المرجعية الدينية وتعدد التأسيس الفكري والمؤسساتي

(دراسة استنباطية لرؤى مستقبلية)

الباحث : م.م حسن محمد الدربندي

الباحث : م.م محمد ناصر العذاري

  • مديرية تربية النجف الأشرف
  • كلية الإمام الكاظم( عليه السلام) للعلوم الاسلامية الجامعة


المقدمة :

الحمد لله { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [البقرة : 117] { لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ } [القصص:70] {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد : 3] الذي أرسل رسوله ﴿ مُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾ اللهم وصلِ على المبعوث { رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 107] وعلى آله الطيبين المنتجبين.

القرآن الكريم اثبت إنجازات هامة على مستويات متعددة الفكرية منها والمؤسساتية، وجميع الرسل بشكل عام كان لكل واحد منهم انجازه التأريخي والتأسيسي يناسب زمانه وظرفه.

وما سيرة النبي الأكرم(صل الله عليه واله وسلم) والأئمة الاطهار( عليهم السلام) من آل محمد إلا تكامل لتلك الانجازات ويكون تتويجها بملء الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً بالظهور المبارك لمولانا الحجة المنتظر( عج) وإقامة الدولة المحمدية الحقة .

ولذا فالإرث العظيم واستشراف المستقبل صار لدى مراجعنا العظام-قدس الله سر الماضين وحفظ لنا الباقين- معيناً عذباً ينهلون منه ما يكون فيه خير الدنيا والآخرة ، فنجد كل واحد منهم اتخذ لنفسه تأسيساً مشرفاً بما جاد عليه فكره وظرفه، وإن دققنا في تلك الانجازات لا نجدها بوتيرة واحدة ، وهذه طبيعة البشر التفاوت ديدنهم.

 وحاول الباحثان في بحثهما هذا أن يسردا مجموعةً من أهم تلك الانجازات –لا على نحو الاستقراء التام- التي ترتقي لمستوى التأسيس الأول لإظهار ما عند مراجعنا من علو الهمة وفكر نيرٍ وحرص شديد على مصالح العباد بما يرتبط بالفكر والحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

ثم عمد الباحثان إلى طرح بعض الأفكار التي تخدم الفكر والحياة بجميع جوانبها، ويمكن لتطبيق تلك الأفكار أن تؤتي ثمارها عاجلاً وأن تعالج كثيراً من الإشكالات والمساوئ على الصعيدين الفردي والمجتمعي .

ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لخدمة الإسلام الحنيّف وأن يكحل أنظارنا بالطلعة الشريفة لإمام زماننا المهدي المنتظر(عج) وأن يجعلنا من أعوانه وخدامه ومن المستشهدين تحت لوائه إنه سميع مجيب.

الباحثان

المقصد الأول: التعريفات والمبادئ التصورية للبحث

أولاً: مفهوم التعددية في اللغة والاصطلاح:

  • مفهوم التعددية في اللغة:.

يعود أصل كلمة تعددية إلى(عدَ) وتعني: إِحْصاء الشيءِ، عَدَّه يَعُدُّه عَدّاً وتَعْداداً وعَدَّةً وعَدَّدَه. والعَدَدُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً . وَيُقَال عددت النائحة ذكرت مَنَاقِب الْمَيِّت وَالشَّيْء عده وَجعله ذَا عدد. واعْتد صَار معدودا وَالْمَرْأَة دخلت فِي عدتهَا بعد طَلاقهَا أَو وَفَاة زَوجهَا وَانْقَضَت عدتهَا وبالشيء أدخلهُ فِي الْحساب وَالْعد وَهَذَا شَيْء لَا يعْتد بِهِ لَا يهتم بِهِ وَالشَّيْء أحضرهُ([1]) .

مما سبق يتضح ان المعنى اللغوي لحقيقية التعددية يحمل في طياته ملامح وصفية لعدم التفرد وعدم الواحدية, وذلك لان التعدد وجود إحصاء الشيء القابل للقلة أو الكثرة, وهذا يدل على أن هذا الشيء ليس منفردا أو وحيدا وإلا ما قبل العد والإحصاء, والتي اتسمت بها المجتمعات البشرية التعددية لأسباب عديدة([2]) .

  • تعريف التعددية في الاصطلاح:

أما على الصعيد الاصطلاحي، فقد تعددت التعريفات المتداولة لمفهوم التعددية بكثرة في المجلات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية كافة إلا انه ليس لها تعريف محدد وواضح, بل استعملت في كل ما تقدم من المجالات, حتى قال احد الباحثين( ينبغي لنا ان نسلم بتعددية التعددية)([3]) ، وذلك لان التعددية مفهوم ترتبط به مجموعة من المفاهيم فاختصر ذكرها هنا على المجال الاجتماعي والفلسفي: 

  1. مفهوم التعددية في المعاجم الاجتماعية: فيذهب معجم المصطلحات الاجتماعية إلى أن التعددية تعني:"تعدد أشكال الروح الاجتماعية في نطاق كل جماعة، وتعدد الجماعات داخل المجتمع وتعدد الجماعات نفسه([4]) .
  2. التعددية في معاجم الفلسفة: حيث يرى بعض الفلاسفة الذين استندوا الى أساس استحالة فهم الحقيقة عن طريق جوهر واحد أو مبدأ واحد ومن ثم فان التعددية هنا هي الاعتقاد السائد الذي ينبغي أن يكون هناك تعدد في المعتقدات والمؤسسات والمجتمعات. أي أنها على النقيضمن الواحدية([5]) .

ثانياً: تعريف المرجعية لغة واصطلاحا:

  • تعريف المرجعية في اللغة:

المرجعية في مفهومها اللغوي الرجوع والعودة, وهي مشتقة من الفعل(رَجَعَ) الرَّاءُ وَالْجِيمُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ كَبِيرٌ مُطَّرِدٌ مُنْقَاسٌ، يَدُلُّ عَلَى رَدٍّ وَتَكْرَارٍ. تَقُولُ: رَجَعَ يَرْجِعُ رُجُوعًا، إِذَا عَادَ. وَرَاجَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ الرَّجْعَةُ وَالرِّجْعَةُ. وَالرُّجْعَى: الرُّجُوعُ([6]) . وَكَذَا (الْمَرْجِعُ) . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ} [الأنعام: 164]. وَ(الْمُرَاجَعَةُ) الْمُعَاوَدَةُ. يُقَالُ: (رَاجَعَهُ) الْكَلَامَ. وَ (تَرَاجَعَ) الشَّيْءُ إِلَى خَلْفُ. وَ (اسْتَرْجَعَ) مِنْهُ الشَّيْءَ أَيْ أَخَذَ مِنْهُ مَا كَانَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. وَ (اسْتَرْجَعَ) عِنْدَ الْمُصِيبَةِ أَيْ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ([7]) .

  • المرجعية الدينية اصطلاحاً:

المرجعية الدينية بمفهومها الواسع ، قد تعني قيام المجتهد الجامع للشرائط مقام الإمام عليه السلام في مهماته الأساسية الثلاث الولاية ، والفتيا ، والقضاء .

وباعتبار أن المجتهدين كانوا يقومون بالدورين الاخيرين ، كما دلت عليه النصوص المتظافرة ، لم يشك أحد من العلماء في أن المجتهد هو ( المرجع ) للأمة في هذين المقامين . بل كان العلماء والمجتهدون يقومون بهذين العملين لدى المسلمين حتى في زمن الخلافة الاسلامية ، ويرجع إليهم المسلمون في الفتيا والقضاء([8])  .

ثالثاً : مفهوم المرجعية في القرآن الكريم والسنة

أ: مفهوم المرجعية في القرآن الكريم

القران الكريم لم يستعمل بالتحديد مصطلح المرجعية ولكن وردت كلمة مرجع مضافة بلفظ (مرجعكم) ولفظ (مرجعهم) , فقد ورد الأول في كتاب الله عز وجل في احد عشرة موضعاً, وأما الثاني ورد في خمس مواضع, ولم تكن هذه المصطلحات مقصورة على التعبير عن المرجعية, فقد استعمل عدَّة مصطلحات للدلالة على مفهومها منها (إمام وأئمة) وغيرها ومن أهم هذه الألفاظ والمصطلحات هي:

  • ورد لفظ مرجعكم في الكتاب العزيز: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [آل عمران : 55] وكذلك قوله تعالى { إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة : 48] وجملة من آيات أخر .

واما لفظ مرجعهم: فقد جاءت في قوله تعالى { ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام : 108] وكذلك قوله تعالى { فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس:46] وغيرها من الآيات الكريمات.

وقد تكرر هذان اللفظان في عدة مواضع من آيات القران الكريم, وليس من شأن البحث تتبع ورصد كل مفردة وردت, وانما تحديد هذا المفهوم من خلال ما جاء في الكتاب.

والذي يبدو لنا من خلال التتبع لاهم مصادر التفسير التي اعتمدناها في هذه الدراسة ان للمفسرين اراء متعددة حول تحديد المعنى المطرد بمعنى واحد, وبما ان المفردة القرآنية تختلف معانيها باختلاف موضعها والموضوع ويمكن ان تؤول هذه الآراء إلى وجهين:

الأول: ان المقصود منها الرجوع الى الله عز وجل يوم القيامة([9]) او المصير يوم القيامة([10]) .

اما الثاني: يرون ان النص القراني قد جاء بجملة من المعاني ليس فقط الرجوع والمصير وانما الى مطلق الرجوع الى الله تعالى([11]) والرجوع الى جزاء الله تعالى([12]) والرجوع بعد الموت([13]) .

وبشكل عام فالمعنى الممكن احتماله من مفردتي المرجع والرجوع :

أحدهما: أن يكون في معنى الرجوع فيكون مصدرا.

والآخر: موضع الرجوع فيكون ظرفا ، كأنه قال : إليه موضع رجوعكم يكونه إذا شاء.

ومعنى الرجوع إليه يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يعود الأمر إلى أن لا يملك أحد التصرف في ذلك الوقت غيره تعالى بخلاف الدنيا، لأنه تعالى قد ملك كثيرا من خلقه التصرف في دار الدنيا ومكنهم من ذلك .

والثاني: أن يكون معناه إنكم ترجعون إليه أحياء بعد الموت أي إلى موضع جزائه)([14])  .

وهذا يبين ان هناك جهة اتفاق إذ هذه المعاني تدور حول الرجوع فتارة تأتي مطلقة وتارة اخرى تأتي مقيدة, وهذه القيود هي نابعة من سياق النصوص التي ورد فيها لفظة ( مرجعكم ومرجعهم ), وهذا لا ريب فيه لان المفسرين يرون ان للسياق والسباق واللحاق اثرا دلاليا يثري المفردة, وقد يحملها معاني تجعل منها مصطلحا مستقلا , غير جامد كما يتعامل اللغويون مع المفردة المعجمية تعاملا جامداً يتناولون اللفظ من خلال مفهوم الوضع اللغوي له.

  • اما المصطلحات التي دلت على مفهوم المرجعية( الفكر, والأفراد) فقد وردت في سبعة مواضع من القران الكريم ثلاثة منها استعملت لمفهوم المرجعية وهي:

عبر القرآن بلفظ (إمام) عن المرجعية بقوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة : 124] وكذلك قوله تعالى { وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً } [هود : 17] ولو تتبعنا كتب اللغة لمفردة إمام نلاحظ ان هذه المعاني تلتقي في كونها تطلق على من يقتدى به([15]) او يهتدى به فالملاحظ من سياق الآية الأولى ان كلمة إمام جاءت بمعنى المرجعية للأفراد, والآية الثانية جاءت بمعنى المرجعية الفكرية.

وبعبارة أخرى أن الإمام هو مرجع لكل شيء حيث يتخذه الإنسان مثالا لعمله ودليلا لفعله, ويطبق فعله وعمله على ذلك المثال.

وقد ورد مفهوم المرجعية للفظ الإمام بصيغة الجمع( أئمة) حيث وردت هذا اللفظة في خمسة مواضع في القران الكريم منها قوله تعالى {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء : 73] وبتتبع آراء المفسرين يتبين لنا ان المراد بهذا اللفظ هو المرجعية وقد ذكروا معاني لها: رؤساء او قادة في الخير يقتدى بهم, ويهدون الناس الى الحكم والدين([16]) . ولابد من الالتفات الى ما قيّد الله به من يكون إماماً ( فبين أن الإمامة ليست مطلق الهداية ، بل هي الهداية التي تقع بأمر الله) ([17]) .

وهنا لابد أيضا من الإشارة والتنويه إلى ان مصطلح ( إمام ) و( أئمة ) في القران الكريم يطلق على أئمة الخير والشر او أئمة الفساد كما في قوله تعالى { فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة : 12].

ولا يخفى على احد ان الاستقراء هو المنهج الأمثل للوصول إلى النتائج المطلوبة في دراسة هذا الموضوع وأمثاله, وعندما نأتي إلى القران الكريم نجد أن من الألفاظ التي أطلقها القران الكريم على المرجعية( أولو الأمر) وقد ورد هذا المصطلح في موضعين, وأريد فيهما المرجعية للناس أو الأفراد. كما في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء : 59] , { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } [النساء : 83] .

وتشير هذه الآيات من القران إلى أن المرجعية إلى الرسول(صل الله عليه واله وسلم) والى أولوا الأمر فناسب ان يكون أولوا الأمر هم اهل المعرفة بالقرآن أو هم أولو القرآن الذين يتمكنون من الاستنباط, لان لديهم القدرة على ايجاد الحلول لكل امر من الامور, حيث نجد ان الآية جمعت بين مرجعية الكتاب والسنة ومرجعية الأفراد وهم اهل العلم.

وبعبارة أخرى يؤسس النص عند التنازع الى الأمر بطاعة المرجعية بنوعيها: مرجعية الى الله ورسوله ومرجعية طاعة الأفراد (أولي الأمر) وهؤلاء لن يكونوا غير اهل الشريعة([18]) .

ب: مفهوم المرجعية في السنة

كون ان السنّة مبيّنة للقرآن: فقد كلّف النبي بمهمة تبيين ما نزّل إلى الناس، وتأدية الرسالة، وتبيين المراد من آيات الله. كما جاء في سورة النحل {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل : 44] والقرآن الكريم نفسه يرد الناس إلى السنة، ويوجب على المسلمين أن يطيعوا الرسول(صل الله عليه واله وسلم)، ويعُدّ طاعته(صل الله عليه واله وسلم) طاعة لله. كما جاء في سورة النساء {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء : 80] , وهناك نصوص قرآنية أخرى عديدة تلزم جميع المسلمين بطاعة الرسول وامتثال أوامره , بالإضافة إلى الأحاديث النبوية.

فهناك طائفة كبيرة من الأحاديث الثابتة التي تصرّح بمكانة السنة في الشريعة، ومن الأحاديث واضحة الدلالة ما رواه الشيخ الكليني بسنده عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ( عليه السلام) يَقُولُ: (( أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ (صل الله عليه واله وسلم) أَنِّي خَلَقْتُكَ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً وَ نَفَخْتُ فِيكَ مِنْ رُوحِي كَرَامَةً مِنِّي أَكْرَمْتُكَ بِهَا حِينَ أَوْجَبْتُ لَكَ الطَّاعَةَ عَلَى خَلْقِي جَمِيعاً فَمَنْ أَطَاعَكَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَ مَنْ عَصَاكَ فَقَدْ عَصَانِي وَ أَوْجَبْتُ ذَلِكَ فِي عَلِيٍّ وَ فِي نَسْلِهِ مِمَّنِ اخْتَصَصْتُهُ مِنْهُمْ لِنَفْسِي ))([19]) .

وهذه النصوص من الآيات والأحاديث توجب المرجعية للرسول(صل الله عليه واله وسلم) بمعنيين أحدهما المرجعية الفكرية والأخرى المرجعية القيادية وكلتا المرجعيتين كانتا متمثلتين في شخصه (صل الله عليه واله وسلم), وقد ختم الله بمحمد(صل الله عليه واله وسلم) فجعله آخر الأنبياء, فكان لابد للنبي(صل الله عليه واله وسلم) أن يتحمل كلتا المرجعيتين, بل ان الحاجة بعد الرسالة الخاتمة اشد الى الاستمرار ومواصلة المسيرة الإسلامية في خطها الاجتماعي, اذ لم يكن بعدها وحي ينزل على البشرية([20]) .

 حيث جاءت النصوص الشريفة لتترجم هذا الواقع وتربط بين المرجعية المنصبة من الله وبين التي هي ضمان وهداية ووقاية للامة والدين من الانحراف والضلال, ومن النصوص الرئيسة على المرجعية المتمحورة حول الإمامة المعصومة حديث الثقلين إذ قال رسول الله(صل الله عليه واله وسلم) يوم غدير خم:( مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاه)([21]) .

وهذا الحديث من أجلى النصوص وضوحاً وأقواها سنداً ودلالة في إثبات وجوب مرجعية الناس إلى الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)  ([22]) .

والمثال الرئيسي لامتداد المرجعية في ال البيت( عليهم السلام) حديث الثقلين الذي رواه علماء الفريقين: (وَمِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فِي كِتَابِهِ بِأَسْنَادِهَا فَمِنْهَا قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم) قَالَ إِنِّي أَوْشَكَ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ وَ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وَ إِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا مَا ذَا تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا)([23]) .

إنّ أئمّة أهل البيت( عليهم السلام) هم مرجع العلم والمعرفة والدين، وما يؤخذ عن غيرهم باطل، والحقّ لا يؤخذ إلا من عندهم، وهذا ما دلّت عليه الروايات والأحاديث الشريفة:)  عَنْ زُرَارَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام) وَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام) سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ فَلَا تَسْأَلُونَ عَنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ عِنْدَهُ (عِلْمٌ إِلَّا شَيْ‏ءٌ) خَرَجَ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ( عليه السلام) فَلْيَذْهَبِ النَّاسُ حَيْثُ شَاءُوا فَوَ اللَّهِ لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَّا مِنْ هَاهُنَا وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَيْتِهِ)([24]).

يظهر ممّا تقدَّم أنّ "الولاية" بأبعادها الواسعة من قبيل الولاية في بيان الأحكام والمعارف الدينيّة، والقيادة السياسيّة الاجتماعيّة، والولاية في فصل الخصومة والمرجعية الدينية كلها مجعولة من الله عزَّ وجلَّ للنبي(صل الله عليه واله وسلم) وللأئمّة المعصومين ( عليهم السلام).

وكون المرجعية اداة أقرها الله سبحانه وتعالى, ليتسنى للناس من خلالها الإفادة في المجال الديني, الا ان التطور البشري في جميع شؤون المعرفة البشرية يجعل الحاجة الى الرجوع للمجتهد ملحة أكثر من اجل إعطاء هذه المستجدات حكما شرعيا وذلك لا يكون الا عن طريق الرجوع الى مرجع يرشده. فهذا العنصر-المرجع_ بوصفه المحرك الذي يزود الناس بالطاقة والحركية والفاعلية. إذ لا يمكن للمجتمع ان يواكب التطور في الحياة, او ما يستجد من تحديات واشكاليات تفرضها علينا حركة الحياة من خلال النصوص المتوفرة في الكتاب والسنة, ومن ثم سوف يحكم على الفقه بعدم قدرته على حل المشاكل التي تواجه البشرية فكان لا بد من استمرار التواصل مع الزمن, ليمكن بذلك إرجاع ما استجد من فروع وأحداث الى الأصول الأساسية, ولا يتم ذلك الا عن طريق المجتهد...([25]) .

المقصد الثاني: ما أسسه مراجعنا العظام 

ليس المراد هنا من الاستقراء التام لجميع ما أسسه علماؤنا على طيلة المسيرة السابقة منذ الغيبة الكبرى وإلى يومنا هذا ، بل؛ هي محاولة لتسليط الأضواء على أهم انجازات تلك المرحلة بما يتلاءم وضيق صفحات البحث .

  • الحوزة العلمية الشريفة في النجف الأشرف

يعد الشيخ الطوسي(ت460ه) مؤسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف حيث أصبحت مركزا للعلم وجامعة كبرى للمذهب الجعفري للشيعة الإمامية ، وعاصمة للدين الإسلامي، وأخذت تشد إليها الرحال لتصبح مهبط رجال العلم ومهوى أفئدتهم.

وقد بان فضل هذه الحوزة على ما سواها من المعاهد العلمية ، حيث تخرج منها من ذلك الحين والى يومنا هذا آلاف من أساطين الدين وأجلاء اللغويين وكبار الفقهاء والفلاسفة ونوابغ المتكلمين ، وأفاضل المفسرين ، وغيرهم ممن تخصصوا في أنواع العلوم الإسلامية الأخرى وبرعوا فيها.

وخير دليل على ذلك هي آثارهم المهمة التي هي في طليعة التراث الإسلامية, وعلى الرغم من قساوة الظروف السياسية التي مرت بها الا انها ولم تزل صامدة وعامرة حتى هذا اليوم ، يرتحل إليها طلاب العلم من بقاع العالم كافة([26]) .

  • تأسيس الحوزة العلمية في قم المقدسة

في رجب سنة 1340 هـ هبط مدينة قم المشرفة ( دار الايمان ) ومثوى فاطمة بنت الإمام موسى الكاظم وأخت الإمام الرضا ( عليهم السلام)، بدعوة من بعض رجال العلم فيها رغبة في إحياء أمرها الغابر وإعادة مجدها الدائر الشيخ كاظم الحائري (ت1355ه), فكان المؤسس للحوزة العلمية في قم المقدسة فقد نظم فيها من طلاب العلم تنظيما عاليا ، وعزم على ان يكون لها شأن في خدمة الدين والمجتمع فجعلها مركزا علميا.

حيث بدأت هذه البذرة تتسارع بالازدهار فقد أخذت الحقوق الشرعية والهبات تتوالي عليها من البقاع الإيرانية فكان ذلك سبباً بالتوسعة في العطاء على الطلاب والعلماء، وغصت المدارس بآهليها وزاد عدد الطلاب والعلماء في أوائل نشأتها على الألف، الا ان الحائري انتهج طريقة لصرف تلك الاموال الطائلة من الحقوق الشرعية، ائتمن بعض أصحاب المتاجر من الصالحين فكانت تحول إليه وتجتمع عنده ويصدر المترجم له أمره بتوزيعها من قبله وعلى مستحقيها بحسب المشاريع المخصصة لها([27]) .

لم تنحصر حوزته العلمية في قم المقدسة، ضمن الاطار الحوزوي المعهود، إنما شملت بعطائها المجتمع وما يحتاجه اليه، مع حجم الامكانات والقدرات لديها. حتى انشئ سدَ على نهر مدينة قم وذلك لحماية المدينة المقدسة من الفيضان. وفي عام 1353هـ، قام ببناء ما يشبه المأوى لمتضرري الفيضانات والسيول ([28]).

  • إتساع بناء المدارس العلمية والمؤسسات في أصقاع العالم ورعايتها

وضع السيد الخوئي(ت 1413ه) منهجاً خاصاً كان سبباً مباشراً في ازدهار الجامعة العلمية النجفية وقد تجاوزت رعايته للحوزات العلمية كل الحدود السابقة التي كانت مألوفة قبل مرجعيته .

حيث كان الاهتمام سابقا منصبا على رعاية مدرسي حوزة النجف الاشرف وطلابها، في قم المقدسة وبعض المدن, الا ان اهتمامه توسع ليشمل المدارس العلمية في باكستان والهند وتايلند وغيرها من الدول الاوربية والتي ليس نحن بصدد ذكرها([29]) .

ومما ينبغي الوقوف عليه وتوضيحه ان السيد الخوئي قد اجاز للمؤمنين دفع ما عليهم من حقوق شرعية لمشاريع كثيرة منها المدارس والمستشفيات وغيرها من المشاريع الخيرية وتعد هذه الإجازة تأسيساً لهذه المشاريع التي لا نبالغ اذا قلنا انها اصبحت بالآلاف .

وكذا أمر السيد الخوئي بتأسيس مؤسسة خيرية عالمية مسجلة رسمياً فتم إنشاء( مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية) تجاوبا مع إحساسه بضرورة إرساء مؤسسات قوية قادرة على التقدم والاستمرار والتطور وتعنى بنشر الثقافة الإسلامية الأصيلة ورفع مستوى الوعي الديني وتقديم الخدمات للمؤمنين كافة ففي غضون عمرها القصير قامت بمشاريع دينية وثقافية واجتماعية ضخمة([30]) .

  • تأسيس قنوات التخاطب الإعلامية والممثليات

عمل السيد الحكيم(ت 1390ه) على مد وتأسيس جسور التواصل والاتصالات مع الأمة بكافة أطيافها وذلك من خلال:

اولاً: تأسيس قنوات التخاطب مع الأمة كالمجلات الاسلامية، والمراكز الثقافية.

ثانياً: إعداد شبكة الوكلاء والممثلين([31]) والفعاليات الجماهيرية الواسعة والضخمة التي كانت تقوم بشكل دوري سنوياً أو موسمياً من خلال تلك الندوات الفكرية والثقافية، والتي كانت تقيمها هذه المؤسسات حيث اسست ولأول مرة من تاريخ المرجعية بعثة دينية على شكل هيئة في موسم الحج، حتى أصبحت سنة متبعة بعد ذلك للمراجع الدينيين([32]) .  

وقد شرع بالمطالبة بالاعتراف بالدراسات الحوزوية على مستوى الإعفاء من الخدمة في الجيش ، أو منح الإقامة ، أو غير ذلك من الشؤون التي تتعلق باستقرار الطالب([33]) .

ويعتبر البعض ان سبب اعتراف شيخ الازهر بمذهب الإمام جعفر الصادق( عليه السلام) كمذهب يصح الأخذ به وهو مبرئ للذمة يعود ذلك من خلال موقفه في العراق إلى إصدار الحكيم فتواه عام 1959م ( الشيوعية كفرُ والحاد )([34]) كان لها الانعكاس الواضح على القاهرة وهو الدافع الكبير لشلتوت ان يتخذ قرارا كبيرا بإصدار الفتوى.

وهذا الأمر صرحت به الحكومة المصرية فيما بعد([35]). بالإضافة إلى ذلك فقد أسس إلى صرف أموال الزكاة والحقوق الشرعية في العمل الفدائي, ولعله لا يوجد عالم أو مرجعُ اصدر مثل هذه الفتوى([36]) .

  • الجهد الدبلوماسي وتعبئة الجماهيرية

كون ان الشيخ كاشف الغطاء(ت1228ه)  كان ملماً ومدركا بالاوضاع السياسية والمتغيرات، المتنازعة على مصالح الخليج, حيث سارع لمد خطوط التواصل مع الوهابية وتوثيق علاقة ودية مع شيخ عبد الوهاب بالمكاتبة وبتقديم الهدايا, فحاول بهذه الخطوة ان يبين للدول أن النجف وبالتحديد المرجعية العليا والكيان الشيعي مركز مستقل عن مدار صراعات دول المنطقة.. وإن نجح مع الشيخ في قرابة العقد من الزمن من تحديده إلا أن ذلك لم يمنع وريثه الأمير عبد العزيز بن سعود من غزو مدينة كربلاء المقدسة عام 1216 ه‍ ، ونهب أهالي البلدة وقتلهم قتلة مأساوية شنعاء. ولم يكن ذلك الهجوم مستهدفا الشيعة فقط وإنما كان ايضا يهدف إلى إحلال الفوضى في الإمبراطورية العثمانية ، وتهديد سلامتها.

ولما أحس بالخطر يداهم مدينة النجف عمد الى ضرورة تحصينها فعمل لها حصنا منيعا، وتعبّأَ الأهالي للدفاع عنها. فهيأ لذلك مراكز للتدريب خارج مدينة النجف لتدريب المقاتلين , كما قام بتعيين عدداً من المقاتلين المدربين بصفة حراس للمدينة  وكان إشراف الشيخ كاشف الغطاء على هذه المراكز إشرافاً مباشراً ويتابع التطورات بنفسه([37]) .       

  • تأسيس البنى التحتية والفتوى التحريمية

السيد محمد حسن المعروف بـ(المجدد الشيرازي) (ت1312 ه) لما هاجر المجدد إلى سامراء في ( 1291ه ) لم يخبر تلاميذه بعزمه على البقاء بها في بادئ الأمر ولما أعلن ذلك خف إليه الطلاب وهاجروا إليه ( 1292ه ) حيث أسس حوزته العلمية هناك وجهز ما يقتضي استمراريتها([38]) . ولم يقتصر اهتمامه على ذلك فقط ، بل تعدى الأمر إلى عامة الناس، فرعايته لا بد أن تكون أشمل وأوسع أفقا, منها:

اولا: عمل جسر محكم على دجلة من السفن بالطريقة التي كانت متبعة في بقية جسور العراق حينذاك تسهيلا للعبور، ورفقا بالزوار والواردين ، وكما تحدد المصادر أنه أنفق عليه عشرة آلاف ليرة عثمانية ذهبا، ثم بعد إتمامه سلمه للدولة تتقاضى هي أجورا زهيدة مقابل العبور عليه وذلك لغرض صيانته ودوامه .

وثانياً: إحجامه عن الملوك وعدم زيارتهم حيث أصبحت هذه الطريقة سنة متبعة([39]) .

وثالثاً: وهي القضية الأهم قضية التنباكو: فهذه من أهم القضايا الساخنة التي تعرضت لها مرجعية الإمام الشيرازي، وكان موقفه الجريء يمثل انتفاضة عارمة ضد السلطة حينذاك.

وقد مثلت الفتوى، والانتفاضة المتولدة عنها، للعلماء المسلمين الشيعة مواقف ونشاطات فكرية وسياسية، وشكلت مظهرا رئيسا من مظاهر الاتجاه الثقافي الفكري السياسي الإسلامي الذي مهد لقيام الحركة الإسلامية, هذا فضلاً عن منع التغلغل الانكليزي في ايران وفشل المخطط برمته([40]) .

  • تأسيس أكاديمية فلكية ومكتبتها العملاقة

نصير الدين الطوسي الخواجة(ت 672 ه): أسس الخواجة مرصداً بمراغة وجمع عدداً من العلماء ليعاونوه في العمل وسمي الزيج([41]) المستنبط من هذ المرصد الزيج الايلخاني الذي احتوى على جداول وطرائف حسابية جديدة لم تكن معهودة ومعروفة ولم يكتفِ بذلك فقط بل اسس مكتبة كبيرة وضخمة ضمت مجموعة كبيرة من الكتب وعين رواتب دائمة لطلاب المدارس والمعاهد فاعطى للفلاسفة ثلاثة دراهم يوميا والاطباء درهمين والى كل فقيه درهما.

حيث اقبل العلماء اليه من كل البلاد والتفوا وطافوا حوله, واشتغلوا بكشف دقائق جميع العلوم  ([42]) .

  • تأسيس كلية الفقه التي تجمع الطابعين الحوزوي والأكاديمي

أسس الشيخ محمد رضا المظفر (ت1383ه) كلية الفقه في النجف الأشرف([43])، وتم  الاعتراف بها رسمياً من قبل وزارة المعارف العراقية(التعليم العالي حالياً) سنة 1377هـ, وبموجبه أصبحت هذه الكلية ذات طابع أكاديمي وعُدّ هذا بمثابة قفزة نوعية اذ جعل الشيخ المظفر المواد الحوزوية في قالب منهجي يتماشى مع أسلوب البحث المعاصر .

بالإضافة إلى ذلك فقد أسس الشيخ المظفر منتدى النشر أيضا([44]). وانتخب عام 1963عضوأ عاملاً في المجمع العلمي العراقي بغداد وحضر عدة مؤتمرات إسلامية منها: مؤتمر باكستان المنعقد سنة 1376 ومؤتمر جامعة (القرويين) بمراكش سنة 1379.

  • تأسيس الجمهورية الإسلامية

مرجعية السيد الخميني(ت 1409ه) جاءت بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث شهدت هذه المرحلة تطوراً في المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي على مختلف الأصعدة لا سيما في العالم الإسلامي إذ شهدت أحداثاً مهمة في المنطقة لسنا بصدد سردها الا انها كانت ثؤثر –بطبيعة الحال- بشكل عام على المرجعية التي تعدّ محور التحرك الإسلامي ومركزه في المنطقة وبالخصوص الساحة العراقية .

علما ان حركتها تشمل مساحات واسعة من العالم الاسلامي التي يعيش فيها (اتباع اهل البيت ( عليهم السلام)) الذين ارتبطوا بمرجعيتهم وحوزة النجف الاشرف, والسيد الخميني اعطى بعدا جديدا لها أي أصبح هناك مرجع تصدى لهذه التطورات وواجه الظالمين والانظمة, بعد ان بدات المرجعية بالانحسار والانزواء بسبب الظروف التي صنعها الاستكبار العالمي في منطقة الشرق الاوسط, حيث اعطى نقلة نوعية في وجود حصول الثورة الاسلامية وإقامة الجمهورية الإسلامية في دولة إيران.

وبعد نجاح هذه الثورة المباركة اصبح للمسلمين تواجد قوي في المنطقة حتى بالمنظور العالمي ، لتغيير أوضاعهم السياسية والاجتماعية ، وتحرير بلدانهم من كل هيمنة استبدادية واستعمارية، حيث اتخذوا هذه الثورة نبراسا وأسوة في الجهاد والنضال للتحرر من سيطرة الاستعمار وهيمنته الفكرية والسياسية والاقتصادية على بلادهم.

ولقد شهد العالم الإسلامي خاصة والعالم عامة حركة الأحداث خلال العقد الأول من عمر هذه الثورة متغيرات وتحولات كثيرة وكبيرة على الأصعدة السياسية والفكرية([45]) .

  • تأسيس مدرسة جبل عامل

يعد الشهيد الأول (ت 768ه) هو المؤسس الأول لمدرسة جبل عامل, بعد ان أكمل الشهيد الشوط الأول من حياته العلمية في العراق وبعد تعطيل واضطراب امور الجامعة العلمية فيها على اثر غارات التتر ونكبة بغداد فبات امر الهجرة الى النجف عسيرا فأنشأ تلك المدرسة([46]).

حيث كانت هذه المدرسة اشبه بالمجمع العلمي لبعض العلماء المجتهدين والمشتغلين بالفقه. وأمّها الكثير من العلماء للاستزاده من علومها المختلفة([47]).

حتى أن الحر العاملي يقول : إن علماء الشيعة في جبل عامل يبلغون نحو الخمس من علماء الشيعة في جميع الأقطار مع أن بلادهم أقل من عشر عشر بلاد الشيعة([48])  .

  • تأسيس (جمعية النهضة الإسلامية)

قام السيد محمد كاظم اليزدي(ت 1337ه) بتأسيس هذه الجمعية أواخر عام ( 1917م), وتشكلت في مدينة النجف الاشرف من قبل السيد محمد علي بحر العلوم(رئيس الجمعية) والشيخ محمد جواد الجزائري(نائب الرئيس) إذ وضعا الأسس الفكرية والسياسية للجمعية, وتتألف من (12) عضواً يرأسها السيد اليزدي كونه المرجع الديني الأعلى للمسلمين حينئذ.

وكانت العلاقة التنظيمية دقيقة لظروفها الخاصة وطبيعة عملها السري . ولم يقتصر تحرك الجمعية على مدينة النجف , بل اتسع نطاقها لتشمل رؤساء العشائر وكانت تباشر نشاطها في الاوساط الجماهيرية والعشائرية العراقية وتخطط لإعلان الثورة ضد الإنكليز.

 ورغم ان الجمعية تأسست وفق رؤى شاملة وذات ميادين بعيده تعكس أسلوب علماء الشيعة بالتفكير السياسي الواسع إلا ان مشروعها الأساسي اصبح هو الثورة التي لا بُدّ من القيام بها  للحصول على استقلال العراق([49]) .

المقصد الثالث: رؤى مستنبطة من وحي المرجعيّة

عندما نستعرض الآيات القرآنية الكريمة وكذا الأحاديث المعصومية نجدها تتضمن في نصوصها أنواعاً متعددة من التأسيس الفكري والمادي ، وإذا تأمل صاحب الذوق والفكر الوقاد لا ريب أنه يجد بكل وضوح أن الله كان سبباً مباشراً في تلك الأمور أو غير مباشر .

لنأخذ بعض الأمثلة التي ستعيننا على بيان مطالبنا اللاحقة الذكر :

  • سفينة الطوفان: قال تعالى {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود : 37] ولم ينقل لنا التأريخ –ما قبل طوفان نبي الله نوح - أن أحداً بنى سفينة بهذه الصخامة والتصميم، ولذلك كان هذا الجهد المبذول من نبي الله نوح مدعاةً لجلب سخرية قومه لأنه خارج المألوف {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود : 38] .

ولذا فإن بناء تلك السفينة يعُدّ الأول من نوعه ، وقد جاء بأمرٍ من الله تعالى ونبي الله نوح كان مطالباً بتنفيذ أمره سبحانه وليكون فيما بعد سبباً للفخر والتأمل مضافاً لفتح آفاق الفكر الإنساني في تطوير وسائل النقل لديه والاستفادة من هذه التجربة المهمة ؛ على الرغم من قلة المعلومات التفصيلية لدى أهل التخصص حول السفينة وطبيعة تصميمها وما إلى ذلك.

  • كعبة للعبادة والتوحيد: قال تعالى {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة : 127] لعل للوهلة الأولى يحسب الناس أن دور العبادة موجودة مع بداية الإنسان على الأرض. والواقع ، نعم الناس بمختلف توجهاتهم وأزمنتهم كان لديهم دورٌ للعبادة وطقوسٌ تخصهم . إلا أن الجديد في الأمر ولم يك حتى أمر الله نبيه إبراهيم الخليل ببناء بيت الله أن يبنى بيتاً لتوحيد الله تعالى وأن يكون مقصداً لجميع الموحديّن من بنائه إلى قيام الساعة.

أضف لذلك أن الأمر الإلهي تدخل بطريقة البناء وشكله وكذا تحديد مكانه بالضبط، مما يعني أن  جميع دور العبادة –حتى التي بنيت لتوحيد الله- كانت من حيث الفكرة والمكان مرتبطة بمؤسسيها ولم تتدخل العناية الإلهية بذلك.

  • نجاة أهل مصر : قال تعالى { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف : 21] كان لأهل مصر في زمن نبي الله يوسف موعدٌ مع المنقذ ممّا سيحل بهم في زمن القحط إذ إن الله تعالى جعل من نبيه سبباً لخلاصهم من أمرين عظيمين القحط والشرك.

لذا فيوسف في واقع الأمر أول من استطاع –بعون الله وتسديده- أن يعمد بما علمه الله تعالى إلى تخزين القمح بسنابله كي لا يفسد وبالجملة فكل ما صدر منه سلام الله عليه خلال حياته مع قومه كان سبباً رئيساً في توحيدهم ورفضهم لعبادة الأصنام.

وهناك العديد من الجوانب في عالم الفكر أو عالم المادة أسسها الأنبياء إذا أردنا التقاطها على مر مسيرتهم المباركة ؛ والمتتبع للمسيرة العظيمة لسيد الكائنات واستكمالا لها من خلال الادوار التي قام بها الأئمة الأطهار نجد وبكل وضوح الذي أسسوه وأبتكروه ليعزز الوجود الإنساني أو الإسلامي بنحو خاص.

ولأن البحث منعقد لبيان الرؤى المستقبلية لحياتنا المعاصرة واستمدادا مما قدمه النبي الأكرم والأئمة الأطهار وكذا ما قدمه الأنبياء وقد استعرض البحث في المقصد الثاني جوانب متعددة ممّا أسسه مراجعنا العظام منذ انطلاقة مرحلة الاجتهاد لدى الإمامية .

سيكون هذا المقصد من البحث لطرح جملة من الرؤى التي يمكن أن تخدم حياتنا في جميع جوانبها الفكرية والمادية مرتكزين على ما استفدناه مما مر في البحث .

الفكرة الأولى: استثمار بعض أموال الزيارة الأربعينية

إنشاء هيأة عليا تتكون من ممثلين عن المرجعية والحكومة وأصحاب المواكب والمستثمرين، فيعمدون لفتح حساب بنكي يودع فيه أصحاب المواكب وغيرهم جزءاً من الأموال التي يريدون صرفها في أيام زيارة الأربعين لاستثمارها في بناء معامل أو شركات أو غير ذلك تكون عوناً للمحتاجين من أتباع الإمام الحسين ، وكذا توظف فيها أولاد شهداء الحشد الشعبي وأراملهم وكذلك الفقراء ونكون بذلك وفرنا لهم العمل الشريف والأموال التي تسد حاجاتهم .

ونستبدل الإسراف بتقديم أنواع المأكل والمشرب لمئات الكيلومترات وكثيرا منه قد لا يكون في محله، بإنشاء تلك المعامل والمستشفيات التي تكون أبوابها مفتوحة لمريديها طيلة أيام السنة والأزمنة المتلاحقة ، بدلا عن إنفاق الأموال في خدمة الإمام الحسين لأيام محددة .

فحينما نتحدث عن الاستثمارات في أموال بيت المسلمين أو حتى أموال الحقوق الشرعية بنحو خاص  نجد أن الأمر له سابقة عهد عند علمائنا([50])، ولعل تعليل الفكرة أن المآل حتماً نحو النفاد إذا تم الإنفاق من عين تلك الأموال ، ولذا فكان كثير من العلماء يرون –وقد عملوا على ذلك- أن الأولى إدخالها في استثمارات تستجلب الأرباح ويتم إنفاق تلك الأرباح في شئون المسلمين.

وهذا ثابت ، حيث أن العتبات المقدسة الآن قد عمدت إلى أموالها –التي تحصل عليها بالهدايا والنذور والتبرعات للمراقد المقدسة- ببناء مستشفيات أو شركات بمختلف أشكالها التجارية ، وهذا الأمر يستفاد منه جوانب متعددة أهمها :

  • تعزيز الموارد المالية التي هي من أسس نشر المذهب الحق وتطوير مراكزه وزيادة التوعية الدينية لأفراده ، أضف لذلك استقطاب الشخصيات من مختلف المذاهب والتوجهات الأخرى من خلال مشاركاتهم في المؤتمرات والندوات ...إلخ.
  • بناء المراكز والمستشفيات والدور التي فيها كبير فائدة لما تقدمه من خدمات لروادها .
  • تشغيل الأيدي العاملة وأصحاب التخصصات ، وبذلك توفر فرص عمل لآلاف من أتباع المذهب الحقّ مما ينعكس ايجابا على المستوى المعيشي لشريحة واسعة من المجتمع .
  • عدم السماح للغير بالتأثير المباشر على اتباع المذهب من خلال التحكم فيهم واستغلال حاجاتهم في العمل أو التثقيف أو غير ذلك ، بل؛ انشاء معاهد القرآن الكريم مثلاً سيعزز المستوى العلمي المرموق بما يناسب علوم أهل البيت ، فعدم إنشاء مثل هكذا دور يعني اضطرار الناس للأخذ بأفكار ومناهج لا تتناسب مع توجههم العقائدي والمذهبي.
  • في ذلك جانب إعلامي ينعكس إيجابا على المذهب ، فوجود صروح حضارية وعمرانية وفتح دور لتعليم القرآن والحديث وغير ذلك سيعزز داخل الفرد الشيعي تمسكه العقائدي ويكون محطاً لإهتمام من هم خارج البيت الشيعي من خلال الاشادة بتلك الانجازات المتحققة والفاعلة.

الفكرة الثانية: إقامة مؤسسة للخطباء الحسينيين

فالمنبر الحسيني من أهم ركائز التثقيف الجماهيري ونشر علوم نبينا الأكرم وآله الأطهار، ولذا يعد تحديد مستويات الخطباء أمراً ضرورياً تتطلبه المرحلة المعاصرة فمستوى التعليم العالي لدى شريحة كبيرة من المجتمع الشيعي يشكل حرجاً للكثير من الخطباء إذ لم تعد بساطة الطرح وركاكة الاستدلال منسجمة مع جمهور عالي الثقافة .

والأمر الأكثر إلحاحاً لإقامة هكذا مؤسسة هو النقل الفضائي الذي بواسطته صار الخطيب الحسيني يمثل المذهب لا شخصه فقط ، إذ ظهوره على شاشات التلفاز وتحت منبره مئات أو آلاف من الحاضرين يشكل لدى الفريق الآخر تأكيداً على أن هذا المتكلم من علماء المذهب .

والمطلوب من هذه المؤسسة استقطاب القادرين على تحمل هذه المسؤولية وإدخالهم بدورات مكثفة ومطولة ، وتخرج طلبتها على شكل مستويات ، فمستوى يؤهله لإقامة المجالس بالقرى النائية وآخر يمكنه إقامتها في المدينة ، وهكذا إلى أن يصل من خلال الدراسة والتطوير الفعلي ليتخرج من المستوى الذي يؤهله لإقامة المجالس التي تنقل فضائيا ويكون بذلك أهلاً لهذه المسؤولية .

وهذا الأمر يستدل على أهميته بالوجدان والمنطق العقلي ، وكذا من خلال أدلة كثيرة  فالله تعالى جعل أنبياءه ورسله درجات ولكل منهم بعثه لقومه فهناك تناسب بين مؤهلات الرسول وظروف المهمة ومستواها .

وهكذا الأمر فعلماؤنا على مر الأزمنة كانوا يكلفون المبلغين أصحاب التناسب مع من يبعثون إليهم، وعدم ملاحظة ذلك سيؤدي لفشل المبلغ في مهمته .

ويقينا لكل زمان ما يناسبه ، فاليوم عصر التكلنوجيا والعالم  عاد كالقرية الصغيرة ووسائل استحصال المعلومات مبسطة وسريعة، فإن طرح الخطيب معلومة فالتوثيق منها مبسط ؛ فعليه توخي الحذر بقول ما لم يتأكد منه .

الفكرة الثالثة: العَالِـمُ الصغيّر

التمهيد لجيل من العظماء أو العلماء فيه كبير فائدة وثماره تؤتي أكلها عاجلاً، فحينما نزرع في داخل الصغار أنهم علماء الأمة ستنمو هذه الفكرة معهم وسيتقمصون دور العالم في بادئ الأمر ولكن سرعان ما تجدهم يتنافسون بشكل ملفت للإعجاب كي ينالوا تلك المنزلة .

عند الاطلاع على سيرة أنبياء الله مروراً بما عمل عليه مراجعنا نجد أن هذه الفكرة بشكلها العام كانت بمخيلة كل واحد منهم وحاول أن يجد لها أرضا خصبة ومن مضمون ما رواه مولانا الإمام الصادق (أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يُعْجِبُهُ أَنْ يُرْوَى شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ وَ أَنْ يُدَوَّنَ وَ قَالَ: تَعَلَّمُوهُ وَ عَلِّمُوهُ أَوْلَادَكُمْ فَإِنَّهُ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ وَ فِيهِ عِلْمٌ كَثِيرٌ )([51]) يستنبط من هذه الرواية أن على الآباء تعليم ابنائهم بعمر مبكر مبادئ التوحيد ومكارم الأخلاق التي كانت متمثلة بشعر أبي طالب .

وعند التعرف على مجتمعات العالم المتقدم تكلنوجيا نجدهم أشد حرصاً على نقل التطور المعلوماتي والتكلنوجي إلى أطفالهم بشكل مبسط يمكنهم فهمه ، حتى يكبروا ومعهم ركائز علمية رصينة تقودهم نحو الإبداع العلمي والمعرفي.

الفكرة الرابعة : شهادة تحمل المسؤولية

وهي وثيقة تمنح للمخطوبين بعد اجتيازهما الدورة المكثفة المطلوبة، على غرار اختبار تطابق الدم المعمول به حالياً([52])  .

إذ تعرض لهما معنى الحياة الزوجية وما الهدف السامي من هذا البناء الإلهي، وتقام بإشراف أساتذة بتخصصات مختلفة كعلم النفس التربوي والعقيدة والفقه وغير ذلك، ويخضع الطرفان المقبلان على الزواج لامتحانات سريعة خلال الدورة وامتحان شامل فإن نجحوا توصي اللجنة بإمكانيتهما لتشكيل أسرة مستقرة وسعيدة وإذا فشلا فتعاد الدورة أو توصي اللجنة بعدم أهليتهما لبناء أسرة فاعلة .

ومن الواضح أن الأسرة هي لبنة المجتمع فإذا صلحت واستقرت كان المجتمع متماسكا ومؤهلا للارتقاء ، ومما نشهده في وقتنا الحاضر من نسب الطلاق التي قد تصل إلى التساوي مع حالات الزواج، يدفعنا إلى التفكير بشكل جدي عن آليات من شئنها الحد من ارتفاع حالات الطلاق.

ولذلك فتأسيس مشروع كهذا تتبناه الحكومة بالاشتراك مع الأطراف ذات العلاقة يكون مركزا توعويا للشباب المقبلة على ولوج أسمى مشاركة يباركها الله تعالى ويكون دافعا لهم للتمسك بجدية بحياتهم الأسرية ولا ينظرون لها مجرد نزوة قصيرة الأمد أو طريقا للخلاص من شباك الأهل .

الفكرة الخامسة: يوم النقاء

إذ يتم اختيار احد الأيام في السنة ليكون فيه جميع الناس بحالة من الإرتقاء الروحي والسير على جادة الشريعة والتخلق بأسمى الأخلاق الرفيعة التي كانت متمثلة بأهل بيت العصمة .

وهو محاولة عمليّة يجربها الناس بأن يبتعدوا عمّا اعتادوا عليه خلال السنة من الكلام غير النافع والتفكير الشيطاني والتصرفات غيّر المرضيّة عند الله تعالى فيعيش الفرد ولو ليوم واحد هذه التجربة عاليّة الشأن .

فالناس تبعدهم الدنيّا بملذاتها ومغانمها عن أجواء الصفاء الروحي الذي هو مصداق قوله تعالى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن : 46] فالجنة الأولى التي يعيشها المؤمن هي ذلك الشعوّر الإيماني الناتج عن الإخلاص لله تعالى في كل سكنة من سكناته لا يجد له أنيساً يستحق التحدث إليه والتلذذ بقربه إلا من تتشرف كل الخلائق بعبوديته وتذل كل الموجودات لعظمته.

ولعل من ثمرات هذا اليوم أن يكون له صدى في قابل أيامه فيشتاق لهذا اليوم فيجدده من عنده ولا يطيق أن يبقى لحول كامل بانتظاره، و لربما أن بعضهم لا يطيق أن يخرج منه فيتوب عمّا سلف من حياته ويصر عازماً على الإنقطاع لله تعالى .

وقد يقال أن أيام الحج كذلك وبعض المناسبات لأهل البيت تعطي هكذا مفعول ؛ فالجواب نعم ، لكن تلك المناسبات قد لا يمكن لكثيرين أن يشاركوا فيها ، فكيف بمن لم يمكنه الوصول لبيت الله في أيام الحج أو لم يوفق للتشرف بأضرحة المعصومين ؟

أما هذا اليوم فيشارك فيه الجميع من دون سفر أو تكلفة مادية ، بل؛ هو مجرد أن يعلم أنه يوم الغد يوم للنقاء فعليه إذا استيقظ من نومه أن يكون بكامل جهد على أعلى مستويات الخُلق ومعالم الإيمان . وعند مراجعة الأعياد في بلدنا الحبيب لا يجد المنصف أنها تعود بنفع على الفرد في قابل أيامه ، بل؛ جلّها تكون مناسبة للكسل أو التهاون في الواجبات الشرعية والاجتماعية .

الفكرة السادسة: صندوق الصراحة مع الرئيس

وظيفة هذا الصندوق أن يجمع فيه أوراق خاليّة من الأسماء يكتب فيها صاحب الورقة ما يريد طرحه من ظلم وقع فيه أن سوء تصرف صدر من ذلك المسؤول ولكل مسؤول صندوقه ولجميع المستويات حتى يصل لأعلى منصب في الحكومة. وهذه الخطوة تعزز الثقة لدى الرعيّة وتجعل المسؤول على علم بما في خاطر رعيته وكذا تكون هذه الأوراق حجة بين الرعية والمسؤول أمام الله تعالى حتى لا تكون لا يمكن إنكار عدم علمه بتلك المسألة .

عند مراجعة مضامين الآيات القرآنية والأحاديث المعصومية نجد ان هذه الطريقة في المصارحة مؤكد عليها بشكل مستفيض، قال تعالى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } [التوبة : 105] إذ ليس مجرد الاطلاع([53]) ، بل؛ المراد منه التقييم، الذي يؤكده تحذير الإمام الصادق بقوله: ( تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صل الله عليه واله وسلم) أَعْمَالُ الْعِبَادِ كُلَّ صَبَاحٍ أَبْرَارُهَا وَفُجَّارُهَا فَاحْذَرُوهَا وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَ سَكَتَ)([54])  .

خلاصة الفكرة إننا اليوم بأمس الحاجة لثقافة عامة لدى الطرفين الرعية ورئيسهم ، وتفضي بالمصارحة الشفافة الهادفة لتعزيز الواقع ، وليعلم المسؤول انه كلما تسنمّ مناصب أعلى كلما زادت مسؤولياته واحتاج لمن يريه ما أصاب ليطوره وما أخطأ ليتجنبه .

النتائج :

  • المرجعية لا تقتصر أهميتها على الجانب الفقهي والتشريعي بل لها الإشرافية على حياة المسلمين في جميع المجلات.
  • المرجعية وان تعددت فمنبعها واحد ومصبها واحد، وهي السبيل الوحيد إلى وحدة الفكر والتشريع للأمة, وهي أسرع الوسائل و أنجحها لمجاراة التطور المتسارع الذي يتنج كل عام كما هائلا من المشاكل.
  • الاهتمام بشؤون الأعلام ولا سيما الأعلام الشرعي الصادق للتنويه عن الأعمال والإشادة بالمشاريع وبيان التوجه المرجعي, وإعطاء الصورة الرائعة للعمل الحوزوي.
  • استثمار أموال الزكاة والحقوق الشرعية في إنشاء مؤسسات ليكون استقطاب اكبر عدد ممكن من الأيدي العاملة من هم مستحقين الحقوق الشرعية ويكون ريعها الفائض على المستحقين الآخر.
  • عمل لجنة عليا من المثقفين البارزين المختصين بمجلات الطب والهندسة والاستثمار تشرف على انتقاء الطاقات والقدرات من الشباب المفكر من خلال خبراتها ومعرفتها وتعطي لذلك المفكر حقوق وتشجيع عمله, ليكون ذهنه مهياً للإنجاز والابداع والمتبعة.
  • يتضح مما سبق ان المرجعية لم تكتف بمراقبة أداء الحكومات، وإنما كانت هناك توجيهات مستمرة لتصحيح مسيرة الأداء الحكومي.

التوصيات:

  • العمل على توحيد الرؤى باتجاه دعم الحكومة العراقية لتستطيع محاربة قوى الإرهاب في العراق ومتابعة تنفيذ الإصلاحات لتنهض بالبلد من الواقع المتردي إلى الأحسن.
  • لا بد من تشكيل للجان من قبل المرجعية وتكون على مستوى الدولية لمتابعة الجرائم من قبيل البحث عن هوية المجاميع الإرهابية ومتابعة مصادر التمويل.

قائمة المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم .
  • ال صفا، محمد جابر, تاريخ جبل عامل, ط2, بيروت: دار النهار للنشر,1981, ص231.
  • الأميني، عبد الحسين بن احمد , الغدير في الكتاب والسنة والأدب, مكتبة الإمام امير المومنين عليه السلام العامة- ايران طهران.
  • بدوي، أحمد زكي ، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، بيروت، مكتبة لبنان، الطبعة الثانية، 1986.
  • البيضاوي، تفسير البيضاوي, تح: عبدالقادر عرفات العشا حسونه, دار الفكر: بيروت 1416ه-1996م.
  • بيطار، زهير, الامامة تلك الحقيقة القرآنية, دار السيرة, بيروت-لبنان, 1422ه- 2001م.
  • الجناتي، محمد ابراهيم, مقومات الاجتهاد المعاصر, مجلة قضايا اسلامية, العدد 4, ص257.
  • الحسني، سليم, دور علماء الشيعة في مواجهة الاستعمار, مؤسسة دائرة معارف الفقه الاسلامية, ط5، 2004م.
  • الحكيم، محسن, دليل الناسك , تح: محمد القاضي الطباطبائي , ط3-1416ه, مطبعة: جاويد.
  • الحكيم ، محمد باقر, موسوعة الحوزة والمرجعية(الامام الحكيم), مؤسسة تراث الشهيد الحكيم, النجف الاشرف سنة 2005م.
  • ابن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد, مسند الإمام أحمد بن حنبل, تح: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون, الناشر: مؤسسة الرسالة, ط1- 1421 هـ - 2001 م.
  • الخميني, لمحات الأصول - تقريرات البروجردي ، نحقيق: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الامام الخميني, مؤسسة العروج, ط1-1421ه.
  • الدمشقي، الحافظ اسماعيل, البداية والنهاية, تح:علي شيري, دار إحيار التراث العربي, ط1 سنة 1408ه-1988م.
  • الرازي، زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر, مختار الصحاح, تحقق: يوسف الشيخ محمد, المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت – صيدا, ط5، 1420هـ / 1999م.
  • الرضوي، مرتضى, آراء المعاصرين حول آثار الإمامية, ط2 سنة1399ه-1979م القاهرة, دار المعلم للطباعة.
  • الروزدري، المولى علي, تقريرات آية الله المجدد الشيرازي, , تحق: مؤسسة ال بيت عليهم السلام لاحياء التراث, قم, ط1.
  • الزَّبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس, تح: مجموعة من المحققين, الناشر: دار الهداية.
  • السماوي، محمد، أبصار العين في أنصار الحسين (ع) ، تح: محمد جعفر الطبسي، الناشر: مركز الدراسات الاسلامية لحرس الثورة الاسلامية، ط1، 1419هـ.
  • الشوكاني، محمد بن علي, فتح القدير الجامع بين فني الواية والدراية من علم التفسير, دار الفكر-بيروت.
  • الشيرازي، ناصر مكارم، الأمثل في تفسير الله المنزل. الناشر: مدرسة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، ط1، 1426هـ .
  • الصدر، محمد باقر، نشأة التشيع والشيعة ، تح: عبد الجبار شراره, دائرة معارف الفقه الاسلامي طبقا لمذهب أهل البيت(عليهم السلام), مركز الغدير للدراسات الاسلامية, ط2-1417ه-1997م.
  • الصغير، محمد حسين, الفكر الإمامي من النص حتى المرجعية, دار المحجة البيضاء, ط1 سنة 1424ه-2003م.
  • الطباطبائي، علي , رياض المسائل , ط1, قم: مؤسسة النشر الاسلامي.
  • الطباطبائي، محمد حسين ,الميزان في تفسير القرآن، الاعلمي للمطبوعات، ومؤسسة المجتبى للمطبوعات، قم، ط1، 1425هـ - 2004م.
  • الطبرسي، حسين النوري, مستدرك الوسائل, تح: مؤسسة ال بيت عليهم السلام لاحياء التراث, ط1: 1408ه-1987م.
  • الطبري، محمد بن جرير, جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار الفكر-بيروت-1405ه.
  • الطهراني، آغا بزرگ, الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ط بيروت- لبنان، 1403هـ/1983م، منشورات دار الأضواء .
  • الطوسي, محمد بن الحسن ، النهاية , انشارات قدس محمدي.
  • الطوسي: محمد بن الحسن, التبيان في تفسير القرآن, تحقيق: احمد حبيب قصير, دار احياء التراث العربي, ط1-1209ه.
  • عاشور: محمد مهدي ، التعددية الإثنية: إدارة الصراعات واستراتيجيات التسوية، عمان، المركز العالمي للدراسات السياسية، 2002م.
  • العاملي: محمد بن الحسن وسائل‏الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة، تحقيق:مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراق, قم, ط2-1414ه.
  • الغفار، عبد الرسول، الكليني والكافي ، ص 89
  • لفارابي أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري, الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية, تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار,الناشر:دار العلم للملايين– بيروت, ط4, 1407 هـ‍ - 1987م .
  • ابن فارس: أحمد بن فارس بن زكرياء, معجم مقاييس اللغة, تحقق: عبد السلام محمد هارون, دار الفكر, 1399هـ - 1979م.
  • الفراهيدي أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو, كتاب العين, تحقق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي, دار ومكتبة الهلال.
  • القرطبي: محمد بن احمد, الجامع لأحكام القرآن, تحقي: احمد عبد العليم البردوني, ط2-دار الشعب- القاهرة-1372ه.
  • ابن القيم:محمد بن ابي بكر, التبيان في اقسام القرآن, دار الفكر-بيروت
  • كاشف الغطاء: جعفر, منهج الرشاد لمن أراد السداد, تحق: جودت القزويني.
  • وابن كثير: اسماعيل بن عمر, تفسير القرآن العظيم, دار الفكر-بيروت. 1401ه.
  • الكليني: ابي جعفر محمد بن يعقوب, الكافي، تحقيق احياء الكتب الاسلامية، ايران.
  • ابن ماجة: أبو عبد الله محمد بن يزيد, سنن ابن ماجه, تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي, الناشر: دار إحياء الكتب العربية.
  • لمجلسي، الشيخ محمد باقر, بحار الانوار، مؤسسة الوفاء الثانية، بيروت، 1403هـ - 1983.
  • مركز المصطفى (ص) ، حياة الشيخ الحائري رضوان الله عليه, - ص نقباء البشر.
  • مكي: محمد كاظم, الحركة الفكرية والادبية في جبل عامل, ط2, بيروت:دار الاندلس,1982م.
  • ابن منظور محمد بن مكرم بن على، لسان العرب, ومذيل بحواشي اليازجي وجماعة من اللغويين, الناشر: دار صادر – بيروت, ط3, 1414 هـ .
  • النسفي: عبدالله بن احمد , دارك التنزيل وحقائق التأويل(تفسير النسفي), تحقيق:يوسف علي بدوي-محي الدين, دار الكلم الطيب, ط1 -1419ه-1998م
  • نيفين عبد الخالق، الأبعاد السياسية لمفهوم التعددية: قراءة في واقع الدول القطرية واستقرار لمستقبلها، بحث مقدم لندوة التعددية الحزبية والطائفية والعرقية في العالم العربي، الكويت، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية،1993م.
  • الواسطي، احمد, الإمام الخوئي دراسة عن حياته العلمية ونشاطاته الفكرية والاجتماعية في إطار الحوزة الدينية, دار الكتاب العربي للطباعة والنشر والتوزيع, ط1, سنة 1434ه-2013م.

مواقع الإنترنت :

 

 

([1])  ينظر: الزَّبيدي: محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس, تحقق: مجموعة من المحققين, الناشر: دار الهداية, ج8, ص353. ابن منظور محمد بن مكرم بن على، لسان العرب, ومذيل بحواشي اليازجي وجماعة من اللغويين, الناشر: دار صادر – بيروت, ط3, 1414 هـ ج3 ص281. الفارابي أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري, الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية, تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار, الناشر: دار العلم للملايين – بيروت, ط4, 1407 هـ‍ - 1987 م ج2, ص505. الفراهيدي أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو, كتاب العين, تحقق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي, دار ومكتبة الهلال, ج1, ص79.

 

 

 

([2])  عاشور: محمد مهدي ، التعددية الإثنية: إدارة الصراعات واستراتيجيات التسوية، عمان، المركز العالمي للدراسات السياسية، 2002م، ص 20.

 

 

 

([3])  نقلاً عن مجلة البیان ، عدد " ٢١٦ " ، ص ٨

 

 

 

([4])  بدوي: أحمد زكي ، معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، بيروت، مكتبة لبنان، الطبعة الثانية، 1986، ص317.

 

 

 

([5])  نيفين عبد الخالق، الأبعاد السياسية لمفهوم التعددية: قراءة في واقع الدول القطرية واستقرار لمستقبلها، بحث مقدم لندوة التعددية الحزبية والطائفية والعرقية في العالم العربي، الكويت، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية،1993، ص5.

 

 

 

([6]) ابن فارس: أحمد بن فارس بن زكرياء, معجم مقاييس اللغة, تحقق: عبد السلام محمد هارون, دار الفكر, 1399هـ - 1979م, ج2, ص490..

 

 

 

([7])  الرازي: زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر, مختار الصحاح, تحقق: يوسف الشيخ محمد, المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت – صيدا, ط5، 1420هـ / 1999م, ج1, ص118؛ الزَّبيدي محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق, تاج العروس من جواهر القاموس,تحقق: مجموعة من المحققين,دار الهداية, ج21, ص65.

 

 

 

([8]) ينظر: الحكيم، محسن الطباطبائي، دليل الناسك، تح: علاء آل جعفر، مؤسسة الإمام علي، ط1، 1415هـ، المقدمة، ص 39.

 

 

 

([9])  وهو ما ذهب اليه البيضاوي في تفسيره, تفسير البيضاوي, تح: عبدالقادر عرفات العشا حسونه, دار الفكر: بيروت 1416ه-1996م, ج2, ص45.

 

 

 

([10])  وهذا ما ذهب اليه الطبري: محمد بن جرير, جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار الفكر-بيروت-1405ه, ج3, ص293؛ وابن كثير: اسماعيل بن عمر, تفسير القرآن العظيم, دار الفكر-بيروت. 1401ه, ج2, ص68 .

 

 

 

([11])  النسفي: عبدالله بن احمد, مدارك التنزيل وحقائق التأويل(تفسير النسفي) تح:يوسف بدوي-محي الدين,دار اللكم الطيب, ج1, ص306؛ الشوكاني: محمد بن علي, فتح القدير الجامع بين فني الواية والدراية من علم التفسير, دار الفكر-بيروت, ج1, ص345.

 

 

 

([12])  القرطبي: محمد بن احمد, الجامع لأحكام القرآن, تحقي: احمد عبد العليم البردوني, ط2-دار الشعب- القاهرة-1372ه ج8, ص308.

 

 

 

([13])  فتح القدير, ج2, 124؛ الالوسي: شهاب الدين محمود بن عبدالله, روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني, تح:علي عبد الباري, دار الكتب العلمية-بيروت, ط1-1415ه, ج7, ص174,

 

 

 

([14])  الشيخ الطوسي: محمد بن الحسن, التبيان في تفسير القرآن, تح: احمد حبيب قصير, دار احياء التراث العربي, ط1-1209ه. ج5 ، ص 337

 

 

 

([15]) الطبري, ج21, ص112-113؛ ابن القيم محمد بن ابي بكر, التبيان في أقسام القرآن, دار الفكر-بيروت, ص55, ابن كثير, ج3, ص464.

 

 

 

([16]) القرطبي, ج11, ص305؛ البيضاوي, ج4, ص360؛ ابن كثير, ج3, ص464,

 

 

 

([17]) الطباطبائي: محمد حسين ,الميزان في تفسير القرآن، الاعلمي للمطبوعات، ومؤسسة المجتبى للمطبوعات، قم، ط1، 1425هـ - 2004م ، ج1 ، ص 272

 

 

 

([18]) القرطبي, ج5, ص260.

 

 

 

([19]) الكليني: ابي جعفر محمد بن يعقوب, الكافي، تح: احياء الكتب الإسلامية، إيران، ج1 ، ص440، باب مولد النبي ص و وفاته ، ح4.

 

 

 

([20]) بيطار، زهير, الامامة تلك الحقيقة القرآنية, دار السيرة, بيروت-لبنان, 1422ه- 2001م, ص25..

 

 

 

([21]) الكليني ، الكافي، ج1، ص293، باب الإشارة و النص على أمير المؤمنين

 

 

 

([22]) (وحديث الغدير مستفيض في كتب الحديث عند الشيعة والسنة معا ، وقد أحصي بعض المحققين عدد رواة الحديث من الصحابة فكانوا أكثر من مائة وعددهم من التابعين فكانوا أكثر من ثمانين تابعيا وعددهم من الحفاظ في القرن الثاني الهجري فكانوا قرابة ستين شخصا من حفاظ الحديث ورجالاته لاحظ كتاب الغدير للعلامة الأميني ( الشهيد ) أورد العلامة الأميني في كتابه الغدير عدة أحاديث عن زيد بن أرقم وبألفاظ مختلفة ويبدو ان السيد الشهيد قد جمع بين تلك المرويات وأخرجها بهذا الشكل ينظر الأميني: عبد الحسين بن احمد , الغدير في الكتاب والسنة والأدب, مكتبة الإمام امير المومنين عليه السلام العامة- ايران طهران،ج 1، ص31 - 36 وراجع تخريج الحديث في الملحق تذكر منها : ابن ماجة: أبو عبد الله محمد بن يزيد, سنن ابن ماجه, تح: محمد فؤاد عبد الباقي, الناشر: دار إحياء الكتب العربية, ج 1، المقدمة - الباب 11 ؛ ابن حنبل :أبو عبد الله أحمد بن محمد, مسند الإمام أحمد بن حنبل, تح: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون, إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي, الناشر: مؤسسة الرسالة, ط1- 1421 هـ - 2001 م، ج4 ، ص281 ص368؛ الصدر: محمد باقر نشأة التشيع والشيعة ،تح: عبد الجبار شراره, دائرة معارف الفقه الاسلامي طبقا لمذهب أهل البيت(عليهم السلام), مركز الغدير للدراسات الاسلامية, ط2-1417ه-1997م, ص 85.

 

 

 

([23]) المجلسي: محمد باقر, بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء الثانية، بيروت، 1403هـ - 1983، ج23 ، ص108.

 

 

 

([24]) العاملي: محمد بن الحسن وسائل‏الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تح:مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث, قم, ط2-1414ه.، ج27 ، ص69 ،  باب وجوب الرجوع في جميع الأحكام.

 

 

 

([25])  الجناتي محمد ابراهيم, مقومات الاجتهاد المعاصر, مجلة قضايا اسلامية, العدد 4, ص257.

 

 

 

([26])  الطوسي, محمد بن الحسن :النهاية , انشارات قدس محمدي قم ص 7 - 8

 

 

 

([27])  حياة الشيخ الحائري رضوان الله عليه, مركز المصطفى (ص) - ص نقباء البشر ج 3 ص 1158؛  الخميني,  لمحات الأصول - تقريرات البروجردي ، تح: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الامام الخميني, مؤسسة العروج, ط1-1421ه,ص 23 -24.

 

 

 

([28])  http://annabaa.org/arabic/general

 

 

 

([29]) ينظر: الواسطي، احمد, الإمام الخوئي دراسة عن حياته العلمية ونشاطاته الفكرية والاجتماعية في إطار الحوزة الدينية, دار الكتاب العربي للطباعة والنشر والتوزيع, ط1, سنة 1434ه-2013م, ص91.

 

 

 

([30])  المصدر السابق, ص99.

 

 

 

([31])  استفاد يشكل واسع من الطلبة, والعلماء واللبنانييين والايرانين والباكستانين والأفريقيين وغيرهم من الاعمال التبليغية وفي التوعية وملء حيث تمكن من تحويل الحوزة العلمية في النجف الاشرف الى حوزة اسلامية يدرس فيها مختلف ابناء العالم الاسلامي حتى ان قسما من ابناء السنة كانوا ياتون الى النجف ويدرسون. ينظر: الحكيم :محمد باقر, موسوعة الحوزة  والمرجعية(الامام الحكيم), مؤسسة تراث الشهيد الحكيم, النجف الاشرف سنة 2005م,ج3, ص131.

 

 

 

([32])  الحكيم: محسن,  دليل الناسك , تحق: محمد القاضي الطباطبائي , ط3-1416ه, مطبعة: جاويد, ص52[32] الحكيم: محسن,  دليل الناسك , ص54

 

 

 

([33])  المصدر السابق , ص54

 

 

 

([34])  هذا بالاضافة ان للسيد الحكيم فتوى كثيرة منها اسناد العمل الفدائي الفلسطيني وفتواه بتحريم الاشتراكية عام1965م وكذلك عندما عاد البعثيون لحكم العراق عام 1968م, ينظر الحكيم ، محمد باقر, موسوعة الحوزة  والمرجعية(الامام الحكيم), مؤسسة تراث الشهيد الحكيم, النجف الاشرف سنة 2005م, ج1, ص273.

 

 

 

([35])  المصدر السابق,  ج1, ص283.

 

 

 

([36])  المصدر السابق, ص274.

 

 

 

([37])  كاشف الغطاء: جعفر,  منهج الرشاد لمن أراد السداد, تحق: جودت القزويني, ص 510 – 514.

 

 

 

([38])  الطبرسي: حسين النوري, مستدرك الوسائل, تحق: مؤسسة ال بيت عليهم السلام لاحياء التراث, ط1: 1408ه-1987م, ج1 - ص 42.

 

 

 

([39])  ويرى الشيخ محمد جواد مغنية أن موقف السيد الشيرازي والتقليد الذي استحدثه أصبحت هذه الطريقة سنة متبعة عند كبار العلماء منذ السيد الشيرازي حتى السنين المتأخرة ، فإذا جاء إلى النجف ملك من ملوك المسلمين ، أو من هو في منزلته أحجموا عن استقباله وزيارته ، وإذا دعت الضرورة إلى الاجتماع التقوا به في الحضرة المقدسة. وللتاريخ نضيف أن المرجع الديني الراحل آية الله العظمى السيد محسن الحكيم رفض استقبال بعض رؤساء الجمهورية العراقية حتى في بيته, الروزدري: المولى علي,  تقريرات آية الله المجدد الشيرازي, , تحق: مؤسسة ال بيت عليهم السلام لاحياء التراث, قم, ط1 ج 1 - ص 36

 

 

 

([40])  ينظر: الروزدري، المولى علي,  تقريرات آية الله المجدد الشيرازي, , تحق: مؤسسة ال بيت عليهم السلام لاحياء التراث, قم, ط1, ج 1 - ص 36؛ الصغير: محمد حسين, الفكر الامامي من النص حتى المرجعية, دار المحجة البيضاء, ط1 سنة 1424ه-2003م,  ص276

 

 

 

([41])  والزيج: كل كتاب يتَضَمَّن جداول فلكية يعرف مِنْهَا سير النُّجُوم ويستخرج بواسطتها التَّقْوِيم سنة سَنَةً، وَهُوَ بالفارسيّة زِه، أَي الوَتَر، ثمَّ عُرِّبَ فَقيل: زِيجٌ؛ ينظر: الزَّبيدي: محمّد, تاج العروس من جواهر القاموس , تحقبق: مجموعة من المحققين, الناشر: دار الهداية, ج6, ص24.

 

 

 

([42])  الرضوي: مرتضى, آراء المعاصرين حول آثار الإمامية, ط2 سنة1399ه-1979م القاهرة, دار المعلم للطباعة, ج9, ص414 ؛ الدمشقي الحافظ اسماعيل, البداية والنهاية, تحقيق:علي شيري, دار إحيار التراث العربي, ط1 سنة 1408ه-1988م, ج13, ص249.

 

 

 

([43])  فيقول المظفر: ( وقد لمس كثير من المفكرين صعوبة هذه المرحلة – أي مرحلة السطوح في الحوزة العلمية – فوجدنا أنَّ من الجدير بنا أن نسعى إلى فتح كلية منظمة لنتلافى بها كثير من النواقص التي يشتكي منه الطالب وذلك بتبسيط بعض الكتب وتنظيم المناهج والدروس والإمتحانات . وهكذا تم الأمر لجمعية منتدى النشر أن تفتح كلية الفقه لتخرِّج طلاباً لهم الاستعداد الكافي لحضور دروس كبار المجتهدين بالإضافة إلى القيام بواجب الدعوة إلى الدين الإسلامي وتبليغ مبادئه بمنابرهم وأقلامهم . وتحقيقاً لهذه الأهداف وضع منهاج كلية الفقه لسنواته الأربع) نقلا عن د. جواد الهادلي: http://burathanews.com/arabic/articles/

 

 

 

([44])  ينظر: الغفار، عبد الرسول، الكليني والكافي ، ص 89

 

 

 

([45]) ينظر: السماوي، محمد، أبصار العين في أنصار الحسين (ع) ، ص 7 - 8

 

 

 

([46])  مكي: محمد كاظم, الحركة الفكرية والادبية في جبل عامل, ط2, بيروت:دار الاندلس,1982م, ص25.

 

 

 

([47])  ال صفا: محمد جابر, تاريخ جبل عامل, ط2, بيروت: دار النهار للنشر,1981, ص231.

 

 

 

([48])  الطباطبائي: علي , رياض المسائل , ط1, قم: مؤسسة النشر الاسلامي, ج1, ص 69.

 

 

 

([49])  ينظر: الحسني، سليم, دور علماء الشيعة في مواجهة الاستعمار, مؤسسة دائرة معارف الفقه الاسلامية, ط5، 2004م, ص143-148, وكذا: الطهراني: آغا بزرگ, الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ط بيروت - لبنان، 1403 هـ / 1983 م، منشورات دار الأضواء , ج15 , ص252.

 

 

 

([50])  كما في عهدنا الحالي من توظيف أموال العتبة الحسينية وغيرها في مجالات تجارية متنوعة.

 

 

 

([51]) المجلسي، بحار الأنوار ،ج35 ، ص115 ، باب نسبه و أحوال والديه  

 

 

 

([52]) ولهذا الاختبار فوائد هامة ففيه يعرف مدى امكانية الزوجين من الانجاب بصورة طبيعية. ينظر:  https://www.altibbi.com/مقالات-طبية/الامراض-الوراثية/فحص-ما-قبل-الزواج-251

 

 

 

([53]) ( فهي تشير إلى أن لا يتصور أحد أنه إذا عمل عملا ، سواء في خلوته أو بين الناس فإنه سيخفى على علم الله سبحانه ، بل إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين يعلمون به إضافة إلى علم الله عز وجل . إن الالتفات إلى هذه الحقيقة والإيمان بها له أعمق الأثر في تطهير الأعمال والنيات، فإن الإنسان -عادة – إذا أحس بأن أحدا ما يراقبه ويتابع حركاته وسكناته ، فإنه يحاول أن يتصرف تصرفا لا نقص فيه حتى لا يؤاخذه عليه من يراقبه، فكيف إذا أحس وآمن بأن الله ورسوله والمؤمنين يطلعون على أعماله ؟ ! إن هذا الاطلاع هو مقدمة للثواب أو العقاب الذي ينتظره في العالم الآخر). الشيرازي، الأمثل ، ج6 ، ص 206- 207.

 

 

 

([54])  الكليني، الكافي، ج1 ، ص219 ، باب عرض الأعمال على النبي ص و الأئمة.