداد  للعلوم الاقتصادية الجامعة , العدد 36, جامعة بغداد, 2013, ص155

[35]. د. حسين  ابو سعود , الدور السياسي للمرجعية  الدينية في العراق الحديث , مركز النور للدراسات , العراق ,2010,ص12  من الموقع الالكتروني, http://www.alnoor.se/article.asp?id=89623

[36], فائق الشمري, تأجيل الانتخابات المحلية في  العراق...مالها وما عليها ,  مجلة الرصد, العدد 32, المركز الاسلامي  للدراسات الاستراتيجية , النجف الاشرف,2016,ص66-67

[37] كاظم الصالحي , الاصلاحات بين رؤى المرجعية  وتغافل الحكومة , المركز الاسلامي  للدراسات  الاستراتيجية , كربلاء , 2016, من الموقع  الالكتروني , http://www.iicss.iq

[38].حيدر محمد الكعبي  , التحولات الاقليمية في  الشرق  الاوسط, مجلة الرصد, العدد 32, المركز الاسلامي  للدراسات الاستراتيجية , النجف الاشرف,2016,ص84-85

[39] . هشام اموري, قانون الحشد الشعبي والسيناريوهات المتوقعة,  مجلة الرصد, العدد 32, المركز الاسلامي  للدراسات الاستراتيجية , النجف الاشرف,2016, ص73-76

[40]. علي  سكر عبود , مصدر  سابق , ص126

[41].حاكم محسن  محمد ,بشرى محمد سامي , مصدر سابق, ص91-92

[42]. احسان علي  عبد الحسين , النهج  الاسلامي في  مكافحة  الرشوة, هيئة النزاهة , العراق ’ 2010, ص24-25  ,   من الموقع الإلكتروني  http://www.nazaha.iq

[43].د. مدحت القرشي, الفساد الاداري والمالي في العراق (اسبابه وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية وسبل مكافحته),شبكة الاقتصاديين العراقيين , 2012, من الموقع الالكتروني   http://iraqieconomists.ne

[44]. ايمن احمد محمد, مصدر سابق ,  ص12                                                                   

[45]. د. عباس كاشف الغطاء, الفساد  الاداري في المنظور الاسلامي, مؤسسة كاشف الغطاء , من الموقع الالكتروني   http://www.kashifalgetaa.com/?id=207

[46].ايمن احمد محمد , مصدر  سابق ,ص12      

[47]د. فراس مسلم , مصدر سابق ,ص 148-150